وكأن هنية ضحى بأولاده وأحفاده ليخرس ألسنة الطابور الخامس، في حين أن من حق قادة أي حركة مجاهدة ضد عدو همجي يملك تقنيات متطورة وفي منطقة جغرافية محدودة كغزة أن يرسلوا أبناءهم إلى الخارج لكي يتفرغوا هم لأعمال المقاومة، ويعرضوا أنفسهم هم للخطر نيابة عن الأمة، وإذا قتل العدو مدنيين أو نساء وأطفالا فالجرم هنا يقع أصلا على العدو الذي يستهدف أهدافا لا يحق أبدا لجيش مسلح بأسلحة وأجهزة رصد متطورة أن يستهدفها.
كل المقالات
الجديد هنا أن أعمال الإبادة تجري عبر الكاميرات ولا يمكن تجاهلها، وبالتأكيد سيكون من شأنها رغم السكون البادي على السطح، أن تُجرِّئ دولًا تمتلك زمام المبادرة غير تلك الدول القابعة تحت شباك الوهن والضعف والإمبريالية على أن تسعى لتكرار مشهد التجبّر الإسرائيلي في غزة في نقاط مصالح أخرى في العالم، وحتمًا ستصطدم حينئذ بمصالح الإمبريالية الغربية، ووقتها لن يصلح التعلل بالقانون الدولي ولا بمثل هذه الترهات، لأن القانون الحقيقي الذي يحكم العالم فعليًّا منذ أن خلق الله الأرض هو البقاء للأقوى، والشرعية معه في كل ما يفعل.
قفز السنغاليون قفزة ديمقراطية جديدة في إفريقيا، كما وجهوا ضربة موجعة أخرى لفرنسا التي ما كادت في السنوات الأخيرة تتعافي من أوجاع كل ضربة تلقتها في أحد مراكز تمركزها التاريخية في القارة السمراء حتى تتلقى ضربة أخرى في مكان جديد.
فقد فاز “باسيرو ديوماي فاي” مرشح حزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف بـ(باستيف) وهو الحزب الذي أُسّس عام 2014 على يد الدكتور “عثمان سونكو” وهو شاب عُرف بتدينه وجرأته وخطاباته المناهضة للفساد في مؤسسات الدولة المالية، فضلا عن رفضه الهيمنة الفرنسية على البلاد.
وفي الواقع لا بد أن يقود الحديث عن فوز “بشير” أو” بصيرو ديوماي” بالرئاسة إلى حديث واسع عن نضالات معلمه الدكتور “سونكو” الذي ألهب مشاعر الشباب بخطاباته الحماسية والعاطفية الداعية إلى مكافحة الفساد في نظام الضرائب وإدارة موارد الدولة بعدما تسنى له الاطلاع عليه من خلال عمله موظفا ساميا في إدارة الضرائب بالدولة برفقته، وجراء معلومات الفساد التي كشفها للجماهير، أحرج قطاعات كبيرة من المقربين لرئيس الدولة “ماكي سال” مما دفعه إلى فصله من وظيفته بتهمة “انتهاك حق التحفظ”.
ولمّا خاض “سونكو” الانتخابات البرلمانية عام 2017 على رأس قائمة حزبه حقق نجاحا جعله يحرم الحزب الحاكم من الانفراد المطلق بالحكم، تلاه ترشحه عام 2019 في الانتخابات الرئاسية أمام رئيس البلاد، لكنه حل في المرتبة الثالثة مع وجود معلومات عن تزوير في النتائج مكنت الرئيس “سال” من الاستمرار في الحكم، وبدأ “سونكو” منذ ذلك الوقت الإعداد لانتخابات الرئاسة عام 2024 عبر إنشاء تحالف قوي من عشرات الأحزاب والحركات في الدولة لرفض ترشح الرئيس لولاية ثالثة واحترام الدستور الذي ينص على فترتين رئاسيتين فقط.
في حين عمل “سال” من جانبه هو الآخر على تشويه سمعة “سونكو” من أجل إبعاده عن المنافسة في الانتخابات، وفي عام 2021، قامت فتاة تعمل في صالة تدليك باتهامه باغتصابها في دعوى قضائية، ووقت محاكمته خرج آلاف الشباب في أرجاء البلاد بمظاهرات تتهم الحكومة بمحاولة إبعاده وتلفيق التهم له، واعتُقل “سونكو” في حين استمرت الاحتجاجات داخل البلاد وخارجها ضد اعتقاله، لكن القضاء أصدر عليه حكما في يوليو/تموز 2023 بالحبس ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ، ثم مُنع من الترشح مستقبلا، وانتهى المطاف بقيام حزب “باستيف” بترشيح الرجل الثاني فيه “ديوماي” ليفوز بالحكم.
الرئيس المنتخب
في الواقع أن “بشير ديوماي” نال هو الآخر نصيبه من الاستهداف من الرئيس “سال”، إذ صدر في إبريل/نيسان 2023 حكم بسجنه بتهمة ازدراء المحكمة وإهانة القضاء، ليدخل السجن مع نخبة من قياديي الحزب قبل الإفراج عنه بعفو رئاسي قبل أيام من الانتخابات.
في حين تجمع بين الرفيقين “سونكو” و”ديوماي” صفات عديدة مشتركة، أولاها زمالة العمل موظفين ساميين في الضرائب، فضلا عن التنشئة الإسلامية الخاصة بهما، إضافة إلى مناهضتهما للفساد والتدخلات الخارجية ولا سيما الفرنسية والأمريكية، ورغبتهما في مراجعة العلاقات التجارية والاقتصادية مع الجارة موريتانيا التي بقيت محط تساؤلات وحديث شعبي مستمر عن فساد كبير.
وقد وعد “ديوماي” في برنامجه الانتخابي الذي أعده مع “سونكو” بمراجعة اتفاقيات الغاز والنفط والصيد والتعاون الدفاعي مع فرنسا، لضمان تحقيق الفائدة القصوى للشعب السنغالي، إضافة إلى التخلي عن عملة الفرنك “سيفا” المرتبط بالفرنك الفرنسي نهائيا، مع مراجعة شاملة لعلاقات بلاده بفرنسا.
ومن المعروف عن “ديوماي” أنه فصيح اللسان قوي الحجة هادئ الطباع من أسرة بسيطة، وهي الصفات التي مكنته من البروز السريع بين أعضاء الحزب، وجعلته ينال استحسانا شعبيا وقبولا خارجيا خاصة مع جولاته الأوروبية التي التقى فيها مسؤولين غربيين، وهي ما تترك علامات استفهام قد نجد لها إجابات مستقبلا.
وقد يثير وجود زوجتين له تساؤلات عن أيهن التي ستحصل منهن على لقب سيدة القصر، وهو المنصب الذي اعتادت الثقافات القبلية الإفريقية على تبجيله ومعاملته معاملة خاصة، كما اهتمت بها الثقافات الغربية بوصفها قرينة الرئيس.
الديمقراطية السنغالية
تعرّض “سونكو” و”ديوماي” لكثير من الملاحقات السياسية والقضائية من الرئيس “ماكي سال” وحزبه الحاكم “التحالف من أجل الجمهورية” الذي حاول تعطيل الانتخابات وإقصاءه مع العديد من المعارضين البارزين بشتى الوسائل، لكن محاولاته باءت بالفشل وتسببت في تأجيج مشاعر التعاطف مع خصومه مما أدى في النهاية إلى هذا الفوز، ودفع “سال” إلى المبادرة بتهنئته بالفوز قائلا إن ذلك يُعَد انتصارا للديمقراطية السنغالية.
وقد أسهمت أسباب عدة في وصول حزب حديث النشأة إلى سدة الحكم في هذا البلد الذي يشكل المسلمون فيه غالبية عدد سكانه، أهمها أن السنغال تُعَد واحدة من الدول شبه الديمقراطية في إفريقيا في حقبة ما بعد الاستقلال، ولها نظام حكم علماني يحترم إرادة الأغلبية وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد، مما جعل حركة مثل الإخوان المسلمين تحتل مكانة مرموقة ويكون لها تأثير كبير في الحياة الدينية. أما أهم الأسباب فيعود إلى استقلال القضاء بدرجة كبيرة مع حرص الجيش على عدم التدخل في السياسة على خلاف السائد إفريقيا، فضلا عن وجود مؤسسات لمراقبة الديمقراطية منها مثلا المكتب الوطني لمكافحة الفساد وآخر للانتخابات، إضافة إلى التكوينات العشائرية للدولة.
ها هي السنغال تحرز هدفا جديدا في شباك الديمقراطية بينما تفتقد أغلب دول القارة السمراء امتلاك تلك الكرة.
من أولى التناقضات هي التناقض الكبير بين قطبي هذا التحالف، فحزب الشعب الباكستاني الذي حل ثالثًا في الانتخابات العامة وثانيًا في تحالف الحكم بقيادة بلاول بوتو زرداري هو في الحقيقة حزب علماني يساري، والمدهش أنه بينما يتحدث برنامجه عن تحويل باكستان إلى دولة ديمقراطية اجتماعية، وتعزيز القيم العلمانية والمساواة، وإقامة العدالة الاجتماعية وحماية الأمن القومي، نجده في الوقت ذاته يصمت بل ويشارك في الغبن الذي تعرضت له حركة الإنصاف التي ينظر لها المجتمع الباكستاني بأنها منبر التغيير الثوري الحقيقي لباكستان من أجل تحويلها إلى دولة ديمقراطية.
أيما كانت طبيعة الأحداث التي ستمر بها باكستان في الأيام القليلة المقبلة، فإن ميقاتها لدى المتنفذين في الجيش، فإما أن يجعلوا باكستان على خط الديمقراطية، وإما أن يضعوها على خط الفوضى والقلاقل والانقسامات، وليعلموا أنه إذا سقط الوطن لن تصبح هناك مكاسب شخصية ولا امتيازات.
- والدليل على أن الاستهداف يطول حركة الإنصاف بما تملكه من شعبية جارفة، أن الحكم الذي منع زعيمها من المشاركة في الانتخابات، وتأكد هذا المنع بعد قيامه بتقديم أوراق ترشحه في دائرتين في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، وتم رفضها بزعم عدم وجود اسمه على قوائم الناخبين المسجلين وصدور أحكام بإدانته، رغم كل ذلك فإن حالة القمع طالت معه حركته أيضا، فتحدث العديد من مرشحيها عن تلقيهم تهديدات بالقتل منعت العديد منهم عن الترشح، في حين رفضت لجنة الانتخابات تسلُّم أوراق العشرات منهم بحجج متنوعة.
- المصدر : الجزيرة مباشر
لكن مع تقريب العدسات سنرى أن الهجمات لا تشذ بعيدًا عن هوى الحكومة الباكستانية أيضًا، خاصة أن “جيش العدل” الذي استهدفته إيران هو في الأساس ضمن ميليشيات عدة طائفية وانفصالية تدعو إلى انفصال قبائل البلوش التي تمتد عبر شطري إقليم بلوشستان في الدولتين، وكثيرًا ما حاربها الجيشان الباكستاني والإيراني كل في أراضيه، وأحيانًا بتنسيق مشترك بينهما، ولطالما نفّذت هذه الميليشيات التي تضم أيضًا “جيش تحرير بلوشستان” وحركة “أنصار الفرقان” “وجند الله” عمليات في البلدين على حد سواء، وضد التجمعات الشيعية والصوفية.
أما وائل الدحدوح فغالب جراح روحه التي عاناها في “الفَقد” الأول على حملها الثقيل وظل رافعًا رأسه، وكأنه يغالب “فقدًا” آخر أكبر فداحة عانته أمته العربية والإسلامية من نقص في العزة والكرامة والنخوة، ليحسده بذلك الحاسدون على تلك البسالة التي لا يمكن أن تتوافر في بشر إلا في الأساطير.
ويكفي أن تعلم أنه بتجاهلك للغتك العربية إنما أنت في الواقع تطعن الإسلام والقرآن، وأنت في الغالب لا تقصد، ولكن الأعداء المتربصين يقصدون، ويكفي أن تقف متأملا أمام رؤية المستشرق الإنجليزي ادوارد دينسن روس التي قال فيها: “اللغة العربية والحروف العربية، والإسلام والقرآن،بناء واحدة، إن هدمت واحدة تداعى البناء كله”.
الحقيقة أن أمريكا خططت لهذا العدوان على غزة منذ زمن بعيد، حينما ضمّت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى قائمة الأنظمة المارقة التي ابتدعها مطلع القرن الجاري، والتي هي في الأصل مارقة على الانضواء ضمن الحظيرة الأمريكية، ولعلها كانت تنتظر الوقت المناسب لتشن هذه الحرب من أجل تنفيذ “صفقة القرن” التي نعلم جميعًا أنه كان يجري الإعداد لها من قِبل أطرافها منذ نحو عشر سنوات، وهو ما كشفت عنه وثائق قيل إن حماس حصلت عليها في معسكرات غلاف غزة أثناء الطوفان.
يجب أن نحتفظ بنسخ من الوسائط المصورة لهذا “الهولوكوست” في وسائط خارجية بعيدة عن شبكة الإنترنت بعد شكوك في وجود تقنيات متطورة يمكنها التسلل إلى حاسوبك أو هاتفك وحذف الفيديوهات التي تتم تغذيتها بمواصفاتها، كما حدث في الكثير من الفيديوهات التي تخص الجرائم الأمريكية في العراق التي لا تكاد تستطيع العثور عليها عبر شبكة الإنترنت الآن، إذ إنها حذفت من المواقع حتى دون علم أصحابها.
والأنكى من ذلك أنه بدلا من عقاب الدولة الباغية المتدثرة بثياب الحضرية والمدنية وجدناها هي نفسها التي تقود هذا النظام وعلى أراضيها تقبع جميع مؤسساته ومفاتيحه.
هذه واحدة من الإنجازات الكبرى لطوفان الأقصى أفشلت ما عمل عليه المناهضون لحقوق الشعوب العربية في الحرية والاستقلال طوال أكثر من عقد مضى، وخاصة عقب ما يعرف بالربيع العربي الذي كان يسعى في الأساس لتحرير الشعوب العربية من الاستبداد والتبعية، لكن حولته المؤامرات الغربية إلى أداة تناحر على كافة الأصعدة المذهبية والدينية والعرقية وحتى الطبقية.
هل اقتنعتم الآن أن الفلسطينيين حينما هجّروا للشتات واكتظت بهم مخيمات الأرض وملاجئها لم يبيعوا أرضهم؟ بينما ترون حلقات الإعادة لنكبة عام 1948 نفسها صوتًا وصورة وأنينًا ودموعًا ودماء وحسرات تغرق وسائل الإعلام الاجتماعي وعلى الشاشات كلها.
اقرأ المقال كاملا على الجزيرة مباشر
دروس عملية للمطبعين | المقالات والدراسات | الجزيرة مباشر (aljazeeramubasher.net)
ففي الوقت الذي سمحت فيه هذه المنصات للدعاية الإسرائيلية العنصرية بالنفاذ على ما فيها من وحشية وأكاذيب، وفتحت لها خوارزمياتها لتحقق أعلى انتشار ممكن، رأيناها في المقابل تقوم باستخدام ذات الخوارزميات لتقييد وصول منشورات الضحايا إلى الناس، مع نشاط مكثف عانى منه الآلاف في تقييد النشر وحظره وحظر الحسابات وإغلاقها.
اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر
استهدف تفجيران مسجدين جرت فيهما فعاليات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في ولاية بلوشستان (جنوب غربي باكستان)، وراح ضحيتهما عشرات القتلى والمصابين، وأثارا كثيرا من علامات الاستفهام حول أسبابهما، خاصة أن الولاية عُرفت تاريخيا بكثير من العمليات الإرهابية، مما يعني بشكل آخر ضرورة وجود توقع مسبق لوقوع مثل هذه العمليات خلال مثل هذه المناسبات لدى الأجهزة الأمنية الباكستانية، التي تُعرف عنها قدرتها الاستخبارية العالية، والتي نجحت من قبل في إحباط عديد من العمليات الإرهابية.
توجد في باكستان عديد من الجماعات المسلحة والانفصالية، وبالطبع لكل منها أجندتها، ومع تنوعها تنوعت أيضا العمليات المسلحة ومن تستهدفهم، فتارة توجه ضد الجماعات الصوفية كما في هذا الحادث، وتارة ضد الأقليات المذهبية كالشيعة والأحمدية، وأخرى ضد الأقليات الدينية التي تستهدف الكنائس، وكثير منها تستهدف قوات الأمن.
هذا الإقليم يعد موردا اقتصاديا مهما لإسلام آباد، ومن ثم فإن التشويش عليه وتخويف المستثمرين منه، لا سيما الصينيين والروس، يهدف في الأساس للتأثير الاقتصادي على الدولة
أسباب قريبة
الشواهد المباشرة تشير إلى احتمال وقوف تنظيم الدولة وراء الجريمة، فسِجله يحفل في كل البلدان التي كان فيها بمناصبة الحركات الصوفية العداء، ويعزز هذا الاتجاه أن حركة طالبان الباكستانية لا تنفذ أي عمليات عسكرية ضد أي أقليات أو حركات مذهبية ودينية وفكرية، ويقتصر نشاطها في صورة رد على قيام قوات الجيش والشرطة باعتقال قياداتها أو مهاجمة أماكن وجودهم، فضلا عن أن الحركة سارعت بنفي صلتها بالحادث فور وقوعه.
ومن المؤكد أن تنظيم الدولة- ولاية خراسان سيعلن تبنيه الحادث خلال الساعات المقبلة، خاصة أنه يتفاخر بمثل هذه الهجمات الإرهابية التي يريد إظهار نفسه من خلالها بأنه موجود على الأرض ويستطيع المهاجمة في أي وقت.
وقد يكون هذا التصور خاطئا أيضا، وهناك من يريد من وراء التفجيرات خلط الأوراق والحيلولة دون إعادة الزخم للحديث عن إجراء انتخابات إقليم البنجاب الذي تحظى فيه حركة الإنصاف وزعيمها رئيس الوزراء الأسبق عمران خان بقاعدة شعبية واسعة،. فهذه الانتخابات كان يجب أن تتم بعد مرور 90 يوما فقط من حكم المحكمة العليا بإجرائها أبريل/نيسان الماضي، وهو ما لم يحدث، بل حدثت استهدافات قضائية طالت معظم قادة حركة الإنصاف وأدت إلى حبس زعيمها نفسه في قضية تؤكد كل الشواهد أنها ملفقة، كما طالت الحركة نفسها تهديدات بالحظر.
وربما أيضا يتم استغلال هذا الهجوم في توجيه اتهامات لحركة إنصاف بالضلوع في الحادث بزعم رغبتها في زعزعة الأوضاع اعتراضا على تأجيل إجراء انتخابات إقليم البنجاب وربطها مع الانتخابات البرلمانية الشاملة نهاية يناير/كانون الثاني العام القادم.
طريق الحرير
جدير بالذكر أن هناك منطقتين رئيسيتين تعدان مسرحا للتفجيرات التي تحدث بين الحين والآخر في باكستان، أولاهما إقليم بلوشستان الذي وقعت فيه التفجيرات الأخيرة. ولتوضيح أهمية هذا الإقليم، تكفي معرفة وجود استثمارات صينية هائلة فيه، وكان آخرها مشروع الحزام والطريق “المعروف بطريق الحرير”، الذي يربط مرفأ غوادار الإستراتيجي داخلها بمنطقة شينجيانغ في أقصى غرب الصين.
لذلك، فإن هذا الإقليم يعد موردا اقتصاديا مهما لإسلام آباد، ومن ثم فإن التشويش عليه وتخويف المستثمرين منه، لا سيما الصينيين والروس، يهدف في الأساس للتأثير الاقتصادي على الدولة، ومن ثم منعها من استمرار التوجه بشكل كامل إلى الصين. ويعزز ذلك أن الهجمات التي كانت تستهدف الشركات الصينية لفترة طويلة في الإقليم نجحت لفترة طويلة في تأخير التعاون الصيني الباكستاني في طريق الحرير، إلى أن استجابت الحكومة الباكستانية ونشرت آلاف الجنود لحمايته داخل أراضيها مؤخرا.
أما ثاني المناطق المستهدفة بالإرهاب في باكستان، فهي مدينة بيشاور التي تقع ضمن مقاطعة خيبر، ويكفي أيضا أن تعرف أنها الممر الوحيد الذي يربط بين باكستان وأفغانستان، ولذلك فقد يكون هناك من يحاول عقاب باكستان على فتحها المدينة للتواصل مع طالبان أفغانستان.
ولعل الأمر سيكون أكثر إثارة لو عرفت أن الأسباب الحقيقية وراء الإطاحة بعمران خان من منصبه هو سعيه لانفتاح أكبر على الصين وروسيا بدل الغرب، ودعمه دعوات التعاون مع حركة طالبان الأفغانية.
أسباب بعيدة
إذا بحثنا في الأسباب الإستراتيجية البعيدة وراء تكرار العمليات المسلحة في هذا البلد، فعلينا أن ننظر بعين التأمل إلى كون باكستان تحتل المركز الثاني في العالم الإسلامي من حيث عدد السكان، وتنفرد بكونها “صاحبة القنبلة النووية” الوحيدة التي تمتلكها دولة إسلامية، ولعل هذه المزايا -التي تعطيها ثقلا عالميا- قد تكون هي في حد ذاتها السبب وراء استهدافها وحصارها بالصراعات العرقية والسياسية، بغية وضعها في دائرة الفشل، مما يمنعها من التقدم والتحرر من دائرة التبعية الغربية.
كما أن إصرار بعض النافذين في المؤسسات العسكرية والقضائية على إدارة الحكم من خلف الكواليس، واختيار وتحريك حكومات البلاد حسب إرادتهم الشخصية وتوجهاتهم الفكرية وولاءاتهم السياسية، كان سببا في إثارة القلاقل السياسية المستمرة في هذا البلد، ونجم عنه الشعور بالغبن والمحسوبية لدى قطاع كبير من الشعب الباكستاني، وهو ما فجر بالضرورة نار “النزاعات” المسلحة، كما هي الحال مع طالبان باكستان، و”النزعات” الانفصالية مثل “جيش تحرير بلوشستان”، والحركات الإرهابية كتنظيم الدولة.
في حين أن هذا الوضع صنع انسدادا سياسيا جعل البلاد تعيش منذ استقلالها في دوامة مستمرة للصراع على الحكم، ووجدنا رؤساء وزراء ينزلون من كرسي الحكم ليُعدموا، أو يُغتالوا، أو يُعتقلوا، حتى أن عبد القدير خان -صاحب القنبلة التي أعطت البلاد مجدها- تم سجنه لفترة طويلة بتهم واهية.
وفي النهاية، تسبب انشغال العسكريون بصراعات الحكم في إهمالهم تخصصهم الأصلي وهو توفير الحماية الأمنية للبلاد، مما أدى إلى نمو الجماعات المسلحة وارتكابها الجريمة وراء الجريمة دون رادع.
الوطنية من حب الوطن إلى تقديس الفرد.. عبد الناصر نموذجا
سيد أمين
18/1/2023
لست أدري ما الذي يبرر تلك الموجة السياسية العارمة السائدة في وطننا العربي في تقديس الشخص لا الوطن، والبحث عن الانتصار للولاء بدلا من الانتصار للحقيقة، والاعتناء بالإجراءات والصورة وليس بالجوهر والنتيجة، مع أن حكمة الزمان تقول إن العِبرة بالنهاية.
ورغم النهايات الواضحة وضوح الشمس، فإن البعض يصر على المراوغة والخداع، والاستمرار في تقديس “تابوهات” أضرت أكثر مما أفادت، وقد يكون هؤلاء النسّاك في محرابها هم أنفسهم من متضرريها، لكنهم فقط لا يحسبون الأمور بمنطق العقل والحقيقة، ولكن بمنطق “المكابرة”، والإصرار على الانتصار للولاءات الزائفة، وكأننا في مباراة شطرنج، وليست أمورا تحدد مصائر أوطان وأرواح بشر.
مشهد واحد
خذ لقطة من هذه في مصر، فمثلا، ليس سرّا أن اتفاقية “السلام” مع إسرائيل وشروطها المجحفة المعلنة -وغير المعلنة التي باتت معروفة للجميع- طوّقت مصر بشدة لعقود، وحرمتها تماما من تنمية سيناء والاستفادة القصوى والمثلى من مواردها.
وليس سرّا أيضا أن مصر أُجبرت على توقيع تلك الاتفاقية لأنه لم يكن باليد حيلة لاسترداد أراضيها، كما سوّق الإعلام المصري لفترة من الزمن.
مع أن ذلك أعدم مصر وحوّل مسارها السياسي من قيادة تيار الممانعة العربية إلى قيادة تيار التطبيع، وكانت نتيجة ذلك إهدار ثروات البلد في الرشاوى والفساد الذي صاحب عملية “الانفتاح الاقتصادي” التي كانت في الواقع تنفيذا لأمر بيع القطاع العام، وحرمان الجيش المصري من أهم روافد تمويله ليتم تعويضه بالمعونة الأمريكية.
وقبل ذلك، خاضت مصر حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي استُشهد فيها آلاف الجنود وثكلت بسببها آلاف الأمهات، وأُنهك فيها الاقتصاد المصري بشدة.
وإذا كان الحال كذلك في الانتصار، فما بالك بنكسة يونيو/حزيران 1967 التي هي في الواقعة هزيمة نكراء لم تحدث في تاريخ حروب العالم، حيث أبيد عشرات الآلاف من الجنود المصريين دون حتى أن يتمكنوا من إطلاق الرصاص في الهواء، ولأن تفاصيل ما جرى كثيرة وجميعنا يعرفها فلا داعي لتكرارها، ولكن يكفي أن نقول إنه لولاها ما حدث ما بعدها، وما وقعنا في فخاخ اسرائيل الآن.
فضلا عن أننا في غنى عن الحديث عن تأثيرها السياسي والاقتصادي والنفسي على الوطن وشبابه، وتأثيرها العسكري الذي انعكس بصورة كارثية على ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء، والذي لا يزال سمه ساريا إلى اليوم.
فإذا كانت كل هذه المصائب هي مجرد آثار معلنة لهزيمة عسكرية واحدة حدثت منذ أكثر من نصف قرن، من هزائمه المتعددة في اليمن والكونغو و1956 وغيرها، أليس من الطبيعي أن نعتبر أن جمال عبد الناصر الذي يناسب هذا الشهر ذكرى ميلاده “أبو الهزائم”، بدلا من تقديسه واعتباره النموذج الكامل للوطنية دون دليل واحد؟
ظاهرة صوتية
ولا أرى بطولة إطلاقا في أن يخطب الرجل بأنه سيلقي إسرائيل ومن يقف وراءها في البحر، فهذا قد يكون مشهدا تمثيليا لا يتناسب مع المواقف الجادة، ولكن البطولة أن تفعل ذلك حقا بها، وتحرر الأراضي المحتلة لا أن تضاعفها للقادمين بعدك.
ولعله ليس من الصدفة أبدا أن كل معركة تخوضها تخسرها خسارة فادحة، دون مسوغات موضوعية لذلك، لا سيما أن إسرائيل آنذاك لم تكن إلا في حجم محافظة مصرية دون امتلاكها سلاحا استراتيجيا كما هو الآن، وكان حجم التعاضد العربي والإسلامي والعالمي جبارا، لدرجة أنه بإمكانه مع قليل من الجهد العسكري لدول المواجهة خنق إسرائيل وتحرير فلسطين كاملة في أيام معدودات، لكن الإرادة في ما يبدو كانت مخصصة فقط للقطة.
هذا نموذج لإخفاق واحد من إخفاقات قائد قدسوه لدرجة أن أحدهم وصفه بأنه “آخر الأنبياء”، ولا يزال آخرون يمارسون تلك النسك رغم الانكشاف الكامل للمشهد، وما زالت أنقاض الدمار تملأ المكان.
حب من طرف واحد
ولطالما تساءلت عن السبب الذي يدفع قامات كبيرة إلى السقوط في هذا الفخ المهين، لكني سرعان ما أتدارك أن كبرها هذا ربما جاء فقط بسبب تسليط الإعلام الأضواء عليها.
وفي حالة هؤلاء المتيمين القدامى والمحدثين، نكتشف أنهم يعيشون حبا من طرف واحد، يهرول خلاله المحبون خلف المحبوب ويتفنون في استخراج المآثر له، في حين أن المحبوب لا يبالي، وربما كان يسخر في قرارة نفسه بسفه المحبين وضيق أفقهم.
فما المتعة التي يجدونها في ممارسة هذا النشاط المريب الذي دفعت شعوبنا وبلادنا بسببه ثمنا باهظا، فقرا وظلما واستبدادا وتخلفا، ونزف فيه شبابها الدماء على عتبات اللا شيء، حتى أنهم لم يفعلوا كما فعل أصحاب الجاهلية الأولى الذين لم يتشبثوا بأوثانهم التي عبدوها أبا عن جد، حينما أتتهم دعوة الخلاص؟
قد أكون مخطئا في كل تقديري، ولكن فليأتني أحدهم بما يقنعني عسى أن أعود من الناسكين!!
………………………………………………
حينما يعادي المتطرفون أردوغان والإسلام؟
سيد أمين
26/1/2023
لعل الأمر مدعاة إلى التأمل فعلا، فكلما زاد حقد متطرف غربي أو شرقي على الإسلام، سبّ رموز الدين الإسلامي ومقدساته وهاجم تركيا وأردوغان، وكلما أراد الغربي أن يعبر عن قوة الحضارة الغربية في مقابل الحضارة الإسلامية هاجم الإسلام ورموزه ثم الدولة العثمانية والدولة التركية وأردوغان.
هناك حالة ربط دائم بين تركيا والاسلام في العقلية الغربية، وهناك إجماع غير محسوس في العقل الباطن الغربي على أن أردوغان هو من يمثل العالم الإسلامي رغم أنه لا يحكم إلا دولة واحدة فقط من نحو 56 دولة مسلمة في هذا العالم، ولا تمتاز هذه الدولة بينهم مثلا بأنها الأكثر سكانًا، ولا أنها تستحوذ على مقدسات الإسلام، ولا حتى أنها تتكلم بلغة القرآن، بل إنها من دونهم جميعا لها دستور يقول إنها دولة علمانية.
وقد وصل الأمر إلى أنه في عام 2018 أغلقت النمسا سبعة مساجد وطردت عشرات الأئمة عقب عرض قدم في إحدى دور هذه المساجد ارتدى فيه الأطفال ملابس جنود الدولة العثمانية.
كما أن الإرهابي الذي أطلق النار ببندقيته الرشاشة فقتل أكثر من 50 مصليًا في مجزرتين بمسجدين في نيوزيلندا عام 2019 كتب رسائل على الأسلحة تحمل تواريخ تشير إلى أن المذبحة تأتي ردًّا على انتصارات الدولة العثمانية والسلجوقية على الحملات الصليبية.
وفي إطار الحرب المتصاعدة بين تركيا وفرنسا لجأ الرئيس الفرنسي إلى تشجيع إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، باعتبارها حرية تعبير وهي الرسوم التي احتجت عليها أنقرة ضمن عدد كبير من دول العالم الإسلامي عقب نشرها في السويد والدنمارك، وهنا رد عليه أردوغان بدعوة الشعب التركي إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، قائلا إن ماكرون بحاجة إلى الرعاية العقلية.
الإساءة سياسية
كثير من المؤشرات تشير إلى أن الواقعة التي جرت في السويد الأسبوع الماضي هي في الأصل سياسية، وأن سلطات السويد أرادت الرد على الوقوف التركي دون انضمامها إلى الحلف الأطلسي بالموافقة على تظاهرة لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا حركة إرهابية فيها إساءة لصورة أردوغان، وبقيام المتطرف الدنماركي بحرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة التركية في ستوكهولم.
وأكدت هذه الرؤية ما جاء في نص طلب التظاهرة، فبحسب تصريحات المتحدث باسم شرطة ستكهولهم فإن مواطنا دنماركيا سويديا يمينيا متطرفا قدم طلبا لتنظيم تظاهرة أمام السفارة التركية، كتب فيه تنظيم “مظاهرة ضد الإسلام في السويد عبر حرق القرآن ومظاهرة ضد رجب أردوغان الذي يضع عقبات أمام حرية التعبير في السويد”.
لعل تلك الواقعة باختيار وقوعها أمام سفارة تركيا تعزز من صحة الرؤية الخاصة بأنهم يهاجمون الإسلام من أجل الإساءة إلى تركيا وقيادتها، وهي الرؤية التي عارضها مراقبون منهم الإعلامي المصري عمرو أديب فحاولوا التقليل من شأن الواقعة والإساءة إلى أردوغان، وتناسوا أن ذلك يرفع من مكانته ولا يحط منها.
وربما أدركت القيادة التركية الأمر، فراحت تصعد من لهجتها اتجاه الواقعة بإلغاء زيارات كانت مقررة لوزير الدفاع ورئيس البرلمان السويديين لأنقرة، بل قامت تركيا بتكليف محامين سويديين بمقاضاة مرتكب الواقعة.
المعارك الداخلية
العجيب أن معارك أردوغان مع المعارضة التركية في الداخل يدور كثير منها أيضا حول الإسلام، وموقف الدولة منه ومن مظاهره، وخاصة مسألة منع أو إتاحة ارتداء الحجاب التي يشتعل الآن أوارها بسبب اتجاه حزب العدالة والتنمية لتحصين حرية ارتدائه في البلاد دستوريًّا قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو/ أيار القادم.
وقد أكدت استطلاعات الرأي التي أجرتها عدة جهات استقصاء مستقلة بعضها علماني التوجه، أن ما بين 55% و70% من الأتراك يفضلون التدين وعودة المظاهر الإسلامية إلى تركيا.
لذلك تقوم الأحزاب المعارضة ولا سيما حزب الشعب الجمهوري بمحاولة الظهور بمظهر من يكنون للإسلام التقدير في دعاياتهم الانتخابية، رغم التاريخ الممتد لهذا الحزب في العداء للمظاهر الإسلامية، مما يدل على أنهم أدركوا أن المصدر الرئيسي لشعبية أردوغان وحزبه هو الدفاع عن تلك المظاهر.
ولقد وصل التماهي إلى درجة قول كمال كليشدار أوغلو زعيم هذا الحزب العلماني إن “الأذان بالعربية هو قيمة عالمية لديننا الإسلامي، أينما رُفع الأذان في العالم فهو يعبر عن نداء الإسلام”.
وذلك للتخفيف من وطأة تصريح أطلقه نائبه يلماز أوزتورك الذي دعا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 إلى إعادة الأذان باللغة التركية، كما كان يفرضه هذا الحزب قسرًا على الدولة التركية في عقود مضت، ودفع رئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس رأسه ثمنًا لإعادته باللغة العربية.
كل الدلائل تشير إلى أن أعداء أردوغان في الخارج والداخل نصبوه حاميًا للإسلام، سواء كان الأمر حقيقيًّا أم لا.
………………………………………………………………………..
قيس سعيد والمسارات الغامضة
سيد أمين
21/2/2023
يتلقى الرئيس التونسي قيس سعيد الصفعة تلو الأخرى من الشعب التونسي من دون أن يتعظ، أو يطور مساراته -التي أقل ما يمكن أن توصف به أنها غامضة- لتكون مقبولة شعبيا، فيقع دوما في نفس الشرك الذي نصبه للآخرين، بعدما أصمّ أذنيه عن جميع الناصحين الذين لم يألوا جهدا في نصحه بكافة الطرق بضرورة التراجع عن مسار 25 يوليو/ تموز الغامض الذي فرضه على الشعب التونسي، من دون هدف منطقي يستحق اللهاث خلفه.
لكنه أصرّ على الهرولة إلى الأمام، واضعا نصب عينيه تجارب آخرين نجحت مثل الهرولة في إبقائهم في السلطة، متناسيا اختلاف تونس عن غيرها في أن لديها قضاء لا يزال خارج التدجين ولو نسبيا، وجيشا لم ينغمس بعد في الحياة السياسية حتى الثمالة، وأن الشركاء أو الرعاة الغربيين مشغولون الآن بإشعال أو إطفاء عشرات من النيران المشتعلة الأولى كثيرا بالاهتمام.
ولا يدري أحد ما العائد على تونس، أو شعبها الذي يعاني الأمرين اقتصاديا، أو على التجربة الديمقراطية، ولا على قيس سعيد نفسه، من تلك المسارات والحروب “الدون كيوشتية” التي يخوضها، في حين كان الأولى به الاهتمام بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد بدلا من تنظيم انتخابات وراء انتخابات وراء انتخابات تقاطعها الأغلبية الكاسحة التي لا تجد جدوى لها، والسعي لعسكرة البلاد واعتقال الحقوقيين والنشطاء والصحفيين والبرلمانيين وقادة الأحزاب المعارضة انتهاء بطرد الأمين العام لاتحاد النقابات الأوربية.
ردود سعيد
لم يتعظ بأن نسبة المشاركين في الاستفتاء الدستوري لم تتجاوز11% من الناخبين وهي أقلّ نسبة مشاركة في كل تاريخ تونس، ولم يتعظ بنزول عشرات الآلاف في عدة تظاهرات متتالية يطالبونه بالتوقف الفوري عن كل الإجراءات التي اتخذها منذ أن جاء للسلطة، ولم يتعظ بفشل ما أسماه الاستشارة الإليكترونية وما نالته من سخرية وانتقاد واسع في البلاد، ولم يتعظ بمهزلة الحوار الوطني التي أقصى منها الجميع وراح يتحاور مع أنصاره، فراح يمضي قدما إلى إجراء انتخابات برلمانية كانت نتائجها هي الأخرى مقروءة منذ البداية، وحصلت المشاركة فيها على نفس النسبة التي حصل عليها دستوره.
ولعل المدهش حقا هو تعليق الرئيس على نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية في جولتيها، حيث لم يجد ردا على نتائج الجولة الأولى التي جرت في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي والتي شارك فيها التونسيون بنسبة 11%، سوى قوله “إن نسبة المشاركة لا تقاس فقط بالدورة الأولى بل بالدورتين” وإن “المشككين يشبهون من يعلنون نتيجة مقابلة رياضية عند انتهاء شوطها الأول”.
وحينما أعلنت نتائج دورة الإعادة في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي وكانت بنفس نسبة المشاركة في الدور الأول راح يردد مبررا عجيبا لا نعرف كيف اقتطعه ويحاول جعله منطقيا وهو أن نحو 90% لم يشاركوا في التصويت لأن البرلمان لم يعد يعني شيئًا بالنسبة لهم، وعلى طريقة مات المولود وماتت الأم ولكن نجحت العملية علق قائلا “إن الأهم أننا حافظنا على مواعيد الانتخابات”.
وبالقطع إزاء مثل هذه التبريرات قد يتساءل أحد: بما أن البرلمان القديم فاشل، والبرلمان الجديد فاشل، والدستور القديم فاشل، والدستور الجديد فاشل، والحكومة القديمة فاشلة، والحكومة الجديدة فاشلة، لماذا لا نجرب تغيير قائد السيارة نفسها لعل تونس تصل إلى وجهتها بسلام؟
وحصر سعيد الوطن في ذاته وصار كل من يخالف توجهاته عدوا لهذا الوطن.
النواب الجدد
مشهد الانتخابات التشريعية الأخيرة يشي بالكثير، فبغض النظر عما يردده كثير من المراقبين التونسيين عن أن المرشحين في الانتخابات البرلمانية هم في الغالب شخصيات غير معروفة، وليس لهم سوابق في العمل النيابي حتى لو في المجالس القروية سوى عدد قليل منهم ينتمي لأسر الحظوة لنظام بن على، فإنهم أيضا يتحدثون بنغمة واحدة تشبه خطاب الرئيس عن المؤامرة وقوى الشر والمخربين والإرهابيين ونحو ذلك، وبرامجهم لا تعدو برامج رئيس حي أو شيخ حارة، وليست برامج نواب برلمانيين لهم خطط قومية.
ومن الملفت للنظر أن هناك نوابا في البرلمان فازوا بعدد أصوات يزيد قليلا عن ألف صوت، وهو رقم ضئيل للغاية لا يعبر حتى عن أصوات حارة من الحارات، في حين أن أعلى الأصوات كانت متدنية أيضا وزادات قليلا عن ثمانية آلاف صوت.
كما أصابت الرئيس قيس سعيد أيضا لامة إضافية من تلك النتائج عبر رسوب معظم المرتبطين به من التيارات الناصرية، ولا سيما أحمد شفتر أحد أبرز الداعمين له والمبررين لكل خطواته أمام منافسه مسعود قريرة، رغم كل ما كان يحظى به من دعم إعلامي داخلي وخارجي، إذ حصل على ما يزيد قليلا على ألفي صوت فقط.
ولكي تكتمل دائرة الملهاة في هذه الانتخابات التي قاطعتها جميع الأحزاب الشعبية في تونس بجميع توجهاتها، تبيّن أحد المنافسين في جدول الإعادة لم يحصل على أي صوت، أي أنه لم يحصل حتى على صوته، وفاز مرشحون بالتزكية في بعض الدوائر لعدم وجود منافس.
ورغم تلك النسب المتدنية في المشاركة فإن مراقبين محليين شككوا في حدوث تزوير على نطاق واسع في النتائج، وإن كنت أنا شخصيا أعتقد أن من يستطيعون تزوير الانتخابات هناك كان بإمكانهم أيضا تزوير نسب المشاركة، كما يحدث في كل الانتخابات في البلدان العربية، وتجنيب جبين الرئيس هذه الوصمة، إلا إذا كان في جراب الحاوي ما لم نره بعد.
لو كنت مكان الرئيس قيس سعيد لتركت التونسيين يكتوون بنار قلة وعيهم لتحرقهم الأخطار التي لا أراها إلا أنا، وحرمتهم من جنتي، ورحلت!!
……………………………………………………………………
الزواج الحرام.. العلمانية والقومية العربية
سيد أمين
27/2/2023
لا أعرف كيف تم دس العلمانية في الفكر القومي العربي، خاصة أن هذا النوع من العلمانية يتقوت على أيديولوجية وضع الدين في حالة الاصطدام مع القوم، في حين أن القوم أنفسهم -وهم الواجب على القوميين أن يبرزوا ويُعلوا من شأن خصائصهم الفريدة- لا يقدسون إلا هذا الدين بل ويعدّونه المميز الوحيد لقوميتهم، والأسمى مرتبة منها.
ولِمَ لا؟ وهو الدين الذي ميزهم بأنه اتخذ منهم رسولا يُذكر اسمه في كل صلاة يوميا في أرجاء العالم كافة، واتخذ من لغتهم التي تُنسب إليها قوميتهم لغة وحيدة لأسمى مراجعه المقدسة.
أكاد أجزم بأن ثمة مؤامرة فكرية عشناها على مر العقود الماضية، وضعت العربة أمام الحصان، تعالت فيها فكرة القومية العربية على هذا النحو المريب والمعوج فاتخذت من الإسلام خصما لها، بدلا من أن تجعله عمودها الفقري، مما نجم عنه أن تهالكت العربة وكاد الحصان يفلت من بين يديها ليذهب إلى أقوام آخرين تقدّر قوته.
تجربة الدولة العثمانية
لعل تلك الفكرة تنامت في وطننا العربي بعد انهيار الدولة العثمانية عام 1923، وهي الدولة التي كانت تقدّر خصائص العربية وتعلي من شأنها ولم تجرؤ أبدا على الاستهانة بها، فكان هذا سببا من أسباب التمدد الهائل لها في رقعة خريطة العالم، مساحة وزمنا، وكان سببا أيضا في أن تقدّر الأمصار كلها تلك الخلافة العظيمة.
خاصة حينما جعلت اللغة العربية جزءا أصيلا من الهوية القومية التركية، وجعلتها لغة العلوم والثقافة والتعليم، رغم أن التركية كانت هي اللغة الرسمية في الداخل التركي في حين كانت العربية والتركية والفارسية هي اللغات الرسمية للخلافة العثمانية، وبذلك حظيت العربية بنصيب هائل من العناية فصارت لغة تفكير حضارية في كل الأصقاع الإسلامية التي تستظل بمظلة الباب العالي.
ولهذا، فحينما يئس الاستعمار الغربي المتربص بالإمبراطورية الجامعة للعالم الإسلامي من إمكانية كسرها عسكريا وسياسيا وثقافيا، لجأ إلى تفتيتها من الداخل عبر الزج بالكثير من المخدوعين والمتأمرين وضحال الآفاق في جميع أمصارها، ليدعوا إلى فصل قومياتهم عن الإسلام، فخُدع الترك بالتتريك، وخُدع العرب بالدولة العربية الكبرى، وخُدع الفرس بإعادة أمجاد الأكاثرة والساسانية، وهكذا في القوميات كلها.
وكانت النتيجة أن سقطت الدولة العثمانية لكن لم تنهض تركيا ثانية لعقود طويلة بخلاف ما أرادها المنكمشون في داخلهم، وسقط العرب والفرس في الاستعمار الحقيقي والمتخفي بدلا من أن يتحرروا، وتفتت رقعة بلادهم أيما تفتيت.
علمانية هنا ودينية هناك
في حين أن دول أوربا ربطت لفترات طويلة في تاريخها بشكل مباشر بين الهوية القومية والدينية، لدرجة يمكن فيها اعتبار أن نزاعاتها التي أدت إلى كل الحروب الداخلية والخارجية المعروفة بينها، كانت في الأصل نتائج للتعصب المذهبي والقومي بينها.
فضلا عن أن العلمانية نفسها هناك أُقرّت للحيلولة دون الفشل الدائم في منع الصدام القومي والمذهبي، وقد ساعد على نمو التجربة ونجاحها هناك افتقار المسيحية إلى “الفقه “و”طقوس الحياة اليومية” التي تتوافر في كثير من الأديان في العالم ومنها الإسلام.
لذلك نجد الفلسفة العلمانية الغربية الظاهرة تقول “ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، لكننا نحن -المسلمين- مأمورون في ديننا بأن نُحكّم الدين عندنا في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة، لأن ديننا هو دين ودنيا، وبالتالي فحينما نتحدث عن القومية العربية فلا بد من ربطها بالإسلام.
كما يوجد الكثير من الأحزاب القومية، والدول القومية، والأقاليم القومية، يكون فيها الدين أو المعتقد أو الثقافة هي المحاور الأساسية لتشكل الانتماء القومي، لا سيما في الهند وبورما والكثير من بلدان شرقي آسيا، وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.
بل إن هناك أناسا من أوطان وأجناس ولغات وألوان متنوعة، تمترسوا حول دين جامع بينهم ليجعلوه هو القومية التي تجمعهم، تماما كما فعلت “إسرائيل”، التي لم تكتف بأنها سرقت الأرض التي تجمعت عليها كل هذه الأجناس غصبا، بل أقرت قوانين تسلب من غير اليهودي مواطنته، وبالطبع تقصد بها صاحب الأرض الأصلي.
ولعل من العجيب حقا أن تجد أحزابا قومية في العالم غير الإسلامي تحتفي عمليا بدين القوم الذين تمثلهم، في حين أن قوميينا العلمانيين يجعلونه مجرد شعارات لزوم “اللقطة” يرفعونها بخجل وعلى استحياء كلما اقتضت المنفعة، وفي كثير من الأحيان يقودون حملات الصدام معه.
والخلاصة أن كثيرا من القوميين العرب ولأسباب مريبة بدّلوا انتماءهم إلى قوميتهم بالانتماء إلى فكرة العلمانية الفضفاضة، وليتهم فهموا جوهرها، فهم استخدموها -فقط- لكسر الإسلام، وما هو بمنكسر حتى تقوم الساعة.
…..
بعد كل ذلك يأتي السؤال: لماذا نحن -العرب- صرنا نغمط الحق ونغبط الباطل، ونجيد تحطيم مصادر قوتنا بأيدينا في المجالات كافة؟
…………………………………………………….
لهذا يصرون على حبس عمران خان
سيد أمين
16/3/2023|آخر تحديث: 19/3/202310:15 AM (بتوقيت مكة المكرمة)
قد لا يصدق أحد في الشرق الأوسط أن هذه الحملة الأمنية الصارمة التي تشهدها باكستان هذه الأيام من أجل تنفيذ حكم قضائي بالقبض على رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان، إنما هي لمحاكمته في قضية اتهامه ببيع 4 ساعات ذهبية تلقاها هدايا في فترة توليه السلطة تقدر قيمتها بنحو 100 ألف دولار فقط.
ولا يصدق أيضا أن عمران خان نفسه هو من بادر بتقديم وثائق لهيئات ضريبية تثبت أنه قام بشرائها من أمواله الخاصة بصفته من أشهر لاعبي الكريكيت في العالم سابقا، ومن حقه بيعها في أي وقت، خاصة أنه في عام 2019 أصدرت مفوضية الانتخابات الباكستانية تقريرا بامتلاكه ثروة قيمتها نحو 700 ألف دولار وقصرا قيمته 4.7 ملايين دولار أمريكي هي حصيلة بيع شقته في لندن.
ومصدر عدم التصديق هنا هو تلك المبالغة التي يحلو للإعلام الغربي والحكومي الباكستاني على حد سواء وصفها بجمل كبيرة من عينة “محاكمته بتهم فساد” أو “قضية الهدايا الثمينة”، وذلك بغرض أن يأخذها من لا يدري على عواهنها فتتخلق لديه صورة ذهنية سيئة عن الرجل، في حين أن المبلغ محل الحديث -إذا صدقت تلك الاتهامات- لا يتعدى مصروفات تكفي ليوم واحد من فسدة بلادنا.
تاريخ من اللامنطق
ولعل هناك من يستغرب عدم قيام عمران خان بتسليم نفسه لحضور جلسة محاكمته خشية اغتياله، لكن من يعرف التاريخ هناك يدرك ببساطة أنه لا مكان أبدا للمنطق فقد اغتيلت رئيسة الوزراء بينظير بوتو وسط حشد من جماهيرها، وأُعدم أبوها ذو الفقار علي بوتو بينما كان رئيسا للوزراء وهو الذي خطط لتملك بلاده القنبلة النووية، أما عبد القدير خان الذي أهدى البلاد هذه القوة الاستراتيجية فتم سجنه وتخوينه ومنعه من السفر حتى مات في ظروف غامضة، خاصة أن الرجل تعرض فعلا لمحاولة اغتيال في نوفمبر 2022 أودت بحياة أحد أنصاره وأصيب هو في قدمه مع آخر.
وليس من العجيب أن عمران خان حينما علم بما يدبر له بسحب الثقة من حكومته في البرلمان، استخدم في 3 أبريل/ نيسان 2022 حقه القانوني في إعلام رئيس باكستان بطلبه حل البرلمان لكن بدلا من أن يستجيب الرئيس للطلب كما هو متعارف عليه، وجدنا البرلمان يعقد في 10 أبريل من نفس الشهر جلسة غامضة وعلى عجلة لم تتح لأعضاء حزب الإنصاف الذي يترأسه خان حضور الجلسة، ويقوم بسحب الثقة من الحكومة.
ولعل هناك دلالات كبيرة في أن حدة الهجمة على عمران خان التي حدثت أثناء فترة حكمه تصاعدت بعد تقربه من روسيا والصين وسعيه للتكامل مع حركة طالبان أفغانستان، وهو ما أعلنه عمران نفسه -قبل أن يطاح به- من أنه تلقى تهديدات أمريكية.
نية مبيتة
المهم أن خان سارع بتقديم تعهد خطي للقوات التي تحاصر قصره في وسط إسلام آباد وتقود اشتباكات عنيفة مع أنصاره بأنه سيمثل أمام المحكمة، لكن فيما يبدو هناك نية لتصويره على أنه يستهزئ بأحكام القضاء وأنه يعتبر نفسه فوق القانون.
ولو كان في الأمر قدر من الحكمة لقبلت قوات الأمن التعهد وانتظرت الساعات الثماني والأربعين الباقية على موعد المحاكمة، فإذا أخل الرجل بتعهده كرت مجددا على قصره وأبطلت مزاعمه، لكنها رفضت قبول التعهد، مما يؤكد أن النية مبيتة للتصعيد وإخفاء الرجل في السجون بأي ثمن كان قبل المحاكمة المزعومة للحيلولة دون تواصله مع أنصاره، وهي إرهاصات تشير إلى نية لإدانته قبيل الانتخابات المقبلة في إقليم البنجاب.
وإذا نجا خان هذه المرة من الإدانة فقد أُعدّ له شرك محكم بسيل من البلاغات ضده بلغ 83 بلاغا، مع قضيتين أخريين تفصل فيهما المحاكم في البلاد، إحداهما حول ازدراء القضاء، والأخرى متهم فيها بالإرهاب!!!
وقد ظهرت النيات السيئة مبكرا حينما عينت لجنة الانتخابات الباكستانية في يناير/ كانون الثاني الماضي مرشح الحكومة المركزية سيد محسن رضا نقوي رئيسا مؤقتا للوزراء في إقليم البنجاب بعد حل عمران برلمان الإقليم الذي يسيطر عليه حزبه، وجاء قرار اللجنة بحجة فشل الحكومة والمعارضة على مدى أسبوع في اختيار شخص يشغل منصب رئيس الحكومة.
شعبية جارفة
لكن الأمر الذي يحسب له الجميع حسابا هو أن عمران يتمتع بشعبية جارفة في عموم باكستان ولا سيما في البنجاب وبين قبائل البشتون التي ينتمي إليها والتي تعتبر واحدة من أكبر قبائل باكستان وأفغانستان.
ومع تدني مستوى عمل حكومة شهباز شريف، وتردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد، نظر كثير من الشباب الباكستاني إلى عمران خان على أنه الرجل المخلص للبلاد من الفساد وأنه الأجدر بتولي زمام الأمور.
ولعل هذه الحالة ومخاطر تحديها هي الشيء الوحيد الذي حال دون إخفاء عمران خان في ظروف سريعة وغامضة، وهي في نفس الوقت التي تبقي موقد النار متقدا.
………………………………………….
هل شاهد العالم جنة أمريكا في العراق؟
سيد أمين
23/3/2023
عشرون عامًا مرت على سقوط عاصمة الرشيد، لم ينهض العراق بعدها إلا بوجع، وما نام إلا على وجع، وبين الوجعين صنوف متعددة من الأوجاع، فذاق من الديمقراطية المزعومة التي روجت لها أمريكا وحلفاؤها الثلاثون كل خراب ودمار.
وبالقطع لسنا بحاجة لسرد فظائع ما جرى، فهو حديث مؤلم على النفس الذكية من جهة، ووقائعه معروفة للناس من جهة أخرى، ويكفي أن نقول إن كل شيء فيها صار مهيئًا للسرقة والبيع، الأرواح والأعراض والخبرات والآثار والتاريخ والأموال.
الخسائر كلها بالملايين إن لم تكن بالمليارات، ملايين الشهداء ومرارات الفقد للأحباء شيبًا وشبابًا وأطفالًا ونساء، ملايين اللاجئين والمشردين في الداخل والخارج، ملايين الفقراء الذين لا يجدون ما يقتاتون عليه بعد أن كانت بغداد أو “البغددة” مرادفة للرفاهية والترف الذي حلمت به الكثير من الشعوب.
بعدها احتل العراق الصدارة في كل ما هو مشين، الأقل في جودة التعليم، الأدنى في الرعاية الصحية، الأكثر انفلاتًا أمنيًا، الأعلى في معدلات الفساد، الأكثر هدرًا للموارد، فأصبح العراقيون الأقل سعادة في العالم، بعد أن كانوا الأفضل.
تقلص حلم العراقي الذي بلغ عنان السماء ذات يوم إلى مجرد توافر موارد الطاقة والكهرباء رغم أن بلده يحتل صدارة منتجي البترول، واضمحل حلمه لأن يهاجر إلى بلاد كان شبابها يذهب للعراق بحثًا عن الرزق.
انكفأ العراق على نفسه عقدين من الزمان يحاول أن يلملم آثار الانشطار الذي خلفه الغزو الأمريكي للبلاد، الذي مزق البلاد شر ممزق، فتشظت اللحمة التاريخية بين مكوناته إلى شيعي وسني، وعربي وكردي وتركماني، ومن بين كل فئة فيهم تفرق الناس بين موالٍ لأمريكا، وموالٍ لإيران، فيما صار المجُّرم بين هذا وذاك أن تكون مواليًا للعراق.
سقوط المزاعم
سقطت المزاعم جميعها التي اتخذتها أمريكا ومن معها سببًا لارتكاب هذا الخراب كله بحق العراق وشعبه، ولكن لم تسقط آثار الجرائم، ولن ينسى أحد أن العراق ما عاد للعراقيين بعد.
سقطت مزاعم النووي التي اتخذوها كحصان طروادة للتنكيل بهذا البلد المقاوم، وأقر القاصي والداني بعدم امتلاك العراق برنامجًا للسلاح النووي تمامًا كما كانت تقول قيادات هذا البلد قبل العدوان، ولكن الغرض مرض والنية مبيتة.
وفي نظري يحق لكل بلد في العالم امتلاك الأسلحة التي يريدها لحماية أمنه، طالما كان هناك من يمتلكون مثلها ويهددون استقراره.
وسقطت أيضًا مزاعم محاربة الاستبداد، فالقاصي والداني يعرف أن الولايات المتحدة هي من ترعي الاستبداد في بلداننا وتدافع عنه، ولولا حمايتها له ما كان حال العرب كما هو عليه الآن.
وسقطت مزاعم تهديد الأمن الإقليمي حيث أن من يتخذونه ذريعة لغزو العراق هم أنفسهم من يسمحون لإسرائيل بأن تقصف أي بلد عربي دون حتى كلمة تنديد واحدة، ويبررون لصواريخها أن تنطلق فتقتل من تقتل في لبنان وسورية والسودان والعراق وإيران، ويتسترون عليها كأبشع وآخر قوة احتلال عسكري في التاريخ.
كما أن قولهم بأن أمريكا تسعى لنشر الديمقراطية في العالم ليعد من قبيل الكذب البواح، فأصابعها واضحة في تخريب ثورات الربيع العربي المطالبة بالديمقراطية والاستقلال الوطني، وهي الثورات التي إن نجحت لأقصت نفوذها المتزايد تمامًا من هذه البقعة من العالم.
الفوضى الخلاقة
أليس هذا المشهد هو المجال التنفيذي للفوضى التي وصفتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس بالخلاقة؟ أليست هي “خلاقة” بالفعل، ولكن من المنظور الاستعماري الغربي الهادف لمحو كل مراكز التأثير والاعتراض في عالمنا العربي، وهو ما حدث فعلًا؟
ألم يكن العراق ضمن الدول التي وصفتها القائمة التي حددتها الولايات المتحدة في العقد الأخير من نهاية القرن المنصرم بالدول المارقة، التي تقصد بها تلك الدول الرافضة للانضواء تحت العباءة الأمريكية والغربية؟
وقد بدأت تلك القائمة بخمس دول فقط حتى انتهت بعد الإضافات لتشمل عراق صدام حسين، وليبيا القذافي، ويمن علي عبد الله صالح، وسوريا الأسد، وسودان البشير، وغزة حماس، وإيران الإسلامية.
وشملت القائمة من غير دول الشرق الأوسط كذلك أفغانستان طالبان، بالإضافة إلى كوريا الشمالية والصين وروسيا.
وبنظرة تأمل واحدة على الخريطة العربية ستدرك أنه قد حدث لباقي الدول العربية التي شملتها القائمة الأمريكية ما حدث للعراق بالضبط من تخريب واستدمار.
سقوط الأمة
في الواقع أن سقوط بغداد عام 2003 لم يكن إدانة للعراق ولا لجيشها الذي قاوم حتى الرمق الأخير أعتى إمبراطوريات العالم الحربية دفاعًا عن استقلاله، ولكن كان سقوطًا للنظام الرسمي العربي الذي دشنته بريطانيا في منتصف القرن الماضي، وتأكيدًا للمؤكد بأن الجميع يقبعون داخل الحظيرة ولا مجال للتمرد عليها.
فيما جاء الربيع العربي بعد ذلك محاولة فاشلة -ستَترى بعدها المحاولات الناجحة- لدفن ما سقط.
…………………………………………….
الإبراهيمية.. حوار أم دين جديد؟ “رؤية مغايرة”
سيد أمين
منذ أكثر من عقد من الزمان حذرت الدكتورة زينب عبد العزيز، أستاذة اللغة الفرنسية التي ذاع صيتها، ليس بسبب ما ترأسته من مناصب علمية عديدة في مجال تخصصها، ولكن بسبب نشاطها الدعوي؛ من مخطط ماسوني خطير لتخريب الأديان، ودمجها في دين واحد يسمى الدين الإبراهيمي.
لم يأخذ كثيرون هذا التحذير على محمل الجد لكونه خارج نطاق المعقول، واتهم آخرون الدكتورة زينب بـ”التهويل”، لكن الأيام أثبتت أن تحذيراتها كانت جادة جدا، خاصة حينما اجتمعت وفود من عدة دول لافتتاح بيت العائلة الإبراهيمية، التي تضم مسجدا وكنيسة مسيحية وكنيسا يهوديا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
البيت تمت الدعوة لتدشينه خلال زيارة د. أحمد الطيب شيخ الأزهر برفقة بابا الفاتيكان فرانسيس الثاني للإمارات عام 2019 وتوقيعهما على وثيقة “الأخوة الإنسانية”، إلا أن ما تبع هذا الإجراء من دعوات لتوحيد الديانات السماوية الثلاث في دين واحد، جعل الرجلين لم يشاركا في حفل الافتتاح الذي تم في شباط/ فبراير الماضي.
شيخ الأزهر
على ما يبدو أن الشيخ الطيب استوعب الشَرَك الذي أرادوا إيقاعه فيه هناك، فراح يوضح موقفه بانتقاد هذه الدعوة الخبيثة في أثناء حضوره حفل افتتاح بيت العائلة المصرية، قائلا؛ إن هناك محاولة للخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري، وبين امتزاج هذين الدِّينين، مؤكدا أنَّ اجتماع الخلق على دِين واحد أو رسالة سماوية واحدة مستحيل، ووصفها بأنها تبدو في ظاهرها دعوة للاجتماع الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات، لكنها في الحقيقة دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد والإيمان والاختيار”.
حتى قامت الأمانة العامة للبحوث الاسلامية بالأزهر في منتصف الشهر الجاري بإصدار بيان قوي، مؤكدة أن الديانة الإبراهيمية كفر صريح بالإسلام، ولا تتفق مع أصول أي دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، وتُخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
بهذا، قلب الطيب الطاولة على من ظنوا أنهم نجحوا في خداعه، بما يمثله منصبه كشيخ للأزهر من قامة كبيرة جدا في العالم الإسلامي، فتغيرت نبرة التفاؤل عندهم إلى تشاؤم، وتوخى الجميع الحذر.
محاولات خداع
هناك من يحاول أن يوعز للناس بأن الفكرة جاءت فقط عقب توقيع الإمارات والبحرين اتفاقات للتطبيع رسميا مع إسرائيل برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأن نص الاتفاق المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية لا يتحدث عن دين جديد، ولكن عن تآخٍ وحوار سلام بين الديانات السماوية الثلاث.
لكن التحذيرات التي أطلقها مراقبون كُثر، منهم أستاذ الدعوة الإسلامية والأديان بجامعة الأزهر د. إسماعيل علي، والدكتورة زينب عبد العزيز التي أسلفنا الحديث عنها، عن هذا المخطط، حدثت قبل عقدين من الزمان، وقبل وصول ترامب للسلطة في أمريكا، وبالتأكيد قبل التطبيع “الرسمي” الإماراتي مع إسرائيل، يلقي ظلالا من الشك عليها، يؤيدها ما سرده الإعلام الغربي من دلائل على أن دينا جديدا يتشكل في الأفق.
والتاريخ يثبت ذلك، ففي 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1986 دعا بابا الفاتيكان السابق إلى إقامة صلاة مشترَكة من ممثلي الأديان السماوية الثلاثة، وذلك بقرية أسِيس في إيطاليا، ثم كرر هذه الدعوة مرات أخرى باسم “صلاة روح القدس”، ونفس الأمر فعله بابا الفاتيكان الحالي عام 2021 في أثناء زيارته إلى مدينة أور العراقية.
ويقول الدكتور إسماعيل علي: “نقرأ منذ 1811 عن “الميثاق الإبراهيمي الذي يجمع بين المؤمنين في الغرب، وذلك قبل أن يتحوّل اسمُ إبراهيم إلى اصطلاح بحثيٍّ لدى المؤرّخين، رسّخه لويس ماسينيون في مقالة نشرها عام 1949، ثمّ تحوّلت الديانات الإبراهيمية إلى حقل دراسات مستقلة بنفسها”.
الكاسب والخاسر
كثير من المراقبين يرون أن الدعوة الإبراهيمية -في بُعدها الذي يصفها بأنها مجرد دعوة للاحترام المتبادل وتعظيم نقاط الالتقاء بين الديانات الثلاث-، لا يصب إلا في مصلحة اليهودية، حيث إنها هي الدين الذي يؤمن به الآخران، وأن الخاسر هو الإسلام لكونه الدين الذي لا يؤمن به كليهما، بينما هو يؤمن بهما.
ولعل تلك الرؤية وما قد يكون خطط له خفية من التحول التدريجي من “الحوار بين الكيانات المنفصلة” إلى “المزج في كيان واحد”؛ هو ما جعل الشيخ الطيب يتراجع، فيما يرى آخرون أن الخاسر الأكبر حينئذ ستكون المسيحية، حيث إن اليهود والمسلمين متفقون دونها تقريبا في معظم المسائل اللاهوتية، وهناك تشابه كبير في الفقه والحدود بينهما، ومن ثم فإن فرص التفاهم معها ستكون الأقل.
وبين هذا وذاك، يأتي فريق ثالث يرى أن الغانم الأكبر هو الإسلام، حيث ستمنحه فرصه ذهبية لشرح مبادئه السامية للعالم بعيدا عن حملات التشويه، ما يمكنه من محو الصورة النمطية التي صنعتها الدعاية المتطرفة عنه في العالم، وبأنها دعوة للمباهلة بهدف إظهار الحق وإزهاق الباطل، تمكينا لقوله تعالى: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ” (آل عمران:64).
وكذلك هي فرصة لتقديم رؤية إسلامية للوصايا التي قدمها اليسوع عليه السلام لأحد كتبته في الإنجيل بقوله: “إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ” (مر 12: 29).
ورأى هؤلاء أن الفهم العميق للبيت الإبراهيمي في منظوره كمنبر للتفاهم والحوار بين الأديان، سيقود الجميع في النهاية إلى الإسلام، وأن ذلك ما قد يكون دفع بابا الفاتيكان إلى عدم حضور حفل الافتتاح.
على كل حال، يجب أن نأخذ في الحسبان أن فكرة التآخي على ما فيها من مثالية، هي ذاتها الشعار الذي تستخدمه الماسونية لتحقيق مآربها الشريرة، لا سيما لو تحولت لدين جديد، كما قد يتم الترويج لها مستقبلا.
اقرأ المقال هنا على عربي 21
………………………………………
أصوات العالم الإسلامي في الانتخابات التركية
سيد أمين
14/4/2023
لم يحدث أن اهتم العالم بانتخابات محلية لأي دولة في العالم من غير الدول العظمى كأمريكا وروسيا، كما يهتم بنتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية المزمع إجراؤها في مايو/أيار المقبل، بل أن الملايين حول العالم يهتمون بمعرفة دقيق تفاصيلها بشكل أكبر مما يهتمون بأي انتخابات سواها.
وكما ينقسم الناخب التركي بين دعم هذا أو ذاك، كطبيعة أي انتخابات ديمقراطية، نجد أن المميز هنا أن العالم أيضًا ينقسم معها الانقسام ذاته، فهناك من يدعم أردوغان والتحالف الحزبي الذي يقوده، وهؤلاء هم في الغالب من “الشعوب” الإسلامية وشعوب دول العالم النامي من غير المسلمين، وفي المقابل نجد هناك من يسعى إلى إسقاطه حتى دون أن يدعم شخصًا محددًا من معارضته، وهؤلاء من “النظم” الغربية ومن يتبعها من النظم الإسلامية.
ولهذا يود كثير من مسلمي العالم لو أنهم أدلوا بدلوهم في تلك الانتخابات، ووجدوا الوسيلة لدعم التصويت لصالح الحزب الحاكم ورئيسه أردوغان، وذلك لأنهم يرون الصورة كاملة من خارجها، وجلهم في حالة انبهار بما حققته تركيا طيلة العقدين الماضيين من نهضة غير مسبوقة في الداخل، ومكانة خارجية مرموقة جعلتها في طليعة الدول المدافعة عن الحق الإسلامي، وقبلة لملايين المظلومين والباحثين عن العدالة المفقودة في أوطانهم.
طبعًا لن يستطيع أحد من غير الأتراك أن يصوت في تلك الانتخابات، ولكنه يستطيع أن يبُصّر الناخب التركي الذي قد لا يملك الاطلاع السياسي الخارجي الكافي بالمكانة الكبيرة التي شغلتها تركيا وأردوغان في قلوب مليارات البشر غربًا وشرقًا في هذا العالم، وتأثيرها الثقافي والسياسي والاقتصادي الهائل الذي نقلها إلى مصاف الدول العظمى، وأنه يجب أن لا يهدر كل هذا بسبب مصالح ضيقة أو مشاحنات حزبية.
كما يستطيع أن يشرح له الآثار الاقتصادية والسياسية المباشرة وغير المباشرة العائدة على بلاده من تحقيقها هذا الوضع ما يستلزم المحافظة على استمراره، كي لا تعود تركيا حظيرة خلفية لأوربا وأمريكا مثلما حدث بعد سقوط الدولة العثمانية، وأن الدافع للنصح هو التنفيذ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقول رسوله إن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا.
وسائل مشروعة
ما لا شك فيه أن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت الأمر كثيرًا، ونحن هنا لا نتحدث عن لجان إلكترونية وما شابهها من أعمال وضيعة تنتهجها بعض النظم والجهات، ولكن نتحدث عن إمكانية توجه المشاهير الذين يرون الرؤية ذاتها في أرجاء العالم الإسلامي كافة بنشر رسائل مهذبة ومختصرة تحمل رؤيتهم ونصائحهم باللغة التركية على حساباتهم الشخصية أو على الحسابات التركية الشهيرة يعرفون فيها أنفسهم مع تضمينها “هاشتاجات” الدعم لأردوغان.
وتستطيع الأحزاب والحركات والجمعيات والأندية ووسائل الإعلام والجامعات والمعاهد وغيرها وصولًا إلى كتّاب المقالات وأصحاب الرأي وحتى المواطنين العاديين فعل الأمر نفسه أيضًا، مع ضرورة أن يحرص الشخص العادي هنا على أن يقدم ما يقنع مشاهده أو من يقرأ رسالته من كونه شخصًا حقيقيًا وليس لجنة أو “ذبابة إلكترونية”، ويستطيع كل من لديه صديق تركي أن يرسل له بشكل مباشر.
كما تستطيع وسائل الإعلام والأحزاب والمنظمات والجهات الفاعلة في بقاع العالم الإسلامي سلوك المسلك ذاته عبر تشكيل وفود تزور الشركات والهيئات الشعبية التركية في بلدانهم لإبلاغهم بوجهة نظرهم.
ويمكن كتابة عرائض عبر تطبيقات العرائض الجماعية مثل “أفاز” و”عرائض جوجل” وغيرها، وجمع توقيعات عليها، وتوجيهها لمؤسسات الشعب التركي.
وفي المقابل يتوجب أن ينشط حزب أردوغان في العمل على إبراز ردود الأفعال التي تدعمه خارجيًا عبر وسائل الإعلام كافة المتاحة للحزب، والتدليل بها على المكانة التي حققتها تركيا في ظل قيادته.
قد تبدو مثل هذه الإجراءات يسيرة أو ساذجة، ولكنها من الممكن أن تسهم في تغيير توجهات الناخبين، وتحول دون ارتداد هذا البلد الذي يحبه الناس من العودة مجددًا لزمن التبعية والتقزم الذي عاشه طيلة القرن الماضي في ظل حكم أحد أبرز أحزاب المعارضة المناوئة.
الثورة المضادة
لا شك أن تلك الإجراءات من الممكن أن يسلكها الكارهون لأردوغان أيضًا، ما لم يكونوا قد سلكوها فعلًا، لكن الفارق هنا هو أن القارئ التركي سيستطيع أن يميز بسهولة بين قوة حجية الرؤية أو ضعفها، وبين الشخص الحقيقي و”الذبابة”، وسيسهم في ذلك توافر إمكانات التعرف إلى شخصية المرسل من خلال صفحته الخاصة.
كما أن هناك عاملًا مهمًا للغاية يؤكد أن تنفيذ تلك الاقتراحات ما لم يفد فهو أيضًا لن يضر بأردوغان وتحالفه، وهو أن غالبية الكتلة التي تصوّت للرجل هي في الواقع مدركة واقعيًا لصحة ما تضمنته رسائل الدعم والتأييد، وبالتالي فإنها ستزيده حماسة لإقناع آخرين بها، فيما أن الرسائل المضادة لن تفلح أبدًا في إقناعه بأي رؤية مغايرة.
عمومًا هذه مجرد مقترحات شخصية، تخطئ وتصيب، ينفذها البعض أو لا ينفذها، لكنني بها أكون بها قد أدليت بدلوي في الانتخابات التركية، لأنني أنا كما ملايين الناس من غير الأتراك يخشون على تركيا من أن تسقط مجددًا.
والحال يقول إنه لو كان المتربصون كثرًا، فالمخلصون أكثر.
………………………………………………….
الطرق المعيارية لفهم الحالة السودانية
سيد أمين
16/4/2023
حالة صدمة تعم الأوساط الشعبية العربية جراء الصدام الدامي بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، لتكون بؤرة الصراع الجديدة في الوطن العربي الذي ما فتئ يهنأ بانتهاء الحرب في سوريا واليمن، وسط حالة ضبابية شبه كاملة حول أسبابها ومخاطرها ومآلاتها.
هناك عدة قواعد قد تساعدنا على فهم ما يحدث في السودان، لعل منها الاطلاع على أسباب تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013 بدعم من أجهزة الأمن السودانية لتعويض العجز الذي أصاب الجيش السوداني جراء الحرب الطويلة مع متمردي جون غارنغ المدعوم أمريكيا في جنوب السودان، التي انتهت بانفصال الاقليم.
وكان الدور الأساسي لقوات الدعم هو التصدي لمليشيات الجنجويد الانفصالية في إقليم دارفور، واستطاعت أن تحقق انتصارا كبيرا عليها مما حال دون انفراط عقد السودان، وقامت الحكومة باعتبار تلك القوات تابعة للجيش السوداني، هنا على الفور اتهمت أمريكا تلك القوات بارتكاب جرائم حرب، وفرضت عقوبات على نظام الرئيس عمر البشير.
ومن المدهش أن الفريقين المتقاتلين الآن توحدا من قبل فقط في توطيد الحكم العسكري، تارة بالإطاحة بنظام البشير في 6 أبريل/نيسان 2019، وتارة بالانقلاب على الحكم المدني عام 2021.
النفوذ الأمريكي
من المهم أيضا أن نأخذ في الحسبان أنه قبل إنشاء البشير لقوات الدعم السريع بنحو عقد من الزمن، صنفت الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 على لسان رئيسها جورج دبليو بوش سودان البشير واحدة من “الدول المارقة”، ضمن 11 دولة في العالم تميزت بتمردها على حظيرة التبعية الأمريكية من بينها “العراق وسوريا وليبيا واليمن وحماس وحزب الله وإيران”.
وتعهدت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بعد ذلك في حديث صحفي عام 2005 بنشر “الفوضى الخلاقة” وتشكيل “الشرق الأوسط الجديد” القائم على فكرة دمج إسرائيل في المنطقة وقيادتها لها.
وبناء على ما سبق، يمكننا توقع أن تكون إزاحة البشير من الحكم قد جاءت آخر المهام في خطة عقاب الأنظمة المارقة، التي بدأت بسحق العراق وليبيا واليمن وإعدام قادتها، وتخريب سوريا ولبنان وحصار غزة، وكل ما أخشاه من تفجر النزاع السوداني هو أن يكون ذلك مجرد مؤقت لتفجر “الفوضى الهدامة” التي من شأنها تمزيق السودان إربا إربا.
وعقب الإطاحة بالبشير مباشرة، قفز السودان قفزة كانت متوقعة، بتوجه كل من “البرهان وحميدتي” نحو التطبيع مع إسرائيل في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تلاه قيام واشنطن في 14 ديسمبر/كانون الأول 2020 برفع السودان من القائمة السوداء الخاصة بالعقوبات الأمريكية.
النفوذ الروسي
هناك شكوك قديمة عن وجود علاقات بشكل ما بين قوات فاغنر الروسية وقائد قوات الدعم السريع، وتعاونهما معا في التنقيب عن الذهب واليورانيوم وغيرها من المعادن خارج رقابة الدولة، تعززت بزيارة حميدتي إلى موسكو مع بدء تفجر الصراع بين روسيا وأوكرانيا، ليكرر ما فعله البشير عام 2017 وزيارته موسكو طالبا من بوتين حمايته من التدخلات الأمريكية.
وهناك حديث عن وعود بين حميدتي وروسيا لمنح موسكو قاعدة عسكرية روسية في مدينة “مروي” شمالي السودان، مع قيام قوات فاغنر بتدريب قوات الدعم السريع البالغ عدد أفرادها نحو 100 ألف مقاتل.
يحاول حميدتي إظهار أنه مؤيد للتيار المدني ورافض للحكم العسكري، تارة باعتذاره عن المشاركة في الانقلاب على الحكومة المدنية عام 2021، وأخرى باتهامه بشكل متكرر للبرهان بأنه يحاول عبر جميع قراراته إعادة نظام البشير “ذي القشرة الإسلامية” أو “الكيزان”، ويسعى بهذا الاتهام إلى ذر الرماد في عيون داعمي البرهان الغربيين والتشويش عليهم.
الغريب أنه منذ عام 2013 كانت قوات الدعم السريع تُعَد جزءا من الجيش السوداني، إلا أنه مع توقيع الاتفاق الإطاري المؤسس للمرحلة الانتقالية عقب الإطاحة بالبشير، وجدنا حميدتي يرفض هذا الاتفاق الداعم لدمج “الدعم السريع” في الجيش بقيادة موحدة، ويصفه بأنه سيمزق البلاد!!
وهو ما يكشف عن طموحات حميدتي الكبيرة في السلطة، إذ إن تنفيذ الاتفاق الإطاري سيجعله يفقد سلطته قائدا لهذه القوات التي تتميز بسرعة التنقل، وحرب الشوارع، والخبرة الميدانية الكبيرة التي اكتسبتها من حربها مع مليشيات الجنجويد، مع توافر الانتماءات القبلية التي يتميز بها أفرادها.
الوثائق الصهيونية
في سبتمبر 2008، قال وزير الأمن الداخلي الصهيوني الأسبق آفي ديختر في محاضرة له بمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إنه ينبغي منع السودان بموارده ومساحته الشاسعة من أن يصبح دولة إقليمية قوية وعمقا استراتيجيا إضافيا لمصر كما حدث في عام 1967، وإنه ينبغي التدخل بكل الوسائل المعلنة والخفية لإضعافه وتمزيقه وإشغاله في أزماته الداخلية، مع اعتبار ذلك من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي.
وبناء على تلك الرؤية الصهيونية، فإن على السودانيين أن يدركوا أن هناك من يعمل على صب النفط على النار محاولا تغذية الطموحات الشخصية في السلطة لدى جنرالات السودان، بينما يخطط في النهاية لحرق السودان فلا يبقى هناك بلد يحكمه أي منهما.
وعليهم جميعا أن يعلموا أنه إذا امتدت يد الخارج لهذا البلد، فإنها في أغلبها لا تسعى لانتشاله بل لإغراقه.
صراع السودان نتيجة طبيعية لحكم العسكر.
……………………………………………………………………..
لماذا اعتقلوا عمران خان.. ولماذا أفرجوا عنه؟
سيد أمين
15/5/2023
ليس هناك أي جديد غير متوقع في مسألة اعتقال رئيس الوزراء الأسبق ولاعب الكريكيت الشهير عمران خان من مقر المحكمة العليا في العاصمة إسلام أباد، الثلاثاء الماضي، ثم الإفراج عنه بعد اضطرابات شعبية خطيرة وصفت بأنها غير مسبوقة منذ تأسيس الدولة.
فأمرا الاعتقال والإفراج جاءا كما هو متوقع تمامًا، فالنية مبيّتة لإقصاء الرجل نهائيًا من الحياة السياسية الباكستانية بعد سعيه التوجه بالبلاد نحو الصين وروسيا بديلًا عن التوجهات التقليدية نحو الولايات المتحدة التي يدين بها معظم قادة الجيش والطبقة القضائية والسياسية المهيمنة.
ليست تلك هي منطقة الارتطام الوحيدة بين عمران والقيادات العسكرية التقليدية، ولكن هناك تحديًا آخر اعتزم خان تخطيه من خلال الانفتاح الكامل على حركة طالبان في أفغانستان، ويرى أن نسيج الحركة الأفغانية كما نسيج الشعب الأفغاني كله، هو مكمل طبيعي للشعب الباكستاني، محطمًا التوجهات الأمريكية الخاصة بإحكام حالة الحصار غير المعلن المفروض عليها.
ومن أخطر الخطوط الحمر التي تخطاها عمران خان هو سعيه لتنويع مصادر سلاح الجيش الباكستاني بدلًا من اقتصاره على السلاح الأمريكي والغربي، وبالطبع هذا يعد مؤشرًا خطيرًا في دولة تمتلك رؤوسًا نووية حيث يمكنها أن تمثل تحديًا مباشرًا للغرب يصعب ترويضه مثلها مثل كوريا الشمالية وإيران متى تولى أمرها حاكم له توجهات مستقلة.
أسباب داخلية
وإذا كانت تلك هي الدوافع الخارجية للتخلص منه -حتى لو فشلوا هذه المرة فقد يكررونها مستقبلًا- فإن الدوافع الداخلية هي الأكثر أهمية، وهي أنه جاء لمحاربة الفساد وتمكين الشباب والطبقات الفقيرة من السلطة بعيدًا عن العائلات الأرستوقراطية التي اعتادت على توارثها تقليديًا، يساعده في ذلك انتماؤه إلى قبائل الباشتون وهي القبائل الأكثر عددًا في البلاد.
كما أن الفساد يتفشى في باكستان على نطاق واسع، ويمتد ليشمل القطاعات كافة من الحكومة إلى القضاء والشرطة والخدمات الصحية والتعليم، لدرجة أنها تذيلت مؤشرات الشفافية في العالم كافة جعلت بعض مؤسسات المراقبة الدولية تعتقد أنه في المدة من 2008 إلى 2013 أهدر الفساد ما تصل قيمته إلى 100 مليار دولار وهو الرقم الأعلى في تاريخ البلاد.
ولقد تسببت تلك التوجهات في التفاف قطاعات واسعة من الشعب الباكستاني لاسيما الشباب حول الرجل، فعدّوه المخلص من تلك الرواسب كلها التي جعلتهم وبلادهم في حالة اقتصادية مزرية رغم امتلاكهم مكونات النجاح كافة من ثروات متنوعة، وقدرات علمية وعسكرية، وثروة بشرية، وموقع جغرافي ممتاز، وغير ذلك، ولعل تلك الشعبية هي ما زادت من الإصرار على ضرورة التخلص من عمران خان نهائيًا.
النية مبيّتة
هذه هي الأسباب الحقيقية وراء اعتقال الرجل، وليس تلك الأسباب الهزلية التي تتحدث عن قضايا فساد وبيعه ساعات تلقاها هدايا إبان فترة رئاسته للوزراء بقيمة 600 ألف دولار، وهي الواقعة التي حتى في حال صحتها -وهي غير صحيحة في الأغلب- مبلغ ضئيل لا يمثل حصيلة فساد رئيس مجلس مدينة في باكستان نفسها أو في أي دولة من دول العالم الثالث وليس رئيس وزراء.
تسلسل الأحداث يؤكد سوء النية منذ أن انعقد البرلمان بشكل غير اعتيادي في أبريل/نيسان 2022 ليصوّت على سحب الثقة من حكومته أثناء غياب نواب حزبه الإنصاف “حزب الأغلبية”، وبعد أسبوع واحد من قيام البرلمان ذاته برفض حجب الثقة عنه، بل وتجاهل رئيس البرلمان آنذاك قرار خان بحل البرلمان قبل الانعقاد بساعات.
تلاه حكم مفوضية الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2022 باستبعاده من العمل السياسي لمدة 5 سنوات، ثم محاولة اغتياله في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ومحاولة اعتقاله في مارس/آذار الماضي، ومهاجمة الشرطة لمنزله بالأسلحة النارية لولا تصدي أنصاره لهم.
ثم أخيرًا اعتقاله على يد قوات شبه عسكرية من أمام محكمة ذهب إليها في إحدى تلك القضايا العديدة التي رفعت ضده بقصد استخدامها لتغييبه عن المشهد السياسي.
انتخابات البنجاب
ومن مشاهد التعنت ما أصرت عليه الحكومة برفض إجراء انتخابات للبرلمان المحلي لإقليم البنجاب قبل شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو البرلمان الذي كان يسيطر عليه حزب الإنصاف بزعامة خان، وتم حله في إطار الصدام مع الحكومة المركزية في إسلام أباد في يناير/كانون الثاني الماضي.
حجة الحكومة في التأجيل هي عدم وجود موارد مالية كافية لتنظيم تلك الانتخابات المحلية، وإن كان هدفها الأساس هو تجريد عمران خان من مصادر قوته التشريعية في محل نفوذه الأصلي، مخالفة بذلك قرار المحكمة العليا الذي قضى بتنظيم تلك الانتخابات في المدة من 15 أبريل/نيسان الماضي حتى 15 مايو/أيار الجاري.
ولربما قررت الحكومة الانصياع لقرار المحكمة وإجراء الانتخابات في الإقليم، ولكنها رأت أنه من أجل تنفيذ مخططات إقصاء عناصر حزب خان فلا بد لها أن تعتقل الرجل ما يمكنها من أن تجبره على المساومة وإجراء عملية محاصصة بعدها ستجرى الانتخابات ويفرج عنه، أو أن يرفض الإملاءات فيدفع الشارع لمزيد من التصعيد فيتعذر إجراؤها في الإقليم بسبب الأحداث الأمنية، وفي الحالتين فائدة لخصوم خان حتى لو على حساب الوطن.
يبدو أنهم وجدوا الطريقة المناسبة في مسألة انتخابات برلمان البنجاب، ولذلك تم الإفراج عنه منعًا لمزيد من الاضطرابات خاصة بعد انكشاف مخططاتهم شعبيًا.
المهم أن اعتقال خان لم يكن ليدوم طويلًا، لأن دوامه يعني سقوط باكستان في دوامة فوضى تاريخية، وفي الوقت نفسه مخططات إقصائه لم تتوقف أيضًا ولكنهم فقط يبحثون عن الطريقة الآمنة.
هذه عظة بالغة، فعمران خان احتمى بالشعب، والشعب يتدخل كل مرة لحمايته.
…………………………………………………………………
ليتها معركة حول هوية كليوباترا فقط
سيد أمين
29/5/2023
ما إن أعلنت منصة نتفليكس الرقمية اعتزامها عرض سلسلة أفلام وثائقية عن كليوباترا في 10 مايو/ أيار الجاري، وظهرت بطلة العمل بدور سيدة سمراء حتى هاج وماج البعض ووجدوها فرصة مواتية لخوض غمار معركة ضارية حول حقيقة لون بشرة كليوباترا.
وتصاعدت الأحداث فوجدنا قنوات إعلامية تتحدث بالساعات عن المؤامرة التي تهدف لتشويه تاريخ مصر، حتى وصل الأمر إلى بيانات من المجلس الأعلى للآثار ومجلس الوزراء الذي ترك كل انشغالاته والهموم التي يرزح تحت نيرها البلاد والعباد ليصدر بيانا يخلص فيه إلى أن كليوباترا كانت شقراء، ووصل الأمر إلى مدى بعيد في حد اللامعقول فصارت بشرتها مثار حديث فيما يسمى “الحوار الوطني”!!
ولاستكمال مشاهد العبث الوطني فوجئنا بأنباء رسمية عن نية “مصر” متمثلة في القناة الوثائقية المملوكة للشركة المتحدة، إنتاج فيلم وثائقي ردا على فيلم نتفليكس!!
كما ردد الكثيرون من مرتادي الخوض في عباب الوطنية الزائفة -دون اكتراث بوقوعهم في عار العنصرية- أن ظهور هذه الملكة العظيمة ببشرة سمراء لهو انتقاص منها ومن مصر.
وخانت هؤلاء القوم حصيلتهم الثقافية في معرفتهم أن كليوباترا لم تكن مصرية ولا تعبر عن مصر، إن لم تكن هي بأصلها البطلمي مجرد محطة من محطات الانكسار في تاريخ هذا البلد الذي تم استعماره من عدة قوى خارجية في معظم تاريخه المعروف.
وتجاهلوا أنها من هؤلاء الغزاة الذين تعالوا على المصريين وساموهم سوء العذاب دون أن يقدموا لهم المساواة والعدالة ولا أي طرح فكري سوى الاستعباد التام، وأن نهايتها لم تكن على يد مصري ولكن كانت على يد غاز روماني آخر أجبرها على الانتحار في إطار الصراع بين المستعمرين.
وخانهم وعيهم “الجيوبولتيكي” في أن غالبية سكان مصر هم من ذوي البشرة السمراء إما لأنهم أفارقة وإما لأنهم عرب، وأن “سمرة الوجه” لا تنتقص من قيمتهم ولا من سموهم، فهم أصلا ينتمون لقارتهم السمراء.
وجاهة المعركة
يحاول البعض إكساب المعركة “الوهمية “بعدا ثقافيا ونضاليا فيقولون إنهم يتصدون لمؤامرة كبيرة يتعرض لها تاريخنا من قبل حركة تسمى “المركزية الأفريقية” أو “الأفروسنتريك”، وأنها تسعى لسرقة تاريخنا.
مع أن كل ما قرأته عن تلك الحركة وما هو متوافر عنها أنها تسعى للتصدي لتهميش دور أفريقيا الحضاري في العالم، ونفي الاعتقاد الاستعماري السائد في العالم بكونها تمثل عبئا على الحضارة الإنسانية.
ومع اعتقادي أنها كيان هلامي، أو أنها كيان هش قائم فعليا تحرك بعض مؤسسيه أهداف إنسانية وثقافية، وأنها لو ادعت أن بشرتها سمراء أو بيضاء أو حتى خضراء فإن ذلك لا يمثل أبدا مؤامرة على تاريخنا المصري إطلاقا؛ وذلك لأن مصر هي فعلا دولة أفريقية، ومواطنوها أفارقة.
ومن يعش في هذه القارة طويلا أيما كانت بشرته قبل القدوم إليها فسيتحول لونه إلى السمرة بسبب طبيعة المناخ.
صراع هوية
كل ما أخشاه أن يكون فتح موضوع “لون بشرة كليوباترا” وما كسبه من زخم إعلامي هائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليس مقصودا بذاته ولا بقصد الدفاع عن مصر ولا حتى كليوباترا، ولكنه حلقة من سلسة محاولات خبيثة لإثارة جدال خطير في المجتمع حول هوية مصر المستقرة عربيا منذ الفتح العربي، يليه الانتقال إلى حلقة الصراع حول فرعونية وعروبة مصر، وهل جاء العرب إلى مصر فاتحين أم غزاة؟
للأسف ذلك هو الاحتمال الأكثر ترجيحًا في نظري، فالحرب على الهوية العربية والإسلامية في أوجها، وها هي اللغة العربية تنحسر بشكل واضح في يافطات الشوارع وإعلانات التلفاز، والنوادي والبنوك وحتى في ألسنة الناس، وبينما تنقص أعداد المدارس والجامعات العربية بشكل ملحوظ، ويتم تقزيم الأزهر وتحجيمه وتصعيب مناهجه، تتضاعف في البلاد مدارس اللغات بكل أنواعها، ويدرس الطلاب المصريون وحتى تلاميذ رياض الأطفال المناهج بالإنجليزية، وينحصر تدريس اللغة العربية في مادتها فقط، في حين وُضعت مناهجها بشكل ينفر الطلاب من تعلمها.
ورغم أنني لست ضد تدريس “الهيروغليفية” كنشاط ثقافي فإن اقرارها لتلاميذ التعليم الأساسي في هذه الأجواء التي تعاني منها اللغة العربية بشدة، يلقي ظلالا من الريبة على القرار، خصوصا أن منصة عالمية شهيرة كويكبيديا قامت باعتماد ما سمّته “اللغة المصرية” لغة تدوين عليها، وهي تتضمن مصطلحات وألفاظًا باللهجة الدارجة المصرية، مما يمكن أخذه قرينة على أن هناك ما يتم التخطيط له خارجيا حول هوية هذا البلد.
واقعتان
والواقع يقول إن ضجة كليوباترا تتشابه إلى حد بعيد بالضوضاء التي واجهوا بها مسلسل السلطان “سليم الأول” الذي تستعد تركيا لإنتاجه، وذلك بإنتاجهم فيلم “ممالك النار” الذي يشيطن السلطان العثماني ويضفي الاحترام على نظيره المملوكي طومان باي، وسوقوا الصراع بينهما على أنه معركة استقلال، مع أن السلطانين المتقاتلين المملوكي والعثماني هما في الأصل تركيان.
كما أن محاولات نفي عروبة مصر أو “فرعنتها” ليست بجديدة، فهي مستمرة منذ قرون، وكانت آخر محطاتها الحديثة عندما قفز الرئيس السادات إليها لتبرير تجاهله للرفض العربي لاتفاقات كامب ديفد المخزية.
لكن الفكرة انهارت لأن السادات لم يستطع الترويج لها بشكل جيد، إذ كان للنخب السياسية آنذاك شيء من القدرة والوعي لتمزيق ذلك المشروع الخطير.
وأظن أن هناك من ينبش لأن يتم نزع توصيف “العربية” من المسمى الرسمي لـ” جمهورية مصر العربية”
الألاعيب التي تمارس لنفي عروبة مصر كثيرة ولا تتوقف، وإذا أغمضنا أعيننا فلا يُستبعَد أن نكون أمام أندلس جديدة.
……………………………………………………
الميتافيرس.. هل أدركه العرب؟
سيد أمين
25/6/2023
الميتافيرس، والتي تعني “العالم الخيالي أو العالم ما وراء التقليدي “كلمة قد لا تكون متداولة أو معروفة في العديد من بقاع العالم لا سيما في مجتمعاتنا العربية، إلا أن المجتمعات العلمية الغربية تكثف جل اهتمامها للبحث في هذا النوع من العلوم المتقدمة الخارقة للطبيعة، والتي تشير كل التقديرات العلمية أنها ستكون حقيقة يعيشها الناس خلال العقود القليلة القادمة، مخلفة وراءها كل تقنيات عالمنا الأن في مجال التواصل والاتصالات مكدسة في سلال المهملات.
ولعلنا لا نعرف من “الميتا” سوى أنها جزء من “ميتا فلات فورمز” وهي الاسم الجديد للشركة المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة “فيس بوك” و”واتس آب” و”إنستغرام”، مع أنه في حال نجاح التجارب على هذا العلم فستكون تلك الشركة واحدة من أكبر ضحاياها، لأن نجاح هذا العلم سيعني إلغاء كافة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المعروفة حاليا، وبالطبع تغيير آليات عمل كافة وسائل الاتصال، وإحداث طفرة علمية فيها لا تختلف كثيرا عن أطروحات أفلام الخيال العلمي.
توقعات العلماء تشير إلى أن الإنسان العادي في العقود القادمة قد يبدأ يومه بارتداء النظارات الافتراضية التي لن تمكث طويلا لتتحول لمجرد عدسات وسماعات قد لا يمكن مشاهدتها دون تركيز فيها، يتواصل بها مع الآخرين بمجرد تحريك عينيه أو أصابعه، ويصدر أوامره لتشغيل الآلات ويقود بها عملية الإنتاج والزراعة والصناعة عبر نسق متكامل من الإعجاز العلمي.
وبالطبع سيتبع ذلك تغيرا جذريا في أنماط معيشة الناس واهتماماتهم وسلوكياتهم، ومنها بالتأكيد إدارة استراتيجيات الحرب والسلام، والسيطرة على الجموع، والتحكم في وعي الناس واعتقاداتهم ومعتقداتهم، وهو الأمر الذي يزيد من عوامل التحفيز الواجبة علينا كعرب أو كمسلمين لخوض غمار هذا العلم مبكرا.
والشيء المعيب حقا أننا هنا لا نجد كتبا تتحدث عن هذا العلم باللغة العربية، وإن وجدناها فإن القارئ سيبذل الكثير من الجهد لفهم المصطلحات والترجمات الخاصة بهذا العلم، ما يتوجب معه سرعة قيام مجامع اللغة العربية باستحداث الألفاظ وتعريب تلك المصطلحات، مع قيام وكالات الترجمة بالتركيز قليلا على هذا العلم، حتى لا ننهض ذات عام من غفوتنا ونجد أنفسنا خارج حسابات الكوكب علميا.
الاستشعار المبكر
في أزمة كورونا التي هاجمت العالم السنوات الماضية وما زالت، بنى الكثيرون اعتقاهم بأنها نتاج مؤامرة بيولوجية سرية تشنها بعض القوى العظمى في العالم في إطار تنفيذ خطة “المليار الذهبي” أو تخفيض عدد سكان العالم لأقل من الربع، ودللوا على ذلك بالعديد من الأفلام السينمائية الغربية القديمة التي كانت تحدث عن تصنيع هذا الوباء لدرجة أن بعضها ذكره بالاسم.
وبنفس الحالة، وجدنا العديد من الأعمال السينمائية الغربية القديمة تتنبأ بالاستخدامات المرعبة المحتملة للميتافيرس، ثم وجدنا بعد ذلك علماء الميتافيرس يتحدثون عن تقنيات مشابهة لما ورد في تلك الأعمال الفنية، ولعل من المثير أن نجد اسم شركة “ميتا” يتكرر في الحدثين، بعد أن سبق أن نسبت إلى مالكها تصريحات قديمة تحدثت عن تصنيع الكورونا، ثم عاد ليتبرأ من نسبة التصريحات إليه ويقول إنها “مفبركة”.
من تلك الأفلام مثلا فيلم ” Ready Player one لاعب جاهز واحد” ويتحدث عن هيمنة إحدى الشركات الاقتصادية على العالم باستخدام هذه التقنية عام 2045، وفيلم” Minority Report تقرير الأقلية” وتدور أحداثه في عام 2054 ويتحدث عن استخدام الميتافيرس في قتل المجرمين والإرهابيين- وبالطبع معروف من المقصود بالإرهابيين.
وفيلم “Avatar أفاتار” يتحدث عن استخدامه لتغيير معتقدات الناس وسلوكياتهم، وفي “Iron man الرجل الحديدي” يتحدث عن قيام رجل باستخدام سلاح فتاك لا يمكن مضاهاته لقتل الملايين، وفي “Wreck it Ralph حطمه رالف” يتحدث عن عملية التدمير الجماعي ودفع الناس لاتباع السلوكيات المنحرفة، أما فيلم “الرعب horror” فنجده يتحدث عن استخدام الميتافيرس للتأثير في عواطف البنات الجنسية.
وهناك أفلام كثيرة تسير في نفس المنوال مثل ” Herهير ” و” Smart house المنزل الذكي” و Tron و ” The Matrix المصفوفة (ماتريكس) ” و” Strange days أيام غريبة ” وعشرات غيرها تتحدث فيما يشبه اللامعقول، لكن عودتنا التجارب السابقة أن كل ما اعتقدنا أنه غير معقول؛ حدث!
هل فات الوقت؟
لم يفت بعد، فمن سار على الدرب وصل، لكن ينبغي على الأنظمة العربية أن تبقى على يقين بأن الاستثمار الحقيقي ليس بإنشاء المدن والأبراج والكباري والأنفاق دون حاجة إليها، ولكن فقط بالإنفاق على العلم والعلماء بكافة فروعه.
وليعرفوا أن العلماء هم أصحاب الفضل على البشرية، فمنهم من غيّر حياتنا باختراع الكهرباء وعديد استخداماتها، ومنهم من عالج الأوبئة المستعصية، ومنهم من صعد للقمر، أو هبط لجوف الأرض، ومنهم أيضا من صنع القنبلة الذرية فاستطاع أن يفعل بها ما تعجز أن تفعله جيوش بها ملايين الجنود، وملايين الأطنان من المتفجرات وقت الحرب، وأن يوفر بها لدولته الأمان العسكري اللازم وقت السلم.
تحيا الأمم مستقلة فقط حينما يُحترم العلماء وتتوفر الإرادة.
……………………………………………………………….
الإسلام والهولوكوست ..ازدراء وتقديس!
30/6/2023|آخر تحديث: 30/6/202303:30 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
بينما كان نحو رُبع عدد سكان الكوكب من المسلمين يحتفلون بأعظم أعيادهم؛ عيد الأضحى المبارك، كان هناك متطرفون في السويد قد حصلوا على التراخيص اللازمة لإحراق الكتاب المقدَّس لأتباع هذا الدين الذي يحتل عدد أنصاره المركز الثاني بعد الديانة المسيحية في العالم بفارق ضئيل، قطعا حدثت وستحدث إدانات واستنكارات هنا أو هناك، لكنها خجولة تأتي ذرّا للرماد، دون إجراء حقيقي يحول دون تكرار هذا الجُرم الذي أصبح ارتكابه روتينيا فعلا في دول بعينها، وذلك لأن من أمن العقاب أساء الأدب.
الإساءة إلى الإسلام لا تنقطع أبدا، فمنذ أيام قليلة دهم مستوطنون إسرائيليون بلدات فلسطينية محتلة، ودنسوا المساجد ومزقوا المصاحف وداسوا بقاياها بالأقدام، وخرجوا في أمان بعد أن قتلوا الأبرياء وعاثوا فيها فسادا، ولِمَ لا؟! وقد اعتادت قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية نفسها اقتحام أهم ثالث مسجد مقدَّس للمسلمين وتدنيسه بأحذيتهم وإلقاء قنابل الغاز على المصلين فيه، وكثيرا ما حرقت خلالها المصاحف، ولم يحدث أي شيء على الإطلاق سوى دعوات غربية تساوي في مجملها بين الضحية والجلاد، وتدعو إلى عدم التصعيد ووقف “الاشتباكات”.
وفي الهند، تنقل لنا الكاميرات بوتيرة شبه يومية أعمالا بربرية يتعرض لها المسلمون هناك، فتاة يجبرها المتطرفون الهندوس على خلع حجابها، وأخرى تتلقى ضربات قاتلة وسط حشد من الناس، وشاب يُجبَر على السجود لبقرة، وأخر يُجبَر على ترديد شعارات تُمجد الهندوسية وتحط من شأن الإسلام، وبالتأكيد هي ليست سلوكيات فردية، فقيادي كبير من الحزب الحاكم في الهند سخر من الإسلام ومن رسوله الكريم (ﷺ)، ولم يحدث شيء سوى إقالته من منصبه بعض ضغط هائل من العالم الإسلامي.
ولدينا قناعة تامة بأن الموظف الكبير المارق ذلك سيعود إلى منصبه، إن لم يكن قد عاد بالفعل، وربما إلى منصب أعلى، وذلك لأن ازدراء الإسلام هو فعل ممنهج في دولة تهدم المساجد حتى لو كانت مساجد تاريخية كمسجد “شاهي” في مدينة الله آباد، الذي سبقه قبل 33 عاما، وتحديدا في 6 ديسمبر/كانون الأول 1992، قيام آلاف الهندوس من أتباع حزب بهاراتيا جاناتا (الحاكم حاليًّا) بمهاجمة مسجد بابري التاريخي وهدمه دون عقاب، واكتملت المؤامرة بإصدار محكمة هندية عام 2019 حكما بتسليمه إلى الهندوس لبناء معبد عليه.
وتتكرر المأساة في الصين التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور عن أعمال هدم لمساجد فيها، والمدهش أن المسلمين في الهند والصين هم أقليات كبيرة تُقدَّر أعدادها بعشرات الملايين.
المعايير المعوجة
ونذكر أنه حينما دمرت حركة طالبان عام 2001 تمثالين لبوذا في “باميان” بأفغانستان قامت الدنيا ولم تقعد، وخرجت حكومات الشرق والغرب والمنظمات الدولية المهتمة ومجلس الأمن والأمم المتحدة، تندد بما تسمّيه الإرهاب الذي ألصقته زورا بالإسلام، رغم أن معظم المنظمات والحكومات في العالم الإسلامي شاركت دول العالم في التنديد بهذه الجريمة، وانتهى الأمر بتدمير أفغانستان عبر تحالف عسكري أمريكي غربي مريع، ومع أن ما فعلته طالبان حينئذ يُعَد أمرا شائنا، ولا يعبّر عن دين يؤمن تماما بحق الآخرين في الاعتقاد، فإننا لم نسمع أي أدانات شديدة اللهجة وواحد من أعظم مقدساتنا يُدنَّس في القدس الشريف، ومساجدنا التاريخية تُهدم في آسيا وإفريقيا.
تلك الاستهانة بالمقدسات الإسلامية والمسلمين فتح شهية العديد من دول العالم لمواصلة التمييز الديني ضد الإسلام، فقامت إثيوبيا التي يُمثل المسلمون فيها -وفقا لتقديرات رسمية قديمة- نحو 35% من تعداد سكانها، وفي تقديرات أخرى يتجاوزون نحو 65%، بهدم العديد من المساجد، حسب ما ذكره ناشطون إثيوبيون، وكذلك فعلت جمهورية إفريقيا الوسطى.
ولِمَ لا تنفتح شهية القمع وهم يرون أن رئيس فرنسا يدافع بدون حياء عن الرسوم المسيئة إلى الرسول ﷺ، وأن هناك أيادي مسلمة تمتد إليه بالدعم، وأن المقاطعة الشعبية للبضائع الفرنسية لم تُجدِ نفعا بتواطؤ الأنظمة الحاكمة مع من يدعم ازدراء دينهم ومقدساتهم؟!
واضح تماما أن حكومات العالم الإسلامي اعتادت الوقوف عاجزة لا تحرك ساكنا مهما أصدرت من بيانات احتجاج أو اعتراض، وذلك لأنها افتقدت أسلحة الردع الواجب عليها اقتناؤها، وانحسر دورها في تلجيم غضب شعوبها، بل إن الهوان وصل بها إلى درجة أن معظمها لا تستطيع أن تطبّق قوانينها العقابية إلا على غالبيتها المسلمة، فتجور على المقدَّس المسلم لتجنب المساس بأي مقدَّس ديني لأي أقلية دينية أخرى داخلها.
قانون رادع
وجب على المجتمع الدولي والغربي تحديدا، إن كان صادقا في احترامه حرية الاعتقاد، أن يصدر قوانين رادعة تختص بتجريم الإساءة إلى الإسلام ومقدساته، وعليهم أن يعرفوا أنهم إذا كانوا يعاقبون الناس بسبب إنكارهم “الهولوكوست” وما هو بدين ولا عقيدة ولا مُسلَّمة من مُسلَّمات الطبيعة، في حين أنه مجرد حدث يقبل الصحة والتشكيك، فالأَولى أن يطبّقوا العقوبات على “وسائل الإعلام والحكومات والناس العاديين” الذين يزدرون الأديان.
أمّا إن كان صادقا في احترامه حرية التعبير، فيجب عليه حينئذ التوقف الفوري عن دعم الأنظمة الاستبدادية التي تصادر آراء الناس وتمنعهم حقهم في التعبير والتفكير والمشاركة السياسية، ويجب عليه أيضا تأمين جميع وسائل وأنماط حرية التعبير والاحتجاج وعدم إخضاعها لسيطرة تلك الأنظمة، وألا يقف متفرجا بينما يتم اعتقال الناس أو قتلهم لمجرد إبداء رأيهم السياسي، وبالطبع يلزمه حينئذ إسقاط عقوبة إنكار “الهولوكوست”، وهذا بالطبع لن يحدث أبدا.
وأخيرا، فإذا كانت الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي صادقة في دفاعها عن الإسلام، فيجب عليها أن تُعِد لحمايته ما استطاعت من قوة العلم، وقوة الاستقلال، وقوة الردع.
…………………………………………………………………
ألغام جديدة في طريق المصالحة الليبية
سيد أمين
10/7/2023
هناك في ليبيا من يصرّ على أن تبقى العربة دائما قبل الحصان، وتحقيق الاستفادة الشخصية القصوى من الانقسام غير المبرر بين غرب البلاد وشرقها، وبين أبناء الشعب الواحد.
فبينما كان الليبيون يحتفلون بعيد الأضحى المبارك، ويقضون إجازتهم الرسمية ككافة بلاد المسلمين في العالم، كان هناك مجلس نواب من المفترض أن ولايته انتهت منذ نحو سبع سنوات ينعقد بأقل من نصف عدد نوابه ليقرّ تشكيل محكمة جديدة في البلاد هي المحكمة الدستورية، بدلًا من إقرار القوانين المتفق عليها من قبل المجلس السياسي المعروف باسم “أنسميل” لإتمام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الموحدة في البلاد.
يجري ذلك وسط مخاوف كبيرة من أن هذا الإجراء غير المبرر قد يهدم في حال الإصرار عليه المنجزات القليلة التي تحققت بجلوس الأطراف المتصارعة على مائدة الحوار، فيعيد إلى الجميع الكرة من البداية، فضلا عن أنه قد يمسّ الدائرة القضائية بنار الانقسام الذي ضرب أطناب جميع مؤسسات الدولة الليبية، بعد أن ظل القضاء هو الأكثر توحدا واستقلالا بينها؛ وذلك بسبب إصدار المحكمة العليا للبلاد حكما سابقا بإجماع الآراء في مارس/ آذار الماضي بعدم دستورية إنشاء المحكمة الدستورية التي أقر مجلس النواب إنشاءها في مارس/ آذار العام قبل الماضي.
تسلسل الأحداث
ولملء الفراغ كانت المحكمة العليا قد أعادت في أغسطس/ آب العام الماضي تفعيل الدائرة الدستورية، وهي التي تم إغلاقها مع تفجر الصراع عام 2015 من أجل حفظ ثياب القضاء البيضاء من ملوثات الصراع السياسي، وقد نص قرار إعادتها على أن يرفع جميع أعضائها مصلحة البلاد فوق أي اعتبار مناطقي أو قبلي أو سياسي، وأن تكون المرجعية للدستور فقط.
ووجب التذكير بأن مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح يمارس عمله طبقا لسياسة الأمر الواقع بعد تعذر إجراء انتخابات برلمانية جديدة بسبب الصراع الدائر بين مليشيا الجنرال خليفة حفتر التي تسيطر على شرق البلاد وتتخذ من بنغازي عاصمة لها، وقوات الحكومة الشرعية برئاسة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليًّا في طرابلس والمجلس الأعلى الليبي برئاسة خالد المشري الذي اعتبر أن هذا الإجراء باطل وبعث برسائل إلى رئيس مجلس النواب مطالبًا إياه بإقرار القوانين الانتخابية المتفق عليها من قبل المجلس السياسي.
وكان لجنة 6+6 المشكلة من قبل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، التي تجتمع في المملكة المغربية لوضع مشاريع قوانين الانتخابات بإشراف أممي، قد أعلنت في بدايات يونيو/ حزيران الماضي عن مفاجأة طال انتظار الليبيين لها بعد طول مماطلة وانقطاعات، وهي التوافق على قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولم يبق إلا الإعلان الرسمي عن موعد الانتخابات وتصديق رئاسة مجلسي الدولة والنواب عليها.
الخلافات المستقبلية
هناك تكهنات بأن الإجراء الذي اتخذه مجلس النواب الليبي بتسمية أعضاء المحكمة الدستورية يأتي أساسا في إطار تعميق محطات الخلاف مع الحكومة الشرعية في طرابلس، وذلك من أجل المساومة بهذا الإجراء والتنازل عنه على مائدة المفاوضات من أجل تمرير نقاط الخلاف الأهم والأكثر إلحاحا وعلى رأسها الموقف من ترشح العسكريين والمزدوجي الجنسية للمناصب العليا، وكذلك ما يأتي في مرتبة أدنى منها مثل الطريقة التي سيجري خلالها توحيد المؤسسات العسكرية والموقف من المقاتلين الأجانب، وتعيينات وزارة النفط والمالية، والقصاص، ومكافحة الفساد.
وليس خافيا على أحد أن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر وهو المرشح الأول لرئاسة البلاد من قبل البرلمان والكتلة الشرقية هو عسكري سابق، شارك الناتو في الحرب ضد نظام معمر القذافي، وأنه يحمل الجنسية الأمريكية وهي الدولة التي عاش فيها قرابة 20 عاما قبل عودته مع تفجر أعمال 17 من فبراير/ شباط 2011، وبالتالي فإنه المتضرر الأكبر من مسألة إقصاء العسكريين والمزدوجي الجنسية.
وكثيرا ما اتهم “الجيش الوطني الليبي” قوات حفتر بأنها مدعومة من قبل مليشيا “فاغنر” الروسية، مما أحدث ارتباكا في فهم الولاءات التي يدين بها الرجل، فالدور الأمريكي في تنصيبه وتمكينه واستمراره واضح تماما في تراخي واشنطن اتجاهه، ومخاطبتها له بطريقة فيها ندية مع الحكومة المعترف بها دوليا، وعدم التنديد بمحاصرته للعاصمة طرابلس، وغير ذلك. ثم تأتي الدهشة حينما نجده يستعين بمليشيا قيل إنها مدعومة من قبل الحكومة الروسية التي هي في حالة عداء مباشر مع واشنطن!
بعد هذا التخبط في فهم المشهد جاء تمرد قوات “فاغنر” على الجيش الروسي في “أوكرانيا” مؤخرا ليضع لنا النقاط على الحروف ويبسط الخطوط المعوجة، ويقدم لنا احتمالا بأن قائد هذه المليشيا المدعو “بريغوجين” قد يكون عميلا لقوى غربية، وربما لواشنطن نفسها.
تكنهات
ولا يمكننا إغفال بيانات متكررة أصدرتها جهات تنسب نفسها لقبيلة القذاذافة التي ينتمي لها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي تصف فيها حفتر بأنه عميل وخائن وأنه يستهدفهم في سرت ويحاصرهم تحقيقًا لأهداف ثأرية شخصية بسبب موقف القذافي منه، كما لا يمكننا إغفال ما نشرته فضائيات ليبية عن علمها بمخطط سري للتلاعب بتوصيات المجلس السياسي، والعبث بالإحصاءات السكانية ثم بالانتخابات المرتقبة، وأنه سوف يتم استغلال ذلك لإيصال حفتر إلى رئاسة البلاد.
لا نعرف مدى دقة هذه التحذيرات ولا مدى صحة إصدار قبيلة القذاذفة لها، وإن كانت في الواقع احتمالات متوقعة وواردة جدا، خاصة أن ما عهدناه في كل أحداث الربيع العربي كشف أن أسوأ الظنون التي ترددت على ألسنة المرجفين والمتشككين من الناس هي التي تحققت.
عموما الأيام القادمة ستكشف لنا إلى أين يتجه اللاعبون الدوليون بليبيا، إما إلى الاستقرار والنماء والعودة إلى الأيام الخوالي، وإما إلى مزيد من الانهيار والضياع، والأمر متوقف كله على نوعية التوافقات الدولية.
حفظ الله ليبيا وشعبها الطيب.
……………………………………………………………
التحرر من أوهام ثورة يوليو
سيد أمين
23/7/2023
كنت حتى وقت قريب من دراويشها، وناسكًا في محرابها، حتى حلت عليها اللعنة، أو انجلى عني سحرها، فتعرت في ناظري، وتحول لاعبوها إلى مجرد بهلونات في سيركها الذي يديره مخادع ماكر عتيد، تشعر بيده تعبث في كل شيء، وتحرك جميع الخيوط، ولكنك تحتاج إلى بصيرة من حديد حتى تراه، وإلى تجرد من الأوهام المسبقة حتى تؤمن بما سيطرحه عليك عقلك، ولما تسنى لي ذلك؛ وقتها عرفت حجم سذاجة اعتقادي القديم.
نحن لسنا بحاجة إلى مزيد من الأسانيد التي تشكك في “ثورة” يوليو 1952 وهي كثيرة ومتنوعة، لأن قليلا من المنطق وحده كفيل بأن يهدم صرحها العالي المبني على سراب اللامنطق، بدءا من كونها ثورة، وانتهاء بأنها كانت حركة وطنية صرفة، مرورا بالإنجازات وحروب التحرر “الوهمية”.
الثورة والانقلاب
ودعونا نتفق أن الثورة هي عمل موجه ضد السلطة، والسلطة كما هو معلوم يعبر عنها بأدوات القوة كـ”الجيش والشرطة” أو أدوات العدالة كـ”القضاء والمجالس النيابية”، وتفصيلا نقول إنه حينما تطغي أدوات القوة على أدوات العدالة تصبح هناك سلطة استبدادية، ولكن إن خضعت أدوات القوة لأدوات العدالة حين إذن تكون هناك سلطة ديمقراطية، والأهم في كلتا الحالتين أن يكون وصول هؤلاء أو هؤلاء لمناصبهم جاء بناء على قواعد ديمقراطية وليست جبرية.
ولكن حينما نجد أن أدوات القوة في السلطة هي من تقوم بعمل عسكري مباشر- وهذا تماما ما حدث في تلك الثورة المزعومة- أو غير مباشر عبر تحريضها الناس على العصيان- كما حدث في غيرها- هنا يصبح ذلك “انقلابا”، وذلك لأن السلطة هي من تحدث ضدها الثورات وليست هي من تقوم بها أو تدعو لها، وإن فعلت، لكان ذلك انقلابا صريحا، وذلك لأن سلطة رأس الحكم المعني بالإطاحة بها لا قيمة لها ما لم تخضع لها أدوات انفاذها.
حركة وطنية ومهلبية
الحركات الوطنية الحقة التي تجئ معبرة عن إرادة الشعب لابد لها أن تمتاز بالتجرد والعدالة، وأبسط معاني هذا التجرد هو تسليمها السلطة للشعب بعد اقامتها حياة ديمقراطية سليمة، لكن ما حدث في هذه الحركة الوطنية المزعومة هو النقيض تماما، فقد ألغيت الأحزاب والمنظمات، وأممت الصحف وكافة وسائل التعبير، وصودرت الحريات، وتم الاستهانة بأرواح الناس وأعراضهم وأملاكهم، وكذلك أُهدر القضاء ليس عبر تطويعه كما يحدث في الديكتاتوريات التقليدية، بل إنهم وصلوا لمرحلة اعتلى فيها الضباط أنفسهم منصات القضاة، فصاروا الخصم والحكم!
ليست حركة وطنية أبدا تلك التي تزج بسفهاء القوم إلى لشوارع للهتاف ضد الديمقراطية بوصفها كفر، ثم تعتمد نظاما يُورث فيه الضباط الحكم بعضهم البعض دون أن يكون للشعب أي دور غير الجلوس في مقاعد المتفرجين، يستعملونه تارة كخزانة اقتصادية مكتظة يتم الجباية منها، وأحيانا يستخدمونه بوصفه خزانًا بشريًا هائلًا يمكن خداعه بسهوله ثم استدعاؤه في أي لحظة من أجل الانتقام من بعضهم البعض.
ليست حركة وطنية أبدا تلك التي يتفاخر قائموها بأنهم تخلصوا من حكم مستبد توارث الحكم أبًا عن جد؛ في حين أنهم ورّثوها من بعده لأنفسهم ولأسرهم، ومنحوا أنفسهم ما يشبه الحق الإلهي في التحكم في مصائر البلاد والعباد، فما كانت المحصلة إلا استبدال الإقطاع بالإقطاع، وتكاثر المستبد الواحد إلى عشرات الأمثال.
وللأمانة، ديمقراطية الملك هي من منحت هؤلاء الضباط إمكانية الالتحاق بالجيش رغم انتماء أسرهم للمستويات الدنيا من الناس، وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل عن اتساع هامش التوظيف في المناصب السيادية لعامة الشعب، وهو الهامش الذي ضيقه وقصره الضباط الأحرار على أسرهم ومحاسيبهم حينما تمكنوا من الحكم، ما ألقي بمصر في جب التوريث الأسري السحيق.
تساؤلات قاتلة
ما هو المبرر المقبول لسماح بريطانيا لهذا الانقلاب أن ينجح في حين كانت مصر إحدى أهم مستعمراتها التي يعنيها استقرار الحكم فيها بأي ثمن، وكانت بريطانيا هي التي أخمدت عشرات الثورات والانقلابات في كافة مستعمراتها التي لا تغيب عنها الشمس؟
وكيف لها أن تتخلى عن حليفها بتلك البساطة لهؤلاء النفر من صغار العسكر وهم من كان يكفي لاعتقالهم جميعا عربة ترحيلات واحدة؟
ولماذا لم تكرر ما فعلته في واقعة 4 فبراير 1942، وهي الواقعة التي حاصرت خلالها قصر الملك بالدبابات وأجبرته على حل حكومة الأغلبية بعدما تصورت تعاطفها مع القائد الألماني رومل في العلمين، وأجبرته على تشكيل النحاس باشا رئيس حزب الوفد حكومة الأقلية ليؤمن ظهرها في الحرب؟
وكيف سمحت وهي من تسيطر على المجري الملاحي لقناة السويس بعبور قوات الملك شرقا للمشاركة في حرب فلسطين 1948 لولا أنها على ثقة أن بينهم من سيفشلون تلك الحرب ويصنعون النكبة العربية؟
كيف حدث ذلك ما لم يكن الأمر يعبر عنها وعن إرادتها، وذلك نكاية في هذا الملك الذي تستر على تواصل حكومته مع عدو بريطانيا، بخلاف عصيانه الأمر البريطاني بدعم إنشاء دولة إسرائيل وإرساله قوات للحيلولة دون ذلك عام 1948؟
لما الحيرة والمثل يقول العبرة بالنتائج، وكل ما استتبع هذه الثورة على مدار 70 سنة من أحداث رئيسية كالنكسة ثم الحرب منزوعة المكاسب في 1973 ثم كامب ديفيد وما تلاها، هو أن تحولت مصر من عدو إلى ما يشبه الحليف لهذا الكيان؟
وهل جاء تحرر مصر رسميا من الاستعمار البريطاني عام 1956 بسبب مقاومة شعبية أو عسكرية، أم أنها رحلت طواعية عن مستعمراتها القديمة في كافة بقاع الأرض تمهيدا لبدء مرحلة الاستعمار بالوكالة طبقا للقاعدة الثالثة من قواعد ميكافيللي في السيطرة على المستعمرات، وخشية من ثورة تلك المستعمرات الكبرى التي كان سيدعمها الاتحاد السوفيتي والصين؟
الحروف وُضعت على النقاط وبمقدور الناس قراءة الأحداث بشكلها الصحيح وليس كما أُريد لها أن تُقرأ.
………………………………………………………….
التكامل التركي الإفريقي.. الخاسر والرابح!
سيد أمين
3/8/2023|آخر تحديث: 4/8/202312:48 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
ليس خافيا على أحد أن النفوذ التركي المتزايد في قارة إفريقيا صار رافدا دافقا لصب المزيد من الزيت على نار الغضب الغربي المتقدة أصلا نحو تركيا، وذلك لأسباب مباشرة وهي أنها تحل تدريجيا محل الوجود الفرنسي والغربي في هذه القارة السمراء، ولأسباب غير مباشرة تتمثل في وجود العديد من نقاط تضارب المصالح بين الطرفين.
ومن أهم تلك النقاط ما يتمثل في سلوكها مسار عدم الانحياز إزاء الحرب الروسية الأوكرانية رغم أن الغرب توقع منها انحيازا كاملا إلى أوربا نظرا إلى عضويتها البارزة في حلف الناتو.
ومنها كذلك اتباعها ذات السياسة في كافة المسائل الدولية التي بنت عليه سعيها للتوجه شرقًا نحو الصين، وجنوبًا نحو المنطقة العربية، وشمالًا من أجل مد وتدعيم أواصر التعاون والانتماء مع مجموعة الدول التركية، مع وضعها علاقاتها الأوربية والروسية في سلة واحدة من الاهتمام، لكن أخطر ذلك سعيها للحفاظ على علاقات طبيعية مع إيران.
ولعل التقدم الكبير الذي أحرزته إسطنبول في الصناعات عامة، والصناعات العسكرية والدفاعية خاصة، قد عزّز بشكل كبير مكانتها الدولية وصعّد في نفس الوقت المخاوف الغربية خاصة مع وجود ملفات تقليدية أخرى لا تزال عالقة في قبرص واليونان والحدود البحرية، والأهم من هذا وذاك هو سعي تركيا لاستعادة ثقافتها وإرثها الحضاري الفريد والاعتزاز بهويتها العثمانية.
هذا البعث الجديد دفع مجلة دي أس إي (DSI) الفرنسية المتخصصة في الأمن والدفاع إلى مطالبة حكومة بلادها والدول الأوربية وأمريكا بالعمل بأقصى سرعة لتوقيف التغلغل التركي في إفريقيا ولا سيما في دول إقليم الساحل والصحراء الكبرى، معتبرة أنه تغلغل يهدد أوربا كلها وأمريكا والحلف الأطلسي وليس فرنسا فقط التي انهار نفوذها الإمبراطوري في تلك القارة بشكل دراماتيكي في السنوات العشر الأخيرة.
وهو ما أكده أيضا تقرير نشره موقع مجموعة الأزمات الدولية (ICG) العام الماضي، ذكر أن النفوذ التركي في منطقة الساحل والصحراء يتجاوز العلاقات الاقتصادية، وأنه يحل محل النفوذ الفرنسي تدريجيا، كما برهن المراقبون على صحة هذا الطرح بأن مولود جاووش أوغلو كان هو أول وزير خارجية يلتقيه قادة مالي الجدد بعد طرد القوات الفرنسية من أراضيهم.
مميزات الإحلال التركي
ومنذ بدء الألفية الجديدة بدا واضحا جدا التوجه التركي الجاد نحو تلك القارة حيث وصل عدد السفارات والقنصليات التركية فيها إلى قرابة 42، فضلًا عن ورود معلومات عن التخطيط لاستئناف العمل لعقد قمة تركية إفريقية بحضور ما يزيد على 50 دولة، تأجل عقدها العام قبل الماضي بسبب جائحة كورونا.
المهم أن الغرب يتجاهل حقيقة مؤكدة وهي أن النفوذ التركي في إفريقيا لم يأت جراء ميراث تمدد استعماري كما هو الحال الذي ورثته فرنسا أو بريطانيا وغيرها من الدول الأوربية في مستعمراتها القديمة، ولم يأت في إطار علاقات التبعية التي تفرضها الولايات المتحدة عادة على الأطراف الأخرى، ولكن جاء في إطار علاقات إنسانية واقتصادية متبادلة تسعى من خلالها لإحداث نهضة اقتصادية وعلمية وحضارية تعود مردوداتها على الجميع.
كما أن النشاط التركي في هذه البلدان لا يسعى أبدا لحرمانها من امتلاك أدوات الاستقلال بل إن تركيا تزوّدها بالأسلحة المتطورة، فضلا عن أنها لا تعمل على نهب مواردها الخام كما دأبت على فعله الدول الاستعمارية الأوربية منذ قرون، وهي كذلك ليست مهتمّة بالتأثير الثقافي التركي في القارّة خلافًا للدول الغربية.
هذا فضلًا عن أن شعوب تلك البلدان وهي في أغلبها بلدان ذات أغلبية مسلمة تنظر بقلب حنين إلى الدولة العثمانية باعتبار أنها كانت خلافة إسلامية بذلت أقصى جهدها لحماية أسلافهم من الوقوع في براثن الاستعباد الذي اتبعه الاستعمار الغربي حتى لو لم تنجح في ذلك بسبب تمددها على بقعة جغرافية كبيرة في العالم.
حجم التجارة
الأرقام توضح الصورة، فقد نفذت تركيا ما يزيد على 2500 مشروع عملاق في هذه القارة بتكلفة إجمالية تزيد على 70 مليار دولار خلال السنوات العشر الأخيرة في مجالات تنموية ودفاعية متعددة مثل محطات الكهرباء ومصانع الأدوية والأغذية والصناعات التحويلية والعسكرية وغيرها.
أما حجم التجارة الثنائية بينهما فقد وصل العام الماضي إلى 30 مليار دولار، ومن المتوقع وصوله إلى نحو 50 مليار دولار العام القادم، وتضاعفت الاستثمارات في العقدين الأخيرين لتصل إلى 1.6 مليار دولار بعد أن كانت 390 مليون دولارا فقط عام 2001م، وتجاوزت الصادرات التركية إلى القارة 21 مليار دولار في نفس العام مقابل 10 مليارات دولار من الواردات الإفريقية إلى تركيا، وهي البيانات التي تؤكد أن العلاقات التركية الإفريقية قائمة على تبادل المنافع.
بالطبع حجم التبادل التجاري هنا ليس بكثير إذا ما قورن بنظيره الفرنسي صاحب الجذور التي تمتد أكثر من قرنين من الزمان، لكن بلا شك هو لافت بشدة خاصة أنه يأتي بعد أقل من عقدين من التوجه التركي نحو إفريقيا، ونجح خلال هذه المدة في سحب البساط من تحت أقدام دول النفوذ الاستعماري القديم.
من الواضح أن فرنسا من أول المتضررين من الحلفاء الجدد لإفريقيا، ويكفي أن نضرب مثالا بسيطا لذلك بأن في باريس نحو 58 مفاعلا نوويا تزوّد البلاد بغالبية احتياجاتها من الطاقة ومعظم اليورانيوم المطلوب لهذه المفاعلات يُستخرَج من دول إفريقية ولا سيما النيجر التي كانت توفر لفرنسا 20% من احتياجاتها قبل قرار قادة النيجر الجدد بمنع ذلك.
وينبغي أن لا ننسى أن الأفارقة حينما وجهوا ضربات متتالية إلى النفوذ الفرنسي في العقد الأخير لم يكن بسبب التدخل التركي ولا الروسي ولا الصيني، ولكن بسبب إصرار باريس على التعامل مع هذه الدول على أنها مستعمرات لا أقران، وعدم تصديقها أن نظام الحكم بـ”الريموت كنترول” أصبح مكشوفا للجميع.
……………………………………………………………..
بعد اعتقال خان.. الأزمة في باكستان تتفاقم
سيد أمين
26/8/2023|آخر تحديث: 26/8/202304:29 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
ليس هناك أمر غير متوقع في سجن رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان مدة ثلاث سنوات، فسواء جاء الحكم بحجة ضلوعه في قضية تلقيه ساعات رولكس وخاتم وزوج من أساور اليد هدايا من ضيوف أجانب أثناء فترة رئاسته للحكومة التي صدر الحكم بحبسه بسببها، أو قضية جامعة القادر المتهم بضم أراض إليها، أو تحريضه أنصاره على التصدي لقوات الأمن، أو تسريب معلومات سرية إلى الخارج، أو بأي تهمة أخرى، فكل ذلك مجرد شكليات تفضي إلى تحقيق الغاية الرئيسة وهي القضاء عليه سياسيًّا، وربما جسديًّا، مع تفجير حركة إنصاف من الداخل وربما حظرها قبيل إجراء الانتخابات المحلية لإقليم البنجاب التي من المؤكد اكتساح الحركة لها.
والدليل على أن الرجل مستهدف لشخصه وللحركة التي يتزعمها، أنه ما إن زُجّ به في السجن حتى بدأت تلوح في الأفق قضية تسريب معلومات للخارج، وهي قضية غامضة وغير مفهومة إلا أن عقوبتها قد تصل إلى الإعدام، كما أن قيمة المبلغ الذي تدور حوله قضية الهدايا لا تتجاوز 635 ألف دولار، وهو مبلغ ضئيل خاصة إذا مسّ شخصا حصل على ملايين الدولارات من خلال ممارساته للعبة الكريكيت التي صُنّف ضمن أشهر لاعبيها.
واللافت أنه ما إن اصطدم خان بقائد الجيش السابق حتى انهمرت عليه مئات القضايا في محاولة لردم شخصيته بوابل من القاذورات.
تفجير الإنصاف
وقد أتت عملية تفجير حركة الإنصاف من الداخل أكلها في الأشهر الثلاثة الأخيرة، فالضغوط التي مارستها السلطات المدعومة من الجيش على أعضاء الحركة بعد أحداث التاسع من مايو الماضي، اتخذت اشكالا عدة منها اعتقال عدد كبير من نشطائها وصولا إلى قياداتها الذين هم أيضا وزراء سابقون مثل وزراء المالية والإعلام والخارجية وشؤون المرأة والمعلومات وآخرين، واضطر بعضهم إلى الاستقالة من الحركة حتى يتم الإفراج عنهم.
ترافق ذلك مع حملة استقالات غير مبررة كان أهمها تلك المجموعة التي تشكلت لتؤسس حزب “الديمقراطيون” والتي تزعمها وزيران من وزارة خان ضمن 50 شخصية أخرى. وقد نظرت القاعدة الشعبية الكاسحة من الحركة إلى هؤلاء المنشقين بوصفهم مندسين من قبل أجهزة الأمن، في حين كان هناك من هم حِسان النيات فعزوا الانشقاق إلى مفاوضات أمنية لفتح مجال العمل الحزبي والسياسي للحزب الجديد.
ومن الوقائع التي يتردد صداها في الشارع الباكستاني أن قاضي المحكمة العليا في إسلام آباد أوعز إلى رئيس البرلمان السابق القيادي في الحزب بالاستقالة من الحركة مقابل الإفراج عنه حينما قال له علنا “اعقد مؤتمرا صحفيا وانه الأمر”.
أما حول إمكانية حظر حركة الإنصاف أو عدمها فالإجابة أن كل الشواهد تمنع حدوث ذلك؛ وذلك لأنها معبرة عن كتلة كبيرة من الشعب الباكستاني ولا سيما في إقليم البنجاب، وثانيا لعدم وجود ما يؤيد ذلك فكل الاحتشادات المليونية التي حدثت هي في الأصل كانت دفاعا عن الحركة واختياراتها السياسية مثلها مثل أي حزب سياسي، ولم تكن موجهة ضد أي جهة بما فيها الجيش، فضلا عن أن حظر الحركة لا يمكن حدوثه إلا بالرجوع إلى المحكمة العليا وليس بقرار من الحكومة حسبما هدد به المتحدث باسمها، ومع ذلك فليس من المستبعد تكسير الحكومة لجميع الحواجز وحظرها بقرار إداري رغم تداعياته الخطيرة.
ولسرعة جني مكاسب الشروخ في الحركة بعد غياب زعيمها؛ سارع رئيس البلاد إلى حل البرلمان والحكومة وعين أخرى مؤقتة لحين إجراء الانتخابات، وهي ذات المطالب التي كان يطالب بها خان مرارا من قبل ولكنهم نفذوها وهو وحركته غائبان عن المشهد.
حرب الكتلة
والجدير بالذكر أن أحداث التاسع من مايو الماضي التي رفض فيها خان تنفيذ أمر ضبط وإحضار أصدرته إحدى المحاكم، وتحصن بأنصاره الذين منعوا قوات الأمن من اقتحام منزله حتى اضطرت المحكمة إلى إصدار قرار بتأجيل تنفيذ قرار اعتقاله بعد مثوله طواعية أمامها، ركزت الأنظار في الداخل والخارج على الحصانة الشعبية التي تمتع بها، وأنه صار هو وحركته قوة كبيرة تشكل خطرا جسيما على باكستان التقليدية الموالية للغرب، وكان لا بد من تفتيتها.
ومن نوافل القول أيضا أن القوى الاستعمارية الخارجية تتفق عادة مع القوى الانتهازية الاستبدادية الداخلية في كل بلدان العالم العربي والإسلامي وربما العالم أجمع في العداء الصريح للكتلة، فهم لا يحبون الناس إلا فرادى ليسهل كسرهم واستعبادهم، ويرون أن وجود أنصار حقيقيين لأي شخص -وليس ذبابا إليكترونيا- لهو أمر مشين ومؤشر سوء يجب القضاء عليه بأي ثمن.
وفي السياسة هناك أسباب مباشرة وهذه عادة يتم تسويقها للعامة، وأسباب غير مباشرة وهي الأسباب الحقيقية التي يبني من هم خلف الكواليس سياساتهم عليها، والأسباب غير المباشرة للحرب على خان كانت بسبب رفضه إقامة قواعد أمريكية في بلاده وسعيه لتنويع مصادر التسليح لتشمل روسيا والصين وتركيا، ودعمه التقارب مع المحور الروسي الصيني بديلا عن الانضواء تحت عباءة واشنطن، ورفضه التطبيع مع إسرائيل، وانفتاحه على طالبان أفغانستان، وتبنيه برنامجا كبيرا لمكافحة الفساد في البلاد.
ولعل واحدة فقط من هذه السياسات كفيلة وحدها بتمترس الغرب وأتباعه في باكستان ضد الرجل وإزاحته عن السلطة، بل وضمان عدم وصول خلفاء له يتبنون نفس سياساته إلى السلطة مجددا، ولا مانع من العمل بكل الوسائل لتدمير أي حاضنة شعبية لمثل هذا النوع من الرجال، خاصة أن الغرب يعطي باكستان أهمية كبرى في علاقاته مع العالم الإسلامي نظرا إلى كونها صاحبة القنبلة النووية “الإسلامية”، التي إذا خرجت من التبعية الغربية فسيعني ذلك أن الغرب أمام إيران وكوريا شمالية أخرى.
المشهد في باكستان مرشح لمزيد من التدهور..
…………………………………………………………………
أخرجوا الشعوب العربية من هذا الجحيم
سيد أمين
4/9/2023
يا له من جحيم ذلك الذي تعيشه الشعوب العربية، فهم وحدهم القابعون تحت الظلم والقهر والاستبداد، وهم على الأرجح الفارون واللاجئون إلى شتات الأرض، هم القاتل والمقتول، هم الشاكون من الفقر والعوز، هم الغارقون في بحار الأرض طلبا للنجاة، وهن ثكالى الأزواج والآباء والأبناء، هن الزائرات المحتشدات حول السجون والمستشفيات أو داخلها، وهن المغتصبات دون أن يغضب لهن أحد.
كل شيء في العالم يتغير إلا أخبار فواجع العرب، فهي المقرر الثابت في نشرات أخبار العالم رغم أنهم الشعوب التي امتلكت كل مقومات الرفاهية والسعادة، فالأرض تنضح بالثروات والمعادن، والجغرافية تتوسط العالم وتطل على كل منافذه، والتراث عريق يدين له ربع العالم بالعرفان والجميل، والدين يأمر بالعدل والإحسان والشورى، ويعتبر أن قتل النفس البشرية دون ذنب أشدّ حرمة من هدم الكعبة التي هي أعظم مقدساته حجرا حجرا.
طبعا العالم لا يخلو من الحروب والنزاعات بين الدول، أو بين أبناء البلد الواحد انطلاقا من اختلافات دينية أو قومية أو ثقافية أو اقتصادية، لكن من المعجز أن تجد في بلداننا العربية سببا جوهريا يجتمع عليه الناس للتسبب في كل هذه الصراعات الناشبة داخل أقطاره، أو حتى بين كل قطر وآخر، خاصة أنه اجتمعت فيهم جميعا كل عوامل الوحدة المعروفة التي نادرا ما تجتمع في شعوب غيرهم مثل وحدة الجنس واللغة والثقافة والتاريخ والدين والمصير المشترك، والسؤال لماذا إذن كل هذا التشرذم؟
مرض عضال
الإجابة واضحة يدركها أغلب الناس لكنهم للأسف ينقسمون حولها إلى ثلاثة فرق؛ فمنهم من يجهر بها فيتحمل أعاصير الغضب التي ستهب عليه ليصبح إما قتيلا أو سجينا أو لاجئا أو شبه إنسان يعيش في شبه وطن، ومنهم من “يتحوط” خشية قولها فيصبح كشيطان أخرس، ومنهم من يتاجر بها بحثا عن الرضا السامي ومعه قليل من متاع زائل، وهي أن بلادنا ابتُليت عمدا بداء الاستبداد الذي من طول التعايش معه اعتقد الكثيرون من هؤلاء “المتحوطين” أنه من طبائع الأشياء.
انظر حولك في غالبية أقطار العرب الحزينة، فستجد أنه لا دواعي منطقية لتلك الدماء التي تراق والدموع التي تسكب، والسجون التي تحل محل الجنائن والحدائق، يكفي فقط أن يذهب شخص واحد أو بضعة أشخاص ليعيش بعدهم الملايين في سكينة وسلام، لكن للأسف ما يحدث في بلادنا العكس تماما، يرحل الملايين أو يموتون أو يقبعون في دهاليز البؤس والتعاسة والسجون من أجل أن يبقى الشخص الواحد وجوقته.
الأمر بسيط للغاية، في السودان مثلا يكفي أن يتم تنحية قادة الصراع جانبا، وهم بضعة أشخاص، ثم يجلس السودانيون جميعا ليقرروا شكل الحكم بناء على قواعد الديمقراطية فتحل أزمة السودان في يوم واحد، وفي ليبيا ما إن يرحل قادة الانقسام حتى نجد بعدها الليبيين يعودون إلى لحمتهم الطبيعية، والأمر يسري في العراق واليمن والصومال وتونس ومصر وغيرها من بلاد العرب المنكوبة بنظام حكم “الريموت كونترول”.
حكم الأقلية
بثقة تستطيع كتابة عنوان عريض لنظم الحكم في أغلب بلداننا هو حكم الأقلية، وأنها في الغالب هي نتاج تحكمات خارجية، تجعلها تعيش معظم الوقت صداما محتدما مع أغلبيتها في الداخل نظرا للتنافر الكبير بين مصالحهما، فهذا يسدد فاتورة من جاؤوا به إلى السلطة ومن يمكنهم الإطاحة به متى شاؤوا، والآخر يسعى خلف حقه الأدبي المشروع في حكم الأغلبية.
ومن المدهش أن ظاهرة استبداد الأقلية لدينا انتقلت من الاستحواذ على السلطة إلى الاستحواذ على ثقافة المجتمع برمته وحياته الثقافية، حيث تجد أن الإعلام الرسمي وشبه الرسمي في مصر مثلا منحاز دائما للأقلية الفكرية الرافضة للحجاب، وتلك التي تنفر من عروبة البلاد، والكارهة للغة العربية، والناقدة للإسلام، والمهاجمة لطقوس الأغلبية خاصة تلك التي تعزز انتماءها الديني أو الثقافي أو القومي.
والعجيب أنه بدلا من العمل على إقناع الأقلية بحق الاختلاف وحق الأغلبية في تقرير المصير، وأنه ليس اضطهادا أبدا للأقلية أن يؤمن غيرهم بغير ما يؤمنون به من ثقافة وسلوك، وحقهم أن يعتزوا بتراثهم الحضاري والفكري والديني؛ نجد دائما هناك من يدعو الأغلبية إلى أن تغير كل ذلك، وينكر عليها حقها في قيادة المجتمع الذي تعيش فيه وتمثل نواته الصلبة.
في الواقع أن مجتمعاتنا مأزومة ولا سبيل صادقا للخروج مما هي فيه من جحيم إلا عبر قواعد الديمقراطية، تماما كما فعلت الشعوب الغربية؛ فخرجت من عصور الظلام إلى عصور النهضة.
فهل نفعلها ذات يوم؟
………………………………………………………………………………………….
التمصير والتعريب وجهان لوطن واحد
سيد أمين
25/9/2023
من أخطر الطعنات التي يمكن أن تطعن بها أي أمة هي تلك التي تستهدف هويتها أو التي تغذي الصراعات العراقية والمذهبية داخلها، وأخشى أن تطال هذه الطعنات الغادرة مصرنا الحبيبة، نظرا إلى وجود كثير من الشواهد لتحركات يد عابثة في هوية هذا البلد العربي المستقرة منذ أكثر من ألف عام، تتمثل في إهدار اللغة العربية في مدارسها، وتحول الغالبية القصوى منها إلى مدارس تدرس كل المناهج بلغات غير اللغة العربية، وامتد الأمر ليشمل يافطات المحال والشركات، وإرشادات الطرق والمرور، وأسماء المنتجعات والأبراج والأحياء الجديدة وغيرها.
يحدث هذا بشكل تدريجي ومتسارع منذ عدة سنوات وزاد عليه مؤخرا الإهمال الواضح للآثار الإسلامية والعربية، وهدم المقابر والقصور التاريخية في منطقة وسط القاهرة والعديد من بقاع مصر بما تحمله من تراث عربي وإسلامي نادر يشي بالكثير من حقب هذا البلد التي تشكلت فيها هويته الحالية، وبدا الأمر متناسقا حتى وصلنا إلى مرحلة نشاط ذباب إلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي يروج بشكل متناغم لفرعونية مصر مقابل إنكار عروبتها.
يستغل هذا الذباب الإلكتروني حالة الانهيار المعرفي والثقافي التي يعيشها كثير من الشباب لنشر دعوته الواهية، وهي تلك الحالة التي تم تصنيعها على مدى عقود بشكل متعمد لاستخدامها في أوقات الانكسار، من أجل تحقيق ما عجز الكارهون لمصر عن تحقيقه عبر مئات السنين.
سترات الشباب
“أنا مصري. مش عربي” شعار مطبوع على السترات التي يرتديها الشباب، وخطورته في أنه صنع تضاربا بين أن يكون المرء مصريا وأن يكون عربيا في نفس الوقت، وهو تضارب تدحضه ثوابت التاريخ ومعلومات السكان والجغرافيا السياسية.
ورغم أن التيار السائد هو كتابة كل شيء بالإنجليزية -وكأننا إنجليز- في دولة لفظ “العربية” ضمن اسمها الرسمي، نجد أن هذا الشعار المريب مكتوب باللغة العربية بأشكال مبهجة واحترافية بما يعني أنه يستهدف هؤلاء الذين لم يتح لهم تعلم شيء غير العربية، مما يؤكد سوء النية والمقصد.
وما إن تصدر الهاشتاج الخاص بهذا الشعار موقع تويتر بعدد يقل عن ألفي تغريدة فقط حتى راحت وسائل الإعلام العالمية تلقي الضوء عليه بوصفه مطلبا يعبر عن رغبة كثير من المصريين، رغم أن كافة التغريدات التي كتبت تحته كانت تسخر منه أو تهاجمه.
بوتقة صهر
هوية مصر أمر تم حسمه اجتماعيا وثقافيا على مدار عدة قرون، والحديث فيه مجددا مع الأمل في تغييره لهو ضرب من الخيال لا يمكن أن يحدث متى أدرك الناس المؤامرة؛ لأنه يمس معتقداتهم وتراثهم.
مر الكثيرون من هنا الفراعنة والرومان والفرس والإغريق واليونانيون والهكسوس والأحباش والصوماليون والسودانيون، والمماليك والأوزبك والأذريون والأتراك والأكراد والنوبة، واليهود وعبدة الأوثان، واستقر الأمر على مدار سنوات طويلة بأن دانت أغلبية هذا الشعب بالإسلام وتعربت بثقافته.
والحقيقة أن مَثَل مصر كَمَثَل بوتقة صهر؛ لأنها تذيب في قدرها القوميات والأعراق والأجناس، لتخلق لنا هذا المزيج الثقافي والفكري المتدثر برداء العروبة والإسلام، وهو الرداء الذي لا يمنع في ذات الوقت تنوع الاعتقاد والثقافات.
لم يكن هناك إجبار للأقليات على التعرّب بدليل أنه في ظل الحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزي لمصر؛ وجدنا المسيحي يتحدث العربية ويؤدي طقوسه الكنسية بالعربية ويمارس ثقافته الاجتماعية العربية دون أن يجبره أحد على ذلك، وفي المقابل وجدنا مستشرقين غربيين يحاربون الدين السائد لدى شعوبنا في صورة دعوات إلى الشعوبية في حين وجدنا الغرب على تعدد أعراق ولغات كل دولة فيه يؤمن بالدولة الواحدة واللغة السائدة.
الخطر الإقليمي
وتتشابه تلك الحملة التي تحاول إيهام سفهاء القوم بوطنيتها وسعيها لتمصير مصر، مع حملة أخرى قديمة كانت أوسع نطاقا وتأثيرا على امتداد رقعة الوطن العربي، صدقها للأسف قسم كبير من الناس حينئذ، وشكلوا على أساسها أحزابا وحكومات وحركات ومنظمات، ثم نفر منها كثيرون بعد اكتشافهم عدم استيفائها واجبات “الحجية والمنطق”، إنها تلك الحملة التي فصلت بين العروبة والإسلام وحاولت جعلهما خصمين رغم أنهما وجهان لعملة واحدة.
أما خطورة تلك الدعوات الخبيثة الرامية إلى التخلص من عروبة مصر فهي في أنها قد تفتح أبواب الجحيم والخراب والتمزق بين أنسجة المجتمع الواحد ليس في مصر وحدها بل في دول المغرب العربي وشمال إفريقيا وسوريا والعراق ولبنان، فظهر من يقول “أنا آشوري مو عربي” و”أنا سورياني مو عربي” و”أنا كردي مو عربي”، مع أن العربية لم تمح لغاتهم ولكنهم هم طواعية انصرفوا عنها وحدثوا العالم بالعربية بعدما صارت لغة عالمية بسبب انتشار الإسلام وريادته.
وهو ما يؤكد وجود المؤامرة الهادفة إلى انفراط عِقد هذه الدول في صدامات قد تدوم قرونًا، ولن تنتهي إلا بالعودة إلى اللحمة الثقافية السائدة حاليا، التي لا تمنع التعدد الثقافي، وتعتبر أن الثقافة الإسلامية التي تجمع شعوب هذه المنطقة هي هويتها الحضارية، وهي بالقطع ثقافة عربية في مجمل تفاصيلها.
وقديما اتفق السابقون منذ أيام العرب المستعربة على أن العروبة ليست جنسا بل هي لغة، فمن يتحدثها فهو عربي ندّ للعرب العاربة، حتى لو كانت بجوار لغته الأم، وقبول القوميات الأخرى في وطننا العربي قديما لهذا المبدأ يعد برهانا للحكمة والعدالة، ويؤكد أن ما حدث فتح لا استعمار.
أتمنى أن نكون على خطأ في مخاوفنا تلك على ضياع هوية بلادنا العربية، ولكننا في ذات الوقت نحتاج إلى ما يدعم اطمئناننا مع سرعة تصويب الانحراف.
…………………………………………………..
بعدما فضح الطوفان وسائل التواصل.. ما العمل؟
سيد أمين
19/10/2023
وقعت وسائل التواصل الاجتماعي في اختبار مصداقية حقيقي في تعاملها مع انتصارات طوفان الأقصى وما تلاها من ردود عسكرية ودعائية إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
وكانت النتيجة المخيبة لآمال الشعوب أن تلك الوسائل سقطت سقوطا مدويا بعدما انكشف زيف اعتقادات تعايشنا معها طوال سنوات منذ ما يعرف بالربيع العربي بأنها داعمة لحرية التعبير وتؤمن بالمساواة دون تمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق.
ففي الوقت الذي سمحت فيه هذه المنصات للدعاية الإسرائيلية العنصرية بالنفاذ على ما فيها من وحشية وأكاذيب، وفتحت لها خوارزمياتها لتحقق أعلى انتشار ممكن، رأيناها في المقابل تقوم باستخدام ذات الخوارزميات لتقييد وصول منشورات الضحايا إلى الناس، مع نشاط مكثف عانى منه الآلاف في تقييد النشر وحظره وحظر الحسابات وإغلاقها.
رأينا وسائل التواصل تمارس دكتاتورية معاييرها الفضفاضة دون أن تتيح للعميل حق الرد والتصويب، فإذا نشرت صورا أو فيديو لضحايا قصفتهم طائرات إسرائيلية مثلا فإن معظم تلك الوسائل ستقوم بفرض عقوبات قد تصل إلى إغلاق حسابك، في حين أنها تسمح للطرف القاتل بأن ينشر أكاذيبه وتضمن له الانتشار بل وتمنعك حتى من الرد الموضوعي عليه وفضح خداعه ولو بتعليق على حسابه.
عقد إذعان
مسألة إغلاق الحسابات التي زادت بشكل كبير مع تفجر هذه الأزمة تتضمن انتهاكا كبيرا لحقوق الملكية الفكرية، فضلا عن الانتهاك الأساسي لحرية الرأي والتعبير التي تزعم الدول الغربية التي تسيطر على إدارة هذه المواقع بأنها تحميها، فاكتشفنا الحقيقة بأننا نتعامل مع هذه الوسائل بموجب عقد إذعان تام كتب طبقا لمصالح منشئي هذه المواقع وما يتخفى خلفهم من أجهزة استخبارات.
فكثيرون اعتقدوا أن حساباتهم على “الفيس بوك” أو “يوتيوب” أو “لنكد إن” أو “بلوجر” وغيرها آمنة ومستقرة وراح يودع فيها رصيده الفكري والثقافي والاجتماعي، ثم على حين غرة سقط كل هذا الجهد في جب النسيان والضياع، ووجد نفسه عاجزا عن التواصل مع شبكته الاجتماعية التي نسجها وتعايش معها سنوات طوالا باعتبارها مجتمعه الحقيقي.
دور استخباري
حينما نتحدث عن دور استخباري لمواقع التواصل فهذا أمر ثابت وما القضية الشهيرة التي اتهم فيها فيسبوك بجمع معلومات عن 88 مليون مستخدم لصالح حملة ترامب الرئاسية إلا دليل واضح على ذلك، حيث اتهم بأن الحملة رصدت من خلاله مواقف المستخدمين وتوجهاتهم ومناطق كثافتهم وغير ذلك من معلومات، وعملت بناء عليها دعائيا وتقنيا وهو ما مكن ترامب من الفوز، وقد أدين فعلا وغرمته مفوضية التجارة الاتحادية بمبلغ 5 مليارات دولار.
ولأن أمريكا تدرك تماما العوائد الاستخبارية التي يمكن جنيها جراء الحصول على بيانات استخدام موقع تواصل ذائع الصيت يضم مليارات البشر في العالم يشبه فيسبوك؛ راحت تحظر استخدام موقع “تيك توك” في مواقعها الحكومية بزعم تجسسه على مستخدميه.
القرار ليس لسبب سوى أنه تطبيق صيني المنشأ بخلاف كافة مواقع التواصل الاجتماعي العالمية الأخرى التي تنطلق من أراضيها، القرار اتخذته أمريكا وكالعادة المتبعة في المواقف السياسية سارت على دربها بريطانيا وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، في حين حظرته الهند كليًّا بسبب خلافها الحدودي المشتعل مع الصين.
ما العمل؟
إذن، فقدت وسائل التواصل الغربية مميزاتها، فلا هي تدافع عن حرية التعبير، ولا هي آمنة، ولا هي تحترم خصوصياتنا ومعلوماتنا الشخصية، ولا تريد خيرا لمجتمعاتنا، ولا تعاملنا بطريقة تملك قدرا من المساواة مع من نختلف معهم، بعد كل ذلك؛ لماذا نتمسك بها؟
الإجابة لأن هناك الكثير من الخلافات السياسية البينية بين حكومات الأقطار العربية والإسلامية وحتى حكومات العالم الثالث، وبالتالي فإن تلك الخلافات ستنعكس بشكل واضح على استخدامات تلك التطبيقات وعلى مستخدميها.
هذا إضافة إلى أننا أصلا نفتقد البدائل؛ حيث نعدم وسيلة التواصل المناسبة التي تتيح لنا حق الاختلاف مع حكوماتنا ومجتمعاتنا وإدارة صراعاتنا الداخلية، ولأننا لو أنشأنا مواقع تواصل محلية على ذات الغرار فإن السلطات السياسية التي انطلق من أرضها هذا الموقع لن تريدها سياسيا واقتصاديا وفكريا إلا مجرد مسبحة تسبح بحمدها وحمد من ترضى عنهم، وإلا فإن عقوبة إغلاق الحساب في المواقع الغربية ستتحول لدينا إلى تشريد وسجن وربما قتل، فلما المخاطرة؟
لعل تطبيقا أو تطبيقات توخى منشئوها فيها أن تكون أكثر أمنا من كافة المخاطر التي أوردناها تستحق أن تنهض من أجل تدشينها الحكومات الإسلامية وحكومات العالم الثالث عبر هيئة تمثل ممثلين تقنيين وحقوقيين وقانونيين وشعبيين من كافة الدول ويستحق هذا الأمر أن تتجاوز الحكومات خلافاتها البينية وطموحاتها السياسية الذاتية وتلبي نداء وحدة الشعوب وتسمح بحق الانتقاد والاعتراض والتعبير، كما يمكنها نشر تطبيق من هذا النوع والتشجيع على الانضمام إليه عبر الوسائل التي تجيدها في عملها السياسي.
قد يعد ذلك أمرا مثيرا للسخرية أو هينا، وهو في الواقع ليس كذلك فهو أمر جاد جدا وملح للغاية وشاق، ولو حدث أن حقق نجاحا مثل ما حققته وسائل التواصل الغربية بيننا لكان أهم بكثير لشعوبنا من كافة منظماتنا السياسية الدولية كالجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامي والاتحاد الإفريقي والأفروآسيوي وغيرها، لأنه سينقل السلطة والرأي من الحكومات المتنافرة إلى الشعوب المتلاحمة، ومثل هذا الأمر لم يكن يحدث من قبل.
طوفان الأقصى فضح وسائل التواصل الغربية ضمن فضح سترهم، وفي أي صدام حضاري قادم سنجد من تلك الوسائل ما هو أكثر فجاجة وقبحا.
المطلوب فقط صدق النيات.
…………………………………………………..
دروس عملية للمطبعين
سيد أمين
10/11/2023
أيها المطبعون مع هذا الوحش، السائرون عكس أبجديات المنطق والتاريخ والإنسانية، أصحاب البصيرة العمياء، والقلوب الصماء، كيف تجرعتم هذا السم؟ وهل آن الأوان لأن تكفروا عن خطاياكم، وعن الدماء البريئة التي سالت حينما وقفتم بجانب القاتل تزينون له سوء صنعته التي اعتاد عليها؟
هل اقتنعتم هذه المرة أنه كيان عنصري إجرامي، وأنها ليست واحة للديمقراطية وحقوق الإنسان في محيط عربي يغرق حتى الثمالة في الاستبداد حسبما علموكم؟
هل تأكدتم أن هذا المحيط العربي البائس هو أصلًا من صنعت بؤسه، وبنته طوبة طوبة بعدما ردمت أسفله الشعوب العربية جمعاء، لا سيما بعد اكتمال بلائها على فلسطين الحبيبة؟
ومن جهد البلاء أنه وقر في يقين من يضع عينيه على كرسي الحكم منكم أنه لكي يصل إليه لا بد أن يطأطئ رأسه ويسخر لها إمكانيات دولته التي هي ميراث شعبه الكاره لهذا الكيان كقرابين ولاء، وإذا أراد أن يمكث أطول على الكرسي الملعون فعليه أن يقدم القرابين الأثمن والأغلى.
وعلمته التجارب أيضًا أن من يعارضها سيقتل، وينكل به أو يسجن، بل وسيموت متعفنًا في محبسه، أو يحاصر ويشيطن ويحرم من حق الرد، مهما اتسعت شعبيته التي هي الشيء الأكثر هامشية في الأمر، وأن المهم فقط الرضا الإسرائيلي الذي إذا ناله سيخلد على كرسي الحكم، وسيفعل بشعبه ما يشاء وكيفما شاء، وسيجد أبواب عواصم الدنيا تنفتح أمامه بالدعم.
حقائق وأراجيف
هل اقتنعتم الآن أن الفلسطينيين حينما هجّروا للشتات واكتظت بهم مخيمات الأرض وملاجئها لم يبيعوا أرضهم؟ بينما ترون حلقات الإعادة لنكبة عام 1948 نفسها صوتًا وصورة وأنينًا ودموعًا ودماء وحسرات تغرق وسائل الإعلام الاجتماعي وعلى الشاشات كلها.
ألم يستقر في أنفسكم يقينًا بأنه لا حل لإنسان أمام هذا الجحيم إلا الفرار مع أسرته أو مع من تبقى منهم حيًا لينجو بهم من جهنم الأرض لكي لا يصبحون مجرد أرقام في عداد القتلى الذي لا تكترث إنسانية الغرب به، ولا يهمها كثيرًا إن كان يعد بالمئات أو الآلاف أو حتى عشرات الآلاف، حاملًا في ذاكرته وجعًا لا يمحوه الدهر وتفاصيل التآمر الغربي وغدر وخذلان من يفترض فيهم أنهم يقفون في صف الصديق؟
صدقتم أراجيف رواياتهم التي لم يقدموا على صحتها دليلًا حقيقيًا واحدًا، فيما كذبتم روايات الضحايا والمشردين وأسر الشهداء وهم كائنون أمامكم بآلامهم، وأنكرتم التاريخ والتراث المفعم بماضيهم، وأغمضتم أعينكم عن أعمال القتل اليومية التي يتعرضون لها في الضفة الغربية وغزة منذ 75 سنة مضت، وهم أصحاب الدار والمزرعة والتراث والميراث الأصليون.
ولم تشعروا بالخجل حينما بررتم أنتم لأجانب جيء بهم من بقاع الأرض كافة ليغتصبوا حقوق من هم من بني جلدتكم ويشردونهم، في حين أن غربيين كثر مثل جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية يقول صراحة إن المشكلة في الشرق الأوسط أن إسرائيل لا تريد أي وجود للشعب الفلسطيني أساسًا وهذا لا يجلب أبدًا السلام، وإن المشكلة ليست في القضاء على “حماس” من عدمه.
وكنتم كالشيطان الذي ينشط بالإدانة والتنديد والتحريض حينما يقاوم المقاوم، في حين يصيبه العمى والخرس حينما يشتد ظلم الظالم، وما نطقت ألسنتكم للمظلوم ببنت شفة بمثل ما نطقت به بعض ألسنة هؤلاء الأعداء أنفسهم كـ”يائير لابيد” زعيم المعارضة هناك الذي جهر بأن ما تقوم به بلاده في غزة عمل غير أخلاقي، فيما انطلق عشرات الآلاف من اليهود أنفسهم في أمريكا وأوروبا يتظاهرون في الشوارع ويقولون إن ما حدث في غزة لهو عار يلاحق الإنسانية جمعاء وليس إسرائيل فقط.
تغطية الشمس
نحن رأينا الصورة كاملة منذ البداية ليس لقوة نظر لدينا، ولكن لأن الصورة كانت واضحة تمامًا ولا مجال للغموض فيها، وكنا نتعجب من أولئك الذين يرون غير ذلك، لأننا ببساطة أمام حقيقتين ساطعتين، حقيقة استيلاء ظالم مدعوم من ظالمين كبار في هذا العالم في وضح النهار على بلد كاملة صغيرة مسالمة ليست له، فقتل من شعبها من قتل وشرد منهم من شرد، وظل يُهجِّر المهَجّر ويطارد المطرود بلا توقف حتى لو من 15% تبقت من مساحة أرضه.
وحقيقة أخرى وهي وجود شعب مظلوم، مهَجَّر ومطرود من بلاده، ضاقت عليه أرض الله الواسعة حينما أصبح فجأة بلا وطن، وترك نهبًا لآلة قتل وحشية لا تهمد، وماكينة دعاية سوداء عملاقة تقوم بشيطنته مع أنه هو المجني عليه وليس الجاني، وأنه من حقه أن يقاوم دفاعًا عن 100% من مساحة أرضه المسلوبة، بل ومن الواجب الأخلاقي على العالم الحر أن يمد له يد العون لتحقيق ذلك.
ها هي الصورة إن كنتم لم تروها من قبل، فهل ستعودون عن مسار التطبيع، أم أنكم أدمنتم الاستسلام بالصورة الدبلوماسية كافة؟
…………………………………………………..
مكاسب المقاومة العربية من الطوفان والعدوان
سيد أمين
13/11/2023
برغم كل هذا الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية في غزة الباسلة، وشلالات الدم التي أريقت، وتَكَشًّف الصورة الفجة للدعم الغربي الأعمى واللإنساني للمحتل الباغي، فإن هناك مكسبا جوهريا قد تحقق في موقعة طوفان الأقصى وما تلاها من أحداث، وهو أن الحاضنة الشعبية لطرفي المقاومة الإسلامية بفرعيها “السني” وفي القلب منه حماس والجهاد الإسلامي و”الشيعي” وتضم حزب الله وأنصار الله قد عاودا الالتحام مجددا، بعد الخراب العميق الذي سببته “عثرة” الثورة السورية في العلاقات بينهما، مما انعكس إيجابا على الجبهات العسكرية المقاومة وأعطاها دفعة معنوية كبيرة.
بالقطع كان هناك تنسيق بين الجبهات فيما مضى نظرا لحاجة كل منهما إلى الأخرى، لكن عدم الانسجام وأحيانا الصدام بين الحاضنتين الشعبيتين لكل منهما قلل بالتأكيد من كفاءة التنسيق وأضعف من قيمة النجاحات وعمليات الردع، أما الآن وقد عادت الأمور إلى وضعها الطبيعي القديم ولا سيما بعد الكلمة التي ألقاها زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله وخاطب فيها ود الإخوان المسلمين وتيارات المقاومة الإسلامية السنية، فإن عود المقاومة صار أكثر صلابة وقدرة على الإنجاز والانتصار.
الإنجازات الكبرى
ويتبدى هذا الالتحام جليا عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي استثنى روادها منذ اليوم الأول لموقعة الطوفان جميع الحكومات العربية وجيوشها، وتوجهت بصائرهم نحو حزب الله عاقدين عليه الآمال أن يلتحم في المعركة، ولم يكذب الحزب الخبر فبادر باتخاذ مواقف عملية ذات طابع عسكري داعم لشقيقته حركة المقاومة الاسلامية حماس، ثم جاءت على الفور مع بدء المعركة البرية على غزة مساهمات من حركة أنصار الله الحوثية في اليمن في صورة صواريخ بالستية حتى وإن كانت لم تحقق أهدافها بحسب المزاعم الإعلامية العبرية، لكن ما فشل اليوم قد ينجح المرة القادمة.
هذه واحدة من الإنجازات الكبرى لطوفان الأقصى أفشلت ما عمل عليه المناهضون لحقوق الشعوب العربية في الحرية والاستقلال طوال أكثر من عقد مضى، وخاصة عقب ما يعرف بالربيع العربي الذي كان يسعى في الأساس لتحرير الشعوب العربية من الاستبداد والتبعية، لكن حولته المؤامرات الغربية إلى أداة تناحر على كافة الأصعدة المذهبية والدينية والعرقية وحتى الطبقية.
الوعي بالقضية
كما نجح الطوفان وما تلاه من وحشية العدوان في إعادة وضع القضية الفلسطينية على الأجندة السياسية في العالم بعد أن أوشك الصمت العربي على إهالة التراب عليها، نجح أيضا نجاحا أكثر أهمية وفائدة في إحداث عملية توعية كبيرة بالقضية الفلسطينية لدى الأجيال الجديدة من الشباب في المجتمعات الغربية فضلا عن إعادة التوعية بها لدى المجتمعات العربية والإسلامية.
ولك أن تتخيل أن منظمة “جالوب” رصدت في مارس/آذار الماضي تحولا كبيرا في الرأي العام حول القضية الفلسطينية لدى أنصار الحزب الديمقراطي الأمريكي أظهر تعاطف 49% من العينة مع الفلسطينيين مقابل 31% مع إسرائيل، وإذا كان الأمر كذلك قبل الطوفان وما تلاه من عدوان فستكون بلا شك نسبة التعاطف مع غزة أكبر كثيرا بدليل وجود استطلاع أجرته منظمة “يوجوف” في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي أشار إلى أن 48% من الأمريكيين تعاطفوا مع إسرائيل منهم 62% من كبار السنّ، ثم انخفض الرقم بعد أسبوع واحد حسب استطلاع أجرته منظمة “داتا فور بروغرس” الأمريكية أظهر أن 66% من المستطلعة آراؤهم هم من مؤيدي فلسطين، ومع استمرار العدوان تزداد نسبة التعاطف كل يوم ويرافقها وعي أكبر بالقضية.
ولعل من أبرز الدلائل على هذا الوعي أن أكبر المظاهرات الرافضة للعدوان على غزة انطلقت في المدن الغربية، إذ رأينا مظاهرات تضم عشرات وأحيانا مئات الآلاف تنطلق في أمريكا ولندن وفرنسا ودول أوروبا وهو أمر ما كان متخيلا أبدا منذ عقدين، محطمة الحظر الذي فرضته السلطات في كثير من تلك البلدان على مثل هذه النشاطات.
ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومات العربية الدائرة في مدار التطبيع لتهميش الوعي بالقضية الفلسطينية لدى الأجيال الجديدة من الشباب عبر التعليم ووسائل الإعلام التقليدية، فإن الأحداث وما رافقها من نهضة إعلامية أعادت تصحيح التوعية لدى تلك الأجيال، وقدمت لهم درسا عمليا على الإجرام الصهيوني.
ويعود الفضل في هذا التطور إلى انتصار وسائل التواصل الاجتماعي على “الجيتو” المحكم الذي تفرضه عادة وسائل الإعلام التقليدية الغربية ضد حقائق القضية الفلسطينية، ورغم تحيز تلك الوسائل كذلك لصالح إسرائيل فإن الحد الأدنى من المعلومات الذي سمحت به إداراتها أو قل فشلت في منع وصوله إلى الجماهير بسبب كثافته كان كفيلا وحده بإحداث هذا الإنجاز.
وكان لكثرة الوسائط والأخبار المتدفقة التي يقوم بها مئات الآلاف من النشطاء ورواد تلك المواقع حول حقائق ما يجري في غزة، الفضل في إرباك وربما إجبار بعضها على تخفيف قيودها خشية فقدانها مستخدميها، وأجبرت معهم أيضا وسائل الإعلام التقليدية على فتح مساحة ضيقة لم تكن متاحة من قبل لأنصار القضية الفلسطينية.
أدوار الجيوش
أما ثالث الإنجازات الكبرى للملحمة الغزيّة فهو أنها قدمت السيناريو الصحيح والمنطقي لاستخدامات الجيوش، وأعادتها إلى نصابها الحقيقي في محاربة العدو الخارجي وليس محاربة شعوبها كما تفعل معظم الجيوش العربية، خاصة بعدما شاهدنا استبسال عدة آلاف من المقاتلين بأسلحة شبه بدائية وانعدام تام في الدعم اللوجيستي مقارنة بما يملكه العدو من تقنيات رصد وتعقب وأسلحة ذات قدرات تدميرية هائلة فتاكة وعتاد وتغذية وأدوية، ورغم ذلك تمكنوا من توقيف العدو لأسابيع طويلة وإلحاق خسائر غير مسبوقة به وأسقطوا مهابته لدى الجميع.
أحرجت الأحداث الجيوش العربية على ما أنفق فيها من مال وعتاد ودعم نفسي وسياسي ودعائي، وطرحت علامات استفهام كبيرة تتردد في ذهن ملايين العرب حول أدوار الجيوش العربية، والمهام التي يجب أن توكل إليها.
الطوفان حطم الكثير من الأبواب المغلقة أمام المقاومة العربية.
…………………………………………………..
لماذا لا يغادر العرب منظومة الغبن الدولي؟
سيد أمين
27/11/2023
لسنا بحاجة نحن العرب إلى اكتشاف أن النظام الدولي الذي تأسس عقب الحرب العالمية الثانية يحمل في طياته وصفة متكاملة للاستبداد؛ لأننا اكتشفناه منذ السنوات الأولى لانطلاقه والفضل يعود في ذلك إلى القضية الفلسطينية، حيث عرفناه نظاما لا يحتكم لإجماع برلمان العالم المتمثل في الأمم المتحدة، ولكنه خاضع كليا لسلطة أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمي العضوية التي تحتكر بمفردها صكوك المشروعية، تمنحها من تشاء وتمنعها عمن تشاء، حسبما تقتضي مصالحها هي لا مصلحة شعوب هذا الكوكب.
وعرفناه محتكمًا دومًا لمعيار القوة لا المشروعية، ولعله لا توجد هناك بلاغة تصف غرابة الحدث سوى القول بأنه نظام تأسس بعد أقل من 60 يوما من ارتكاب أمريكا مجزرتيها النوويتين المروعتين في جزيرتي هيروشيما ونغازاكي اليابانيتين في السادس والتاسع من أغسطس 1945 مودية بحياة مئات الآلاف من المدنيين في ساعات، وأن كلتا المجزرتين وقعتا رغم وجود مفاوضات سلام أمريكية يابانية لإنهاء الحرب.
والأنكى من ذلك أنه بدلا من عقاب الدولة الباغية المتدثرة بثياب الحضرية والمدنية وجدناها هي نفسها التي تقود هذا النظام وعلى أراضيها تقبع جميع مؤسساته ومفاتيحه.
ورغم أنها هي صاحبة ما يعرف بوعد “ويلسون” الذي أصدره رئيسها عام 1923 بمناصرة حقوق الشعوب الراغبة في التحرر وجدناها هي الدولة الأولى في العالم التي تعترف بدولة إسرائيل وحتى قبل إعلان العصابات التي جلبتها بريطانيا لفلسطين بإنشائها عام 1948، حيث أعلن عن قيامها في 15 مايو في حين أن أمريكا اعترفت بها يوم 14 مايو.
ووجدنا في كافة مراحل الصراع العربي الإسرائيلي أمريكا ووريثتها بريطانيا وعدة نظم يعدون على أصابع اليد الواحدة يجهضون كافة المطالبات الدولية بإنصاف الشعب الفلسطيني، واحترام حقه في الدفاع عن نفسه وأرضه وحريته، وينصبون أنفسهم حكاما للكون.
بالطبع لسنا بحاجة إلى إعادة التذكير بمواقف التسلط الذي تمارسه أمريكا عبر نظامها الدولي علينا، فقد ذقناه في العراق والصومال وليبيا وسوريا ومصر والسودان أشكالا وألوانا وصار من مسلمات الأمور لدرجة جعلتنا نبرر عجزنا في كل مسألة دولية تخصنا بأنه لا يمكننا مواجهة أمريكا، كما قال السادات.
الغبن الدولي
تجذر بشدة الشعور بالغبن من الانحياز الدائم للمنظومة الدولية إلى أي طرف يعادي توجهاتنا العربية في وجدان الإنسان العربي والمسلم على جميع المستويات حكاما ومحكومين، وطرح ذلك سؤالا جوهريا حول السبب الذي يدفعنا إلى البقاء ضمن حلقة النار تلك رغم أنه يمكننا أصلا الخروج منها تماما، ولعل هذا الخروج سيشجع دولا إسلامية أخرى لأن تحذو نفس الحذو.
وما الغرابة؟ فقد توافرت المبررات المتمثلة في عدم وجود أي دولة إسلامية ضمن الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن، ورغم أن المسلمين يشكلون ربع عدد سكان العالم، فإن هذه التشكيلة تحرمهم بشكل سافر من نيل حقوقهم بسبب نظام “الفيتو” الذي تحتكره، ولعل الرئيس التركي أردوغان كان من أعلى الأصوات التي تحدثت عن أن العالم أكبر من خمسة.
ولا ندري ما السبب وراء اختيار هذه الدول لتكون متحكمة في مصير العالم، فإذا كان لكونها امتلكت فعليا قوة نووية، فهذا تأكيد صريح لاحتكام هذا النظام لقوانين الغاب، إلا أنه مع ذلك يوجد ظلم آخر في داخل هذا الظلم، فهناك دول أخرى تمتلك تلك القوة ومع ذلك ليست من ضمنهم، وواحدة منها يصنفها الغرب دولة مارقة كما هو الحال في كوريا الشمالية نظرا لامتلاكها السلاح الذي يمتلكونه هم.
ومن العجب أنهم يعاقبون إيران بزعم رغبتها في امتلاك سلاح نووي، وقتلوا مليوني عراقي ونهبوا ثروات العراق تحت فرية ثبت كذبها حول سعيه لامتلاك هذا السلاح، ومع ذلك لم يدينوا بحرف واحد الكيان الصهيوني الذي اعترف مهندس برنامجه النووي “مردخاي فعنونو” علنا بكافة تفاصيله، بل وراح وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو يطالب علنا أيضا بضرب غزة بالقنابل النووية، وهو التصريح الذي يمثل اعترافا جديدا بكون إسرائيل دولة نووية، ومع ذلك لم ينبس أحد ببنت شفة بمن فيهم وكالة الطاقة الذرية.
عربيًّا كان العقيد الليبي معمر القذافي هو أول من تحدث علنا بمثل هذا الطرح عام 2001م، بعدما عانت ليبيا جراء الحصار الدولي بسبب قضية لوكيربي، وبعد أن استفحل تأثير الحصار الغربي الخانق في العراق جراء الاتهامات الأمريكية الباطلة بالسعي لامتلاكه أسلحة نووية، ولكن دعوته قوبلت بفتور وتندر واستخفاف من أغلب النظم العربية آنذاك.
وكانت إندونيسيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي أعلنت رسميا انسحابها من المنظومة الدولية عام 1965م جراء خلاف هلامي مع جارتها المسلمة ماليزيا، لكنها عادت إلى هذه المنظومة في نفس العام إثر انقلاب عسكري أطاح بنظام الحكم.
ومما لا شك فيه أن المصدر الأول لازدواجية المعايير التي تنفر من هذا النظام الدولي يقبع أساسا في عنصرين رئيسيين؛ أحداهما عدم إلزامية قرارات الأمم المتحدة، في حين هناك إلزامية في قرارات مجلس الأمن الذي لا يمثل إلا مواقف 15 دولة من دول العالم البالغ عددها نحو 206 دول.
أزمة غزة
كشفت الاعتراضات العالمية على حرب الإبادة الوحشية الصهيونية على غزة أن الاستياء من هذا النظام الدولي تنامى ليتخطى حدود الدول الإسلامية الـ57 لتنضم إليها كثير من دول العالم في القارات الست؛ وذلك لكون كافة التظاهرات التي خرجت توجهت بالأساس للكيان الصهيوني ومن يسانده في مجلس الأمن.
أعلم أن أمر الانسحاب من المؤسسات الدولية قد يكون صعب التحقق، ولكن أعلم أيضا أن مجرد التلويح به قد يكون أبلغ رسالة بالاعتراض عليه وتبيان الرغبة في إصلاحه، وقد أفلح وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف حينما ألمح إلى تنامي العجز في المنظومة الدولية من هذا الخلل الدولي بقوله إن 87 قرارا أمميا لم يتم تنفيذها في حق القضية الفلسطينية؛ وذلك لأن قوة الاحتلال رفضت تنفيذها، إذن فلا فائدة في قرارات جديدة في هذا الصدد إذا كانت ستبقى حبيسة الأدراج كسابقاتها.
…………………………………………………..
نحو تخليد هولوكوست غزة
سيد أمين
4/12/2023
لا خلاف مطلقا على أن القضية الفلسطينية حصلت -رغم الألم- على حزمة إنجازات غير مسبوقة في الجولة الحالية من نضالها ضد الكيان الصهيوني، ولسنا بحاجة إلى تعداد هذه الإنجازات التي كان أهمها تمكنها من سبر أغوار العجز التي عانت منه بشدة منذ وجدت عام 1948 في الملفين الخاصين بالإعلام والقدرات العسكرية.
ولقد تسببت متغيرات إعلامية لم تكن موجودة في الجولات السابقة من النزاع؛ مثل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتوافر وسائل إعلام تقليدية عربية ودولية واسعة الانتشار عالميا لها سياسات إعلامية تتسم بالموضوعية كقناة الجزيرة، وتي أر تي التركية، وأر تي الروسية وغيرها، في تحقيق توازن نسبي في تدفق الأخبار بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، بخلاف ما كان قائما قبل عقود من سيطرة غربية شمالية تامة على تدفق أحادي للأخبار في العالم، وهو ما مكن المقاومة من عرض مظلوميتها ومشروعيتها للعالم، وبذلك انتصرت في أخطر الملفات التي عانت فيها بشدة.
أما الملف العسكري فقد كشفت الجولة الحالية عن نجاح المقاومة في تنمية قدراتها بشكل فاجأ الجميع؛ مما مكنها لأول مرة من إيلام العدو بقدر يتناسب نسبيا مع ما كان يسببه هو للشعب الفلسطيني من قبل دون رادع.
ونجحت أيضا في إنجاز ملفات أخرى أهمها: إهالة التراب على المنطلقات الدعائية الخاصة بسيناريوهات التطبيع، إذ مزقت الأردية المزركشة المخادعة التي كانت تتدثر بها، فضلا عن تحقيق وحدة الفصائل الفلسطينية وفرز المسارات الجيدة والفاسدة التي تنتهجها، وتعزيز الاعتقاد بأنه لا يفل الحديد إلا الحديد، ونجاحها أيضا في تأييد وحدة ساحات المقاومة العربية ووحدة الحواضن الشعبية.
مقاومة التعمية
ولا ينبغي نحن المعنيين بالقضية الفلسطينية أن نسمح بانكسار الإنجاز الأهم الذي تحقق بإعادة شرحها للعالم بطريقة صحيحة أكثر إنصافا من السردية التي روتها الدعاية الإسرائيلية وصدقها العالم خلال العقود الماضية، واستطاعت من خلالها وضع ترسانة قوية من الحواجز بيننا وبين إمكانية استجابة العالم لمظلوميتنا رغم وضوحها.
وتدرك الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حجم المأزق الذي وقعت فيه وكيف أنه تسنى لغزة وداعميها كسر حاجز التعمية العالمي الراسخ الذي أقامته، وذلك عبر نشرهم أكثر من 109 مليارات منشور في وسائل التواصل الاجتماعي منذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقابل نحو 7 مليارات فقط لداعمي الكيان، طبقا للإحصاء الذي نشره موقع “كالكاست” الصهيوني القريب من “الموساد” بعد قرابة 50 يوما من طوفان الأقصى والعدوان على غزة.
ولم تساهم صدقية الأخبار التي نقلتها هذه التدوينات الموثقة بالفيديوهات والوسائط البصرية في تحول الرأي العام العالمي فحسب، ولكن ساهمت أيضا في إحداث تغير كبير في سياسات مواقع التواصل الاجتماعي ذاتها من هذه القضية.
ولعل الراصد سيدرك أن تلك المواقع قامت في بداية “الطوفان والعدوان” بحذف المنشورات الداعمة للحق الفلسطيني بصورة صارمة وصلت إلى إغلاق آلاف الحسابات، ولكن تدريجيا مع التدفق الهائل للأخبار اضطرت إلى التحلل من تلك الصرامة، خشية فقدانها مستخدميها، وسمحت بنشر ما لم تكن تسمح به من قبل، لذلك لا ينبغي أن نتوقف أبدا عن فضح الكيان بكافة لغات العالم، بعدما أدركنا جليا أن الكلمات صارت أقوى من الرصاص.
هولوكوست غزة
لا ينبغي أن ينتهي هذا الزخم بانتهاء العدوان على غزة، بل يجب العمل على تذكير العالم المستمر بـ”هولوكوست غزة”، وهو حدث حقيقي مثبت بالفيديوهات والوثائق والشهادات الدولية، وليس مبنيا على حسابات السياسة وشهادات المنتصر كما حدث في هولوكوست اليهود في ألمانيا، وأن نطالب العالم وأممه المتحدة بإطلاق هذا المسمى رسميا على تلك الأحداث، ولعلنا لو طالبنا بذلك الآن لنجحنا نظرا للتضامن العالمي الواسع معنا.
يجب أن نحتفظ بنسخ من الوسائط المصورة لهذا “الهولوكوست” في وسائط خارجية بعيدة عن شبكة الإنترنت بعد شكوك في وجود تقنيات متطورة يمكنها التسلل إلى حاسوبك أو هاتفك وحذف الفيديوهات التي تتم تغذيتها بمواصفاتها، كما حدث في الكثير من الفيديوهات التي تخص الجرائم الأمريكية في العراق التي لا تكاد تستطيع العثور عليها عبر شبكة الإنترنت الآن، إذ إنها حذفت من المواقع حتى دون علم أصحابها.
ويجب إنتاج أعمال فيلمية تصنيفية تجمع المتشابهات التي تحمل فكرة معينة، مثل “الإبادة” و”قتل الأطفال” و”الكذب” و”الخداع” و”الغدر” و”العنصرية ” وهكذا، وإعادة طرحها بشكل دوري في شبكات التواصل وعلى شكل تعليقات في الحسابات الشهيرة، وعبر المواقع والمدونات الشهيرة الناطقة بلغات العالم الرئيسية.
ويمكن للجهات المعنية وللأفراد إنشاء مواقع إلكترونية تخاطب العالم بهذا الخصوص، مع إنتاج وسائط يتم توزيعها يدويا في الفعاليات الغربية المختلفة لتعريف الناس بالقضية الفلسطينية، مع تزويد المناصرين للحق الفلسطيني بها، وتنسيق الخطوات التي يتم التركيز عليها طبقا لطبيعة المرحلة، ولا مانع من إنشاء جهة أو هيئة معينة تقوم بمثل تلك الأعمال بشكل منهجي ومدروس.
الجاليات المسلمة
ولقد لوحظ مؤخرا وجود آلاف الحسابات الصهيونية التي تُعنى بتشوية الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا وأمريكا، والتحريض على تظاهراتها الداعمة لفلسطين ومقاومتها الباسلة، محاولة بشكل حثيث وخبيث خلق فجوة بين المسلمين وبين مجتمعاتهم الغربية، بهدف إظهارهم جسمًا دخيلًا على الغرب؛ وذلك عقابًا لتلك الجاليات على دورها الفعّال في التعريف بالقضية الفلسطينية في أماكن وجودها، ولمشاركتها الواسعة في التظاهرات.
لذلك يمكننا حث تلك الجاليات على الاستمرار في نشاطها التوعوي، والهرولة إلى الأمام حتى بعد انتهاء العدوان، مع تحذيرها من الفخاخ التي تنصبها لها الصهيونية وفضحها للرأي العام الغربي وتفكيكها.
المقاومون غسلوا بدمائهم غبار الصهيونية، ويقع علينا الإبقاء على وجه القضية لامعا.
…………………………………………………..
أقلُّها الطوفان.. أسباب العدوان على غزة
سيد أمين
9/12/2023
يخطئ من يعتقد أن حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني ضد غزة جاءت رد فعل غاضبًا على عملية طوفان الأقصى، أو حتى يندهش من تداعي الحكومات الغربية الهائل لتبريرها، بل ويخطئ أكثر من يتصور أن إسرائيل بمفردها تخوضها، بينما نرى الأموال والأسلحة والأساطيل الأمريكية، ونرى في سماء غزة طائرات بريطانية، وينغمس جنود الدولتين جنبًا إلى جنب مع جيش الاحتلال في الحرب غير المتكافئة على الأرض، وقد فضحت الأخبار والوسائط المصورة المتداولة هذا الوجود تارة كقتلى وتارة كمدربين ومشاركين ومحرضين على الإبادة.
الحقيقة أن أمريكا خططت لهذا العدوان على غزة منذ زمن بعيد، حينما ضمّت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى قائمة الأنظمة المارقة التي ابتدعها مطلع القرن الجاري، والتي هي في الأصل مارقة على الانضواء ضمن الحظيرة الأمريكية، ولعلها كانت تنتظر الوقت المناسب لتشن هذه الحرب من أجل تنفيذ “صفقة القرن” التي نعلم جميعًا أنه كان يجري الإعداد لها من قِبل أطرافها منذ نحو عشر سنوات، وهو ما كشفت عنه وثائق قيل إن حماس حصلت عليها في معسكرات غلاف غزة أثناء الطوفان.
أمريكا انتهزت الفرصة ورأت أن الأكاذيب التي يمكن لهم إلصاقها بطوفان الأقصى، كقتل الأطفال والمدنيين واغتصاب إسرائيليات، قد تعطيها المسوغ الشعبي الغربي للتعجيل بتنفيذ هذا المخطط.
لماذا الآن؟
ولعل السبب الوجيه الذي جعل الولايات المتحدة تؤجل عقاب حماس على مروقها عن حظيرتها كل هذا الوقت هو أنها ظنتها ضعيفة عسكريًّا، ومحاصرة، وكانت تتوقع سقوط حكمها في غزة تحت وطأة التذمر الشعبي جراء هذا الحصار المحكم الخانق طيلة أكثر من 17 عامًا، ولكن بما أنها صمدت ولم تنقلب عليها حاضنتها الشعبية، وجب على الولايات المتحدة حينئذ أن تعجل بوضع خطة لإقصائها عسكريًّا، تنفذها في أقرب فرصة وتنفذ معها “صفقة القرن”.
ثم جاء طوفان الأقصى، وظهرت معه قدرات حماس العسكرية الحقيقية التي أخفتها في جولات نزال سابقة مع إسرائيل، فصدمت أمريكا بهذا التطور العسكري والاستخباري الخطير، وكان لا بد من التعجيل بتنفيذ المخطط مهما كانت الأثمان.
في البداية سارعت بأساطيلها وأساطيل حلفائها الأوروبيين، وراحت تصرّح بأنها تسعى لبناء تحالف عالمي للقضاء على حماس، تمامًا كما فعلت في العراق وليبيا، لكن يبدو أنها رأت أن هذه الأمر العلني سيبقى وصمة عار في جبينها وجبين من يتبعها، نظرًا للاختلال الكبير في موازين القوى كقوى عالمية عظمى تحتشد ضد فصيل مكون من بضعة آلاف مقاتل مسلح بأسلحة بسيطة نسبيًّا، لذلك ارتأت أن تجري المهمة القذرة كليًّا تحت الستارة الاسرائيلية، مع أنها وحلفاءها جميعًا حاضرون في حلبة النزال.
محظورات حماس
تجمع حماس بين العديد من المحظورات الأمريكية فيمن يجب أن يترك ليحكم في نظم المنطقة العربية، فهي حركة إسلامية، تعادي إسرائيل صراحة، مارقة عن الحظيرة الأمريكية، وليس خافيًا على أي مراقب منصف أن يرصد أن هناك اعتراضًا باتًّا وحاسمًا على “وصول” أي تيار إسلامي حقيقي إلى السلطة مهما كانت قوة حاضنته الشعبية واتساعها، وهناك حظر أقل صرامة على “بقاء” أي تيار قومي حقيقي في السلطة طالما سعى لدعم استقلال بلاده وتسليحها، ومن غير المحبب أن “يُترَك” الاشتراكيون المؤدلجون ليستقروا في الحكم.
على أي حال، المقاومة تُبلي بلاءً عظيمًا في غزة، وتؤلم العدو كما تتألم، ولكنها مع ذلك لن تُهزم أبدًا، وذلك ببساطة لأن جميع سكان قطاع غزة هم حماسيون دون أن يكونوا أعضاء في الحركة، بل وكل أحرار الوطن العربي صاروا أكثر اقتناعًا بوطنية حماس ونضالها.
ولعل الولايات المتحدة ستدرك في وقت ما أن هناك منافسين كبارًا كُثرًا على النفوذ في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وأنها بحاجة ماسّة إلى تحديث سياساتها السابقة التي تتبعها في المنطقة بحيث تكون أكثر تعبيرًا عن حاجات الشعوب العربية وتوجهاتها الفكرية.
فقد تسببت ازدواجيتها تلك في انهيار ما حاولت أن تبنيه من ثقة لدى المواطن العربي بها بعد دعمها المطلق لإسرائيل، وأدرك حتى أكبر المدافعين عنها أنها هي من تفجر الحرائق في المنطقة، وتدعي إطفاءها، وأنها غير مهتمة بأي حال بقضايا حقوق الإنسان العربي إلا إذا كانت ستستخدمها في إطار براغماتي لهدم أنظمة غير راضية عنها.
الأنظمة المارقة
وقصة الأنظمة المارقة بدأت بعد زوال الاتحاد السوفيتي في أواخر العقد الماضي، إذ كادت أمريكا تفرض وصايتها المطلقة على العالم، لكنها سرعان ما وجدت تمردًا من بعض الأنظمة العربية و”العالمية”، إما بسبب النزعة القومية لقادتها الجدد كما في سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان، وعالميًّا كإيران وكوريا الشمالية والصين وروسيا، وإما لأن هذه الأنظمة لم تولد أصلًا داخل الحظيرة الأمريكية كما في حماس وحزب الله وطالبان الأفغانية.
هنا كان يجب على أمريكا إظهار العين الحمراء للمتمردين على النظام الذي أسسته، فعربيًّا بدأت بمعاقبة نظام الرئيس الراحل صدام حسين بوصفه الأقوى عسكريًّا والأكثر إخلاصًا لفكرة التحرر الوطني، قاصدة ترويع من تسول له نفسه السير في ركابه، ثم استغلت ما يسمى “الربيع العربي” لتفجير بقية الأنظمة العربية المارقة من الداخل، وتحويل ثوراتها ضد الاستبداد إلى اقتتال داخلي عنيف لا يُبقي ولا يذر، كما حدث في ليبيا وسوريا واليمن والسودان، وما حدث لحزب الله عام 2014 وفشلت فيه، وما يحدث الآن في غزة وستفشل أيضًا.
والغريب أن الخطط الأمريكية نجحت مثاليًّا في الدول العربية، وتحققت سيناريوهات “الفوضى الخلاقة” التي بشرت بها وزيرة خارجيتها عام 2005، لكنها فشلت مثاليًّا أيضًا في الدول غير العربية كإيران التي ازدادت نفوذًا في العراق وسوريا واليمن، وطالبان التي أجبرت الولايات المتحدة على الاعتراف بسلطتها والانسحاب من أفغانستان، في حين تعززت مواقع ومواقف الصين وروسيا وكوريا الشمالية في العالم.
البراغماتية الأمريكية ستكون معول الهدم الأول لنفوذها الخارجي.
………………………………………………….
الطرق الشعبية للدفاع عن اللغة العربية
سيد أمين
29/12/2023
في صمت عدا من أخبار خجولة في موقع هنا أو هناك، مر على أمة الضاد في 18 ديسمبر الماضي اليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي لولا أن أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 ضمن ست لغات فقط من بين آلاف اللغات في العالم كرمتهم المنظمة الدولية باحتفالات خاصة، واحتفلت بها مكاتبها في كل عام، ما تذكره حكام العرب ولا سعوا إليه، بل إنه لو خُيروا بين الاحتفال به والاحتفال بأي شيء آخر لاختاروا هذا الآخر مهما كان، وذلك لأنهم ببساطة هم من يعملون خلف الكواليس ضد هذه اللغة!
والمدهش أننا نجد أن من لا يتحدثون العربية هم من يدركون تماما أهميتها، ويدركون أنها ملكت ما لم تتملكه أي لغة في العالم، إذ يستخدمها -عدة مرات يوميا- ربع سكان الأرض حتى لو كان ذلك في أداء عبادات الإسلام.
نحن هنا لسنا بصدد تأكيد المؤكد عن عظمة هذا اللغة والمحفوظة إلى يوم القيامة بوعد رباني لكونها لغة القران الكريم، ولكننا فقط نحاول رصد عدد من الأساليب التي يمكننا فعلها كشعوب عربية تدافع عن إرثها الحضاري دعما لهذه اللغة ضد محاولات التذويب والتشويه والبعثرة.
ابدأ بنفسك
أولى تلك الأشياء أن نبدأ بأنفسنا ثم ندعو غيرنا لتغيير أسمائنا في جميع وسائل التواصل الاجتماعي إلى العربية، والهدف أن تكون هي لغة أسمائنا الرئيسية، ومنعا للتحجج بعدم قدرة غير العرب على قراءة حروفها، يمكننا كتابة الاسم الثانوي بأي لغة أخرى نريدها، كما يمكن أيضا كتابته في الصور الخلفية للصفحة.
ونستطيع أن نعبر عن هويتنا بكتابة يافطات محال أعمالنا بها، وأن نتفنن في خطوطها ومصطلحاتها لتبدو جذابة، فتمثل دعاية جيدة لهذه اللغة، وكذلك الأمر في ملصقات سياراتنا ومركباتنا، وفي كروت التعريف الشخصي، وأوراق الدعاية ويافطات الشوارع وغيرها الكثير من المعاملات الحياتية.
وفي المقابل يجب أن تُكافئ المحال والأعمال التي تفعل ذلك بالشراء منها والتعامل معها ما يشجع الآخرين من رواد الأعمال على العودة لدعم الهوية.
ولو كنت محاضرا أو شخصية يقتدي بها الآخرون فاحرص على ألا تتحدث إلا بها، وأن تحث الناس على الاعتناء بها وإظهار مدى أهميتها. وفند الشائعات التي تتحدث عن أنها لا تصلح للعلوم، وقل لهم إن معظم العلوم الغربية الحديثة بُنيت في الأصل على علوم باللغة االعربية، وأخبرهم أن كلا من سوريا والعراق (في عهد صدام حسين) قررا العربية، لغة للعلوم فتصدرت العراق بين دول العالم في الطب والعلوم والتعليم وغيرها.
يجب الحرص على ألا تكثر من استخدام مفردات أو مصطلحات من أي لغة أخرى في كل ما تنشره على صفحاتك عبر وسائل التواصل طالما كنت تعرف الكلمات العربية لها، واعلم أنك بذلك تقدم درسا تعليميا غير مباشر لغيرك ممن لم ينل قسطا معرفيا عن العربية، فربما تكون بذلك سببا في أن يقلدك شخص له عدد كبير من المتابعين فتعم الفائدة.
كن مهتما بتعليم ابنائك العربية حتى لو أجبرتك الحاجة إلى إلحاقهم بالمدارس التجريبية أو اللغات أوالدولية وغيرها، بسبب السوء المتعمد الذي أصبحت عليه مدارس اللغة العربية تعليميا وسلوكيا وأمنيا، حينئذ يصلح تعليم أبنائك العربية السليمة ولو في المنزل.
ويكفي أن تعلم أنه بتجاهلك للغتك العربية إنما أنت في الواقع تطعن الإسلام والقرآن، وأنت في الغالب لا تقصد، ولكن الأعداء المتربصين يقصدون، ويكفي أن تقف متأملا أمام رؤية المستشرق الإنجليزي ادوارد دينسن روس التي قال فيها: “اللغة العربية والحروف العربية، والإسلام والقرآن، كلها قواعد بناء واحدة، إن هدمت واحدة تداعى البناء كله”.
واعلم أنه يجب على الإنسان العربي المعتز بأصله وفصله، والمسلم المعتز بدينه أن يعتز بل ويبالغ في الاعتزاز بلغة القرآن الكريم، وأن يتساءل عما إذا كان قد وجد من قبل أي شخص من مشاهير الغرب أو الشرق أو حتى بسطائهم يكتب اسمه بغير لغته القومية؟ وهل وجد إنجليزيا أو صينيا مثلا يتحدث أو يكتب لمواطن آخر من بني جنسه بلغة غريبة عنه كلغتك مثلا؟
افخر بعربيتك التي اختارها الله لتكون لغة أقدس كتبه، وانقل فخرك لمتابعيك ومحبيك، فيقلدونك وينقلونه هم أيضا لمتابعيهم، ونمسح بذلك تلك الصورة النمطية التي روج لها الإعلام طوال عقود عن الأزهري التافه، والخواجة المثقف المتحضر.
يجب تشجيع العودة للفن الجميل الذي ما زال صداه يعتمل في الأفئدة حينما كانت أغاني الفصحى لأم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب وغيرهم تلهب أفئدة المستمعين وجوارحهم، وتألق المتألقون في الشعر الفصيح كأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وإبراهيم ناجي، وكان يُقاس قدر الناس بمدى إجادتهم للعربية.
تجربة العبرية
أدركت الصهيونية أهمية اللغة في تكوين الشخصية، فراحت تعيد لغتها المنقرضة من ركام التاريخ وسعت إلى إحيائها في كيانها المزعوم، فتناسى اليهودي القادم من روسيا لغته الروسية، والألماني ألمانيته، والإثيوبي إثيوبيته، واليوناني يونانيته، وراحوا جميعا -ومعهم آخرون- يتمترسون حول العبرية، حتى دبت فيها الحياة مجددا، وربحوا هم هذه الجولة.
ولم نجد منهم من يقول إنها ليست لغة العلوم ولا داعي حضاري للاهتمام بها، أو يقول إنها صعبة الفهم والقواعد ولن يستطيع تعلمها، ولا من يقول إن العالم لن يستطيع قراءة حروفها، ولا من يقول إنها ليست لغة وطنه الأصلي، مع أنها ليست مقدسة في توراتهم كما هي مقدسة في قرأننا.
هذا كان في اللغة العبرية التي تتشابه لحد كبير مع اللغة العربية في الحروف والقواعد النحوية وحتى في اتجاه الكتابة من اليمين إلى اليسار، ماتت وشبعت موتا ثم بُعثت فيها الروح، فكيف تقبل أنت أيها العربي وأيها المسلم إهانة لغتك وتشارك في إماتتها وهي محفوظة من الله بحفظ الذكر؟
اعتز بلغتك، تعتز الدنيا بك.
لم يكن هناك إجبار للأقليات على التعرّب بدليل أنه في ظل الحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزي لمصر؛ وجدنا المسيحي يتحدث العربية ويؤدي طقوسه الكنسية بالعربية ويمارس ثقافته الاجتماعية العربية دون أن يجبره أحد على ذلك، وفي المقابل وجدنا مستشرقين غربيين يحاربون الدين السائد لدى شعوبنا في صورة دعوات إلى الشعوبية في حين وجدنا الغرب على تعدد أعراق ولغات كل دولة فيه يؤمن بالدولة الواحدة واللغة السائدة.
بثقة تستطيع كتابة عنوان عريض لنظم الحكم في أغلب بلداننا هو حكم الأقلية، وأنها في الغالب هي نتاج تحكمات خارجية، تجعلها تعيش معظم الوقت صداما محتدما مع أغلبيتها في الداخل نظرا للتنافر الكبير بين مصالحهما، فهذا يسدد فاتورة من جاؤوا به إلى السلطة ومن يمكنهم الإطاحة به متى شاؤوا، والآخر يسعى خلف حقه الأدبي المشروع في حكم الأغلبية.
اقرأ المقال كاملا على الجزيرة مباشر
أو
ولعل واحدة فقط من هذه السياسات كفيلة وحدها بتمترس الغرب واتباعه في باكستان ضد الرجل وازاحته من السلطة، بل وضمان عدم وصول خلفاء له يتبنون نفس سياساته للسلطة مجددا، ولا مانع من العمل بكل الوسائل لتدمير أي حاضنة شعبية لمثل هذا النوع من الرجال، خاصة أن الغرب يعطي باكستان أهمية كبرى في علاقاته مع العالم الاسلامي نظرا لكونها صاحبة القنبلة النووية “الإسلامية”، والتي إذا خرجت من التبعية الغربية فيعني أن الغرب أمام إيران وكوريا شمالية أخرى.
اقرأ المقال كاملا على الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
وينبغي أن لا ننسى أن الأفارقة حينما وجهوا ضربات متتالية إلى النفوذ الفرنسي في العقد الأخير لم يكن بسبب التدخل التركي ولا الروسي ولا الصيني، ولكن بسبب إصرار باريس على التعامل مع هذه الدول على أنها مستعمرات لا أقران، وعدم تصديقها أن نظام الحكم بـ”الريموت كنترول” أصبح مكشوفا للجميع.
كنت حتى وقت قريب من دراويشها، وناسكًا في محرابها، حتى حلت عليها اللعنة، أو انجلى عني سحرها، فتعرت في ناظري، وتحول لاعبوها إلى مجرد بهلونات في سيركها الذي يديره مخادع ماكر عتيد، تشعر بيده تعبث في كل شيء، وتحرك جميع الخيوط، ولكنك تحتاج إلى بصيرة من حديد حتى تراه، وإلى تجرد من الأوهام المسبقة حتى تؤمن بما سيطرحه عليك عقلك، ولما تسنى لي ذلك؛ وقتها عرفت ………………
بعد هذا التخبط في فهم المشهد جاء تمرد قوات “فاغنر” على الجيش الروسي في “أوكرانيا” مؤخرا ليضع لنا النقاط على الحروف ويبسط الخطوط المعوجة، ويقدم لنا احتمالا بأن قائد هذه المليشيا المدعو “بريغوجين” قد يكون عميلا لقوى غربية، وربما لواشنطن نفسها.
اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر
وأخيرا، فإذا كانت الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي صادقة في دفاعها عن الإسلام، فيجب عليها أن تُعِد لحمايته ما استطاعت من قوة العلم، وقوة الاستقلال، وقوة الردع.
أو هنا
الميتافيرس، والتي تعني “العالم الخيالي أو العالم ما وراء التقليدي “كلمة قد لا تكون متداولة أو معروفة في العديد من بقاع العالم لا سيما في مجتمعاتنا العربية، إلا أن المجتمعات العلمية الغربية تكثف جل اهتمامها للبحث في هذا النوع من العلوم المتقدمة الخارقة للطبيعة، والتي تشير كل التقديرات العلمية أنها ستكون حقيقة يعيشها الناس خلال العقود القليلة القادمة، مخلفة وراءها كل تقنيات عالمنا الأن في مجال التواصل والاتصالات مكدسة في سلال المهملات.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
https://ajm.me/nqdln0?fbclid=IwAR2KlaNmKOalHik2RWwi6b1k45AHODukpHxR9TLI869S5t-HoYgm9M3Qy5A
ومن أخطر الخطوط الحمر التي تخطاها عمران خان هو سعيه لتنويع مصادر سلاح الجيش الباكستاني بدلًا من اقتصاره على السلاح الأمريكي والغربي، وبالطبع هذا يعد مؤشرًا خطيرًا في دولة تمتلك رؤوسًا نووية حيث يمكنها أن……
https://ajm.me/w12uyd?fbclid=IwAR00niZfZwU3Tm_cGLdWkR6a8ARPijpnMWMN2TbIFh8Vx0zVpmMOe-Z0Zjo
منذ أكثر من عقد من الزمان حذرت الدكتورة زينب عبد العزيز، أستاذة اللغة الفرنسية التي ذاع صيتها، ليس بسبب ما ترأسته من مناصب علمية عديدة في مجال تخصصها، ولكن بسبب نشاطها الدعوي؛ من مخطط ماسوني خطير لتخريب الأديان، ودمجها في دين واحد يسمى الدين الإبراهيمي.
لم يأخذ كثيرون هذا التحذير على محمل الجد لكونه خارج نطاق المعقول، واتهم آخرون الدكتورة زينب بـ”التهويل”، لكن الأيام أثبتت أن تحذيراتها كانت جادة جدا، خاصة حينما اجتمعت وفود من عدة دول لافتتاح بيت العائلة الإبراهيمية، التي تضم مسجدا وكنيسة مسيحية وكنيسا يهوديا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
البيت تمت الدعوة لتدشينه خلال زيارة د. أحمد الطيب شيخ الأزهر برفقة بابا الفاتيكان فرانسيس الثاني للإمارات عام 2019 وتوقيعهما على وثيقة “الأخوة الإنسانية”، إلا أن ما تبع هذا الإجراء من دعوات لتوحيد الديانات السماوية الثلاث في دين واحد، جعل الرجلين لم يشاركا في حفل الافتتاح الذي تم في شباط/ فبراير الماضي.
شيخ الأزهر
على ما يبدو أن الشيخ الطيب استوعب الشَرَك الذي أرادوا إيقاعه فيه هناك، فراح يوضح موقفه بانتقاد هذه الدعوة الخبيثة في أثناء حضوره حفل افتتاح بيت العائلة المصرية، قائلا؛ إن هناك محاولة للخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري، وبين امتزاج هذين الدِّينين، مؤكدا أنَّ اجتماع الخلق على دِين واحد أو رسالة سماوية واحدة مستحيل، ووصفها بأنها تبدو في ظاهرها دعوة للاجتماع الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات، لكنها في الحقيقة دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد والإيمان والاختيار”.
حتى قامت الأمانة العامة للبحوث الاسلامية بالأزهر في منتصف الشهر الجاري بإصدار بيان قوي، مؤكدة أن الديانة الإبراهيمية كفر صريح بالإسلام، ولا تتفق مع أصول أي دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، وتُخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
بهذا، قلب الطيب الطاولة على من ظنوا أنهم نجحوا في خداعه، بما يمثله منصبه كشيخ للأزهر من قامة كبيرة جدا في العالم الإسلامي، فتغيرت نبرة التفاؤل عندهم إلى تشاؤم، وتوخى الجميع الحذر.
محاولات خداع
هناك من يحاول أن يوعز للناس بأن الفكرة جاءت فقط عقب توقيع الإمارات والبحرين اتفاقات للتطبيع رسميا مع إسرائيل برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأن نص الاتفاق المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية لا يتحدث عن دين جديد، ولكن عن تآخٍ وحوار سلام بين الديانات السماوية الثلاث.
لكن التحذيرات التي أطلقها مراقبون كُثر، منهم أستاذ الدعوة الإسلامية والأديان بجامعة الأزهر د. إسماعيل علي، والدكتورة زينب عبد العزيز التي أسلفنا الحديث عنها، عن هذا المخطط، حدثت قبل عقدين من الزمان، وقبل وصول ترامب للسلطة في أمريكا، وبالتأكيد قبل التطبيع “الرسمي” الإماراتي مع إسرائيل، يلقي ظلالا من الشك عليها، يؤيدها ما سرده الإعلام الغربي من دلائل على أن دينا جديدا يتشكل في الأفق.
والتاريخ يثبت ذلك، ففي 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1986 دعا بابا الفاتيكان السابق إلى إقامة صلاة مشترَكة من ممثلي الأديان السماوية الثلاثة، وذلك بقرية أسِيس في إيطاليا، ثم كرر هذه الدعوة مرات أخرى باسم “صلاة روح القدس”، ونفس الأمر فعله بابا الفاتيكان الحالي عام 2021 في أثناء زيارته إلى مدينة أور العراقية.
ويقول الدكتور إسماعيل علي: “نقرأ منذ 1811 عن “الميثاق الإبراهيمي الذي يجمع بين المؤمنين في الغرب، وذلك قبل أن يتحوّل اسمُ إبراهيم إلى اصطلاح بحثيٍّ لدى المؤرّخين، رسّخه لويس ماسينيون في مقالة نشرها عام 1949، ثمّ تحوّلت الديانات الإبراهيمية إلى حقل دراسات مستقلة بنفسها”.
الكاسب والخاسر
كثير من المراقبين يرون أن الدعوة الإبراهيمية -في بُعدها الذي يصفها بأنها مجرد دعوة للاحترام المتبادل وتعظيم نقاط الالتقاء بين الديانات الثلاث-، لا يصب إلا في مصلحة اليهودية، حيث إنها هي الدين الذي يؤمن به الآخران، وأن الخاسر هو الإسلام لكونه الدين الذي لا يؤمن به كليهما، بينما هو يؤمن بهما.
ولعل تلك الرؤية وما قد يكون خطط له خفية من التحول التدريجي من “الحوار بين الكيانات المنفصلة” إلى “المزج في كيان واحد”؛ هو ما جعل الشيخ الطيب يتراجع، فيما يرى آخرون أن الخاسر الأكبر حينئذ ستكون المسيحية، حيث إن اليهود والمسلمين متفقون دونها تقريبا في معظم المسائل اللاهوتية، وهناك تشابه كبير في الفقه والحدود بينهما، ومن ثم فإن فرص التفاهم معها ستكون الأقل.
وبين هذا وذاك، يأتي فريق ثالث يرى أن الغانم الأكبر هو الإسلام، حيث ستمنحه فرصه ذهبية لشرح مبادئه السامية للعالم بعيدا عن حملات التشويه، ما يمكنه من محو الصورة النمطية التي صنعتها الدعاية المتطرفة عنه في العالم، وبأنها دعوة للمباهلة بهدف إظهار الحق وإزهاق الباطل، تمكينا لقوله تعالى: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ” (آل عمران:64).
وكذلك هي فرصة لتقديم رؤية إسلامية للوصايا التي قدمها اليسوع عليه السلام لأحد كتبته في الإنجيل بقوله: “إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ” (مر 12: 29).
ورأى هؤلاء أن الفهم العميق للبيت الإبراهيمي في منظوره كمنبر للتفاهم والحوار بين الأديان، سيقود الجميع في النهاية إلى الإسلام، وأن ذلك ما قد يكون دفع بابا الفاتيكان إلى عدم حضور حفل الافتتاح.
على كل حال، يجب أن نأخذ في الحسبان أن فكرة التآخي على ما فيها من مثالية، هي ذاتها الشعار الذي تستخدمه الماسونية لتحقيق مآربها الشريرة، لا سيما لو تحولت لدين جديد، كما قد يتم الترويج لها مستقبلا.
يتلقى الرئيس التونسي قيس سعيد الصفعة تلو الأخرى من الشعب التونسي من دون أن يتعظ، أو يطور مساراته -التي أقل ما يمكن أن توصف به أنها غامضة- لتكون مقبولة شعبيا، فيقع دوما في نفس الشرك الذي نصبه للآخرين، بعدما أصمّ أذنيه عن جميع الناصحين الذين لم يألوا جهدا في نصحه بكافة الطرق بضرورة التراجع عن مسار 25 يوليو/ تموز الغامض الذي فرضه على الشعب التونسي، من دون هدف منطقي يستحق اللهاث خلفه.
لكنه أصرّ على الهرولة إلى الأمام، واضعا نصب عينيه تجارب آخرين نجحت مثل تلك الهرولة في إبقائهم في السلطة، متناسيا اختلاف تونس عن غيرها في أن لديها قضاء لا يزال خارج التدجين ولو نسبيا، وجيشا لم ينغمس بعد في الحياة السياسية حتى الثمالة، وأن الشركاء أو الرعاة الغربيين مشغولون الآن بإشعال أو إطفاء عشرات من النيران المشتعلة الأولى كثيرا بالاهتمام.
ولا يدري أحد ما العائد على تونس، أو شعبها الذي يعاني الأمرين اقتصاديا، أو على التجربة الديمقراطية، ولا على قيس سعيد نفسه، من تلك المسارات والحروب “الدون كيوشتية” التي يخوضها، في حين كان الأولى به الاهتمام بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد بدلا من تنظيم انتخابات وراء انتخابات وراء انتخابات تقاطعها الأغلبية الكاسحة التي لا تجد جدوى لها، والسعي لعسكرة البلاد واعتقال الحقوقيين والنشطاء والصحفيين والبرلمانيين وقادة الأحزاب المعارضة انتهاء بطرد الأمين العام لاتحاد النقابات الأوربية.
ردود سعيد
لم يتعظ بأن نسبة المشاركين في الاستفتاء الدستوري لم تتجاوز11% من الناخبين وهي أقلّ نسبة مشاركة في كل تاريخ تونس، ولم يتعظ بنزول عشرات الآلاف في عدة تظاهرات متتالية يطالبونه بالتوقف الفوري عن كل الإجراءات التي اتخذها منذ أن جاء للسلطة، ولم يتعظ بفشل ما أسماه الاستشارة الإليكترونية وما نالته من سخرية وانتقاد واسع في البلاد، ولم يتعظ بمهزلة الحوار الوطني التي أقصى منها الجميع وراح يتحاور مع أنصاره، فراح يمضي قدما إلى إجراء انتخابات برلمانية كانت نتائجها هي الأخرى مقروءة منذ البداية، وحصلت المشاركة فيها على نفس النسبة التي حصل عليها دستوره.
ولعل المدهش حقا هو تعليق الرئيس على نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية في جولتيها، حيث لم يجد ردا على نتائج الجولة الأولى التي جرت في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي والتي شارك فيها التونسيون بنسبة 11%، سوى قوله “إن نسبة المشاركة لا تقاس فقط بالدورة الأولى بل بالدورتين” وإن “المشككين يشبهون من يعلنون نتيجة مقابلة رياضية عند انتهاء شوطها الأول”.
وحينما أعلنت نتائج دورة الإعادة في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي وكانت بنفس نسبة المشاركة في الدور الأول راح يردد مبررا عجيبا لا نعرف كيف اقتطعه ويحاول جعله منطقيا وهو أن نحو 90% لم يشاركوا في التصويت لأن البرلمان لم يعد يعني شيئًا بالنسبة لهم، وعلى طريقة مات المولود وماتت الأم ولكن نجحت العملية علق قائلا “إن الأهم أننا حافظنا على مواعيد الانتخابات”.
وبالقطع إزاء مثل هذه التبريرات قد يتساءل أحد: بما أن البرلمان القديم فاشل، والبرلمان الجديد فاشل، والدستور القديم فاشل، والدستور الجديد فاشل، والحكومة القديمة فاشلة، والحكومة الجديدة فاشلة، لماذا لا نجرب تغيير قائد السيارة نفسها لعل تونس تصل إلى وجهتها بسلام؟
وحصر سعيد الوطن في ذاته وصار كل من يخالف توجهاته عدوا لهذا الوطن.
النواب الجدد
مشهد الانتخابات التشريعية الأخيرة يشي بالكثير، فبغض النظر عما يردده كثير من المراقبين التونسيين عن أن المرشحين في الانتخابات البرلمانية هم في الغالب شخصيات غير معروفة، وليس لهم سوابق في العمل النيابي حتى لو في المجالس القروية سوى عدد قليل منهم ينتمي لأسر الحظوة لنظام بن على، فإنهم أيضا يتحدثون بنغمة واحدة تشبه خطاب الرئيس عن المؤامرة وقوى الشر والمخربين والإرهابيين ونحو ذلك، وبرامجهم لا تعدو برامج رئيس حي أو شيخ حارة، وليست برامج نواب برلمانيين لهم خطط قومية.
ومن الملفت للنظر أن هناك نوابا في البرلمان فازوا بعدد أصوات يزيد قليلا عن ألف صوت، وهو رقم ضئيل للغاية لا يعبر حتى عن أصوات حارة من الحارات، في حين أن أعلى الأصوات كانت متدنية أيضا وزادات قليلا عن ثمانية آلاف صوت.
كما أصابت الرئيس قيس سعيد أيضا لامة إضافية من تلك النتائج عبر رسوب معظم المرتبطين به من التيارات الناصرية، ولا سيما أحمد شفتر أحد أبرز الداعمين له والمبررين لكل خطواته أمام منافسه مسعود قريرة، رغم كل ما كان يحظى به من دعم إعلامي داخلي وخارجي، إذ حصل على ما يزيد قليلا على ألفي صوت فقط.
ولكي تكتمل دائرة الملهاة في هذه الانتخابات التي قاطعتها جميع الأحزاب الشعبية في تونس بجميع توجهاتها، تبيّن أحد المنافسين في جدول الإعادة لم يحصل على أي صوت، أي أنه لم يحصل حتى على صوته، وفاز مرشحون بالتزكية في بعض الدوائر لعدم وجود منافس.
ورغم تلك النسب المتدنية في المشاركة فإن مراقبين محليين شككوا في حدوث تزوير على نطاق واسع في النتائج، وإن كنت أنا شخصيا أعتقد أن من يستطيعون تزوير الانتخابات هناك كان بإمكانهم أيضا تزوير نسب المشاركة، كما يحدث في كل الانتخابات في البلدان العربية، وتجنيب جبين الرئيس هذه الوصمة، إلا إذا كان في جراب الحاوي ما لم نره بعد.
لو كنت مكان الرئيس قيس سعيد لتركت التونسيين يكتوون بنار قلة وعيهم لتحرقهم الأخطار التي لا أراها إلا أنا، وحرمتهم من جنتي، ورحلت!!
اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر
او
حتى أنهم لم يفعلوا كما فعل أصحاب الجاهلية الأولى الذين لم يتشبثوا بأوثانهم التي عبدوها أبا عن جد، حينما أتتهم دعوة الخلاص؟
اقرأ المقال كاملا هنــــــــــــــــا
لتخطي الحجب | https://ajm.me/rtqcqo
في كتابه القيّم (الاستبداد الديمقراطي)، قسّم المفكر القومي الراحل الدكتور عصمت سيف الدولة ظاهرة الاستبداد إلى ثلاثة أقسام متباينة “استبداد متخلف واستبداد متحضر واستبداد ديمقراطي”، تتفق جميعا في النتيجة، في حين تختلف في الأشكال والأساليب والوسائل والمبررات.
ويستعرض في قسم الاستبداد المتخلف عددا من نظريات الديمقراطية، خاصة نظرية (جورج بوردو) عن الديمقراطية “الحاكمة والمحكومة”، حيث ديمقراطية فعلية “حاكمة” تعبّر عن شعب حقيقي، وغايتها خلق عالم جديد متحرر.
Continue Readingفضلا عن أنها بالحسابات بعيدة المدى ستكون قد استطاعت الهرب بمسروقاتها الأصلية من الأراضي الفلسطينية المسماة “اسرائيل” وطوت قسما كبيرا من سجل النزاع القائم على الفعل ورد الفعل، ووقتها ……
اقرأ المقال كاملا على موقع الجزيرة مباشر
لتخطي الحجب | https://ajm.me/v4jab1
للمزيد| https://ajm.me/a4ykwe
رفع الشعب التونسي صوته عاليا، وقال كلمته في مسار 25 يوليو الذي سلكه الرئيس التونسي قيس سعيّد دون وجود أي حاجة إليه، فقاطع الانتخابات التشريعية التي قاطعتها معه أيضا غالبية الأحزاب التونسية، حتى تلك التي كانت تدعم المسار السياسي الإقصائي للرئيس.
وجاءت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كاشفة لكونها لا تزيد على 8.8% بواقع 803 آلاف شخص، وفقا لما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي نسبة المشاركة الأدنى على الاطلاق بعد ثورة الياسمين، وربما في كل الانتخابات في تاريخ هذا البلد بعد الاستقلال.
والمقارنة الفاضحة في هذه النسبة أنها جاءت بعد الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019 والتي كانت نسبة المشاركة فيها 41.3%، ومع ذلك اتهمتها المعارضة آنذاك -التي تحالفت بعد ذلك مع قيس سعيّد- بأن البرلمان الناجم عنها لا يعبّر عن الشعب، وذلك في إطار المكايدة لكتلة الأغلبية التي تتزعمها حركة النهضة.
ولعل هذه النتيجة هي في حد ذاتها تحمل استفتاء على شعبية قيس سعيّد وعلى مساراته التي سلكها منذ أن جاء إلى الحكم، وبالقطع سيكون لها تأثيرات داخلية وخارجية كبيرة مستقبلا عليه وعلى حكومته، لعل أقربها تصعيب موافقة صندوق النقد الدولي على طلبه قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار.
خلط للأوراق
وعلى الفور بعد اعلان هذه النسبة، خرجت الأحزاب والأبواق المدافعة عن مسار قيس سعيّد الإقصائي، وتلك التي كانت تسايره لكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك بسبب التخبط الشديد الذي يعتري مساره، لتمارس عملية تشويش وخلط للأوراق في محاولة بائسة للدفاع عنه ورفع الحرج البالغ الذي أصابه وأصاب أنصاره.
منها قولها إن الشعب لم يقاطع الانتخابات، ولم يستجب لدعوة المعارضة بمقاطعتها، ولكنه فقط “عزف” عنها بعد الفشل الذي لحق بالبلاد طيلة العشرية الماضية، التي أفسحت المجال لمشاركة حركة النهضة في الحكم.
ثم قامت تلك الأبواق بتوجيه الإهانة إلى الشعب التونسي بأكمله، بقولها إن ضعف المشاركة يعود إلى غياب المال السياسي والرشى التي كان يوزعها بعض السياسيين على الشعب لحثهم على المشاركة، وهو الاتهام الذي يعني أن غالبية من صوتوا في كل العمليات الانتخابية السابقة -وهم يمثلون نصف الشعب التونسي- كانوا مجرد مأجورين.
ولك مثلا أن تتخيل أننا لو صدّقنا بحسن نية أو حتى بسذاجة هذا الزعم، فهل يجعلنا ذلك نقول بأن 90% ممن شاركوا في انتخابات 2014 البرلمانية “التي كانت 69%” كانوا من المأجورين.
كما راحت بعض الأصوات تردد أن حماسة الناس للعمل السياسي قلت تدريجيا عما كان عليه الأمر بعد الثورة، مع أن الواقع العملي يكذّب ذلك الادعاء أيضا، فقد كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الخاصة بالجمعية التأسيسية في ظل المناخ الثوري عام 2011 نحو 54%، وبعد ذلك بثلاث سنوات عام 2014 قفزت إلى 69%، وحتى إن نسبة المشاركة في الانتخابات التي جاءت بقايد السبسي المحسوب على نظام بن علي تجاوزت 64%.
والواقع أن التونسيين لم يعرفوا نسبة المشاركة الضئيلة إلا في تلك الانتخابات التي يدعو إليها قيس سعيّد، سواء البرلمانية محل الحديث، أو في استفتائه الدستوري الذي لم يشارك فيه إلا 27% من الناخبين، مما يعني أنه دستور لا يمثل كل الشعب، وهو ما تقوله المعارضة.
تبادل الأدوار
الغريب في أمر المشهد التونسي أن مفهوم المعارضة يشوبه الكثير من الالتباس، فالمعارضة التونسية الآن هي في الواقع القوى الشعبية المنتخبة التي تم إقصاؤها من البرلمان ومن الحكومة بقرارات غير دستورية للرئيس قيس سعيّد، ليحل محلها قوى أخرى غير منتخبة شعبيا، وتصير الممثلة للحكومة وللدولة، وهو الوضع الذي تتوافر فيه كل صفات الانقلاب.
وبدلا من أن ينصاع الرئيس للدستور الذي وقف حائلا دون تنفيذه مساره “غير المفهوم” و”غير المهم”، راح الرجل يغيّر الدستور بما يوافق هواه، فقاطعه الشعب وصوّت عليه ربع من يحق لهم التصويت فقط.
وبدلا من أن يهتم بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد كما وعد، وصلت الأحوال في عهده إلى حالة مزرية، ووجدناه يتفرغ بشكل شبه كامل لإدارة المعارك مع الجميع.
فتارة يخوض معركة من أجل رغبته في تنصيب هشام المشيشي المحسوب على نظام بن على رئيسا للوزراء، ولما استقر له الأمر ونجح في تعيينه وجدناه يعود ليخوض معركة أخرى من أجل إقالته بالمخالفة للدستور.
وتارة أخرى يهاجم الاستعمار الفرنسي لبلاده، ولما استقر له الأمر وجدناه يشيد به ويعتبره تحالفا بين بلاده وفرنسا.
بخلاف معاركه الأساسية مع حركة النهضة والبرلمان والقضاء واتحاد الشغل والحركات الثورية ومع الرئيس الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي وغيرهم.
وجدناه في كل شيء يفعل الشيء ونقيضه، ولو تحقق له ما يريده اليوم لربما وجدناه غدا يخوض معركة من أجل الخلاص منه.
لا أحد يعرف ماذا يريد قيس سعيّد، ولو كان قيس سعيّد نفسه!
كان من المتوقع تمامًا أن يصدر حكم من مفوضية الانتخابات باستبعاد رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان من العمل السياسي لمدة 5 سنوات، فالقضاء الباكستاني شأنه شأن أي قضاء يقع في دولة تسيطر عليها سلطة عسكرية، يدور في فلكها ويعبّر عنها، لا سيما لو جاءت تلك السلطة عقب انقلاب “مقنَّع” على سلطة مدنية.
جاء الحكم الزلزال ليزيل من أمام المتحكمين في السلطة الباكستانية منافسًا عتيدًا يدين له عشرات الملايين من الباكستانيين بالولاء ويعدّونه بطلًا قوميًا، لا سيما من طوائف الشباب المطالبين بمدنية الدولة ووقف سيطرة الجيش على العمل السياسي، والاستقلال عن النفوذ الغربي، وذلك بسبب خطاباته وسياساته الساعية للتملص من الهيمنة الأمريكية على البلاد، ومحاربة الفساد المستشري بين الطبقات العسكرية والقضائية، وتنويع مصادر السلاح، والانفتاح على حركة طالبان.
خاصة أن خلفه شهباز شريف أحد رجال المعارضة البارزين الذي انتخبه البرلمان الباكستاني رئيسًا للوزراء في أبريل الماضي ضمن حكومة ائتلافية لحزبي الرابطة الإسلامية والشعب الباكستاني جاء لمنصبه بفوز يسير بنحو 174 صوتًا من أصل 342 صوتًا.
وفيما يبدو أن من يلعب خلف الكواليس هناك أراد أن يستكمل حرق زعماء المعارضة التي بدأها بعمران خان حينما جعل أعضاء من حزبه “حركة الإنصاف” بالإضافة إلى نواب آخرين من كتل برلمانية أخرى موالية يخذلونه في تصويت على سحب الثقة منه في أبريل الماضي، مع تسرب معلومات عن تلقيهم “تهديدات من جهات أمنية” في حال التصويت لدعمه.
ثم استمر هذا اللاعب في مهمته ليطول الحريق عدوه وخليفته شهباز شريف الذي ينتمي لأسرة أرستوقراطية، فضلًا عن أنه شقيق رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف -الذي انقلب عليه الديكتاتور برويز مشرف عام 1999- فسمحوا له بالفوز في تصويت البرلمان بفارق ضئيل، ليتولى منصبه وسط أجواء اقتصادية وأمنية عاصفة لا يمكن أن يجتازها أكثر السياسيين حنكة وحيطة.
في حين كان يمكن لهذا العابث خلف الكواليس بتوجيه النواب ضد شهباز أيضًا، لولا أن هناك حاجة في نفسه كان يريد أن يقضيها، وهو ضرب العصفورين المتنافسين بحجر واحد.
فالوضع الاقتصادي للبلاد مزريّ، والتضخم والدين الداخلي والخارجي هائل، مع تراجع كبير لقيمة الروبية الباكستانية، وهي الأجواء ذاتها والأسباب نفسها التي ورثها عمران خان من سابقه وخفضت من حماسة أنصاره له، فما بالك إذا كان كثر من الباكستانيين يرون أن شهباز متورط في التآمر على عمران خان ويذوق الآن الكأس نفسه الذي أسهم في سقايته له.
تنفيذ الحكم
والسؤال الأكثر أهمية الآن في المجتمع الباكستاني ولدى المراقبين لشأن هذا البلد الكبير: هل سيمر هذا الحكم؟ وهل سينال الرجل مصير مشرف أم بوتو؟
التجربة أثبتت أن الأحكام في باكستان كما في عالمنا الثالث كله تمر طبقًا لطبيعتها ولمن صدرت ضده أو لصالحه، وطبقًا للأضرار أو المنافع التي ستنجم عنها.
فهناك حكم نادر أصدرته محكمة باكستانية في ديسمبر 2019 ضد الجنرال برويز مشرف بالإعدام مع تعليق جثته أمام البرلمان لثلاثة أيام، إلا أن الجيش استاء من إدانة أحد جنرالاته بمثل هذا الحكم، فسارع المدعي العام الذي تم تعيينه في ظروف مرتبكة ليعلن أن حكمًا من هذا النوع “غير دستوري وغير أخلاقي وغير قانوني”، وأن القضاء “ألغى كل شيء”.
في حين أن محكمة أخرى كانت قد أصدرت حكمًا بالإعدام على ذي الفقار علي بوتو بعد انقلاب الجنرال ضياء الحق عليه بتهمة فضفاضة أسموها “إهدار الممارسات الديمقراطية”، ونُفّذ الحكم فعليًا عليه في أبريل ١٩٧٩ بدلًا من تكريمه لكونه راعيًا لأهم إنجاز في تاريخ باكستان وهو حيازتها للقنبلة النووية.
المؤشرات تتجه لتنفيذ سيناريو “بوتو” وأن أحكامًا قد تصدر مستقبلًا بإعدام “عمران خان”، لكن هناك صعوبات كثيرة تحول دون الوصول لهذا السيناريو أهمها شعبيته الجارفة في الداخل، والكاريزما العالمية التي تملكها الرجل بصفته سياسيًا سواء أو لأنه واحد من أشهر 6 لاعبي كريكيت في العالم جعلته رمزًا دوليًا.
وهو ما قد يخشى معه تنفيذ سيناريو رئيسة الوزراء “بينظير علي بوتو” التي تم اغتيالها في مؤتمر انتخابي عام 2007 لمنعها من الوصول إلى كرسي رئاسة الوزراء مرة جديدة، ولعل “عمران” يدرك تلك المخاطر، وهو السيناريو الذي جرت محاولة فاشلة له صباح اليوم الخميس بينما هذا المقال في طريقه للنشر.
القضية والطعن
من الواضح أن عمران خان واثق جدًا من اتساع شعبيته بدليل المظاهرات المليونية التي قام بها طيلة الأسابيع الماضية نحو العاصمة إسلام أباد لإسقاط الحكومة الحالية وإجراء انتخابات مبكرة، أما بخصوص الحكم المثير للضجة فقد تم الطعن أمام محكمة إسلام أباد العليا لإسقاطه هو أيضًا.
ولعل هذه الثقة وتلك المثابرة وما تركته من انطباعات هي من دعت بابار افتخار المتحدث باسم الجيش يعقد مع قائد وكالة الاستخبارات الرئيسية الجنرال نديم أنجوم، مؤتمرًا صحفيًا نادرًا يهاجم فيه عمران خان، ويؤكد فيه أن الجيش لن يقوم بدور غير دستوري ولا يقحم نفسه بالسياسة.
علمًا بأن “انجوم” كان واحدًا من أبرز الشخصيات التي اعترض “عمران خان” على توليها منصبها، لكن إرادة السلطة العسكرية انتصرت في النهاية.
وإذا كان هذا الجدل بسبب الحكم إلا أن تفاصيله هي محط الدهشة، وهو يتعلق باتهام “خان” ببيع “ساعات ملكية” قيمتها 650 ألف دولار أمريكي قدمت له أثناء فترة رئاسته للوزراء كهدايا شخصية، وهي الاتهامات التي نفاها تمامًا وعدّها محاولة لوصمه بالفساد، وهو الرجل الذي كانت خطته الأساسية محاربته، فضلًا عن صدور الحكم من محكمة غير مختصة.
الأحداث في باكستان رتيبة، ولم يتغير شيء منذ الاستقلال، أدوات في الظاهر والمتحكمون خلف الكواليس.
……
من البداية كنا ندرك أن من يعادي النفوذ الغربي في بلادنا لن يستمر.
لتخطي الحجب | https://ajm.me/78iwlq
“التاريخ يكتبه المنتصرون”، صدق رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل حينما قالها، ولعله حينئذ كان يعرف حجم التزوير والعبث الذي مارسه هو وأمثاله المنتصرون في هذا التاريخ، وكيف أنهم نجحوا في تحويل أكاذيب بينة إلى حقائق راسخة لا تشوبها شائبة، حتى صدقها المهزوم نفسه من فرط تكرارها.
هناك أكذوبة شهيرة من هذا النوع، ترسخت في الأذهان حتى استحال تكذيبها، رغم وجود العديد من الأدلة التي تدعم ذلك. إنها تتعلق بمن استطاع فكّ رموز اللغة الهيروغليفلية.
حجر رشيد
فقد اقترن اسم حجر رشيد وفك الرموز التي كانت محفورة عليه بجهود العالم الفرنسي جان فرنسوا شامبليون عام 1822م، وهو الإنجاز الذي مهد الطريق للتعرف جليا على اللغة الهيروغليفية وحروفها، وهي معلومة لا تزال تدرس للنشء حتى الآن في المناهج المدرسية المصرية، رغم أن العديد من العلماء المسلمين خاصة الكيميائيين منهم أمثال جابر بن حيان وذي النون المصري وابن وحشية النبطي وغيرهم كانوا قد سبقوا العالم الفرنسي إلى فك رموز تلك اللغة بأكثر من 800 سنة، وجاء محور اهتمامهم بها لاعتقادهم أنها تحوي معلومات مهمة عن الكيمياء.
وترك هؤلاء الكثير من المخطوطات والكتب منها كتاب “شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام”، وهو الكتاب الذي حققه الباحث جمال جمعة، وتُرجم إلى عدة لغات، وهو متاح للقراءة والاقتناء عبر المنصات الرقمية، حيث تناول فيه أبو بكر بن وحشية النبطي الكيميائي واللغوي العراقي الذائع الصيت في القرن العاشر الميلادي 89 لغة بالشرح والتفصيل وجاءت من ضمنها اللغة الهيروغليفية.
وكان مستشرق نمساوي يدعى جوزيف هامر قد قام بترجمة هذا الكتاب عام 1806م تحت عنوان “الأبجدية القديمة والشخصيات الهيروغليفية”، ونشره في لندن قبل إعلان شامبليون اكتشافه بعام.
كما سبقه الكيميائي جابر بن حيان في القرن السابع الميلادي، بنشره الكثير من معاني رموز وحروف تلك اللغة ضمن كتابه “الحاصل في علم الميزان”، ثم كتاب عبد السلام المقدسي “حل الرموز ومفاتيح الكنوز” في القرن السادس الهجري، وكذلك تأكيد “أيوب بن مسلمة” المقرب من الخليفة المأمون في مخطوطة له، أنه تمكن من قراءة النقوش المصرية القديمة.
وقد تلاه “ثوبان بن إبراهيم” أو “ذو النون المصري”، وهو عالم مصري من مركز اخميم بمحافظة سوهاج كان علما بين علماء زمانه في الكيمياء واللغة خاصة الهيروغليفية، وله كتاب باسم “حل الرموز وبرء الأرقام في كشف أصول اللغات والأقلام” يكشف فيه تفاصيل دفائن تلك اللغة.
وضمّن الكيميائي العراقي أبو القاسم العراقي عام 1506م كتابه الأقاليم السبعة جدولًا لترجمات الحروف البرباوية (أي الهيروغلفية)، وكذلك ابن الدريهم في كتابه “مفتاح الكنوز في إيضاح المرموز”، وابن إسحاق الكندي في كتابه “رسالة الكندي في استخراج المعمى”.
وجل هذه الكتب والمخطوطات محققة ويمكن الاطلاع عليها في المكتبات التاريخية العراقية والسورية، فضلا عن المكتبات الإلكترونية.
أسباب منطقية
ولا يقتصر الأمر على الوثائق والكتب، بل هناك أسباب أخرى أكثر منطقية تجعلنا نصدق أن العلماء العرب والمصريين كانوا أسبق في حل طلاسم الهيروغليفية، منها أن العرب حينما فتحوا مصر كانت هذه اللغة لا تزال حية في الألسنة وإن شوهتها لغات الرومان واليونان وغيرهم ممن احتلوا مصر عدة قرون، لكنها لم تنقرض.
كما أن مصر لم تكن طوال العصور السحيقة بمعزل عن جيرانها العرب، فالتواصل بينهم كان مستمرا سواء لأغراض التجارة أو تحصيل العلوم أو حتى الحرب والاستعدادات العسكرية، وبالتالي فلابد من أنهم كانوا قد تبادلوا فهم اللغتين العربية والهيروغليفية وتحدثوا بها.
كما أن حقائق التاريخ تؤكد استقرار القبائل العربية الكنعانية في دلتا مصر مدة طويلة في العصور الفرعونية، ويعتقد بعض المؤرخين أن مصطلح الهكسوس هو في الأصل الاسم الذي أطلقه المصريون على الكنعانيين عندما حكموا مصر.
بل إن آثار تلك اللغة باقية إلى اليوم، فالطقوس والصلوات في الكنائس المصرية لا يزال بعضها حتى الآن يستخدم لغات قديمة كالهيروغليفية والسريانية والآرامية والرومانية، فضلا عن أن هناك مفردات هيروغليفية قليلة لا تزال متداولة في الشارع المصري، مثل كاني وماني، والسح الدح امبو، وغيرها.
والأهم أن إنكار ذلك سيعني حرفيا أنه لم يبق من سلالة الفراعنة أو المصريين القدماء الذين يطلق عليهم “الأقباط” أحد في مصر، لا مسلم ولا مسيحي، وأن سكان مصر هم مزيج من العرب والرومان واليونان والبطالمة والأحباش والنوبة وغيرهم إلا المصريين وهو في الواقع قول غير منطقي إطلاقًا.
فالمنطقي أن المصريين القدماء كانوا موجودين في المجتمع بعد الإسلام ودخل جلهم في الدين الجديد، وامتزجوا باللغة العربية وتناسلوا مع القبائل العربية فصاروا عربًا.
كل ذلك يعني أننا لم نكن بحاجة إطلاقًا إلى أن يعبر الفرنسي جاك شامليون البحار لكي يعلمنا حقيقة الحروف الهيروغليفية.
……
المؤسف أن حجر رشيد نفسه الذي تدور حوله كل تلك المعركة التاريخية، والذي تمر مئتا عام على فك رموزه هذه الأيام، استولت عليه بريطانيا وحبسته في المتحف البريطاني بلندن، ضمن مجموعة نادرة من الآثار المصرية، ولم تُبذَل أيّ جهود حقيقية لاستعادته.
زوّروا التاريخ وسرقوا الحجر.
لتخطي الحجب | https://ajm.me/1kzt0l
للمزيد| https://ajm.me/l41dkl
يشاء الله أن تتوافق الذكرى الخامسة والخمسين لوفاة المناضل اليساري الأرجنتيني الكبير تشي جيفارا مع نفس الشهر الذي توفي فيه المفكر الاسلامي الكبير د.يوسف القرضاوي، ولم يمر هذا التوافق إلا ليكشف لنا معه تناقضا كبيرا في مواقف “النخب الرسمية” لا سيما في عالمنا العربي من الرجلين.
ونحن نقصد بمصطلح “النخب الرسمية” تلك النخب التي تربت علي يد النظم الحاكمة، أو تلك التي سُمح لها بالنمو والترعرع لكونها تضطلع بأدوار معينة أو تحمل قناعات خاصة توافق هوى تلك النظم.
ومصدر التناقض هنا هو أنهم برروا، وعللوا، وبجلوا، واستماتوا دفاعا عن أقوال وأفعال قالها وقام بها شخص يتبعه رهط من الناس، أدت إلى إزهاق أرواح أناس أخرين، وتسببوا في انقلابات عسكرية مسلحة في أكثر من دولة لاتينية وأفريقية، بغض النظر عن خطأ ذلك من صوابيته..
في حين أنهم صبوا جام غضبهم على شخص آخر، وشيطنوه، ونكلوا بمحبيه، وأحرقوا كتبه التي لم يقرؤوها، – وهى الكتب التي لو استطاعوا قرأتها ما استوعبوها- رغم أنه لم يحمل السلاح، ولم يدع حتى لحمله، ولم يقتل أحدا، ولم يدع حتى لقتله، وكل ذلك لأنه فقط تجرأ وأيد مطالب الشعوب في الحرية والاستقلال.
والغريب أن المشهد الأول الذي يخص تشي جيفارا- وأنا بالمناسبة أحبه وأقدر تضحياته للدفاع عن المظلومين الرازحين تحت نير الاستبداد- حدثت فصوله عيانا جهارا ولا ينكره أنصاره بل يفتخرون بها، ولا توجد حاجة لتحضير العفريت للتدليل عليه، فقط نقرأ جزءا من مذكراته ومذكرات رفاقه وسيصبح الأمر واضحا..
لكنهم في المشهد الثاني حينما لم يجدوا ما يدينون به الشيخ؛ راحوا ينسبون إليه ما لم يقله ولم يفعله في محاولة فاجرة لصناعة العفريت، مع أنه أيما كانت مواقف الرجل فهي في النهاية لا تعدو أن تكون في إطار حق التعبير..
مع أنه في رأيي يمكن حصر الاختلاف بين الاثنين في أن الأول رأى وجوبية التغيير بالقوة، بينما جاء رأي الثاني في وجوبية التغيير بالدعوة والكلمة الحسنة والدفاع عن النفس، وذلك في إطار اجتهاداته الشرعية، ومن عجب أن الثاني هو من يتعرض للهجوم وحده، مع أنه لو طبقنا نفس القياسات لكان الأول أولى به.
سر الهجوم
ورغم هذا المدح؛ إلا أن التاريخ لو عاد مجددا بتشي جيفارا، وشرع في نضالاته الثورية ثانية لرأينا نفس هؤلاء المادحين له يذمونه، ويشيطنونه، وذلك لأنهم حينما مدحوه كانوا فقط يسايرون الموضة، ولم ينزعج موجهوهم من هذا البطل نظرا لأنه كان ظاهرة فردية وانتهت.
وأيضا لأنه ليست لديه مجموعات أيديولوجية عريضة ومؤثرة في عالمنا العربي يمكنها أن تحدث تغييرا بكتلتها العددية، في حال مدحه أو ذمه، ولذلك فإن الحديث عنه يمكن اعتباره “عندهم” مجرد ترويح وتسلية..
فيما يحدث العكس تماما مع القرضاوي، فأنصار الرجل في بلادنا لا تحصيهم الشمس، جزء كبير منهم مؤدلجون عقديا، وقضيتهم الأولى في الحياة هي الانتصار لعقيدتهم الدينية، وإحداث تغيير جذري في الحياة السياسية باتباع أساليب الديمقراطية أو بغيرها، ليعيشوا كما يريدون هم وليس كما يريده لهم غيرهم.
التحيز الأعمى
لم أقرأ للشيخ القرضاوي كتابا واحدا -وهذه نقيصة بي- ولكنني سعيت في السنوات القليلة الماضية لقراءة أي شي استشف من خلاله سبب الحرب التي يشنونها عليه، فقرأت له بضعة مقالات متناثرة، عرفت منها عمق تفكيره وجديته ونجاعة اطروحاته، وعرفت أنهم حتما لذلك يكرهونه.
لست هنا بصدد الحديث عن القرضاوي أو جيفارا بذاتيهما، فكلاهما وجد ظلما وراح يواجهه بطريقته، ولكن أتعجب عن تلك الازدواجية التي تصيب هذه النخب الصناعية حينما يمس الحديث من يتبني الفكر الإسلامي.
حيث يعتقدون أنهم يحررون الناس من الأوهام الذهنية، بينما هم أنفسهم ضحايا وقعوا أسرى لصورة نمطية بثها إعلام موجه طيلة عقود، أخرجتهم من حدود التهجم غير المبرر على مظاهر التدين الإسلامي والمتدينين المسلمين دون سواهم، إلى التهجم على الإسلام نفسه دون سواه.
فوقعوا ضحايا لبطولات زائفة، لا يصفق لها إلا كل الكارهين لأمتنا وديننا، وذهبوا كما ذهب دون كيشوت ليحاربوا طواحين الهواء.
مع ملاحظة أن أعظم دعوات وتنظيرات الحياة الهانئة للبشرية وهى “الديمقراطية” بدأت أصلا كفكرة فردية، وعوقب صاحبها وقتها بالإعدام، ومع ذلك عاد له حقه فكرمه التاريخ، وكرم تلميذه أفلاطون ليبقيا كليهما من أيقوناته الثابتة، فيما بالكاد يتذكر احد اسم من أصدر حكما باعدامه.
ولو تحرر الجميع منه ومن الأحكام المسبقة أو المبنية على أحكام ذهنية سابقه التجهيز لوصل الناس سريعا لطريق الرشاد. لكن الغرض مرض.
لتخطي الحجب https://ajm.me/ca3t0q
للمزيد https://ajm.me/jbfnys
مع جفاف الأنهار في أوربا والعديد من بقاع العالم، وتوالي الكوارث الطبيعية والبيئية والصحية، والاقتراب من شفا صراعات وحروب نووية مدمرة بين أقطاب العالم، أصبح المناخ مواتيا ليرتفع ذلك الصوت الذي كان يهمس بأن نظرية “قارب النجاة” هي الآن قيد التنفيذ.
وهي تلك النظرية التي نسبت إلى نظريات التنمية -زورا وبهتانا – والتي تصور أن سكان العالم يستقلون مركبا مزدحما في عرض البحر يكاد يغرق بهم، وأنه يجب التخلص من بعضهم ليتمكن الآخرون من النجاة.
ونظرًا إلى وحشية تلك الرؤية جرى تخفيف وقعها على الأسماع على يد جاريت هاردن أستاذ علم الأحياء بجامعة كاليفورينا الأمريكية بقوله إن العالم الغني يعيش في قارب مزدحم، أما الدول النامية فسكانها في الأسفل يصارعون الغرق في بحر من الجوع والأمراض والأوبئة والصراعات، وسيكون خطأ جسيما أن يسمح الأغنياء لهم بالتعلق بالمركب، وإلا فسيموتون جميعا، ولذلك يجب قطع المعونات بكافة أشكالها عنهم.
وهو التعديل الذي يساوي صراحة طرح المخايرة بين أن يموت الناس بطلقات الرصاص المباشر أو العشوائي، مع أن الألم والنهاية واحدة.
كما قدم رجل دين إنجليزي يدعى توماس مالتوس منذ قرنين نظرية لاقت اهتماما كبيرا لدى الساسة الاستعماريين آنذاك، تؤكد أن نمو الإنتاج في العالم لا يتواكب نهائيا مع زيادة عدد سكانه، مقترحا تصحيح الخلل باستخدام تدابير وقائية للسيطرة على هذا النمو، وتشمل هذه التدابير تنظيم الأسرة، وتشجيع العزوبة وتأخّر الزواج.
ولا نعرف بعد هل اللجوء إلى هذه النظريات والتخلص من الفقراء أو سكان العالم النامي هو الحل لإنقاذ العالم، أم أن هناك تخطيطا جرى لإفقار هذا العالم وخاصة الإسلامي منه وتفجيره بالصراعات الداخلية، وإفشاله طمعا في الوصول إلى تلك النتيجة؟
الحي والميت
كما لم يقل لنا المنظرون كم عدد سكان العالم المطلوب إنقاذهم، ولا المطلوب إغراقهم أو تركهم يموتون غرقا، إلا أن الإجابة هنا تأتي من المجهول.
المجهول يمثله ما يعرف بألواح جورجيا “الولاية الأمريكية” حيث عثر فيها على خمسة ألواح جرانيتية فخمة يعتقد أنها صنعت في أوج غمار الحرب الباردة عام 1980 ولا يعرف صانعها.
يزن الحجر الواحد منها 40 طنا بطول خمسة أمتار نقشت فيها عشرة وصايا بالعربية والعبرية والبابلية واليونانية والسنسكرينية والهيروغليفية، والإنجليزية، والإسبانية، والسواحلية، والهندية، والصينية، والروسية، ويعتبر الكثيرون أنها هي ذاتها وصايا الماسونية.
وكان من أهمها: ابقوا عدد الجنس البشري أقل من 500 مليون نسمة في توازن دائم مع الطبيعة، وجهوا التناسل البشري مع تحسين اللياقة البدنية والتنوع، وحدوا الجنس البشري بلغة جديدة معاصرة، تحكموا في العاطفة وفي العقيدة وفي التقاليد وفي جميع الأشياء بمنطق معتدل.
كما تأتي إجابة أخرى من سياسيين أمثال “سوسان جورج” مدير شؤون الشرق الأوسط في الأمم المتحدة التي كشفت في كتابها “تقرير لوغانو” أن فريقا غربيا متعدد الجنسيات يضم سياسيين وعسكريين ورجال مخابرات وعلماء أعدوا في تسعينيات القرن الماضي تقريرا عملوا على تنفيذه للحد من تنامي الأجناس الأخرى غير الغربية، عبر الحد من تطور الرعاية الطبية وزيادة نسبة الخصوبة.
ويأتي الرد أيضا من هينري كسينجر وزير خارجية أمريكا الذي أشار أيضا إلى وجوب أن يكون لتخفيض عدد سكان العالم والعالم الثالث خاصة الأولوية القصوى للسياسة الخارجية الأمريكية.
وأوصي في وثيقته السرية NSSM-200 التي أعدها عام 1974 ورفعت عنها السرية عام 1990 ووضعت في الأرشيف الوطني الأمريكي؛ بضرورة العمل على خفض عدد سكان 13 دولة نامية من أجل تأمين مصادر الخامات وهذه الدول هي مصر، وتركيا، وبنغلاديش، وباكستان، ونيجيريا، والمكسيك، وإندونيسيا، والبرازيل، والفلبين، وتايلاند، وإثيوبيا، وكولومبيا، والهند.
كما فأجأ تيد تورنر إمبراطور الإعلام الأمريكي -وهو صاحب عدة قنوات عالمية منها CNN- العالم، في مقابلة مع مجلة أودوبون عام 2008 بتأكيده أنه “سيكون إجمالي عدد سكان العالم من 250 إلى 300 مليون شخص في عام 2025”.
القتل الرحيم
بالطبع لم يدع مؤيدو هذه النظرية وهم كثيرون في المجتمعات الغنية في الشرق والغرب إلى القتل المباشر لسكان العالم بالطريقة التي صورتها مجموعة أفلام مارفل الأمريكية وخاصة في جزئها الرابع حيث يسعى “ثانوس” الشرير الذي يمتلك كافة مقومات الذكاء والقوة المطلقة لإبادة أعداد كبيرة من البشرية باستخدام تلك القوة.
ولكن عبر أهم تلك الوسائل التي أجمعت عليها كافة التقارير والتي يمكن إيجازها في عبارة واحدة وهي محاربة الأسرة بصورتها التقليدية، من خلال تشجيع العزوف عن الزواج التقليدي، والشذوذ الجنسي والانحراف الأخلاقي، وتحديد النسل، والإجهاض، وخفض نسب الخصوبة، وتدمير الاستقرار الأسري بعوامل اجتماعية أو اقتصادية.
ولم تتضمن التقارير الأساليب الأشد قسوة التي يتفجر من حين إلى آخر ما يدعمها من أخبار مثل نشر الأوبئة والأمراض وتسميم الماء والطعام والهواء، وخفض الرعاية الصحية، وتفجير الصراعات والحروب، ونشر الآفات التي تبيد الزراعات والمحاصيل. ولعل تتالي تفشي الأوبئة في الأعوام الأخيرة قد فتح مجالا لذلك.
المفيد في الأمر أننا الآن صرنا على علم بتلك المؤامرات التي تحيط بنا من كل جانب، في حين كانت الأجيال السابقة تتجرع مراراتها ولكن لا تستطيع بلورتها، وبالطبع حينما تكشف المؤامرة مبكرا فحتما ستفشل كليا أو جزئيا.
والأهم من ذلك أن نتيقن أن الله وحده هو الذي يحيي ويميت، مع ضرورة توخينا ما أمرنا به من كياسة وحذر.
تخطي الحجب: https://ajm.me/kfso3l
للمزيد: https://ajm.me/6muw3x
لا أحد يعرف السر الذي يجعل من المجموعات المثلية أو بالأدق “الشواذ” حول العالم تستخدم ممارساتها بشكل دعائي ودعوي، مع أنه كان يمكنها أن تكتفي بالمطالبة بعدم تعقبها طالما أن نشاطها يجري في الخفاء، مثله مثل كل العلاقات الجنسية السليمة أو الشاذة، والمشروعة أو المحرمة والمجرمة على حد سواء.
ولا نعرف أيضا ما الدواعي المنطقية لما يتردد عن أن هناك ضغوطا تمارس على الحكومات العربية من أجل إباحة الشذوذ، بل والدعاية له، وهو الفعل الذي قبل أن يُجرم قانونا، محرم شرعا في الأديان السماوية وفي كثير من العقائد الأخرى.
والأهم أنه يكون سببا للخزي والعار اجتماعيا لمن ينخرط فيه، وبالتالي فالحكومات ليس بيدها فعل شيء لتمرير ممارسات يلفظها المجتمع، خاصة أنها تهدد أولى وحداته وهي الأسرة.
صحيح أن تلك الضغوط قد حققت نجاحا طفيفا فيما مضى، لكنه أيضا ليس النجاح الذي تريده الجهات الضاغطة.
ذلك النجاح الشكلي تدلنا إليه أحاديث جانبية كثيرة تتناثر في أكثر من بلد عربي وإسلامي تفيد أن الشذوذ الجنسي واحد من مفاتيح الترقي في السلم الحكومي، وأنه يمكن أن يكون في حد ذاته سببا لشغل المناصب القيادية لاسيما في المجالات الاجتماعية والفنية والأدبية.
يحدث ذلك في حين أن دولا غير مسلمة كروسيا مثلا تعرف قوانينها الزواج بأنه ما يتم فقط بين الرجل والمرأة، ويحكى في ذلك أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سخر من رفع السفارة الأمريكية في بلاده علم المثليين قائلا إنه يعكس التوجه الجنسي للموظفين فيها.
دين جديد
وبحسب احصاءات الأمم المتحدة؛ يعيش واحد من كل خمسة أطفال في العالم في فقر مدقع، مع مخاطر تعرض 160 مليون طفل للموت جوعا في الأعوام السبعة القادمة، مع مقتل 167 ألف شخص نصفهم عرب في عام 2015 وحده، فيما فتكت الامراض والأوبئة بالملايين.
مع تفجر النزاعات بكافة أطيافها، وتنامي الديكتاتوريات وتراجع خريطة الديمقراطية في العالم بسبب الانتهازية الغربية، وكذب شعاراتها الزاعمة الدفاع عن حقوق الإنسان، التي اتضح أنها تقتصر على حقه في الشذوذ والإلحاد.
لذلك لا يوجد أي سبب مقنع يبرر ترك حماة حمى الحرية في العالم تلك المقتلة الكبيرة الدائرة في كثير من بلدان العالم ضد الإنسان بسبب عقيدته أو فكره أو عرقه، وذلك الموت المتربص به جوعا وحرقا وغرقا ومرضا وفقرا، وينشغلون بتطويع العالم للانشغال بقضية لا تمس سوى 2% من سكانه، اللهم إلا إن كانوا يَبْغُونَهَا عِوَجًا لإفساد الأرض.
ولعلهم يبغونها كذلك فعلا بدليل أن تلك المجموعات هي من تتحرش بالمجتمعات بغية أن تحوز على إعجاب الآخرين وتنال دعمهم، بل وتجعلهم يسلكون مسلكهم، وتلطخ من لم ينخرط أو حتى يتأفف من الانخراط فيها؛ بالعنصرية ومعاداة حقوق الإنسان.
هدف أممي
وبدلا من قصر أنشطتها على أعضائها، تشيع أبواقها مناخا يؤكد بأنه من كمال صلاح المرء الإيمان بهذا الشذوذ والدفاع عنه، مع أنه لو طبقت على هذه الدعوات معايير الديمقراطية، فلا مانع أبدا من الاعتراض السلمي عليها، شأنها شأن كل النشاطات والأفكار التي يتبناها الإنسان ومن المتوقع أن يخطئ أو يصيب فيها.
وتهتم ماكينة الدعاية للشذوذ بالنشء، فنجد فضائيات للأطفال تدعو، ودراما تدعم، وإعلام مشبوه يدافع، ونجد كبريات شركات الإنتاج الإعلامي الخاص بالأطفال مثل والت ديزني تعلن تحويل 50% من شخصياتها الكرتونية إلى شخصيات ذات ميول جنسية مثلية، كما أباحت 28 دولة في العالم الزواج الرسمي بين المثليين.
ولم يتوقف الأمر عند الجمعيات الأهلية والفضائيات وما شابه، ولكن دخلت الأمم المتحدة على الخط وراحت تبارك هذا القبح وتدعو إليه بعشرات المقاطع المصورة، بل إن قوانين الأسرة والطفل التي اعتمدتها كمعيار فيما يعرف بقوانين “السيداو” هى نفسها القوانين الداعية لتفتيت الأسرة، وانفراط الرقابة الأبوية، وتشجيع انحراف الأبناء.
وللأسف هناك الكثير من قوانين الأحوال الشخصية التي تسن في بعض بلدان العالم الآن تراعي هذه المعايير النموذجية، تحت دعاوى الحرية الشخصية وهي الدعاوى التي تم تحميلها كل النقائص التي لا تستحقها.
ولا نعرف هل كل هذا الزخم المدافع عن الشذوذ المقصود منه هو جعلنا نتساهل معه، أم يريدوننا أن ننخرط فيه، فنصبح لا مؤاخذة شواذ؟!
ولك أن تتخيل مثلا أن الكثيرين ممن يدافعون عن مسيرات ومهرجانات واحتفالات المثليين ويصفونها بأنها تعبير عن الحرية الشخصية، هم أنفسهم سيكونون المبادرين بالهجوم على أي أنشطة تكذب وقوع الهولوكوست أو تمجد هتلر أو موسوليني مثلا،، مع أن ذلك في الأساس هو نشاط فكري بحت حتى لو اختلفنا معه.
الواقع أننا حينما أطلقنا مصطلح المثلية الجنسية على الشذوذ الجنسي بما فيه من وضوح، وقعنا في الفخ وخسرنا شوطا من المبارزة، وعملنا بأنفسنا على تحسين الوقع النفسي البغيض لتلك الفاحشة.
يجب أن نخوض المعركة بمسمياتها.
تخطي الحجب: https://ajm.me/k279bv
للمزيد: https://ajm.me/fnzwxz
أتت الضربة الأخيرة لهذا النفوذ من دولة مالي وتسببت في إجلاء باريس آخر جندي من جنودها الذين أرسلتهم إلى هناك بزعم مكافحة الإرهاب عام 2013 من الأراضي المالية. وما إن تمت تلك العملية حتى قامت حكومة باماكو باتهام القوات المنسحبة في شكوى رسمية قدمتها إلى مجلس الأمن بالتجسس عليها ودعم “الجهاديين” في أراضيها.
ذلك الانسحاب وما أعقبه من اتهام سبب لفرنسا إحراجا كبيرا، خاصة أن قواتها التي انسحبت إلى النيجر، ما إن وصلت إلى هناك حتى خرجت في نيامي مظاهرات شعبية تطالب بجلائها من البلاد أيضا، ولما منعت الحكومة تلك المظاهرات أطلق المتظاهرون حملة توقيعات شعبية لتنفيذ مطالبهم.
وفي العام الماضي تفجرت مظاهرات في دولة بوركينا فاسو تطالب برحيل القوات الفرنسية القادمة إليها من ساحل العاج، مما أجبر تلك القوات على الإسراع في الانضمام إلى قوات فرنسا في مالي.
يأتي هذا الرفض المتنامي للوجود الفرنسي على الأراضي الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى لينسجم مع نفس الرفض للنفوذ الثقافي الفرنسي في بلدان شمال تلك الصحراء كتونس والمغرب، وقيام الجزائر بجعل الإنجليزية لغتها الثانية في البلاد بدلا من الفرنسية.
هذا فضلا عن أن انسحاب القوات الفرنسية الذي تم بناء على تفجر مظاهرات شعبية في مدن شمال مالي تطالب برحيلها وتمهلها ثلاثة أيام للتنفيذ، كان في حد ذاته إهانة لباريس التي تزعم أن وجود قواتها في بلدان إفريقيا جاء تلبية لرغبة الشعوب الإفريقية.
قصة الرحيل
كان للصراع الشديد بين الرئيس المالي بوبكر كيتا المدعوم من قبل فرنسا الذي صعد إلى الحكم عام 2013 في انتخابات وصفتها المعارضة والمنظمات الدولية بأنها مزورة؛ وبين حركة 5 يونيو (تجمُّع القوى الوطنية المدعومة شعبيا) هو أول انهيارات الوجود الفرنسي في مالي.
وقد سرّع ذلك الانهيار ما ترافق معه من تردّ في الأوضاع الاقتصادية والحقوقية واختناق سياسي، واستمرار الاحتجاجات في المدن الرئيسية للبلاد ضد الفساد والغلاء والوجود الأجنبي، مع تنامي العمليات الإرهابية التي كان من المفترض أن القوات الفرنسية جاءت أصلا للحدّ منها، مما عجّل بانقلاب عسكري في 18 أغسطس/آب 2020.
لكن العسكر المتمردين انصاعوا للضغوط الفرنسية وقبلوا بأن يعود الرئيس بوبكر كيتا ليتولى فترة انتقالية مدتها عام، إلا أنه قبل أن يمر ذلك العام قام عسكريون بقيادة العقيد عاصمي كويتا بالانقلاب مجددا على “كيتا” في 24 مايو/أيار 2021، وتحالفوا مع قيادات حركة 5 يونيو المناهضة للوجود الفرنسي في البلاد.
ترافق ذلك مع إحداث تغييرات عميقة في بنية القوات المسلحة المالية تهدف لعزل كبار الضباط الذين لا يرون أي غضاضة في التبعية لفرنسا، ليحلّ محلّهم آخرون من صغار الضباط الذين يحملون نزعات وطنية استقلالية.
البديل الروسي
لكن للأسف، هناك اتهامات بأن عمليات التخلص من النفوذ الفرنسي في إفريقيا لا تتم لصالح الاستقلال بل لصالح إيجاد موطئ قدم لروسيا في إفريقيا، وهو أمر -إن كان صحيحا- لا يحمل ألمًا مضاعفا لفرنسا وحدها، بل لحلفائها الأوربيين والأمريكيين أيضا.
هذا الاتهام تصر عليه فرنسا ربما رغبة في استدرار تضامن الأمريكان والحلفاء الأوربيين معها، وحثهم على استعمال نفوذهم لدى الدول الإفريقية من أجل العمل على إبقائها هناك.
لكن مع ذلك هناك شواهد تدعم صحة هذا الافتراض، وهي أنه في السنوات الخمس الماضية وحدها أبرمت روسيا عدة اتفاقات عسكرية مع مالي والنيجر وإفريقيا الوسطى وموريتانيا، لتفتح تلك الاتفاقات سوق السلاح الروسي أمام هذه الدول.
ولم يتوقف الأمر عند مجرد فتح أسواق الأسلحة فحسب، بل تخللتها أيضا اتفاقات تتعلق بنشر قوات فاغنر كما حدث في إفريقيا الوسطى وليبيا، وهي قوات تحرص الحكومة الروسية في المناسبات العامة على اعتبارها تابعة لشركة خاصة لا تمثل روسيا، في حين تؤكد كل ممارسات تلك القوات أنها ممثلة لحكومة موسكو.
وقد كشفت وثيقة عسكرية ألمانية أن قوات ألمانية تابعة لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة رصدت عشرات من أفراد قوات أمنية يُفترض أنها روسية في مطار جاو بشمال مالي، وهو نفس يوم رحيل القوات الفرنسية.
انهيار نظام فوكار
كل الأدلة تؤكد أن إفريقيا تعمل بشكل حثيث على إكمال خلع العباءة الفرنسية والتخلص نهائيا من النظام الذي أنشأه جاك فوكار عام 1962 بتكليف من الرئيس الفرنسي شارل ديغول حول صياغة علاقة جديدة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في إفريقيا، مما جعل البعض يعتبر فوكار “مهندس الاستعمار الفرنسي” الحديث لإفريقيا.
وهو النظام الذي قام على إبرام فرنسا عقودا سرية أو معلنة مع حكام الدول الإفريقية تحميهم من الانقلابات العسكرية وتضمن سلامتهم وعائلاتهم مقابل مليارات الدولارات وآلاف الأطنان من الثروة المعدنية والنفطية التي تتمتع بها القارة السمراء، وهو ما يفسر وجود آلاف من الشركات الفرنسية في كافة المجالات تسيطر على الأوضاع الاقتصادية في أغلب بلدان غرب إفريقيا.
لكن تمادي فرنسا في امتصاص ثروات الدول الإفريقية في حين يموت الشباب الأفريقي غرقا في البحر المتوسط لكي يأخذ الفتات من ثرواته التي استحوذت عليها باريس، جعل فكرة الخلاص تختمر في العقول. لأن جحا أولى بلحم ثوره.
تابع المقال
لتخطي الحجب | https://ajm.me/6nhrgwhttps://ajm.me/n43t45
لا ندري ما السر وراء هذا السعار الذي يجتاح الحكومات العربية للتنكر لهويتها عبر طمس اللغة العربية والنزول بسن تعلّم اللغات الأجنبية إلى رياض الأطفال، وهو القرار الذي اتخذه وزير التعليم المصري السابق الدكتور طارق شوقي، وهو السن الذي يحتاج فيه الطفل إلي تعلّم الحروف الأولى من لغته القومية وإتقانها، وليس التشويش والإثقال عليه بتعلم لغات الآخرين.
يأتي هذا القرار ضمن جملة إجراءات سابقة اتخذها هذا الوزير، بجعل اللغة الإنجليزية هى اللغة التي سيجري بها تعلم كافة المواد العلمية والإنسانية في جميع مراحل التعليم الابتدائي الرسمي.
ولا نعرف ما الداعي للسعي وراء التخلص من موروثاتنا الثقافية والحضارية التي نتميز بها، وتجعلنا محطا لأنظار العالم الباحث عن التفرد والاقتداء، الذي نملك كل أدواته عبر الاعتناء بلغتنا العربية التي شرّفها الله بالقرآن الكريم لتكون لغته الوحيدة، ومع ذلك نلقي بذلك أرضا ونهرول لننضم إلى حشد لا يمكننا أبدا أن نكون إلا في نهاية ذيله.
علما بوجود عشرات من الدراسات قد نتطرق إليها في مرات أخرى أجراها علماء مصريون وعرب وأجانب تؤكد جميعها أن أداء الأطفال الذين يتعلمون لغة واحدة كان أفضل من أداء ونتائج الأطفال الذين يتعلمون لغتين حيث يعانون من مخاطر دينية وثقافية ولغوية وعاطفية.
وهي النتائج التي يراها المصريون الآن عمليا في الواقع جراء هذا الاضطراب التعليمي حيث إن عوائد التحصيل العلمي منخفضة للغاية، وكانت نتائجها عدم تعلم الأطفال لا العربية ولا الإنجليزية.
مبررات واهية
التعليل لأهمية تعلم اللغات الأوربية لا سيما الإنجليزية أو الفرنسية بكونها لغات العلوم أمر قد يحظى بوجاهة ما في بادئ الأمر، لكن وجاهته تزول سريعا لتحل محلها علامات استفهام كبيرة إن لم نجد لها إجابات مقنعة على جملة من التساؤلات أهمها:
لماذا نعلّم أطفالنا في المراحل التعليمية المتقدمة في رياض الأطفال والابتدائية والإعدادية لغات غير لغتنا القومية المنصوص عليها دستوريا بناء على موروثاتنا الحضارية والثقافية، بينما كان يمكننا أن نعلمهم تلك اللغات في مراحل تعليمية متأخرة بما يتناسب مع حاجتهم الفعلية لتلك العلوم وسوق العمل؟
فنحن مثلا لم نجد مؤسسات علمية غربية صغرى أو كبرى تطلب اطفالا عربا للالتحاق بها للتعلم أو العمل، لكي نسعى لتقديم ما تحتاجه أسواقها منهم، بل إن عمالة الأطفال تحت أي مسمى أمر مخالف للقوانين الصارمة لعمالة الأطفال في المجتمعات الغربية، وهي الصرامة التي نحن بحاجة إليها أكثر من حاجتنا لتعلم لغتهم.
ولماذا نعلمها لجميع الطلاب إجباريا ونحرمهم من حقهم في الاختيار بين تعلمها من عدمه، ونكلف أسرهم المنهكة اقتصاديا أعباء مادية ثقيلة تزيدهم فقرا على فقر، وتزيد أعباءهم مرة أخرى حينما تنفق الدولة مئات المليارات من الدولارات عليها فتلجأ لتعويضها من جيوب ذويهم في صورة ضرائب ورسوم وغيرها.
بينما عدد من يمكنهم استثمار ما تعلموه من تلك اللغات لا يكاد يُذكَر، مقارنة بالأعداد الكبيرة للطلاب الذين أُنفِقت عليها تلك الأموال الطائلة، التي لو مُنحت لهم بعد التخرج أو استُثمرت اقتصاديا لكانت سببا في رقي البلاد ورفاهية مواطنيها.
وهل هناك جدوى أو قيمة واحدة من أن يتعلم أطفالنا التاريخ والجغرافيا والدراسات الاجتماعية والفكرية باللغة الإنجليزية؟
في حين أن تعليمهم هذا باللغة العربية أسهل وأوقع وذو مردود استيعابي أوسع، ووطني أعمق بما يعزز قيم الانتماء الوطني والثقافي لدى هؤلاء النشء، فضلا عن أنه لا يمكن أن تجد أمة واحدة في العالم كله تدرس تاريخها وآدابها لطلابها بغير لغتها الأصلية.
السعي وراء تحقق الفائدة العلمية
ويبقى السؤال الأهم، وهو: هل كل الشعوب التي أهدرت لغتها القومية وتعلمت الإنجليزية أو الفرنسية وصارت تتحدث بها في الحياة اليومية صارت شعوبا متقدمة؟
الإجابة تأتينا من قارات العالم الست، لا سيما أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، فأخبار الجريمة والفساد والمجاعات والجهل والتخلف فيها تتصدر نشرات الأخبار في فضائيات العالم مثلها مثل باقي دول العالم وربما أكثر وقعا، فما الجديد الذي نسعى لتحصيله من وراء تعلم طلابنا تلك اللغات على المشاع؟
الاستثمار في اللغة العربية
بدلا من الجري وراء قطار التبعية الثقافية، يمكن لدولة مثل مصر أن تستثمر حضاريا واقتصاديا في الإنفاق على تعلم اللغة العربية وتتلقى مردودا هائلا منها، فمصر واحدة من أكبر بلدان العالم التي يتحدث سكانها اللغة العربية، وتمتلك أعظم معاقل تعلمها التاريخية وهو الأزهر الشريف.
بينما هناك ما يقرب من 57 دولة حول العالم ديانتها الرسمية هى الإسلام، فضلا عن ضعف هذا الرقم في دول أخرى يمثل فيها المسلمون أقليات بنسب متفاوتة، وبالتالي فهي بحاجة إلى المتكلمين باللغة العربية الفصحى لتعليم أبنائهم لغة دينهم، وهي بحاجة أيضا لمن يملكون خبرات في كافة المجالات الأخرى ممن يجيدون العربية، في مثل هذا يمكن لنا الاستثمارالاقتصادي، ونجاحنا في ذلك مضمون.
كما يمكننا أيضا العودة إلى عصر كان فيه الأزهر منارة الحضارة ومحجا لراغبي العلم من أصقاع العالم كافة، وتعظيم هذا الشأن واستغلال ذلك في عودة مصر لتحتل مكانتها القديمة بين أمم العالم بعلمها وثقافتها وليس بعلم وثقافة الآخرين.
…….
نأمل من وزير التعليم الجديد في مصر تدارك الأخطاء، وأن يعلم الأطفال العربية، وعندما يجيدونها يعلمهم لغة غيرها، فمن خرج من داره قلّ مقداره.
المصدر : الجزيرة مباشر
لتخطي الحجب:
المزيد:
جددت فضيحة اتهام الفنان التشكيلي الروسي جورجي كوراسوف المصممة المصرية غادة والي بـ”سرقة” أربع لوحات من أعماله، واستخدامها في جداريات محطة مترو “كلية البنات” بشرق القاهرة، الحديث عن ظاهرة السرقات الفنية والفكرية وتفشيها في مصر.
خاصة حينما تكون تلك السرقات الفنية مقرونة بوقائع فساد واستنزاف لأموال الدولة، وهو ما توافر أيضا في تلك الواقعة التي تردد أن “ستوديو والي” -وهي الوكالة التي تديرها المصممة المصرية- تقاضى عشرات الملايين من الجنيهات مقابل تزيين المحطة بتلك الجداريات، بينما لم تتغرم الوكالة في تنفيذها أكثر من أربعة آلاف جنيه في أعلى تقدير، وهي ثمن طباعة “الاستيكرات” الخاصة بتلك الرسوم والعمالة والمواد اللازمة لتركيبها في المحطة.
وبعد قليل من تلك الفضيحة، نشر مراقبون عاملون في المجال ذاته على صفحاتهم في فيسبوك ما قالوا إنها وقائع سرقات أخرى قامت بها غادة والي لأعمال فنية تخص تصميمات دعاية سياحية لمدينة الأقصر نفذتها سبع فتيات، وهو الاتهام الذي لم يتسنّ بعد تأكيده.
وبعيدا عما يتواتر في تفاصيل واقعة محطة المترو من اعتذارات الهيئة القومية للأنفاق والشركة الفرنسية المسؤولة عن تشغيل الخط الأخضر الثالث، للفنان التشكيلي الروسي وللجمهور عن الواقعة، إلا أن الحقيقة تقول إننا في مصر نتعايش منذ عقود مع كثير من الأعمال المسروقة، ولكن رافق اللصوص شيء من التوفيق فمرت المسروقات بسلام.
فما كاد المجتمع المصري يفيق من تداعيات تلك الفضيحة حتى وجدنا فنانة روسية أخرى تدعى فيرا زولوتاريفا، تتهم مصممي أزياء مسلسل “أحلام سعيدة” بسرقة تصميماتها لترتديها الممثلة يسرا، بينما ردت ياسمين القاضي -مصممة أزياء يسرا- بأنها قامت بشراء تلك التصميمات من أحد المحال ولا شأن لها بالواقعة.
ولعل السبب في الضجة الكبيرة التي أثيرت حول مثل هذه الوقائع، وهي في الواقع تستحقها، هو ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وإفلات تلك الوسائل من الرقابة الحكومية ولو جزئيا، وتقريبها بين أقطار العالم، مما جعل أخبار تلك السرقات سريعة الوضوح والشيوع والفضح، ولا يمكن أبدا تخبئتها بغربال.
طرب مسروق
ولو تتبعنا أمر السرقات الفنية في مصر لوجدنا أن هناك عشرات الأعمال الفنية إما مسروقة كليا أو جزئيا أو تم اقتباس الفكرة، والغريب أن المؤلفين كانوا لا يرون في ذلك حرجا حال تم اكتشاف تلك السرقات، فيعللون ذلك بأنهم قاموا بتمصير الأفكار.
ومن نماذج السرقات أو الاقتباسات أو الممصّرات -سمّها كما شئت- لحن أغنية “معانا ريال” لأنور وجدي وفيروز عام 1950 المسروق من لحن أوكراني، وألحان أغنيات “تملّي معاك” لعمرو دياب، و”طمّني عليك” لمحمد فؤاد، و”جتلك” لمصطفى قمر، و”كل الأوقات” لسميرة سعيد، وغيرها، وأحيانا تترافق سرقة اللحن مع سرقة التوزيع الموسيقي أيضا.
لكن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب امتلك الجرأة ليعترف في حوار صحفي بأنه كان يمارس هذا النوع من الممارسات في بداية مشواره الفني، واقتبس لحن “يا ورد مين يشتريك” من بيتهوفن، و “أحب عيشة الحرية” من فلكلور روسي، وقال “كان لا بد أن أقول ممن اقتبستهم، وهذه كانت حركة بايخة مني”.
وتشيع في شارع الفن والغناء في مصر قيام غواة شهرة زائفة، وأحيانا شعراء وأدباء ومطربون، بشراء الأشعار وكلمات الأغاني بقليل من الجنيهات من الشعراء والمؤلفين المبتدئين ونسبتها إلى أنفسهم.
صُنع في مصر
ولا تخلو الدراما الرمضانية كل عام من حدث الاتهامات المتبادلة بالسرقة، سواء للحن أو أغنية أو تصميم وأحيانا للقصة كلها، كما حدث عام 2019 من قيام روائية سعودية تدعى نور عبد المجيد برفع قضية تتهم فيها المؤلف محمد عبد المعطي باقتباس أحداث روايتها “باسكالا” في مسلسل “حكايتي”، وما حدث أيضا مع مسلسل “الهيبةـ الحصاد” الذي يثير البعض اتهامات بأنه مقتبس من مسلسل أمريكي يدعى “الأقنعة الهزيلة”.
ومن أمثلة الأعمال التي أثيرت حولها اتهامات بكونها مسروقة أو مقتبسة كليا من أعمال أجنبية، أفلام قام ببطولتها الفنان عادل إمام، مثل (واحدة بواحدة) المأخوذ من فيلم “lover come back” الأمريكي، و(حنفي الأبهة) من فيلم “hours 48″، و(خمسة باب) من فيلم “Irma le douce”، و(شمس الزناتي) وأعمال أخرى له.
وهناك أيضا أفلام (حلاوة روح) (أمير الظلام) (بطل من ورق) (التوربيني) (الإمبراطور) (الحرب العالمية الثالثة) (عريس من جهة أمنية) (الحاسة السابعة) (طير إنت) (جوازة ميري) (الفيل الأزرق) (جيم أوفر)، وغيرها.
ومن المثير للسخرية أن من بين تلك الأعمال فيلمًا يحمل اسم (صُنع في مصر) رغم أنه مسروق من الفيلم الأمريكي “Ted”.
السرقات الشعرية
السرقات الفنية لم تترك الشعر ينجو لحال سبيله، فالسرقات كما طالت شعراء محدثين طالت في الأكثر شعراء قدامى جدا، مثل الشاعر الكبير ابن عروس، الذي ولِد في القرن السابع عشر في قوص بمحافظة قنا، ويعد كثير من المراقبين قصائده بأنها كانت من أكثر الأعمال التي جرى السطو عليها أو محاكاتها من كبار الشعراء وصغارهم.
ولعل السبب في ذلك يعود إلى ما تتمتع به مربعاته الشعرية من موسيقى رنانة وحكمة بليغة مختصرة، والأهم من هذا وذاك أن مخطوطاته الشعرية لم تكن متاحة للعامة ولم تحظ بكثير من الشهرة، مما جعلها مطمعا لكل سارق أو مقتبس.
ولو بحث أحدنا قليلا على شبكة الانترنت لوجد قصصا كثيرة عن وقائع لسرقات تشمل كتبا وأبحاثا ورسائل ماجستير ودكتوراه، بل ومقالات رأي.
……
السرقات الفنية والأدبية في مصر شائعة، ولا يتكشف منها إلا النزر، إذ يراهن السارق على ضعف الذاكرة، ويأمن تماما العقاب.
لتخطي الحجب | https://ajm.me/ugew5p
لقراءة المقال كاملا ◀️ | https://ajm.me/cc8avc
ليس من المستغرب أبدا أن ينتهي فريق التحقيق الأمريكي إلى النتائج التي توصل إليها في واقعة اغتيال الجيش الإسرائيلي لمراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في شهر مايو/ أيار الماضي، وإعلانه عن وجود أضرار بالغة في المقذوف الناري الذي اغتيلت به الصحفية البارزة حالت دون التوصل إلى نتيجة واضحة بشأنه، وهو الإعلان الذي يعني ما يشبه قيد الجريمة ضد مجهول.
حاول المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس شراء الخواطر العربية بالإشارة إلى احتمال تورط الجيش الإسرائيلي في الجريمة، لكن دون أن يدينه حينما قال إن “المنسق الأمني لم يجد أي سبب للاعتقاد بأن هذا كان مقصودًا، بل نتيجة ظروف مأساوية خلال عملية عسكرية بقيادة جيش الدفاع الإسرائيلي ضد فصائل الجهاد الإسلامي الفلسطينية في 11 مايو/ أيار 2022 في جنين، أعقبت سلسلة من العمليات الإرهابية في إسرائيل”.
ولم يقل برايس ما هو السبب وراء قيام الفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل، وهو أنهم يطالبون بجلائها عما تبقى من أراضيهم التي تحتلها منذ 1967، مع فك الحصار الخانق المفروض عليهم برا وجوا وبحرا.
طرف في الجريمة
عموما عدم الاندهاش من تلك النتائج يعود في الأساس إلى عدم حياد من أوكل إليه التحقيق، حيث وجدنا أن من يرعى القاتل هو نفسه من يقوم بدور القاضي، فضلا عن أن كل تاريخ هذا القاضي معنا وفي كل الوقائع الأخرى المماثلة كان دائما انحيازا فاضحا للآخر.
وقد جاءت الطامة حينما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ران كوخاف أنه تم إخضاع الرصاصة لاختبار باليستي في مختبر الطب الشرعي الإسرائيلي من قبل هيئات مهنية إسرائيلية حضرها ممثلون محترفون من USSC، من أجل تحديد السلاح الذي أطلقت منه.
وبثير هذا التصريح الكثير من السخرية؛ فرغم أن إسرائيل هي المتهمة الوحيدة في الجريمة فإن اللجنة الأمريكية سلمتها الرصاصة التي اغتيلت بها شيرين أبو عاقلة لتجري تحقيقات حولها.
ولأنهم أعطوا القط مفتاح الكرار، خرج المتحدث ليقول إنه في ضوء حالة الرصاصة ونوعية العلامات الموجودة عليها فقد تبين أنه لا يمكن تحديد ما إذا كانت قد أطلقت من السلاح الذي تم اختباره أم لا!!
ويبقى السؤال الأخطر وهو أنه طالما أن المقذوف وقع تحت يد جيش إسرائيل فما المانع من تبديله أو تزييفه أو الإمعان في طمس معالمه، تحرّزًا من وصوله إلى جهات تحقيق دولية؟ ولماذا كانت أمريكا تضغط على السلطة لتسلّمه منها؟ ولماذا استجابت السلطة؟ وهل هناك شيء تحت الطاولة؟
جهات مختصة
وهناك نقطة غاية في الأهمية وهي أن هناك جهة اختصاص تمتلك الشرعية الكاملة لإجراء التحقيقات في مثل هذه القضايا وهي النيابة العامة التابعة للسلطة الفلسطينية التي وقعت الجريمة في الأراضي الخاضعة لها، وبما أن حكومات العالم بما فيه أمريكا تعتد نتائج التحقيقات النيابية في أي بلد في العالم، فإنه ينبغي لها أيضا الاعتداد بنتائج التحقيقات التي تقرها النيابة الفلسطينية.
وها هي النيابة العامة الفلسطينية ترد على التقرير الأمريكي بقولها إن “أحد عناصر القوات الإسرائيلية أطلق عيارا ناريا أصاب شيرين، بشكل مباشر في الرأس، أثناء محاولتها الهرب، مما أدى إلى تهتك الدماغ، والتقارير الفنية الموجودة لدينا تؤكد أن الحالة التي عليها المقذوف الناري قابلة للمطابقة مع السلاح المستخدم”.
وجاء في تقريرها الفني أن الطلقة من عيار 5.56 ملم، وله علامة وخصائص تطابق سلاح قنص نصف ناري يستخدمه الجيش الإسرائيلي من ماركة “مني فورتي روجر”، وأنها تحتوي على “جزء حديدي خارق للدروع”، وقد اخترقت ذراع خوذة القتيلة، واصطدمت بالجمجمة، وأن إطلاق النار جاء من نقطة ثابتة بشكل مباشر من الناحية الجنوبية، حيث تمركزت القوات الإسرائيلية، ولم تكن هناك أي مواجهات مسلحة في مكان الحدث.
وأضافت أنها هي السلطة المختصة بإجراء التحقيق، وأن أي تحقيقات تجريها أي جهات أخرى ليست ملزمة لها قانونًا، وستلجأ للجنائية الدولية.
هذه هي نتائج التحقيقات الفلسطينية، ويجب على الجهات الأمريكية والغربية التعامل معها بالجدية الواجبة، حتى لا ترسب العدالة الغربية مجددا في الامتحانات الفلسطينية المتكررة، وتهدر قيمها الديمقراطية التي تتباهى بها على حسابات السياسة الدولية والمصالح الخاصة.
…
على العموم فالنتيجة التي قررت أمريكا أن تنهي بها المشهد كانت متوقعة منذ البداية، وكل فلسطيني يعلم تماما أن حق أي شهيد فلسطيني لن تعيده محاكم دولية.
تابع المقال كاملا هنا https://ajm.me/84zf2v
لتخطي الحجب | https://ajm.me/aunz9g
وما يزيد الطين بلة، أن الإعلام بكافة أنواعه الرسمي والخاص، يتصدر قائمة أكثر الوسائل مساهمة في تسارع وتيرة هذا الانهيار، مع ملاحظة أن هذا الإعلام في البلدان العربية -بكل أنواعه أيضا- يخضع لرقابة الدولة الصارمة، ولا يمكن أن يمرّ أي توجه فيه دون رغبة السلطة.
هناك العديد من الأخطار التي تواجه اللغة العربية في داخل أقطارها، وتشكل تهديدا جوهريا لها، ورغم ذلك لا وجود لأي ردّ جادّ ومناسب من قبل الجهات المختصة بحماية الثقافة والتراث والهوية تجاهها، خاصة أن اللغة تشكل في الواقع هوية البلاد، وبالانتساب إليها أطلق علينا “البلاد العربية”.
ومن جانب آخر، أضفت مسألة العولمة، والتفوق التكنولوجي الغربي، وتدفق الإعلام من شمال العالم إلى جنوبه حيث تقبع أمتنا العربية، والإعلام الإلكتروني، ولغته، وأدواته، وطبيعة مستخدميه، تعقيدا كبيرا للأزمة، مسّ بضرّ جميع لغات العالم تقريبا، وفي مقدمتها العربية.
ومصدر فداحة الضرر الواقع على اللغة العربية هنا يعود إلى ما تمتلكه من رصانة وبلاغة لا تتناسب مع تعجل ومحدودية ثقافة ووعي الكثير من مستخدمي تلك التقنيات والتطبيقات.
وفي المقابل جاء الأمر ذاته بفائدة كبيرة للغات المسيطرة على الإنترنت في العالم كالإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والصينية.
اللهجات العامية
وتأتي مشكلة اللهجات “العامية” أو “الدارجة”، لتضرب اللغة العربية في مقتل، نظرا لأن الطعنة هنا تأتيها من الناطقين بها، وممن يفترض فيهم حمايتها.
فالعامية لم تكتف بابتذال الكلمات والمصطلحات وتسطيحها، بل إنها اختلقت كلمات ومصطلحات ومعاني لتشكل قواميس خاصة بها، وجرى الترويج لها تحت شعارات خادعة، كالشبابية، والعصرية، وخفة الدم.. إلخ.
هذا الابتذال أضر خارجيا باللغة العربية حيث كان سببا في وقف بعض الجامعات العالمية إيفاد طلابها لدراسة العربية في بيئتها الأصلية، لأنهم كانوا يعودون ولم يتعلموا العربية، ولكنهم تعلموا لهجات البلاد التي أوفدوا إليها.
والأنكى من ذلك أنه تم “تغريب” ونبذ من يتحدث العربية الفصحى في الشارع ووسائل الإعلام، والسخرية منه، باعتباره يعاني من إعاقة ذهنية، مع أنهم هم -وليس هو- الأحق بتلك السخرية.
وهناك من دلل على أن انتشار اللهجات العامية في البلدان العربية تم بقصد استعماري، حيث ذكرت الدكتورة نفوسة زكريا سعيد في كتابها “تاريخ الدعوة إلى العامية في مصر”، أن هذه الدعوة بدأت في منتصف القرن التاسع عشر على يد كتاب ومستشرقين أجانب، ونجح الأمر بعد دعوات “التمصير” التي حدثت بعد ذلك، فخرجت “العامية المصرية”.
وغني عن البيان أن الاستعمار البريطاني حينما عجز عن فرض لغته في البلاد بسبب تفشي الفقر والأمية، عمل على فصل مصر من محيطها العربي تحت دعاوى “تمصير” لغتها العربية.
ولكن من بوارق الأمل، أن العامية العربية واجهت أيضا معضلات في طريقها لتحل محل العربية الفصيحة، أهمها أن كل قطر أو إقليم عربي صارت له لهجته الخاصة، مما تعذر معه انتشار لهجة عامية موحدة، ورجح انتشار اللهجات العربية المسيطرة بسبب السينما والإعلام ووسائل التواصل، كالمصرية والسورية، فقلل ذلك من حدة تشظي اللهجات.
كما زكى شعور الانتماء العربي حالة التفاعل بين اللهجات المحلية والتقريب بينها، خاصة أن العربي من الخليج إلى المحيط مهتم بطبيعته بما يحدث في باقي الأقطار العربية، وبالتالي فهو مضطر لفهم لهجاتها والتواصل مع سكانها، وهو ما ساعد على تقريب الألسنة.
كما أن الكثير من اللهجات الدارجة في مناطق البادية لا تزال تستخدم الألفاظ والمصطلحات التي امتازت بها العربية الرصينة.
اللغات الأجنبية
ومن الأخطار التي تحيق بلغتنا القومية، ذلك السيل الجارف من المدارس الأجنبية التي تفشى إنشاؤها في جميع البلدان العربية، يرافقه طوفان من مدارس اللغات الخاصة والحكومية، بما لا يتناسب في الكم والكيف مع المدارس المعنية بتدريس العربية.
وخذ مثلا مصر؛ فقد كشفت دراسة بجامعة جنوب الوادي تحت عنوان “نشأة وتطور مدارس اللغات التجريبية الرسمية في مصر وبداية انتشارها” للباحث صبري الأنصاري إبراهيم وآخرين أن “مصر انفردت عن باقي الدول العربية والإسلامية في نهاية السبعينيات بإنشاء مدارس لغات رسمية، ثم صدر بعد ذلك القرار الوزاري رقم 94 لسنة 1985لتنظيمها”.
وغني عن البيان أنه جرى في ذات التوقيت، توقيع اتفاقية كامب ديفد التي أحدثت تطبيقات شروطها السرية التي تتكشف بين الحين والآخر تغييرات سلبية كبيرة في المجتمع المصري، ومن غير المستبعد أن يكون تغيير طبيعة التعليم بينها.
ولقد كانت هناك اعتراضات كبيرة من قبل التربويين والمهتمين بالتعليم على تلك المدارس لما تؤدي إليه من تشتيت الهوية الوطنية والإضرار باللغة العربية، لكن الأمر استقر لهذه المدارس وبدأت تتوسع حتى وصل عددها طبقا لإحصائية حديثة لوزارة التربية والتعليم المصرية إلى 2397 مدرسة.
هذا في حين تتردد معلومات بين التربويين -لا نستطيع التحقق منها- بأنه منذ عام 1990 لم يتم بناء مدارس حكومية عربية جديدة.
يقابل ذلك تقزيم لدور المدارس الأزهرية، سواء في الكليات التي يمكن الالتحاق بها، أو في توظيف خريجيها، مع كثافة المناهج، وعجز هائل في المعلمين، وزيادة نسب التسرب التعليمي، كل ذلك غيبها من أولويات الطلاب وأولياء الأمور، وأخرجها من المنافسة.
كما يظهر الإعلام شريكا في الجريمة مرة أخرى، حيث تظهر الأعمال الدرامية والفنية أن من لا يدخل في حديثه الكلمات الأجنبية هو الأقل تعليما ووعيا وثقافة مقارنة بغيره.
……
لذلك يجب على الحكومات العربية أن توقن بأنه لا يمكن أن يستقر انتماء في نفوس طلاب لا يتعلمون لغتهم، ولا يدرسون ثقافتهم، وأن من يزرع الشوك يجني الجراح.
لتخطي الحجب | https://ajm.me/y963da
لقراءة المقال كاملا
تتزايد حدة الإساءات التي تلحق بالمسلمين والمقدسات الإسلامية في الهند يوما بعد يوم، والمثير أن تلك الإساءات تأتي من الحزب الحاكم للدولة وليس من قبل فئات أو أحزاب تفتقد دبلوماسية العمل السياسي المتزن المتفق عليها وتظهر احترام الأقليات ولو على خلاف ما تبطن، خاصة لو كانت أقليات ضخمة تمثل 15% من عدد السكان كالأقلية المسلمة البالغة 195 مليون نسمة، وفقًا لتعداد 2020.
كانت آخر تلك الإساءات تلك التي أطلقها مطلع الشهر الجاري المتحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم هناك، واعتُبرت إساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتسببت في غضب واسع داخل الهند وخارجها، ناهيك عن إساءات شبه يومية من قبل متطرفين هندوس ضد المسلمين، تنتصر فيها السلطة غالبا للجانب الهندوسي، وتعاقب الأقلية المسلمة.
ومن ذلك على سبيل المثال قيام حكومة ناريندرا دامودارداس مودي العام قبل الماضي بتهجير مسلمي ولاية آسام بشمال شرقي البلاد، والاعتداء عليهم والتنكيل بهم وإزالة مساكنهم بحجة أنها مقامة على أرض مملوكة للدولة، وهدم المساجد وبناء معابد هندوسية على أنقاضها، ومنع الحجاب في كثير من الجامعات. هذا فضلا عن ضمّ أراضي إقليمي جامو وكشمير المحتلة إلى الهند رسميا، وضرب عرض الحائط بالمناشدات الأممية بالانسحاب منها أو منحها الاستقلال.
وكذلك انتشار لقطات مروعة لاعتداء الشرطة على أحد المسلمين وإصابته بالرصاص وظهور جنود وهم يدوسون بقسوة بالغة جسد الرجل الجريح، وهي أمثلة من أحداث تتكرر بشكل متقارب تاركة خلفها انطباعا سلبيا في عموم العالم الإسلامي.
المقاومة الاقتصادية
إن صدقت النيات فإنه يمكننا في الدول العربية الضغط على الحزب اليمني المتطرف الحاكم هناك من أجل تعديل سلوكه ومنع عناصره من توجيه الإهانات إلى الاسلام، وذلك عبر عدة وسائل أهمها الضغط الاقتصادي الذي يشمل مثلا: مقاطعة المنتجات الهندية أو حتى التلويح بذلك لا سيما من قبل دول الخليج العربي التي تعد الأكثر استخداما للمنتجات الهندية.
ويعد الشاي والقطن واللحوم من أكثر المواد التي تقوم الدول العربية باستيرادها من نيودلهي، في حين تستورد الهند ثلث احتياجاتها من الطاقة من دول الخليج.
مع توقف ذات الدول عن استقدام العمالة الهندية واستبدالها بالعمالة العربية أو البنغالية والباكستانية.
وتمثل عوائد العاملين في الخارج رافدا كبيرا من روافد الاقتصاد الهندي، حيث احتلت صدارة قائمة الدول المستقبلة للتحويلات من الخارج في 2018 بقيمة 78.6 مليار دولار طبقا لتقرير صادر عن البنك الدولي، وهناك إحصاءات أخرى تقول إن 55% من تلك العائدات تأتي إليها من دول الخليج العربي وحدها.
كما يعيش نحو 8.5 ملايين هندي في دول الخليج العربي خاصة دولة الإمارات العربية، ونظرا لزيادة أعدادهم يحلو لبعض الهنود القول بأن دبي هي خامسة أكبر المدن الهندية.
وفضلا عن ذلك ينبغي مقاطعة الدراما الهندية وتوقف الفضائيات العربية عن عرضها لهذه الأعمال خاصة أن العديد منها يظهر المسلمين متطرفين ومتعصبين وخونة وعملاء للخارج، بينما يظهر أتباع الديانات الأخرى ولا سيما الهندوسية أصحاب قيم ومثل.
ولعل من أسباب انتشار هذه الدراما في بعض الفضائيات العربية رخص أسعارها، مما يسمح لأصحاب القنوات الخاصة بتحقيق أرباح طائلة من وراء عرضها، وهنا يجب إيجاد حل يجعل تلك القنوات تحافظ على أرباحها مع التوقف عن عرض الدراما الهندية نصرة للإسلام والمسلمين.
ومما يجب ذكره أيضا أن هناك من يتوسع في استخدام الدراما الهندية فقط من أجل التشويش على الدراما التركية التي تعد المنافس الأقوى في الفضائيات العربية.
وتمثل صناعة الدراما في الهند أحد روافد الدخل القومي الهندي المهمة حيث تدر مليارات الدولارات سنويا مما جعلها تتصدر هذا المجال عالميا في 2013 طبقا لتقارير نشرتها مجلة التايمز.
المقاومة السياسية
ظلت الهند فترة طويلة من تاريخها تحت الحكم الإسلامي، وكان الحكام المسلمون هناك يحترمون فيها تعدد الأديان، ولم تتنام فيها الكراهية بين الطوائف أبدا، لكن حينما سقطت تحت الحكم البريطاني بدأت تهب فيها رياح التعصب الديني والقومي والثقافي بين كافة الديانات والطوائف الكثيرة المنتشرة في هذا البلد، طبقا لسياسة فرق تسد التي اتبعتها بريطانيا في كل مستعمراتها.
وهو ما أدى في النهاية إلى انشطار الهند الموحدة إلى عدة دول هي باكستان وبنغلاديش وجامو وكشمير.
ومع ذلك كانت الهند قريبة لدرجة كبيرة من العالم الإسلامي ومناصرة للعديد من قضاياه، وانطلقت منها مجموعة عدم الانحياز التي تأسست إبان الحرب الباردة بين الكتلة الشرقية المسماة حلف وارسو، والكتلة الغربية المعروفة بالحلف الأطلسي، وبالطبع كانت الكثير من بلدان العالم الإسلامي تنضوي في هذه المجموعة.
وتتمثل المقاومة السياسية في التضامن أو التلويح بالتضامن مع عدوتَي الهند التقليديتين وهما الصين وباكستان، خاصة أن باكستان تلتقي مع أمتنا العربية في العديد من الروابط الدينية والثقافية والتاريخية، وتحتاج إلى الدعم الاقتصادي بكافة أشكاله حيث إنها تواجه ضغوطا اقتصادية كبيرة تهدد استقرارها.
كما يجب على الدول العربية استغلال علاقاتها المتميزة بواشنطن من أجل تحفيزها على ممارسة الضغط على نيودلهي لتحسين حقوق الأقليات المسلمة.
……
وأخيرا.. إذا لم نهرع نحن المسلمين للدفاع عن الرسول الكريم، فمتى ولمن نهرع؟
رابط تخطي الحجب: https://ajm.me/xnysy9
للمزيد: https://ajm.me/5dve92
“مسيرة الأعلام” التي نفّذها المستوطنون المتطرفون، لا تعبّر إلا عن عجز إسرائيل عن تهويد القدس طيلة عقود من الاحتلال، وقطعا ستزيد من سمعتها سوءا، خاصة مع الجيش العرمرم الذي حشدته من أجل تأمين تلك المسيرة، خوفا من أصحاب الأرض الحقيقيين رماة الحجارة.
حكام إسرائيل لا يريدون مواجهة الحقيقة بأن العالم كشف حقيقتهم
فقد حلّت ذكرى قيام دولة إسرائيل هذه المرة مختلفة قليلا عما قبلها، فتل أبيب لم تكد تهنأ بعد بالهرولة العلنية لبعض العواصم العربية للارتماء في أحضانها، والدعم الباطن والظاهر لمشاريعها الاستيطانية، حتى واجهت ضجرا من تصرفاتها الحمقاء لدى حلفائها القدامى في أوربا وأمريكا والعديد من بقاع العالم على إثر إقدامها على اغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، ثم زادت الطين بلة حينما واجهت بعنف غير حضاري تشييع جنازتها.
صحيح أن هذا هو سلوك إسرائيل المعتاد منذ 74 عاما بعد قيامها على الأراضي الفلسطينية المغتصبة، إلا أن الله العلي القدير يشاء أن يفك هذه المرة اللجام المربوط على لسان الحلفاء بعد طول صمت وتبرير، فتصدر التنديدات الشديدة من العواصم الأوربية بالجريمة وتطالب بالعقاب.
وليس رجما بالغيب أن العاصفة التي أثارها استشهاد الزميلة شيرين أبو عاقلة ستهدأ مع مرور الزمن، وستفلت إسرائيل من العقاب، كما تعودنا في جميع القضايا العربية معها، بسبب التواطؤ في صورته الغربية أو حتى العربية، ولكن يقينا أن مزيدا من السخام قد نال الصورة البيضاء التي حاولت الدعاية الإسرائيلية صناعتها على مدار عقود.
تحوّل الرأي العام العالمي
وبات واضحا أن الشعوب الغربية صارت الضاغط الأساسي على حكوماتها من أجل كبح شطط إسرائيل وإجبارها على احترام حقوق الفلسطينيين، وهو ما أجبر تلك الحكومات المنحازة على أن تتصرف -ولو فوق الطاولة على الأقل- بتصرفات الحكومات المحايدة.
فانتشرت الجمعيات المناصرة للقضية الفلسطينية، وصار معتادا خروج مظاهراتها وإجراء فعالياتها في عواصم أوربا، لتطوي زمنا كان فيه مجرد حمل علم فلسطين هناك جريمة تستوجب غضب الشعب قبل الحكومة، ومن عجب أن ذلك يحدث بينما تمنع معظم الأنظمة العربية شعوبها من تنظيم مثل تلك المظاهرات.
بالتأكيد حدث ذلك بفضل أسباب عدة، منها تطور الإعلام العربي المهني، وكانت قناة الجزيرة ومكاتبها في الأراضي المحتلة جزءا مهما منه، بجانب مواقع التواصل الاجتماعي التي لم تنجح الرقابة المفروضة عليها في منع وصول الحقيقة إلى الناس بمختلف لغاتهم وأجناسهم وأديانهم.
ولأن دولة إسرائيل قامت في الأساس على مجموعة من الأساطير والأكاذيب، فإن وصول الحقائق إلى الخارج وما أحدثه من تحوّل في الرأي العام العالمي تم استيعاب خطورته مبكرا، فأنشأت عام 2015 وزارة خاصة تأخذ على عاتقها مهمة تحسين الصورة وإعادتها إلى سابق عهدها.
الضربة كانت قوية، فالضغط الإسرائيلي نجح فقط في دفع بعض الحكومات الغربية إلى التضييق على حركات التضامن مع فلسطين، إلا أن الصدمة التي تلقتها تلك الحكومات هو وقوف البرلمانات والمنظمات المدنية في الصف الأول دفاعا عن تلك الحركات.
كما حدث مع شبكة “صامدون” التي استقبلها نواب في البرلمان الأوربي، وحركة “فلسطين ستنتصر” التي حرضت عليها السفارات الإسرائيلية في فرنسا وألمانيا، ومع ذلك لم تستطع إصدار أحكام بحلها.
التحول داخل إسرائيل
يوميا يتوسع تطبيع الدول مع إسرائيل رسميا، ويزداد عدد الدول العربية والإسلامية التي تقيم علاقات رسمية معها، وبعضها يعقد معها تحالفا ضد عدو غير معلوم، لكن في المقابل يزداد التحول الشعبي الغربي، ويزداد معه التحول داخل إسرائيل نفسها.
ففي إسرائيل تتوسع أيضا مساحة الرفض لممارسات الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وتتدرج بين المطالبة بالتعايش المشترك إلى تفكيك دولة إسرائيل، وقد تسببت تلك الحركات في إحداث تحول في ضمير اليهود، تعكسها تقارير تنامي ظاهرة الهجرة من إسرائيل إلى خارجها في العقود الأخيرة.
وها هي دائرة الإحصاء الإسرائيلية تشير في تقرير لها صدر عام 2013 إلى ارتفاع هروب العقول والكفاءات العلمية بنسبة 26% عما كان عليه الأمر عام 2003، وبالتأكيد زادت تلك النسبة كثيرا بعد معركة سيف القدس عام 2021، وهى المعركة التي وضعت المدن الإسرائيلية كافة تحت رحمة صواريخ المقاومة في غزة.
وهناك دراسة إسرائيلية صدرت عام 2018، تؤكد أن عدد الذين تركوا إسرائيل بلغوا خلال العقود الأخيرة مليونا ونصف المليون نسمة، وهو رقم ضخم للغاية في دولة لا يتعدي عدد اليهود فيها ستة ملايين نسمة تقريبا.
ومن أمثلة تلك الحركات، “ناطوري كارتا” (اليهودية الحقة) وهى حركة قديمة ترفض وجود دولة إسرائيل أساسا باعتبار أن إنشاءها مخالف لتعاليم موسى عليه السلام، وتؤمن بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على كامل أراضيه من البحر إلى النهر، وينتشر أعضاؤها في مدينة القدس.
وكذلك حركة “JVP” أو “صوت يهودي للسلام” وهي حركة شاركت في أسطول الحرية لكسر حصار غزة عام 2011، وجمعية “زوخروت” الهادفة إلى تعميق الوعي لدى اليهود بالأزمة الفلسطينية.
وكذلك هناك الطائفة الحريدية المعبّرة عن اليهود المعارضين للنزعة الصهيونية، وأيضا “ترابط” وهي حركة ترفض النزعة الاستعمارية لإسرائيل، و”فوضويون” وهى حركة أُسِّست للتعبير عن رفض الجدار العازل الإسرائيلي.
ولعل واحدة من تلك المنظمات، وهي “بتسيلم” (المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة) حينما سارعت في تقرير ميداني لها بتفنيد وتوثيق زيف ادعاءات الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي، وادعى فيه أنه لإطلاق نار من فلسطيني على شيرين أبو عاقلة.
………..
ذكرى النكبة تأتي هذه المرة والفضيحة تحيط بإسرائيل من كل جانب
لتخطي الحجب | https://ajm.me/k9nyj4
استيقظ الناس اليوم على نبأ ضحية جديدة من ضحايا الحقيقة في هذه البقعة المظلمة بظلم الاحتلال والتواطؤ الدولي، حيث ارتقت شيرين نصري أنطون أبو عاقلة والشهيرة بـ”شيرين أبو عاقلة” مراسلة شبكة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة شهيدة أثناء تغطيتها لاقتحام الاحتلال مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة
شيرين أبو عاقلة التي طالما أطلت على الملايين حول العالم بوجهها البريء من قناة الجزيرة لتؤدي رسالتها الإعلامية، قتلت اليوم بطلقة في الرأس أطلقها قناص إسرائيلي، وأصيب معها زميلها الصحفي بشبكة الجزيرة على السمودي برصاصة في ظهره.
لماذا قتلوها؟
شواهد كثيرة تؤكد أن استهداف شيرين أبو عاقلة كان متعمدا، لما تتميز به من نشاط وجرأة جعلها تصبح مثالا نادرا للإعلامي الدءوب، صاحب الرسالة، الذي لا يغيب عن أداء الدور المنوط به ويوثق جميع الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني حتى لو كلفه الأمر حياته، لتصبح كاميرته وكلماته في حد ذاتها وثيقة إدانة دامغة لقاتليه.
شهرة شيرين أبو عاقلة والمهام الصحفية الخطيرة التي قامت بها، تجعلها وجها مألوفا بشدة للمهتمين بالشأن الفلسطييني في العالم أجمع، وبالتالي فإنه ما من شك أن معرفة عناصر قوات الاحتلال بها أيضا قوية جدا، حيث حضرت معهم على مدار عقود أينما كانوا لتوثق عدوانهم.
وحينما استشهدت الراحلة كانت ملتزمة بارتداء سترتها الإعلامية مثلما كانت تفعل دائما، برفقة زملاء لها يرتدون السترات نفسها، وتقف في ركن منزوٍ بعيدا عن الاشتباكات التي يزعمها الاحتلال عادة في كل عدوان يقوم به، خاصة أنه في لحظة الاغتيال لم تكن قد بدأت أي مقاومة أو إطلاق نار، وبالتالي فإنه لا مجال للخطأ والالتباس.
ومما يؤكد استهانة قوات الاحتلال بأرواح الطواقم الإعلامية العربية عبر استهدافهم قتلا وسجنا وإصابة حالما نجحوا في توثيق جرائمها التي تصر على إخفائها، قيامها باستهداف منزل الصحفي الشهيد يوسف أبو حسين بغارة جوية مطلع العام الجاري، إلا أنها مع ذلك نادرا ما قامت بإلحاق الأذي بزملائهم من الإعلاميين والمراسلين الغربيين.
لكن حتى في رحيلها، لم تكف شيرين أبوعاقلة عن توجيه الصفعات على وجه الاحتلال حينما كشفت زيف ادعاءاته بأنه لا يستخدم إلا الرصاص المطاطي وقنابل الدخان لفض التجمعات، بينما اخترقت رصاصاته الحية رأسها لترديها شهيدة في الحال، وهي التي لم تمسك بسلاح ولا حتى بحجر.
رحلت شيرين أبو عاقلة أيقونة الانتفاضة الفلسطينية الثانية “انتفاضة الأقصى” كما لقبتها كثير من وسائل الإعلام العربية والدولية، وتركت إرثا كبيرا من المواد الإعلامية المهمة التي يندر أن تتوافر لأي شبكة اعلامية أخرى.
سياسة إخراس الأصوات
مع توجه إسرائيل لاستكمال تهويد القدس والاستيلاء على المقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة أو هدمها، رصدت مراكز حقوقية عن تزايد استهداف تل أبيب للطواقم الإعلامية حيث سجلت هذا العام فقط وقوع 150 اعتداءً على الصحفيين والطواقم الإعلامية من بينها إطلاق الرصاص الحي، أدت في إحداها إلى قتل صحفي، وإصابة 40 آخرين بعضهم اصابات أدت للعجز الدائم، و35 اعتداء جسديا بالضرب والسحل، فضلا عن 28 حالة احتجاز واعتقال لصحفيين فلسطينيين، وتدمير 23 مكتب صحفي جراء القصف، و20 حالة إبعاد ومنع من التغطية الصحفية، واستمرار منع طباعة صحيفتين في الضفة، وحالة إغلاق مطبعة، بحسب تقارير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
فيما رصدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، قيام إسرائيل بقتل 48 صحفيا فلسطينيا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 بينهم 22 صحفيا في العقد الأخير فقط، فضلا عن آلاف الانتهاكات الأخرى التي قد تفضي إلى الموت لاحقا.
قناة الجزيرة
هكذا تستمر قناة الجزيرة بطاقم مراسليها في مهمتها التي تتفرد بها تقريبا للكشف عن حقيقة ما يجري في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي في ترويع واستهداف الإعلاميين دون حسيب أو رقيب.
ولعل استهداف مراسلي مكتب الجزيرة وإعلامية متميزة مثل شيرين أبو عاقلة وبعض المكاتب الإعلامية الداعمة للمقاومة الفلسطينية يعد في حد ذاته دليلا بيّنًا على أن إسرائيل تضمر مزيدا من التنكيل بالشعب الفلسطيني وتخطط لفرض تغيير تاريخي في القدس خلال الأيام القادمة، وأن في تخطيطه العمل على مرور الجرائم في صمت، ولكنها أبدا لن تمر.
وداعًا شيرين
وداعا شيرين أبو عاقلة.. الإعلامية التي آثرت ألا تتزوج من بشر، وذلك لأنها تزوجت مهنة البحث عن الحقيقة.
رابط تخطي الحجب: https://ajm.me/jwf5xj
للمزيد:
https://ajm.me/vujq56
منذ فترة ليست بعيدة، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على رجل الأعمال حسن راتب رئيس أمناء جمعية مستثمري سيناء وصاحب قناة المحور، والنائب بالبرلمان علاء حسانين، بتهمة الاتجار في الآثار.
وجاء في الاتهامات التي تداولها الإعلام المصري، أنهما اتخذا المظهر الصوفي ستارًا لعقد جلسات لممارسة السحر وتسخير الجان، من أجل استخراج الآثار وتهريبها إلى الخارج مقابل عشرات الملايين من الدولارات.
وبعيدًا عن التفاصيل الكثيرة التي تضمنتها هذه القضية، والتي لا تعنينا في هذا المقام إلا لكي نطرح على هامشها سؤال: ما علاقة آثار الفراعنة بالسحر والجان؟
الإجابة تأتينا من المناطق والبلدات التي تحتفظ في باطنها ببقايا تلك الآثار، حيث تعج بالكثير من الحكايات المثيرة التي تُعد في العديد من جوانبها خارقة لحدود المنطق، وزاخرة بالميتافيزيقا.
حيث يمكنك أن تسمع قصصًا عن الأسر التي انتقلت في ليلة وضحاها، بفضل عائدات “الدفائن النفيسة” التي استخرجتها من باطن الأرض، من شظف العيش إلى رغده، ومن السكن في بيوت مبنية من الطوب اللبن إلى العيش في ما يشبه القصور، وامتلاك “الفلل” في أرقى أحياء المدن والساحل الشمالي وغيرها.
ويمكنك أيضًا سماع القصص المؤلمة عن أسر أخرى كانت مستقرة ماليًا واجتماعيًا، وفجأة أصابتها “لعنة الفراعنة”، فمات أو أصيب عائلوها بأمراض فتاكة مزمنة، أو ضربها “النحس” فتسرب أبناؤها من التعليم، أو افتقرت ولم يعد أفرادها يمتلكون حتى “اللظى”، والسبب يرجع إلى أنهم حاولوا فعل الشيء نفسه الذي فعله جيران لهم، ولكنهم فشلوا.
وتسمع هنا وهناك وشوشات عن وسطاء نافذين كثر برفقتهم أجانب، يقومون بشراء تلك الدفائن الفرعونية بعشرات الملايين من الجنيهات، وأحيانًا الدولارات، رغم أنها لا تُقدَّر بثمن، وينقلونها إلى الخارج.
الميتافيزيقا
كثيرة هى روايات الثراء والفقر بسبب استخراج الآثار، فمنها الحديث ومنها القديم، ولم تنقطع نهائيًا في هذه المناطق، والرابط بينها جميعًا هو الاعتماد الكلي على “الميتافيزيقا” ورجالها.
فالبحث عن الأثر يعتمد في المقام الأول على رأي ونصائح العرّاف أو الساحر، الذي يمارس طقوسًا غريبة معيّنة، بعدها يقوم بتحديد مكان الدفينة وهيئتها، والحرس الملازم لها من الجن، والمطلوب لشراء ودّ هؤلاء الحراس ليوقفوا حمايتهم لها.
وبحسب الروايات المتداولة، فإن استخراج الخبيئة يتوقف على قوة العرّاف، فقد يكون متمكنًا فينجح في مفاوضاته “الافتراضية” مع الجن، ويخفّض من سقف شروطهم بما يمكن تحقيقه، ويؤمّن سلامة أهل البيت، هنا يصبح الأمر سعدًا على الجميع، ويطرقون باب الثراء دون مضرة أو خوف من انتقام.
وقد يكون العرّاف ضعيفًا أو قليل الحيلة، فيخدعه الحراس، أو لا يستطيع السيطرة عليهم، هنا يعيثون انتقامًا من البيت واصحابه، تخريبًا ومرضًا ونحسًا وما إلى ذلك.
والجدير بالذكر أنهم يطلقون لفظ “الشيخ” على العرّاف، مع أنه قد لا يكون كبيرًا في السن، وقد يكون مسلمًا أو مسيحيًا.
تساؤلات مشروعة
بالطبع هذا الكلام لا يصدّقه عقل، لكنه أمر واقع، أثبتته التجارب، فصار من المسلّمات لا يحتاج إلى تدليل عليه لدى قطاعات كبيرة من الناس، ويبقى أمر تكذيبه هو أسرع طريق لراحة البال والتمسك بأهداب المنطق.
ولأن التفكير إفراز طبيعي عند الإنسان، كما يقول المفكر الوجودي الروسي “ديستوفسكي”، تنبثق تساؤلات كثيرة، لكنها تبقى دون إجابة شافية و”منطقية”، عن ميراث السابقين، وكيف بنوا الأهرامات؟ وكيف نقلوا آلاف الأطنان من الأحجار إلى آلاف الكيلومترات في الصحراء؟ وكيف حنّطوا الموتى؟ وكيف؟ وكيف؟
وهذه التساؤلات لا تتوقف فقط عند الحضارة الفرعونية، ولكنها -في ما يبدو- تمتد إلى كثير من الحضارات القديمة غربًا وشرقًا.
لكن تصديق هذه الرؤية ينقلنا إلى التساؤلات الأهم :هل هناك سحر في حضارة الفراعنة؟ وهل يستطيع الجن صناعة المسلّات والتماثيل والتحف؟ وهل يتدخل الجن في عمل الإنسان؟
رؤية مؤيدة
الإجابة تأتينا من القرآن الكريم، وهو يزخر بما يدلل على ذلك، منها ما يقوله تعالى {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (سبأ: 12-13).
وكذلك توجد إشارة أخرى إلى تلك القدرة التي منحها الله تعالى للجن، لدرجة تجعل جنّيًا صغيرًا واحدًا منهم يستطيع إحضار عرش بلقيس ملكة سبأ قبل أن يقوم النبي سليمان -عليه السلام- من مجلسه {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} (النمل: 32).
ولم تقتصر الأدلة على القرآن فقط، ولكن امتدت أيضًا إلى التوراة والإنجيل، حيث ذُكر الجن فيهما أكثر من 200 مرة، وكثير منها تتحدث عن القدرة التي أعطاها الله لهم.
رؤية نافية
ورغم هذا الإقرار الرباني بقدرة الجن في صناعة التماثيل والمحاريب، فإن هناك من يقول إن الله تعالى سخّر الجن لفعل ذلك لنبيّه سليمان، ويسخّره لمن يشاء غيره، وذلك استثناء من القاعدة بأن الشيطان لا يملك ضرًّا ولا نفعًا للانسان، وأن كيده كان ضعيفًا.
ويذهب آخرون -لتأكيد عدم وجود أي علاقة بين الحضارة الفرعونية وأعمال الجن والسحر- إلى أن الجن موجود في كل بقاع العالم، ولو كان يستطيع بناء أهرامات ونحت تماثيل، لرأينا هذه الأعمال العجيبة في أرجاء الأرض كافة، وليس في مصر وحدها.
………..
هذا المقال لا يؤكد ولا ينفي، لكنه يعيد طرح تساؤلات بحثًا عن إجابات.
لتخطي الحجب: https://ajm.me/gd5gn8
للمزيد: https://ajm.me/wufma8
كان لطبيعة شخصية عمران خان رئيس وزراء باكستان السبب الأكبر الذي أدى إلى سحب البرلمان الثقة من حكومته.
فملامح شخصيته الصادقة جعلته يجهر بمشاعره وحقيقة مواقفه في جميع القضايا الدولية والمحلية، غير عابئ بما يمكن أن تسببه له من أزمات خارجية وداخلية، وهي المواقف التي إن امتلك القوة لتنفيذها لكان من شأن ذلك تغيير تحالفات باكستان الدولية، وتحجيم نفوذ المؤسسة العسكرية لصالح البرلمان.
لكنه للأسف لم يكن يمتلك تلك القوة في بلد عُرف بهيمنة المؤسسة العسكرية عليه، وهي المؤسسة التي تجنح بشكل واضح نحو الولايات المتحدة الحليف الرئيسي الكبير لعدو الشعب الباكستاني، الهند.
كما لم يفلح عمران خان في تحرير إسلام أباد من الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، ولا في الحد من تردي الأوضاع الاقتصادية الداخلية، مما خصم من الشعبية الجارفة التي حظي بها في الشارع.
أسباب خارجية
ومن تلك التوجهات التي تميز بها عمران خان موقفه الهادف إلى الحياد الدولي بديلًا عن “التبعية أو حتى التحالف” مع الولايات المتحدة، وتعزز ذلك بتوقيع باكستان عام 2019 أكبر صفقة سلاح مع روسيا بقيمة 9 مليارات دولار، سبقتها عام 2018 صفقات تسلح بقيمة 6.4م ليارات دولار مع الصين.
تواكب ذلك مع موافقة باكستان على مشروع طريق الحرير الصيني، وهو ما عدّته أمريكا ضربة قاصمة لمحاولاتها حصار الصين.
ورغم تأكيد خان رغبته في إقامة علاقات متوازنة مع واشنطن وموسكو وبيجين على حد سواء، فإن الرد الامريكي جاء سريعًا في أغسطس/آب عام 2019، عبر قيام الهند بإلغاء الحكم الذاتي الدستوري لولاية جامو وكشمير الباكستانية التي تحتلها، وعملها على تغيير هويتها عبر التهجير القسري للسكان ونزع الهوية الوطنية منهم، وتدمير دور عبادتهم.
ورغم حساسية الموقف لدى باكستان لاعتبارها أن الاجراء الهندي جريمة لا تُغتفر، كان يجب على الولايات المتحدة اتخاذ مواقف قوية تجاة نيودلهي، فإننا وجدنا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب يزور الهند في فبراير/شباط 2020 وكأنه يبارك الإجراء ويدعم تصرفات رئيس وزراء الهند المعادية للمسلمين عامة وباكستان خاصة.
وزاد الأمر توترًا حينما قام عمران خان بالمسارعة في إقامة علاقات طبيعية مع حركة طالبان الأفغانية بعد عودتها إلى الحكم، في حين أن الولايات المتحدة التي عقدت اتفاق سلام بعد حرب دامت عقدين معها لم تكن سعيدة بهذا الترحيب، ربما لأنها كانت تخطط لخنقها وإفشالها اقتصاديًّا.
إلى أن انقطعت شعرة معاوية تمامًا برفض حكومة عمران خان التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين الغزو الروسي لأوكرانيا.
بل وانتقاد خان بشدة أمريكا والاتحاد الأوربي على مطالبته بذلك، قائلاً “هل نحن عبيد لكم لنفعل ما تقولون؟ عندما انتهكت الهند القانون في كشمير المحتلة، هل توقف أي منكم عن التجارة معها أو قطع العلاقات معها؟”.
وممّا ألهب الغضب الغربي على عمران خان أيضًا مواقفه القوية من الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وسعيه لإقامة تحالف إسلامي مناهض للهيمنة الأمريكية والغربية.
أسباب داخلية
وتقف قيادات من الجيش الباكستاني حجر عثرة دائمًا أمام أي تحوّل إلى نظام ديمقراطي في البلاد، وتدعم أي انقلابات على النظم المنتخبة، التي كان آخرها الانقلاب على حكومة نواز شريف عام 1999 بعد محاولاته تمرير تعديل دستوري يدعم تطبيق الشريعة، بجانب إجرائه 6 تجارب نووية.
ثم إجباره على الاستقالة مجددًا عام 2017 بعد عودته إلى الحكم في عام 2013، وسعيه للتقارب مع إيران والصين وروسيا بعقد صفقات ومشروعات تجارية، هنا استغل أعداؤه الموالون للمؤسسة العسكرية ما عُرف بتسريبات بنما، ليستدلوا بها على ارتكابه قضايا فساد ثم يطيحون به من الحكم، رغم عدم صلته بالقضية.
ما حدث لرئيس وزراء باكستان الأسبق نواز شريف في عودته الأخيرة تكرر مجددًا مع عمران خان، ومن المتوقع أيضًا تلفيق تهم تمنعه من العودة إلى المنصب.
خاصة أن هناك معلومات تتردد بين نواب البرلمان الباكستاني بوقوف الجيش وراء الأحداث، وأن أفرادًا منه تواصلوا معهم وطلبوا منهم سرعة الاجتماع مرة أخرى لسحب الثقة من عمران خان، بعد أيام قليلة من فشل المعارضة في تنفيذ هذا الإجراء.
انقلاب معايير
ويمكننا طرح مثال على انقلاب المعايير في هذا البلد الإسلامي الكبير تاريخيًّا، بقيام الجنرال برويز مشرف رئيس وزراء باكستان عام 2001 بوضع عالِم مكّن البلاد من الحصول على القنبلة الذرية والوقوف بندية أمام الهند رهن الإقامة الجبرية لعدة سنوات، وذلك بدلًا من الاحتفاء به وتكريمه.
بينما رد أبو القنبلة النووية الباكستانية باتهام الديكتاتور مشرف بالعمل على تطبيق الأجندة الأمريكية في البلاد، وهو ما يلامس الحقيقة، إذ إن الاتهامات التي وُجّهت إليه بتسريب معلومات نووية إلى إيران أطلقتها أصلًا أمريكا، إلا أن الجيش الباكستاني أجبر عبد القدير خان على الاعتراف بها.
بل إن العقوبة طالت أيضًا رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو، صاحب قرار امتلاك تلك القنبلة، إذ تعرّض هو الآخر لانقلاب عسكري نفّذه الجنرال ضياء الحق وسُجن ثم أُعدِم، ووُضِعت ابنته بينظير بوتو أيضًا رهن الإقامة الجبرية.
ولمّا وصلت ابنته إلى الحكم بعد ذلك، وراحت تكشف التدخلات الأمريكية في البلاد، تعرّضت هي الأخرى للاغتيال، وكانت قد قالت في تسريبات لها إن واشنطن عرضت عليها البقاء في الحكم ونيل رضا المؤسسة العسكرية عنها مقابل الولاء.
………..
عمران خان -مثله مثل كل محب لبلاده ودينه وأمته في معظم بلدان العالم الاسلامي- قد يكون مصيره السجن.
لتخطي الحجبد https://ajm.me/vrn6q8
للمزيد https://ajm.me/3bdn4b
استطاعت الدراما التركية في السنوات الأخيرة كسب اهتمام شرائح واسعة من الجماهير داخل أراضيها وخارجها، وصارت سلاحا أمضَى وأحدّ من كثير من وسائل الردع المعروفة.
فبعدما نجحت سابقا في لفت انتباه الشباب والمراهقين عبر قصص الحب والغرام أحيانا، والمؤامرة والجريمة أحيانا أخرى، وثبت وثبة قوية نحو مستهلكين أكثر عددا ونضجا وتأثيرا، بدرامتها التاريخية، لتزيل عقودا من التجهيل المتعمد بهذا التاريخ المجيد.
حيث استطاعت أن تزيل بسلاسة ولين تحسد عليهما، اللبس والغموض الذي أريد له أن يكتنف تاريخ الدولة السلجوقية مثلا، وهي دولة لها تضحيات عظمى في إفشال أعظم الحملات الصليبية، وكذلك الدولة العثمانية التي كان لها تأثير عميق في تاريخ العالم الإسلامي والعالم أجمع.
فقد أغنت هذه الدراما بذلك عن عدد كبير من الكتب والوثائق والمحاضرات والندوات، وتركت لدى النشء والأجيال القادمة رواية موثقة تتحدث عن الحقيقة التي يريد كثير من النافذين في واقعنا المخزي أن تختفي إلى الأبد، وسط طوفان من الروايات الأخرى التي صُنعت بإتقان وصُرفت عليها مليارات الدولارات من أجل تزوير التاريخ.
ولقد زادت الدراما التاريخية التركية -مثل “قيامة أرطغرل” و”المؤسس عثمان” و”كوت العمارة” و”السلطان عبد الحميد” و”ألب أرسلان” و”بربروسا” و”الملحمة” و”يونس إيمرة” و”الفاتح” وغيرها- من وعي الناس بتاريخ الإسلام والمسلمين، حينما شرحت للعالم حقائق كان يصعب على غير المراقبين إدراكها بسهولة.
الفتح والغزو
ومن تلك الحقائق أن الإسلام لم ينتشر بالسيف كما يدعي أعداؤه، بل كان الفتح أو الغزو هو السلوك السائد في تلك الأزمنة، عملًا بقاعدة إن لم تبادر أنت بادر أعداؤك، لا فرق في ذلك بين مسلم أو مسيحي أو حتى وثني مغولي.
لكن الفرق الناصع الذي أضافه الإسلام في فتوحاته عامة، وهو دين الرحمة والأمر بالعدل والإحسان، هو أنه لم يجبر أهل البلاد المفتوحة على الدخول فيه، ولم يتخذهم عبيدا.
ولذلك بقي الكثير من رعايا الدولة العثمانية في عشرات الدول الأوربية التي خضعت لحكمها عدة قرون على دينهم، في حين ظلت محاكم التفتيش في الأندلس ومتحف الإنسان في فرنسا شواهد واضحة على مر الزمان للاستخدام الوحشي الحقيقي لنظرية حد السيف التي أريد وصم الإسلام والمسلمين بها.
وهذا ما نجحت الدراما التركية في تقديمه للناس بما يلامس حقيقة الإسلام وحقيقة التاريخ.
وفي رأيي أن هذا الفرق الخطير كان في حد ذاته سببا لملامسة الإسلام قلوب الباحثين عن الحرية، خاصة مع وصول المجتمعات الغربية حينئذ، حدا من الاستهانة بالإنسان جعلها تنقسم إلى أربع فئات: غالبية كاسحة من العبيد تملكها أقلية ضئيلة من السادة، وبينهما يتناثر قليل من الأحرار، وكثير من “الأقنان”.
ولمن لا يعلم فالأقنان هم فئة من العبيد ارتقت إلى خدمة الكنيسة، حيث ارتهنوا هم وأسرهم وأحفادهم وأجيالهم القادمة، ليكونوا خداما لقسّ بعينه في الكنيسة ولذريته ومن يخلفه، وبالطبع كلما زادت رتبة المتبوع زادت قيمة الأتباع.
وعموما فهم أفضل حالا من العبيد حيث كانوا يحصلون على كم أكبر من الطعام، مقابل جهد أقل في العمل.
النظافة والمدنية
كثيرا ما حاولت الميديا الغربية وصم الإسلام والمسلمين بالتخلف، وبأنهم بدائيون يفتقدون للنظافة الشخصية أو البيئية، وأن الحملات الاستعمارية الغربية هي التي انتشلتهم من هذا الوحل.
والمؤسف أن تسير الدراما التاريخية العربية أيضا خلف هذا التصور، لدرجة جعلت بعض “المستغربين” من بني جلدتنا في مصر يحتفلون بـ”الحملة الفرنسية” بوصفها حملة تنوير، رغم أنها قتلت عشرات الآلاف من المصريين وسرقت كل ما أمكنها سرقته، من الآثار حتى أبواب المنازل.
وقد أبرزت الدراما التركية التاريخية عكس ذلك تماما، فأظهرت المسلمين وهم يقفون على قدم المساواة مع أبناء الحضارات الغربية، بل إن نظافة المسلمين وتحضرهم كان سببا في دخول الكثير من الأوربيين الإسلام.
والحقيقة أن الأوربيين كانوا يعتقدون أن الاغتسال كفر، فلا يقرب المرء منهم الماء إلا مرة أو مرتين طيلة حياته، بحسب مذكرات النمساوي ساندور موراي والمؤرخ الفرنسى دريبار وغيرهم.
أما بخصوص المدنية، فإن كتاب “ما هية الحروب الصليبية” للدكتور قاسم عبده قاسم -وهو مرجع فريد وموثق في هذا المجال- يسوق عشرات الشهادات على أنه لم يكن في أوربا كلها في هذه الأزمنة ما يمكن تسميته مدينة، بل كانت كلها قرى متفاوتة البدائية.
“بطلوع الروح”
ما كان للدراما التركية التاريخية تحديدا أن تنال تلك المكانة الكبيرة بمئات الملايين من المشاهدين في العالم أجمع، إلا بسبب احترامها لثوابت مشاهديها ومعتقداتهم، وقيامها بالعمل لخدمة قضاياهم الكبرى التي تتعدى المصالح السياسية والحزبية والقطرية الضيقة.
وعلى النقيض من ذلك تماما، تأتي بعض الأعمال الدرامية المصرية لتطعن الإسلام في مقتل، بتشويه من لديهم التزام ديني وإظهارهم بمظهر المخادعين والجاهلين والخونة والمجرمين، مع تحبيذ من يسلكون عكس هذا المسلك.
وبدلا من أن تنقرض تلك الظاهرة التي كان من ضمن أعمالها قديما “الإرهابي” و”الجزيرة 2″ و”غرابيب سود” وغيرها، عادت مجددا بـ”بطلوع الروح” وهو المسلسل الذي وُجِّهت إليه انتقادات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتشويهه صورة المسلم الملتزم تحت مبررات واهية.
ورغم أن بعض هذه الأعمال أُعد بشكل ما لدعم مواقف السلطة تجاه الحياة السياسية، فإن الحماسة الفنية وانفلات المعيار نقلا هذه الأعمال من الحرب السياسية إلى الحرب على الإسلام نفسه، بما لا يخدم مصالح الدولة المصرية.
ولن نستفيض في تقديم النماذج المسيئة لتاريخنا وديننا في الدراما المصرية لأنها كثيرة ومعروفة وقديمة.
نصيحة لكل من يقوم على أمر هذه الصناعة في أي مكان: المشاهد يفرز الغثّ من السمين، فإما أن يدير ظهره فتخسروه، وإما يستقبلها فتكسبوه.
رابط تخطي الحجب: https://ajm.me/6c72cr
لقراءة المقال كاملا: https://ajm.me/dee4yt
كشف الغزو الروسي لأوكرانيا، وما رافقه من مواقف ودعوات وتصريحات من البلدين أو حلفائهما، عن التناقضات الجسيمة للسياسات الدولية، حيث ظهرت جلية مرة أخرى المعايير المزدوجة التي يتعامل بها المجتمع الدولي غربه وشرقه في قضايا العالم.
فإذا أجرم القوى فسيلتزمون معه بحدود السياسة والدبلوماسية، وإذا اخطأ الضعيف أو أساء التقدير نسفوه من وجه البسيطة نسفًا.
وتجلت تناقضات ما يسمى بالمجتمع الدولي، وغالبا ما يقصد به الدول الأقوى في العالم، في مواقف هذا المجتمع من اجتياح الدول المستقلة والاستيلاء عليها أو تدميرها، وفي عمليات الإغاثة واللجوء وحماية المدنيين، وفي توصيف عمليات المقاومة: هل هي مقاومة وطنية أم ميليشيات إرهابية؟
ولتوصيف هذه الحالة بشكل أدق دعنا نتفق على أن المعركة الدائرة الآن بين القوات الروسية والأوكرانية هي في الحقيقة معركة بين روسيا وحلفائها كالصين وكوريا الشمالية، وبين أمريكا وحلفائها الأوربيين، والفرق فقط في أنها تدور على أرض التماس بين المتصارعين وهي أرض أوكرانيا.
اجتياح الدول
مما لا شك فيه أن قيام روسيا وهي قطب عالمي يحسب له حساب، بمحاولة اجتياح دولة ضعيفة كأوكرانيا، جريمة تخلّ بنظام العالم، وتؤسّس لنظام متوحّش يلتهم فيه القويّ الضعيف.
ومما لا شك فيه أيضا أن هبّة أمريكا لنجدة الضعيف هي أمر يساعد على استمرار بقاء النظام الدولي، الذي يبقى رغم هشاشته أفضل بكثير من سيادة منطق الغابة.
لكن للأسف لا هذه ولا تلك يهمها كثيرا فكرة احترام استقلال الدول، فالقوي دائما يفرض منطقه بقوته، وهو واثق من أنه سيحدث في النهاية تقاسم المصالح بين الأقوياء.
فلم تلتفت روسيا ولا أمريكا لمنطق احترام استقلال الدول واستقرار النظام العالمي، حينما اجتاحت كل منهما دولة صغيرة اسمها أفغانستان، وقتلت الناس وأزالت حكومات شرعية وعينت حكومات تابعة بدلا منها.
ولم تلتفت أمريكا إلى هذا المنطق حينما غزت العراق وقتلت مئات الآلاف من شعبه، كما لم تأبه روسيا بإرادة الشعب السوري وحقه في تغيير نظام حكمه، بل أقامت هناك أبشع مسلخ بشري شهده القرن الحادي والعشرين لأبناء هذا الشعب الشقيق، ونفس الأمر تماما فعلته في الشيشان أيضا.
ولم نجد قلقا روسيا أو صينيا على نظام العالم حينما أحدثت أمريكا مأساة العراق، لم نجد كذلك قلقا أمريكيا وأوربيا حينما أحدثت روسيا مأساة سوريا أو الشيشان.
كنا نسمع فقط تصريحات إعلامية سرعان ما تخفت حينما تتم التسويات بين الأقوياء.
مقاومة أم مليشيات إرهابية؟
لا يوجد تعريف محدد يميز الفرق بين المقاومة والمليشيات الإرهابية، لكن الواقع أثبت أنه يتم تعريفها حسب المستفيد منها أو المتضرّر.
فإذا كانت تحقق مصلحة أيّ دولة كبرى فستصبح هنا “مقاومة” وسهبّ كل الحلفاء لنجدتها، وإذا كانت ستضر بمصالح ذات الدولة، فهي قطعًا مليشيات إرهابية، وسيهبّ الجميع لعقابها.
ولما كان الأمر كذلك، أعلن الرئيس الأوكراني عن فتح باب التطوع للأجانب من خارج البلاد في الجيش الأوكراني، وصمتت على ذلك أمريكا التي كانت في حرب ضروس ضد المقاومة العراقية والمقاومة الأفغانية، وكانت تسمّيهما المليشيات الإرهابية، مع أن عناصر هذه المقاومة هم أبناء البلد، وأمريكا هي الغازية.
وفي المقابل نددت روسيا بالدعوة الأوكرانية واعتبرت ذلك تحشيدا للمرتزقة والمليشيات الإرهابية، في حين أن مليشيات “فاغنر” الروسية تسرح وتمرح في شرق ليبيا، وتقتل أبناء البلد الحالمين بالحرية في بلدهم.
إغاثة اللاجئين وحقوق الإنسان
لم ينفطر قلب أيّ رئيس روسي أو أمريكي أو أي من الحلفاء الغربيين على مأساة اللاجئين السوريين الذين شبعت أسماك البحر المتوسط من التهام أجسادهم، وجمّد الجليد أبدانهم.
فلم تسع روسيا لإقناع بشار الأسد بحق شعبه في اختيار رئيسه، والبقاء في أرضه، وأنه هو الذي يجب أن يرحل وليس هم، وهذا هو ألف باء المنطق.
وعلى الجانب الآخر، لم تقم أمريكا بالذهاب إلى سوريا من أجل إنقاذ الأبرياء، بل اتجهت إلى زيادة تدفق شلالات الدماء هناك بقتل المزيد من الشعب بوصفهم إرهابيين.
ولم تفعل روسيا شيئا للاجئين العراقيين الذين تسببت أمريكا في مأساتهم، كما لم تفعل أمريكا شيئا للاجئين الشيشان الذين تسببت روسيا في مأساتهم.
لكن حينما يتعلق الأمر باللاجئين الأوكرانيين فإن قلب أمريكا وحلفائها يتسع لهم جميعا، نكاية في روسيا. وقطعًا ستجد روسيا المناسبة التي ترد فيها على أمريكا بالمثل.
وفي نفس الأزمة تجلّى أحد مظاهر التفريق في التعامل بين اللاجئين، حينما شكا قسم منهم خاصة الأفارقة والعرب من قيام الدول التي فروا إليها في أوربا بمعاملة اللاجئين الأوكران معاملة تفضيلية.
هذه مجرد مقابلة كاشفة لموقف واحد من مواقف قطبي العالم، وكيف أنهما ينظران إلى العالم من نظاراتهما الخاصة، وأن قوة كلّ منهما تكفي لأن تفرض رؤيتها على من حولها من الصغار، ويجلس العالم مستمعًا بإنصات وترقّب وحذر.
روسيا أم أمريكا؟
أنا شخصيا لو خُيِّرت بين مرجعية أمريكا ومرجعية روسيا، لاخترت الاستقلال التامّ لبلادنا عن التبعية للقوى العظمى، ولكن لو فاضلت بين الدولتين فقطعًا سأختارأمريكا، لأن لديها على الأقل الديمقراطية التي نحلم نحن بها، حتى لو كانت تطبقها فقط داخل حدودها.
أوكرانيا نالت الجزء الأكبر من التعاطف في الشارع المصري والعربي لأنها تذكرنا بمآسينا في العراق وسوريا وليبيا، ومع ذلك يبقى الشارع العربي أيضا حذرًا من المواقف الأمريكية، بسبب انحيازاتها للنظم الاستبدادية في عالمينا العربي والإسلامي.
حينما يكون الضحايا عربًا أو مسلمين فإنهم يقعون عادة بين فكّي كماشة الاستبداد الشرقي والغربي ولا نصير لهم إلا سواعدهم.
اقرأ المقال على الجزيرة مباشر
لتخطي الحجب | https://ajm.me/wt3hat
الجهد الذي بذلته دولة الجزائر الشقيقة، برفقة جنوب أفريقيا ونيجيريا، من أجل الحصول على الدعم الأفريقي اللازم لتجميد القرار السابق لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بإضافة إسرائيل بصفة “مراقب”، هو قطعا جهد مشكور يستحق التقدير، وهو محط ثناء كبير في الشارع العربي والإسلامي بالفعل.
لكننا إذا نظرنا نظرة أكثر تعمقا، فسنجد أن الأمر برمته يمثل وصمة عار كبيرة في جبين الدول العربية، حينما عجز بعضنا أو حتى تواطأ لمنع إصدار القرارالأصلي محل الحديث.
وكان الاتحاد الأفريقي قد شكّل في القمة الـ35 له، لجنة من ستة رؤساء دول -بجانب الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي ماكي سال- وهُم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس النيجيري محمد بخاري، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، ورئيس الكاميرون بول بيا، ورئيس رواندا بول كاغامي، لبحث الأمر.
ونجحت اللجنة في تجميد القرار، مع أن هذا الانتصار يحتاج إلى مزيد من الجهد والدعم، ليكون قرارا نهائيا وليس مؤقتا كما هو الحال الآن.
تبدل المواقف
المهم في الموضوع ليس تجميد القرار أو تأييده، ولكن في انهيار النفوذ العربي لدرجة جعلت إسرائيل تتجرأ وتطرح هذا الطرح، ويصمت عليه الجميع العام الماضي، في قارة كانت منذ عقود قليلة داعمة بشكل شبه كلي للقضية الفلسطينية والحق العربي، وكانت تقف في نفس الخندق الذي يقف فيه العرب. وكانت دولة فلسطين تشارك منذ زمن منظمة الوحدة الأفريقية بصفتها ضيف شرف في القمم الأفريقية.
والحقيقة أنه يجب عدم إلقاء اللوم على دول الاتحاد الأفريقي، خاصة دول جنوب الصحراء الكبرى التي تعاني الفقر ومعضلات متنوعة، ودفعت ضريبة رفضها مصافحة يد إسرائيل الممتدة إليها بينما الدول العربية تهدر أموالها في الغرب والشرق إلا في أفريقيا.
لأنه لا يُعقل أن تبقى هذه الدول على مواقفها من إسرائيل، بينما العرب أصحاب القضية هم من هرولوا للتطبيع مع إسرائيل، ووصل بهم الانحدار إلى درجة التحالف معها عسكريا، بعد أن كانت هى العدو الأول والوحيد لأمة العرب.
بل إن هناك تقارير تتحدث عن قيام دول عربية -يكاد يعرفها الجميع- بفرض عقوبات اقتصادية على دول أفريقية لإكراهها على سرعة التطبيع.
بينما تتحدث صحف إسرائيلية مثل “جورزاليم بوست” عن أن هناك 21 دولة ذات أغلبية مسلمة في القارة السمراء خاضت معركة لتجميد القرار، من إجمالي 55 دولة أعضاء بالاتحاد.
والمؤسف حقا في هذا الادعاء -إن صح- أن تعارض القرار 21 دولة فقط، بينها دول ليست ذات أغلبية مسلمة مثل جنوب أفريقيا، في حين أن القارة بها 26 دولة ذات أغلبية مسلمة، وكثير من باقي الدول يمثل المسلمون فيها الأقلية الكبرى.
والمفجع أن “تدّعي” الصحيفة الإسرائيلية أن دولا مثل السودان والمغرب وتشاد كانت تقف مع الموقف الإسرائيلي.
ولعله من المهم أن نذكر أن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد الذي اتخذ قرار الضم بشكل منفرد في يوليو/تموز 2021، كان رئيسا لمجلس وزراء تشاد، مما يؤكد وجود تدخلات لحكومة بلاده في هذا الموقف.
البعد الأمني
في العقد الأخير أهمل العرب أفريقيا تماما، وتركوها نهبا للتدخلات الدولية، فتصارعت الضباع جميعا للاستحواذ على الفرص الخصبة فيها، واحتدمت التدخلات الإسرائيلية والفرنسية والروسية والأمريكية والصينية والبريطانية والهندية فيها، ولم نجد دولة عربية أو مسلمة واحدة تدرك هذا الخطر إلا تركيا التي دخلت هى الأخرى في الصراع بمشروعات تنموية واستثمارية في العديد من دولها.
ولم تدرك الدول العربية -لا سيما في الجزء الأفريقي منها- أن علاقاتها مع الدول الأفريقية ليست ترفا، لكنها هدف وجودي لأمنها القومي، لا يقل بتاتا عن أهمية التسليح.
بينما قامت دول عربية أخرى بالاستثمار في أفريقيا ليس من أجل دعم المصالح العربية، ولكن من أجل دعم مصالح تحالفاتها مع إسرائيل.
ونجم عن هذا الغياب تفجّر مشكلات غاية في الخطورة أهمها، إنشاء سد النهضة الإثيوبي، وانفصال جنوب السودان، والانفراد الفرنسي بدول الصحراء الكبرى.
صاحب النفوذ الأوسع
وإحقاقا للحق، فقد أدرك الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي أهمية أفريقيا مبكرا، فكان لنفوذه دور ملموس داخل القارة السمراء، استطاع من خلاله تعويض غياب الدور العربي، حتى إن فكرة تأسيس الاتحاد الأفريقي جاءت بمبادرة منه خلال القمة الأفريقية في مدينة سرت عام 1999، قبل انتخابه رئيسا له عام 2009.
وكان الهدف من ذلك أن يكون الاتحاد مظلة جامعة لجميع الدول الأفريقية الـ55 وليس 35 دولة فقط، كما كان الحال في منظمة الوحدة الأفريقية المنحلة، مع تعديل آليات التصويت فيه.
وكان للقذافي أنشطة كبيرة ومتنوعة في معظم أرجاء القارة، لدرجة جعلت وكالات الأنباء العالمية تصفه في تقارير لها بأنه صاحب النفوذ الأوسع في القارة السمراء.
وقد حذّر الباحث المتخصص في الشؤون الليبية بكلية دارتموث بالولايات المتحدة ديرك فاندويل عام 2010 من تنامي نفوذ ليبيا بقوله إن دورها إحدى القصص التي لم تسطر بعد، ولم يلتفت إلا قليلون لخطورته، والأمر المثير بالطبع هو حجم ما يمكن أن يمنحه القذافي لها وما ترغب الدول الواقعة جنوب الصحراء في تقديمه له.
…
في الختام، نقول إن اللطمة التي تلقتها إسرائيل في أفريقيا كانت قوية ومستحقة، ولكن ينبغي الحذر من اتفاقات تحت الطاولة.https://ajm.me/w6y4tg
المزيد:https://ajm.me/m9e4fk
المتأمل في طبيعة نظم الحكم في عالمنا العربي والإسلامي، لا يحتاج إلى أن يبذل جهدًا كبيرًا ليكتشف جليًّا أن سيادة ثنائية “الاستبداد والفساد”، هي القاسم المشترك بينها، وأنه إذا كانت هناك خصال أخرى واصفة لها، فستكون بلا شك “التخلف”، ولو أوهمت شعوبها، والعالم بخلاف ذلك، عبر اتباع نظام “البهرجة” بمشروعات الأكبر والأطول والأضخم.
الفشل الجمهوري
ولن يمكث هذا المراقب طويلا ليكتشف بسهولة أيضا، أن هناك صفة رابعة تخص تحديدا البلدان ذات النظام الجمهوري منها، وهي “الاضطراب السياسي”.
ثم سرعان ما يخرج بيقين أن نظام رأي الأغلبية -وهو جوهر فكرة الاحتكام إلى الجمهور- مهدر تماما في تلك البلدان، وأنه لا يعدو عن أن يكون ديكورا زائفا، ظاهره تمثيل الأغلبية، وحقيقته تحمل أقسى وأقصى درجات الإقصاء لهم، وأنه تعبير صادق عن حكم الأقلية.
ومكمن الخطورة هنا، أن هذا النظام الجمهوري، في حال فساد آليات اختياره، يحمل في طياته خداعا كبيرا وظلما بينا لشعوبه، فيحرم الناس من حقهم في الجهر بالمظلومية، تحت زعم أن هذا الحكم هو في الأصل من اختيارهم.
وفي ظل هذا الوضع الملتبس، يتنامى الشعور بالغبن الوطني، وعدم الانتماء، وتزداد الفجوات بين طبقات المجتمع، وتتفكك اللحمة الوطنية، وتكون النتيجة الصراع والاضطراب وغيرها من الصفات، التي تتسم بها جمهورياتنا العربية على وجه الخصوص.
ومن عيوب النظم الجمهورية العربية، أو التي من المفترض تعبيرها عن اختيارات الأغلبية، أنها إذا أصابت وأنجزت؛ فذلك بفضل حكمة رأس الحكم، وإذا عجزت وفشلت؛ فذلك بسبب قلة وعي الشعب، وعدم قدرته على مواكبة وطنية الزعيم ودأبه وحكمته.
وفي أحيان أخرى، حينما تتصارع أجنحة أجهزة الحكم في الدولة فينتصر الفرع الأضعف، على الأصل المتحكم، يتم عزو الخراب إلى فشل الحكام السابقين المتحكمين.
وبذلك تتوزع المكافآت لتصب في يد شخص واحد ودائرته الضيقة، وتتبدد العقوبات على المجهول غالبا، أو يتم استخدامها لتصفية حسابات سياسية.
أرسخ الديمقراطيات
الديمقراطية لا تفرق بين الممالك والجمهوريات أبدا، فرغم أن “المملكة المتحدة” مملكة فإن دعاة الديمقراطية والجمهورية ومنظريها حول العالم، ظلوا لقرون -وما زالوا- ينظرون إليها بوصفها النموذج الأمثل لحكم الأغلبية، والتعبير الصادق عن إرادة الجماهير.
والمدهش أن تجد أن الكثير من النظم الوراثية الأوربية كإسبانيا والسويد والنرويج والدنمارك وبلجيكا ولوكسمبورج وغيرها، صاروا هم أيضا مضربا للأمثال في حكم الأغلبية واحترام حقوق الإنسان.
هذا في حين أن كثيرا من النظم الجمهورية في الغرب والشرق، لا سيما في وطننا العربي، صارت هي الأخرى مضربا للأمثال في العالم أجمع، ولكن للقمع والاستبداد وحكم الأقلية.
وقد يستنكف البعض أن أضرب مثلا بديمقراطية بريطانيا ويقول إنها كانت قوة استعمارية عالمية، وهذا صحيح جدا، بل ونزيد أنها ارتكبت من الجرائم في مستعمراتها ما يندى له الجبين، وهي المتسببة في مأساة الشعب الفلسطيني، وهي التي أسست النظم الجمهورية الخادعة في مستعمراتها السابقة.
لكنها مع ذلك كانت أكثر رحمة من الاستعمار الفرنسي، الذي من المفترض فيه أن يكون تعبيرا عن خيارات الجماهير، وثورته الشهيرة التي حولت الحكم من دكتاتورية وراثية، إلى دكتاتورية عسكرية متوحشة.
ومع ذلك فالحديث هنا لا يدور أساسا حول سلوك هذه النظم خارجيا، ولكن حول سلوكها الداخلي مع شعوبها.
العدالة هي الحل
كان من الممكن أن نستخلص أن النظام الجمهوري نظام فاشل لا يحقق العدالة، ولا حكم الأغلبية، لولا أن مد الخط باستقامته يجعلنا نراه ناجحا جدا في تركيا والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وإيطاليا وكندا، وغيرها.
كما أن التطبيق الصحيح لفكرة الجمهورية في هذه البلدان، خلق حالة مثالية من العدالة، نراها نحن في بلادنا نوادر تستدعي الاندهاش، مع أننا نحن الأمة التي جعلها الله تعالى تأمر بالعدل والإحسان.
فقدان تلك العدالة في عالمنا العربي هو المشكلة الحقيقية، سواء في الممالك أو الجمهوريات، وبسبب غيابها تحول السجال السياسي الطبيعي الناجم عن اختلاف الآراء بين البشر، إلى صراع دامٍ، يأكل فيه القوي الضعيف، وتدفع البلاد بسببه الثمن فادحا.
نخلص من تلك الفضفضة إلى أن النظام الجمهوري العربي، هو في الواقع استبداد مقنّع، يعادي الجماهير، ويسومها سوء العذاب، ويحتال على الديمقراطية.
والواقع يشهد.
تخطي الحجب: https://ajm.me/3g8rcf
للمزيد: https://ajm.me/n8cpqp
في كتابه القيّم (الاستبداد الديمقراطي)، قسّم المفكر القومي الراحل الدكتور عصمت سيف الدولة ظاهرة الاستبداد إلى ثلاثة أقسام متباينة “استبداد متخلف واستبداد متحضر واستبداد ديمقراطي”، تتفق جميعا في النتيجة، في حين تختلف في الأشكال والأساليب والوسائل والمبررات.
ويستعرض في قسم الاستبداد المتخلف عددا من نظريات الديمقراطية، خاصة نظرية (جورج بوردو) عن الديمقراطية “الحاكمة والمحكومة”، حيث ديمقراطية فعلية “حاكمة” تعبّر عن شعب حقيقي، وغايتها خلق عالم جديد متحرر.
وديمقراطية “محكومة” تستوفي جميع أشكال الديمقراطية: الانتخابات والحياة النيابية والحرية الفردية وغيرها، ومع ذلك فقرارات السلطة الناجمة عنها لا تعبّر عن إرادة الشعب الحقيقي، وتكمن غايتها في تسكين المجتمع لا نهضته.
ويرى أن الديمقراطية المحكومة هي في الواقع “استبداد متحضر” فهذا -مثلا- نظام ديمقراطي كامل شكليا، يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه، لكن كل ما في الأمر أنه “شعب زائف لا يعبّر عن الشعب الحقيقي”.
وأهم ما يميز هذا النوع من الاستبداد، أنه لا يستدعي شعارات الاستبداد ومبرراته القديمة، بل يضفي عليها صفة الخضوع لإرادة المجتمع.
حلم بعيد المنال
والمؤسف حقا أن الانتقال من الاستبداد المتخلف إلى الاستبداد المتحضر، لا يزال حلما بعيد المنال لدى شعوبنا التي ما زالت ترزح تحت نير الاستبداد المتخلف.
ويكشف سيف الدولة أن اتجاها يسود لدى المفكرين الغربيين ينكر صحة التاريخ الديمقراطي الذي يتباهى به الغرب، لا سيما أمام حقيقة أن الحرية والمساواة بين الناس لم تكن موجودة أصلا في الحضارتين الإغريقية واليونانية، ولا شك أن غياب المساواة بين الناس يهدم بديهيات الديمقراطية.
وللتدليل على ذلك، يستدعي رؤية أعظم مفكري هذا التاريخ (أرسطو) القائلة بأن كل إنسان ليس مواطنا، وأن الطبيعة خلقت رجالا ليحكموا وآخرين ليطيعوا، وأنها جعلت من حق العقلاء والحكماء أن يكونوا سادة، وأن يكون القادرون جسمانيا على تنفيذ ما يصدر من أوامر عبيدا.
ويؤكد سيف الدولة أن من البديهيات التي ينكرها المستبدون “تعدد” الأفراد في المجتمع “الواحد”، وهو ما ينتج عنه تناقض محتوم، بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية من شخص إلى آخر، فيلجؤون إلى ممارسة عمليات الإلغاء، فإما إلغاء التعدد، أو إلغاء المجتمع، أو إلغاء الاحتياجات.
وقد يلجأ المستبد المتمكن إلى إلغائها جميعا بحجة أنه “إله” أو يملك الحق الالهي، أو أنه “رب الأسرة” والأكثر دراية بمصالحها، كما الحال في الاستبداد المتخلف، أو الإيهام باحترامها مع عدم تمثيلها تمثيلا صادقا، كما في الاستبداد المتحضر.
ويعزو سيف الدولة جنوح المستبد إلى الاستبداد، بأنه العودة إلى مرحلة الطفولة، وخلالها تبرز ظاهرة النزوع إلى التدمير كما يفعل الطفل، حينما يفتقد مصدر اللذة.
وبالتالي، فإن قرارات السلطة الديمقراطية الحقة -هنا- لا بد أن تكون خاضعة لرأي أغلبية المجتمع، حتى لو كان رأيا مشكوكا في صوابه.
الاستبداد الديمقراطي
فرّق سيف الدولة بين الاستبداد البرجوازي والاستبداد الديمقراطي، ورأى أن أسلوب البرجوازية في استبدادها، أو -على الأصح- في تغطية استبدادها، هو اللجوء إلى نظام التمثيل النيابي، في حين لم يتم التسليم بأن التمثيل النيابي أسلوب ديمقراطي خالص.
وعلى النقيض تماما، يرى سيف الدولة أن الاستفتاء الشعبي هو أصل الديمقراطية، ولا يعترض عليه إلا المستبدون، وهذه الميزة تجعله صالحا ليكون ستارا عصريا مروعا -ولا نقول رائعا- للاستبداد، لأن من يعارض هذا الأسلوب هنا سيكون كمن يعارض الديمقراطية ذاتها.
ولمّا كانت مخالفة الدستور -في ذاتها- استبدادا محرّما، فإن كل استفتاء شعبي يخالف الدستور هو ستار ديمقراطي للاستبداد، أو كما نسمّيه استبدادا ديمقراطيا، إلا الاستفتاء على الدستور وتعديلاته.
وفي المقابل، يكون الاستفتاء الممكن “دستوريا” غطاء للاستبداد، حينما يكون مستحيلا موضوعيا، بمعنى أنه يستثني فئات من المجتمع، بسبب عدم قدرتها على الاختيار الصحيح، بسبب صغر السن وعدم التمكن من الإدراك.
ويعتقد سيف الدولة أن الفارق الدقيق بين الاستفتاء الشعبي الذي يعبّر عن إرادة الشعب، والاستفتاء الشعبي الذي يغطي على قبح الاستبداد، هو أن ينحصر الاختيار بين “نعم” و “لا” في حين أن الموضوع المستفتَى عليه يتطلب أسئلة غير ذلك.
ورغم إيمانه بأن الاستفتاء الشعبي هو أبرز دليل على الديمقراطية، فإن سيف الدولة راح يستعرض عشرات الأساليب والنماذج التي اتبعها المستبدون المصريون، فحوّلوا هذا المظهر الديمقراطي إلى محفل استبدادي يغاير طبيعته تماما.
ويرى سيف الدولة أن المنظمات التي سُمّيت “أحزابا” في فترة الثمانينيات والتسعينيات، جاءت صراحة وعلنا وقطعا نتيجة قرار منفرد تمت صياغته خارج نطاق الدستور وبالمخالفة لأحكامه الأساسية، ولم يهتم أحد حتى بالتظاهر باحترام الدستور، بل اهتم أصحاب القرار والمنتفعون منه بإقامة “المظاهرات الفكرية ترحيبا بالأحزاب الوليدة سفاحا”.
ثم بدأت السلطات البحث عن طريقة التحوّط ضد المسؤولية، بإسناد القرار إلى الإرادة الشعبية أو إشراك الشعب في خرق الدستور عن طريق الاستفتاء الشعبي، فأُقحِم قرار إنشاء الأحزاب في كل الاستفتاءات التي حدثت بعد ذلك.
……..
هذه كانت مجرد قشور لمحتوى كتاب مهم، لكاتب كبير، يُعد واحدا من أهم الكتب العربية التي تحدثت عن فلسفة الاستبداد، وتناولته بشيء من التأطير والتنظير.
رابط تخطي الحجب على موقع الجزيرة مباشر: https://ajm.me/pfsmxdللمزيد: https://ajm.me/mp8kgy
سيد أمين يكتب: دردشة عن البركة وعلم العدد
يناير 05, 2021
يحلو للناس الحديث عن الغيبيات أو اللامنطقيات و”الميتافيزيقا” أو علم “ما وراء الطبيعة” ، فهي راسخة ومتجذرة في عقول وأفئدة الناس ، من خلال التجربة أحيانا والنقل عبر الرسل والأنبياء والصالحين في أغلب الأحيان.
ويجتهد كثير من الناس لإظهار تشبثهم بحبائل المنطق في تبرير تصرفاتهم ، ويكرسون جل جهدهم للظهور بكونهم أناسا منطقيين، مع أنهم في كثير من الأحيان لا ينتصرون للمنطق ولا يعملونه أو حتى يعلمونه، لكنهم يمضون خلف تلك البواعث الداخلية العميقة المدهشة التي توجههم إلي فعل هذا ورفض ذاك وحب هذا وكراهية ذاك.
نحن لسنا هنا بصدد الحديث عن الأديان فهي “تابوهات” مقدسة تؤخذ بماهيتها كما هي وكما اخبرنا عنها الرسل والأنبياء والصالحين بما لها من نسق ، وهذا مصدر الإعجاز والحيرة فيها ، ولسنا أيضا بصدد الحديث عن السحر والمس والحسد رغم أن ذلك يأتي ضمن هذا النوع من التفكير وان كان قد صبغ بصبغة الابتذال والسوقية من فرط الحديث عنه.
ظواهر أخري
ولكن نحن بصدد ظواهر أخري لما يرد عنها نقلا ولم يستطع أن يفسرها لنا العلم لكنها حقائق يقينية يعيشها الناس منذ نشأة الخليقة ،وإلا فما تفسير أن يشعر أحدنا أحيانا انه عاش تلك اللحظة أو الموقف من قبل، أو أن يتوقع أحدنا حدوث شيء ما فيحدث تماما كما توقع دون وجود أي مسببات منطقية له ، أو أن يشعر بمشاعر الحب والاحترام والسكينة والأمن تجاه شخص لم تلتقيه في حياتك من قبل أبدا، وتشعر بمشاعر مناقضة تماما تجاه أخر مجرد أن تراه ، أو أن يتواصل اثنان كلا منهما في نصفي الكرة الأرضية ذهنيا دون سابق معرفة، أو أن يتعثر أحدنا مرارا في زيجته أو عمله أو تجارته دون وجود أي معيار منطقي بأي شكل ، لا في الشكل ولا اللون ولا القبح ولا الجمال ولا اللون ولا الجنس ولا الدين ولا العلم وغيرها.
وما معني الإيمان السائد عند الناس جميعا بالبركة والنحس حيث كانوا يقومون قديما بنثر حبوب القمح ليبنوا عليها جدران المنازل طمعا في النماء والرخاء ، ويقوم أصحاب المحال بسكب الماء أمام محالهم قبل بدء العمل طمعا في زيادة البيع وكثرة الزبائن؟ وما هو سر القدرات الخاصة؟
الإجابة علي تلك التساؤلات غاية في الصعوبة ولكنها قد تنقلنا جبريا إلي الحديث عن الإله الواحد الذي لم ندركه ولم نراه ولكن بصمات وجوده وخلقه لنا واضحة، تنقلنا تارة إلي النسق المنطقي وتارة إلي النسق غير المنطقي وهو ما يحيلنا إلي الاعتقاد الديني أيضا ، والغريب أن كل الأديان تقريبا تحيلنا إلي معني واحد تقريبا، الخلق الأول والبعث والخلود.
لذلك أعتقد أن الحياة لا تسير علي نسق منطقي واحد، ولا حتى علي النسق المنطقي فقط ، بل تسير علي رجلين اثنتين إحداهما نسق منطقي والأخر غير منطقي.
مَنطَقة اللامنطقي
في إطار “مَنطَقة” اللامنطقي يؤكد المتصوفة أن كثيرا من الناس ارتقوا لدرجات قصوى من الإيمان بالخالق العظيم وذابوا في الوجد للقائه، فتحقق لديهم الصفاء الوجداني والذهني في صورة حدس صوفي شديد الصدق، يحميهم من الذلل، ويقرءون به المستقبل، ويستدلون بفعاليته بمدي قربهم من الخالق.
وللحقيقة أن هذا الحدس الصوفي موجود بذات المعنى في كثير من العقائد والأديان وله نفس الآثار ما يدل في قراءة أخري علي وحدة المعبود وإن كانت تختلف صور عبادته.
لذلك كانت القدرات الخاصة التي منحت أيضا لبعض الأفراد حتى من غير المسلمين، بل ومن غير المؤمنين أو المتصلين صوفيا ، مثار حيرة بالغة لما لها نفع شديد ليس للأفراد فحسب بل حتى للدول.
ويحكى أن أكثر ما كان يؤرق المخابرات الغربية والأمريكية أثناء فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق ، هو نفوذ هؤلاء الأفراد الخطرين الذين يعتبرون أجهزة تنصت واستقبال واتصال بالغة التطور تقوم بمهام يستحيل كشفها أو حتى رصدها.
الغريب ان المخترع والفيزيائي والمهندس الكهربائي والميكانيكي الصربي الأمريكي “نيكولا تسلا” الذي يعد أحد أكثر البشر عبقرية ونبوغا علميا قال : “من يعرف عظمة الأرقام ٣ و ٦ و ٩ ،فقد وجد المفتاح للكون” ،وكان مهووس بالرقم ٣ لدرجة أنه كان يدونه حوله ويرسم به المثلثات.
حكايات متناثرة
ولقد ارتبطت الأماكن والمنازل في وجدان كثير من الناس بعوامل الرزق أو الشح فكانوا ينثرون الحبوب كالقمح والأرز والشعير في أساسات البنايات الجديدة جلبا للنماء والبركة.
وكثير من الناس كانوا يتشائمون ويتفائلون من أرقام بعينها ، فأرقام3و5 و7 و9 مثلا مثيرة للتفاؤل لديهم ، والغريب أنها ذاتها أرقاما محبذة أيضا في طقوس كثير من العبادات، فالصلاة عند الإسلام خمس والرقيات الشرعية ثلاثة أو خمسة أو سبعة، والسموات سبع، والأرض سبع طبقات ،وهكذا.
ويرتبط الرقم ٣ في معظم الثقافات بالتقديس ،والحياة والتغير والتطهير والولادة وحتى الحياة الاخرى ، وكثير من الثقافات القديمة، لديها ٣ رموز وآلهة مزعومة من المصرية القديمة مرورا بالهندوسية وانتهاء بمبدأ التثليت في بعض الديانات وفي بعض مذاهب المسيحية يعتبرون أن الله تعالي ثالث ثلاثة.
كما ان القرآن حافل بذكر رقم ثلاثة “أزواجا ثلاثة ، وعززنا بثالث ، ظلمات ثلث ،ذي ثلاث شعب ، وغيرها” وكذلك عدة الأرملة في الاسلام “٤ أشهر أي ثلث السنة، و١٠ ايام أي ثلث الشهرأيضا” فضلا عن أن الطلاق ثلاثة ، وتسبيحات الثلاة ثلاثة ، والاذكار والرقى اغلبها ثلاثة، وهناك معجزات كبيرة في علم العدد.
وفي الهندوسية الرقم ٣ مقدس ،فالآلهة ٣، وشيفا ثالث الآله له ٣ أوجه و أحوال و سلاحه ثلاثي والحياة ثلاث مراحل و ثلاث رحلات والوعي ٣ مراحل.
والشمعدان الذي يمثل أعظم رمز ديني لليهود هو سبع شمعات، وحتى الماسونية أو البنائيين الأحرار وهي منظمة أخوية عالمية يتشارك أفرادها عقائد وأفكار واحدة فيما يخص الميتافيزيقيا وتفسير الكون والحياة والإيمان بالخالق ، لها ثلاثة درجات ” العمي الصغار، الماسونية الملوكية ، الماسونية الكونية”.
بينما أرقام 13 و19مثلا مجلبة للشؤم وينبذها كثير من الناس لاسيما في الغرب، لدرجة أن الكثير من الفنادق العالمية ألغت رقم 13 في غرفها واحتالت عليه برقم 12 مكرر.
السبب غير مفهوم ولكن يتردد انه الساحرات كن في روما عددهن 12 ساحرة ويجتمعن مع الشيطان صاحب الرقم 13 وأن حوّاء أعطت آدم التفاحة ليأكلها في يوم 13 من الشهر وأن قابيل قتل هابيل في مثل هذا اليوم.
وترتبط البركة أيضا بالزوجة وقد يكون طلب إبراهيم من ابنه إسماعيل عليهما السلام تغيير عتبة بيته لسبب من هذا القبيل.
ويتردد أن مسألة النحس والبركة تبرز قوة أثارها طبقا لمدي إيمان صاحبها باللامنطقيات ومن يخشي العفريت “يطلع له” كما يقول المثل المصري.
اقرأ المقال كاملا على موقع رقيم
………………………………………….
سيد امين يكتب: الهرمجدون .. هل جمعت بين ترامب واليهود وفرقت بينهما؟
مارس 01, 2021
رغم أن الرئيس الامريكي المثير للجدل دونالد ترامب قدم لاسرائيل ما لم يقدمه أحد لها من قبل ، بدءا من زوج ابنته لليهودي جاريد كوشنر وعينه وزيرا لخارجيته، ثم قراره بنقل سفارة بلاده الى القدس واعترافها بأن كامل المدينة المقدسة عاصمة لاسرائيل، ومعها الجولان السورية المحتلة ، ثم تدبيره لصفقة القرن التي تنهي القضية الفلسطينية صالح اسرائيل ، نهاية بموجة التطبيع الاجباري التي فرضها علي “أثماله” العربية مع هذا الكيان، رغم كل ذلك لم يحظى ترامب برعاية اللوبي اليهودي في امريكا على ما يبدو ما تسبب في سقوطه الذريع .
تأثيرات انتخابية
تشير المعلومات الى أن هناك اكثر من 6ملايين يهودي يقطنون في عدد من الولايات والمدن الامريكية المهمة مثل نيويورك ولوس انجلوس وميامي وسان فرانسيسكو وشياغو ، واغلب تلك المناطق صوتت لجو بايدن في الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة وأن هذه الجالية اليهودية كان بامكانها بمفردها أن تحقق الفوز لترامب لو صوتت له في تلك الولايات وحققت التعادل بينه وبين بايدن بحيث يتم خصم هذا العدد من الـ 86 مليون الذين صوتوا لبايدن ويضافوا للأصوات التي حصل عليها ترامب ليصل عدد المصوتين له الى 80 مليون شخص ، فضلا عن قوتها الاجتماعية والاقتصادية التي كان يمكن استخدامها لاقناع أو اجبار شرائح أخرى من غير اليهود للتصويت له.
وبالطبع كل ذلك كان سينعكس ايجابا على اصوات ترامب في المجمع الانتخابي.
بالقطع ستثير تلك التكهنات دهشة الكثيرين واستنكارهم لها ، فلماذا يقابل اليهود اليد التي امتدت لهم بالعرفان بهذه الضربات الموجعة؟ وهل فعلوا ذلك كرها لترامب ام حبا في بايدن؟
تأثيرات عقائدية
يرد الداعمون لهذا التوجه بمعلومات اكثر غرابة تتعلق كلها بالتوجهات الدينية لكل من الصديقين “اللدودين” والذين جمعت بينهم الايديولوجية الدينية وهى التي فرقت بينهم أيضا في أخر المطاف.
فمن المعروف ان ترامب واحدا من الرءوساء الامريكيين الذين عرفوا بتأثرهم بشدة بمرجعيتهم الدينية البرستانتيه المشيخية ، وانه توجه الى الكنيسة القريبة من البيت الابيض حاملا الانجيل حينما داهم المحتجون الرافضون لسياساته المكان ليعلن للعالم تمسكه بوجهته العقائدية في بلد يتحلى ولو شكليا برداء العلمانية.
وحتى حينما هاجم انصاره مقر الكونجرس بعد اعلان فوز بايدن كان كثيرون منهم يحملون صلبانا ،وبينهم عدد من العرافين وقراء الحظ والطالع، وقيل انه كان بينهم قارئ الطالع الخاص بترامب نفسه.
ويقولون ان تدين ترامب بهذا المذهب – كما يقولون – جعله يؤمن بشكل جازم بضرورة وقوع معركة “الهرمجدون” او معركة “نهاية العالم” التي ستحدث بين السيد المسيح “عليه السلام ” بعد عودته الثانية كممثل لقوى الخير، ويين من لا يؤمنون به وسيفنيهم جميعا في “مدينة القدس” كممثلين لقوى الشر.
“مع ملاحظة أن وقوع تلك المعركة الفاصلة بين قوى الخير والشر في نهاية الزمان يؤمن بها انصار الديانات السماوية الثلاث ولكن يروونها بطرق مختلفة وكل فصيل بنسب الانتصار فيها لنفسه”.
الجديد هنا أن ترامب – بحسب المؤمنين بهذه النظرية – يعتقد أن اليهود من ضمن قوى الشر التي سيتم افنائهم، وأنه مع تخريب مدينة القدس لابد من تدمير هيكل داوود” أو”سليمان”.
ونظرا لأن هذا الهيكل غير موجود كي يتم هدمه ، فإنه من الضروري مساعدة اسرائيل لبسط سيطرتها الكاملة على كامل مدينة القدس، وتمكينها من اعادة بناء الهيكل أو العثور عليه أسفل “المسجد الاقصى” من ثم تهيئة الأجواء لعودة المسيح وهدمه، وتخريب القدس ،والقضاء على كل قوى الشر يهودا ومسلمين.
ولليهود سببا اخر للخلاف مع ترامب ، وهو أن الرجل يؤمن تماما بوجوب سيطرة الجنس الابيض على الحكم في امريكا بعدما افقدتهم “سياسة التجنيس والهجرة والمعايير الديمقراطية” السيطرة على مفاصل الحكم هناك ، بينما اليهود لا ينتمون للجنس الابيض ، وهم ايضا يؤمنون بانهم الافضل لكونهم “شعب الله المختار” كما يزعمون.
لذلك رأي اليهود أن اكتمال نصر ترامب وتمكنه من احداث تغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية عميقة في امريكا وفي العالم لن تصب في النهاية لصالحهم.
الساسة الامريكيون ومعركة النهاية
والحقيقة ان هناك الكثير من الساسة الأمريكيون ينتهجون نهج ترامب ، وبحسب كتاب “النبوءة والسياسة” للكاتبة الأمريكية جريس هالسيل فإن النبوءات التوراتية تحولت في امريكا إلى مصدر يستمد منه عشرات الملايين من الناس نسق معتقداتهم ومن بينهم أناس يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية وكلهم يعتقدون قرب وقوع معركة هرمجدون، ولهذا فهم يشجعون التسلح النووي ويستعجلون وقوع هذه المعركة باعتبار أن ذلك سيقرب مجيء المسيح.
وفي هذا المعنى تحدث الرئيس الأمريكي ريجان عام 1980م في مقابلة متلفزة أجريت معه مع الاعلامي المسيحي المتدين جيم بيكر قائلا: “إننا قد نكون الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون”.
وفي تصريح آخر له: ان هذا الجيل بالتحديد هو الذي سيرى هرمجدون.
أما الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش فقد نقلت عنه مجلة دير شبيجل الألمانية عام 1988 قوله “منذ ذلك الوقت أصبح بوش واحداً من الستين مليون أمريكي الذين يؤمنون بالولادة الثانية للمسيح وهذا ما دعاه إلى القول: بأن المسيح هو أهم الفلاسفة السياسيين في جميع الأزمنة لأنه ساعدني على التوقف عن شرب الخمر”.
ويتضمن كتاب “لو كررت ذلك على مسامعى فلن أصدقه” لمؤلفه الصحفى الفرنسى “جان كلود موريس” أخطر أسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكى “جورج بوش الابن” والرئيس الفرنسى السابق “جاك شيراك”، والتى كان يجريها الأول لإقناع الثانى بالمشاركة فى الحرب التى شنها على العراق عام 2003، بذريعة القضاء على “يأجوج ومأجوج”.
ويقول مؤلف الكتاب ان بوش الابن كان من أشد المؤمنين بالخرافات الدينية الوثنية البالية، وكان مهووساً منذ نعومة أظفاره بالتنجيم والغيبيات، وتحضير الأرواح، والانغماس فى المعتقدات الروحية المريبة، وفى مقدمتها (التوراة)، ويجنح بخياله الكهنوتى المضطرب فى فضاءات التنبؤات المستقبلية المستمدة من المعابد اليهودية المتطرفة.
وفي عام 1991 واثناء الحرب على العراق نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الحاخام «مناحيم سيزمون»، الزعيم الروحى لحركة حياد اليهودية، مفاده بأن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح “اليهودي” المنتظر.
وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش صدرفي قبرص عام 1990 يقول:توجد هيئات وجمعيات سياسية وأصولية في امريكا وكل دول العالم تتفق في أن نهاية العالم قد اقتربت، وأننا نعيش الآن في الأيام الأخيرة التي ستقع فيها معركة هرمجدون، وهي المعركة الفاصلة التي ستبدأ بقيام العالم بشن حرب ضد دولة إسرائيل، وبعد أن ينهزم اليهود يأتي المسيح ليحاسب أعداءهم ويحقق النصر، ثم يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام يعيش العالم في حب وسلام كاملين.
وهناك في الحقيقة العديد من التصريحات التي يدلي بها مسئولون أمريكيون وغربيون تكشف عن سيطرة هذه العقيدة على سياستهم الخارجية والداخلية
اقرأ المقال كاملا على موقع رقيم
………………………………………………..
سيد أمين يكتب : “صاحبة الجلالة”.. من تحرير الوطن لتحرير الكراسي
نشر المقال لأول مرة في عربي 21
بعضهم لجأ لاستئجار مقهى وأحيانا اضطر للعمل فيه، أو استأجر محلا ليبيع فيه البقالة أو الخدمات المكتبية أو مهمات الكمبيوتر، وبعضهم افتتح مطعما يبيع فيه الفول والطعمية، وأفقرهم من قام بتمويل “عربة فول” من تلك العربات التي تنتشر في كل مدن مصر وأحضر أقارب له للعمل عليها، ومنهم من اقترض من البنوك ليحصل على سيارة يديرها كسيارة أجرة.
وهناك من هم من ذوي الأطيان – وهي تقاس بالقراريط في الغالب – عاد إلى مسقط رأسه في ريف مصر وراح يربي الماعز والخرفان، ويزرع ويسقي وينافس الفلاح في صنعته.
هذه ليست ترديات أو حتى سرديات عن أحوال العمالة الموسمية ولا عمال التراحيل، ولكننا بلا خجل نتحدث عن المهن البديلة التي يمتهنها قطاع لا بأس به من الصحفيين المصريين حاليا، والذين ينتظرون بفارغ الصبر الزيادة الحكومية الدورية لبدل التدريب والتكنولوجيا مع كل انتخابات للتجديد النصفي، والتي ستحل في 19 آذار/ مارس الجاري، وهو البدل الذي تحول إلى الراتب الوحيد لغالبية الجمعية العمومية للصحفيين مع زهادته وضآلته، ولا يزيد عما يقدر بنحو 120 دولارا.
كما أن قطاعا كبيرا من الصحفيين المصريين يعملون بصورة أو أخرى في مجال السمسرة وبيع الأراضي، وبعض النافذين منهم وهم قلة طبعا لجأوا إلى القيام بأعمال الوساطة وتخليص مصالح المستضعفين من الناس مقابل أجر أو عمولة، والأخطر من ذلك أن العاملين في قطاع الإعلانات وهم بالقطع الأيسر حالا والأوفر حظا بينهم – رغم أنه نشاط مجرم بنص لوائح عضوية نقابة الصحفيين – صاروا هم أغلب ملاك الصحف الجديدة وهم من يسيطرون على المجال، وبالطبع كل ذلك أثر سلبا على حياد الصحفي ومهنيته.
لذلك فقد الناس ثقتهم في هذا المجال تماما، وانحدرت صورة الصحفي النمطية في مخيلتهم لدرجة سحيقة تجعل بعضهم يربط بين الصحفي والنصاب، بعدما كان من أعلى عشر مهن مرتبة وحصانة ودخلا وإعمالا للمبادئ والمثل في البلاد، وللأسف قد ساعدت الدراما الرسمية التي تنتجها الدولة في ترسيخ هذا المفهوم في العديد من أعمالها.
وفي كثير من الأحيان هذه الصورة جعلت الناس يربطون بين الصحفي ومخبر الشرطة الذي يتخلى عن حياده؛ ويسخّر قلمه ليكتب ما تمليه عليه أجهزة الدولة أو ممثلوها ويكون شاهد زور جاهزا.
بدون أدنى مبالغة هذه عينة كاشفة عن أحوال الصحفيين المصريين ومصادرهم المالية التي تضج بها اعترافات بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأحاديث الجانبية بين بعضهم البعض، ما يؤكد انهيار هذا المجال في مصر، ولولا دخل زهيد تؤمنه نقابة الصحفيين لأعضائها شهريا تحت بند بدل التكنولوجيا والتدريب (2000 جنيه أو ما يعادل 125 دولارا)؛ لوجدنا الصحفيين المصريين يتسولون، فما بالك بمن لم يستطيعوا الانضمام لهذه النقابة بسبب قيود متعددة وهم أضعاف أعداد أعضائها.
أسباب أمنية
ساهم في حالة السقوط لقطاع الصحافة في مصر ما يعانيه الصحفيون من تكميم للأفواه وإغلاق للمنابر الإعلامية الجادة ومطاردة القائمين عليها، تأكيدا لذلك الشعور المتصاعد بالغبن والجور والإذلال جراء تلك القبضة الأمنية بالغة الضراوة عليهم، والتي حولت اشتغالهم بالمهنة إلى سُبة في جبينهم تعرضهم لمخاطر أمنية هائلة، لا سيما من يحملون منهم كاميرا توثق الأحداث أو تخصصوا في مجالات تتنافر مع نشاطات الحكومة.
وفيما يبدو أن هناك خيوطا جديدة تتكشف عن المؤامرة الكبيرة التي تحاك ضد هذه المهنة، كشفت عنها تصريحات أحد نواب البرلمان في مصر بضرورة تغيير قانون نقابة الصحفيين.
ولا جدال في أن التغيير المزعوم إما أنه سينسف أي دور للنقابة للسيطرة وإدارة العمل في المهنة ويجعل المهنة مشاعا كأرض خصبة للذباب الالكتروني، أو أنه سينزع عنها اختصاصاتها ومكتسباتها ومكتسبات الصحفيين، أو أنه سيحد من الانضمام إليها، لتقع النقابة ومعها المهنة بين خطري الإفراط أو الإغلاق.
وعمدت السلطات منذ ظهور حركات مناوئة للسلطة في العقدين الأول والثاني من القرن الحالي وانضمام أعداد كبيرة من الصحفيين لها، إلى دس العديد من عناصرها الأمنية ليكونوا أعضاء في نقابة الصحفيين لصناعة توازن بين المؤيدين والمعارضين، وبالغت في الأمر حتى تحول عدد أعضائها في العقد الثاني بدلا من ستة آلاف عضو إلى ما يزيد عن 13 ألف عضو، بينما تقلصت الصحف والمواقع العاملة في المجال الصحفي إلى ربع ما كان عليه الأمر في العقد السابق له.
ونتج عن ذلك وجود الكثير من منتسبي نقابة الصحفيين المصريين لا يجيدون القراءة والكتابة.
كما توسعت السلطات في حجب المواقع الالكترونية لتصل لأكثر من 500 موقع، بدعاوى التحريض على مصر ودعم الإرهاب، والغريب أن بينها مواقع دولية شهيرة مثل bbc ورويترز.
أسباب اقتصادية
ونتج عن ذلك تراجع الكوادر الخبيرة والكفاءات وحملة الرسالة، ليتصدر بدلا منهم قليلو الخبرة والانتهازيون، وهو الذي انعكس بشكل واضح على تراجع مستويات التوزيع وعزوف القراء عن قراءة الصحف الورقية، لدرجة جعلت التسريبات المتداولة بين الصحفيين تكشف أن الصحيفة الكبيرة التي كانت توزع في اليوم الواحد أكثر من مليون نسخة صارت الآن توزع ما لا يزيد عن 15 ألف نسخة فقط؛ أغلبها اشتراكات حكومية، كما أن التسريبات تكشف أن هناك صحفا أخرى لا توزع يوميا أكثر من 300 نسخة.
ولا شك أن مزاحمة الفضاء الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي لهذه الصحف كانت معول هدم كبير لها.
وما يدل على أن لسياسة التحرير العامل الأكبر في هذا الانهيار أن القراء انصرفوا عن متابعة مواقع الصحف القومية والخاصة الحليفة لها أيضا على الإنترنت، وصار السبب الأول لزيارتها معرفة توجهات وقرارات الدولة.
العمل بالسخرة
كثير من الصحف العاملة في مصر تستغل حاجة صحفييها للحصول على عضوية نقابة الصحفيين – الذي تقرنه لوائح النقابة بخطاب منها وفترة عمل تتجاوز العام وتوقيع صك التأمين الاجتماعي – فتقوم قبل ذلك بإجبارهم على العمل بالسخرة، كأن تجعلهم يعملون فيها لسنوات مقابل أجر زهيد لا يزيد أبدا عن ألف جنيه وقد يصل إلى 300 جنيه، وأحيانا تجعلهم يعملون دون أجر نهائيا.
ووصل الانحدار لدرجة أن يقوم أحدهم بدفع مبلغ كبير للصحيفة من أجل الحصول على خطاب التقدم لعضوية النقابة، فيما كانت هناك صحف يمثل لها ذلك مصدر دخلها الرئيس!!
وأخيرا، لك أن تتخيل أن نضال الصحفيين الذي كان يدافع عن تحرير الوطن بأسره قديما وتحسب له السلطة لهم ألف حساب؛ صار عاجزا عن تحرير كراسي النقابة التي تم جمعها والإغلاق عليها في مخازن الدور الخامس، أو يسعى لتحرير سلم النقابة (هايد بارك مصر سابقا) من السقالات.
هل تبقى للصحافة في هذه الأجواء.. رسالة؟!
……………………………………………
سيد أمين يكتب : تفسيرات روحية لحالة الأمة المزرية
مارس 30, 2021
يذهب بعض بسطاء السوريين إلى أن سبب تفشي القتل والموت في سوريا يعود لاستجابة ربانية لدعاء درج السوريون للتخاطب به بعضهم البعض، ويقولون أن لفظة “الله يقبرك” وتعني أن “تموت وتدفن في القبر” ، وانها هي من تسببت في كل شلالات الدم التي تساقطت في سوريا ،حتى وإن كان يتم التخاطب به بين الأهل والأصدقاء على سبيل الدعابة ودون قصد.
فيما يدعمهم أشقاؤهم من بسطاء المصريين ويؤكدون تصديقهم لهذه المدلولات والتأثير للكلمات العابرة لدرجة توجب عليهم الرد على من يقول شيئا سلبيا بعبارة “فال الله ولا فالك” وذلك لكبح التأثير السلبي لكلماته السيئة، ويقولون أن الدعاء بـ”خراب البيت” الذي يردده المصريون بشكل فيه شئ من الدعابة والتلقائية في أحاديثهم ، هو ما تسبب في أن تكون مصر هي من الدول الأعلى عالميا في منسوبات الطلاق بين الزوجين وتفتت الأسرة و”خراب البيوت”ـ ويختزلون الأمر برمته بعبارة “السم في اللسان”.
ويؤكد النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم هذا المعنى عندما أخبر بأن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يدخل بها الجنة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً، فيما يقل الله في محكم كتابه “ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد”.
الغريب أنه رغم كون مثل تلك التفسيرات عن تأثير الكلام تعتبر في شق كبير منها أشياء “لا معقولة” إلا أن علماء نفس غربيون راحوا يبحثون عن جانب علمي لها .
فقد نشرت مجلة “جورنال سايكولوجيكال ساينس” الامريكية بحثا عام 2008 توصل فيه باحثون نفسيون إلى أن هناك جانباً في المخ قد يكون مسئولا عن التجارب والكلمات المؤلمة التي يتعرض لها الإنسان وهو القشرة المخية التي تقوم بعمليات معقدة تشمل التفكير والإدراك واللغة وإن هذا الجزء من المخ يحسن قدرة الإنسان على التكيف مع الجماعات والثقافات كما أنه مسئول عن رد الفعل على الألم الذي له علاقة بالجماعة.
الدعاء على الظالمين
قديما وحتى وقت قريب – وربما لا زال – كانت النظم الحاكمة في العالم تجبر الأئمة في المساجد ، والقساوسة في الكنائس ، والرهبان في المعابد ، بالدعاء للحاكم أو الملك أو السلطان وبعض النافذين في الدولة بالسداد والنصر وتمام الصحة وطول العمر.
لذلك لم تعتري أمثال هؤلاء، وبعض المشتغلين في علوم اللاهوت والروحانيات والميتافيزيقا ، الدهشة كثيرا حينما عاقبت السلطات المصرية الداعية الإسلامي واسع الصيت محمد جبريل قبل أعوام بسبب دعائه على الظالمين رغم أنه تجنب الاقتراب من الحاكم أو الحكم أو المتنفذين في الدولة، لأنهم يعلمون تأثير هذا الدعاء القطعي، كما تندرنا جميعا حينما صدرت الأوامر شفاهة لأئمة المساجد تحرم عليهم الدعاء على الظلمة والظالمين ، فاختفى هذا الدعاء تماما من منابر مساجد الدولة ، واعتبرناها دليلا كافيا على من أمر.
وفي تصوري أن القرار جاء انسجاما لرؤية ميتافيزيقية خارقة للطبيعة مفادها أن إجماع الناس على الدعاء بأي شئ لابد أن يتم الاستجابة ، ولذلك فان الدعاء بطول العمر وجعلها كلمة مقترنة بأسماء الأمراء والملوك لا سيما في الخليج ، يوحى بوجود توصيات من خبراء في الميتافيزيقا ورجال الدين بذلك.
وربما يكون الأمر قد تجاوز ذلك للدرجة التي تجعل من أنه متى تحقق إجماع أو شبه إجماع بين الناس على وجود “بركة” أو استجابة أو فك كرب أو قضاء حاجة في “شجرة أو شيخ أو مكان أو في فعل معين” فان ذلك أيضا يتحقق بدرجة ما.
ولعل التفسير الذي يذهب إليه بعض المصريين حول سر المثل الشعبي “احنا دافنينه سوا” يشير إلى هذا المعني بشكل كبير.
حيث يقولون أن أخوين فقيرين كانا يمتلكان حمارا أطلقا عليه لقب “أبو الصبر” لشدة صبر على معاناته معهم ، وكان يمثل كل ثروتهما ، فلما مات حزنا عليه بشدة ودفناه وأقاما عليه خيمة ليبكيان تحتها ، ولما سألهما المارة قالوا أنهما يبكيان لموت “أبو الصبر”، فتعاطف معهم الناس وظلوا يشاركونهما البكاء ظنًا منهم أنه رجلا صالحا صاحب كرامات فأغدقا عليه بالقرابين ورووا عنه الكرامات لسنوات ، ولم يفتضح أمره إلا حينما اختلف الشقيقان حول قسمة تلك العطايا وأراد أحدهما أن يحوز أكثر من الآخر فاخذ يقسم بمقام “أبو الصبر” انه الأكثر اجتهادا وخدمة للمقام ، فنهره الأخر بين الناس قائلا “نسيت الحمار، داحنا دافنينه سوا”.
هذا هو احد التفسيرات مع إنني لا أجزم بصحتها.
الفعل العكسي
ويقول بعض المنجمين ومفسري الرؤى والأحلام أن قصك لرؤياك لكارهيك تجعلها تنقلب عكسا عليك، فإذا حلمت بشر حاق بك وقصصته عليهم يذهب شره ، خاصة أنهم يؤكدون أن الرؤيا السيئة تقع في خلال ثلاثة أيام على الأكثر من حدوثها وبعد ذلك تفنى.
وهذا فيما يبدو هو السر الذي يجعل الفضائيات العربية لا سيما المصرية والمعروف بتمكن أجهزة المخابرات منها بشكل كامل تحفل في مطلع كل عام جديد بأخبار الرؤى والأحلام وقراءات الطالع والفلك والنجوم التي تتحدث عن المؤامرات ومحاولات الاغتيالات التي ستطال قادة بلدانهم ، وكأنهم يعلنونها على الملأ لتفشل.
فقد خلق الله الطريقين ، طريق المنطق وطريق اللا منطق، فعلم الإنسان المنطق بأن منحه العقل ، فسعى ونمى ، وفي أي مكان أو زمان يفعل المنطق ما تعجز عنه كل الألسنة واللغات في تسهيل التفاهم بين الناس وتوسيع أرضية المسلمات بينهم حتى صاروا يختلفون في كل شيء تقريبا ولكنهم يتفقون حوله ،ولذلك نجد الباغي الغاصب لاملاك غيره لا يقوم بالطعن في مسلمات المنطق حول قواعد التملك ولكنه يسعي إلى منطقة حجته في الاغتصاب وإسباغها سبغة العدل.
وعلم كائنات أخرى لا نعرفها اللامنطق وجعله طريقها فسعت ونمت أيضا، ولذلك فان كل ما يفتقد للمنطق يشار إليه بأنه قد مسه السحر فتغيرت خواصه وحواسه، ولو تفرغت لدقائق لتنظر حولك بقليل من التركيز حول ما هو منطقي وما هو سحري لاكتشفت الكثير.
وتبقى الحقيقة بأن كل ما قلناه من قبل قد يكون شعاع هارب من عالم اللامنطق نحاول أن نبحث له عن تفسير، وهو لا يفسر.
اقرأ المقال كاملا هنا على رقيم
……………………………………….
سيد أمين يكتب: ملاحظات على انقلاب تونس
ما حدث في تونس كان انقلابا ولكن بطريقة مبتكرة، فهو عسكري ولكن لم يظهر فيه العسكر علنا إلا تحت غطاء تنفيذ أوامر الرئيس المدني المنتخب، متناسون في ذلك أن البرلمان أيضا منتخب وهو ممثل الشعب مصدر السلطات، ولا يحق للرئيس حله ولا تجميده وأن الفيصل بين الجميع هو الدستور وقرار الرئيس يخرقه بشكل واضح.
وأيضا هو انقلاب مدعوم إقليميا مع أنه لم يظهر فيه الإقليم بأمواله وتحالفاتهم الدولية علنا حتى الآن على الأقل، لكن ظهر بإعلامه المزيف للحقائق، بل والمختلق للأكاذيب والذي يقوم بإضفاء الشعبية والبطولة على أعمال البلطجة والحرق والنهب وخرق القانون التي قام بها خارجون عن القانون ضد مقار حركة النهضة وأحزاب متحالفة سياسا معها.
المدهش أن من قام بالانقلاب على الدستور ومعايير ثورة الياسمين هناك، هو أستاذ قانون دستوري، وهو ثمرة من ثمار ثورة الياسمين.
الحصاد المر
هو انقلاب قديم تمت تسويته على نار هادئة حتى يكتسب زخما شعبيا قبل أن يخرج للعلن، وذلك من خلال تحميل حركة النهضة -التي تمتلك الأغلبية غير المطلقة في البرلمان- بمفردها إعلاميا كل أوزار المعاناة التي يعيشها المواطن التونسي وتعيشها من قبله البلاد، مع أنها لا هى ولا غيرها من أحزاب تونسية لها علاقة بخراب اقتصادي وشيك لبلد عاش لعقود نهبا للفساد والاستبداد وحكم الفرد، فضلا عن قلة موارده الاقتصادية.
ومع ذلك فشلت حركة النهضة وفشلت وسائلها الإعلامية في شرح الحقائق للناس تارة تحت أنها أمور معروفة بالضرورة، وتارة أخرى لاعتبارات سياسية لا ينبغي أن تخرج للعامة، وفي أحيان كثيرة بسبب كثافة الهجوم الإعلامي الكبير الموجه نحوها رأت أنه بالتزامها الصمت تخمد اشتعال النار.
وجراء ذلك ظلت تتناقص شعبية الحركة في الشارع التي بعدما احتلت وحدها نحو 40% من برلمان الثورة “المجلس الوطني التأسيسي التونسي عام 2011” أصبحت تمثل الآن نحو 25%منه فقط ، وهو ما كان يستلزم أن تقوم الحركة بدراسة أسباب هذا التناقص الكبير ووضع حد سريع لوقف تآكل شعبيتها.
هشام المشيشي
ومن عجيب العجائب، أن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الذي حاز الغضب الأكبر من قبل المؤيدين لانقلاب قيس سعيد بسبب فشله في تحسين الاوضاع الاقتصادية للبلاد، كان في الأصل من اختيار الرئيس نفسه، وكان مستشارا قانونيا له، وعينه بنفسه وزيرا لوزارة سيادية مهمة كالداخلية، وفي المقابل كانت حركة النهضة من أبرز من اعترضوا على قيامه بتشكيل الحكومة قبل أن ترضخ لضغوط رئاسية لقبول حكومته في البرلمان.
ثم بعد ذلك تبدلت المواقف، ليصير الرئيس ضد المشيشي والنهضة معه مع حدوث متغير مهم للغاية وهو أن الشارع ضاق ذرعا بهذا الانسداد السياسي والفشل الطويل من الحكومات المتعاقبة.
وبالطبع وقوف النهضة مع المشيشي بعدما احترقت صورته شعبيا تسبب في مزيد من التشويه لها، ولم تجنِ جراء ذلك إلا الأشواك.
رغم أن المشيشي أيضا لم يكن أصلا صانعا للفشل في الازمة التونسية بل أنه جاء ورحل والازمة في أوج اشتعالها.
هيبة البرلمان
كما أن عجز البرلمان عن تشكيل حكومة مستقرة متوافق عليها طيلة السنوات الماضية لا تتحمل أوزاره الحركة ذات الأغلبية فقط، بل كتل اخرى كثيرة معها لم ترق إلى مستوى المسئولية وحولت البرلمان إلى ساحة لتحقيق أجندات خارجية ومناكفات خرجت في كثير من الأحيان على حدود اللياقة والأدب والعمل السياسي والتشريعي، وظهر من خلفها التمويل الخارجي.
ومن ضمن هؤلاء النموذج الذي تبنته النائبة بكتلة الدستورى الحر عبير موسي ابنة الدولة العميقة والتي تنتسب لأب كان يعمل في الأمن القومي التونسي، والتي حالت عدة مرات دون أن يلقي رئيس البرلمان كلمته كما حدث في 20 يوليو/تموز 2020 خلال افتتاح جلسة كانت مخصصة للإعلان عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحوكمة ومكافحة الفساد، وحملت موسي خلالها لافتات تطالب بطرده من المجلس بوصفه “إرهابي”، مرددة داخل المجلس شعارات عدائية بذيئة.
ولأن التسامح المفرط يشجع على التمادي، لم يمسها أحد بسوء على هذه الجرائم، ولذلك لم تتوقف هى عن ارتكاب ذات الجريمة، ما أخل بهيبة البرلمان كثيرا في الداخل والخارج، رغم أن كتلتها البرلمانية لا تشكل سوى 16 نائبا من إجمالي 217 نائبا يمثلون إجمالى عدد نوابه، تشارك النهضة فيهم بنحو 54 نائبا وبأكثر من ضعف هذا العدد كحلفاء من أحزاب أخرى.
استدعاء الجيش
ما يبدو من الصراع الذي يطفو على السطح الآن في تونس أنه لا يزال مدنيا مدنيا، وإن حسنت النوايا فإنه يمكن حله بالطرق الديمقراطية، والخوف كل الخوف أن يتمادى الرئيس في الزج بالجيش في هذا الصراع مستعملا صفته كقائد أعلى للقوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي، وقتها قد يقوم الجيش بالانقضاض على الجميع بما فيهم سعيد نفسه وثورة الياسمين التي أتت به وبالنهضة.
هذا الزج بدت ملامحه بقيام سعيد بإصدار أوامر للجيش بإغلاق البرلمان وبتهديده في الخطاب الأزمة بأن من يطلق رصاصة واحدة سوف يواجه بوابل من الرصاص، ما يعني أن هناك نية لاستدعاء القوة في الصراع السياسي، وأنه من الممكن أن يتحول لصراع دموي لتدخل تونس المدخل إلى دخلته دول عربية أخرى كثيرة.
ما يطمئن الكثيرين أن الجيش التونسي لم يتدخل كثيرا في السياسة وأنه لم يوجه سلاحه لشعبه.
ولكن إغراءات السلطة وذهب المتربصين قد يغري.
…………………………………………………………….
سيد أمين يكتب: تناقضات قيس سعيد
حينما أعلن عن فوز قيس سعيّد بمنصب رئيس الجمهورية التونسية بنسبة 72% من أصوات الناخبين عمّت أجواء الفرحة العالم العربي ليس لفوزه فحسب -فهو ليس معروفا خارجيا بالقدر الكافي وربما داخليا حيث حصل فقط على 18.5% من إجمالى الأصوات في الجولة الأولى- ولكن لسقوط منافسه نبيل القروي ممثل الثورة المضادة.
وازدادت الفرحة حينما زفت الأخبار أنه أستاذ قانون دستوري ما يعني أنه سيكون رجلا عادلا وحاكما بالقانون والدستور لينهي للأبد عصر حكم الفرد الذي عانته تونس قبيل الثورة.
كما أشيع عنه توجهاته العروبية وسيسعى لإنهاء أيّ رواسب للحقبة الاستعمارية الفرنسية في تونس، ثم جاءت طريقة خطابه باللغة العربية الفصحى لتدخله القلوب العربية من أوسع أبوابها، لأن ذلك يعد الدليل البيّن على فشل مشروع (فرنسة) تونس العربية.
لكن توالي الأحداث في تونس أثبت أن المظاهر خادعة، وأن الرئيس ينهض كل صباح على إصدار قرارات تصعيدية جديدة من شأنها تعميق الانقسام في البلاد والتي كان آخرها قراره بتمديد فترة تجميد عمل البرلمان لمدة شهر آخر، وسط مخاوف مشروعة من أن يقفز قفزة كبيرة ويحل حركة النهضة.
انقلاب على الدستور
لم يكن أحد يتخيل أن حراس الدستور في بلادنا هم أول من ينقلبون عليه، لكن هذا ما يحدث عادة في بلادنا، حيث تلقى الدستور التونسي أول طعنه له من فقيهه الرئيس قيس سعيّد الذي تجاهل نصوصه الواضحة الصريحة كما في المادة 80 الشهيرة، وراح يجمد عمل البرلمان المنتخب شعبيا دون وجه حق مع أن من حق البرلمان سحب الثقة منه وهذه أوضح اختصاصاته ولم يفعلها.
وقام الرئيس المدني المنتخب بالعودة للوراء حيث الدولة البوليسية التي أسسها زين العابدين، وأطلق يد القوى الأمنية في ترويع المعارضين والبرلمانيين المنتخبين وقوى المجتمع المدني والإعلاميين والصحفيين، ووصل الترويع لدرجة أن يتم الاعتداء على رئيس الوزراء نفسه حينها بالضرب لإجباره على الاستقالة.
مع ملاحظة أن القوى التي تمثلها حركة النهضة والقوى المتحالفة معها في البرلمان هى ذاتها القوى التي حشدت شعبيتها لإنجاح سعيّد في الانتخابات الرئاسية في مواجهة منافسه، فكيف يتم الرد عليها بخرق الدستور والتنكيل بالهيئة التشريعية؟
سيناريو جديد
كما أن المحاولات المتكررة التي يعلن فيها عن محاولة اغتيال سعيد صارت هى الأخرى مثارا للسخرية والتندر.
فبعد الفضيحة التي نجمت عن فشل تمثيلية الطرد المسموم الذي قالت مصادر رسمية بالقصر الرئاسي التونسي، في فبراير/ شباط الماضي، إنه وصل للرئيس وتسبب في أن أغمي عليه وفقد البصر، ونقل إعلام تونس الرسمي الخبر وتناقلته عنها على الفور فضائيات عديدة لتشنع على حركة النهضة، سرعان ما تم تكذيب الخبر رسميا أيضا بعدما اتضح أن الرئيس قيس سعيد كان يستقبل في التوقيت نفسه ضيوفا من الخارج، وقالوا إن الرئيس بخير والطرد لم يتم فتحه أصلا وسيتم التحقيق في الواقعة!
ثم تجمد الخبر في الثلاجة لشهور عدة حتى خرج الرئيس قيس سعيد نفسه ليعلن عن تطوير جديد للتمثيلية الفاشلة ويعلن أن هناك جهات إسلامية تسعى لاغتياله دون أن يقدم دليلًا واحدًا على صحة كلامه وضلوع الإسلاميين فيها.
ثم سرعان ما ألقت السلطات القبض على رجل واحد تم اتهامه بهذه المحاولة وبحسب فضائيات “خليجية” قالت إنه “داعشي” قدم لتونس عن طريق ليبيا.
وخطورة الحدث تكمن في أنه ينقل المعركة السياسية إلى معركة عسكرية وبالطبع سيتفيد منه ذلك الطرف الأقوى.
قوى الثورة المضادة
لا أحد ينكر أن الإمارات التي التقى قيس سعيّد مؤخرا وزير خارجيتها هى الوكيل الرسمي لكل قوى الثورة المضادة في الوطن العربي ، وحينما نجد أن تلك الدولة تقدم، في يناير/كانون الثاني الماضى، منحة لتونس “نصف مليون جرعة لقاح كورونا ” ولم يعلن عنها شعبيا إلا بعد مرور أشهر عدة تثور تساؤلات كثيرة عن السر وراء هذا التكتم.
ثم جاءت الفضيحة عندما وجدنا أن الفنانين التونسيين الذين خرجوا ليشكروا الإمارات لهذه المنحة هم أنفسهم من غنوا لقرارات سعيّد الانقلابية، وبالربط بين الموقفين نعرف من الذي يدير الأحداث ويوجه نخب الثورة المضادة.
والأدهى أن من نشرت صحف أوربية عن قيامهم بارتكاب جريمة الاعتداء على رئيس وزراء تونس المُقال ليسوا عناصر أمن تونسيين، ولكن عناصر مخابرات ينتمون لدولة الإمارات العربية، ما يعنى أن تونس تسير بخطى سريعة على درب الثورة المضادة والتبعية الغربية وليس التحرر والاستقلال.
ولذلك فلا غرابة أن تجد الإعلام الإماراتي هو الداعم الأول لقرارات قيس سعيّد.
الموقف من فرنسا
وفي يونيو/حزيران 2020، اختار سعيّد فرنسا لتكون وجهته الأوربية الأولى عقب توليه مهام منصبه، ليرسخ بذلك استقرار العلاقات مع باريس، وهى الدولة التي زارها بعد ذلك مرات عدة.
ورغم أن قيس سعيّد كانت له قبل توليه منصبه شعارات قومية نحو معاداة الغرب إلا أن موقفه من قضية الاعتذار الفرنسي عن احتلال بلاده وما ارتكبته فيها من جرائم كان مثارا للغرابة، وحمل دفاعا عنه لا يجرؤ أن يتبناه أكثر الفرنسيين تطرفا ودفاعا عن ماضيها الاستعماري، حينما وصفه بأنه كان حماية فرنسية على تونس وليس احتلالا كما كان في الجزائر، بل وراح يستغرب المطالبات الشعبية والبرلمانية التونسية التي تدعوه لمطالبة فرنسا بالاعتذار عن تلك الحقبة وتساءل عن جدوى مطالبتبها بالاعتذار بعد 60 عاما من الاستقلال.
والأغرب أن هذه التصريحات جاءت بعد مدة وجيزة من اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بارتكاب فرنسا لجرائم ضد الانسانية في الجزائر.
ولا أدري كيف تناسي سعيّد جرائم الحقبة الاستعمارية الفرنسية في تونس، وإن كان لا بد من تذكير فعليه أن يراجع قصائد أبي القاسم الشابي عن تلك الحقبة وهو شخص عاصرها ومطلع عليها لكونه كان ابن قاض تونسي كبير آنذاك، وهي أيضا القصائد التي اتخذت منها الثورة التونسية شعارات لها، تلك الثورة التي أتت به رئيسا لتونس.
وللأمانة حتى لا نحمل على الرجل فإن له موقفا مقبولا في هذا الشأن من مسألة الفرانكوفونية -منظمة الدول الناطقة بالفرنسية- حينما قرر أن يستضيف قمتها في جزيرة “جربة” ما تسبب في إثارة استياء فرنسا نظرا لكون المدينة صغيرة ولا تناسب الأبهة المفروض توافرها للملوك والرؤساء الذين سيحضرون القمة الخاصة بالإمبراطورية الفرنسية، مع أن الأكثر جرأة هو الانسحاب من عضوية تلك المنظمة لكون تونس دولة عربية.
في الحقيقة لو كان هناك لقب يجب أن يحمله سعيّد لكان.. رجل التناقضات!
تخطي الحجب: https://ajm.me/8drnn2
للمزيد: https://ajm.me/tcqypd
………………………………………………………
سيد أمين يكتب: الاعتداء على الهوية الثقافية
بينما كنت أتسوق مع صديق لي في “مجمع تجاري” في منطقة راقية شرق القاهرة، ذهبت إليها صدفة ولست من سكانها، لفت انتباهي أن أغلب المحال تكتب أسماءها بلغات اجنبية غالبا ما تكون الإنجليزية وأحيانا اخرى باللغة الفرنسية خاصة في المحال العاملة في مجالات العطور وحاجيات الجمال والأناقة للنساء.
وغابت اللغة العربية من أغلب اليافطات لدرجة أنني تراهنت مع صديقي عن أن يوجد لي محلا يرفع يافطات مكتوبة باللغة العربية، وحينما وجدها كانت الكلمة عربية وحروفها لاتينية.
وهي في الحقيقة ظاهرة ليست قاصرة على المناطق الراقية كما أشرت سابقا ولكنها تتفشى في كثير من المحال والعلامات التجارية في مصر كلها بما فيها المناطق الشعبية، وفي محال يرتادها أحيانا من لا يجيدون القراءة والكتابة أساسا.
ولذلك فالأمر مثير للسخرية، فالمحال والبضائع وإرشادات البيع والشراء مكتوبة بلغات أجنبية، بينما البائع والمشترى يتحدثان العربية، ويتبادلان الحديث عن مميزات البضائع ونقائصها باللغة العربية، وأحيانا البضاعة نفسها مصرية، فلماذا ذلك الجنوح للاغتراب؟
بعض التجار يعتقدون أن الأسماء الأجنبية تضيف لمحالهم الفخامة والعراقة واالعالمية، وتكسبهم ثقة الزبائن وتوحي لهم بجودة البضائع ما ينعكس عليهم بمزيد من المكاسب، والبعض الآخر يفعلها دون أن يعي ذلك، ولكنه التقليد الأعمى.
وفي اعتقادي أن الأصل في اللجوء للكتابة باللغات الأخرى هو فقط لخدمة الجاليات غير العربية التي تعيش في مصر، وهم لا يمكن أن يكونوا أكثر من 2% من عدد السكان، كما أن بعضهم يتحدثون ويقرأون أيضا العربية.
تجارب الأمم
أتذكر ما قصه قريب لي يعيش في كوريا الجنوبية من أن أهلها بطبيعتهم يأبون النطق أو الكتابة بأي لغة غير لغتهم إلا في الضرورة القصوى للتعامل مع الأغراب، وأنهم يعتبرون الكوري الذي يتحدث معهم باستخدام مفردات من لغات أخرى بمثابة نقيصة فيه مثيرة للخزي وليس للفخر كما هو الحال عندنا.
وقرأت أن فرنسا قامت القرن الفائت بفرض غرامة ألفي فرنك على كل من يستخدم كلمة أجنبية واحدة يوجد لها مقابل في اللغة الفرنسية، كما أحيت الصين عقب الاستقلال مباشرة لغتها القديمة حتى تبدأ بها نهضتها الحديثة الحالية، وفعلت ذلك أيرلندا أيضا التي ثارت على اللغة الإنجليزية وأحيت لغتها الأيرلندية.
ولنا في الكيان الصهيوني عبرة فحينما راح ينشئ دولته المشئومة لم يكتف فقط بتكديس السلاح وصناعة الأحلاف الدولية التي تحميه ، بل راح قبلها ينتشل اللغة العبرية من الانقراض ويجعلها لغته القومية ويفرض على شعبه تعلمها والحفاظ عليها ، وراح يسرق الأحياء والقرى والمدن العربية ويسميها بأسماء عبرية ، فإذا كان هذا ما يفعله السارق فكيف يفرط المالك فيما امتلك؟
وحتى في عالمنا العربي هناك أيضا تجربة رائدة في احترام اللغة العربية وتعريب الشوارع كما حدث في عراق صدام حسين، وسوريا التي كسرت أكذوبة أن العلوم الحديثة لا يمكن تدريسها بغير لغاتها الغربية وراحت تعرب العلوم في كل مراحله ومسمياته وأنجبت علماء نوابغ في كافة المجالات العلمية.
اعتداء غاشم
المؤلم في الظاهرة – التي تفشت بشكل كبير مؤخرا- أنها تمثل اعتداء غاشما على الهوية الثقافية المستقرة للشعب المصري، وتنتزعه انتزاعا من عالمه المعلوم إلى عوالم أخرى يجهلها وليس بحاجة لها.
قد يعتقد القارئ أنني أهول من أخطار تلك الظاهرة حينما أطالب بتشريعات تحد منها، وتلزم الشركات والمحال باختيار أسماء عربية لها، وتلزمها بأن تقوم بعمل لوحات العلامات التجارية والدعاية الخاصة بها بأشكال جمالية محددة ذات معايير موحدة، تحافظ من ناحية على الهوية الثقافية الخاصة بأغلب السكان، ومن ناحية أخرى تحقق المشهد الجمالي وتنمي الذوق العام.
مجمع اللغة العربية أدرك خطر الظاهرة متأخرا عام 2017 وأعدّ مشروع قانون لحماية اللغة العربية، يلزم المعلنين بأن تكون الإعلانات باللغة العربية، إضافة إلى تسمية الشوارع بأسماء عربية، كما أكد القانون تعريب تدريس العلوم في المدارس والجامعات، وأن يتم منع الحديث باللغات الأجنبية في الأعمال الدرامية والسينمائية والفنية، وضرورة أن تكون النقود والعملات المصرية والأوسمة وغيرها من الأوراق الرسمية للدولة مكتوبة باللغة العربية.
ولم يحدد المشروع سبل ضبط المخالفين ولاجهات الضبط أو تلك المناط بها مراقبة الأمر، ولم يلزم الشركات الخاصة بضرورة أن تتعامل باللغة العربية في مكاتباتها الداخلية أو مع عملائها.
ورغم أن مشروع القانون يعد وثبة كبيرة في الدفاع عن الهوية الثقافية المصرية، إلا أنه على الأرجح لم ير النور حتى الآن لسبب غير معلوم، أو أنه اقر تشريعيا وحبست إرادة تنفيذه في الأدراج!!
الأغرب أن جهات غير معلومة حشدت عام 2018 لمظاهرات محدودة أمام ديوان وزارة التربية والتعليم، صبيحة تصريحات تلفزيونية للوزير بتعريب المناهج للمرحلة الابتدائية بالمدارس “التجريبية”، ولم يمض 48 ساعة حتى تراجع الوزير عن تصريحاته ليكون هو أسرع تراجع عن تصريحات لمسؤول مصري، ما ألقى شكوكا حول مدى جدية إطلاقها.
يأتي ذلك رغم أن التظاهر بدون إذن مجرم قانونا وهناك من تظاهروا في نفس التوقيت لأسباب أخرى ما زالوا حتى الآن رهن الحبس الاحتياطي.
ولعلك حينما تعرف أن الدولة لم تشيد أي مدارس تعليم أساسي عربية تذكر منذ عام 2010 ، وانصب كل جهدها في إنشاء مدارس اللغات “التجريبية والخاصة” طيلة تلك الفترة. سيزول الاندهاش.
نحن على مشارف بيع الهوية!
……………………………………………………….
سيد أمين يكتب : صلاح سالم.. قصة أطول شارع وأشهر غرام
7/10/2021
أغلب المصريين لا يعرفون شيئا عن صلاح سالم إلا أنه اسم لأطول شارع يشق وسط القاهرة شرقا وغربا، مثله مثل تلك الرتب العسكرية المتناثرة هنا وهناك والتي تسمى بأسمائها معظم الشوارع والميادين والمنشآت في كل بر مصر.
وقلة يعرفون أنه جنرال عسكري ومع ذلك لا يعرفون في أي زمان كان ولا بطولته التي استحق بسببها أن يسمى هذا الطريق الطويل الحيوي باسمه.
صلاح سالم هو شقيق جمال سالم عضو مجلس قيادة “ثورة يوليو الأمريكية” ونائب رئيس الدولة، والذي ما إن تخرج في الكلية الحربية عام 1938 حتى تم ايفاده إلى “بريطانيا ثم أمريكا” بحجة العلاج ولإعداده على ما يبدو للمشاركة في مجموعة “الضباط الأحرار” لاتمام الانقلاب المنظور، وكان واحدا من أبرز رجالاته.
وقد قام جمال سالم بتقديم شقيقه الأصغر صلاح الذي تربى في السودان وتخرج في الكلية الحربية عام 1942 إلى مجموعة الضباط المختارين للمشاركة في معركة الفالوجا “حرب فلسطين عام 1948” من أجل تبييض صورتهم استعدادا للمهمة المرتقبة، وكانت هذه الواقعة هى بوابة السعد التي فتحت على جميع من شاركوا فيها أبواب السلطة فيما بعد، رغم أنهم لم يحققوا أي انتصار بل إنهم هزموا أو “تهازموا” وحوصروا لعدة أشهر ولم يتم تحريرهم إلا على يد لواء الإخوان المسلمين.
إعدام الملك
عُرف عن صلاح تحمسه لإعدام الملك، ثم عداؤه الشديد لرئيس الجمهورية اللواء محمد نجيب لدرجة أنه راح يتهمه بالشذوذ، ويسبه ويهينه في كل مناسبة بتحريض من عبد الناصر، وصار دوره محصوراً في تصفية شعبية نجيب بأي شكل كان في الشارع استعدادا للانقلاب عليه.
وفي العدوان الثلاثي عام 1956، لم يكن صلاح ملما بكل تفاصيل اللعبة، فسارع بمطالبة عبد الناصر بأن يسلم نفسه للقوات البريطانية لإنهاء الحرب، وبالطبع عبد الناصر رفض، فذهب إلى السويس لدعم المقاومة الشعبية!
وقد أثقلت المناصب الكثيرة أكتاف الرجل في عمره القصير حيث توفي عند سن 41 عاما متأثرا بالفشل الكلوي، فقد تولى وزارة الإرشاد القومي وتم تعيينه كمبعوث لحل النزاعات الدولية، ورئاسة هيئة الاستعلامات وصحيفتي الشعب والجمهورية ومؤسسة دار التحرير، وللعبث فبدلا من أن يترقى كضابط لرتبة نقيب بالجيش عينوه نقيبا للصحفيين.
عرف عن “سالم” البذاءة وسلاطة اللسان على حد وصف عبد الناصر ومحمد نجيب على السواء له، وأن طموحه الشديد لتولي منصب رئاسة الجمهورية أقلق منه عبد الناصر فازاحه من أغلب مهامه، بحجة فشله في مفاوضات انفصال السودان، فيما يرى صلاح نصر وزير المخابرات أن صلاح سالم كان على يقين بأن واشنطن لها دخل في إسقاطه لاتصاله بالسوفيت.
قصة الأميرة فايزة
وعلى غرار قصة شقيقه جمال سالم مع سلوى، كانت من أشهر قصص صلاح هى تحرشه بالأميرة فايزة شقيقة الملك وزوجة الأمير محمد على رؤوف الذي كان يكبرها بخمسة وعشرين عاما، ومع تواتر المضايقات الأمنية بحثا عن ثروات العائلة لتأميمها، آثر السلامة وفر هاربا للخارج، فيما منعتها السلطات من السفر.
الروايات كثيرة منها ما يتحدث عن أن صلاح سالم كان يقود بنفسه تلك المضايقات ويعبث بمتعلقات الأميرة الشخصية أمام زوجها لإذلالها، وأنه سكن في أحد القصور “المؤممة” بالقرب من قصرها بجاردن سيتي لمحاصرتها والتضييق عليها لتستجيب لرغباته.
وعرف الجميع في الداخل والخارج بالواقعة حتى قامت صحف بريطانية بالنشر عنه، ما أغضب عبد الناصر بشدة منه وأمر برفع حظر السفر عنها.
فيما تؤكد روايات أخرى أن الأميرة شكت لصلاح سالم من تلك التصرفات ومع تعدد اللقاءات بينهما، وهي فاتنة الجمال وقع في غرامها، فاستغلت هي هذا الأمر لاستخدامه لتهريب مجوهرات العائلة في فجوات الكتب والمراجع التي تم نقلها للخارج.
وتضيف أن صلاح سالم طلب من عبد الناصر السماح لها للسفر لطلب الطلاق من زوجها ثم تعود ليتزوجها، ولكنها لما سافرت بالقطع لم تعد.
الطهر الثوري
اعترف الكاتب موسى صبري وهو مقرب من صلاح سالم في مذكراته بالوقائع لكنه راح يعزيها إلى الحب المتبادل بين الاثنين الذي بدأ مع معاقبته لضابط قام بالعبث في ملابس الأميرة الداخلية أثناء تفتيشه لمنزلها، فذهبت إليه لتشكره فنشأت بينهما صداقة.
ويقول صبري: تحولت الصداقة إلى حب عنيف، وكان صلاح سالم يذهب للقائها فى شاليه بمنطقة الهرم وهو يقود سيارة جيب عسكرية، وكان كل أعضاء مجلس قيادة الثورة يستخدمون هذه السيارات فى تنقلاتهم تعبيرا عن الطهر الثوري، وقال صلاح سالم إن عبد الناصر استمع منه بإنصات كامل ولم يعترض، وقال لي لا داعي يا صلاح أن تذهب فى سيارة جيب، ربما يراك أحد معها فى هذه السيارة وستكون فضيحة، خد سيارتى الأوستن الخاصة عندما تكون على موعد بها، وبالفعل هذا ما حدث، وكان يروى له تفاصيل كل لقاء بالتفصيل!
وتابع “ذات يوم فوجئ صلاح سالم بقرار منشور فى الصحف بمصادرة أملاك أسرة محمد على ولم يكن صلاح سالم يعرف شيئا عن هذا القرار. ولما فاتح جمال عبد الناصر فى ذلك كيف لا أعرف، أجابه عبد الناصر كنت أخشى أن تبلغ الأميرة فايزة بهذا القرار قبل صدوره”.
شارع صلاح سالم
عبد الناصر أزاح صلاح سالم من جميع مهامه وكاد ينسى الناس اسمه حتى مات متأثرا بالفشل الكلوي والسرطان وكان حينئذ عبد اللطيف البغدادي وزيرا للشئون البلدية والقروية يفتتح مشروعا اقتطعه من طريق المقطم فلما سمع بخبر الوفاة أطلق عليه طريق صلاح سالم، ولم يعرفوا بعد أنه سيصير بهذه الشهرة، وإلا أطلقوا اسم الزعيم عليه كما أطلقوا اسمه على مدينة ناصر ومنشأة ناصر.
مات سالم ولم يبق منه إلا سيرة تحرشه بالأميرة فايزة وأهم شارع في القاهرة
……………………………………………………..
سيد أمين يكتب: عبد القدير خان.. عالم غير مصير أمته
ودّعت دولة باكستان الأحد الماضي 10 من اكتوبر/ تشرين الأول الدكتور عبد القدير خان الشهير بأبي القنبلة النووية الباكستانية.
يعد خان واحداً من أكثر الشخصيات العلمية المسلمة اثارة للاحترام والتقدير في العالم الإسلامي، ليس لنجاحه الباهر في انتاج القنبلة النووية الباكستانية لتكون أول قنبلة نووية اسلامية فحسب، بل أيضا لامتلاكه الطريقة العلمية التي اختزل بها الوقت الذي تستغرقه صناعتها إلى الربع تقريباً.
هذا الاختزال مكن باكستان من مفاجأة العالم بنجاحها في تصنيع قنبلة نووية وسط دهشة القوى الغربية التي اعتقدت أن المساعي الباكستانية لامتلاك سلاح ردع نووي يجابه القنابل النووية الهندية ما زالت في طورها الأول، وأنها يمكنها عرقلتها بوسائل متعددة كالحصار والانقلابات العسكرية خاصة مع طول فترة التصنيع التي تصل إلى عقدين من الزمان.
فضلا عن أن هذه المساندة العلمية التي قدمها خان حققت لباكستان نصرا استراتيجيا كبيراً في صراعها المحتدم مع الهند، ونسبت لها ثقلا عسكريا ودوليا في مواجهة هذه الجارة العملاقة التي سبقتها بإجراء أول تفجير نووي لها عام 1974 وتتميز بثروتها السكانية الهائلة البالغة مليارا ونصف المليار نسمة تقريبا.
لذلك فبعد التفجير الهندي مباشرة، قامت باكستان باللجوء إلى فرنسا لتطوير مفاعلها النووي الصغير الذي اشترته من كندا عام 1972 وقام علماء باكستانيون بتطويره، إلا أن فرنسا انسحبت بعد الضغوط الامريكية ما دفع رئبس الوزراء ذو الفقار على بوتو إلى تكليف عبد القدير خان بإدارة المشروع فأنجزه في ست سنوات فقط.
مسيرة خان
كعادة كل النوابغ في بلاد العالم الثالث، كان كلما تقدم لوظيفة يقابل بالرفض حتى بعد حصوله على درجة الماجستير بزعم قلة خبرته.
لكن كان للقدر كلام آخر حيث دفع ذلك الرفض عبد القدير خان ليكمل دراسة الدكتوراة في بلجيكا؛ ويعود ليتقدم مرة أخرى لعدة وظائف بباكستان، ولكن من دون رد أيضا، إلى أن تقدمت إليه شركة FDO الهندسية الهولندية العالمية ليشغل وظيفة كبير خبراء المعادن لديها فصار بنبوغه أحد أبرز علمائها.
وعقب الهزيمة الثقيلة لباكستان في حرب عام 1971 ثم قيام الهند بتفجيرها النووي 1974، رأي خان أنه حان الوقت الذي يقدم فيه خدماته لبلاده فأرسل إلى رئيس الوزراء الباكستاني رسالة يعرض فيها المساعدة فاستجاب لها الثاني بكل ترحاب.
يقول “أبو القنبلة النووية الباكستانية ” في مقال له إن: “أحد أهم عوامل نجاح برنامجنا النووي في زمن قياسي، كان درجة السرية العالية التي تم الحفاظ عليها وكان لاختيار موقع المشروع في مكان ناءٍ كمدينة كاهوتا أثر بالغ في ذلك، كان الحفاظ على أمن الموقع سهلاً بسبب انعدام جاذبية المكان للزوار من العالم الخارجي.”
وقالت بي نظير بوتو – ابنة ذو الفقار علي بوتو- والتي أصبحت رئيسة للوزراء فيما بعد، إنها هي أيضا لم يكن يسمح لها بزيارة المفاعل وإن والدها أخبرها أن أول قنبلة كانت جاهزة بحلول العام 1977.
ويعود الفضل في ذلك الانجاز السريع لخبرة أبي القنبلة النووية الباكستانية عبد القدير خان.
تشويه عبدالقدير خان
ما إن أعلنت باكستان عن تفجيرها النووي الأول حتى ثارت حفيظة أمريكا وفرضت حصاراً اقتصاديا خانقاً عليها، خاصة أن رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون صدقوا على عدم تطوير باكستان لأسلحة نووية كشرط تشريعي يمنحهم حق تمويلهم المناهضين للسوفييت في أفغانستان عبر الاراضي الباكستانية.
فلما استتب الامر وتأكد أمر امتلاك باكستان للقنبلة النووية، وجهت سهام التشويه إلى خان نفسه فاتهمه بحث أجراه معهد كارينجي للسلام بسرقة تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم من المنشأة الهولندية التي كان يعمل بها.
وهو قول مردود عليه بأن معجزة خان ليست في التكنولوجيا النووية نفسها، ولكن في الطريقة التي استخدمها لتسريع إنتاج القنبلة.
ثم اتهمته الولايات المتحدة بتبادل الأسرار النووية مع إيران وكوريا الشمالية وليبيا والعراق في التسعينيات وهي الاتهامات التي استخدمتها واشنطن لإقناع شركائها الغربيين بمؤازرتها في فرض العقوبات على باكستان.
وكانت أقسى المكائد التي تعرض لها خان تلك التي اتته من بني قومه حيث وضعه الديكتاتور الباكستاني الجنرال برويز مشرف عام 2001 رهن الإقامة الجبرية، على خلفية الاتهامات الأمريكية، فيما رد خان باتهام برويز مشرف بالعمل على تطبيق الأجندة الأمريكية في البلاد.
ومع تزايد الضغوط الخارجية على باكستان، أراد خان أن يجنبها الصدام مع أمريكا فظهر في الرابع من فبراير/شباط 2004 على شاشات التلفزيون ليعترف بتسريب أسرار نووية إلى دول أخرى، نافيا أية مسؤولية لبلاده فيها، ومع التضامن الشعبي والاسلامي الكبير معه لم يكن أمام حاكم باكستان آنذاك إلا العفو عنه.
الغريب أك ن رئيس الوزراء ذو الفقار على بوتو صاحب قرار القنبلة النووية تعرض لانقلاب عسكري من قبل الجنرال ضياء الحق حيث سجن ثم تم إعدامه ووضعت ابنته أيضا رهن الإقامة الجبرية.
رحم االله عبد القدير خان الذي تعلم علما نافعا نفع به وطنه وأمته ودينه.
……………………………………………………..
سيد أمين يكتب: ظاهرة “الحَوَل” القومي.. وصلت تونس!
فقد التيار القومي في الوطن العربي بريقه الذي كان عليه طيلة العقود الماضية لأسباب مخزية منها مؤازرته للنظم الاستبدادية أينما حلت أو تفشت، فضلا عن عدائه غير المبرر للتيار الإسلامي، وتقوقعه حول الشخص وليس الفكرة..
وتجاهل أنصاره في ذلك حقائق أكدتها التجربة: أن الاستبداد غالبا هو نتاج للتبعية للخارج وهو الأولى بالمحاربة لو كانوا حقا يسعون لاستقلال ووحدة القوم..
وأن “الإسلامي” ليس عدواً بل هو ابن الفصيل الأقرب إليهم فكرياً عملا بمبدأ أن الإسلام والعروبة وجهان لعملة واحدة، وأن الإسلام هو النهج الرباني الأقدس الذي قدمه النبي العربي -عليه الصلاة والسلام- للعالم.
وعلى إثر ذلك “الحَوَل”، انحرف المشروع القومي على يد بعض منتسبيه من كونه مشروعاً تقدمياً وحدوياً جامعاً لأبناء الأمة بجميع توجهاتهم الفكرية والمعتقدية وحتى الاثنية إلى مشروع إقصائي استبدادي، منشغل بالبحث عن أدوات الهدم لا البناء، والتفريق لا التوحيد.
البعثي والناصري
هذا “الحَوَل” ساهم بشكل كبير في اندثار القاعدة الشعبية للتيار الناصري التي شهدتها الساحة العربية طوال النصف الثاني من القرن الماضي، لينتهي به المطاف إلى هلام وحالة صوتية بائسة فاقدة للمنطق تتمركز حول تعظيم شخص عبد الناصر وليس حول سبل رعاية ونهضة المجتمع..
خاصة أنهم لم يقدموا طرحا للقومية العربية ذي قيمة منفردة سوى خليطاً من الشعارات الاشتراكية التي تجاوزها الزمن مع عبثيات باءت بالفشل..
فيما نسف “الحول” مبكرا الولع المتوقع بفكر “البعث” بين الشباب العربي الطامح لتحقيق الوحدة العربية، وجعله حزبا محلا للشبهات والصفات المشينة حتى لو لم تكن فيه.
ولقد انتبه البعث في نسخته العراقية متأخرا لخطورة تحويل علاقات التكامل مع التيار الاسلامي إلى عداء، فطرح صدام حسين قبيل احتلال بغداد ما أسماها النزعة الايمانية لربط العروبة بالاسلام.
وبعد ذلك استكمل نائبه عزة الدوري هذا التحول باطلاقه “الطريقة النقشبندية” لتنظيم عمل المقاومة المسلحة العربية والاسلامية ضد الاحتلال الامريكي، وهي الحركة التي كانت مثالاً عملياً قوياً على وحدة شباب التيار القومي والإسلامي في ساحات التحرير.
وعلى النقيض تماما ، فإن تجربة الحزب في سوريا جعلت من مجرد ذكر اسم “البعث” يوحي للأذهان بإيحاءات تعد مرادفا للدم والظلم والطائفية والاستقواء بالأجنبي وطوابير اللاجئين والهاربين.
ولعل المؤسف حقا هنا أن نجد أن من احتمى بالطائفة والأجنبي وكان مضربا للأمثال في الفظاعة “ما زال باقيا على كرسي الحكم” على أنقاض شعبه، أما من توجه للإيمان والصمود في وجه الأجنبي وحظي بحب قطاع كبير من الشارع العربي فقد “رحل”.
الأحزاب الناشئة
ولما كان ذلك يحدث في الأصول والنماذج الكبيرة من الأحزاب المنتمية للتيار القومي ، فإن الفروع لابد لها أن تسير على نفس الخطى من “الشف” والتقليد وتتقوقع في نفس الأهداف لتكرر في النهاية نفس الفشل.
وعلى سبيل المثال، سلك غالبية القوميين الحزبيين في تونس نفس الطريق الداعم للديكتاتوريات، فما أن قام الرئيس التونسي قيس سعيد بالانقلاب على الديمقراطية حتى سمعنا على الفور ومن دون تريث صدى إشاداتهم بهذا الانقلاب يصم الآذان..
وراحوا يبررون إشادتهم بانقلاب سعيد على البرلمان بأنه لا يعبر عن رأي الشارع التونسي وأنه تم انتخابه بالرشى واستغلال حاجة الناخبين.
ورغم أنه تبربر كاذب وسخيف يهين الملايين من الناخبين التونسيين، إلا أنه أيضا مردود عليه بأنه إذا استجاب الشعب لهذه الرشى غير مغصوب ولا مجبر، ولا مخدوع أو مغيب وعيه، وراح يصوت لمن لا يريد، فالعيب هنا إذن في الشعب.
وتناسي هؤلاء كذلك أن شرعية الانتخاب التي يهاجمونها في أعضاء البرلمان هي نفسها من خولت السلطة للرئيس الذي يؤيدونه.
ومما لا شك فيه أن الذين فجروا ثورة الياسمين لا ينقصهم الوعي ولا الجرأة للتحدي والرفض، ولا يمكن أن يقبلوا بالعودة لزمن كانت تزور فيه إرادتهم، كما لا توجد آلية أخرى معروفة لقياس إرادة الشعب غير الانتخاب، ولا توجد غيرها لاختيار برلمان أو رئيس جديد.
حركة الشعب
كما أن اتهامات بطلان البرلمان لو صحت فستنسحب أيضا على البرلمانيين مؤيدي قرارات الرئيس، ليصبحوا هم من فاقدي الشرعية لأنهم سيكونون حينئذ قد فازوا بالرشاوى مثلهم مثل بقية زملائهم، ومن بين هؤلاء نواب كتلة حركة الشعب “القومية” الممثلة بنسبة 6,7% في البرلمان بـ 15 نائبا..
وهى الكتلة التي عرف عن أمينها العام “زهير المغزاوي” حبه الشديد للرئيس السوري بشار الأسد لدرجه أنه وصفه في مؤتمر بدمشق مؤخرا بأنه قائد عظيم، وأن الحرب التي يخوضها هي نفس الحرب التي تخوضها تونس الآن، وأن الشعب التونسي يؤيد بشار الأسد في حربه ضد الإرهاب!!
ويلاحظ هنا أن “المغزاوي” وثب بالصراع التونسي من طبيعته السياسية المعتادة بين الكتل المنتخبة ديمقراطيا إلي صراع عسكري، وكأنه يرحب بتكرار التجربة السورية المريرة في تونس.
كما أنه خول لنفسه التحدث باسم الشعب التونسي رغم أن كتلته البرلمانية لا تمثل في خيارات هذا الشعب التصويتية سوى 6% مقارنة بنحو 59% لحركتي النهضة والكرامة.
عموما فإن ما يبعث على الطمأنينة هو أن الجيش التونسي أكثر عقلانية واستقلالا من نظيره السوري، وأن هناك أصواتا قومية تونسية ما زالت تتمسك بالمسار الديمقراطي.
ويبقى السؤال: هل سيتخلص الفكر القومي من شوائبه أم سيواجه خطر الانقراض؟
……………………………………………………….
سيد أمين يكتب: الجزائر.. خطوة لخلع بقايا ثوب الاستعمار
حالة من الاحتفاء سادت بين النخب الثقافية العربية جراء قيام السلطات الجزائرية بإصدار قرار بتعميم صارم للتعامل باللغة العربية في جميع الدوائر الرسمية للبلاد.
ويتوافق هذا التعميم مع تصاعد أصوات النخب السياسية المعرّبة في الجزائر الداعية للتوجه نحو فضاء وتكتلات أخرى تمليها العروبة والإسلام.
أهمية القرار أنه يأتي بعد سجال كبير بين الرئيس تبون وخلفه الشعب الجزائري والعربي، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول طبيعة وجود الجزائر قبل الاستعمار الفرنسي، فضلا عن أنه جاء مغايرا لتوجه كثير من نظم الحكم العربية للاعتناء باللغة الإنجليزية على حساب العربية.
وأهمية القرار أنه يمثل ضربة جديدة للسياسة الفرنسية المعنية بالاستعمار الثقافي أتت من بلد يحتل فيه الناطقون بالفرنسية المرتبة الثانية بعد فرنسا.
موقف مبدئي
الموقف الجزائري الأخير هو امتداد لموقف مبدئي يسعي لاستكمال خلع الثوب الفرنسي الذي حاولت فرنسا إلباسه للجزائر جبراً عقب اجتياحه في القرن التاسع عشر، وهو الثوب الذي عبرت عشرات الثورات الشعبية العارمة -والتي قوبلت بالمذابح الوحشية- عن عمق الرفض الشعبي الجزائري لارتدائه.
وما يدلل على عمق الرفض أن تلك المذابح استمرت علي مدار 132 عاما، وراح ضحيتها مليون ونصف المليون شهيد، وفي قول آخر 6 ملايين شهيد، ومع ذلك لم يتوقف الشعب الجزائري عن المقاومة حتى أجبر مستعمريه للاعتراف بحقه في تقرير المصير في النهاية.
كما أن القرار الجزائري الأخير ليس جديدا من نوعه، فهو يسير في إطار أحكام المادة الثالثة من الدستور التي تنص على أن اللغة العربية هى اللغة الوطنية والرسمية للبلاد، ويطابق أيضا القانون 05-91 الصادر في يناير1991 لنفس الغرض.
ويعززه رفض الجزائرعضوية المنظمة الفرانكوفونية (تجمع الدول الناطقة بالفرنسية) منذ المشاركة فيها في بيروت عام 2002، بينما قلصت مشاركاتها في كل القمم اللاحقة لدرجة “ضيف خاص”، ومن المتوقع أن تمتنع الجزائر عن المشاركة نهائيا في القمم القادمة في حال تصاعد السجال بين البلدين.
وهناك روافد شعبية تدعم عدم الانضواء تحت الرداء الفرنسي منها أن المثقفين الجزائريين يرون أن تلك المنظمة هى امتداد للمظلة الاستعمارية الفرنسية، والانضمام لها يعد تنكرا من الجزائريين اليوم لنضالات وتضحيات أسلافهم بالأمس.
ومن بين هؤلاء المثقفين وزير الثقافة الأسبق محي الدين عميمور الذي يرى أن ” منظمة الفرانكفونية تندرج في إطار الاستعمار الجديد، وفرنسا تستعمل الفرنسية لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية بدون الاهتمام بمصالحنا”. وقال “لن نسمح للفرانكوفونية بأن تكون حصان طروادة داخل أسوار بنائنا السياسي والاقتصادي”.
ليست العربية فقط
لم تقف دوافع سياسية أو اقتصادية فقط وراء دعوات تمزيق الرداء الفرنسي للجزائر، بل هناك أيضا دوافع علمية منها ما كشفته وزارة التعليم العالي من أنها أجرت استبيانا اختار فيه 93% من المستجوبين تدريس المواد العلمية باللغة الإنجليزية بدلا من الفرنسية، فيما فجر عالم الرّياضيات الجزائري أبو بكر سعد الله في مقال له بعنوان “ماذا تبقى من الفرنسية في مجال البحث العلمي؟” نقاشا حادا حول إفلاس اللغة الفرنسية في المجال العلمي وصارت مهملة لدى الدّوائر الأكاديمية الغربية التي تعتمد اللغة الفرنسية في البحث العلمي..
وضرب سعد الله مثلا بجامعة “سودبيري” بكندا التي أجرت تخفيضاتٍ هائلة في النفقات بإزالة ما يقارب من نصف البرامج المقدَّمة باللغة الفرنسية، واستغنت عن الكثير من مدرّسي الفرنسية، مع انهيار أكبر جامعة كندية بسبب هشاشة اللغة الفرنسية التي تعتمدها.
لذلك قررت وزارة التّعليم العالي والبحث العلمي اعتماد اللّغة الانجليزية في المدرسة العليا للذّكاء الاصطناعي والمدرسة العليا للرياضيات، في إطار إحلال الانجليزية محلّ الفرنسية في الأوساط العلمية، على اعتبار أن اللّغة الفرنسية لم يعُد لها مكانٌ في مجال البحث العلمي باعتراف الفرانكفونيين أنفسهم.
خاصة بعدما أصبحت معظم الدراسات العلمية والأعمال الثقافية والأدبية متوفرة في العالم بتلك اللغة، فيما تتمركز الجزائر في مؤخّرة الترتيب العالمي للدول الناطقة بها.
ويأتي القرار بعد اهتمام منظمة الكومنولث “الدول الناطقة بالانجليزية” بالجزائر كمجال خصب محتمل تزاحم فيه اللغة الانجليزية الفرنسية.
وفي كلا الحالتين سواء تم اعتماد العربية أو الإنجليزية، فإن الخاسر الوحيد بلا شك هو فرنسا ولغتها الفرنسية التي ستفقد نفوذها الثقافي العميق في هذا البلد.
السلاح الفعال
ومع تنامي نفوذ روسيا والصين وتركيا عالميا في العقود الثلاثة الأخيرة، صارت فرنسا أكثر حاجة لاستغلال أمثل لسلاحها الأكثر فعالية (اللغة الفرنسية) من أجل مواكبة هذا التطور ووقف تواضع نفوذها الخارجي.
بدأت هذا الاهتمام من داخل أراضيها، فأصدرت عام 1994 قوانين تجعل الفرنسية إلزامية في جميع أشكال البث التلفزيوني ما يعني دبلجة كل البرامج الناطقة بلغات أجنبية، وألزمت محطات الإذاعة تشغيل أغان فرنسية بما لا يقل عن 40% من محتوى البث، تلاها إصدار العديد من القوانين والقرارات واللوائح التي تجرم الحديث بغير الفرنسية.
وفي موقف له دلالاته، انسحب الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك لفترة قصيرة من جلسة في قمة للاتحاد الأوربي عام 2006 احتجاجا على مخاطبة رئاسة جماعة ضغط تابعة للاتحاد الأوربي زعماء التكتل باللغة الإنجليزية.
كما حث وزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستير أبناء وطنه على الحد من استخدام مفردات اللغة الإنجليزية في كلامهم، رغم أن الرئيس الفرنسي نفسه كان يستخدم أحيانا بعض المصطلحات الإنجليزية في حديثه.
كل ذلك يكشف مدى عمق الضربة التي يمكن أن توجهها الجزائر لفرنسا في حال تنفيذ قرارها بشكل صارم، فيما يبقى الأمل الفرنسي الوحيد هو أن يتم تعليق التنفيذ كسابقة ليصبح كالعدم؟ وهل ستنجح جماعات الضغط الفرنسية؟
اقرأ المقال كاملا على روابط الجزيرة مباشر
لتخطي الحجب https://ajm.me/2nehjq
للمزيد https://ajm.me/skx6tu
……………………………………………………………..
سيد أمين يكتب: لا أحمس جدّي.. ولا نفرتيتي جدّتي
أنا مصري أعيش في القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد، ولا أشعر أبدًا بأن أحمس جدّي ولا نفرتيتي جدّتي، ولا أشعر بأن تلك القبور والمعالم لها أي قداسة في قلبي.
لكني -مع ذلك- أعتز بها أيضًا كما يعتز الأمريكي بتاريخ بلاده، وما تركه الهنود الحمر عليها من آثار، مع أنهم ليسوا أجدادًا له، وكما يعتز الإسباني ببقايا التاريخ العربي في الاندلس؛ مع أنهم ليسوا اجداده أيضًا، وكما يعتز الاتراك ببقايا آثار الدولة البيزنطية.
وأقر بأنني إذا نطقت اللغة الهيروغليفية، فلن أنطقها إلا على سبيل التندّر والمزاح، أو من قبيل المتوارثات، مثلها مثل مفردات كثيرة ذرتها علينا رياح تعدد الثقافات التي تزاحمت على هذا البلد، دون أن تؤثر على ثقافته النهائية، العروبة والإسلام.
إنها حركة التاريخ التي لا يريد البعض أن يؤمن بها لغرض في القلوب، فيتباكون بصوت عال، على أننا نعيش بهوية مزورة، ولغة ليست لغتنا، وثقافة ليست ثقافتنا.
وبغض النظر عن كذب هذا الادعاء، فالحقيقة أن من يدّعى ذلك هو أيضًا لا يمثّل الفراعنة، وليس ابنا لهم، ولكنه يريد الانتقام من الثقافة الحالية والتشويش عليها.
من يفعل ذلك يبتدع بدعة لم يأت بها أحد من قبل، ودون حاجة إليها، فلم نسمع -مثلًا- في الأمم الأخرى أن هناك من يسعى لإحياء البابلية أو الآشورية أو الفينيقية أو الأمورية أو غيرها.
وإذا تحنا الباب لإحياء الماضي في مصر، فإننا -حتمًا- يتوجب علينا إحياء الثقافات البطلمية واليونانية والرومانية والبيزنطية والصومالية والحبشية وحتى الهكسوسية، فهذه الحضارات تعاقبت على حكم مصر لآلاف السنين بشكل متصل، أكبر مما نعرفه عن الحضارة الفرعونية.
وبالطبع، ما ينطبق عليها جميعًا ينطبق أيضًا على الفتح العربي واللغة العربية، وهي حالة مستقرة منذ ما يقرب من 1400 سنة في هذا البلد.
الأمة المصرية
منذ عقود، تعلو بعض الأصوات وتصخب، ناهشة في هوية البلاد، وتسعى جاهدة لإحداث شرخ يفصل بين هذه الثقافة وهذا الوطن، ثم سرعان ما تخفت وتموت حينما لا تجد صدى الصوت الذي يطيل عمرها.
بدءًا من دعاية الأمة المصرية التى وجدت بيئة خصبة لها بعد اتفاقات كامب ديفيد، وما أحدثته من قطيعة عربية لنظام السادات، وصولًا إلى تلك الكتابات المتناثرة التي بدأت تعلو مجددًا في الصحف المصرية التي تحاول تعميق هذا الشرخ، وبث روح الصدع فيه.
فبعد معاهدة السلام، وجد السادات نفسه وحيدًا منبوذًا، فحاول الخروج من هذه العزلة، بتبرير ما حدث، وطرح اقتراح الأمة المصرية، وكان هدفه حينئذ سياسيًّا بحتًا، لا يهدف إلى نهش هوية البلاد المستقرة بشيء.
لكنه فوجئ -كما فوجئ الجميع- بقفز توفيق الحكيم قفزة كبيرة لنفي عروبة مصر، هنا ثارت ثائرة المثقفين من مختلف التيارات، وراحوا يفندون تلك المزاعم، ويقتلعونها في المهد.
ثم مرت البلاد بمحاولات، أحيانًا فردية وأخرى منظمة، تارة في صورة أحزاب أو جمعيات تدعو إلى الفرعونية، وتارة للتقليل من شأن اللغة العربية، فأنشأ بعضهم صحفًا مادتها الأساسية اللهجة العامية، بما فيها من انعدام للقواعد وتوافر السوقية والابتذال، بهدف تحقير لغة القرآن، لكن المجتمع لفظهم سريعًا وفشلت التجربة.
ومنذ أيام، وجدنا من يصف الفتح العربي لمصر بأنه كان احتلالًا، داعيًا إلى إحياء اللغة الهيروغليفية، تمامًا كما فعل الدكتور وسيم السيسي في مقال له بجريدة “المصري اليوم” بتاريخ 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ونحن هنا لا نهاجم الرجل، فله الحق في التعبير عن رأيه كما يشاء، كما أن للأخرين الحق في انتقاد توجهه والرد عليه.
تمامًا كما ننتقد مزاعم زاهي حواس التي رددها في محاضرة لطلاب جامعة القاهرة عام 2019، وقال فيها “نحن نتكلم اللغة العربية لكننا لسنا عربًا، ونقول إننا في أفريقيا لكننا لسنا أفارقة، نحن شعب إلى الوقت الحالي له شكل خاص وطبيعة خاصة نابعة من 5 آلاف عام”.
العروبة ثقافة أو نسب
رغم وجود عشرات الملايين من المصريين الذين ما زالوا يحتفظون بتسلسل تاريخهم العربي وأنسابهم العربية، فإن الواقع يقول إن العروبة ليست انتسابًا لكنها ثقافة، فكل من دان بالإسلام وتثقف بثقافته وتحدّث بلغة قرآنه في تعاملاته اليومية، هو في الواقع عربي.
ونقول كما قال الزعيم الوطني مكرم عبيد الذي كان يحفظ القرآن رغم أنه مسيحي، فكان يردد دائمًا: أنا مسيحى دينًا ومسلم وطنًا.
…..
بلا شك ستفشل كل محاولات تغيير الهوية العربية لمصر، كما فشلت في أعتى الحقب الاستعمارية.
اقرأ المزيد
تخطي الحجب: https://ajm.me/hja5dw
للمزيد: https://ajm.me/4nfmh6
………………………………………………………………
سيد أمين يكتب: العربية.. أهانها الأعراب وأكرمها الأغراب
في الاجتماع السادس عشر للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، المنعقد عبر الإنترنت من 13 إلى 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ضمّت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الخط العربي إلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
ورغم أن الخبر يبدو سارًّا -وهو فعلًا كذلك- فإنه جاء متأخرًا كثيرًا، خاصة إذا قورن الأمر بلغات وخطوط أخرى اعتنت بها اليونسكو ولم تكن أكثر انتشارًا من اللغة العربية، التي يوجد نحو مليارَي شخص تقريبًا في العالم يتحدثون بها ولو في صلواتهم.
واللغة العربية تستحق أكثر من ذلك، فهي من فرط تداولها بين الناس، جرى اعتمادها عام 1973 ضمن ست لغات رسمية للأمم المتحدة، بجوار الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والروسية والصينية، بجانب أنها لغة رسمية معتمدة في نحو 20 منظمة دولية أخرى.
ومن حيث الأصل، فالعربية تندرج في عائلة اللغات السامية الوسطى، التي تضم الآرامية والأمهرية والكنعانية والعبرية والفينيقية والصهيدية.
عناية الأغراب
ورغم أن الاعتناء باللغة العربية بدأ يتلاشى في موطنها الأصلي، فإن هناك أممًا أخرى قدّرت قيمة تلك اللغة واعتنت بها، منها كوريا الجنوبية التي اختارتها لغة أجنبية ثانية في البلاد بعد الإنجليزية، وتقرّر اجتياز امتحان فيها شرطًا للالتحاق بالجامعة، مع أنها تدرس في 6 جامعات وطنية بالبلاد.
وكذلك فعلت فرنسا وبلجيكا التي بدأت اعتمادها في التعليم الثانوي والاعدادي ضمن لغات عدة أخرى.
وهكذا في بولندا، حيث خصصت جامعة كوبرنيكوس بمدينة تورون قسمًا خاصًّا باللغة العربية، يختص في تدريس الأدب والثقافة العربية.
وأظهر تقرير للمعهد الإيطالي للدراسات الشرقية أن عدد طلاب اللغة العربية في البلاد ارتفع منذ العام 2001 بنسبة 250% عما كان عليه قبل ذلك الوقت.
وأكدت مجلة (Science) المهتمة بالبحوث العلمية أن العربية ستشغل المرتبة الثالثة بين اللغات الأكثر انتشارًا بحلول العام 2050، بعد الصينية والهندية، وقبل الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وهي اللغات الأكثر انتشارًا الآن.
واشارت المجلة العالمية إلى اتساع شرائح الراغبين في تعلّم العربية، وانتقالها من المستشرقين والمترجمين إلى جميع الشرائح المجتمعية، مثل الصحفيين والحقوقيين والمحامين والأطباء وغيرهم، وأن السبب في ذلك يرجع إلى تزايد أعداد من يعلنون إسلامهم حول العالم.
وخصصت وزارة التعليم الأمريكية دعمًا ماليًّا سخيًّا لتدريسِ اللغات الأجنبية المهمة، وعلى رأسها اللغَة العربية، وقدّمت مِنحًا للراغبين بتعلّمها في مصر والأردن ولبنان وتونس، وصارت محطّ اهتمام العديد من الوزارات الأمريكية وليس فقط المراكز المتخصصة في الشرق الأوسط.
تفوّق العربية
وتمتاز اللغة العربية عن سائر اللغات بأنها تحتوي على حروف غير موجودة في أي لغة أخرى، مثل حرف “الضاد” الذي سُمّيت باسمه لتميّزها به، بجانب أنها لغة القرآن الكريم أعظم الكتب التي يتناقلها البشر، ولا يجوز قراءته إلا بها.
كما تحتل اللغة العربية المركز الأول بين اللغات في عدد المفردات التي تبلغ نحو 12 مليونًا و303 آلاف كلمة من دون تكرار، أي أكثر من 20 ضعفًا لعدد كلمات اللغة الإنجليزية التي لا تتجاوز 600 ألف كلمة، في حين أن اللغة الألمانية بها 5 ملايين و300 ألف كلمة، والكورية مليون و100 ألف مليون كلمة، والفرنسية 150 ألف مفردة، و130 ألفًا للروسية، و122 ألفًا للصينية، وهذا المؤشر اللغوي يدل على ثراء تلك اللغة مقارنة بغيرها من اللغات.
ولك أن تتخيل أن العربية تمتلك بمفردها 16 ألف جذر لغوي، في حين أن اللغة اللاتينية التي تنبثق منها معظم لغات أوربا الشرقية تمتلك 700 جذر لغوي فقط.
وأن الحرف العربي يُكتب به العديد من لغات العالم، منها الفارسية والكردية والأردية والملايوية والتركية سابقًا.
قداسة العربية
ناهيك عن القداسة التي أضافها القرآن إلى تلك اللغة، حيث كرّمها في مواقع عدّة، بقول الله تعالي: {بلسانٍ عربيٍّ مُبين}..{إنّا أنزلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{إنّا جعلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{وكذلكَ أنزلناهُ حُكمًا عربيًّا}..{هذا لسانٌ عربيٌّ مُبين}..{وكذلكَ أنزلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{قرآنًا عربيًّا غيرَ ذي عِوَج}..{كتابٌ فُصّلتْ آياتُهُ قرآنًا عربيًّا}..{هذا كتابٌ مُصدّقٌ لسانًا عربيًّا}.
وقال عنها رسول الله ﷺ: “أحبُّوا العربَ لثلاثٍ، لأنّي عربيٌّ، والقرآنُ عربيٌّ، وكلامُ أهلِ الجنّةِ عربيٌّ”.
وروى ابْنُ عَبَّاسٍ أن النَّبِيَّ ﷺ قال: “فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ” (رواه البخاري).
وقد قال: “أَوَّل مَنْ فَتَقَ الله لِسَانه بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَة إِسْمَاعِيل” (حديث حسن سنده ابن حجر في الفتح وصححه الألباني).
كما ورد في أهميتها ما قاله عنها الفاروق عمر رضي الله عنه: “تعلَّموا العربية فإنها تُثبت العقل وتزيد في المروءة”، وما كتبه إلى أبي موسى: “أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي” رواه ابن أبي شيبة وسعيد ابن منصور والبيهقي في الشعب.
وقال فيها الخليفة عبد الملك بن مروان: “أَصلِحُوا أَلسِنَتَكُم فَإنَّ المَرءَ تَنُوبُهُ النَّائِبَةُ فَيستَعِيرُ الثَّوبَ والدَّابَةَ ولا يُمكِنُه أنْ يَستَعيرَ الِّلسانَ، وَجَمَالُ الرَّجُلِ فَصَاحَتُهُ”.
……
والخلاصة أن لغتنا العظيمة هانت علينا، فهُنّا في ألسنة الناس.
تابع المقال على الجزيرة مباشر هنا
في الاجتماع السادس عشر للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، المنعقد عبر الإنترنت من 13 إلى 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ضمّت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الخط العربي إلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
ورغم أن الخبر يبدو سارًّا -وهو فعلًا كذلك- فإنه جاء متأخرًا كثيرًا، خاصة إذا قورن الأمر بلغات وخطوط أخرى اعتنت بها اليونسكو ولم تكن أكثر انتشارًا من اللغة العربية، التي يوجد نحو مليارَي شخص تقريبًا في العالم يتحدثون بها ولو في صلواتهم.
واللغة العربية تستحق أكثر من ذلك، فهي من فرط تداولها بين الناس، جرى اعتمادها عام 1973 ضمن ست لغات رسمية للأمم المتحدة، بجوار الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والروسية والصينية، بجانب أنها لغة رسمية معتمدة في نحو 20 منظمة دولية أخرى.
ومن حيث الأصل، فالعربية تندرج في عائلة اللغات السامية الوسطى، التي تضم الآرامية والأمهرية والكنعانية والعبرية والفينيقية والصهيدية.
عناية الأغراب
ورغم أن الاعتناء باللغة العربية بدأ يتلاشى في موطنها الأصلي، فإن هناك أممًا أخرى قدّرت قيمة تلك اللغة واعتنت بها، منها كوريا الجنوبية التي اختارتها لغة أجنبية ثانية في البلاد بعد الإنجليزية، وتقرّر اجتياز امتحان فيها شرطًا للالتحاق بالجامعة، مع أنها تدرس في 6 جامعات وطنية بالبلاد.
وكذلك فعلت فرنسا وبلجيكا التي بدأت اعتمادها في التعليم الثانوي والاعدادي ضمن لغات عدة أخرى.
وهكذا في بولندا، حيث خصصت جامعة كوبرنيكوس بمدينة تورون قسمًا خاصًّا باللغة العربية، يختص في تدريس الأدب والثقافة العربية.
وأظهر تقرير للمعهد الإيطالي للدراسات الشرقية أن عدد طلاب اللغة العربية في البلاد ارتفع منذ العام 2001 بنسبة 250% عما كان عليه قبل ذلك الوقت.
وأكدت مجلة (Science) المهتمة بالبحوث العلمية أن العربية ستشغل المرتبة الثالثة بين اللغات الأكثر انتشارًا بحلول العام 2050، بعد الصينية والهندية، وقبل الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وهي اللغات الأكثر انتشارًا الآن.
واشارت المجلة العالمية إلى اتساع شرائح الراغبين في تعلّم العربية، وانتقالها من المستشرقين والمترجمين إلى جميع الشرائح المجتمعية، مثل الصحفيين والحقوقيين والمحامين والأطباء وغيرهم، وأن السبب في ذلك يرجع إلى تزايد أعداد من يعلنون إسلامهم حول العالم.
وخصصت وزارة التعليم الأمريكية دعمًا ماليًّا سخيًّا لتدريسِ اللغات الأجنبية المهمة، وعلى رأسها اللغَة العربية، وقدّمت مِنحًا للراغبين بتعلّمها في مصر والأردن ولبنان وتونس، وصارت محطّ اهتمام العديد من الوزارات الأمريكية وليس فقط المراكز المتخصصة في الشرق الأوسط.
تفوّق العربية
وتمتاز اللغة العربية عن سائر اللغات بأنها تحتوي على حروف غير موجودة في أي لغة أخرى، مثل حرف “الضاد” الذي سُمّيت باسمه لتميّزها به، بجانب أنها لغة القرآن الكريم أعظم الكتب التي يتناقلها البشر، ولا يجوز قراءته إلا بها.
كما تحتل اللغة العربية المركز الأول بين اللغات في عدد المفردات التي تبلغ نحو 12 مليونًا و303 آلاف كلمة من دون تكرار، أي أكثر من 20 ضعفًا لعدد كلمات اللغة الإنجليزية التي لا تتجاوز 600 ألف كلمة، في حين أن اللغة الألمانية بها 5 ملايين و300 ألف كلمة، والكورية مليون و100 ألف مليون كلمة، والفرنسية 150 ألف مفردة، و130 ألفًا للروسية، و122 ألفًا للصينية، وهذا المؤشر اللغوي يدل على ثراء تلك اللغة مقارنة بغيرها من اللغات.
ولك أن تتخيل أن العربية تمتلك بمفردها 16 ألف جذر لغوي، في حين أن اللغة اللاتينية التي تنبثق منها معظم لغات أوربا الشرقية تمتلك 700 جذر لغوي فقط.
وأن الحرف العربي يُكتب به العديد من لغات العالم، منها الفارسية والكردية والأردية والملايوية والتركية سابقًا.
قداسة العربية
ناهيك عن القداسة التي أضافها القرآن إلى تلك اللغة، حيث كرّمها في مواقع عدّة، بقول الله تعالي: {بلسانٍ عربيٍّ مُبين}..{إنّا أنزلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{إنّا جعلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{وكذلكَ أنزلناهُ حُكمًا عربيًّا}..{هذا لسانٌ عربيٌّ مُبين}..{وكذلكَ أنزلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{قرآنًا عربيًّا غيرَ ذي عِوَج}..{كتابٌ فُصّلتْ آياتُهُ قرآنًا عربيًّا}..{هذا كتابٌ مُصدّقٌ لسانًا عربيًّا}.
وقال عنها رسول الله ﷺ: “أحبُّوا العربَ لثلاثٍ، لأنّي عربيٌّ، والقرآنُ عربيٌّ، وكلامُ أهلِ الجنّةِ عربيٌّ”.
وروى ابْنُ عَبَّاسٍ أن النَّبِيَّ ﷺ قال: “فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ” (رواه البخاري).
وقد قال: “أَوَّل مَنْ فَتَقَ الله لِسَانه بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَة إِسْمَاعِيل” (حديث حسن سنده ابن حجر في الفتح وصححه الألباني).
كما ورد في أهميتها ما قاله عنها الفاروق عمر رضي الله عنه: “تعلَّموا العربية فإنها تُثبت العقل وتزيد في المروءة”، وما كتبه إلى أبي موسى: “أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي” رواه ابن أبي شيبة وسعيد ابن منصور والبيهقي في الشعب.
وقال فيها الخليفة عبد الملك بن مروان: “أَصلِحُوا أَلسِنَتَكُم فَإنَّ المَرءَ تَنُوبُهُ النَّائِبَةُ فَيستَعِيرُ الثَّوبَ والدَّابَةَ ولا يُمكِنُه أنْ يَستَعيرَ الِّلسانَ، وَجَمَالُ الرَّجُلِ فَصَاحَتُهُ”.
……
والخلاصة أن لغتنا العظيمة هانت علينا، فهُنّا في ألسنة الناس.
لمتابعة المقال على الجزيرة مباشر انقر هنا
أنا مصري أعيش في القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد، ولا أشعر أبدًا بأن أحمس جدّي ولا نفرتيتي جدّتي، ولا أشعر بأن تلك القبور والمعالم لها أي قداسة في قلبي.
لكني -مع ذلك- أعتز بها أيضًا كما يعتز الأمريكي بتاريخ بلاده، وما تركه الهنود الحمر عليها من آثار، مع أنهم ليسوا أجدادًا له، وكما يعتز الإسباني ببقايا التاريخ العربي في الاندلس؛ مع أنهم ليسوا اجداده أيضًا، وكما يعتز الاتراك ببقايا آثار الدولة البيزنطية.
وأقر بأنني إذا نطقت اللغة الهيروغليفية، فلن أنطقها إلا على سبيل التندّر والمزاح، أو من قبيل المتوارثات، مثلها مثل مفردات كثيرة ذرتها علينا رياح تعدد الثقافات التي تزاحمت على هذا البلد، دون أن تؤثر على ثقافته النهائية، العروبة والإسلام.
إنها حركة التاريخ التي لا يريد البعض أن يؤمن بها لغرض في القلوب، فيتباكون بصوت عال، على أننا نعيش بهوية مزورة، ولغة ليست لغتنا، وثقافة ليست ثقافتنا.
وبغض النظر عن كذب هذا الادعاء، فالحقيقة أن من يدّعى ذلك هو أيضًا لا يمثّل الفراعنة، وليس ابنا لهم، ولكنه يريد الانتقام من الثقافة الحالية والتشويش عليها.
من يفعل ذلك يبتدع بدعة لم يأت بها أحد من قبل، ودون حاجة إليها، فلم نسمع -مثلًا- في الأمم الأخرى أن هناك من يسعى لإحياء البابلية أو الآشورية أو الفينيقية أو الأمورية أو غيرها.
وإذا فتحنا الباب لإحياء الماضي في مصر، فإننا -حتمًا- يتوجب علينا إحياء الثقافات البطلمية واليونانية والرومانية والبيزنطية والصومالية والحبشية وحتى الهكسوسية، فهذه الحضارات تعاقبت على حكم مصر لآلاف السنين بشكل متصل، أكبر مما نعرفه عن الحضارة الفرعونية.
وبالطبع، ما ينطبق عليها جميعًا ينطبق أيضًا على الفتح العربي واللغة العربية، وهي حالة مستقرة منذ ما يقرب من 1400 سنة في هذا البلد.
الأمة المصرية
منذ عقود، تعلو بعض الأصوات وتصخب، ناهشة في هوية البلاد، وتسعى جاهدة لإحداث شرخ يفصل بين هذه الثقافة وهذا الوطن، ثم سرعان ما تخفت وتموت حينما لا تجد صدى الصوت الذي يطيل عمرها.
بدءًا من دعاية الأمة المصرية التى وجدت بيئة خصبة لها بعد اتفاقات كامب ديفيد، وما أحدثته من قطيعة عربية لنظام السادات، وصولًا إلى تلك الكتابات المتناثرة التي بدأت تعلو مجددًا في الصحف المصرية التي تحاول تعميق هذا الشرخ، وبث روح الصدع فيه.
فبعد معاهدة السلام، وجد السادات نفسه وحيدًا منبوذًا، فحاول الخروج من هذه العزلة، بتبرير ما حدث، وطرح اقتراح الأمة المصرية، وكان هدفه حينئذ سياسيًّا بحتًا، لا يهدف إلى نهش هوية البلاد المستقرة بشيء.
لكنه فوجئ -كما فوجئ الجميع- بقفز توفيق الحكيم قفزة كبيرة لنفي عروبة مصر، هنا ثارت ثائرة المثقفين من مختلف التيارات، وراحوا يفندون تلك المزاعم، ويقتلعونها في المهد.
ثم مرت البلاد بمحاولات، أحيانًا فردية وأخرى منظمة، تارة في صورة أحزاب أو جمعيات تدعو إلى الفرعونية، وتارة للتقليل من شأن اللغة العربية، فأنشأ بعضهم صحفًا مادتها الأساسية اللهجة العامية، بما فيها من انعدام للقواعد وتوافر السوقية والابتذال، بهدف تحقير لغة القرآن، لكن المجتمع لفظهم سريعًا وفشلت التجربة.
ومنذ أيام، وجدنا من يصف الفتح العربي لمصر بأنه كان احتلالًا، داعيًا إلى إحياء اللغة الهيروغليفية، تمامًا كما فعل الدكتور وسيم السيسي في مقال له بجريدة “المصري اليوم” بتاريخ 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ونحن هنا لا نهاجم الرجل، فله الحق في التعبير عن رأيه كما يشاء، كما أن للأخرين الحق في انتقاد توجهه والرد عليه.
تمامًا كما ننتقد مزاعم زاهي حواس التي رددها في محاضرة لطلاب جامعة القاهرة عام 2019، وقال فيها “نحن نتكلم اللغة العربية لكننا لسنا عربًا، ونقول إننا في أفريقيا لكننا لسنا أفارقة، نحن شعب إلى الوقت الحالي له شكل خاص وطبيعة خاصة نابعة من 5 آلاف عام”.
العروبة ثقافة أو نسب
رغم وجود عشرات الملايين من المصريين الذين ما زالوا يحتفظون بتسلسل تاريخهم العربي وأنسابهم العربية، فإن الواقع يقول إن العروبة ليست انتسابًا لكنها ثقافة، فكل من دان بالإسلام وتثقف بثقافته وتحدّث بلغة قرآنه في تعاملاته اليومية، هو في الواقع عربي.
ونقول كما قال الزعيم الوطني مكرم عبيد الذي كان يحفظ القرآن رغم أنه مسيحي، فكان يردد دائمًا: أنا مسيحى دينًا ومسلم وطنًا.
…..
بلا شك ستفشل كل محاولات تغيير الهوية العربية لمصر، كما فشلت في أعتى الحقب الاستعمارية.اقرأ المزيد تخطي الحجب: https://ajm.me/hja5dwللمزيد: https://ajm.me/4nfmh6
فقد التيار القومي في الوطن العربي بريقه الذي كان عليه طيلة العقود الماضية لأسباب مخزية منها مؤازرته للنظم الاستبدادية أينما حلت أو تفشت، فضلا عن عدائه غير المبرر للتيار الإسلامي، وتقوقعه حول الشخص وليس الفكرة..
وتجاهل أنصاره في ذلك حقائق أكدتها التجربة: أن الاستبداد غالبا هو نتاج للتبعية للخارج وهو الأولى بالمحاربة لو كانوا حقا يسعون لاستقلال ووحدة القوم..
وأن “الإسلامي” ليس عدواً بل هو ابن الفصيل الأقرب إليهم فكرياً عملا بمبدأ أن الإسلام والعروبة وجهان لعملة واحدة، وأن الإسلام هو النهج الرباني الأقدس الذي قدمه النبي العربي -عليه الصلاة والسلام- للعالم.
وعلى إثر ذلك “الحَوَل”، انحرف المشروع القومي على يد بعض منتسبيه من كونه مشروعاً تقدمياً وحدوياً جامعاً لأبناء الأمة بجميع توجهاتهم الفكرية والمعتقدية وحتى الاثنية إلى مشروع إقصائي استبدادي، منشغل بالبحث عن أدوات الهدم لا البناء، والتفريق لا التوحيد.
البعثي والناصري
هذا “الحَوَل” ساهم بشكل كبير في اندثار القاعدة الشعبية للتيار الناصري التي شهدتها الساحة العربية طوال النصف الثاني من القرن الماضي، لينتهي به المطاف إلى هلام وحالة صوتية بائسة فاقدة للمنطق تتمركز حول تعظيم شخص عبد الناصر وليس حول سبل رعاية ونهضة المجتمع..
خاصة أنهم لم يقدموا طرحا للقومية العربية ذي قيمة منفردة سوى خليطاً من الشعارات الاشتراكية التي تجاوزها الزمن مع عبثيات باءت بالفشل..
فيما نسف “الحول” مبكرا الولع المتوقع بفكر “البعث” بين الشباب العربي الطامح لتحقيق الوحدة العربية، وجعله حزبا محلا للشبهات والصفات المشينة حتى لو لم تكن فيه.
ولقد انتبه البعث في نسخته العراقية متأخرا لخطورة تحويل علاقات التكامل مع التيار الاسلامي إلى عداء، فطرح صدام حسين قبيل احتلال بغداد ما أسماها النزعة الايمانية لربط العروبة بالاسلام.
وبعد ذلك استكمل نائبه عزة الدوري هذا التحول باطلاقه “الطريقة النقشبندية” لتنظيم عمل المقاومة المسلحة العربية والاسلامية ضد الاحتلال الامريكي، وهي الحركة التي كانت مثالاً عملياً قوياً على وحدة شباب التيار القومي والإسلامي في ساحات التحرير.
وعلى النقيض تماما ، فإن تجربة الحزب في سوريا جعلت من مجرد ذكر اسم “البعث” يوحي للأذهان بإيحاءات تعد مرادفا للدم والظلم والطائفية والاستقواء بالأجنبي وطوابير اللاجئين والهاربين.
ولعل المؤسف حقا هنا أن نجد أن من احتمى بالطائفة والأجنبي وكان مضربا للأمثال في الفظاعة “ما زال باقيا على كرسي الحكم” على أنقاض شعبه، أما من توجه للإيمان والصمود في وجه الأجنبي وحظي بحب قطاع كبير من الشارع العربي فقد “رحل”.
الأحزاب الناشئة
ولما كان ذلك يحدث في الأصول والنماذج الكبيرة من الأحزاب المنتمية للتيار القومي ، فإن الفروع لابد لها أن تسير على نفس الخطى من “الشف” والتقليد وتتقوقع في نفس الأهداف لتكرر في النهاية نفس الفشل.
وعلى سبيل المثال، سلك غالبية القوميين الحزبيين في تونس نفس الطريق الداعم للديكتاتوريات، فما أن قام الرئيس التونسي قيس سعيد بالانقلاب على الديمقراطية حتى سمعنا على الفور ومن دون تريث صدى إشاداتهم بهذا الانقلاب يصم الآذان..
وراحوا يبررون إشادتهم بانقلاب سعيد على البرلمان بأنه لا يعبر عن رأي الشارع التونسي وأنه تم انتخابه بالرشى واستغلال حاجة الناخبين.
ورغم أنه تبربر كاذب وسخيف يهين الملايين من الناخبين التونسيين، إلا أنه أيضا مردود عليه بأنه إذا استجاب الشعب لهذه الرشى غير مغصوب ولا مجبر، ولا مخدوع أو مغيب وعيه، وراح يصوت لمن لا يريد، فالعيب هنا إذن في الشعب.
وتناسي هؤلاء كذلك أن شرعية الانتخاب التي يهاجمونها في أعضاء البرلمان هي نفسها من خولت السلطة للرئيس الذي يؤيدونه.
ومما لا شك فيه أن الذين فجروا ثورة الياسمين لا ينقصهم الوعي ولا الجرأة للتحدي والرفض، ولا يمكن أن يقبلوا بالعودة لزمن كانت تزور فيه إرادتهم، كما لا توجد آلية أخرى معروفة لقياس إرادة الشعب غير الانتخاب، ولا توجد غيرها لاختيار برلمان أو رئيس جديد.
حركة الشعب
كما أن اتهامات بطلان البرلمان لو صحت فستنسحب أيضا على البرلمانيين مؤيدي قرارات الرئيس، ليصبحوا هم من فاقدي الشرعية لأنهم سيكونون حينئذ قد فازوا بالرشاوى مثلهم مثل بقية زملائهم، ومن بين هؤلاء نواب كتلة حركة الشعب “القومية” الممثلة بنسبة 6,7% في البرلمان بـ 15 نائبا..
وهى الكتلة التي عرف عن أمينها العام “زهير المغزاوي” حبه الشديد للرئيس السوري بشار الأسد لدرجه أنه وصفه في مؤتمر بدمشق مؤخرا بأنه قائد عظيم، وأن الحرب التي يخوضها هي نفس الحرب التي تخوضها تونس الآن، وأن الشعب التونسي يؤيد بشار الأسد في حربه ضد الإرهاب!!
ويلاحظ هنا أن “المغزاوي” وثب بالصراع التونسي من طبيعته السياسية المعتادة بين الكتل المنتخبة ديمقراطيا إلي صراع عسكري، وكأنه يرحب بتكرار التجربة السورية المريرة في تونس.
كما أنه خول لنفسه التحدث باسم الشعب التونسي رغم أن كتلته البرلمانية لا تمثل في خيارات هذا الشعب التصويتية سوى 6% مقارنة بنحو 59% لحركتي النهضة والكرامة.
عموما فإن ما يبعث على الطمأنينة هو أن الجيش التونسي أكثر عقلانية واستقلالا من نظيره السوري، وأن هناك أصواتا قومية تونسية ما زالت تتمسك بالمسار الديمقراطي.
ويبقى السؤال: هل سيتخلص الفكر القومي من شوائبه أم سيواجه خطر الانقراض؟
اقرأ المقال كاملا هنا
وكانت أقسى المكائد التي تعرض لها خان تلك التي اتته من بني قومه حيث وضعه الديكتاتور الباكستاني الجنرال برويز مشرف عام 2001 رهن الإقامة الجبرية، على خلفية الاتهامات الأمريكية، فيما رد خان باتهام برويز مشرف بالعمل على تطبيق الأجندة الأمريكية في البلاد.
تخطي الحجب: https://ajm.me/58a2t7
للمزيد: https://ajm.me/aq8ywz
الروايات كثيرة منها ما يتحدث عن أن صلاح سالم كان يقود بنفسه تلك المضايقات ويعبث بمتعلقات الأميرة الشخصية أمام زوجها لإذلالها، وأنه سكن في أحد القصور “المؤممة” بالقرب من قصرها بجاردن سيتي لمحاصرتها والتضييق عليها لتستجيب لرغباته.
تخطي الحجب: https://ajm.me/t7u67j
للمزيد: https://ajm.me/63pfgc
ولذلك فالأمر مثير للسخرية، فالمحال والبضائع وإرشادات البيع والشراء مكتوبة بلغات أجنبية، بينما البائع والمشترى يتحدثان العربية، ويتبادلان الحديث عن مميزات البضائع ونقائصها باللغة العربية، وأحيانا البضاعة نفسها مصرية، فلماذا ذلك الجنوح للاغتراب؟
لتخطي الحجب: https://ajm.me/7aawzh
للمزيد: https://ajm.me/s9w3q7
كما أشيع عنه توجهاته العروبية وسيسعى لإنهاء أيّ رواسب للحقبة الاستعمارية الفرنسية في تونس، ثم جاءت طريقة خطابه باللغة العربية الفصحى لتدخله القلوب العربية من أوسع أبوابها، لأن ذلك يعد الدليل البيّن على فشل مشروع (فرنسة) تونس العربية.
لقرءة المقال كاملا وتخطي الحجب انفر هـــــــنا : https://ajm.me/8drnn2
للمزيد هنـــــــــــا: https://ajm.me/tcqypd
هو انقلاب قديم تمت تسويته على نار هادئة حتى يكتسب زخما شعبيا قبل أن يخرج للعلن، وذلك من خلال تحميل حركة النهضة -التي تمتلك الأغلبية غير المطلقة في البرلمان- بمفردها إعلاميا كل أوزار المعاناة التي يعيشها المواطن التونسي وتعيشها من قبله البلاد، مع أنها لا هى ولا غيرها من أحزاب تونسية لها علاقة بخراب اقتصادي وشيك لبلد عاش لعقود نهبا للفساد والاستبداد وحكم الفرد، فضلا عن قلة موارده الاقتصادية.
رابط تخطي الحجب: https://ajm.me/27b3qp
لقراءة المقال: https://ajm.me/pcu2qa
يذهب بعض بسطاء السوريين إلى أن سبب تفشي القتل والموت في سوريا يعود لاستجابة ربانية لدعاء درج السوريون للتخاطب به بعضهم البعض، ويقولون أن لفظة “الله يقبرك” وتعني أن “تموت وتدفن في القبر” هي من تسببت في كل شلالات الدم التي تساقطت في سوريا ،حتى وإن كان يتم التخاطب به بين الأهل والأصدقاء على سبيل الدعابة ودون قصد. فيما يدعمهم أشقاؤهم من بسطاء المصريين ويؤكدون تصديقهم لهذه المدلولات والتأثير للكلمات العابرة لدرجة توجب عليهم الرد على من يقول شيئا سلبيا بعبارة “فال الله ولا فالك” وذلك لكبح التأثير السلبي لكلماته السيئة،
نشر المقال لأول مرة في عربي 21
بعضهم لجأ لاستئجار مقهى وأحيانا اضطر للعمل فيه، أو استأجر محلا ليبيع فيه البقالة أو الخدمات المكتبية أو مهمات الكمبيوتر، وبعضهم افتتح مطعما يبيع فيه الفول والطعمية، وأفقرهم من قام بتمويل “عربة فول” من تلك العربات التي تنتشر في كل مدن مصر وأحضر أقارب له للعمل عليها، ومنهم من اقترض من البنوك ليحصل على سيارة يديرها كسيارة أجرة.
وهناك من هم من ذوي الأطيان – وهي تقاس بالقراريط في الغالبعاد إلى مسقط رأسه في ريف مصر وراح يربي الماعز والخرفان، ويزرع ويسقي وينافس الفلاح في صنعته.
هذه ليست ترديات أو حتى سرديات عن أحوال العمالة الموسمية ولا عمال التراحيل، ولكننا بلا خجل نتحدث عن المهن البديلة التي يمتهنها قطاع لا بأس به من الصحفيين المصريين حاليا، والذين ينتظرون بفارغ الصبر الزيادة الحكومية الدورية لبدل التدريب والتكنولوجيا مع كل انتخابات للتجديد النصفي، والتي ستحل في 19 آذار/ مارس الجاري، وهو البدل الذي تحول إلى الراتب الوحيد لغالبية الجمعية العمومية للصحفيين مع زهادته وضآلته، ولا يزيد عما يقدر بنحو 120 دولارا.
كما أن قطاعا كبيرا من الصحفيين المصريين يعملون بصورة أو أخرى في مجال السمسرة وبيع الأراضي، وبعض النافذين منهم وهم قلة طبعا لجأوا إلى القيام بأعمال الوساطة وتخليص مصالح المستضعفين من الناس مقابل أجر أو عمولة، والأخطر من ذلك أن العاملين في قطاع الإعلانات وهم بالقطع الأيسر حالا والأوفر حظا بينهم – رغم أنه نشاط مجرم بنص لوائح عضوية نقابة الصحفيين – صاروا هم أغلب ملاك الصحف الجديدة وهم من يسيطرون على المجال، وبالطبع كل ذلك أثر سلبا على حياد الصحفي ومهنيته.
لذلك فقد الناس ثقتهم في هذا المجال تماما، وانحدرت صورة الصحفي النمطية في مخيلتهم لدرجة سحيقة تجعل بعضهم يربط بين الصحفي والنصاب، بعدما كان من أعلى عشر مهن مرتبة وحصانة ودخلا وإعمالا للمبادئ والمثل في البلاد، وللأسف قد ساعدت الدراما الرسمية التي تنتجها الدولة في ترسيخ هذا المفهوم في العديد من أعمالها.
وفي كثير من الأحيان هذه الصورة جعلت الناس يربطون بين الصحفي ومخبر الشرطة الذي يتخلى عن حياده؛ ويسخّر قلمه ليكتب ما تمليه عليه أجهزة الدولة أو ممثلوها ويكون شاهد زور جاهزا.
بدون أدنى مبالغة هذه عينة كاشفة عن أحوال الصحفيين المصريين ومصادرهم المالية التي تضج بها اعترافات بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأحاديث الجانبية بين بعضهم البعض، ما يؤكد انهيار هذا المجال في مصر، ولولا دخل زهيد تؤمنه نقابة الصحفيين لأعضائها شهريا تحت بند بدل التكنولوجيا والتدريب (2000 جنيه أو ما يعادل 125 دولارا)؛ لوجدنا الصحفيين المصريين يتسولون، فما بالك بمن لم يستطيعوا الانضمام لهذه النقابة بسبب قيود متعددة وهم أضعاف أعداد أعضائها.
أسباب أمنية
ساهم في حالة السقوط لقطاع الصحافة في مصر ما يعانيه الصحفيون من تكميم للأفواه وإغلاق للمنابر الإعلامية الجادة ومطاردة القائمين عليها، تأكيدا لذلك الشعور المتصاعد بالغبن والجور والإذلال جراء تلك القبضة الأمنية بالغة الضراوة عليهم، والتي حولت اشتغالهم بالمهنة إلى سُبة في جبينهم تعرضهم لمخاطر أمنية هائلة، لا سيما من يحملون منهم كاميرا توثق الأحداث أو تخصصوا في مجالات تتنافر مع نشاطات الحكومة.
وفيما يبدو أن هناك خيوطا جديدة تتكشف عن المؤامرة الكبيرة التي تحاك ضد هذه المهنة، كشفت عنها تصريحات أحد نواب البرلمان في مصر بضرورة تغيير قانون نقابة الصحفيين.
ولا جدال في أن التغيير المزعوم إما أنه سينسف أي دور للنقابة للسيطرة وإدارة العمل في المهنة ويجعل المهنة مشاعا كأرض خصبة للذباب الالكتروني، أو أنه سينزع عنها اختصاصاتها ومكتسباتها ومكتسبات الصحفيين، أو أنه سيحد من الانضمام إليها، لتقع النقابة ومعها المهنة بين خطري الإفراط أو الإغلاق.
وعمدت السلطات منذ ظهور حركات مناوئة للسلطة في العقدين الأول والثاني من القرن الحالي وانضمام أعداد كبيرة من الصحفيين لها، إلى دس العديد من عناصرها الأمنية ليكونوا أعضاء في نقابة الصحفيين لصناعة توازن بين المؤيدين والمعارضين، وبالغت في الأمر حتى تحول عدد أعضائها في العقد الثاني بدلا من ستة آلاف عضو إلى ما يزيد عن 13 ألف عضو، بينما تقلصت الصحف والمواقع العاملة في المجال الصحفي إلى ربع ما كان عليه الأمر في العقد السابق له.
ونتج عن ذلك وجود الكثير من منتسبي نقابة الصحفيين المصريين لا يجيدون القراءة والكتابة.
كما توسعت السلطات في حجب المواقع الالكترونية لتصل لأكثر من 500 موقع، بدعاوى التحريض على مصر ودعم الإرهاب، والغريب أن بينها مواقع دولية شهيرة مثل bbc ورويترز.
أسباب اقتصادية
ونتج عن ذلك تراجع الكوادر الخبيرة والكفاءات وحملة الرسالة، ليتصدر بدلا منهم قليلو الخبرة والانتهازيون، وهو الذي انعكس بشكل واضح على تراجع مستويات التوزيع وعزوف القراء عن قراءة الصحف الورقية، لدرجة جعلت التسريبات المتداولة بين الصحفيين تكشف أن الصحيفة الكبيرة التي كانت توزع في اليوم الواحد أكثر من مليون نسخة صارت الآن توزع ما لا يزيد عن 15 ألف نسخة فقط؛ أغلبها اشتراكات حكومية، كما أن التسريبات تكشف أن هناك صحفا أخرى لا توزع يوميا أكثر من 300 نسخة.
ولا شك أن مزاحمة الفضاء الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي لهذه الصحف كانت معول هدم كبير لها.
وما يدل على أن لسياسة التحرير العامل الأكبر في هذا الانهيار أن القراء انصرفوا عن متابعة مواقع الصحف القومية والخاصة الحليفة لها أيضا على الإنترنت، وصار السبب الأول لزيارتها معرفة توجهات وقرارات الدولة.
العمل بالسخرة
كثير من الصحف العاملة في مصر تستغل حاجة صحفييها للحصول على عضوية نقابة الصحفيين – الذي تقرنه لوائح النقابة بخطاب منها وفترة عمل تتجاوز العام وتوقيع صك التأمين الاجتماعي – فتقوم قبل ذلك بإجبارهم على العمل بالسخرة، كأن تجعلهم يعملون فيها لسنوات مقابل أجر زهيد لا يزيد أبدا عن ألف جنيه وقد يصل إلى 300 جنيه، وأحيانا تجعلهم يعملون دون أجر نهائيا.
ووصل الانحدار لدرجة أن يقوم أحدهم بدفع مبلغ كبير للصحيفة من أجل الحصول على خطاب التقدم لعضوية النقابة، فيما كانت هناك صحف يمثل لها ذلك مصدر دخلها الرئيس!!
وأخيرا، لك أن تتخيل أن نضال الصحفيين الذي كان يدافع عن تحرير الوطن بأسره قديما وتحسب له السلطة لهم ألف حساب؛ صار عاجزا عن تحرير كراسي النقابة التي تم جمعها والإغلاق عليها في مخازن الدور الخامس، أو يسعى لتحرير سلم النقابة (هايد بارك مصر سابقا) من السقالات.
هل تبقى للصحافة في هذه الأجواء.. رسالة؟!
ويتضمن كتاب “لو كررت ذلك على مسامعى فلن أصدقه” لمؤلفه الصحفى الفرنسى “جان كلود موريس” أخطر أسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكى “جورج بوش الابن” والرئيس الفرنسى السابق “جاك شيراك”، والتى كان يجريها الأول لإقناع الثانى بالمشاركة فى الحرب التى شنها على العراق عام 2003، بذريعة القضاء على “يأجوج ومأجوج”.
by-
Sayed Amin
Egyptian Institute for Studies.
Israel has not achieved a great victory worthy of this hustle and celebrations with respect to the new normalization package after signing agreements with the UAE, Bahrain and Sudan; just as it did not achieve a great victory in its previous normalization efforts after signing of the Camp David Accords with Egypt and the Wadi Araba Agreement with Jordan.
The only difference in the new normalization package is that it pushed the malicious relationship from darkness into the open. In addition, Israel has never normalized relations with the Arab peoples, and has never respected their will. Rather it has normalized its relations with regimes that everyone knows are totally or partially subjected to the will of foreign powers, especially the United States, Israel’s great ally. Hence, a likely success in this case is definitely questionable.
In fact, Israel, by declaring the new normalization package, has exempted the Arab peoples and all patriots from exertion of much effort to explore the pernicious relations between those Arab regimes and the Zionist entity. Also, the announcement of normalization with Israel has exposed the closure and deception efforts that had enabled these Arab regimes to inject their venom into all collective Arab national activity, albeit humble, as the picture is now clearer.
Despite the shame that haunts those who may follow such path, past experiences have proven that the countries that had normalized their relations with Tel Aviv never enjoyed the “carrot”; but Israel has always been the party that reaps the fruit for its own benefit, while Egypt and Jordan have not been able to get rid of their economic worries, nor has Cairo or Amman become similar to Vienna. Rather, both regimes have moved from a position based on equal-term relations with the Israeli entity to complete dependency.
The same roles
The Gulf states that have rushed to normalization with Israel have in fact exercised this role for decades, where their foreign policy has completely been in line with Israeli interests. They used to stand against countries or organizations hostile to Israel, whatever their orientations might have been, such as the Islamic stream (most notably the Muslim Brotherhood, Hamas, and Islamic Jihad), the nationalist current (manifested by Saddam Hussein, Muammar Gaddafi and Gamal Abdel Nasser), and the socialist trend (represented by Moncef Marzouki in Tunisia, and socialist currents across the Arab world).
In the same context, the normalizing Arab regimes used to keep friendly relations with regimes that are supportive to Israel, such as extremist right-wing movements across the world, from India to Europe to America.
For decades, some of these regimes have secretly served Israel in a much deeper way than the recently declared normalization agreements. Some observers even think that establishment of such Arab entities was originally intended to protect Israel and fragment the unity of the Islamic world. Furthermore, some believe that these regimes finance the purchase of the ammunition that Israel uses against the Palestinians, the Lebanese, and even the Egyptians (in the Sinai Peninsula); and they work vigorously and spend their money lavishly on Israel’s policies and objectives in Egypt, Libya, the Eastern Mediterranean, Tunisia, the Red Sea and Yemen.
The destruction caused by the Arab countries that have recently rushed towards normalization with Israel across the Arab world may be much more than any harm Israel might have achieved via war. In fact, this package of normalization with Israel changed the situation from confrontation between Israel and Arab countries to an internal dispute across the Arab world, which is considered a very high price that amounts to treason and even more.
Loss or gain?
It is understandable that some Arab regimes may be prompted to relieve the burdens of national and moral obligations towards Arab people that have been subjected to exile, displacement and annihilation, hoping to bring about an economic revival or renaissance, where their peoples are in urgent need of such move, given the deteriorating economic conditions they are suffering from.
But the amazing thing here is that the Arab countries that have led the recent wave of normalization with Israel are rich oil countries that do not need any economic packages from Israel (as had happened with others before). However, on the contrary, they are the ones that will pay for Israel and help it break the remaining isolation it is suffering. In this regard, the UAE and Bahrain are likely to promote the products of Israeli settlements in the occupied territories, which are prohibited and condemned by the Western countries themselves. They are also expected to support Israel’s causes in international forums, despite the fact that the victory of Tel Aviv in any issue simply means a heavy loss for the Arab peoples.
Consequently, this rush to announce the pernicious relationship with Israel may only aim at seeking political revival of regimes that have lost all moral justifications for their existence, being considered a kind of local occupation of their peoples.
The regimes that have sought normalization with Israel are not elected regimes that embrace democracy, nor are they even “constitutional monarchies”, but they only belong to the darkness of the Middle Ages. In such regimes, only the will of the ruler determines the Constitution that governs the people. They even commit atrocities and heinous crimes without accountability, chop the bones of their opponents with saws (as happened with Saudi opponent Jamal Khashoggi), and treat opponents’ families as if they were slaves. Unfortunately, the Western countries have provided those dictatorial regimes with legitimacy for decades, and enabled them to abuse their peoples.
The exposure of Israel’s protection of those Arab regimes will certainly harm Tel Aviv in the short term rather than benefiting it; as such act is likely to expose Israel’s true image to the whole world, as a racist and fascist entity that only fuses with the fascist regimes that resemble it; taking into mind that Tel Aviv has sought for decades to promote that it is the only democratic country in the Middle East.
Therefore, in the long run, Israel is likely to be prompted to avoid tarnishing the reputation that it has exerted a lot of effort since its inception to establish in the Western media, albeit through deception and lies. Israel is most likely to rid itself of such heavy load after luster of events fades away and shortcomings further maximize.
نحن لسنا هنا بصدد الحديث عن الأديان فهي “تابوهات” مقدسة تؤخذ بماهيتها كما هي وكما اخبرنا عنها الرسل والأنبياء والصالحين بما لها من نسق ، وهذا مصدر الإعجاز والحيرة فيها ، ولسنا أيضا بصدد الحديث عن السحر والمس والحسد رغم أن ذلك يأتي ضمن هذا النوع من التفكير وان كان قد صبغ بصبغة الابتذال والسوقية من فرط الحديث عنه.
by-Sayed Amin
Egyptian Institute for Studies.
If someone asks you to look at “the fruitful tree”, this may imply that there are other “fruitless trees” nearby; and likewise, if you see a police patrol in Cairo streets with banners of “Egyptian Police” highlighted on vehicles, this may give an impression that there is non-Egyptian police operating in the Egyptian capital, which, of course, is not true.
So why do authorities insist on using two words, i.e. “Egyptian Police”, while one word, “Police”, is enough to convey the intended meaning?
In fact, this strange approach has been adopted by authorities since 2013, and has expanded to include all state agencies and services, where you can see, for example, the “Egyptian army”, the “Egyptian judiciary”, the “Egyptian railways”, the “Egyptian subway”, and so on.
If the use of such phrases were only limited to major installations of ministries and departments, things would have been more acceptable; but it is strange to find soldiers, judges, ticket inspectors, and even dustmen and others having badges with the modifying word “Egyptian” affixed to their uniforms.
Some might argue that generalization of such titles is aimed at instilling the values of patriotism, belonging to the homeland, and national pride in the souls of citizens. However, others believe that such approach is not correct, arguing that values such as patriotism are not instilled in people by repeating or chanting slogans but rather through practices and actions.
To make this proposition clearer, let us just think of the following:
When policemen, for example, do their job for which they are paid perfectly and preserve the security and safety of citizens, people will undoubtedly show respect and pride of them. On the contrary, when policemen fail to care about the security or safety of citizens and even pose a threat to their security and safety, then people will of course fear and even hate them, despite the badge of “Egyptian Police” they are affixing to their uniforms. In fact, such badges in this case will never be able to help instill patriotism and belonging to the homeland in the hearts of citizens; rather they will be a sign of plain deception. Therefore, a citizen is not supposed to express appreciation of persons that do not deserve it; rather, they cannot be blamed if they feel angry towards such “Egyptian” policemen that do not watch over their security nor guarantee their safety, but with no violation of the freedom and human rights of policemen.
Draining patriotism
Similarly to Don Quixote’s victories, the Egyptians have experienced fake victories over the past few years, which reminds people of those fake victories that used to be promoted in the songs of the late famous Egyptian singer Abdel Halim Hafez during the Nasserite era, and likewise the hollow statements that used to be read by the radio broadcaster Ahmed Saeed in the Egyptian Radio’s news bulletins at the time, as well as all the enthusiastic speeches delivered in the wrong place and situation.
In this way, the regime’s mouthpieces have been promoting that the new enemy has become Turkey instead of Israel, that the national target is to overthrow Libya’s UN-backed Government of National Accord rather than to liberate Jerusalem from the Zionist occupation, and that the COVID-19 can be defeated by a 5,000-year-old Egyptian dish called “shalawlaw”, and “fava beans”, a popular Egyptian dish.
In the same context of fake patriotism, the adjective “national” in the sense of highlighting “patriotism” has been linked with everything related to the existing government and authority, starting from the “national authority” -as if there is another authority in Egypt that is not national- through the State Security Apparatus, that after it had succeeded in suppressing the January revolution, acquired the characteristic of “national” where its name changed into the National Security Apparatus, in addition to the “national army”, the “national police”, and the “national” institutions, committees, cybersecurity, training, roads, and even the “national” logistic companies, where the adjective “national” has also become a proper name for a series of petrol stations owned by the army, “Wataniyah” the Arabic word for “National”.
The flood of fake “patriotism” has overwhelmed everything related to the ruling regime in this “national” era, where the regime that claims patriotism ceded the country’s land and wealth to other countries!!
Fake patriotism
This kind of patriotism that is still being promoted by supporters of the ruling regime in Egypt has been highlighted in the form of a school song “Alo Aih Aleina?” (What did they say about us?) to be repeated by pupils; a popular song to be circulated among people such as “Boshret Kheir” or “We’re a people and you’re another people”, addressing dissent; a historical TV serial such as “Kingdoms of Fire” or “The Choice”, whose critics are accused of being traitors. Even “patriotism” from the point of view of the regime has been manifested in an arrogant slogan “Long live Egypt-3 times” that is used in the context of hypocrisy. However, instead of instilling real patriotism in the people, these manifestations of fake patriotism have become subject to ridicule and mockery by citizens.
Exactly the opposite
It is strange that in the midst of these sweeping torrents of pseudo-patriotism, one can hardly find any aspects of real patriotism, where:
– Egypt’s strategic Red Sea islands of Tiran and Sanafir have been waivered or sold, vast areas of exclusive economic zones have been abandoned, and many natural gas fields have been ceded;
– Companies belonging to certain countries (most notably the UAE) almost control the country’s economy;
– Egyptian citizenship is being sold as cheap goods, while it is stripped off Egyptian citizens for political purposes;
– Egyptians, especially in Sinai, are displaced and their houses are demolished;
– The Egyptian economy is almost collapsing;
– Egypt’s historical rights in Nile waters are threatened;
– Pervasion of corruption, misery, suicide, unemployment, diseases, debts, poverty, oppression, imprisonment, and extra-judicial killing; and absence of freedom of expression and human rights;
– Most young people in Egypt dream of emigrating abroad to fulfill their aspirations and secure their future.
The regime and its dependent opposition at home have plunged the Egyptian society into falls of false patriotism. However, the people’s awareness of the reality of this situation was reflected in the Egyptian society in the form of frustration, despair, suicide, deviation and criminality, not patriotism
في اللغة، لو طلبت من أحد أن يسقي”الشجرة المثمرة” فهذا يعني من ضمن ما يعني أن هناك أيضا أشجارا غير مثمرة، وبالمثل لو كنت تعيش في القاهرة ووجدت سيارة مكتوبا عليها “الشرطة المصرية” فهذا يعني ضمنا أن هناك شرطة غير مصرية في هذه المدينة، وهو بالطبع أمر ليس حقيقيا، ما يبعث على الدهشة من هذه التسمية، خاصة أن هذا التمييز العجيب صار منذ 2013 مشاع الاستخدام في كافة أجهزة الدولة وأدواتها، حيث تشيع شعارات من عينة الجيش “المصري”، والقضاء “المصري”، والسكك الحديدية “المصرية”، والمترو “المصري” وهكذا.ولو كان هذا التعريف التمييزي يقتصر فقط على المنشآت الكبرى للوزارات والمصالح لكان الأمر مقبولا، ولكن الغريب أن تجد الجندي والقاضي والكمساري وحتى عمال النظافة وغيرهم يحملون تلك الشارات.قد يقول قائل إن الهدف من تعميم هذا السلوك هو غرس قيم الوطنية والانتماء للوطن والاعتزاز به في نفوس الناس، وهو قول مردود عليه بأن قيم الوطنية لا تغرس في النفوس بالشعارات ولكن بالممارسات والأفعال.فإذا وجدت رجل الأمن مثلا يقوم بدوره الذي يتقاضى عليه راتبه فعلا ويحافظ على أمني وسلامتي، فإنني بلا ريب سأكن له الحب والاعتزاز، أما إذا كان هذا الرجل لا يكترث لا بأمني ولا بسلامتي، بل إنه هو نفسه الذي يشكل أحيانا تهديدا لهما، فإن حمله لهذا الشعار سيفهم منه حينئذ الخداع والتمويه، كما أنه لا يفترض بي إعلان حبي له إن شئت كتمه، ولا لوم علي أن شعرت تجاهه بنقيض ذلك، طالما لم اخرق حريته وحقوقه الإنسانية.
استنزاف الوطنية
وعلى طريقة بطولات “دون كي شوت”، عاش المصريون في السنوات الماضية ما يشبه أجواء انتصارات عبد الحليم حافظ الغنائية، وفتوحات أحمد سعيد الإذاعية، ومغامرات رأفت الهجان التجسسية، والخطب الحماسية الملقاة في غير محلها.فهذه البطولات مع كل ما بذل فيها من جهد لم ينقصها أن تكون مهيبة سوى نجاحهم في تسويق العدو الجديد، تركيا بديلا عن إسرائيل، وطرابلس بدلا من القدس، انتهاء إلى الانتصار على الكورونا بـ “الشلولو” و “الفول المدمس”.وفي نفس السياق، وفي إطار إلباس الوطنية لغير موضعها، تم ربط لفظ وطني بكل شيء يمت للسلطة بصلة وبكل مسلك أو تصرف تتصرفه، بدءا من أنها السلطة الوطنية – وكأن هناك سلطة أخرى في مصر لكنها غير وطنية – مرورا بجهاز أمن الدولة الذي بعد أن أدى دوره في إخماد جذوة ثورة يناير أسبغت عليه الصفة فصار أمنا وطنيا، بجوار الجيش الوطني والشرطة الوطنية، والمؤسسات واللجان أو الأمن السيبراني والتدريب والطرق وغيرها، وحتى شركات الخدمات المعاونة الوطنية، انتهاء بمحطات الوقود “وطنية”.ولكي لا تصاب بالتشبع من طوفان “الوطنية” التي انتسبت إليها كل هيئة أو جهاز مستحدث في هذا العصر “الوطني” الذي يجري فيه التنازل عن أرض مصر بكل وطنية، يمكنك كمواطن “وطني” التنويع والعودة لمصطلحات الأقدمين “القومية” التي تركت دون تغيير بعد.
وطنية زائفة
الوطنية التي يروج لها المروجون الآن والتي حاولوا تقديمها تارة كظاهرة صوتية للنشء في شكل أنشودة مدرسية صارت أمثولة للسخرية، وتارة أخري كظاهرة تاريخية كما حدث في مسلسل “ممالك النار” دخلت كسابقتها في سباق للسخرية لأن بطل الواقعة كان عبدا مملوكيا، وعبورا أيضا بمسلسل الاختيار الذي من ينتقده يصبح خائنا، ومن لم يشاهده وطنيته ناقصة ويجب توجيهه وإرشاده.وحتى فشلوا في تقديمها كظاهرة غنائية في “بشرة خير” و “إحنا شعب وانتوا شعب” وحتى اختزالها في شعار “تحيا مصر 3 مرات” الركيك الذي يستخدمونه كتوقيع بعد أي وصلة نفاق.كلها ظواهر تذكرنا بطقوس إيمان الأقدمين من عبدة الأوثان، حينما كان الوثنيون يذهبون للوثن الإله قبل أن يغيروا على قوافل التجارة المارة بالقرب منهم وذلك لتقديم القرابين والنذور والتذلل له بالأدعية من أجل أن يوفقهم “الوثن” في سلب ونهب تلك القوافل الآمنة المسالمة وسبي نسائها وبيع رجالها كعبيد، فكان إيمانهم شكلي وغايتهم غير نبيلة.
العكس تماما
الغريب أنه وسط هذا الهطول للوطنية، لا تجد في مصر إلا ما هو يفتقد لأي قدر من الوطنية، جزر البلاد الإستراتيجية تُباع، والمياه البحرية وحقول الغاز توهب للأعداء ونعود لنشتري منه الإنتاج، وشركات تنتمي لدول بعينها تسيطر على اقتصاد البلاد وجنسية البلاد تباع كبضاعة رخيصة وتسحب كخلاص من قيود السجن للمعتقلين، وشعب يُهَجّر، واقتصاد يتهاوى، ونيل يجف، وبلاد تتربع دون منازع على المناصب الأولى عالميا أو عربيا في الفساد والبؤس والانتحار والبطالة والأمراض والاستدانة والفقر والقمع والسجن والقتل خارج إطار القانون وإهدار حرية التعبير وحقوق الإنسان، وحلم أحلام جل شبابها الهجرة للخارج فارين بأحلامهم وأمانيهم ومستقبلهم.السلطة ومعارضتها الشكلية أغرقا المجتمع في شلالات من الوطنية الزائفة، فأدرك الناس زيفها فردوها على المجتمع بمزيد من الإحباط واليأس والانتحار والانحراف والإجرام.
اقرأ المقال الرابط: https://eipss-eg.org/?p=46895
الرابط البديل: https://tinyurl.com/y8pyfbaz
لم تحرز إسرائيل انتصارا كبيرا يستحق هذا الصخب والاحتفالات في حزمة التطبيع العربية الجديدة الموقَّعة معها، مع الإمارات والبحرين والسودان، تماما كما لم تحرز انتصارا في الحزمة القديمة إبان توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، واتفاقية وادي عربة مع الأردن، وذلك لأنها في الحزمة الجديدة فقط أخرجت العلاقة الخبيثة من الظلام إلى العلن، وهى لم تطبِّع أبدا مع الشعوب العربية ولم تحترم إرادتها قط، ولكنها طبَّعت مع نظم حكم يعلم القاصي والداني أنها خاضعة كليا أو في أحسن الظروف جزئيا لقوى الخارج لا سيما الولايات المتحدة التي هي حليف إسرائيل الكبير، وبالتالي فان النجاح هنا سيكون مشكوكا فيه.
كما أنها بإشهارها حزمة المطبعين الجدد تلك، أراحتنا وأراحت كافة الوطنيين من مهمة البحث والبرهنة والتدليل على العلاقات الخبيثة التي تجمع تلك النظم بالكيان الصهيوني، وقطعت خطط التخبئة والخداع التي كانت تمكِّن هذه النظم من بث سمومها في كل أعمالنا الجمعية العربية الوطنية على قلتها، حيث صارت الصورة الآن أكثر وضوحا.
ورغم العار الذي يلاحق من سِلك هذا المسلك إلا أن التجارب السابقة أثبتت لنازعي رداء الوطنية والولاء الجدد أن من سبقوهم لارتكاب هذه الفعلة القبيحة لم ينعموا بـ “الجزرة” أبدا وأن إسرائيل هي التي تقطفها دائما لنفسها، فما خلت مصر والأردن من الهموم الاقتصادية ولا صارت القاهرة ولا عمّان فيينا الشرق، بل انتقلوا جميعا من طور الندّية إلى الأتباع.
أدوار واحدة
ـدول الخليج المهرولة للتطبيع هي في الواقع تمارس هذا الدور منذ عقود، وخطواتها الخارجية تتوافق تماما مع المصالح الإسرائيلية، فهي تعادي من يعادي إسرائيل، كالتيار الإسلامي “حماس والإخوان”، والتيار القومي كـ “صدام حسين والقذافي وعبد الناصر، والتيار الاشتراكي كـ “المنصف المرزوقي” في تونس، والتيارات الاشتراكية في الوطن العربي.
وفي المقابل هي تسالم من يهادن إسرائيل ويساندها ككل الحركات اليمينية المتطرفة في كافة بقاع العالم من الهند لأوروبا لأمريكا.
وبعض هذه النظم ظل لعقود يخدم إسرائيل بما هو أعمق كثيرا من الملفات المعلنة لاتفاق التطبيع المزعوم، لدرجة أن البعض ذهب أن إنشاء تلك الكيانات كان في الأصل من أجل حماية إسرائيل وتفتيت وحدة العالم الإسلامي ضدها، للدرجة التي تجعلك تشك بأنها تدفع ثمن كل رصاصة أطلقها الكيان الصهيوني تجاه أبناء شعبنا في فلسطين أو لبنان أو حتى في سيناء، وتخدّم بكل جد وهمة وبذخ على سياساتها وأهدافها في مصر وليبيا و شرق المتوسط وتونس و البحر الأحمر و اليمن.
والمتأمل للمشهد العربي الآن سيكتشف بسهولة أن الدمار الذي أحدثته الدول التي هرولت تجاه إسرائيل في الوطن العربي أضعاف ما كان يمكن أن تحققه إسرائيل بعشرات النكسات والهزائم له، فقد نقلت المجابهة بين الأقطار العربية وإسرائيل إلي مجابهة بين شعب عربي وأخر، ومجابهة بين فئات داخل الشعب نفسه، وهو ثمن كثير للغاية لن تدفع إسرائيل له مقابل يعادل حجم الخيانة.
خسارة أم مكسب؟
ومن المنطقي أن نعرف أن من يلجأ إلى التطبيع من النظم العربية يكون في حاجة إلى إحداث نهضة اقتصادية وإنعاش اقتصادي، أو يكون الشعب نفسه بحاجة الى هذا الأمر، فيضطر ذليلا إلى التخلص من أعباء الالتزامات الوطنية والأخلاقية التي فرضت عليه كشعب عربي ومسلم تجاه أشقاء آخرين له تعرضوا للنفي والتهجير والإبادة.
لكن المدهش هنا أن من يقودون مسيرة التطبيع الجديدة في الوطن العربي من دول النفط والجاز ليسوا بحاجة الى الحزمات الاقتصادية التي يمكن أن تمنحها لهم إسرائيل، بل على العكس تماما، فهم من سيدفعون للكيان الصهيوني وسيساعدونه في كسر ما تبقى له من عزله، وسيروجون لمنتجات المستوطنات التي “يحظرها” الغرب نفسه، ويندد بالاستيلاء عليها، وسيدعمون قضاياه في المحافل الدولية، رغم أن انتصاره في أي قضية تعني بكل بساطة خسارة فادحة للشعوب العربية.
وبالتالي فان الهدف من تلك الهرولة لإشهار العلاقة الخبيثة مع تل أبيب هو فقط السعي نحو الإنعاش السياسي لنظم فقدت كل المبررات الأخلاقية لوجودها، وصارت تمثل احتلالا محليا لشعوبها.
فلا هي نظم منتخبة، ولا هي حتى نظم “ملكية دستورية”، ولا هي ديمقراطية، ولا هي نظم راشدة، هي فقط نظم عائدة من ظلام القرون الوسطى، فدستورهم إرادة الحاكم، يرتكبون الفظائع والجرائم النكراء دون مسائلة، وينشرون عظام المعارضين، ويتخذون أسرهم سبايا وعبيد، والمصدر الوحيد الذي يستمدون به شرعيتهم لدى الغرب منذ عقود بأنهم يقفون مع غلاتهم ومتطرفيهم في نفس الخندق حربا على العروبة والإسلام.
وفي تقديري أن انكشاف تبني إسرائيل لهذه النظم سيضرها على المدى القريب أكثر مما يفيدها، حيث يوضح صورتها الحقيقية للعالم ككيان عنصري فاشي، لا يلتحم إلا مع النظم الفاشية التي تضاهيه، وهى الصورة التي عكفت لعقود على نفيها وسعت لتزييفها غشا وخداعا.
وعلى المدى البعيد ستضطر إسرائيل لوقف عملية تلويث سمعتها التي بذلت الكثير منذ نشأتها على ترسيخها في “الميديا” الغربية خداعا وتضليلا وكذبا، وستتخلص من هذا الحمل الثقيل بعد أن بهت بريقه وجف ضرعه، وأصبحت مثالبه أكثر من مزاياه.
اقرأ المقال هنا في المعهد المصري للدراساتالرابط:
الرابط البديل: https://tinyurl.com/y9j9taft
نشر في المرة الاولى على موقع عربي 21
مع ظهور وباء الكورونا بداية عام 2020، راح الكثيرون يرددون أن هناك لغزا في رقم عشرين، وأن كل عام يوافق الرقم عشرين من كل قرن يتفشى فيه وباء قاتل يفتك بمئات الآلاف من البشر، فما بالك لو كان الرقم يحتوي على ذات الرقم مرتين هذا العام!
أصحاب هذه الرؤية دللوا على ذلك بأنه في عام 1720 ضرب الطاعون مدنا أوروبية وخاصة في فرنسا مخلفا 100 ألف قتيل، وفي 1820 ضربت الكوليرا دول شرق آسيا وخاصة إندونيسيا والفلبين وقتلت ما يقرب من 100 ألف آخرين، وفي 1920 ضربت الإنفلونزا الإسبانية العالم أجمع وخاصة إسبانيا وأوربا، فخلفت هذه المرة ما يقرب من 100 مليون قتيل.
وزاد هؤلاء المندهشون بقولهم أن كل اعوام الرقم 20 في التاريخ الأقدم كانت كلها تحمل دلالات غامضة، فأعوام 1420 و1320 و1220 و820 و720 و620 و520 وما قبلها، كانت جميعا – بحسب موسوعة “ويكيبيديا – أعواما كبيسة، وبالقطع نعرف أن العوام يربطون بين الأعوام الكبيسة والنحس.
وأهلكت الأوبئة عبر التاريخ العديد من القوى العظمى؛ فقد ساهم الطاعون في تدهور اليونان القديمة، ولعبت الملاريا التي تفشت في جنوب أوروبا في القرن الخامس دوراً كبيرا في انحدار روما القديمة، وكان الناجون يعانون من نوبات حمى منتظمة لبقية حياتهم ما جعلهم غير قادرين على العمل بجد ما ساهم في تدهور الزراعة.
وفي بريطانيا أنهى الجدري عهد أسرة ستيوارت؛ ذات الأصول الأسكتلندية، حيث حكمت بريطانيا حتى عام 1714، كما دمر جيش نابليون في روسيا بسبب أوبئة “الحمى النمشية”، وهو مرض معد بسبب بكتيريا الكساح، و”الزحار” أو التهاب الأمعاء.
حقب التاريخ تتكرر
وللمتأمل في التاريخ سيكتشف بسهولة أن حقب التاريخ نفسها تتكرر أيضا، حيث يبدأ كل قرن بموجة من تفشي العدوانية يقوم بها القوي على الضعيف، ويستمر التوتر والخراب والاضطرابات الداخلية والخارجية في بداية كل قرن، ثم تحدث عملية استقرار نسبي ثم عملية تنمية ثم عملية انهيار جديدة.
بل إن الأحداث نفسها تتكرر أو تتشابه، تماما كما وصف الفيلسوف الإيطالي نيكولا مكيافيللي مراحل نمو الدول وانهيارها بقوله: “عندما وصلت الدول إلى أعلى درجات كمالها، سرعان ما بدأت بالانهيار. بنفس الطريقة، بعد أن قلصتها الفوضى وغرقت في حالتها المتناهية من الانحطاط، عاجزةً عن الانحدار أدنى من ذلك، تصعد مجدداً من رحم الحاجة، وهكذا، تنحدر تدريجياً من الخير إلى الشر وترتقي من الشر إلى الخير”.
فمثلا شهدت بدايات القرن السابع عشر انتصار الصفويين على الدولة العثمانية، وحرب الثلاثين عاما في أوروبا والشهيرة بـ”الثورة البوهيمية”، والحرب العثمانية البولندية.
وشهدت بدايات القرن الثامن عشر العديد من الثورات منها الثورة الفرنسية والأمريكية، واندلاع حرب الشمال العظمى بين روسيا والدنمارك، والنرويج ضد السويد، وحرب إنجلتر ضد فرنسا المعروفة بحرب “الخلافة الإسبانية”.
وشهدت بدايات القرن التاسع عشر ثورة العبيد في هايتي وانتقلت تلك الثورة الى الكثير من بقاع العالم الاستعماري، كما شهدت أتون الحملة الفرنسية على مصر وحملة فريزر على مصر، وتوغل الاستعمار البريطاني في العديد من بقاع الأرض، وصعود محمد علي وخوضه العديد من الحروب ضد الدولة العثمانية مدعوما من فرنسا.
وفي بدايات القرن العشرين حدثت الحرب الأولى التي غيّرت شكل العالم، واستبدلت الإمبراطوريات الروسية والألمانية والنمساوية والمجرية والعثمانية بإمبراطوريات جديدة.
وشهدت بدايات القرن الحادي والعشرين عمليات الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق، والعديد من الثورات في البلدان العربية.
لعبة التشابه
وإذا كانت للأرقام دلالات واسعة في التاريخ حملت البعض على اعتناق مفهوم التكرار التاريخي أو “العَود الأبدي” الذي كُتب عنه بصيغ مختلفة منذ القدم، ووضحت الملاحظة على المجتمع على يد المؤرخ اليوناني قبل الميلاد بوليبيوس، ونظَّر لها في القرن التاسع عشر كل من الشاعر الألماني مؤلف نشيد النازي الوطني، هاينرش هاينه، والفيلسوف الملحد فريدريك نيتشه، فإن المدهش حقا أن تتكرر نفس الأحداث أيضا في أزمنة أخرى ومع أشخاص آخرين، وكأن الحياة عملية ديناميكية متى توافرت لها أسباب معينة أنتجت نتائج معينة، فمثلا الأسباب التي أدت إلى الثورة البلشفية بداية القرن العشرين هي نفسها الأسباب التي أدت إلى انكسار تلك الثورة وزوال الاتحاد السوفييتي في نهاية ذلك القرن.
والتآمر الغربي وأتباعه العرب على الدولة العثمانية بداية القرن العشرين يشبه لحد كبير التآمر على الدولة التركية الأردوغانية في القرن الحادي والعشرين، من نفس الجهات والعناصر.
نعم التاريخ يتكرر ولا داعي للإطالة في سرد الأمثلة، ولكن ينبغي التنبيه على أن دراسته بصورته الحقيقية هي في الواقع دراسة متعمقة في المستقبل.
سيد أمين يكتب: ما بين تفجيرات مقديشو.. وحصار طرابلس
نشر المرة الاولى في عربي 21
الإثنين، 06 يناير 2020 12:00 ص بتوقيت غرينتش
حينما نبحث عن العقول المدبرة للتفجير الإرهابي الذي حدث عند نقطة تفتيش مزدحمة في العاصمة الصومالية مقديشو السبت قبل الماضي، والذي أودى بحياة 150 قتيلا ونحو 90 من الجرحى، لا بد أن نفتش في المعطيات السليمة بغية الوصول إلى النتائج السليمة، ونأخذ في الاعتبار كثرة الطامعين في الحصول على موطئ قدم على السواحل الغربية للقرن الأفريقي وباب المندب، التي تقع عليها دولة الصومال، وتمثل موقعا استراتيجيا متميزا، فيما تطمح السعودية والإمارات لتنصيب حكومة موالية لها على سواحله الشرقية في اليمن.
الصراع التركي الإماراتي
ولكي نضع النقاط فوق الحروف، لا بد أن نعرج على العلاقات الصومالية الإماراتية، حيث سعت دولة الإمارات العربية لإقامة علاقات متميزة مع دولة الصومال، حيث وقعتا مذكرة تعاون ثنائي بين البلدين أواخر عام 2013، تلا ذلك توقيع البلدان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري عام 2014، إلا أن العلاقات ساءت عام 2018 إثر قيام حكومة الصومال بإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في أراضيها، وإلغاء اتفاقية شراكة بين شركة موانئ دبي والحكومة الإثيوبية لتشغيل ميناء بربرة، مع مصادرة عشرة ملايين دولار في حقيبتين وصلتا على متن طائرة إماراتية خاصة إلى مطار مقديشو، وتعتقد الحكومة الصومالية أنهما كانتا في طريقهما لدعم حركة التمرد (وهي التي تقودها حركة الشباب المجاهدين التي أطاحت بحكم الديكتاتور سياد بري عام 1990 واستولت على الحكم، إلا أنها تناثرت وتقلص نفوذها عام2007 ). هنا ردت الإمارات بإغلاق “مستشفى الشيخ زايد” في العاصمة الصومالية، وعزت ذلك إلى “نقص التمويل”، فيما شن إعلامها حربا دعائية ضد حكومة الصومال.
ويمكننا ببساطة أن نعزو هذا التوتر في العلاقات الصومالية الإماراتية إلى الغضب من تنامي العلاقات الصومالية التركية في المجالات كافة بشكل كبير، عقب إعادة أنقرة عام 2011 فتح سفارتها التي أغلقتها في مقديشو عام 1991، وهي العلاقات التي توجت أواخر عام 2017 بإنشاء أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج؛ تركز على بناء قوات عسكرية صومالية محترفة، وتضم ثلاث مدارس عسكرية بجانب منشآت أخرى.
الصراع حول ليبيا
ولذلك، فحينما نحاول فهم المتورطين في الحادث الإرهابي، لا بد أن نضع تلك المعطيات في الاعتبار خاصة في ذلك التوقيت، حيث تلتهب في أقصى الشمال على ساحل البحر المتوسط جبهة الصراع بين تركيا والحكومة الشرعية الليبية من جانب، والجنرال الأمريكي المتمرد خليفة حفتر وقواته المدعومة من الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل واليونان من جانب آخر، وتتزايد دقات طبول الحرب بين الجانبين يوما بعد يوم.
وبالطبع، سيسعى كل جانب لاستخدام أقصى إمكانياته من أجل إضعاف قدرات الطرف الآخر في لعبة “عض الأصابع” من أجل إشغاله في توترات مناطق نفوذه حول العالم، لدرجة جعلت بعض المحللين السياسيين يعتقدون أن تزايد الهجمات الروسية على مدينة إدلب السورية هذه الأيام، هو أيضا محاولة لتصدير أزمة لاجئين جدد لتركيا، لشغلها عن المسار الليبي الذي تشارك روسيا بقوات غير رسمية لدعم التمرد هناك.
يدعم ذلك التصور أن جماعة الشباب التي أزيحت بالقوة سابقا، والتي كانت دوما تسارع بشيء من الزهو لإعلان مسؤوليتها عن أي عملية تنفذها لتبثت قدرتها على التأثير وامتلاكها زمام المبادرة العسكرية، تأخرت هذه المرة لإعلان مسؤوليتها عن الانفجار قرابة أربعة أيام كاملة، بخلاف مواقفها في التفجيرات الإرهابية السابقة.
المهندسون الأتراك
وهناك نقطة أخرى يجب عدم إغفالها أبدا، وهي أن السيارة المفخخة التي استهدفت نقطة التفتيش، كانت على ما يبدو تستهدف مجموعة مهندسين أتراك يعملون في تشييد طريق من نقطة التفتيش إلى المدينة، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم، وهو ما جعل الخبراء الأمنيين الصوماليين والأتراك، يؤكدون أن المستهدف من التفجير، هم أصلا المهندسون الأتراك، وذلك لتوصيل رسالة لأنقرة بأن مصالحها في الخارج تحت مرمى النيران، وهي الرسالة التي تؤكد أيضا أن المتضرر من التقارب التركي الصومالي هو صاحب المصلحة الأولى من التفجير، فضلا عن أن استهداف المهندسين الأتراك هو في الواقع استهداف لأحد أقوى الأدوات التي تسخرها تركيا من أجل التقارب مع شعوب العالم، حيث ينفذ هؤلاء المهندسون (مثلهم مثل جميع الكوادر التي تقدمها تركيا لحلفائها) أعمالا تحظى باهتمام شعبي وتلامس حاجات الناس.
المخابرات الصومالية وضعت يدها على المنفذين للهجوم دون أن تفصح عنهم، ولعل المعطيات السابقة التي سردنا قد أوصلتنا إلى المجرم الحقيقي الذي ربما تقصده المخابرات الصومالية.
ويشير الهجوم إلى أن أعداء تركيا في الخارج لا يتورعون عن قتل الأبرياء من أجل توصيل رسالة بائسة وغبية ومخضبة بالدم.
………………………………………
سيد أمين يكتب: سليماني.. مغزى الاغتيال والانتقام
نشر المقال للمرة الاولى في عربي 21
يأتي اغتيال الجنرال في الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، عقب وصوله إلى العراق، برفقة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس وعدد من الجنرالات الآخرين كتغير دراماتيكي مفاجئ في السياسات التي انتهجتها الولايات المتحدة تجاه منافسي وجودها في الشرق أو الشرق الأوسط، من قبيل القوى الصاعدة كتركيا وإيران أو حتى باكستان.
فقواعد الصراع التي اعتمدتها أمريكا منذ عقود كانت ترتكز على إثارة الضغائن بين تلك القوى الجديدة وإذكاء الصراع بينها، وتقريب إحداها على حساب الأخرى، لتحصل أمريكا مقابل ذلك على امتيازات أو مكاسب مادية أو صفقات بترولية وغيرها، مع احتفاظها بقنوات تواصل سرية مفتوحة مع الجميع. هذا إلى جانب اتباع سياسة “حافة الهاوية” ضد التطلعات العسكرية لتلك الدول. ولعل مواقف واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني أو صفقة الصواريخ الروسية لتركيا والضجة التي أثيرت حول القس الأمريكي أندرو برونسون الذي اعتقلته أنقرة بتهمة التجسس وأفرجت عنه بعد حبس عامين، كانت خير مثال لتك السياسة.
وكان الخطر الأكبر الذي تخشاه واشنطن دوما هو توحد تلك القوى أو توحد السنة والشيعة في المنطقة.
وعبر المليشيات التي مولها المال السعودي والإماراتي، نجحت أمريكا في تحويل سوريا إلى منطقة صدام مذهبية ثابتة بين المذهبين تحول دون وحدتهما، ما أبقى النزاع دائم الاشتعال والتأجج وأضعف قدرتهما على مقاومة العدو المشترك، إسرائيل.
وللأسف سقطت إيران بعمق في هذا الفخ خوفا من افتقاد مجالها التأثيري الطبيعي في سوريا والعراق، وفقدان خط التواصل الجغرافي الرابط بينها وبين حزب الله في لبنان، خاصة بعدما رضيت بمهادنة الاحتلال الأمريكي في العراق وتقاسمت سلطته معه، ظنا منها أنها ستزيح (عبر شعبيتها ونفوذها المذهبي الإقليمي) النفوذ الأمريكي في نهاية المطاف.
اكتشاف الفخ
استمرت الاستراتيجية الأمريكية تؤتي أكلها حتى تنبهت الدول المشاركة في قمة كوالالمبور بماليزيا للأمر، ورأت أن الانقسام بين محوري المقاومة الإسلامية هو ما شجع أعداء المسلمين في العالم أجمع على التجرؤ عليهم، فعقدوا قمتهم في نهاية العام 2019المنصرم. وأكد القادة المشاركون على سياسة التوحد ونبذ الشقاق بين المسلمين، والقفز على هذا الانشقاق والعمل على إعادة اللحمة بين المسلمين، والعمل كفريق واحد كان من أبرز مظاهره حضور دولة إيران للقمة. هنا جوبهت القمة بحملة إعلامية إسرائيلية وأمريكية وخليجية محرضة، ما مثّل انكشافا للشرك وبدء سياسة اللعب على المكشوف بين تلك القوى ودول المحور الصهيوني، أو ذلك المحور الذي يتبنى الشرق أوسطية وصفقة القرن و”تزعيم” إسرائيل على الوطن العربي.
ومن مؤشرات التقارب السني الشيعي البارزة تعاطي إيران مع مقترحات إعادة اللحمة؛ التي كان أبرزها صمتها عن عملية نبع السلام التركية في سوريا، وما رددته صحف روسية بأن هناك توافقا إيرانيا روسيا بأن سوريا الجديدة لن يكون فيها بشار الأسد حاكما.
تغير الصراع
إزاء هذه التطورات غيّرت أمريكا وحلفاؤها في إسرائيل والخليج أوراق اللعبة، وراحت تفتعل معركة مباشرة باستهداف أبرز الشخصيات العسكرية لأحد جناحي هذا التحالف الجديد، لتجني من وراء الحدث عدة مكاسب، أهمها ضرب الأمثال على القدرة العسكرية والاستخبارية لهذا الجناح، أيضا للجناح الآخر، وخطب ود بعض دول الخليج التي كادت أن تفقد الأمل في قدرة أمريكا على مجابهة إيران رغم الأموال الضخمة التي تجبيها منها، فضلا عن اختبار إصرار القوى الأخرى على السير في طريق الوحدة الإسلامية أو كسر هذا التحالف، والعودة لمربع إذكاء الصراع السني الشيعي، وإذا لم تقم بهذا الدور فإنها ستكون حينئذ محط العمليات الانتقامية القادمة، خاصة بعدما رأت هذه الدول بنفسها أنه لا عزيز عند أمريكا وقت الشدة.
وفي المقابل، وإزاء هذا الانكشاف المبكر للمؤامرة الأمريكية التي أرادت بها أمريكا تغيير آليات الصدام البارد إلى الصدام الساخن والحاسم لصالح أمريكا كقوة عالمية، كان الرد الإيراني العنيف سيعطي أمريكا ضالتها، لذا ارتأت إيران ضرورة أن يكون الرد كبيرا في مدلولاته، صغيرا في أضراره لا سيما البشرية، ولذا جاء قصف القواعد الأمريكية في العراق باهتا، ما حرم أمريكا من مبررات الرد الحاسم وأجبرها على العودة للحرب الباردة.
لعل القيادة الإيرانية ارتأت أن الانتصار الحقيقي لدم سليماني يتركز في عملية استنزاف عسكري بطيء وطويل الأمد، تجبر |أمريكا في نهاية المطاف على سحب قواعدها العسكرية من العراق وسوريا.
ارتباك
احتفال ثوار سوريا بمقتل قاسم سليماني وهم من تيار المقاومة “السنية”، وتنديد فصائل المقاومة الفلسطينية “السنية” أيضا بمقتله، يعكس بشكل جلي الارتباك الكبير الذي تشعر به فصائل المقاومة السنية العربية، ليس تجاه “سليماني” فقط، بل تجاه إيران نفسها، وهو الارتباك الذي تسبب فيه المشهد السوري، والذي انتقل فيه الدور الإيراني من دور الضحية المقاوم لدى عموم العرب والمسلمين إلى دور الجلاد الطائفي الظالم، وذلك تحديدا هو صلب الفخ الذي جنت إيران ثماره الآن، وليس من المستبعد أن يتكرر السيناريو في المحاور الاستراتيجية لكافة القوى الإسلامية الأخرى، وهو ما يوجب على الجميع التخلي عن بعض المكاسب الخاصة من أجل نجاح الوحدة الإسلامية الناشئة وتخفيف.
ليتنا ندرك قبل فوات الأوان.
………………………………………
سيد أمين يكتب: يناير هذه المرة مختلفا
عوامل عديدة تجعل من ذكرى ثورة يناير هذا العام ليست كسابقاتها ، وهي العوامل التي أدركتها السلطة أيضا فانعكست بحالة التشديد الأمني التي بلغت ذروتها ، متمثلة في تفشى الكمائن في كل الشوارع ، وتفتيش هواتف المارة لا سيما الشباب منهم ، والتكثيف الاعلامي المنصب ليل نهار على قنوات المعارضة في الخارج لا سيما الشرق ومكملين ووطن ، وانهمار الشائعات المختلقة وما فيها من تشنيع على بعض الشخصيات المؤثرة في الحالة الثورية ، لا سيما الفنان والمقاول محمد علي الذي دعا لتظاهرات ذكرى الثورة هذا العام ، وكثير من الاعلاميين خاصة معتز مطر ومحمد ناصر.
وتبقى من أهم العوامل التي تجعل تلك المرة مختلفة، أنها جاءت بعد أشهر قليلة من تظاهرات 20 سبتمبر 2019، وهى التظاهرات التي دلت بشكل واضح على أن هناك قطاعات من الجيش والشرطة متضامنة مع أي حراك في الشارع.
وبما أن من دعا لتلك التظاهرات هو ذاته من دعا لتظاهرات ذكرى الثورة فإن احتمالات تحقق نفس النتيجة وارد جدا ما قد يشجع الناس للنزول.
وفاة الشرعية
ومن أهم العوامل التي من المتوقع أن تساهم في دعم الحراك هي حالة الوحدة التي تحققت لدي جميع معارضي النظام، كاسرة حاجز الانقسام الذي قام بتصنيعه وتغذيته طوال السنوات الماضية عملا بسياسة “فرق تسد”، وضمن له الاستمرار في الحكم.
وكان استشهاد الرئيس الدكتور محمد مرسي في محبسه، أحد أهم عوامل توحيد الصف الثوري، على عكس ما كان يعتقد النظام، بل إن موقف الغرب الذي ظل داعما للسيسي طيلة تلك الفترة سرا وعلنا خيفة أن يعود مرسي والإخوان لحكم مصر من الممكن أن يكون قد تغير هذه المرة لا سيما بعد إعلان الأخوان بأن شرعية الرئيس سقطت باستشهاده، والثورة الآن في يد الشعب.
وهي الواقعة ربما ذاتها السبب الذي يجعل مواقف قيادات في الجيش والشرطة والجهات الأمنية الفاعلة قد تغير.
موجة الربيع العربي
ولعل المآسي التي عاشها العرب في ظل جرائم الثورة المضادة في حق الربيع العربي في موجته الأولى سواء في مصر أو اليمن أو سوريا أو حتى ليبيا والسودان، ونجاح اعلام الثورة في نقله للإعلام الخارجي ساهم في تغير مواقف الحكومات الغربية بعدما تم فضحها أمام شعوبها بأنها تدعم النظم الديكتاتورية سرا وتدينها او تتجنبها علنا، وهو التغير الذي لم يكن واضحا من قبل كما هو الأن، ومانشتات الصحف والفضائيات الغربية تشهد بذلك.
ثم جاءت الموجة الثانية من الربيع العربي في العراق ولبنان، وتسارع النظم الغربية لدعمها بشكل قد يجعل البعض يشكك في ضلوعهم في تفجيرها، جعل البعض يتساءل: ألم يكن في مصر ثورة كما هي الآن في العراق، فلم سارعت هنا في دعم الثورة، وسارعت هناك في دعم الثورة المضادة؟
كما أن هناك حالة انكشاف واضحة التصقت بالنظام لا سيما في تعاملاته الخارجية، حيث إن ما يعتبره رأس النظام “جونا”، كشف في حقيقته أن هناك تنازلا لا يقل عن “تيران وصنافير” قد حدث في البحر المتوسط، وبدلا من أننا كنا نصدر الغاز لإسرائيل بربع سعره الحقيقي – وهو عمل مكروه ومقيت وطنيا – صرنا نحن من نستورد الغاز منها بأضعاف سعره، حيث جرى تبديل مثير في المواضع، وصارت اسرائيل موجودة في كل مطبخ مصري
الظروف الداخلية
وتبقى من عوامل تنامي الآمال بنجاح الحراك هذه المرة انهيار الحالة الاقتصادية لعشرات الملايين من المصريين بصورة غير مسبوقة من قبل، وتزايد وسائل الجباية ونهب الأموال، وتفشي الأوبئة والأمراض، والانفلات الامني، واستمرار سياسة الاستدانة، والتفريط في تراب الوطن … ألخ، وهي العوامل – لا سيما الاقتصادي منها – التي يثق غالبية الناس في أنها ستؤدي حتما في نهاية المطاف لواحد من اثنين، إما ثورة عارمة قد تأتي بعد فوات الأوان وانعدام إمكانية الإصلاح، أو خراب غير مسبوق سيقضي على حاضر مصر ومستقبلها.
كما أن وجود عشرات الآلاف من المعتقلين في السجون قد أفاد النظام في السنوات الماضية بوصفهم رهائن يتم استخدامهم للضغط على ذويهم ليقبلوا بالاستكانة، إلا أنه يمكن هذا العام أن يؤدي نتيجة عكسية حيث طالت فترة الاعتقال دون بوادر أمل مع تنامي حالات الوفاة في المعتقلات بالإهمال الطبي واقتناع العديدين بأنهم لن يخرجوا إلا موتى.
لكل هذه الأسباب انتعشت آمال المصريين بنجاح حراك هذه المرة.
اقرأ المقال هنا كاملا بعد تخطي الحجب على الجزيرة مباشر
………………………………………
سيد أمين يكتب: قصة خليفة حفتر!
مسألة وجود جيش ليبي – بالصورة المعروفة للجيوش – قبل عام 2011، هى في حد ذاتها مسألة محل غموض وجدل ، خاصة مع تطبيق القذافي النظرية التي ابتدعها “الشعب المسلح”
لا ننكر أن هناك قسطا كبيرا من الناس لا يعير لمسألة العدالة أو الديمقراطية أو الخير والشر بالا، ويسخر من مصطلحات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وغيرها، ويتركز كل اهتمامه على مسألة الاستقرار حتى لو كان استقرارا سلبيا مات فيه الجميع.
فانحيازات هذا الصنف دائما مبنية على موقف الدولة، وهي المحصورة لديه فقط في مظاهر سلطتها وسطوتها وحتى استبدادها، وأهم أدواتها بالطبع قواتها المسلحة.
لهذا لا عجب في أن تجد بعض الناس يدافعون عن ديكتاتور عسكري لم يصل حتى لامتلاك سلطة حقيقية مثل الجنرال الليبي خليفة حفتر في مواجهة سلطة مدنية منتخبة ممثلة شرعية للدولة ومعترف بها دوليا، وهي المميزات التي في الغالب يعتبرونها عيوبا مقابل ما يمتلكه حفتر من عيوب يعتبرونها مزايا، كعدم احترامه لحرية الناس وحقهم في الاختيار.
فحفتر والنظام الذي اقامه في مدينة “بنغازي” برعاية رعاة الثورات المضادة في الوطن العربي، لعب كثيرا على طريقة تفكير هؤلاء “الدولجية”، حينما سمى الجيش الذي أسسه باسم “الجيش الوطني الليبي” فدغدغ خيالات هؤلاء بأنه مناضل وطني قاد الجيش الليبي “الوطني” ليقهر عناصر”المليشيات الإرهابية” الذين انقضوا على الدولة، وتناغما مع ذلك كثيرا ما أطلق اعلامه عليهم لفظ “الجرذان” الذي كان يطلقه معمر القذافي عليهم في 2011، محاولا بذلك توثيق نفسه أمامهم بأنه الوريث الشرعي لدولة القذافي.
ولعل قيام مكونات دينية متطرفة كالجامية المدخلية في ليبيا، والمعروفة بتبني النهج “الدولجي”، بالانحياز لحفتر ومليشياته يعني أن تلك السياسة لاقت ارتياحا لدى البعض، للدرجة التي جعلت أنصار القذافي نفسه في “سرت” يتجاوبون معها ويرحبون باستيلاء قواته على مدينتهم عوضا عن قوات حكومة الوفاق الشرعية.
لكن سرعان ما خرجت قيادات القبيلة التي ينتمي اليها القذافي واعلنت عدم انحيازها لأي من أطراف النزاع وأنها غير طامحة في الحكم ولا تسعى له، وقد نالت كفايتها منه.
كشف الأباطيل
بالطبع تلك الدعايات السمجة لا يمكن أن تنطلي ألا على قليل الخبرة السياسية وعديم المعرفة بتاريخ الدولة الليبية ومسيرة القذافي وأحداث الواقع.
فلو تعاملنا بمنطق وراثة حكم القذافي، وهو منطق باطل ومذموم، فالجنرال المتقاعد خليفة حفتر لا يصلح وريثا للقذافي بينما ابنه سيف الاسلام القذافي نفسه حي يرزق، وابن عمومته قذاف الدم على قيد الحياة.
كما أن مسألة وجود جيش ليبي – بالصورة المعروفة للجيوش – قبل عام 2011، هى في حد ذاتها مسألة محل غموض وجدل، خاصة مع تطبيق القذافي النظرية التي ابتدعها “الشعب المسلح” وهى التي تعني ببساطة أن جميع فئات الشعب هى ذاتها قوات الجيش، وقد تعني بشكل أخر عدم وجود جيش نظامي للبلاد أصلا، وتقوم النظرية على أنّ جميع فئات الشعب ينبغي لها التدرب على السلاح سنويا، في حين أن الجيش الذي يقوده حفتر أسس بعد سقوط القذافي عام 2011.
وها هى الشهادات تتوالى لتثبت أن جيش خليفة حفتر “الوطني” ما هو إلا مجموعات من المرتزقة تم استئجارهم من قبائل الجنجاويد بالسودان وتشاد ومصر والأردن وسوريا وشركات أمنية أوكرانية وروسية، لدرجة جعلت المسماري المتحدث باسم جيش حفتر يقر بوجود العسكريين الروس كما أقر بوجودهم الرئيس الروسي نفسه، ونجد أن الممول الرئيسي المشتبه به في تمويل تأجير هؤلاء المرتزقة السعودية والإمارات، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان اختصهما القذافي بالعداء سواء قبل الثورة أو أثنائها ، وألقى عدة خطابات موجهة لقادتهما تطالبهم بعدم تأجير “الجرذان” وعدم التأمر على ليبيا.
كما أن فرنسا الداعمة الكبيرة لحفتر هي ذاتها أبرز الجهات التي دعمت الإطاحة بالقذافي.
حياة متمردة
حياة خليفة حفتر الذي يقترب من الثمانين “مواليد 1943” مليئة بقصص التمرد ، فبعدما ساهم في انقلاب 1969 في ليبيا والذي يعرف باسم ثورة الفاتح من سبتمبر التي أوصلت القذافي للحكم ، أرسله القذافي عام 1987 للمشاركة في الحرب ضد دولة تشاد المدعومة “فرنسيا” لكنه وقع في الأسر ومعه700 من قواته واتهمته تشاد باستخدام غاز الخردل المحرم دوليا ، فاستدار على من أرسله، وقام هناك بدعم خارجي بتشكيل تنظيم عسكري بهدف الإطاحة بالقذافي لكن الأمر افتضح لدى القذافي فاصدر عليه أحكاما بالإعدام، ما جعله يعقد صفقة “تجنيده” مع الأمريكان لكي تُطلق تشاد سراحه ، ويؤسس الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا التي انبثق عنها “الجيش الوطني الليبي” بدعم أمريكي كامل في كينيا، وفي عام 1990 يسافر إلي فرجينيا ليقضي فيها أكثر من عقدين من الزمان ويحصل على الجنسية الامريكية، ولما حدثت الثورة الليبية هنا ارسلت أمريكا “مجندها الثمين” ليساهم في إسقاط القذافي على أمل أن تنصبه حاكما على هذه الدولة الثرية، إلا أن يقظة الثوار حالت دون حدوث ذلك حتى تلك اللحظة.
الغريب أنه حينما تم أسر حفتر في تشاد كانت رتبته عقيد، ولا يعرف للآن من منحه رتبة المشير تلك التي يحملها.
قصة تمرد
للجنرال العجوز قصص أخرى أكثر غرابة وتشويقا، منها اتهامه من قبل المتحدث السابق باسم “جيشه” محمد الحجازي بالاستعانة بـ “السحر” واستجلاب سحرة من النيجر وتشاد بهدف إخضاع المحيطين به.
وروى المتحدث العسكري السابق قصة على هذا المنوال، مشيرا إلى أن المحيطين بحفتر أتوا له بساحر دفعوا له نصف مليون جنيه ليبي ، ليصنع له خاتما يضعه في يده، به فص يقولون إن جنيا خادما يقبع داخله، وهو ما يجعل الناس حين يحضر حفتر تهتف وتصفق.
على ما يبدو أن الدولجية يحبون من يخدعهم!
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
………………………………………………..
سيد أمين يكتب: ورحل مبارك.. خبر تمنيناه فلما رحل ترحمنا عليه!
كان من الممكن أن يكون الخبر الذي أعلنه التلفزيون المصري اليوم حول وفاة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كفيلا وحده بأن يهز مصر من شمالها إلى جنوبها فرحا في الغالب أو حزنا أحيانا، بل وأن يكون الخبر في حد ذاته ثورة قبل الثورة، وأن يتصدر كافة وسائل الاعلام العالمية بلا استثناء، لو كان حدث ذلك قبل عشر سنوات من الآن.
وقتها كان سيعتبر الناس ذلك تغييرا ربانيا – حتى لو كان شكليا – في حكم وصل لمرحلة قصوى من الاستقرار والثبات والتجذر، لدرجة أدرك معها خصومه أنه لا يمكن اسقاطه بفعل عمل شعبي.
وربما فتح هذا الحدث أفاق الأمل لدى الحالمين لخلق مسار ديمقراطي كامل وتداول للسلطة بعدما تاقت نفوس الناس آنداك لأن يسمعوا لـ “ملهم” غيره يقضي على الفساد والمحسوبية والرشوة ويعطي اعتبارا لدولة القانون، كما يحدث في كثير من بلدان العالم المبتلاة بـ “داء الديمقراطية”.
خبر باهت
لكن فيما يبدو أن الله لم يرد للمصريين السعادة، فقد جاء خبر وفاة الرجل وقد صار أكثر الناقمين عليه آنداك مترحمون على أيامه، وأصبحنا نوازن بين الشر الذي تمنينا زواله والأشر الذي وقعنا فيه، والضر الذي كان والأضر الذي أمسى جاثما على صدورنا، وأصبح حال أكثر من يطلق عليهم الأغلبية الصامتة يردد المثل “ما اسخم من ستي إلا سيدي”.
وقد تلقى المصريون الخبر بشيء من الفتور، تماما كما يتلقى أحدهم خبر وفاة شخص يعرفه بشكل سطحي في العمارة أو الشارع الذي يقطن فيها، وقد ساهم في صناعة هذا الفتور تكرار الأخبار التي تداولتها المواقع طيلة السنوات الماضية عن وفاته أو وفاة السيدة زوجته ثم يثبت كذبها.
وكذلك حالة الانشغال التي يعيشها المصريون جراء همومهم الداخلية وغلاء المعيشة لم يترك لهم مجالا للتفكير كثيرا في هذا الحدث الذي لا يغني أو يسمن.
وفي الواقع كان هناك فقر ولكن لم يكن هناك جوع كما هو الآن، ووجد فساد ولكن كان يوجد تكيف شعبي معه، وكان هناك ظلم ولكن كان معه شيء من ردع بسلطة القانون، وكان للشرطة تغول ولكن كان هناك ما يردعها من قوى مجتمع مدني واعلام ونخب وقضاء فضلا عن أنها كانت تقوم بدور في حفظ الامن في الشارع ولم تكن هي مصدر الفزع لدى الناس كما يحدث حاليا.
كانت المؤسسات مترهلة وفاسدة ومع ذلك حاولت أن تحتفظ بالحد الأدنى من مهام وظيفتها، ولم تهدرها وتقوم بعكسها كما يحدث الان.
لجأت السلطة آنداك لتغليف مواقفها وإجراءاتها بمبررات تبدو منطقية بدلا من تلك السلطة التي تقوم بتصنيع الخطأ من أجل تبرير الخطيئة التي ستقوم بها.
كانت سلطة مبارك تحاول الظهور بمظهر الديمقراطية بينما تجتهد سلطة السيسي في التدليل على قسوة إجراءاتها القمعية وأنها تنفذ ما تريد دون الحاجة للتبرير ودون أي رادع على الإطلاق، حتى صار الجميع يدرك أن ما تريده السلطة تفعله بأقسى الطرق وأكثرها وحشية.
واحد من الناس
كنت واحدا من الناس الذين انشغلوا كثيرا بصحة مبارك ورأيت في أخبار مرضه قبل ثورة يناير نافذة للتغيير، ولما حدثت الثورة وتنحى الرجل اعتبرت أن أعظم احلامي في الحياة تحققت، وأن شمس الحرية أشرقت على مصر، لدرجة أنني في يوم من غير أيام المظاهرات تعمدت أن أصلي صلاة الشكر بميدان التحرير.
وأسست مع زملاء حركة صغيرة طموحة تحت مسمى “الحملة الوطنية لتوثيق جرائم مبارك “، استضافتني بسببها معظم الفضائيات المصرية، وأسهبت في تعديد جرائم مبارك حتى ركزت في أحداث التسعينيات الخاصة بقمع الجماعات الإسلامية وما شابها من جرائم حتى بدأ الإعلام ينصرف عني، وقتها شعرت أن من ارتكب تلك الأحداث كان ما زال حاكما وينوي أن يكررها، وقد كررها بشكل أكثر بشاعة وفجاجة.
وقتها خشيت أن يتم تسخيري دون قصد وتسخير الحركة في تحقيق أهداف خاصة بنزاع بين أقطاب السلطة العسكرية الحاكمة، فأعلنت إلغائها.
ولعل القرار الذي اتخذته السلطة بتشييع مبارك في جنازة عسكرية، بزعم كونه أحد كبار قادة القوات المسلحة في حرب أكتوبر لدليل بين أن النظام الحاكم هو النسخة الأكثر قمعا واستهانة باردة الشعب من نظام ثرنا عليه في يناير 2011،
بينما قام نفس هذا النظام بدفن أول وآخر رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر سرا وفي جنح الظلام ودون تحقيق جدي في ملابسات استشهاده.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
………………………………..
سيد أمين يكتب: كورونا.. هل هو حرب بيولوجية؟
السينما الأمريكية ليست الوحيدة من تنبأت بكورونا، فعملاق مايكروسوفت “بيل غيتس” حذر في حلقة وثائقية بعنوان الوباء القادم” صدرت عام 2019، من مخاطر ظهور فيروس قاتل.
في عام 2011 أنتجت السينما الأمريكية فيلما مدهشا أسمه “المرض المعدي” أو “Contagion” من إخراج ستيف سوديربيرغ، يوثق انتشار مرض معد مصدره “شربة الخفافيش” ، وانطلقت العدوى من وسط مدينة مزدحمة بالسكان لتقتل ملايين البشر في كوكب الارض.
ثم أنتج في عام ٢٠١٤ مسلسلا أمريكيا أسمه السفينة الأخيرة the last ship”” عن رواية صدرت عام 1988 تحمل الاسم نفسه لويليام برينكلي يتحدث عن فيروس دمر العالم، والغريب أنه في يعض المشاهد يتحدث عن أن الوباء انتشر في القاهرة والحكومة المصرية تسترت عليه حتى أصبح خطرا وجوديا عليها”
وهناك أعمال سينمائية أمريكية أخرى تتحدث عن ملامح المشهد العالمي الحالي، مثل فيلم “Outbreak” أو “تفشى الوباء” الذي أنتج عام 1995، ويتحدث عن وباء يدمر الجهاز التنفسي وينتشر بسرعة شديدة في العالم انطلاقا من قرود في “زائير”.
وفيلم “I Am Legend” أو الناجى الوحيد ويتحدث عن حرب بيولوجية نجمت عن تصنيع فيروس معدي ينتقل بالتنفس ويدمر العالم، ومثله أيضا فيلم “الحجر الصحى” “Quarantine” ، وفيلم “Flu” أو “الأنفلونزا القاتلة”.ذلك بخلاف سلسة أفلام الزومبي الأمريكية الشهيرة تتحدث عن نفس الموضوع تقريبا.
كل تلك الأعمال تثير علامات تعجب حول دقة السينما الأمريكية في تجسيد خطر الفيروس، بحقائقه واحتمالاته التي نعيشها الآن، بلغت من التطابق درجة أنها حددت أن مصدر الوباء الخفافيش، وأنه انطلق من مدينة مزدحمة، وأنه يصيب الجهاز التنفسي، وأن القاهرة تتكتم.
تماما مثلما تنبأت تلك السينما بوصول شخص الرئيس الأمريكي بصورته وشخصيته للبيت الأبيض والتي جسدها الفيلم الكرتوني “عائلة سيمبسون” الذي أنتج في عام 2000.
ما يثير علامات استفهام حول ما إذا كان هذا التشابه مجرد صدفة، أم استباق نشر لمعلومات عسكرية أو علمية دقيقة تحصلت عليها، أم إن هناك أشقياء “أشخاصا أو دولا” قاموا بتطبيق هذه الأعمال السينمائية على أرض الواقع كما فعل “أحمد بدير” في فيلم “بطل من ورق”؟
تنبوأت أم معلومات؟
لكن الأمر يزداد دهشة حينما تعرف أن السينما الامريكية ليست الوحيدة من تنبأت بكورونا، فعملاق مايكروسوفت “بيل غيتس” حذر في حلقة وثائقية بعنوان الوباء القادم” صدرت عام 2019، من مخاطر ظهور فيروس قاتل في أسواق الصين، قبل انتقاله بسرعة إلى مختلف بقاع العالم”
فيما قام مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي البريطاني العام الماضي بعمل محاكاة لمواجهة فيروس مشابه يقضي على 85 مليون شخص في أشهر قليلة، وتنقل عن الدكتور إريك تونر العالم بالمركز لاحقا أنه لم يشعر بالصدمة عندما ظهرت أنباء عن انتشار فيروس كورونا.
وسيبلغ التشويق مبلغه حينما تعلم أنه في 2018 صدرت تحذيرات علمية من تعتيم عن خطط عسكرية أمريكية لتحويل الفيروسات إلى “فئة جديدة من الأسلحة البيولوجية” ونشر الفيروسات المعدلة وراثيا بالمحاصيل في إطار برنامج Insect Allies، وهو ما نفته تماما وقتها وكالة (داربا) صاحبة البرنامج مؤكدة أنها تحاول فقط تعديل المحاصيل باستخدام الفيروسات لإحداث تغييرات جينية عليها، بينما نقلت مواقع عن القائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) الأميرال الأمريكي جيمس ستاف أنه حذر في مقال سابق له بمجلة فورين بوليسي من أخطار حرب بيولوجية متوقعة قد تقضي على خمس عدد سكان العالم.
الحرب البيولوجية
تباينت الاتهامات بتصنيع الفيروس بين الدول العظمى ولكنها انحصرت بين أمريكا والصين وإسرائيل، إذ اتهم ضابط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق داني شوهام الذي درس الحرب البيولوجية الصينية، فى حوار له مع صحيفة الواشنطن تايمز الصين بأنها أنتجت الفيروس كورونا فى مختبر بمدينة ووهان الصينية، ضمن برنامج سري للأسلحة البيولوجية.
وعلى غرار اتهام رئيس الحزب الليبرالي الروسي فلاديمير جيرينوفسكي والمعروف بآرائه المتطرفة بشأن وقوف أمريكا وراء الفيروس، اتهم بطل فيلم “Outbreak” الحكومة الأمريكية بالمسؤولية عن إنتاجه.
ولم يستبعد الروسي إيغور نيكولين المسؤول السابق قي البعثة الأممية للأسلحة البيولوجية أن يكون الفيروس جاء نتيجة حرب بيولوجية واختار صانعوه مدينة ووهان التي تقع في قلب الصين ذات الكثافة السكانية لينطلق منها.
أصحاب هذا التوجه يدعمون حجتهم بما تردد عن أن فيروس إنفلونزا الطيور الذي ضرب العالم في عام2010 كان نتاجا لأبحاث بيولوجية أمريكية في مختبرات لها بإندونيسيا.
قارب النجاة
عمليات الإبادة الجماعية ليست مستبعدة في السلوكيات الاستعمارية، بل إن هناك بعض الفلاسفة الغربيين برروا لها وحذروا من أن زيادة أعداد سكان العالم بشكل كبير قد يقضي على فرص ما أسموه السعادة البشرية، واقترحوا نظرية غير أخلاقية بالمرة من أجل ذلك اسموها “قارب النجاة” تقترح التضحية بالحمولة الزائدة من القارب لكي ننقذه من الغرق، وأنصار هذه النظرية الفجة يشجعون أعمال الإبادة الجماعية.
عموما فإن سلوك مسلك الحرب البيولوجية ليس ببعيد في السياسات الخارجية للدول العظمى، فقبيل غزو العراق عام 2003 م خرجت العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية لتؤكد أنهم يجرون أبحاثا من أجل إنتاج مواد بيولوجية تستهدف العراقيين وحدهم، وتلاها مزاعم إعلامية ترددها وسائل التواصل عن وجود مركز أبحاث اسرائيلي بريطاني مشترك لاستخلاص فيروس لقتل العرب.
اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر
…………………………………………..
سيد أمين يكتب: من يقف وراء محاولة اغتيال حمدوك؟
قد يحمل اتهام النظام السوداني السابق بالتورط في محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك شيئا من العمق، لكن الأعمق منه توجيه أصابع الاتهام إلى المستفيد من توجيه تلك الأصابع لهذا النظام الراحل.
فمن يوجه الاتهامات سيخلق بلا ريب انقساما مجتمعيا حادا في هذا البلد، من خلاله وصم قطاع عريض من الشعب بالارهاب، ما يعني ضرورة مواجهته بذات السلاح، وبالتالي عليه أن يتخير ما بين الإبادة أو الإقصاء.
وهي ذات الاتهامات التي حاولت سلطة الجار الشمالي للسودان أن تواجه بها جزءا كبيرا من الشعب، وبررت من خلالها تكميم الأفواه والحريات، واستباحة الدماء، وجرّمت حقهم المشروع في المواطنة والتعبير والاحتجاج والتظاهر، مستظلة بشعارات زائفة، بدأتها من الإرهاب المحتمل حتى وصلت للمعركة التي لا يجب أن يعلو صوت فوق صوتها.
والقول بأنه من مصلحة النظام القديم تخريب المسار الديمقراطي للسودان أملا في العودة للحكم، هو في الواقع قول يحمل قدرا من السذاجة؛ لأن أوضاع السودانيين الاقتصادية في ظل النظام الجديد لم تختلف كثيرا عن حالها في ظل النظام القديم، بل إنها ساءت بشكل كبير دون أن يكون للبشير والأحزاب الإسلامية أي تدخل فيها.
يحدث هذا السوء رغم تدفق المعونات والمنح والقروض على الحكومة الجديدة من القوى الخليجية الراغبة في ضم الخرطوم لأحلاف اقليمية معينة، ورغم رفع قسم كبير من العقوبات الأمريكية والأوروبية عن السودان، وهي العقوبات التي كبلت نظام البشير وأوصلت الوضع الاقتصادي إلى حد الثورة عليه.
كما أن تحميل النظام السابق مسؤولية الانهيار الاقتصادي في السودان (رغم مساوئه التي لا تعد ولا تحصى) فيه تحامل كبير عليه، لأنه أصلا لم يتسلم السودان واحة خضراء فبوّرها، لكنه تسلمها من سابقيه، وهم كثر، على هذا الخراب، فأهمل فيها كما سيهملها من يحكمون الآن.
شيطنة الإسلاميين
وعلى غرار ما حدث في شمال الوادي من ظهور، حركات وجماعات لم يسمع بها ولا بنشاطها الشارع المصري قط سوى بعد انقلاب 2013، حدث في جنوبه، وخرجت بيانات من جهات غير معروفة من قبل تعلن تحملها المسؤولية عن التفجير. والغريب أن جميعها تحمل مسميات أو شعارات ذات طابع إسلامي، منها مثلا “حركة الشباب الإسلامي السوداني- طالبان” و”داعش السودان”.
كما ترافق مع الدقائق الأولى للهجوم، إسراع أحزاب وجهات وشخصيات مشاركة في الائتلاف الحاكم بإدانة حزب البشير واتهامه بالتورط في الحادث، رغم عدم وجود أي دلائل توحي بذلك، واستباقا لأي تحقيقات.
وهذا يوحي بأن الهدف هو شيطنة الحركات والأحزاب الإسلامية السودانية، رغم أنها نفت علاقتها بالحادث جملة وتفصيلا، وسارعت للتعبير عن إدانته في اللحظات الأولى، فضلا عن أنها الأحرص على ألا يتكرر المشهد المصري في السودان.
واللافت أن صحف وفضائيات الإمارات والسعودية ومصر دون سواها، اهتمت بالحادث اهتماما كبيرا، وتوجهت بـ”ربطة معلم” باتهام الإخوان في تدبير الحادث، داعية لسرعة تصفيتهم من المجتمع السوداني.
الرابح والخاسر
في الواقع هناك فئات كثيرة ستستفيد من الحادث، وفي المقابل هناك جهة واحدة تضررت بشدة منه.
أول المستفيدين من الحادث، هي تلك الدول التي تناصب الإسلام السياسي العداء، وتحاول أن تقصيه من السودان، وأن توجد لنفسها موطئ قدم ينافس الوجود التركي في جزيرة سواكن والصومال، لا سيما في هذا البلد صاحب السواحل الهائلة على البحر الاحمر، والمعبر الحيوي لأدغال أفريقيا، والأراضي الزراعية الوفيرة. وفي مقدمة هؤلاء الإمارات والسعودية ومصر.
ثاني المستفيدين، هي القوات المسلحة التي تم إرغامها عبر المظاهرات والمسيرات وتردي الحالة الاقتصادية وغيرها على القبول بمشاركة القوى المدنية في الحكم، وهذه القوات بحاجة لتبرير العودة للقبضة الحديدية تدريجيا حتى يتسنى لها في نهاية المطاف الإطاحة بحلفائها المدنيين، على غرار ما حدث في مصر.
ولا ننسى أيضا أن هناك عدة محاولات انقلابية نفذتها جهات في الجيش في وقت سابق، لكنها فشلت.
ثالث تلك الجهات هي التيارات ذات الطبيعة الراديكالية في القوى المدنية، كالأحزاب الشيوعية والعلمانية والتي تريد صبغ أيديولوجيتها على الحكومة، وهي بالمناسبة من أكثر الكارهين للتيار الإسلامي.
يأتي رابعهم الحركات المسلحة في السودان، وهي كثيرة وقادرة على تنفيذ أجندتها بقوة السلاح.
ورغم كل ذلك، فإن البعض يحلو له تحميل حزب البشير المسؤولية رغم أنه هو الخاسر الأكبر من سلوك هذا المسلك، وأن زيادة معاناة الناس جعل البعض يترحم على أيامه، على غرار ما حدث في مصر.
………………………………………..
سيد أمين يكتب: في مصر.. ضحايا مجهولون لكورونا
لا تقتصر مخاطر تفشي فيروس كورونا في مصر وما تلاه من إجراءات اتخذتها الدولة للحد من انتشاره؛ على من يمرضون به أو على ذويهم فقط، ولكن يتخطاه ليترك آثارا كارثية على فئات واسعة في دولة يعتاش قطاع كبير من سكانها على مدخولاتهم المادية اليومية أو الشهرية.
ومشكلة هذه الفئة أنها لا تمتلك مدخرات أو عوائد مادية ثابتة، ولو توقف أحدهم عن العمل يوما واحدا فإنه سيعرض نفسه وأسرته للجوع، في ظل غلاء تكاليف المعيشة، بالإضافة إلى أن هذه الفئات تسكن في الغالب مساكن إيجارات جديدة تقتطع جزءا كبيرا من مدخولاتها المادية.
ورغم عجز كثير من المواطنين عن مواجهة تكاليف المعيشة في ظل الظروف المعيشية العادية، فإنهم مع تفشي الوباء وما قد يعقبه من إجراءات تفرضها الدولة، سيكونون قد فقدوا مورد رزقهم، ومطالبين في الوقت نفسه بزيادة إنفاقهم لتغطية مستلزمات الوقاية من إصابتهم وذويهم بالفيروس القاتل، خاصة أنهم الفئة الأقل في الرعاية الصحية.
الفئات المتضررة
فعلت وزارة القوى العاملة خيرا حينما قررت منح أصحاب العمالة المؤقتة راتبا قدره 500 جنيه (30 دولارا) شهريا، وهو رقم مع زهادته إلا أننا نشك أصلا في صحة تطبيقه، وفي عدد من سيستفيدون منه، ونأمل ألا يكون مجرد “لقطة” من “لقطات” خادعة اعتادها المصريون السنوات الماضية.
فهناك قائمة طويلة ممن سوف تتأثر أعمالهم جراء تفشي الفيروس وستستحيل حياتهم مع فرض الدولة حظرا للتجول، أو ستتوقف أعمالهم جراء الذعر الذي ينتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم.
فهناك ما بين 2.4 مليون (حسب الإحصاءات الرسمية) إلى 5 ملايين عامل (حسب إحصاءات أهلية) من العمالة غير المنتظمة، والتي تتضمن عمال “اليومية” والتراحيل والمعمار والمقاهي ومحطات الوقود والباعة الجائلين وغيرها، وتتسع رقعة إعالة هذه الفئة لما يتراوح بين 15 إلى 20 مليون نسمة.
وهناك أيضا فئات توجب طريقة عملها التعامل المباشر مع الجماهير وتسلم وتبادل النقود والأوراق، ما يضاعف تعرضها للإصابة بالفيروس، ومن أمثلة هؤلاء محصلو الأتوبيسات والقطارات والمترو وحتى شركات الطيران، فضلا عن سائقي السرفيس والتكسي والتوكتوك، أيضا محصلي المستشفيات والنوادي وغيرها.
كما تشمل المعاناة الأيادي العاملة في قطاعات الصحة والعناية الصحية والخدمات المعاونة من طواقم التمريض وحتى عمال النظافة، بمن فيهم أولئك العاملون في الشوارع العامة، وجميع هؤلاء معرضون بشكل مباشر للمرض. بل إن تفشي الوباء يفرض عليهم مسؤوليات أكبر في حين أن بعضهم ليس بوسعه تحمل تكاليف الرعاية الصحية التي يشارك في صناعتها.
ونحن هنا نستثني الأطباء الذين يقع عليهم دور البطولة في هذه الحرب الحقيقية، لكونهم يتلقون محفزات مالية وطبية تبدو مقبولة وإن كانت في حدها الأدنى.
كما امتد خطر كورونا ليقطع أقوات العاملين المستقرين في القطاع الخاص، كالمدارس الخاصة على سبيل المثال، حيث استغلت كثير من اداراتها قرار وزارة التعليم تأجيل الدراسة 14 يوما، فمنحت العاملين لديها اجازة دون راتب، ما يخشى أن تحذو حذوه الشركات والمكاتب الخاصة حال تمديد وتعميم الاجازات، وتحرم المواطنين من أموال هم في أمس الحاجة لها.
وقد تندهش إن علمت أن غالبية أئمة المساجد معينون بعقود ؤؤقتة ويتقاضون رواتبهم بناء على عدد الصلوات التي قاموا بإمامتها وخطب الجمعة التي حضروها، وإغلاق المساجد سيعرض تلك الفئة لفقدان مورد رزقهم.
واجبات الدولة
في الواقع، إن الجميع في مصر سوف يتأثرون بدرجة ما من تفشي وباء الكورونا، وواجب الدولة والمجتمع هو حماية الفئات الفقيرة والمسحوقة وتقديم يد العون لهم لمجابهة هذا الخطر الوجودي الجسيم.
ويبقى من أولى واجبات الدولة الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين في سجونها، وهم بعشرات الآلاف، خاصة أنهم الأكثر عرضة لتفشي الوباء بسبب تكدس السجون وسوء التهوية والتغذية فضلا عن ضعف مناعة المعتقلين التي يلهبها سوء الحالة النفسية جراء الحبس الطويل غير المبرر.
ومن واجباتها توفير الطعام والدواء والرعاية الصحية لغير القادرين طوال فترة تلك المحنة، وأن تسقط التزاماتهم المادية من فواتير ماء وكهرباء وغاز وإنترنت وغيرها حتى جلاء المحنة، لأنه كما للدولة حقوقا على أبنائها فإنها ملزمة بتأدية واجباتها تجاههم، وإن لم تؤدها فلا يحق لها الحديث عن الحقوق وذلك ببساطة لأنه لا وطن بلا مواطن.
كما يجب على الشعب عدم التكالب على تخزين السلع والبضائع ما يؤدي لرفع أسعارها بصورة جنونية، فيعجز الفقير عن الحصول عليها، لأن ذلك ليس من خلق المسلم المحب لدينه ووطنه.
…………………………………………
سيد أمين يكتب: المشاهد الخمسة في مقالات “نيوتن”
كان من الممكن أن يمر المقترح الذي طرحه من يكتب تحت اسم “نيوتن” المستعار في مقاله بجريدة المصري يوم الأحد الماضي 12 ابريل بعنوان”استحداث وظيفة” وما أعقبه من مقال أخر بعنوان “حاكم سيناء” مرور الكرام، لولا عدة مشاهد داخلية وخارجية لا يمكن أبدا تجاهلها والقفز عليها.
المشهد الأول:
أولى تلك المشاهد هي أن المنطقة المستهدفة بالاقتراح بأن يتولى أمرها حاكم خاص لمدة ستة سنوات بعيد عن سيطرة حكومة القاهرة المركزية، هي نفسها سيناء التي ذكرت العديد من التقارير والمصادر المسئولة المعلنة والمجهولة، العربية والاجنبية والمصرية والاسرائيلية، بأنها جزء من “صفقة القرن”.
و”صفقة القرن” هي مصطلح كان أول من أعلنه صراحة هو عبد الفتاح السيسي في لقاء شاهده العالم أجمع مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب عام 2017مبديا حماسة ودعما كبيرا لها، قبل أن يعود لينكر معرفته بهذا الأمر، ثم يجري بعدها تغيير مسمى الصفقة اعلاميا لتكون أكثر نعومة تحت مسمى “صفقة تبادل الاراضي”.
وبالتالي فإن حديث “نيوتن” هو أقرب ما يكون لطرح رؤية جديدة على نفس قواعد صفقة القرن، مع طرح تعديل بسيط هو بدلا من التنازل عن جزء من سيناء لحكم أجنبي، هو التنازل عن كل سيناء لحاكم “ذا هوية مصرية” يفعل بها ما يشاء.
ولم يقل المقال ما إذا كان هذا الحاكم واعوانه ممن اشتروا الجنسية المصرية مؤخرا ام لا؟
المشهد الثاني:
من التدليس أن يقوم “نيوتن” بتبرير طرحه بأنه الحل الوحيد في التغلب على بيروقراطية الدولة التي تحول دون تنمية سيناء، والقاصي والداني يعلم ان تنمية سيناء لا ينقصها أليات وكفاءات وخبرات ولكن أهم ما ينقصها هو صدق النوايا السياسية في تنميتها، خاصة مع ما يتردد منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979 أن هناك بنودا سرية لم يطلع عليها الشعب تقضي بتقاسم ثروات سيناء مع اسرائيل.
وكذلك بأنها ستبقى رهن التفريغ العمراني كمسافة آمنة بين البلدين وممنوع احداث اية تنمية فيها.
قد يكون ها الكلام ليس صحيحا ولكن التجربة الفعلية على الارض أيدته، فسيناء 2020 لا تختلف كثيرا عن سيناء 1979 سوى أن قرى ومدن فيها ازيلت من الوجود، بمعنى انها أهملت أكثر وفرغت أكثر ولا شأن للكفاءة والأليات بذلك.
بل أن اتفاقية السلام التي كانت مدتها 20 عاما انتهت 1999 وكانت هناك فرصة للتخلص من اعبائها لكن ما جرى هو تمديد الاتفاقية وبالتالي تمديد قيود غياب سيناء، فإذن المسألة كانت ارادة سياسية وليست كفاءات.
المشهد الثالث:
ضرب “نيوتن” المزعوم مثالا بالمكان المرجو أن تكون سيناء مثله لو تحقق مقترحه وهو “هونج كونج”، والواقع يقول أن هذه المدينة الصينية كانت تحت السيادة البريطانية لمدة قرن من الزمان بالتأجير قبل ان تعود للصين، بما يعني انها كانت تحت حكم اجنبي في حين أن المفروض في سيناء انها تحت السيادة الوطنية المصرية.
كما أن هونج كونج نمت بشكل سريع بسبب ما يمكن ان نسميه المكايدة الغربية التي تريد ان تبدو انها تتفوق على الصين حضاريا وهو ما ليس موجودا في مشهد سيناء، إلا اذا كنا نريد كمصريين أن نتفوق على بعضنا حضاريا، أو أن أجنبيا سيديرها.
والواقع أن اقليم هونج كونج لم يختلف كثيرا تنمويا عن الصين نفسها بلد المليار ونصف المليار نسمة، بدليل أن أوربا وأمريكا يستعينون بالخبرات الصينية في كافة مناحي الحياة، والصين هى الدولة الأعلى انتاجا قوميا في العالم.
المشهد الرابع:
نيوتن عرج في مقاله إلى التجربة الماليزية ومهاتير محمد، والواقع أن هذه التجربة لم يقتصر نجاحها على اقليم من اقاليمها ولكن شملت كل ارجاء الدولة، وكانت الديمقراطية وحرية تداول السلطة وحرية الرأي والتعبير هي مفتاح هذه التجربة.
وهو ما يفتقده المشهد المصري تماما، وكان الاجدى الاقتداء بهذه التجربة لتنفيذها في كل ارجاء مصر لتنمو كل محافظات الجمهورية واقاليمها سويا.
كما أن مهاتير محمد الذي يشير إليه نيوتن بالتقدير لوطنيته واستنارته هو ذاته من هاجمه اعلام الدولة المصرية لعقده قمة “كوالالمبور” الاسلامية مع تركيا وإيران وقطر وممثلي باكستان واندونيسيا
المشهد الخامس:
كل من يعرف حالة حرية الرأي والتعبير في مصر الأن يدرك يقينا أنه لا يجرؤ أحد أن يكتب مقالا بمثل تلك الخطورة القومية في الصحيفة الأكثر انتشار في مصر دون أن يكون مكلفا به من قبل السلطة.
كما أن هناك العديد من الآراء تقول ان اختيار الصحيفة والصحفي لكتابة هذا المقال له دلالة فريدة، فهناك العديد من الآراء – التي لا نستطيع التأكد من صحتها – تؤكد ان صلاح دياب مالك صحيفة المصري اليوم هو ذاته من يكتب تحت اسم “نيوتن”
ولذلك وجب الخروج من حالة اعتباره مجرد رأي شخصي إلى تحليل أهدافه، فهل هو جس نبض للمجتمع، أم لفئات داخل الجيش والسلطة كانت ترفض “صفقة القرن”؟
غدا سنعرف والحبل على الجرار
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
…………………………………………….
سيد أمين يكتب: مواقف مشرفة للزعيم الكوري.. مات أو لم يمت!
رغم أن الحكام المستبدين والطغاة يملأون عالمنا اليوم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، إلا أن “الميديا العالمية” المعروف تدفقها من الغرب والشمال إلى الشرق والجنوب، نجحت نجاحا مبهرا في جعل الزعيم الكوري الشمالي “كيم جونغ أون” – الذي تتضارب الأنباء حول وفاته من عدمها – أيقونة لهذا النوع من الحكام.
وتجاوز تأثير تلك “الميديا” بسطاء الناس وعامتهم حتى وصل إلى النخب السياسية والمثقفة في العالم التي باتت تتصرف بناء على ما تتلقاه منها من معلومات، وما تبثه من أخبار شبه يومية عن التصرفات بالغة القسوة أو الغرابة التي تنسبها له ولحاشيته.
من نماذج تلك الأخبار مثلا أنه قتل وزير دفاعه بصاروخ مضاد للطائرات بسبب أنه لم يحزن بما يكفي في حفل تأبين أحد اقربائه، وأنه أصر على اعلان فوز فريق بلاده لكرة القدم بكأس العالم، رغم أن فريق بلاده لم يتأهل أصلا للعب في كأس العالم، بخلاف “الصورة النمطية” التي رسمها الاعلام عن حياة الشعب الكوري الشمالي المعتادة، حيث الفقر المدقع، والعمل بنظام السخرة، وعبادة “كيم جونغ أون” وعائلته بالإكراه، والبلاد المتأخرة حضاريا، ناهيك عن أن هناك مخبر لكل مواطن يراقبه حتى في احلامه.
بالتأكيد “لا دخان بدون نار” وبعض تلك المعلومات تبدو قريبة من الحقيقة لا سيما فيما يخص مسألة الحريات، لأن كوريا الشمالية شأنها في ذلك شأن كل بلدان العالم التي يحكمها نظام شمولي أو استبدادي، كما هو الحال في معظم بلداننا العربية التي تذبح الصحفيين وتقطعهم في دورها الدبلوماسية.
ولكن الكثير من تلك الأخبار بدا انها مبالغ فيها، فـ”جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية” ليست دولة متخلفة حضاريا والأبراج والمنشآت العملاقة فيها تشهد، فضلا عن أنه لا يمكن أن تكون متخلفة وهي تهدد القوى العظمى في العالم عسكريا.
عموما، يعيق أي باحث عن حقيقة ما يجري في كوريا الشمالية أنه لا يجد ما يستقي منه معلوماته غير الميديا الغربية وما تنشره، وهو ما يفقد المعلومات جديتها.
ولقد جربنا نحن كعرب تلك الميديا في القضية الفلسطينية وغزو العراق والموقف الغربي من المقاومة وحتى من الاسلام السياسي.
المواقف العربية
نحن كعرب لا يعنينا في مواقف كوريا الشمالية أو زعمائها سوى مواقفهم من قضايانا، وهي في الواقع مواقف مشرفة منحازة بقوة للحق العربي في فلسطين والعراق.
فرغم أن الكثير من البلدان العربية طبعت مع اسرائيل ومنهم من ينتظر أو يطبع خلف الستار، لم تعترف كوريا الشمالية بدولة اسرائيل، وبل وتصفها بكيان استعماري تابع لأمريكا، وتعترف في المقابل بدولة فلسطين على كل أراضيها بما فيها الأرض التي أقيمت عليها دولة اسرائيل ذاتها. وطبقت نفس الأمر في مرتفعات الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية.
وانتهجت موقفا داعما للتسليح المتطور لكل الدول التي صنفتها “أمريكا” في عهد جورج دبليو بوش بـ “محور الشر” – والتي كانت هي على رأسهم – كعراق صدام حسين، وليبيا القذافي، وسودان البشير، وحزب الله وحماس وسوريا وإيران.
وهناك حرب دعائية معلنة مستعرة بينها وبين إسرائيل سواء أو الولايات المتحدة الأمريكية، لدرجة أن كوريا الشمالية استبعدت مواطني الدولتين بالإضافة إلى مواطني اليابان وفرنسا من السياحة في اراضيها في وقت مبكر من انفتاحها المحدود على العالم.
الموقف من إيران
اللافت أن ثلاثة من زعماء الدول التي صنفتها أمريكا بالدول المارقة قد قضوا أو اقصوا من الحكم، فيما يواجه الآخرون متاعب كبيرة ما بين الحصار أو الحرب.
ولعل هذه الرؤية كانت أيضا مدعاة لتمسك كوريا الشمالية باستراتيجيتها في انتاج أكبر قدر من اسلحة الردع الشامل كالأسلحة النووية والذرية وحتى الهيدروجينية، التي تشير التقارير الاعلامية وتكهنات المراقبين بانها استطاعت تملكها.
ويذهب المراقبون إلى أنه بسبب تشابه التشدد في الموقف الأمريكي تجاهها وتجاه إيران، فمن المحتمل أن يكون التعاون العسكري الكوري الايراني لا سيما في المجال النووي عميقا أيضا.
الموقف المصري
ورغم أن بوصلة مصر السيسي السياسية معروفة ومعروف من يرعاها في العالم، إلا أن اخبارا ترددت الاعوام الماضية تناقض هذه التوجهات، وتتحدث عن ضبط البحرية الأمريكية أسلحة كورية في بواخر مصرية متجهة إلى مناطق غير معلومة، الأمر الذي لا يمكنها التسامح، إلا إذا كان هذا التواصل تم بناء على طلب من “قيادتها” لغرض ما، واستجابت له كوريا الشمالية نظرا لحاجتها الى تسويق بضاعتها الرائجة “السلاح”.
مواقف كوريا الشمالية تحت حكم اسرة “الوالد المؤسس”، تتفق تماما مع الحق العربي، وبرغم ذلك فإن الميديا العربية تسير على نهج الميديا الغربية في التشنيع عليها.
بالحق وبالباطل، ودون التأكد للتمييز بين ما هو حق وما هو باطل!
اقرأ المقال كاملا على الجزيرة مباشر
………………………………………………..
سيد أمين يكتب: لماذا تفشى الوباء يا سيادة الوزيرة؟
لم أستغرب أبدا – على العكس من كثيرين – من تصريح وزيرة الصحة المصرية حينما أحالت ارتفاع نسب تفشى الاصابات بوباء كورونا في مصر إلى تراجع وعي الشعب وعدم التزامه بتنفيذ إجراءات الوقاية المتبعة.
فوزيرة الصحة هي في الحقيقة تتبع نظام حكم دأب منذ أن تولى الحكم قبل سبع سنوات على الفشل، ثم الهروب بسهولة من عواقب النتيجة بتحميل الشعب المسؤولية باعتباره “الحيطة الواطية”.
تختلج في صدور المصريين ردود كثيرة جدا على هذا الادعاء الباطل، لكن “الأسلم لنا” القول بأن تعامل السلطة المصرية مع الوباء كان يشوبه إهمال معتاد في دولة عتيدة البيروقراطية، وأن قلة الخبرة في مثل هذه الجائحة غير المسبوقة هي من أربكت التعامل معها فجاءت كما لو كانت مؤامرة.
دعنا نكن ممن يحسنون الظن ونرفض القول بأن هناك أيادي آثمة تعمدت التلكؤ والتباطؤ في مكافحة تفشي الفيروس في البلاد، بل وإنها تعمدت عبر لجانها الإلكترونية وأبواقها الإعلامية التقليل من خطره الجسيم على أجساد الشعب المصري.
ودعنا أيضا نعتبر أن الاعلام المصري المعروف للقاصي والداني بأنه لا ينطق إلا بأمر من يأمره في كل صغيرة وكبيرة، كان هذه المرة ينطق عن الهوى الشخصي فهون من الوباء بدعاياته الساذجة كقوله إن معدة المصري الذي يفطر على “الفول والطعمية” ويتناول الغداء “ملوحة” و”فسيخ”و”شلولو” تهضم الزلط، وصولا لترويج إعلامك لمن يطالبون بعلاج الوباء بعصير البرسيم.
وعلى منوال هذه المبادرات الشخصية – وهي غير معهودة في مصر منذ 2013 – أطلق فنانون وصحفيون وسياسيون مقربون من السلطة حملات دعائية تهون من خطر الفيروس وتساوي بين “كورونا” و”المكرونة”، وترفض أي إجراءات حمائية بخصوصها.
تربح سياسي
تعالي يا سيادة الوزيرة نتكلم من البداية، فقد كان أول ظهور معروف لفيروس كورونا في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2019 في مدينة ووهان الصينية، وما هى إلا أسابيع حتى ضرب دولا عدة في العالم من بينها دول عربية كثيرة يوجد فيها ملايين العمال المصريين.
وبالتالي فإن انتقال الوباء لمصر كان أمرا متوقعا بل وبديهيا مع فتح مطارات وموانئ البلاد على مصاريعها لكل القادمين من دول العالم بما فيها تلك الدول التي تفشي فيها الوباء.
وبكل تباه استقبلت مصر مئات السائحين من الصين وإيطاليا – في عز تفشي الوباء في بلادهما – بل وتم زيادة حجم الواردات من الصين رغم إعلان الصحة العالمية أن الفيروس ينتقل أيضا عبر الأسطح المختلفة ومن ضمنها لا شك أسطح تلك “المنتجات”.
لعلك يا سيادة الوزيرة أكثر مني دراية بأن النظام حاول التربح اقتصاديا وسياسيا من تفشي الفيروس عبر إرساله مساعدات طبية لدول ذات نفوذ واقتصادات عملاقة، لا يذكر اقتصادنا بجوارها، رغم أن الداخل المصري وبالأخص المستشفيات في أمس الحاجة لها، وشاهدنا نزيف الطواقم الطبية النادرة والمدربة جراء عدم وجود كمامة أو مطهر.
ونحن هنا لا نلقي بالا لما يتردد من أن المساعدات المقدمة لإيطاليا كانت في الاصل عربونا لدور منتظر لها في دعم الجنرال حفتر أو كـ “دية” لردم قضية ريجيني، وإلا كانوا قدموها لمن هم في حاجة أكثر إلحاحا إليها من المصريين المصابين بالفيروس، وإن كان لابد من الخارج فالجار المحاصر في غزة أولى بالمعروف.
لابد أنك تعرفين يا سيادة الوزيرة أن المعتمرين العائدين من الأراضي المقدسة لم يوقع على أغلبهم الكشف الطبي، وتم الاكتفاء بتقديم النصح والارشاد لهم بالمكوث في البيوت، وبالطبع فإن التزامهم بمضمون النصح مشكوك في حدوثه.
إهمال أم مؤامرة
لكن هل يمكننا يا سيادة الوزيرة تصنيف إصراركم على عدم وجود مصابين بكورونا في مصر حتى 9 من مارس/آذار الماضي حين وفاة السائح الالماني على أنه مجرد “إهمال”، في حين تطاردون من ينشر خبرا عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي عن وجود إصابات بالوباء وتتهمونه بأنه يردد شائعات، بدلا من شكره لخوفه على صحة الناس؟
ثم تلا السائح الالماني ظهور وفيات من المصريين ما يؤكد أن الوباء كان داخل البلاد بينما كنتم تنكرون وجوده.
ألم يلفت انتباهك يا سيادة الوزيرة أن الصحف الصينية والأمريكية والكندية ومن دول أخرى نشرت تباعا – قبل الاعتراف الرسمي بأكثر من شهر – أخبارا عن اكتشاف عشرات الإصابات بكورونا من مسافرين قدموا لها من مصر، فلماذا كان الإنكار الرسمي المصري؟
إجراءات متأخرة
دعينا نتفق يا سيادة الوزيرة أنه في بعض الأحيان يتحول الإجراء الملح إلى إجراء عديم الفائدة ما لم يتخذ في الوقت المناسب، وهذا ما حدث.
فبعد ارتباك وقرارات متضاربة أوقفت الدراسة، ولكن بعد فوات الأوان والمرض ينتشر في ربوع الوطن، وحتى هذا الإيقاف كان للطلاب فقط، وكأن المدرسين والإداريين محصنون من الوباء.
ثم فُرض حظر للتجوال من المغرب للصباح تُرك خلاله كل شيء يعمل بطبيعته، الأفراح والمقاهي والنوادي، ثم بعد انتقادات للتهاون في الحظر فرضت غرامة على المخالفين، وكأن المرض ينام في باقي اليوم، وهو ما تسبب في زيادة التكدس في المترو والقطارات وغيرها وبالطبع صنع بيئة مناسبة لانتشار الفيروس.
أنتم المسؤولون يا سيادة الوزيرة عن تفشي الوباء، فالهدف من الحظر لم يؤدِ وظيفته، والتجمعات التي يمنعها بالليل موجودة بالنهار في مقار الحكومة وفي وسائل النقل كافة والمحاكم والشهر العقاري وغيرها.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
………………………………….
سيد أمين يكتب : ماذا يعني تحرير الوطية؟
يبدو جليا أن تحرير قاعدة الوطية المركز العسكري الكبير لمليشيات الجنرال المتمرد خليفة حفتر في الغرب الليبي، ثمرة كبيرة من ثمار الاتفاق الأمني الموقع بين حكومتي طرابلس وأنقرة نهاية العام الماضي.
فهذا الاتفاق وما أعقبه من تطبيقات على الأرض، كان سببا حاسما في تغليب كفة الحكومة الشرعية، لدرجة أنه في نصف يوم فقط تهاوت المدن والمناطق الاستراتيجية التي استولت عليها قوات حفتر كصرمان وصبراته والجميل ورقدالين وزليطن والعجيلات والعسة ومليتن أمام الجيش الليبي في 13 من أبريل/نيسان.
والملفت أنه في تلك المدة الزمنية القصيرة سيطرت حكومة الوفاق على مسافة 500 كيلومتر ممتدة على طول الشريط الساحلي الغربي حتى الحدود مع تونس، وهي المساحة التي كانت قوات حفتر وما لديها من مرتزقة أجانب وسلاح غربي متطور قد أمضت أشهرا طويلة من أجل الاستيلاء عليها.
ولعل هذه الانتصارات العسكرية الكبيرة المتلاحقة تفسر السبب وراء الضجة الكبيرة التي أثارتها الدول الداعمة للجنرال المتمرد تنديدا بالاتفاق الأمني حين توقيعه، نظرا لكونها تعلم أن التعاون العسكري الليبي التركي سيقلب كفة الموازين تماما ويدفن مشروع حفتر ليس في الغرب الليبي فحسب، بل في عموم ليبيا، في التراب.
قاعدة الوطية
بعد تحرير مدن الغرب الليبي، اتجهت الأنظار إلى قاعدة الوطية التي تم تشييدها خلال الحرب العالمية الثانية، واتخذتها قوات حفتر مخلب قط لترويع مدن الغرب الليبي، حيث تسببت الطائرات التي تنطلق منها في إزهاق أرواح آلاف الأبرياء من المدنيين في طرابلس ومدن أخرى جراء القصف العشوائي والانتقامي.
وخطورة هذه القاعدة التي تمتد على مساحة كبيرة تصل إلى 50 كيلومترا، في أنها تقع على امتداد منطقة مكشوفة وغير مأهولة تجعل أية قوات مهاجمة برا أو جوا عرضة للقصف بالأسلحة الثقيلة، كما أن بعدها عن طرابلس العاصمة بمسافة 150 كيلومترا فقط جعلها شوكة عصية على الكسر تنغص على أهل طرابلس أمنهم.
بالإضافة إلى تحصيناتها القوية، ووعورة الطرق الرابطة بينها وبين قاعدة الجفرة التي تبعد عن طرابلس650 كيلومترا جنوبا وتستخدم نقطة دعم وحشد رئيسية لقوات حفتر، وتربط بين قواعده في شرق البلاد وجنوبها.
كما أن “الوطية” أيضا تعتبر نقطة ربط بين المدن التي لا زالت تحت سيطرة حفتر كالرجبان والزنتان والأصابعة والعربان وهي المناطق التي تمثل خزانا بشريا له بجانب المرتزقة الأجانب.
وهذه الخصائص هي ما جعلت هذه القاعدة حصينة أمام قوات “فجر ليبيا” التي كانت تبعد عنها بمسافة 30 كيلو مترا فقط من دون اقتحامها لمدة عامين، وهى أيضا التي مكنت ميليشيات حفتر من سرعة استرداد أربعة مناطق ومدن من الاماكن المحررة في الغرب الليبي هى رقدالين وزليطن والعجيلات والعسة.
ولذلك صار هناك اقتناع كبير لدى الكثيرين بأن تحرير هذه القاعدة مسألة حياة أو موت للحكومة الشرعية، ولأهميتها تلك ركزت الجهد العسكري عليها، حتى وقفت قوات الجيش الليبي على مشارفها نهاية مارس/ذار الماضي، ودمر منظومات الصواريخ الروسية التي كانت تتحصن بها، ونجح في قطع المؤن والامدادات عنها حتى تم تحريرها اليوم دون أي خسائر بشرية في صفوفه.
ما بعد المرحلة
لا شك في أن تحرير قاعدة “الوطية” يعد انتصارا كبيرا لقوات حكومة الوفاق، حيث إن الامتيازات الكبيرة التي كانت تتمتع بها مليشيات حفتر بسبب امتلاكها تلك القاعدة، قد آلت الآن إلى حكومة الوفاق، ما يمكنها من درء الهجمات التي كانت تنطلق منها نحو المدن الخاضعة للحكومة الشرعية.
بالإضافة إلى أنها تمكن الحكومة الشرعية من تشغيل بعض المرافق المعطلة بسبب كثافة هجمات طائرات حفتر المسيرة، مثل مطار زوارة.
وسيمكّن تحرير تلك الوطية الجيش الليبي من الانتقال لطور الهجوم بدلا من الدفاع، فيهاجم قوات حفتر في حي بني عشير جنوب العاصمة طرابلس، ويهاجم قواته أيضا في مدن الرجبان والزنتان، وبالطبع سيساهم في إحكام الحصار على مدينة ترهونة التي يتوقع تحريرها الأيام القليلة القادمة.
وسيكون للقاعدة بلا شك دورا مهما في تحرير الجنوب الليبي وخاصة قاعدة الجفرة.
وينبغي على قوات الجيش الليبي التحصن في القاعدة مع تزويد قدراتها الخاصة بالدفاع الجوي والمضادات الأرضية من أجل استهداف الطائرات المسيرة التي من المتوقع أن يستخدمها حفتر في الأيام القادمة لاستعادتها، والتي كان نقصها بسبب حصار القاعدة وقطع الإمدادات عنها سببا رئيسيا في تمكين الجيش الليبي من السيطرة عليها.
المسار السياسي
وعلى المسار السياسي، فالجميع يعلم أن الغرب يعترف بحكومة الوفاق علنا، ويدعم مليشيات حفتر سرا، إلا أن انقلاب الموازين العسكرية لصالح طرابلس بعد الدعم اللوجيستي والفني والعسكري التركي لها، جعل بعض تلك الدول تراجع حساباتها.
فخرجت تصريحات أمين عام حلف الناتو التي عرض فيها تقديم خدماته للحكومة الشرعية، وكذلك تصريحات السفارة الأمريكية في طرابلس عن أنه لا جهة معترف بها في ليبيا سوى حكومة الوفاق، كما صار الموقف الإيطالي أكثر حيادية.
ومع هذه الانتصارات على الأرض وما واكبها من وضوح في الموقف الدولي يتوجب على الحكومة الليبية اقتناص الفرصة، وطرح مبادرة للم شمل الليبيين على مشروعها الديمقراطي، والتداول السلمي للسلطة، والعفو العام.
وأن تؤكد في خطابها العام أنها لا تقاتل من أجل فرد ولا حكومة كما يفعل حفتر، ولكنها تقاتل من أجل وطن حر ديمقراطي.
فجر ليبيا يلوح في الأفق.
اقرأ المقال كاملا هنا على قناة الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
…………………………………………
سيد أمين يكتب: من منى مينا؟.. ومن زوجها الاخواني؟!
حملة ضارية ومنظمة تشنها أبواق إعلامية في مصر ليست ضد جماعة أو حزب أو حتى دولة، كما تعودنا دائما، ولكن هذه المرة ضد الدكتورة “منى معين مينا غبريال” الشهيرة بـ “منى مينا” وكيل نقابة الأطباء السابق والمنسق العام لحركة أطباء بلا حقوق بسبب تصريحات أغضبت السلطة حول سوء تعامل وزارة الصحة مع مرضي وباء الكورونا لا سيما من الأطباء وانتقادها لنظام التكليف الجديد، فانهالت عليها البلاغات.
ورغم أنها مسيحية، راحت تلك الأبواق تتهمها بالخيانة وبالتالي الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، ولما صار الأمر مثيرا للضحك، وجدت الأبواق ضالتها في زوجها المسلم المهندس سعيد أبو طالب لتلصق به تهمة الأخونة، رغم أن الرجل من كوادر التنظيمات الشيوعية العتيقة في مصر.
فسعيد أبو طالب هو واحد من مؤسسي حزب “العيش والحرية” اليساري، وبدأت علاقته باليسار حينما التحق بهندسة عين شمس منتصف السبعينيات حيث أصبح كادرا سريا من كوادر تنظيم “المطرقة” الشيوعي الناشط في هذا الوقت، والذي تفكك بعد مقتل السادات عام 1981، وحينما تم التفكير في إعادة تشكيله في عام 1983 فوجئوا بقضية “التنظيم الشيوعي المسلح” دون أن يكون لهم معرفة بالأمر.
كما أن سعيد أبو طالب تربطه علاقات وطيدة بقيادات شيوعية تاريخية، وهو ما ينفي عنه تماما تهمة الأخونة، فهو تلميذ نجيب من تلاميذ الزميل “حمدي” وهو الاسم الحركي لأحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد، بصفته عضو اللجنة القيادية، مسؤول التنظيم والاتصال بالمطرقة، كما يقول سعيد أبو طالب في حوارات صحفية.
والأهم أنه عضو جماعتي المهندسين الديمقراطيين و”مصريون ضد التمييز الديني” واللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي، وهي بلا شك تكشف عن بعده.
هي هي .. كما هي:
والحقيقة لا أعرف ما السر الذي يجعل إعلام السلطة يجتهد لإلصاق تهمة الأخونة لكل من يتبنى وجهة نظر لا تعجبه دون أن يسعي أن يرد عليها بالتفنيد والحجة، مع أنه يمكنه أن يعترض عليها بمنطق “الفتونة” دون أن يقدم الحجة والبراهين، ولن يجرؤ أحد على الاعتراض.
والأسئلة الأهم، كيف تكون الدكتورة منى مينا أو زوجها على صلة بالإخوان، بينما هي من قادت إضرابات الأطباء في أكتوبر/ تشرين 2012 المطالبة بالكادر وتحسين ظروف عمل ورواتب الطبيب وتعيين الخريجيين الجدد وتقديم خدمة طبية متميزة للمريض وتأمين المستشفيات ورفع ميزانية وزارة الصحة، كما أصيبت ابنتها الطبيبة والناشطة “سلمى” بطلقات خرطوش الداخلية في تلك الأحداث، وخرجت في وسائل إعلام الدولة لتكشف عن ذلك؟
أليست هي من كانت ضيفا يوميا على شاشات كل القنوات الفضائية، وعلى صدر صفحات الصحف القومية الخاضعة للدولة لتعرض وجهة نظرها منذ إضراب الأطباء الأول في مايو/ أيار 2011 والثاني في أكتوبر/ تشرين 2012؟
أليست هي نفسها ذات المطالبات التي تتحدث عنها في إضرابات الأطباء 2016 والآن؟
ألم تشكل احتجاجات2012 التي اندلعت بعد أربعة أشهر فقط من توليه الحكم، ضغطا شديدا على حكومة الرئيس الدكتور محمد مرسي؟.
وإن لم تتصدر الدكتورة منى مينا المشهد في الحديث عن أي مطالبات صحية تلزم الطبيب أو حتى المريض فمن يتحدث عنهما؟!
وهي من شغلت معظم المناصب النقابية الخاصة بالمهنة لعقود وأول سيدة تتفرد بمنصب أمين عام الأطباء، فمن يتحدث إذن؟
وما الذي تغير الأن فضاق صدر الإعلام والدولة بها، وكيف تحولت البطلة: “قديسة الأطباء” أو “سيدة مصر الأولى” و”الأم المثالية لشباب الاطباء” “ومسيحية التحرير” كما كانوا يسمونها إلى خائنة الآن، رغم أن مطالبها ذات المطالب، ومواقفها ذات المواقف، ما يؤكد أنها لم تتغير.
مواقف إنسانية
المواقف الإنسانية لا تتجزأ عند الإنسان السوي، فللدكتورة منى مينا طبيبة الأطفال مواقف تكشف عن عمق إنسانيتها، منها موقفها عام2003 حينما ألقى القبض عليها في مظاهرة منددة بالغزو الأمريكي للعراق حيث تعرضت للضرب والاعتقال بعد محاولتها إفلات متظاهرة من قبضة مخبرين كانوا يعتدون عليها بالضرب، وللهزل وجهت لها تهمة “سحل” رجال الشرطة وسرقتهم!!
وكيف أنها تطوعت لعلاج المهاجمين والثوار في “موقعة الجمل” دون تمييز، وكيف رفضت تسليم المصابين في أحداث 28 يناير/كانون الأول 2011 الموجودين في المستشفى الميداني لرجال الأمن.
مواقف منى مينا المتعددة جعلتها أيقونة نسوية ونقابية من طراز فريد شكلت بوتقة صهر لعناصر الوحدة الوطنية المصرية، فهي مسيحية متزوجة من مسلم، وهي يسارية تناصب الاستبداد، وهى نقابية دفعها العمل النقابي للالتحام مع الشأن العام.
في الواقع أن منى مينا إنسانة متحيزة لإنسانيتها.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
………………………………………
سيد أمين يكتب: ما وراء “مبادرة المهزوم”.. على من يراهن خليفة حفتر؟!
في الواقع أن المبادرة المصرية لحل الصراع في ليبيا تقدم ترياق الحياة للجنرال العجوز خليفة حفتر بعد الانهاك الذي لاقته قواته والفرار المتكرر من قاعدة لقاعدة ومدينة إلى مدينة، وتساقط قلاعه العسكرية بشكل درامي أمام الجيش الليبي الشرعي في طرابلس.
ورغم أنه من المستغرب أن يطرح الطرف المهزوم مبادرة سلام تضمن بقائه في المشهد، دون أن يمتلك القوة التي تجبر المنتصر على ابقائه حيا وعدم الاجهاز عليه، إلا أنه أيضا – يا لغرابة – يقدم مبادرة لا تسعى لحل الصراع في ليبيا جذريا، ولكن فقط تؤجله إلى حين، وهو بالطبع ما سيرفضه الطرف المنتصر، وقد رفضه فعلا.
فمن الواضح أن تأجيل الحرب لمدة عام ونصف، هي عمر الفترة الانتقالية في المبادرة، يقصد من ورائها أن يلتقط حفتر أنفاسه، وخلالها ستعمل القوى الدولية والاقليمية الراعية له على تغيير المشهد العسكري الداخلي لصالح الجناح الموجود فيه، وتعقيد المشهد الدولي أمام الأتراك والحيلولة دون تدخلهم في الصراع الليبي متى اندلعت الحرب فيه مجددا، أو متى وقع انقلاب عسكري على المجلس الرئاسي المقترح، كما فعل حفتر نفسه على المجلس الحالي.
ويراهن حفتر، الذي يعلم يقينا أن مبادرته مرفوضة لكونها مناورة مكشوفة تهدف لنجدته، على كسب بضعة أيام لحين اعادة التمركز في مرتفعات الرجمة شرق مدينة بنغازي، ودعم وتأمين الحمايات العسكرية فيما تبقى لديه من مدن، حتى يمكنه من خلالها الامساك بأوراق تفاوض وضغط، أو القفز لعملية اعلان حكم ذاتي عليها، والتلويح بتقسيم ليبيا أو تنفيذ ذلك بالفعل.
كما يراهن أيضا على استصدار قرار من مجلس الأمن يلزم الحكومة الشرعية بوقف العمليات القتالية والقبول بمبادرة القاهرة.
ومن المخاطر التي يجب على الجيش الليبي الانتباه لها جيدا، وربما يراهن على حدوثها حفتر أيضا، هو أن يتمدد في المدن المحررة على تلك الرقعة الهائلة من الاراضي بشكل يفوق طاقته التأمينية، وأعداد قواته، ودون أن يهيئ لها دفاعات قوية، فتصبح نهبا للعمليات الارهابية والفوضى، وحرب العصابات، ولذلك ينبغي عليه ألا ينتقل من تحرير مدينة إلى أخرى دون الامساك تماما بزمام أمور كل مدينة محررة.
كما ينبغي على الجيش الليبي سرعة تجريد قوات حفتر من المناطق النفطية والاستراتيجية، مستغلا انهيار معنوياتها بسبب الهزائم التي منيت بها، وقبل التدافع الدولي المتوقع حدوثه الأيام المقبلة، الذي سيرفض أي حرب بجوار تلك الآبار، وستكون ورقة رابحة يلعب بها حفتر.
هزائم دبلوماسية
ويتوالي تساقط المدن من بين حوافر حفتر بعد أن قاب قوسين على فرض سياسة الأمر الواقع والاستيلاء على العاصمة، وذلك حينما وجدت طرابلس وحكومتها الشرعية المعترف بها دوليا حليفا قويا وهو تركيا.
ويخطئ من يتصور أن قوة تركيا تتركز في الدعم العسكري الذي تقدمه حيث تطور عتادها وخبراتها الفنية العسكرية، وإنما في قوتها الدبلوماسية حيث أنها بدت قادرة على تحييد الكثير من داعمي حفتر الرسميين والسريين.
ووضحت تلك القوة الدبلوماسية التركية بعد تحييد الموقف الايطالي، والاعلان المتكرر لروسيا عن عزوفها عن الملف الليبي، وأن ما يعيق دعمها الوفاق هو رفضها الافراج عن السجناء الروس في طرابلس، وأن الروس الذين يقاتلون بجوار حفتر والمقدر عددهم بنحو 1200 فرد هم تابعون لشركة أمنية خاصة ولا يمثلونها.
ولعل زيارة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لموسكو مؤخرا ستخلق تغييرا كبيرا على الموقف الروسي الايام القادمة.
وظهرت القوة الدبلوماسية التركية أيضا في ابراز دعم حلف شمال الاطلسي والدعم الأمريكي للحكومة الشرعية، وهو ما انعكس في صورة فتور في الموقف المصري ومبادرته البائسة.
وأحسنت تركيا صنعا حينما لم تتدخل بقواتها مباشرة في الازمة الليبية، لأن الخطة في المعسكر الأخر كانت على ما يبدو التركيز على تحقيق خسائر في تلك القوات بأي ثمن كان، يعقبها تأليب دعائي واعلامي للشعب التركي على حكومة اردوغان.
التحريض على الثورة
ولقد ساهم في تحقيق الانتصارات السريعة للجيش الليبي عدم اقتناع معظم الليبيين بجدوى النزاع وفائدته عليهم، واعتبروه سفكا للدماء الليبية على مذبح “جنرال عجوز”، دمية في يد مشغليه الدوليين، يحلم بالحكم والسيطرة، وبناء ديكتاتورية جديدة في البلاد تابعة كليا للخارج، وأكثر قمعا من سابقتها.
فلحكومة فائز السراج المعترف بها دوليا خصائص تفتقدها حكومة حفتر غير الشرعية، من أهمها أنها لا تحارب من أجل شخص أو جماعة، ولا تسعي لاحتكار السلطة، وتتبنى خطابا تصالحيا ووحدويا وديمقراطيا لكافة أرجاء ليبيا وكافة طوائفها.
وكان لهذا الخطاب التصالحي على ما يبدو اثر كبير لدى أنصار القذافي الذين يدركون أن حفتر ومن جاءوا به من أمريكا هم من قصفوا مدينتهم إبان أحداث ثورة فبراير2011 وقتلوا أبناءهم بطائرات الناتو.
ولعل ما حدث من تصدي ابناء مدينة بني وليد لميليشيات حفتر رسالة بليغة تدعم هذا التصور، خاصة أن بني وليد كانت من أكثر المدن ولاء للقذافي.
وربما يقود هذا الخطاب الرصين والوطني لأحداث تغير كبير في مدن الشرق الليبي، التي يتوقع ثورتها ضد حفتر ما أن وجدوا الفرصة لذلك، بينما تتردد أنباء عن انشقاقات داخل كتلته العسكرية.
يأتي ذلك، بخلاف حفتر الذي أخضع القبائل والعائلات في بنغازي والشرق الليبي بالقوة ونكل بمعارضيه، ووزع المناصب والثروات على أبنائه وذويه وعائلته، واختطف النساء وقتلهن كما حدث مع نائبة بنغازي بمجلس النواب الليبي سهام سرقيوة، التي تم اختطافها من منزلها عقب انتقادها تصرفاته ولم تظهر منذ سنوات.
فضلا عن قيامه بالاستعانة بفئات ارهابية سامت الناس سوء العذاب مثل عصابات الكاني، وجماعات متطرفة مثل الجامية المدخلية ، بالإضافة إلى انكشاف أمر تبعيته للخارج واستعانته بالمرتزقة الأجانب من كل حدب وصوب لقتل الليبيين بأموال ليبيا.
اقرأ المقال هنا على قناة الجزيرة مباشر
……………………………………………….
سيد أمين يكتب: الذين هربوا الى الصحراء
يهيأ لي أن العاصمة الإدارية التي يشيدها السيسي في الصحراء بالقرب من قناة السويس ويجري التخطيط لنقل مقار الحكم ودواوين الحكومة إليها، ما هي إلا تكرار للمنطقة الخضراء التي شيدها الاحتلال الأمريكي في بغداد لحماية قيادات جيشه وحلفائهم العراقيين، لكنه تكرار بالغ الكلفة والفجاجة.
حيث يتشابهان في الأسوار العالية، وفي التأمين بالكمائن والكيانات العسكرية والكاميرات وفي الكروت الذكية التي تمنح للمواطنين ليتسنى لهم الدخول، رغم أن من فعل الإجراءات في العراق – وهى الأقل تأمينا من نظيرتها المصرية – قوة احتلال أجنبي.
سلوك عسكري
عموما فإن فكرة إنشاء عاصمة إدارية للبلاد ليست بجديدة، فقد طرحها الحكم العسكري كثيرا كإجراءات تأمينية، ولكن كانت كلها تجارب فاشلة، إما بسبب الزحف العمراني القادم نحوها من القاهرة القديمة، وإما لنقص التمويل، أو لكليهما.
فقد حول عبد الناصر حي مصر الجديدة النائي في صحراء شرق القاهرة والذي تأسس عام 1910 سكنا لنخبته العسكرية وحول فندق هليوبوليس الفخم إلى قصر جمهوري، وأسكن في هذا الحي الجاليات الأجنبية، وأنشأ بجواره مطار القاهرة ليسهل حركة الانتقال للخارج؛ فيما لجأ مبارك لمدينة نصر لإسكان أسر العسكريين ولتكون امتدادا لحي مصر الجديدة، ولما فشلت التجربة أقام مدينة القاهرة الجديدة.
ثم قام بالاحتماء بمدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء معظم الثلاثين عاما التي أمضاها في الحكم، مستفيدا في ذلك بالعوازل الصحراوية والبحرية، فضلا عن قلة أعداد السكان الذين كانوا في الغالب من نخبته الأمنية، هذا بالإضافة إلى الأسوار العالية التي تحيط بقصوره هناك.
أما السيسي فلم يكتف فقط بإنشاء العاصمة الإدارية، ولكن أنشأ أيضا مدينة العلمين الجديدة التي أسموها “مدينة الأحلام”، دون أن تكون هناك أدنى حاجة لها، لتبقى مقرا أكثر تحصينا بالصحراء من العاصمة الإدارية ، وبالطبع انشأ فيها قصرا جمهوريا حصينا.
سلوك استعماري
سادت ثقافة العوازل الحصينة في القرون الوسطى وما قبلها، ومن أبرز أمثلتها عالميا سور الصين العظيم، فيما كان ما يشبهه بشكل أصغر سور القاهرة الفاطمية في مصر، وكان الهدف من تلك الأسوار آنذاك هو حماية البلاد والناس من الأعداء الخارجيين، في وقت كانت تسود فيه شرعية البقاء للأقوى.
وحينما غزا الانجليز مصر راحوا يعزلون مناطق القاهرة الخديوية وهي المبنية على الطراز الأوربي ليقطن فيها قادتهم العسكريون وجاليتهم وحلفاؤهم المصريين بينما جعلوا دخول عوام المصريين إليها يتم أيضا بالكروت.
ومن قبل هؤلاء فعل نابليون نفس ما فعله “السيسي” وراح يحتمي بصحراء المقطم المرتفعة ليتخذ منها مقرا للحكم، ويتخذ منه منصة لضرب القاهرة والجامع الأزهر بـ “القنابر”.
لكن رغم ذلك زال عنها حكم الفرنسيين والإنجليز وبقيت مصر.
كما أن سور الصين العظيم لم يمنع المغول من غزو تلك البلاد حيث فتح أبوابه أمامهم جنود مرتشون، ولم يمنع سور القاهرة الفاطمية الناصر صلاح الدين من الإجهاز على الدولة الفاطمية للأبد.
تجربة كاشفة
هناك في بورما تجربة عالمية فريدة في مدى اهتمام الحكام العسكريين بإنشاء عواصم إدارية ليحكموا بلادهم من خلالها.
وتقول تقارير صحفية إن منجمين أخبروا الحاكم العسكري عن قرب تفجر احتجاجات شعبية عارمة، وإن الكثافة السكانية في العاصمة “يانغون” ستكون عامل حسم لانتصار تلك الثورة، ونصحوه بالانتقال سريعا لعاصمة حصينة.
وعلى عجل نقلت حكومة بورما عاصمتها إلى منطقة غير مأهولة تدعي “بينمانا” تبعد عن العاصمة القديمة 400 كيلو متر، وحصل كبار موظفي الدولة على إخطارات بسرعة استعدادهم وأسرهم وممتلكاتهم للانتقال إلى العاصمة الجديدة خلال يومين فقط، حيث أقاموا في الخيام لحين الشروع في إنشاء العاصمة.
ومن المهم التأكيد على أن احتماء الحكام بالكانتونات والجيتوهات أو العوازل الطبيعية والمناطق “الخضراء” ، هو إجراء طبيعي ومقبول إن تعلق فقط بالشؤون الحربية.
وفي المقابل يعد إجراء مثيرا للارتياب والدهشة حينما تتم ممارسته على الشعب بما يحمله ذلك من تمييز بين أبناء الشعب الواحد.
سياسة الهروب للعوازل الطبيعية هي تدليل قوي بحد ذاتها على أن الحاكم الذي يسلك هذا المسلك هو حاكم ظالم وغير ديمقراطي، ولن يحسن من قبح ديكتاتوريته اقتياده للدراجات أو الطائرات بين حشود مصطنعة ومزيفة.
حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر.
اقرأ المقال كاملا هنا على قناة الجزيرة مباشر
……………………………………………..
سيد أمين يكتب: فرنسا أم الدولة العثمانية؟.. متحف الإنسان يشهد
نشر المقال المرة الاولى في عربي 21
أهم ما أحيته واقعة استعادة الجزائر لرفات العشرات من شهدائها ومقاوميها المحفوظة في ما يسمى “متحف الإنسان” في فرنسا، والذي يتم فيه الاحتفاظ بنحو 18 ألف جمجمة، هو مدى استهانة هذا البلد بحقبته الاستعمارية بحقوق الإنسان، وأن تلك الاستهانة والتنكيل بأجساد الضحايا لم تنته مع انتهاء حقبة فرنسا الاستعمارية، بدليل تباهيها بجرائمها السابقة واحتفاظها برؤوس ضحاياها حتى اليوم
وبدليل آخر؛ أن النفوذ الفرنسي في مستعمراتها السابقة خاصة في الشمال الأفريقي لم يتوقف حتى الآن، وأن فرنسا لا زالت تتدخل في سياسات العديد من تلك الدول.
ورغم بشاعة السلوك واستهانته بالإنسان المنصوص على احترام كرامته في جميع الأديان السماوية، تتزين الكثير من الكنائس الغربية بجماجم الموتى، مثل كنيسة سيدليك في دولة التشيك التي تتزين برؤوس آلاف من ضحايا الحروب الصليبية، وكذلك معبد الجماجم في مدينة شيرمنا ببولندا وغيرهما.
الدولة العثمانية
ورغم أن مثل هذا المتحف موجود منذ عقود في فرنسا، إلا إننا لم نسمع أبدا تنديدا ولا إدانة من قبل الدول الأوربية الأخرى (الاستعمارية سابقا) لوجوده، وكأن شعاراتها باحترام حقوق الإنسان حيا وميتا لا تنطبق فقط إلا حينما يكون الشخص المدان مسلما، فيتم حينئذ توظيفها توظيفا سياسيا، تماما كما تفعل تلك الدول مع ما تسميها “مذبحة الأرمن” والتي يراد منها النيل من الدولة التركية.
ولنا أن نتخيل أن الدولة العثمانية هي من مارست هذا الفعل، أو هي من قطعت رؤوس آلاف من ضحاياها من غير المسلمين في أوروبا واستقدمتهم إلى إسطنبول وأنشأت بهم متحفا لا زال مزارا سياحيا، حين إذن كيف سيكون رد فعل العالم الغربي؟
بالقطع كانوا سيتهمون الدولة العثمانية بالوحشية والإرهاب ومعاداة حقوق الإنسان، وأنها لا تقل شناعة وإجراما عن التتار، وأن السلاطين العثمانيين لا يقلّون إجراما وبربرية عن أفعال جنكيز خان وهولاكو وتيمور لينك؛ والأهرامات التي شيدوها من رؤوس الضحايا في كافة البلدان التي اجتاحوها.
وربما حينئذ ستنتقل حالة التحريض على تركيا من الدعوة لحصارها اقتصاديا وسياسيا؛ إلى التدخل فيها عسكريا ثأرا لأرواح الضحايا.
وبالقطع سوف يتم استغلال هذا الفعل العثماني الافتراضي من أجل التشنيع على الدين الإسلامي، وأخذه ذريعة لتأكيد أنه دين يتسم بالإرهاب والعنف والدم، وأنه انتشر بحد السيف.
الهجوم على الإسلام
والواقع أن هناك من يردد عن الإسلام نفسه هذه الاتهامات فعليا دون أن يقدم بيّنة على ادعائه، فمعظم ضحايا الإرهاب في العالم اليوم هم من المسلمين، ومعظم الضحايا بالأمس هم أيضا من المسلمين، وهم من ارتُكبت ضدهم المذابح المروعة الموثقة في التاريخ، وهم من استُعمروا ونُهبت ثروات بلادهم، واستُعبدوا وبيعوا كرقيق.
وإن أوروبا وأمريكا، وليست إسطنبول ولا القدس أو مكة، هما من كانتا تميزان بين الناس بسبب بشرتهم أو دينهم، فتعطيان أحدهم الحق في أن يستعبد الآخر وأن يستحل عرضه وماله ونفسه بمباركة تامة من الدولة، وأحيانا من الجهات الدينية نفسها.
الحريات العثمانية
كان أحد رؤساء بلدية إسطنبول يسير في الشارع، فلفت انتباهه وجود حمار مربوط ومحمل بأثقال كبيرة لا يقدر على حملها، فاقترب منه وقام بإنزال الأحمال منه وأمر بالبحث عن صاحبه، فوجده يدخن التبغ في حانة قريبة، فأمر بعقابه، ثم تم سن لوائح للرفق بالحيوان.. هذه قصة حدثت في ظل الدولة العثمانية تجاه حيوان، فما بالك لو كان الأمر يتعلق بالإنسان؟
ورغم أن الدولة العثمانية عانت من حروب مستمرة من قبل الإمبراطوريات الغربية المختلفة عنها دينيا، إلا أنها خصّت المسيحيين داخلها بالعديد من الامتيازات السياسية والتجارية، حتى أنها سمحت للمسيحيين الأرمن ببناء كنائسهم داخل الأستانة، في الوقت الذي كانت الدولة البيزنطية من قبل تمنعهم من ذلك بزعم أنهم “هراطقة”.
وفي ذروة المد الاستعماري الغربي وما أحاط به من ممارسات تحط من كرامة الإنسان المختلف، ألغى السلطان العثماني محمود الثاني تجارة الرقيق الأبيض في أوائل القرن التاسع عشر، فتحرر جميع العبيد من يونانيين وجورجيين وأرمن وشركس، وأصبحوا مواطنين عثمانيين يتمتعون بسائر الحقوق التي يتمتع بها الأحرار.
وبالقطع كانت للدولة العثمانية أخطاء، شأنها شأن كل الإمبراطوريات القائمة آنذاك، ولكنها أبدا لم تلج في الحط من كرامة الإنسان بسبب اختلاف في الدين والمعتقد، حيا أو ميتا.
المدهش أن فرنسا صاحبة متحف “الإنسان” الذي ينتهك كرامة الإنسان؛ حاول الإعلام الغربي والمحلي العربي المضلل تقديمها كدولة مؤسسة لمبادئ حقوق الإنسان الحديثة.
فوجدنا من يتناسى مئات الألوف من ضحايا الحملة الفرنسية على مصر والشرق العربي ويصفها بالحملة التنويرية، ومن يهلل لإعادة تنصيب تمثال ديلسبس فوق قناة السويس التي استشهد فيها قرابة المئة ألف مصري جوعا.
………………………………………..
سيد أمين يكنب: وحضر معهم قوم شعيب !!
مع تقزم حجم رغيف الخبز من 150 جراما إلى 90 جراما في مصر، وما لاحق ذلك من نقمة شعبية انطلاقا من مبدأ “عض قلبي ولا تعض رغيفي”، إلا أن آخرين رأوا أن هذا الوزن الذي أعلنوا عنه أيضا لم يلتزموا به، وأن وزن الرغيف قد يصل إلى 60 جراما ليفقد ثلث وزنه المعلن.
وفي الواقع اعتاد المصريون على هذا الأمر وعلى كثير من التعريفات غير المنطقية في حياتهم العامة، وتعاملوا معها ليس فقط كأنها منطقية ولكن أيضا بديهية، وأبرز مثال لذلك تعايشهم مع معايير خاصة بهم اتخذوها دونا عن العالم كله وأدوات قياسه.
فالنصف لدى المصريين ليس أبدا 50 في المئة من قيمة الشيء كما هو الحال في كل العالم، ولكنه قد يصل حتى 75 في المئة منه كما هو الحال مثلا في خصومات تذاكر القطارات والطائرات والمترو، وأحيانا يتجاوز ذلك لما فوق الـ80 في المئة كما هو في تعريفات أجرة سيارات الأجرة و”الخدمات”.
كما أن وحدة الوزن “الكيلو” التي يعرفها العالم بأنها 1000 جرام، نراها في كثير من التعاملات في مصر مختلفة أيضا. ففي عبوات السكر والأرز والدقيق التي يتم بيعها على بطاقات التموين، نجد أن الكيلو قد يتضاءل ليصل وزنه إلى ما دون الـ70 في المئة منه. وطال نقصان الوزن في تلك المنتجات حتى تلك العبوات التي تباع في السوق الحرة مع تحسن طفيف، ليصل وزن الكيلو إلى 900 جرام مثلا. وما ينطبق على السكر ينطبق أيضا على مساحيق الغسيل والأجبان والمكرونة، وحتى الكراسات والكشاكيل وغيرها.
ونجد الأمر نفسه يتكرر في عبوات الزيت التمويني التي من المفترض أنها تساوي لترا، أي ألف مليلتر، لكننا نجدها قد تقزمت بشدة لتصل إلى ما دون الـ 700 مليلتر. وينطبق هذا الأمر على كثير من السوائل، حتى الغازية ومياه الشرب.
وبالقدر نفسه، فإن أسطوانة البوتاجاز التمويني سعة 12 مترا مكعبا تناقصت لتصل إلى ما بين 6 إلى 9 أمتار مكعبة فقط من الغاز، وهو ما تسبب في شكاوى كبيرة في القرى خاصة، مع انعدام بدائل هذا المنتج وتخصيص أسطوانة واحدة لكل منزل شهريا بسعر 60 جنيها.
وما طال الأوزان طال أيضا المساحات والأطوال، فيمكنك الآن أن تشتري وحدة سكنية بمساحة 150 مترا مربعا مثلا، ولكن إذا ما قمت بقياسها فستجد أنها لا تتجاوز بأي حال الـ120 مترا. والعجيب هنا بأنهم يبررون هذا النقص بأنه انتقص كتعويض للشارع والمنور والسلم، وكأن هناك عمارة يمكن أن تبنى بدون تلك المشتملات البديهية، والأعجب هنا أن البائع ليس مقاولا جشعا ومدلسا، ولكنها الدولة نفسها التي يجب أن ترعى القانون وتحميه.
شركات المحمول
وامتد مهرجان إهدار المعايير في مصر إلى حجم الدقيقة في خدمات الهاتف المحمول، التي وصلت – بحسب مراقبين – إلى 45 ثانية بدلا من الـ60 ثانية، كما أن هناك شكوكا متداولة بأن الشهر المحاسبي للمحمول لا يصل إلى الثلاثين يوما، ولكنه يتوقف عند 28 يوما فقط. وفي المقابل تحاول شركات المحمول تبرير ذلك وتؤكد أن السبب يعود إلى استخدامات تكنولوجيا الجيل الرابع بما تمتاز به من جودة، أو لأنها تسحب سحبا كثيفا من باقات الرصيد ما يؤدي إلى نفادها بسرعة.
كما أن هناك شكوى من عموم المصريين بأن أغلب شبكات المحمول في مصر ضعيفة للغاية، ولا يصل مدى إرسالها إلى كثير من المنازل والمناطق.
وعلى ذكر المحمول وشبكاته، فإن هناك مسألة يتندر منها المصريون، وهي أنهم حينما يشترون “كارت الشحن” فئة العشرة جنيهات مثلا، فإنهم يشترونه بـ11 أو 12 جنيها، ليجدوا فيه رصيدا لا يتجاوز السبعة جنيهات، ويتساءلون: ما محل فئة العشرة جنيهات من هذا وذاك؟
المهم أن حتى تلك السبعة جنيهات لا تستقر عند هذا الحد، فسرعان ما يتم خصم ضرائب غير معلومة منها، ليصل الصافي ما دون الخمسة جنيهات. وإذا قمت باستخدام خدمة “سلفني شكرا” واستلفت رصيدا بمبلغ أربعة جنيهات، فإن إجمالي ما تتحصل عليه هو 2.50 جنيه.
وكأنها “فرة” أصابت القوم، حيث راح عبد الفتاح السيسي نفسه يقول ذات مرة في خطاب رسمي له، إنه لا يريد أن تكون الاثنان هي حاصل جمع واحد زائد واحد، ولكنه يريدها أن تكون ثلاثة وأربعة وخمسة.
غش البشر
ظاهرة الغش طالت كل شيء تقريبا في مصر حتى البشر، وأصبحت سلوكا معتادا تم تجميله ليعتبر نوعا من الشطارة و”الفهلوة”.
الغش في البشر مارسته الدولة أولا ثم انتقل إلى الشعب، فلأن النظام كان بحاجة ماسة إلى أنصار لتبني مواقفه المتدنية في كل المجالات بعد أن نفر منه المبدعون، راح يتبنى أنصاف المواهب ويخدم عليهم إعلاميا ليظهروا كقامات فكرية كبيرة مساندة له، ما أنتج فنانا كبيرا ليس بفنان، وأديبا كبيرا ليس بأديب، وحاملا للقب دكتور لم يمر حتى بالجامعة أصلا، ومفكرا ليس له أي عمل فكري، وداعية لا يعرف إلا ما يعرفه العوام عن الدين، ومثقفا لم يقرأ كتبا، وعالما ليس بعالم.. إلخ.
وحينما أدرك الناس أن الدولة تحتفي بالأدعياء وقليلي الموهبة، راحوا هم يستحسنون النصب فيما بينهم، ما أنتج مجتمعا كذوبا فاسدا، كل معاييره مختلة.
وبقي أن نقول؛ إن الغش جريمة لا تتفق مع حضارة أمة مسلمة؛ ضرب الله لها الأمثال في كتابه الكريم بقوم سيدنا شعيب الذين أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
وكل الشواهد تؤكد أن المجتمع المصري الفاسد هو مطلب مشترك لنظم الحكم الاستبدادية، ومن يديرها في الخارج من القوى الاستعمارية.
…………………………………………
سيد أمين يكتب: حروب صامتة يخوضها المصريون
تماما كما كان يحدث في كل عصور الاضمحلال التي كنا نقرأ عنها في كتب التاريخ يحدث الآن في مصر سيادة المادية المفرطة في مقابل القيم الروحية الصادقة، دعم وترويج الشك المذهبي في مقابل تسفيه الشك المنهجي الراغب في الوصول للحقيقة، العصف بأهم مكونات المجتمع كالروابط العائلية والجهوية وصولا إلى تفسيخ الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة ليصبح كل فرد فيها لا يمثل إلا نفسه، يترافق مع ذلك تجريم الوازع الديني والمجتمعي والتراثي في نفوس الناس، وخنق قادة الرأي المجتمعيين وتسفيههم والحط من شأنهم وإحلالهم بقادة رأي مصطنعين يفتقدون لأي مضامين فكرية ذات قيمة، كل ذلك جزء يسير للغاية من حرب شاملة يتعرض لها بنيان المجتمع المصري منذ عقود لاسيما في العشرية الأخيرة من التاريخ، بما يجعلها تعادل في خطورتها أعنف حروب الإبادة التي عرفها التاريخ.
صارت هناك حربا صغيرة أحيانا أو كبيرة في أحيان أخرى داخل كل بيت أو أسرة أو عائلة أو قبيلة أو حي أو قرية، تصغر معها معاناة الناس من الاكتواء بنار الاستبداد أو غلاء الأسعار ونضوب الدخول والموارد، وبالتالي ففي مثل تلك الظروف فإن مسألة الاستقلال الوطني والحفاظ على أراضيه وحماية المقدسات أصبحت رفاهية لا يملكها اغلب الناس، ولعل ذلك هو ما يفسر أسباب صناعة ما سبق.
ومن الخطأ الجسيم النظر إلى تلك الحروب بأنها معارك في درجة متدنية، وذلك لأن الثابت عند علماء الاجتماع مثلا أن الظلم الاجتماعي أشد وطأة من الظلم الاقتصادي والسياسي، ورغم ذلك نجد أن كثيرا من الكتاب والباحثين الجادين يستهينون به، رغم أن أعظم الثورات في التاريخ كانت في الأصل هي ثورات اجتماعية كالثورة البلشفية والفرنسية وحرب الاستقلال الأمريكية، وحتى الديانات المختلفة هي في الغالب تطبيقات اجتماعية.
عودة الثأر
م تكن واقعة مصرع ابن المنوفية الشاب محمود البنا العام الماضي والتعاطف الشعبي الواسع معه إلا تعبير عن حالة رفض شعبي قاطعة لواقع أليم يعيشونه صباح مساء من تفشي أعمال البلطجة مع سهولة الإفلات من العقاب وعدم وجود تشريعات لحماية الشهود، يغذيه تفشي المحسوبية والرشوة في مؤسسات العدالة، فضلا عن ضعف القوانين الرادعة، بالإضافة إلى اهتمام السلطة بالحفاظ على أمنها السياسي وردع المعارضين السياسيين وترويعهم، تارة بيدها عن طريق التلاعب بالقوانين، وتارة أخرى بإطلاق يد البلطجية والمسجلين خطر والخارجين عن القانون في المجتمع.
كان من الطبيعي إزاء هذا أن يفقد الناس ثقتهم في الدولة ويعودون لحماية أنفسهم بأيديهم، فرغم أن ظاهرة الثأر كانت قد أوشكت على الانتهاء من قاموس الحياة المصرية، إلا أنها عادت مؤخرا بقوة إلى المجتمع المصري بحيث لم تعد غالبا أي قرية أو مركز من مراكز الجمهورية إلا وتشتعل فيها معركة ثأرية طاحنة تحصد الأرواح وتروع الناس، وتكاد تحذر كل تفصيلة من تفاصيل أحداثها بقرب انهيار دولة القانون، وأن القوانين بدلا من أن تقتص للمظلوم من الظالم قصاصا رادعا، تعمد غالبا ادوان انفاذ القانون للتعامل مع قضية العدالة طبقا لمصالحها مع أطرافها وثقلهم في المجتمع، فيما يبقي السبب الأبرز وراء تنامي الظاهرة هو فقدان الثقة بقوة القانون واعتباره ذاته أداة للإفلات من العقاب وليس أداة للعقاب.
ويبقى القول أن السلطة مدعوة بإلحاح لاستخدام نفس القوة التي ردعت بها الآلاف من معارضيها بعد ثورة يناير وما قبلها، لردع الخارجين عن القانون.
وتضج وسائل الإعلام كافة وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير عن قصص الثأر التي تفشت في المجتمع دون وجود إحصاءات رسمية لذلك، نظرا لان الكثير من تلك الحوادث يتم تكييفها قانونيا – باصرار من الاهالي- بصفات مغايرة دون الإفصاح عن تاريخ الصراع وحقيقته.
انتشار المخدرات
غني عن البيان أن للسلطات المتعاقبة مآرب أخرى في تنامي ظاهرة تعاطي وتداول المخدرات، تارة بغض الطرف وتارة بالتجاهل وتارة بالتهاون، وأحيانا بالاشتراك والتشجيع، وهو ما كشفته واقعة “عزت حنفي” الشهيرة والتي جرت أحداثها في محافظة أسيوط، مطلع الألفية الجديدة، والتي جسد جزءا من حقيقتها فيلم “الجزيرة”، واعترفت بها السلطة آنذاك.
كما أن التعامل الأمني مع الظاهرة أعطى شعورا لدي الناس بانها لا تحاربها ما شجع بعض نواب برلمانها وكذلك فنانون وباحثون وأكاديميون للمطالبة بتقنين تدلها وتعاطيها، يأتي ذلك رغم أن البرلمان “نظريا” شدد عقوبة تداول تلك المواد لتصل إلى الإعدام.
الإحصاءات الرسمية تؤكد أن 10.4%، من المصريين يتعاطون المخدرات مع انخفاض سن التعاطي إلى تسعة سنوات، وأن 79% من الجرائم التي تُرتكب في مصر ترجع إلى تعاطيها.
الاتجار بالبشر
“البلطجية” هم أصحاب اليد الطولى في أي نزاع، شجعهم على ذلك تراخي الدولة في التعامل معهم بالقوة اللازمة، ما أرسل لهم رسائل خاطئة بأنهم مميزون لديها، واعطى ذات الرسائل للمجتمع بضرورة الاستكانة لهم نظرا لما يملكونه من نفوذ، وخاصة بعدما تم الاحتفاء بهم وضهم في أعمال الخدمة المدنية للدولة ومنح رموزهم الإعفاءات التقديرية لهم.
كما أن الإعلام الرسمي ساهم في تشجيع تلك “الظاهرة” عبر إنتاج أعمال درامية عديدة تمجد شخصية البلطجي وتبرر له إجرامه، وتعلي من الدوافع التي ساهمت في تشكيل شخصيته، كالمظلومية أو التمرد على الظلم الاجتماعي أو للدفاع عن النفس وغيرها.
وزاد من الطين بلة أن اللصوص الذين كانوا قديما يسرقون في غفلة من الزمان ممتلكات الناس وأموالهم، لم يكتفوا بإظهار سطوتهم وفعل ذلك عنوة، بل تمادوا واخذوا يسرقون الناس أنفسهم ويبيعونهم لعصابات تجارة الأعضاء البشرية تارة، ولشركات الأدوية العالمية تارة أخرى لتجري عليهم تجاربها الطبية حتى صارت مصر من كبريات الدول في هذه النشاط الوضيع الذي جرى تقنينه عام 2017، أو يقومون باختطاف الضحايا مقابل الفدية أو ابتزاز ذويهم أو الاغتصاب في حالة الإناث، الوقائع شائعة جدا في المجامع المصري ونسجت حالات من الخوف والهلع فيه.
المواقع الإباحية
تأتي المواقع الجنسية والإباحية عبر الانترنت وأحيانا عبر بعض الاقمار والفضائيات لتحطم ما تبقي من قيم وعادات ونوازع دينية لم تحطمها الدراما العربية المنحطة، ورغم أنه قد أثيرت ضجة في مصر بداية عام 2012 مطالبة بحجب تلك المواقع وتعللت الحكومة وقتها بأن هذا الإجراء سيكلف المليارات وأنه شبه مستحيل فنيا، إلا أن حجب السلطة حاليا مئات المواقع السياسية وترك تلك المواقع لتتضاعف يؤكد أن السلطة كانت راغبة فيها لحاجة في نفسها.
ونحن في غنى بالقطع من الحديث عن الأضرار التي تتسبب فيها تلك المواقع علي النشء والشباب في استسهال الرذيلة والشذوذ، ما يقود لقصص مروعة عن كل جرائم الاغتصاب والفجور والشذوذ وزنا المحارم التي تمتلئ بها الصحف المصرية وترويها الحكايات الهامسة، وصارت ظواهر لافتة للمتأملين.
مشكلات بالجملة
هناك جملة من المشكلات التي تعانيها الأسرة المصرية قد تكون بواعثها في الغالب اقتصادية،ومنها تفشي ظواهر العنوسة لدي الشباب من الجنسين وبالطبع فإن وجود هذه الحالة لدي الفتيات – وهي تتخطي حاجز الـ10 ملايين بحسب الإحصاءات الرسمية – تسبب توترا كبيرا لأسرهن خوفا على مستقبلهن بعد فقدانهن عوائلهن، وكذا تفشي ظاهرة الطلاق – حالة طلاق كل دقيقتين – وتنامي ظاهرة تملص أرباب الأسر من الإنفاق عليها بسبب البطالة وتدني الأجور، ما أنتج ظاهرة المرآة المعيلة والتي تعول نحو 3.5 مليون أسرة “نحو 20 مليون نسمة “.
كما أن إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض مزمن عادة ما يسبب ارتباكا لجميع أفراد أسرته حتى لو كان مقتدرا ماديا، فهناك جهات تقدر وجود نحو 2.6 مليون مريض بالفشل الكلوي، و 8.2 مليون مريض بالسكري، و1130 مريض سرطان لكل مليون نسمة، فضلا عن 10.6 مليون معاق، ناهيك عن عشرات الأمراض الأخرى، وأن كل مريض من هؤلاء يشاركه آلامه العديد من أهله وذويه.
في الواقع أن الشعب المصري يعاني الآن حربا بيولوجية ونفسية واقتصادية وسياسية شاملة هى الأخطر منذ نشأة مصر.
اقرأ المقال على موقع المعهد المصري للدرسات
………………………………………
Egyptians Are Fighting Silent Wars
by – SAYED AMIN
What is currently going on in Egypt is the same as it used to happen in all eras of decay that we have been reading about in history books, where excessive materialism prevails at the expense of sincere spiritual values, doctrinal skepticism is supported and promoted while methodological skepticism that are aimed at reaching the truth is dispelled, and the most important components of society, such as family and regional ties, are destroyed up to attempts to disintegrate the Egyptian family.
In coincidence with this, religious, societal, and heritage tendencies are criminalized, and societal opinion leaders are stifled, dispelled, demeaned, and replaced with fake opinion leaders that lack any intellectual value. In fact, this is only an extremely small part of an all-out war that has been targeting the structure of Egyptian society for decades, especially in the last decade.
Several conflicts, sometimes small and other times big, have been erupting within homes, families, tribes, neighborhoods, or villages, to distract people from their long suffering from tyranny and their worsening living conditions resulting from the price hikes and depletion of incomes and resources . In such circumstances, Egyptians may in no way have time or opportunity to think about important and fundamental issues such as national independence, preservation of the homeland, or protection of sanctities – which perhaps explains the reasons behind existence of such conflicts and internal wars.
It is a grave mistake to underestimate such internal conflicts, as sociologists, for example, confirm that social injustice is more severe than economic and political injustices. , We find that many serious writers and researchers underestimate social injustice, despite the fact that the greatest revolutions in history – such as the Bolshevik and French revolutions and American War of Independence – were originally social revolutions; and even different religions have often been seen as a kind of social revolution.
The phenomenon of blood feuds is back again
The murder of the young man Mahmoud al-Banna, Menoufia, lower Egypt, last October – at the hands of another young man, Mohamed Ashraf Rageh and some of his friends, when the former confronted the latter to defend a young girl from harassment by Rageh and his friends – and the widespread public sympathy with him, was an expression of a state of categorical popular rejection of the painful reality that they have been experiencing day and night, including the widespread acts of bullying, with impunity of perpetrators amid absence of legislation to protect witnesses. All this is fed up by the spread of favoritism and bribery in justice institutions, as well as lack of deterrent laws, in addition to the authority’s interest in preserving its political security and deterring and intimidating political opponents, sometimes by tampering with laws,and at other times by unleashing thugs, criminals registered as a security risk, and outlaws in society.
Accordingly, it has been natural for people to lose confidence in the State and attempt to protect themselves with their own hands. Although the blood feuds phenomenon had almost disappeared from the dictionary of Egyptians’ daily life, it has recently returned strongly to Egyptian society, where most villages and administrative centers throughout the country are witnessing ferocious blood feuds incidents, claiming lives and terrifying them, which threatens with imminent collapse of the State of law.
Instead of taking action against the oppressor in favor of the oppressed for achievement of deterrence, authorities deliberately ignore law enforcement with the aim of securing of its own interests with perpetrators. The main reason behind the growth of this phenomenon remains due to loss of confidence in the power of law, considering it a tool for impunity rather than a tool for application of punishment.
Anyway, the authorities that have oppressed thousands of opponents since the January revolution (2011) and even before, are urgently required now to use such force for deterrence of outlaws. All media outlets, especially social networking sites, are filled with stories of blood feuds that take place in Egyptian society, without availability of official statistics in this regard, given that many of these incidents are not registered as blood feuds upon insistence of people complicity of authorities.
Drug abuse and trafficking
It goes without saying that the successive Egyptian governments have other objectives from the growth of the phenomenon of drug abuse and trafficking, where authorities turn a blind eye to the phenomenon, ignore and neglect it; and in other times, they participate in such unlawful activities and encourage them. The relation between authorities and drugs gangs was partly revealed through the famous story of “Izzat Hanafi”, the head of a drugs gang in Nekhila, Assiut, Upper Egypt, in early 2004, which later turned into a cinematic movie, “Al-Jazeera ”, Starring the actor Ahmed El-Saqa – which was recognized by authorities at the time.
Moreover, the security dealing with the phenomenon of drug abuse and trafficking gave people an impression that it was not sincerely fighting it, which prompted some parliamentarians, as well as some artists, researchers and academics to demand legalization of drug abuse and trafficking, despite the fact that the Parliament “theoretically” tightened the penalty of drug trafficking to reach death penalty.
Official statistics confirm that 10.4% of Egyptians are drugs abusers, with the decline in their (drug abusers) age to nine years, taking into account that 79% of the crimes committed in Egypt are due to drug abuse.
Human trafficking
“Thugs” are the main component in any conflict, where they have been encouraged to do so through the State’s laxity in dealing with them with use of due force against them. This has sent them embedded messages about the government’s protection of thugs, and that the community should submit to them, given the influence they possess, especially after the government celebrated those criminals, included them in the State’s civil service work, and granted discretionary exemptions to prominent figures of them.
The official government-owned media outlets also contributed to encouraging this “phenomenon” through producing many drama works that glorify thugs and justify their crimes by allegations of grievance, rebellion against social injustice, self-defense, or others.
The situation was further exacerbated by the fact that thieves, who used to steal people’s property and money in the past, started to steal people themselves and sell them to human organ trade gangs at times, and international pharmaceutical companies to conduct their medical experiments on them at other times. Furthermore, they also kidnap victims for ransom, extorting their families, or just for raping females; which has led to spreading fear and panic in Egyptian society.
Porn websites
Sexual and pornographic movies usually come via the Internet or some TV satellites channels to destroy the remaining values, customs and religious tendencies that have not yet been destroyed by Egyptian and Arab drama. Although an uproar was raised in Egypt in early 2012, calling for the blocking such websites, and the government at the time justified failure to block them by the required high costs (allegedly billions) and the allegation that it was almost technically impossible, but the recent blocking of hundreds of political websites belonging to opponents and excluding closure of porn websites confirms that all past allegations raised in 2012 were not true.
Too many problems
There are numerous problems that Egyptian families suffer from, which may have mostly been driven by economic problems, including the spread of spinsterhood among young people of both sexes. Of course, the outbreak of spinsterhood among girls –exceeding 10 million, according to official statistics– causes great tension to their families; as well as the phenomenon of divorce –a case of divorce every two minutes– and the growing phenomenon of the escape of the family breadwinner due to unemployment and low wages, which has resulted in the rise of the growing numbers of female breadwinners that support about 3.5 million families, about 20 million people
Also, when a family member suffers from a chronic disease, this usually causes confusion for all members of the same family:
Some statistics estimate that there are about 2.6 million patients with kidney failure, 8.2 million with diabetics, and 1,130 cancer patients per million people, in addition to 10.6 million disabled people, not to mention dozens of other diseases, where parents and other family members of these patients share their pain.
In fact, the Egyptian people are now suffering from a comprehensive biological, psychological, economic and political war, which is viewed by some as the most dangerous war in Egypt’s history.
It was posted on Egyptian Institute for Studies.
……………………………………………
سيد أمين يكتب: لماذا تفشل المنظومة التعليمية في مصر؟
أيام قلائل ويبدأ في مصر عام دراسي جديد، تتضاعف معه معاناة الأسر المصرية التي تعاني الأمرّين أساسا من غلاء تكاليف المعيشة، وتدني الدخول وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتفشي الأمراض وغيرها.
حيث تبقى الأسر بحاجة لميزانيات مالية كبيرة من أجل الدروس الخصوصية التي صارت لصيقة بالتعليم رغم تجريمها قانونا، وميزانيات الزي والكتب والكراسات، والسيارات والحافلات المدرسية، بخلاف المصروفات المدرسية والشخصية وغيرها.
ومع أن كثير من الأسر تعتبر أن تلك الأوضاع وحدها كفيلة بجعلها تدير ظهرها للعملية التعليمية ما رفع نسب التسرب من التعليم الأساسي مع تفشي ظاهرة أمية المتعلمين، إلا أن الكثيرين زادوا الأمر تعقيدا باعتقادهم أنه لا جدوى من التعليم أساسا، لأن خريج الجامعة – رغم ما أُنفق فيه من مال وجهد ومعاناة – سينافس في نهاية المطاف غير المتعلمين في سوق الأعمال الحرفية واليدوية، وأن قيمة العلم – في مقابل قيمة الرشوة والفهلوة والبلطجة – لم تشفع لصاحبها من عدم التنكيل به في أقسام الشرطة ومؤسسات الدولة العتيقة والبيروقراطية، أو حتى تحول دون اتهامه بالجهل.
عملية اقتصادية
ويسود اعتقاد كبير عند أولياء الأمور وحتى المعلمين أنفسهم أن العملية التعليمية في مصر جرى تخريبها وتحويلها لعملية جباية اقتصادية تهتم بكل شيء إلا التعليم.
وهناك قناعة سائدة بأن قرار بدء العملية الدراسية الأساسية منتصف الشهر القادم لا يقصد منها سوى سرعة تحصيل المصروفات الدراسية –التي ضوعفت إلى أكثر من أربعة أضعاف عما كانت عليه العام الماضي– وبعدها سيجرى وقف الدراسة حضوريا على وقع جائحة كورونا والمتوقع أن تتفاقم مع حلول الشتاء.
واللافت هنا أن وزارة التعليم تقوم سنويا بتغييرات غير ذات قيمة في صياغة ومقررات المناهج قاصدة من ذلك حرمان التلاميذ من تبادل الكتب وإعادة استخدامها في العام التالي، ما يضطرهم إلى شرائها من الوزارة بأسعار تفوق تكلفتها الفعلية.
ومن الخطط التي أعلنت وزارة التربية والتعليم عن دراسة إمكانية تطبيقها في هذا الشأن فتح منصات تعليم إليكترونية يقوم الطلاب بالاشتراك فيها مقابل رسوم شهرية لكل مادة، وهو ما يعني حرفيا في حال تطبيقه إلغاء مجانية التعليم التي تآكلت “فعليا” خلال السنوات الماضية رغم احتفاظها ببعض القشور.
بالإضافة إلى أن تجربة التعليم عن بعد ستكلف الأسر الفقيرة أموالا كبيرة في “باقات الإنترنت” المرتفع سعرها أصلا.
إثقال ورتابة
والواقع أن تجربة التعليم حضوريا في مصر كانت هي الأخرى مثالا للفشل الذريع، فبعد أن استمع الطالب للتو إلى درس ممل عن “الفيزياء” دام 45 دقيقة، دخل مسرعا إلي درس مثله ولكن عن “الكيمياء”، وما أن انتهي منه حتى دخل درسا آخر عن “الجبر” ورابع عن “الجغرافيا” وخامس عن “اللغة الإنجليزية” ثم “اللغة العربية” ثم سابع عن “التاريخ” وثامن عن “الهندسة” وتاسع عن “اللغة الفرنسية”، ليخرج هذا النابغة من المدرسة التي دخلها في السابعة صباحا نحو الثالثة عصرا قاضيا نحو 8 ساعات كاملة يتخللها راحة دامت 45 دقيقة يليها كثير من الواجبات والمراجعات التي يتوجب عليه أن يتفرغ ما تبقى من اليوم لإنجازها، ولكن هذا لا يحدث لأنه في اليوم التالي سيعيد الكرّة ذاتها بينما تبقى مسألة إنهاء الواجبات هي مهمة الدروس الخصوصية يليها النوم دون إتاحة أي فرصة لالتقاط الأنفاس ولا المراجعة ولا الاستيعاب.
هذا الطالب الذي توحي تلك الدروس بأن الوزارة تعتبره طالبا عبقريا، كثيرا ما تجده في نهاية المطاف لا يجيد حتى القراءة والكتابة لا بالعربية ولا بأي لغة أخرى، وغالبا ما يلجأ في النهاية إلى شراء شهادة المؤهل من الكليات والمعاهد الخاصة، لينتقل من أعداد الأميين إلى أعداد أمية المتعلمين، وكل ما أخشاه أن تكون كل تلك المقدمات تهدف إلى صناعة هذه النتيجة بشكل متعمد.
ما يؤكد ذلك أن المدارس الدولية والأجنبية في مصر لا تجهد طلابها بهذا الشكل، لكون المناهج أقل وأكثر تلخيصا، وعدد الدروس اليومية أو الأسبوعية أقل بكثير، فضلا عن إتاحتها للطالب كثيرا من المزايا منها اختيار المناهج التي يستذكرها في كل مرحلة.
وإذا كان الفشل في التعليم العام بهذه الحالة فان الفشل في التعليم الأزهري مستفحل بشكل أكبر خاصة أنه أكثر كثافة في المناهج والأعداد، وأنه مستهدف بالتهميش والإلغاء تماشيا مع الحرب على الخطاب الإسلامي.
شهادات دولية ومحلية
وطبعا غني عن البيان أنه طبقا لبيانات رسمية دولية، فان مصر تذيلت قوائم جودة التعليم في العالم وسبقتها في ذلك كل أمم العالم تقريبا بلا استثناء وذلك قبل أن تخرج من التصنيف الدولي نهائيا. والكل يعلم أن التعليم تدهور في “السبعين عاما الماضية” لدرجة غير مسبوقة بدءا من شهادة العالم فاروق الباز الذي أكد في قناةdmc أن جودة التعليم المصري تدهورت في الـ 50 أو الـ 60 سنة الأخيرة بشكل كبير، وصولا إلى المصري البسيط الذي طال به العمر ليتعامل مع متعلمي اليوم فأدرك أن ثقافة الحاصل على شهادة البكالوريا “الثانوية العامة القديمة” أعلى من ثقافة الكثير من حملة دكتوراه الجامعات والمعاهد الخاصة والأهلية الآن.
مخطط جديد
في الحقيقة أن تصريحات طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المتناقضة حول التعليم في مصر من آن لأخر والتي تارة فيها يعترف بالفضيحة بعد أن كان يتجمل ويشيد بالمسار التعليمي وتارة أخرى يتجرأ ويطالب بتخصيص 11 مليار جنيه للوزارة وإلا فإنه سوف “يغلقها”، وهى تصريحات لا يمكن أن تصدر دون ضوء أخضر، وحوادث تسريب امتحانات الثانوية العامة التي أصبحت عادة سنوية بديهية، كل ذلك يطرح تساؤلات أكثر مما يجيب عنها، حول ما يجري إخفاؤه للتعليم في مصر، خاصة أن الوزير نفسه أشار إلى هذه الخطط حينما قال “إن حلم مصر الأكبر هو وضع نظام جديد ومبتكر للتعليم في مصر”.
ولذلك فمن حق أي قائل أن يقول أن أي مخطط تنفذه دولة – وليس شركة أو جمعية – لما لها من إمكانيات، يجب أن يكون محسوبا بدقة في كافة مراحله، وأن هذا المخطط حينما يكون قائما على ركيزة “الإنترنت” فمن البديهي أن يكون أول ما يحسب حسابه هو وجود تلك المادة حين إطلاقه.
الغريب أنه بعد طول احتفالات رسمية بهذه المنظومة وما يرافقها من طول فشل، تم العام قبل الماضي امتحان غالبية الطلاب بالنظام القديم مع غض الطرف رسميا عن انتشار “الغش” الذي انتاب تلك الامتحانات، وذلك بسبب مسئولية الدولة عن وقوع الطلاب في هذا المأزق.
ويترافق مع هذا الفشل تنامي ظاهرة صفحات “تشاومنج” على الفيس بوك التي بات يعتقد الناس أنها أيضا ظاهرة مقصودة لسبب لم يتضح بعد، فكيف تنجح هذه الصفحات سنويا في الوصول إلى أسئلة امتحانات الثانوية العامة ونشرها قبل أيام من الامتحانات الرسمية، وما هو الهدف والمكسب العائد للقائمين عليها من وراء تلك الجريمة والمخاطرة، وكيف يحدث ذلك رغم قيام أجهزة سيادية تتسم بغاية السرية بطباعتها وتوزيعها بنفسها، وإعلان الداخلية عدة مرات القبض على أصحاب تلك الصفحات مع عدم اختفاء الظاهرة؟
وفي العام الماضي وتحت ضغط جائحة كورونا تم تجريب الامتحانات عبر الإنترنت وما يطلقون عليه “البحوث” فكانت النتيجة فضيحة علمية، وجاءت بعيدة تماما عن العلم والتعليم
كامب ديفيد والتعليم
ليس سرا أن اتفاقية كامب ديفيد تستهدف غرس ثقافة الاستسلام والتبعية، والدعوة للاستسلام العربي للمخطط الصهيوني والتطبيع معه وتذويب القضية الفلسطينية، واستبدال الوطن العربي بالشرق أوسطية التي تضم “إسرائيل” والدعوة للشعوبية في مواجهته، وحذف آيات الجهاد من التعليم والإعلام وحتى في خطب المساجد وتغيير تفسيراتها، واستبدال الحلال والحرام في وجدان الناس بالخطأ والصواب، وتخريب وإلغاء التعليم الديني والأزهري، وتشويه صور الرموز الدينية والجهادية التاريخية وغيرها.
ومن المعروف أيضا أن بعضا منها تحقق والبعض منها سيتحقق إما “بثورة دينية” أو بـ “منظومة تعليمية جديدة”.
الرابط: https://eipss-eg.org/?p=45338
الرابط البديل: https://tinyurl.com/y6lu394v
………………………………
Why Egypt’s educational system is a failure?
by – Sayed Amin
at Egyptian Institute for Studies.
With the start of the new scholastic year in Egypt, the suffering of Egyptian families doubles, mainly from the high cost of living, low incomes, high rates of poverty and unemployment, the spread of diseases, and others.
Families still need large financial budgets to provide for their children’s private tuition, which has become inseparable from education despite it is legally criminalized, in addition to the high cost of school uniforms, set books, notebooks, school fees, transportation (school buses), pocket money, and others.
Although many families believe that these conditions alone are sufficient to make them turn their backs on the whole educational process, which was behind raising the dropout rates at the basic education stage, with the spread of the phenomenon of illiteracy of the educated, many have Made the matter more complicated by believing that education is useless in the first place, because the ultimate fate of university graduates – despite the money, effort and suffering spent on them – is to compete with the uneducated in the handicraft market. They also believe that the value of education – against bribery, fahlawa [1] , and bullying – does not rid a university graduate from not being abused in police stations, the State’s bureaucratic institutions, or even from being accused of ignorance.
Economical process
There is a great belief among parents and even teachers themselves that the educational process in Egypt has been sabotaged and transformed into a levying economical process that takes care of everything but education.
There is a prevailing conviction among Egyptians that the decision to start the new scholastic year for basic education pupils in mid-October is only intended to speed up the collection of fees that have quadrupled compared with last year’s fees. Some believe that school attendance is likely to be suspended later due to the impact of the coronavirus pandemic, which is expected to worsen with the advent of winter.
It is noteworthy here that the Ministry of Education annually makes invaluable changes in school curricula, with the intention to prevent students from exchanging books and reusing them in the following year, prompting them to buy them from the ministry at prices that exceed the actual cost of these books.
Among the plans that the Ministry of Education has announced that it is studying the possibility of its implementation in this regard is to open electronic learning platforms in which students must join in return for a monthly fee to be paid for each discipline. In addition, the distance learning experience is likely to cost the poor families big money in the already expensive “internet packages”.
Overburdening and monotony
In fact, the experience of teaching in attendance in Egypt is also an example of a catastrophic failure.
After the student attends a boring 45-minute physics lesson, he quickly attends a chemistry lesson, then an algebra lesson, a geography lesson, an English language lesson, an Arabic language lesson, a history lesson, a geometry lesson, and a French lesson , and so on – where a school child attends school lessons from seven am to around 3 pm, for about eight hours interspersed with a rest for 45 minutes. After this tiring school day, students are required to do a great deal of daily homework and reviews that devour the rest of the day, which makes the issue of doing school homework to some students remains the task of private tuition. After that, the pupils go to bed without having any opportunity to take a breath, review, or comprehend their daily lessons. However, most pupils remain unable to read or write,neither in Arabic nor in any other language.
On the contrary, the international and foreign schools in Egypt do not put their students under such stress, because the curricula are less quantitatively and more summarized; and the number of daily or weekly lessons is much fewer, in addition to numerous advantages provided to pupils and students, including the right to choose the curricula that they can study for each stage.
However, the failure of Al-Azhar education is more widespread compared to the public education, especially as it is more intense, with respect to curricula and numbers of disciplines, in addition to being targeted with marginalization launched in coincidence with the war on the Islamic discourse.
International and domestic certificates
Of course, it goes without saying that, according to official international data, Egypt came at the bottom of the list of world countries with respect to education quality, where almost all world nations preceded Egypt in ranking, before the nation finally failed to even come Within the international classification of education quality.
Everyone knows that education has deteriorated in the “last seventy years” to an unprecedented level. For example, Egyptian / American scientist Farouk El-Baz confirmed in an interview with the Egyptian DMC TV channel that the quality of Egyptian education has significantly deteriorated over the last 50 or 60 years. Also, the simple Egyptians that have long lived to deal with today’s university graduates, realize that the culture of some of holders of the old “high school” certificate or the so-called baccalaureate holders is much deeper than the culture of many holders of PhD and other scientific degrees from private universities and institutes these days.
New scheme
In fact, Egyptian Minister of Education Tariq Shawky’s contradictory statements [2] about education in Egypt from time to time raise many questions on what is being hidden about education in Egypt, especially since the minister himself referred to some thought-out education plans, saying , “Egypt’s greater dream is to establish a new and innovative education system.”
However, some argue that a scheme implemented by the State – not a company or association – must be carefully calculated in all its stages; and because this scheme is based on the use of internet, it is self-evident that the first thing to be calculated should be to ensure all students’ access to the internet before the scheme is launched.
The strange thing is that after the official celebrations of this new system, despite the failure that has been accompanying it, the majority of students, two years ago, performed their exams under the old system, amid an official tendency to turn a blind eye to The spread of the phenomenon of “cheating”, perhaps because of the State’s responsibility for implicating students into this dilemma.
Added to this failure, is the emergence of the phenomenon of Chao Ming Facebook pages, where excerpts of some of Egypt’s national high school exams are leaked, that some now believe it is a deliberate phenomenon intended for an unknown reason. People ask how such Facebook pages annually succeed in reaching the high school exam questions and posting them on the internet a few days before the official exam date, despite the fact that sovereign bodies undertake the task of exam printing and distribution in the utmost secrecy degree, and also despite the Ministry of Interior’s announcement for several times that admins of those Facebook pages were arrested, amid continuation of the phenomenon?
Last year, under the pressure of the coronavirus pandemic, online examinations and the so called “student researches” were applied, but the result was a scientific scandal that was completely far from science and education.
Camp David and Education
It is no secret that the Camp David Accords were aimed to inculcate the culture of surrender and subordination in Egyptian society, calling on Arabs to surrender to the Israeli scheme, normalizing with it, liquidating the Palestinian cause, replacing the “Arab Nation” with the “Middle East” that includes “Israel”, amid other calls for populism to confront the Arab Nation approach, remove the Quran jihad verses from education, media, and even in mosque sermons, and change their interpretations, in addition to sabotaging and Azhar education and distorting the image of historical religious and Islamic jihad symbols, and others.
Footnotes
[1] An Egyptian term usually used to refer to knowledge obtained via intuition, experience, and wit, not from formal education and methodical pursuits
[2] Sometimes Egyptian Minister of Education Tariq Shawky admits to the education scandal in Egypt after he used to beautify and praise the educational process, and at other times he demands the allocation of EGP11 billion to the ministry, otherwise he will “close it” , statements that cannot be issued without having a green light, in addition to the incidents of leaking high school certificate exams, which have been done regularly on an annual basis
………………………………………
سيد أمين يكتب: القول السيار في واقعة ابن المستشار
المقال نشر للمرة الاولى في عربي 21
هاجت الدنيا وماجت في مصر عقب قيام طفل يبلغ من العمر 13 عاما ابن أحد المستشارين بالسخرية من رجل مرور بطريقة مسيئة بينما كان يقود سيارته المرسيدس في حي المعادي الراقي بالقاهرة، ورغم أن الواقعة مسيئة وبالغة الفظاظة والنفور، إلا أنها في الواقع تعبر عن حالة مجتمع يعاني من أمراض عضال نخرت فيه حتى النخاع.
وبعيدا عن أني أعرف جد الطفل معرفة عن قرب وهو مستشار جليل لم ينشأ في بيئة تتوارث السلطة وما يقترن بها من فساد، وإنما إلتحق بالسلك القضائي في لحظة نادرة كانت فيها العدالة قائمة، وكان معيار الكفاءة له شئ من الاعتبار، ليصبح بعدها رئيس محكمة جنايات شهدت محاكمات فارقة في تاريخ مصر أشهرها محاكمة الجاسوس عزام عزام وسب جيهان السادات وغيرها، فضلا عن ورود اسم والد الطفل “المستشار أيضا” في كثير من البيانات التي كانت تصدرها حركة استقلال القضاة أثناء فترة حكم مبارك، ولم يتسنى لي التأكد من مواقفه تلك لعدم قربي منه.
مواقف الكبار
المهم أن الجميع صب عبر وسائل التواصل الاجتماعي جام غضبه على والد الطفل الذي لم يحسن تربيته بالقدر الكافي، وهو أمر مفهوم ومقدر، ورغم أنه مهما قيل عنه وعما فعله إلا أن ذلك لا يغير حقيقة أنه طفل طائش كمعظم أبناء الطبقات التي توافر معها المال والسلطة ونزق الشباب، وأن هناك وزيرا للعدل قال “نحن القضاة هنا على ارض هذا الوطن أسياد وغيرنا هم العبيد”، هذه واحدة من التصريحات التى أدلى في برنامج “مصر اليوم” أثناء حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي، وأضاف أن “اللى يحرق صورة قاضي يتحرق قلبه وذاكرته وخياله من على أرض مصر”.
ودافع عن توريث القضاء حيث انتشر له مقطع فيديو عام 2012 و أعلن فيه بشكل صريح بضرورة تعيين أبناء القضاة بنفس المهنة بغض النظر عن التقديرات التى حصلوا عليها .
وأضاف “لا تراجع عن تعيين أبناء المستشارين في السلك القضائي شاء من شاء وأبى من أبى، ومن يهاجم أبناء القضاة هم الحاقدون والكارهون ممن يُرفض تعيينهم، وسيخيب آمالهم، وسيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة ولن تكون قوة فى مصر تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها”.
وتناسوا أيضا ما قاله وزير أخر للعدل عـن رفض تعيين ابن عامل النظافة فى القضاء، وحينما تم انتقاده لم يتراجع الرجل معـتبراً أن ما قاله يرضى ضميره!!
وما قاله الطفل هو في الواقع يعبر عن قناعة تامة تفشت لدى قطاع لا بأس به من المشتغلين في السلك القضائي وليس أطفالهم فحسب بأنهم الأعلون، وبالتالي لا يجب غرس الرأس في التراب والتغاضي عن موطن الداء وهو التوريث في مناصب السلطة الذي جعل رئيس احد المحاكم في الدلتا يعين قرابة 40 شخصا من أقاربه في المحكمة التي يترأسها.
ينبغي للقائمين على أمر الدولة وسلامتها الإيمان بأن سياسة التوريث في مناصب السلطة بقدر ما أنها تؤمن استقرارا نسبيا للحكم إلا أنها قد تؤدي بالنظام ككل للانهيار التام ، تماما كما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق.
تساؤلات مهمة
وهناك تساؤلات عديدة في الفيديوهات المنسوبة إلى الطفل أهمها من صورها؟ ومن نشرها على وسائل التواصل؟ ومن أعطاها هذا الزخم الكبير من التفاعل؟
خاصة ان الكثير من أبناء السادة المسئولين في مصر يمارسون تقريبا نفس العربدة وربما على نطاق أوسع وأعمق وأكثر ضررا ولكن لم يسمح لأحد بانتقادهم؟
وكيف تعامل رجال الشرطة مع الواقعة بأدب جم وتساهل لحد الانبطاح على خلاف ما هو معروف من سلوك للشرطة في العالم كله من غلظة لاسيما في مصر؟ وعلى خلاف ما يجب فعله بالفعل مع من يمارس هذه التصرفات الشائنة؟
ولماذا وجدنا الصحف المصرية المعروفة بقربها من النظام تنشر عناوين عن الواقعة تؤدي لاستثارة مشاعر الناس ، على خلاف سلوكها المعتاد في مثل تلك الحوادث من التبرير والتلفيق والتغطية؟.
ولماذا لم تفرد تلك الصحف صفحاتها لوالده ليوضح فيها ظروف الواقعة أو حتى يشرح فيها موقفه للمجتمع كما يحدث مع كل من هم منتسبين للسلطة؟
هناك شيئا غامضا ربما تكشف عنه مجريات الأحداث بخصوص تلك الواقعة.
وهل سيؤدي اعتذار والده عن هذا التصرف الذي صدر من ابنه الى إخماد موجة الغضب ؟ أم أن هناك من يسعى لابقاء النار مشتعلة لغرض في نفسه؟
وطبعا كل ما قيل لا يعفي الطفل أو والده من المسئولية.
…………………………………………
سيد امين يكتب: نظام السيسي وسد النهضة ..تواطؤ أم مغالبة؟
هاجت الدنيا وماجت من التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في آخر مؤتمر انتخابي له قبيل بدء الانتخابات الرئاسية حول حق مصر في قصف “سد النهضة” ما لم تجلس إثيوبيا معها للاتفاق على صيغة ترضي جميع الأطراف.
البعض اعتبرها ضوءً أخضر للنظام في مصر في قصف السد بالصواريخ، والبعض اعتبرها محاولة من ترامب لتكرار تجربة استدراج مصر للحرب ضد إثيوبيا على غرار ما فعلته أمريكا سابقا في مسألة الإيحاء للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بحق بلاده في غزو الكويت!!
والبعض رآها تحريضا على إثيوبيا وإهانة للنظام المصري الذي اتخذ مواقف غير حادة في تعامله مع هذه الكارثة، رغم التصعيد الكلامي الذي يبديه المسئولون الإثيوبيون، وذلك بسبب تنامي علاقة مصر سواء أو إثيوبيا بالصين وروسيا، أو أن ترامب قصد من تصريحاته حفظ ماء الوجه أمام منتقديه الأمريكيين الذين رأوا أن واشنطن أعدت الوجبة ولكن أكلتها منهم بكين.
والبعض ذهب إلى منحى أبعد أنها تكذيب غير مباشر لما يتردد من أن بناء السد تم باتفاقات سرية بين دولتي المصب وإثيوبيا وبرعاية أمريكية تحت إدارة ترامب.
وعلى كل حال، فليس سرا أبدا أننا اعتدنا أن المايسترو الأمريكي هو من يحرك كل قضايانا صغرت أم كبرت، وأن جميع أطراف اللعبة المعنية بالسد غير راغبة في العزف النشاز دون إرادته، وحتى إن رغبت فهي غير قادرة.
نظرية المؤامرة
وبالتالي فلو سلمنا بهذا، فيمكننا ببساطة اعتبار رفع السودان من قائمة العقوبات الأمريكية، وقفزة البرهان الكبيرة نحو التطبيع مع إسرائيل، وما تلاها من الاهتمام الصهيوني بعلاج الناشطة المؤيدة للتطبيع “قدح الدم” قبل أن يعاجلها انتهاء الأجل، ودعم حميدتي للثورة المضادة في ليبيا، والتغلغل الإماراتي في اقتصاد السودان، دلائل كافية لذلك.
وفي الضلع الثاني من المربع الذي يضم السودان وإثيوبيا ومصر وإسرائيل، تأتي التصريحات الإثيوبية المتكررة صادمة ومستفزة، وتحمل استعلاءً لم يعهده المصريون من دولة أفريقية أو نامية أو عربية، جعل الكثيرين منهم يغيّرون نظرتهم “الذهنية” المتواضعة عن أديس أبابا.
وفي الضلع الثالث للمربع، كان رد الفعل المصري بائسا ومنسحقا لدرجة أنه نجح في نقل شعور الخوف إلى نفوس الناس، وأنه ليس بيدنا كمصريين سوى الرجاء والأمل بأن تتراجع إثيوبيا عن مواقفها خطوة وسنرضى نحن بأي قدر من التنازلات، وكأنه يقودنا للحظة يحدثنا فيها عن حكمة التعامل مع الأمر الواقع.
ولقد مرر الإعلام الرسمي المصري عبر محلليه مفاهيم من عينة أنه لا يمكن لمصر أن تضرب السد بالصواريخ لأن دولا كالصين وإسرائيل تحميه بمنظومات رادعة، وأن السودان التي كنا على ثقة بدعمها لنا تخلت عنا، وبالتالي فلا حدود مباشرة بيننا وبين إثيوبيا لنضربه، وأننا لو ضربناه فعلا فإن انهياره سيكون كارثة أيضا علينا.
وفي الضلع الرابع للمربع، نسمع من حين لأخر عزفا إسرائيليا رنانا وكأنه ينتظر الأمر من المايسترو بالانطلاق ليسيطر على كل السيمفونية.
فتارة نراه متألقا في السودان، وتارة نراه متألقا في إثيوبيا وخاصة في موضوع سد النهضة والترحاب الكبير بنتنياهو في البرلمان الإثيوبي وكلامه الصريح هناك بأن إسرائيل ستستفيد من مياه النيل.
وبما أننا نؤمن بأن الجميع يدين بالطاعة للعازف الأمريكي فلابد أن جميع المواقف معدة سلفا من أجل تبرير الاستسلام للأمر الواقع، وتوصيل المياه لإسرائيل كحل وحيد للأزمة.
والتبرير هنا لم يقصد به إقناع الشعب فقط، ولكن إقناع جهات داخلية ما لم تكن تصدق أن هناك عملا سريا كان يجري العمل فيه مسبقا له لنصل إلى هذا المشهد.
وخطورة انكشاف ذلك أنه سيقود بالضرورة لدعم التشكيك في حملات كثيرة تخوضها الدولة المصرية منها الحرب على الإرهاب، وتغيير الخطاب الديني، وتفريعة السويس، وصفقة القرن، وغيرها الكثير مما تقوله المعارضة.
وفي هذه الحالة قد يجمح خيال البعض حول أن ما تسرب عن تأجير مصر لقاعدة في جنوب السودان- إن صح الخبر الذي أذاعه التلفزيون الرسمي لجنوب السودان ونفته حكومته- بأنه لـ “ممارسة التهويش” ضد القواعد التركية في الصومال والسودان وجيبوتي، وليس ضرب سد إثيوبيا.
نظرية المغالبة
كل ما سبق يبقى مجرد تصور من محض خيال، وكثيرون ممن يرفضون نظرية المؤامرة يرفضونه، ويتصورون أن الأمر متعلق بإمكانيات المغالبة التي تحظى بها كل دولة، وان المصالح فقط هي من تتحكم والقوة تسيطر، وأنه لا مكر معد مسبقا ضد مصر.
ويزعمون أن إثيوبيا وإسرائيل وجدتا ضالتيهما في التعاون المشترك، وأن السودان ارتأت الانحياز للجانب الأقوى في المعادلة وهو من يملك البحيرة والماء وبالتالي الكهرباء ويصادق من يملك القوة العسكرية والنفوذ الدولي، وأن تعاونها معهما حقق لها نجاحا من أول وهلة برفع العقوبات عنها.
وقياسا بذلك -إن صدقت النوايا – فلنبحث سويا عن أهم أدوات القوة التي تمتلكها مصر والتي يمكن أن نعددها في الآتي:
-يتوسط سد النهضة الموقع الجغرافي لمواطن قبائل الأوروم التي ينتمي غالبيتها للإسلام حيث يبدون اعتراضا على بنائه بعد انتزاع الحكومة أراضيهم منهم، ويطالبون بالانفصال عبر جبهة تحرير إقليم أورومو.
فيما يشكو المسلمون الذين يتجاوز عددهم من 45% الى 56% من عدد السكان حسب بيانات مراكز بحثية، ونحو 34% حسب البيانات الرسمية من التهميش والاضطهاد، وللأزهر الشريف تأثير بالغ عليهم.
يمكن لمصر اللعب بتلك الورقة، كما يمكنها اللعب بورقة الكنيسة المصرية حيث يشكل المسيحيون الأرثوذوكس هناك نحو50% من سكان إثيوبيا “حسب الإحصاءات الرسمية”، وهم الفئة المتنفذة في البلاد، وذلك عبر ممارسة الكنيسة القبطية أدوات الضغط المتاحة لديها.
– إثيوبيا تعاني من عدم إطلالها بشكل مباشر على البحر ما اضطرها لاستئجار حصة من ميناء بور سودان البحري عام 2018 وحصة من ميناء جيبوتي الرئيسي تربطه بأديس أبابا بخط حديدي، فضلا عن امتلاكها “قاعدة عسكرية بدعم فرنسي” هناك، وكلتا الدولتين الشقيقتين السودان وجيبوتي يمكنهما الضغط بتلك الورقة.
ويمكن في هذا الإطار الضغط باستخدام ورقتي قناة السويس لمصر وباب المندب في اليمن وفرض رسوم إضافية على البضائع الإثيوبية أو التلويح بمنع عبورها.
– وتعاني إثيوبيا من حركات انفصالية متعددة خاصة في إقليم أوجادين الذي سلمته بريطانيا لها اقتطاعا من الصومال عام 1954 رغم انتمائه عرقيا ودينيا للصومال واليمن، ولا زال هذا الملف يحتاج لداعم لتحريكه.
– كما دعم العرب وخاصة السودان والصومال إريتريا في الحصول على الاستقلال من إثيوبيا في القرن الفائت، يمكن لمصر الآن دعمها في مواجهة الضغوط الإثيوبية التي تمارسها عليها منذ الانفصال.
– وكما تتاح الخيارات العسكرية في الضغط المصري، تتاح أيضا ورقة الاستثمارات ويمكن لمصر ممارسة الاستثمار لا سيما الزراعي والحيواني في هذا البلد ما يعود بالنفع على البلدين.
ولو صدقت هذه التصورات يمكننا حينئذ استخدام قاعدة جنوب السودان المزعومة لعمل عسكري ضد السد.
هذه “بعض” من أوراق الضغط المصرية والسودانية في كارثة مهولة بحجم سد إثيوبيا يمكن استخدامها إن سلمت النوايا.
لا مجال للصمت على من يسلب من النيل هبته.
لقراءة المقال هنا على المعهد العربي للدراسات
………………………………………………..
Sisi Regime, Renaissance Dam, and American Attitude
by – Sayed Amin
at Egyptian Institute for Studies.
The statement made by US President Donald Trump during his last election conference before the start of the presidential elections concerning Egypt’s right to bomb the Grand Ethiopian Renaissance Dam (GERD) unless Ethiopia agrees on a formula that can satisfy all parties – sparked a great deal of controversy on this sensitive issue.
While some considered Trump’s statement as a green light for the regime in Egypt to bombard GERD with missiles, others considered it incitement against Ethiopia, and insult to the Egyptian regime -which failed to take a decisive stance in handling this disaster despite the escalating tone of the Ethiopian officials’ discourse against Cairo- due to the growing relationship of both Egypt and Ethiopia with China and Russia. In this regard, some observers suggest that Trump may have wanted to lure Egypt into war against Ethiopia, similarly to what happened with former Iraqi President Saddam Hussein, when he was given a green light by the US ambassador to Iraq to invade Kuwait!!
However, others believe that Trump’s comment was as a kind of indirect denial of what has been reported that the construction of the dam was carried out through secret agreements between the downstream countries and Ethiopia, under the auspices of the United States during the Trump administration.
Anyway, it is not a secret that we have become used to the fact that the American maestro is the one that orchestrates all our issues, whether small or large, and accordingly, all strings of the game regarding GERD are in his hands and subject to his own will.
The conspiracy theory
Therefore, if we accept this fact, we can simply consider the following as sufficient evidence:
– Removing Sudan from the US list of terrorism and accordingly exempting it from sanctions,
– The big leap of Lt. General Abdel Fattah Al-Burhan, head of the Sudanese Sovereign Council, towards normalization with Israel, and the subsequent Zionist interest in treating the pro-normalization activist, Amb. Najwa Gadaheldam before she died after being infected with COVID-19,
– The support provided by General Mohamed Hamdan Dagalo -generally referred to as Hemetti- Vice President of the Sudanese Sovereign Council, to the counter-revolution in Libya, and
– The UAE’s permeation into Sudan’s economy.
On the other hand, the repeated Ethiopian statements are shocking, provocative, and haughty, something that the Egyptians have not experienced before from an African, developing or Arab country, which made many Egyptians change their “mental” image of Addis Ababa as a modest country.
In the face of all this, the Egyptian reaction was so miserable and crushed that it succeeded in transmitting the feeling of fear to the souls of the people, and worked to convince Egyptians that their country could do nothing but hope that Ethiopia would take even one step back with respect to its tough positions, as the regime would accept any concession, whatever it was – in attempt to interpret this betrayal as wisdom in dealing with the status quo.
The Egyptian official media passed through its analysts concepts such as:
– Egypt cannot bomb the Ethiopian dam with missiles because countries such as China and Israel are protecting it with the use of deterrent defense systems,
– Sudan, which Egyptians were confident of its support, has abandoned its northern neighbor. Consequently, Egypt would not be able to strike GERD due to lack of direct borders between Egypt and Ethiopia, and because its collapse would be a disaster for Egypt.
On the Israeli side, it seems that it has been waiting for a green light from the United States to intervene and act on the whole issue.
Sometimes Israel emerges in Sudan, and sometimes it emerges in Ethiopia, especially on the issue of the Renaissance Dam, not to forget the grand reception and welcome with which Netanyahu was received in the Ethiopian Parliament and his frank comment there that Israel would benefit from the Nile water.
Since we believe that all these regimes are just obedient servants of the US administration, all these positions must be pre-meditated in order to justify surrendering to the fait accompli and deliver water to Israel as the only solution to the current dam crisis.
Such justifications are not only intended to persuade the Egyptian people, but also to convince parties within the regime that never believed that a clandestine activity was carried on behind the scenes to reach this point.
This fact being exposed will necessarily lead to questioning many campaigns waged by the Egyptian regime, including the war on terrorism, changing the religious discourse, the Suez canal duct, the deal of the century, and many other topics that the opposition monitors.
In this case, some can imagine that what has been leaked about Egypt’s leasing a military base in South Sudan – if the news aired on South Sudan’s state television is correct, although it was denied by its government – may be targeting Turkish bases in Somalia, Sudan and Djibouti, and not for attempting to strike Ethiopia’s dam.
The confrontation approach
However, many of those that reject the conspiracy theory suggest that the whole thing is related to the confrontation capabilities available to each country, arguing that only power and interests matter in this regard, excluding any pre-meditated deception against Egypt.
They also claim that Ethiopia and Israel have interests in maintaining joint cooperation between them; and that Sudan decided to side with the stronger side, the party that owns the lake, water, and accordingly electricity (Ethiopia); and makes friends with those that possess military power and international influence (Israel), where the Sudan-Israeli cooperation has resulted in success lifting sanctions against Sudan from the first moment.
The question here is, what are the most important power tools or pressure cards that Egypt possesses?
Egypt’s pressure cards
– The Grand Ethiopian Renaissance Dam is geographically located in the area that is considered the home of the Oromo tribes, the majority of which are Muslims, and they are against construction of the dam there after the Ethiopian government had snatched their lands from them; and they call for secession from Ethiopia through the Oromo Liberation Front. Meanwhile, Muslims whose number is estimated at 45% to 56% of the population according to data from some research centers, and at 34% of the population according to official data, complain of marginalization and persecution. In this case, given the fact that Egypt’s Al-Azhar has a great influence on the Muslim Oromo tribes, the Egyptian government can use this pressure card.
– Egypt can also use the pressure card of the Egyptian Orthodox Church, where the Orthodox Christians make up about 50% of Ethiopia’s population, according to official statistics, and they are the most influential group in the country.
– Ethiopia suffers from lack of a direct access to the sea, which forced it to rent a share from Port Sudan in 2018 and a share from the main port of Djibouti that is linked it to Addis Ababa via a railway, in addition to having a “military base with French support” there. In this case, both Sudan and Djibouti can help Egypt use this situation as a pressure card on Ethiopia.
– It is also possible to use the Suez Canal in Egypt and Bab al-Mandab in Yemen, as two pressure cards on Ethiopia, by imposing additional duties on Ethiopian goods, or threatening to block their transit.
– Ethiopia suffers from multiple separatist movements, especially in the Ogaden region that Britain delivered to it from Somalia in 1954, despite its ethnic and religious affiliation to Somalia and Yemen – another pressure card that can be activated.
– Arab countries, especially Sudan and Somalia, had supported Eritrea in gaining its independence from Ethiopia in the last century. Likely, Egypt can now support Eritrea in the face of the Ethiopian pressures practiced against Asmara since its secession.
– Egypt can also use the investment card, where Egypt can invest there, especially in agriculture and livestock, for the benefit of both countries.
– Finally, with regard to the military options, Egypt can use the alleged military base in South Sudan, if there is any, to carry out military action against the dam.
These are only “some” Egyptian and Sudanese pressure cards that can be used in the face of a disaster of the size of the Grand Ethiopian Renaissance Dam.
…………………………………………………
سيد أمين يكتب : معايير حكم الأغلبية في مصر والوطن العربي وأمريكا
الانبهار الذي عاشه المصريون ومعهم إخوتهم العرب وهم يشاهدون الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي جرت بين بايدن وترامب، وكيف أن الرئيس الأمريكي “السابق” ترامب وحملته، كانوا يتصرفون بوصفهم “معارضة” منزوعة السلطات، وكيف أن القضاة المنتمين للحزب الجمهوري والذين عينهم “ترامب” في مناصبهم بالمحاكم العليا خذلوه حينما طلب منهم وقف التصويت في بعض الولايات انحيازا للقانون، وكيف كان فرز الأصوات وغيرها من تصرفات غير معهودة في عالمنا العربي.
يتوازى ذلك الانبهار مع انبهار أخر جرى في مصر من الانتخابات البرلمانية المصرية، ولكنه انبهار مساوي له في المقدار، ومضاد له في الاتجاه!!.
وفي الواقع أن تجارب الاحتكام لرأي الأغلبية في مصر سواء أو في جميع أرجاء هذا الوطن المبتلى بحكم العسكر أساء كثيرا للفكرة على ما بها من نقاء ومنطقية، وحولها إلى ظاهرة عبثية تحمل قدرا كبيرا من التهريج، حيث جرى التحايل عليها بطرق شتى حتى صارت تعبيرا أكيدا عن حكم الأقلية.
حكم الأغلبية ما له وما عليه
في الغرب، جاء اللجوء لحكم الأغلبية بعد تجارب مريرة دامت لقرون من صور الاستبداد والصراع في جميع الاتجاهات ولكافة الأسباب، فعمَّ الخوف والجوع والجهل والتخلف، هنا اجبروا تحت وطأة هذه الظروف للتخلي عن أنانيتهم ومصالحهم الفردية الضيقة، وقفزوا على متن سفينة حكم الأغلبية وخضعوا لاشتراطاتها وتجاوزا عن انتقاداتها.
ومن ضمن تلك الانتقادات الموجهة لهذا النظام من الحكم، أنه يساهم في صناعة ديكتاتورية الأغلبية ويحرم الأقلية مهما كان عددها من إنفاذ رأيها، بل ويجبرها على الخضوع لرأي الأغلبية مهما كان خاطئا.
ومن الانتقادات أيضا أنهم يرون أن الإجماع على رأي ما لا يعني أبدا صحته، بخلاف أنه يمكن أن يُبنى رأي الأغلبية على معلومات مضللة، وبالتالي يتم خداعهم والتأثير على مواقفهم عبر الدعاية الإعلامية ومن خلال نقص الوعي وقلة المعرفة، فضلا عن إيمانهم بحقيقة أن معظم الآراء التي غيرت العالم وحسنت بيئته كانت أراء فردية.
حكم الأقلية في الوطن العربي
تستطيع أن تجزم أنه لا يوجد حكم أغلبية في معظم البلدان العربية، لأنها إما محكومة بنظم حكم ملكية وبعض تلك النظم ما زالت لا تمتلك مرجعية دستورية ولو شكلية، وإما نظم حكم عسكرية أو طائفية أو عشائرية منفردة او مجتمعة، وتحاول مسايرة الموضة العالمية بإخراج نظم حكمها بصورة كما لو كانت تعبير عن حكم الأغلبية.
وهذه الصيغة الزائفة هي الصورة المُرضية والمقبولة غربيا، لكونها تحقق له مصالحه من جانب، وتستوفي الشكل الديمقراطي من جانب آخر، رغم أنه يدرك يقينا أنها لا تمثل إرادة الأغلبية.
وللأسف كثيرا ما تواطأت تلك الدول في صناعة هذا الشكل من الحكم، فقد عملت على استبدال الحكم المنتخب برأي الأغلبية في مصر بحكم عسكري يرتدي ثوب الأغلبية، ولنا في الدعم الأوروبي غير المعلن أو حتى القليل المعلن منه إعلاميا وسياسيا أو ما ظهر منه عبر متحدثته كاثرين آشتون التي حثت المتظاهرين في ميدان التحرير عام 2012 على الاستمرار من أجل الإطاحة بالنظام، خير دليل.
وبنظرة متأملة في أغلب بلدان وطننا العربي ستكتشف بسهولة أن ما ينتج تحت شعارات حكم الأغلبية هو حكم الأقلية أو “اتحاد الأقليات” وهم من يحرصون على إقصاء الأغلبية.
النموذج المصري
ترافقت مع الانتخابات الأمريكية انتخابات أخرى برلمانية في مصر، وبالطبع عقد مقارنة بين الحدثين هو في الواقع مقارنة بين الثريا والثرى، ولكننا نحن هنا سنحاول المرور عبر أهم معوقات قيام حكم الأغلبية في مصر بالطريقة الصحيحة.
1- الأحزاب الوهمية :
بالقطع ستندهش لو عرفت أنه يوجد في مصر 104 حزب سياسي تربط بينهم جميعا صفات بأنه لا يوجد إيديولوجية أو برنامج حزبي واضح أو مفهوم، ولا يوجد من خلفه هدف سياسي جاد يحظى بشعبية، ويتسم جميع رجالها بدعم النظام الحاكم وقيادته، ويتصدر القيادة فيها أشخاص يعانون من الجهل السياسي والمعرفي، ولا يوجد لها أنصار حيث لا تزيد شعبية أغلبيتها عن الـ 5 ألاف عضو اللازمة لتأسيس الحزب قانونا، وفي الغالب لا يعبر عن وجود الحزب سوى مقر بائس في شقة هنا أو هناك، كما أن مفهوم تأسيس الحزب عند كثير من مؤسسي تلك الأحزاب لا يختلف كثيرا عن إنشاء محل بقالة، وبالتالي فان انتخابات تدور بين عناصر منتمية لهذه الكيانات بالقطع سيعزف عنها الناس.
وفي المقابل يتم منع الأحزاب ذات الإيديولوجيات الواضحة بدءا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار من ممارسة أنشطتها بمزاعم “جنائية” أو “دستورية” رغم أنها تحظي بشعبية ضخمة، وفي الغالب يتم حظرها أو دس عناصر أمنية بها لتفجيرها من الداخل.
2- ضعف الوعي السياسي:
عمل النظام العسكري الحاكم منذ انقلاب 1952 جاهدا على تسطيح وعي الناس وتجهيلهم، وإيهامهم عبر وسائل الإعلام التي يحتكرها بشكل مباشر أو غير مباشر بأن جماعات المعارضة عموما هي دكاكين – للمزايدة والتربح والابتزاز، ما تسبب في عزوف الناس عن العمل والمشاركة السياسية خاصة لما رأوه في أحزاب “الأنابيب” التي أنشأها النظام والقائمين عليها من نقائص.
وفي السنوات العشر الأخيرة أضيفت إليهم تهم العمالة للخارج وخيانة الوطن والإرهاب وذلك ردا على الطفرة الثقافية التي اكتسبها الناس من الممارسات الجادة للنشاط السياسي للأحزاب التي نشأت بعد ثورة يناير قبل القضاء عليها، كل ذلك جعل الناس ومعهم رجال “الأحزاب القائمة نفسها” يخشون الجهر بالمعارضة.
وكان البديل إزاء ذلك هو أن يستبدل الشعار السياسي بالشعار الخدمي المناطقي والجهوي، بمعني أن يكون برنامج المرشح في العمل النيابي عبارة عن لائحة بقائمة أعمال كإنشاء كوبري أو معدية أو مدرسة أو وحدة صحية.. إلخ في دائرته الانتخابية، ورغم أن ذلك من أعمال الإدارات المحلية “سواء معينة أو منتخبة” الروتينية إلا أن النائب عادة ما يعجز عن تنفيذها، فيلجأ للاستفادة من وصوله للبرلمان بتعيين عدد من أقاربه في دوائر السلطة المختلفة كالشرطة والجيش والقضاء والسلك الدبلوماسي.
وبالطبع فإن مثل هذا النائب لا تعنيه السياسات العامة للدولة وسيوقع على ما يطلب منه دون اكتراث للنتائج والأخطار.
أبرز ملامح عدم إنفاذ حكم الأغلبية في ضوء العملية الانتخابية الأخيرة في مصر:
1ـ الترهيب والترغيب: ترهيب المواطنين بدفع غرامات نظير عدم مشاركتهم في الانتخابات وتعقبهم أمنيا، وترغيبهم عبر توزيع الكراتين الخاصة بالسلع الغذائية والأموال على المواطنين من قبل جميع المرشحين والأحزاب القائمة، من أجل حثهم على المشاركة في الانتخابات، ورغم ذلك لم تتعدى نسبة المشاركة المعلن عنها رسميا 28% في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وأن أكثر من ثلث المصوتين أبطلوا أصواتهم.
2ـ ضعف المنافسة: رغم أن جميع الأحزاب القائمة في مصر لا تعتبر أحزابا معارضة للسلطة الحاكمة وإنما تتدرج بشكل مختلف في القرب منها أو البعد عنها، إلا أن المنافسة الحزبية جرت بين حزب السلطة وقائمته وبين أخرى للأحزاب الأقرب لها، فيما شاركت قائمة الأحزاب الأبعد من السلطة طمعا في الإفراج عن معتقليها، وبارك النظام مشاركتها من اجل تنفيس جزء يسير من الغضب الشعبي.
3ـ ضحالة وعي المرشحين: أظهرت الدعاية الانتخابية والمؤتمرات التي دعا لها بعض المرشحين والأحزاب في جميع الدوائر تقريبا ضحالة فكرهم وثقافتهم وكانت مثالا للتندر والسخرية، فضلا عن أن يكونوا ممثلين لإرادة الشعب.
خلاصة
في الواقع، إن ما حدث في أمريكا انتخابات تعبر عن حكم الأغلبية، وما جرى في مصر شئ يبدو كأنه انتخابات ولكنه لا يعبر إلا عن حكم الأقلية.
نشر المقال للمرة الاولى في المعهد المصري للدراسات
………………………………………….
Criteria of Majority Rule in Egypt, Arab World and US
by-Sayed Amin
Egyptian Institute for Studies.
Citizens in Egypt and other Arab countries have been fascinated by the recent US presidential election 2020 and the rivalry between Joe Biden and Donald Trump, especially that the “former” US President Trump and his campaign were acting as an “opposition” force whose powers have been removed; and how judges belonging to the Republican Party, whom Trump had appointed in US supreme courts, sided with the law and let him down when he asked them to block voting in some states, against the norms in the Arab world.
Meanwhile, unlike the popular fascination by the American elections, there was a feeling of disappointment in Egypt with respect to what happened in the so-called parliamentary “elections”, where results usually come according to what the intelligence services that support the ruling regime in Egypt want!
In fact, under the rule of the military, whether in Egypt or elsewhere, the practice of elections in such distorted way, while falsely calling this act ‘appeal to the opinion of the majority’, has greatly offended the pure idea of elections, and turned it into an absurd phenomenon, and accordingly the whole process has become an expression of the rule of the (military) minority, not the real majority.
Rule of the Majority: For and Against
In the West, the resort to majority rule came after centuries of bitter experiences of tyranny and conflict that had led to spread of fear, hunger, ignorance and backwardness. Under the pressure of these circumstances, Western societies found themselves compelled to abandon their selfishness and narrow individual interests, and decided to appeal to the opinion of the majority and agreed on the rule of the majority.
Among several criticisms directed to the democratic system of government is that it leads to dictatorship of the majority and deprives the minority, regardless of their number, from manifesting their views, and ultimately forces the minority to submission to the opinion of the majority, no matter how wrong it may be.
Among other criticisms to the opinion of the majority, some see that unanimity on one opinion does not at all mean it is the right thing, as the opinion of the majority may be based on misleading information to deceive the masses and influence their positions through media propaganda amid their lack of awareness and knowledge.
Rule of Minority in Arab World
In fact, there is no rule of majority in most Arab countries, as they are either governed by monarchical systems of government, some of which still do not have a constitutional reference, albeit formal; or governed by military, sectarian or tribal regimes that are only keen to formally go in line with the global system and portray their ruling regimes as expressive of the rule of the majority, of course against the truth.
Unfortunately, this false formula of elections is satisfactory and acceptable to Western countries, as it achieves their interests on the one hand, and provides a democratic picture, albeit formal, on the other, although they certainly realize that the outcome of such rigged elections does not at all represent the will of the majority of people.
However, the West has unfortunately in most cases backed creation of such form of corrupt governments. Even, it has worked to replace the elected government that was expressive of the opinion of the majority in Egypt with a military government that falsifies facts and portrays the rule of the tyrannical military minority as the rule of the majority through rigged elections that do not express the real opinion of the masses. In this regard, we must not forget the European media and political support, whether declared or unannounced, that has been provided to the military coup in 2013. An evidence of this Western hypocrisy is the attitude of EU High Representative of the Union for Foreign Affairs and Security Policy Catherine Ashton, when she urged the anti-Morsi protesters in Tahrir Square in 2012 to maintain their demonstrations in order to overthrow the regime (the democratically elected government for the first time in Egypt).
With a closer look at most regimes in Arab countries, we can easily find out that the results of rigged elections under the slogans of rule of the majority are, in fact, a clear embodiment of the rule of the minority that is keen to exclude the true majority from power with the blessing of Western countries.
The Egyptian Model
At the time when the US presidential election was ongoing in the United States, parliamentary “elections” were held in Egypt. Of course, a comparison can never be made between the two events, but hereunder we will try to discuss the most important obstacles to the rule of the majority in Egypt:
1- Fake Parties:
Of course, the reader would be surprised to knnw that there are 104 political parties in Egypt that all lack any clear ideology, party platform, or serious political goals supported by masses. Almost all leaders of these sham parties suffer from political and cognitive ignorance, but have the support of the ruling regime and its leaders! These parties do not have real supporters, as most of them do not have more than the 5,000 members required to foundation of the party. Often, the presence of the party is expressed by a miserable headquarters in a flat here or there. Also, the concept of launching a party to many founders of the current political parties in Egypt is not much different from opening a grocery store. This is why people are reluctant to join these parties or participate in any elections.
On the other hand, parties that have clear ideologies, from the far right to the far left, are prevented from carrying out any activities under “criminal” or “constitutional” allegations, despite their popularity. Therefore, such parties are either banned or detonated from within by security services.
2- Poor Political Awareness:
Since the 1952 coup, the ruling military regime has worked hard to dismiss and avoid people’s awareness, and delude them through the media outlets that it monopolizes, directly or indirectly, that opposition groups in general aim at outbidding, profitmaking and blackmailing, which prompted people to abstain from engagement in political action.
Over the last ten years, the regime has added to the opposition charges of treason and terrorism, in response to the cultural boom that Egyptian people gained from the serious practices of political activity by the parties that arose after the January Revolution before their subsequent elimination. This has made both the Egyptian people and leaders of the existing sham parties afraid to speak out against the regime.
Therefore, the program of a candidate for parliament membership has become only a list of services that he/she intends to pursue implementation with various government bodies, such as building a bridge, school, hospital, etc.; even though such activities must be included in the routine work of local administrations, whether appointed or elected. However, a member of parliament usually cannot fulfill even such promises to his electorate, so he/she ultimately resorts to achievement of personal benefit from the parliament’s membership by mediating to appoint a number of his relatives in key authority departments such as the police, the army, the judiciary and the diplomatic corps.
Of course, these members of parliament are not concerned with the regime’s general policies; therefore, they approve any bills submitted by authorities to Parliament without regard for their consequences and dangers.
Key features of the lack of enforcement of the rule of the majority in Egypt in light of the recent election process:
1- The “carrot and the stick” approach: where the government intimidates citizens by threatening to impose fines for not participating in elections and chasing them by security organs, while at the same time encouraging citizens to participate in elections by distributing money and cartons of food commodities among them by candidates and parties. Nevertheless, the officially declared turnout did not exceed 28% in the first phase of the House of Representatives elections, where more than a third of voters nullified their votes.
2- Poor competition: Although all the existing parties in Egypt are not considered opposition parties, but rather vary in terms of proximity or distance from the ruling authority, partisan competition took place between the list of the regime’s main party and a list submitted by parties closer to it. However, some parties that are a little farther from the government participated in elections in the hope of releasing some of their detainees, a move that the regime welcomed with the aim of venting a small part of the mounting popular anger against the government.
3- Shallow awareness of candidates: The election propaganda conferences organized by some candidates and political parties in almost all electoral districts showed their shallow thought and culture, which exposed them to ridicule, as candidates for representing the will of the people.
In fact, the recent US presidential election is expressive of the rule of the majority, but what has taken place in Egypt is something else – although it may sound like “elections” but its outcome only manifests the rule of the military minority.
……………………………………………….
سيد امين يكتب : ملاحظات على نظرية العَوْد الأبدي
نشر في المرة الاولى على موقع عربي 21
مع ظهور وباء الكورونا بداية عام 2020، راح الكثيرون يرددون أن هناك لغزا في رقم عشرين، وأن كل عام يوافق الرقم عشرين من كل قرن يتفشى فيه وباء قاتل يفتك بمئات الآلاف من البشر، فما بالك لو كان الرقم يحتوي على ذات الرقم مرتين هذا العام!
أصحاب هذه الرؤية دللوا على ذلك بأنه في عام 1720 ضرب الطاعون مدنا أوروبية وخاصة في فرنسا مخلفا 100 ألف قتيل، وفي 1820 ضربت الكوليرا دول شرق آسيا وخاصة إندونيسيا والفلبين وقتلت ما يقرب من 100 ألف آخرين، وفي 1920 ضربت الإنفلونزا الإسبانية العالم أجمع وخاصة إسبانيا وأوربا، فخلفت هذه المرة ما يقرب من 100 مليون قتيل.
وزاد هؤلاء المندهشون بقولهم أن كل اعوام الرقم 20 في التاريخ الأقدم كانت كلها تحمل دلالات غامضة، فأعوام 1420 و1320 و1220 و820 و720 و620 و520 وما قبلها، كانت جميعا – بحسب موسوعة “ويكيبيديا – أعواما كبيسة، وبالقطع نعرف أن العوام يربطون بين الأعوام الكبيسة والنحس.
وأهلكت الأوبئة عبر التاريخ العديد من القوى العظمى؛ فقد ساهم الطاعون في تدهور اليونان القديمة، ولعبت الملاريا التي تفشت في جنوب أوروبا في القرن الخامس دوراً كبيرا في انحدار روما القديمة، وكان الناجون يعانون من نوبات حمى منتظمة لبقية حياتهم ما جعلهم غير قادرين على العمل بجد ما ساهم في تدهور الزراعة.
وفي بريطانيا أنهى الجدري عهد أسرة ستيوارت؛ ذات الأصول الأسكتلندية، حيث حكمت بريطانيا حتى عام 1714، كما دمر جيش نابليون في روسيا بسبب أوبئة “الحمى النمشية”، وهو مرض معد بسبب بكتيريا الكساح، و”الزحار” أو التهاب الأمعاء.
حقب التاريخ تتكرر
وللمتأمل في التاريخ سيكتشف بسهولة أن حقب التاريخ نفسها تتكرر أيضا، حيث يبدأ كل قرن بموجة من تفشي العدوانية يقوم بها القوي على الضعيف، ويستمر التوتر والخراب والاضطرابات الداخلية والخارجية في بداية كل قرن، ثم تحدث عملية استقرار نسبي ثم عملية تنمية ثم عملية انهيار جديدة.
بل إن الأحداث نفسها تتكرر أو تتشابه، تماما كما وصف الفيلسوف الإيطالي نيكولا مكيافيللي مراحل نمو الدول وانهيارها بقوله: “عندما وصلت الدول إلى أعلى درجات كمالها، سرعان ما بدأت بالانهيار. بنفس الطريقة، بعد أن قلصتها الفوضى وغرقت في حالتها المتناهية من الانحطاط، عاجزةً عن الانحدار أدنى من ذلك، تصعد مجدداً من رحم الحاجة، وهكذا، تنحدر تدريجياً من الخير إلى الشر وترتقي من الشر إلى الخير”.
فمثلا شهدت بدايات القرن السابع عشر انتصار الصفويين على الدولة العثمانية، وحرب الثلاثين عاما في أوروبا والشهيرة بـ”الثورة البوهيمية”، والحرب العثمانية البولندية.
وشهدت بدايات القرن الثامن عشر العديد من الثورات منها الثورة الفرنسية والأمريكية، واندلاع حرب الشمال العظمى بين روسيا والدنمارك، والنرويج ضد السويد، وحرب إنجلتر ضد فرنسا المعروفة بحرب “الخلافة الإسبانية”.
وشهدت بدايات القرن التاسع عشر ثورة العبيد في هايتي وانتقلت تلك الثورة الى الكثير من بقاع العالم الاستعماري، كما شهدت أتون الحملة الفرنسية على مصر وحملة فريزر على مصر، وتوغل الاستعمار البريطاني في العديد من بقاع الأرض، وصعود محمد علي وخوضه العديد من الحروب ضد الدولة العثمانية مدعوما من فرنسا.
وفي بدايات القرن العشرين حدثت الحرب الأولى التي غيّرت شكل العالم، واستبدلت الإمبراطوريات الروسية والألمانية والنمساوية والمجرية والعثمانية بإمبراطوريات جديدة.
وشهدت بدايات القرن الحادي والعشرين عمليات الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق، والعديد من الثورات في البلدان العربية.
لعبة التشابه
وإذا كانت للأرقام دلالات واسعة في التاريخ حملت البعض على اعتناق مفهوم التكرار التاريخي أو “العَود الأبدي” الذي كُتب عنه بصيغ مختلفة منذ القدم، ووضحت الملاحظة على المجتمع على يد المؤرخ اليوناني قبل الميلاد بوليبيوس، ونظَّر لها في القرن التاسع عشر كل من الشاعر الألماني مؤلف نشيد النازي الوطني، هاينرش هاينه، والفيلسوف الملحد فريدريك نيتشه، فإن المدهش حقا أن تتكرر نفس الأحداث أيضا في أزمنة أخرى ومع أشخاص آخرين، وكأن الحياة عملية ديناميكية متى توافرت لها أسباب معينة أنتجت نتائج معينة، فمثلا الأسباب التي أدت إلى الثورة البلشفية بداية القرن العشرين هي نفسها الأسباب التي أدت إلى انكسار تلك الثورة وزوال الاتحاد السوفييتي في نهاية ذلك القرن.
والتآمر الغربي وأتباعه العرب على الدولة العثمانية بداية القرن العشرين يشبه لحد كبير التآمر على الدولة التركية الأردوغانية في القرن الحادي والعشرين، من نفس الجهات والعناصر.
نعم التاريخ يتكرر ولا داعي للإطالة في سرد الأمثلة، ولكن ينبغي التنبيه على أن دراسته بصورته الحقيقية هي في الواقع دراسة متعمقة في المستقبل.
………………………..
سيد أمين يكتب : المطبِّعون الجدد .. من يربح ماذا؟
لم تحرز إسرائيل انتصارا كبيرا يستحق هذا الصخب والاحتفالات في حزمة التطبيع العربية الجديدة الموقَّعة معها، مع الإمارات والبحرين والسودان، تماما كما لم تحرز انتصارا في الحزمة القديمة إبان توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، واتفاقية وادي عربة مع الأردن، وذلك لأنها في الحزمة الجديدة فقط أخرجت العلاقة الخبيثة من الظلام إلى العلن، وهى لم تطبِّع أبدا مع الشعوب العربية ولم تحترم إرادتها قط، ولكنها طبَّعت مع نظم حكم يعلم القاصي والداني أنها خاضعة كليا أو في أحسن الظروف جزئيا لقوى الخارج لا سيما الولايات المتحدة التي هي حليف إسرائيل الكبير، وبالتالي فان النجاح هنا سيكون مشكوكا فيه.
كما أنها بإشهارها حزمة المطبعين الجدد تلك، أراحتنا وأراحت كافة الوطنيين من مهمة البحث والبرهنة والتدليل على العلاقات الخبيثة التي تجمع تلك النظم بالكيان الصهيوني، وقطعت خطط التخبئة والخداع التي كانت تمكِّن هذه النظم من بث سمومها في كل أعمالنا الجمعية العربية الوطنية على قلتها، حيث صارت الصورة الآن أكثر وضوحا.
ورغم العار الذي يلاحق من سِلك هذا المسلك إلا أن التجارب السابقة أثبتت لنازعي رداء الوطنية والولاء الجدد أن من سبقوهم لارتكاب هذه الفعلة القبيحة لم ينعموا بـ “الجزرة” أبدا وأن إسرائيل هي التي تقطفها دائما لنفسها، فما خلت مصر والأردن من الهموم الاقتصادية ولا صارت القاهرة ولا عمّان فيينا الشرق، بل انتقلوا جميعا من طور الندّية إلى الأتباع.
أدوار واحدة:
ـدول الخليج المهرولة للتطبيع هي في الواقع تمارس هذا الدور منذ عقود، وخطواتها الخارجية تتوافق تماما مع المصالح الإسرائيلية، فهي تعادي من يعادي إسرائيل، كالتيار الإسلامي “حماس والإخوان”، والتيار القومي كـ “صدام حسين والقذافي وعبد الناصر، والتيار الاشتراكي كـ “المنصف المرزوقي” في تونس، والتيارات الاشتراكية في الوطن العربي.
وفي المقابل هي تسالم من يهادن إسرائيل ويساندها ككل الحركات اليمينية المتطرفة في كافة بقاع العالم من الهند لأوروبا لأمريكا.
وبعض هذه النظم ظل لعقود يخدم إسرائيل بما هو أعمق كثيرا من الملفات المعلنة لاتفاق التطبيع المزعوم، لدرجة أن البعض ذهب أن إنشاء تلك الكيانات كان في الأصل من أجل حماية إسرائيل وتفتيت وحدة العالم الإسلامي ضدها، للدرجة التي تجعلك تشك بأنها تدفع ثمن كل رصاصة أطلقها الكيان الصهيوني تجاه أبناء شعبنا في فلسطين أو لبنان أو حتى في سيناء، وتخدّم بكل جد وهمة وبذخ على سياساتها وأهدافها في مصر وليبيا و شرق المتوسط وتونس و البحر الأحمر و اليمن.
والمتأمل للمشهد العربي الآن سيكتشف بسهولة أن الدمار الذي أحدثته الدول التي هرولت تجاه إسرائيل في الوطن العربي أضعاف ما كان يمكن أن تحققه إسرائيل بعشرات النكسات والهزائم له، فقد نقلت المجابهة بين الأقطار العربية وإسرائيل إلي مجابهة بين شعب عربي وأخر، ومجابهة بين فئات داخل الشعب نفسه، وهو ثمن كثير للغاية لن تدفع إسرائيل له مقابل يعادل حجم الخيانة.
خسارة أم مكسب؟
ومن المنطقي أن نعرف أن من يلجأ إلى التطبيع من النظم العربية يكون في حاجة إلى إحداث نهضة اقتصادية وإنعاش اقتصادي، أو يكون الشعب نفسه بحاجة الى هذا الأمر، فيضطر ذليلا إلى التخلص من أعباء الالتزامات الوطنية والأخلاقية التي فرضت عليه كشعب عربي ومسلم تجاه أشقاء آخرين له تعرضوا للنفي والتهجير والإبادة.
لكن المدهش هنا أن من يقودون مسيرة التطبيع الجديدة في الوطن العربي من دول النفط والجاز ليسوا بحاجة الى الحزمات الاقتصادية التي يمكن أن تمنحها لهم إسرائيل، بل على العكس تماما، فهم من سيدفعون للكيان الصهيوني وسيساعدونه في كسر ما تبقى له من عزله، وسيروجون لمنتجات المستوطنات التي “يحظرها” الغرب نفسه، ويندد بالاستيلاء عليها، وسيدعمون قضاياه في المحافل الدولية، رغم أن انتصاره في أي قضية تعني بكل بساطة خسارة فادحة للشعوب العربية.
وبالتالي فان الهدف من تلك الهرولة لإشهار العلاقة الخبيثة مع تل أبيب هو فقط السعي نحو الإنعاش السياسي لنظم فقدت كل المبررات الأخلاقية لوجودها، وصارت تمثل احتلالا محليا لشعوبها.
فلا هي نظم منتخبة، ولا هي حتى نظم “ملكية دستورية”، ولا هي ديمقراطية، ولا هي نظم راشدة، هي فقط نظم عائدة من ظلام القرون الوسطى، فدستورهم إرادة الحاكم، يرتكبون الفظائع والجرائم النكراء دون مسائلة، وينشرون عظام المعارضين، ويتخذون أسرهم سبايا وعبيد، والمصدر الوحيد الذي يستمدون به شرعيتهم لدى الغرب منذ عقود بأنهم يقفون مع غلاتهم ومتطرفيهم في نفس الخندق حربا على العروبة والإسلام.
وفي تقديري أن انكشاف تبني إسرائيل لهذه النظم سيضرها على المدى القريب أكثر مما يفيدها، حيث يوضح صورتها الحقيقية للعالم ككيان عنصري فاشي، لا يلتحم إلا مع النظم الفاشية التي تضاهيه، وهى الصورة التي عكفت لعقود على نفيها وسعت لتزييفها غشا وخداعا.
وعلى المدى البعيد ستضطر إسرائيل لوقف عملية تلويث سمعتها التي بذلت الكثير منذ نشأتها على ترسيخها في “الميديا” الغربية خداعا وتضليلا وكذبا، وستتخلص من هذا الحمل الثقيل بعد أن بهت بريقه وجف ضرعه، وأصبحت مثالبه أكثر من مزاياه.
اقرأ المقال هنا في المعهد المصري للدراسات
الرابط البديل: https://tinyurl.com/y9j9taft
………………………………
سيد امين يكتب : الغرق في شلالات الوطنية
في اللغة، لو طلبت من أحد أن يسقي”الشجرة المثمرة” فهذا يعني من ضمن ما يعني أن هناك أيضا أشجارا غير مثمرة، وبالمثل لو كنت تعيش في القاهرة ووجدت سيارة مكتوبا عليها “الشرطة المصرية” فهذا يعني ضمنا أن هناك شرطة غير مصرية في هذه المدينة، وهو بالطبع أمر ليس حقيقيا، ما يبعث على الدهشة من هذه التسمية، خاصة أن هذا التمييز العجيب صار منذ 2013 مشاع الاستخدام في كافة أجهزة الدولة وأدواتها، حيث تشيع شعارات من عينة الجيش “المصري”، والقضاء “المصري”، والسكك الحديدية “المصرية”، والمترو “المصري” وهكذا.ولو كان هذا التعريف التمييزي يقتصر فقط على المنشآت الكبرى للوزارات والمصالح لكان الأمر مقبولا، ولكن الغريب أن تجد الجندي والقاضي والكمساري وحتى عمال النظافة وغيرهم يحملون تلك الشارات.قد يقول قائل إن الهدف من تعميم هذا السلوك هو غرس قيم الوطنية والانتماء للوطن والاعتزاز به في نفوس الناس، وهو قول مردود عليه بأن قيم الوطنية لا تغرس في النفوس بالشعارات ولكن بالممارسات والأفعال.فإذا وجدت رجل الأمن مثلا يقوم بدوره الذي يتقاضى عليه راتبه فعلا ويحافظ على أمني وسلامتي، فإنني بلا ريب سأكن له الحب والاعتزاز، أما إذا كان هذا الرجل لا يكترث لا بأمني ولا بسلامتي، بل إنه هو نفسه الذي يشكل أحيانا تهديدا لهما، فإن حمله لهذا الشعار سيفهم منه حينئذ الخداع والتمويه، كما أنه لا يفترض بي إعلان حبي له إن شئت كتمه، ولا لوم علي أن شعرت تجاهه بنقيض ذلك، طالما لم اخرق حريته وحقوقه الإنسانية.
استنزاف الوطنية
وعلى طريقة بطولات “دون كي شوت”، عاش المصريون في السنوات الماضية ما يشبه أجواء انتصارات عبد الحليم حافظ الغنائية، وفتوحات أحمد سعيد الإذاعية، ومغامرات رأفت الهجان التجسسية، والخطب الحماسية الملقاة في غير محلها.فهذه البطولات مع كل ما بذل فيها من جهد لم ينقصها أن تكون مهيبة سوى نجاحهم في تسويق العدو الجديد، تركيا بديلا عن إسرائيل، وطرابلس بدلا من القدس، انتهاء إلى الانتصار على الكورونا بـ “الشلولو” و “الفول المدمس”.وفي نفس السياق، وفي إطار إلباس الوطنية لغير موضعها، تم ربط لفظ وطني بكل شيء يمت للسلطة بصلة وبكل مسلك أو تصرف تتصرفه، بدءا من أنها السلطة الوطنية – وكأن هناك سلطة أخرى في مصر لكنها غير وطنية – مرورا بجهاز أمن الدولة الذي بعد أن أدى دوره في إخماد جذوة ثورة يناير أسبغت عليه الصفة فصار أمنا وطنيا، بجوار الجيش الوطني والشرطة الوطنية، والمؤسسات واللجان أو الأمن السيبراني والتدريب والطرق وغيرها، وحتى شركات الخدمات المعاونة الوطنية، انتهاء بمحطات الوقود “وطنية”.ولكي لا تصاب بالتشبع من طوفان “الوطنية” التي انتسبت إليها كل هيئة أو جهاز مستحدث في هذا العصر “الوطني” الذي يجري فيه التنازل عن أرض مصر بكل وطنية، يمكنك كمواطن “وطني” التنويع والعودة لمصطلحات الأقدمين “القومية” التي تركت دون تغيير بعد.
وطنية زائفة
الوطنية التي يروج لها المروجون الآن والتي حاولوا تقديمها تارة كظاهرة صوتية للنشء في شكل أنشودة مدرسية صارت أمثولة للسخرية، وتارة أخري كظاهرة تاريخية كما حدث في مسلسل “ممالك النار” دخلت كسابقتها في سباق للسخرية لأن بطل الواقعة كان عبدا مملوكيا، وعبورا أيضا بمسلسل الاختيار الذي من ينتقده يصبح خائنا، ومن لم يشاهده وطنيته ناقصة ويجب توجيهه وإرشاده.وحتى فشلوا في تقديمها كظاهرة غنائية في “بشرة خير” و “إحنا شعب وانتوا شعب” وحتى اختزالها في شعار “تحيا مصر 3 مرات” الركيك الذي يستخدمونه كتوقيع بعد أي وصلة نفاق.كلها ظواهر تذكرنا بطقوس إيمان الأقدمين من عبدة الأوثان، حينما كان الوثنيون يذهبون للوثن الإله قبل أن يغيروا على قوافل التجارة المارة بالقرب منهم وذلك لتقديم القرابين والنذور والتذلل له بالأدعية من أجل أن يوفقهم “الوثن” في سلب ونهب تلك القوافل الآمنة المسالمة وسبي نسائها وبيع رجالها كعبيد، فكان إيمانهم شكلي وغايتهم غير نبيلة.
العكس تماما
الغريب أنه وسط هذا الهطول للوطنية، لا تجد في مصر إلا ما هو يفتقد لأي قدر من الوطنية، جزر البلاد الإستراتيجية تُباع، والمياه البحرية وحقول الغاز توهب للأعداء ونعود لنشتري منه الإنتاج، وشركات تنتمي لدول بعينها تسيطر على اقتصاد البلاد وجنسية البلاد تباع كبضاعة رخيصة وتسحب كخلاص من قيود السجن للمعتقلين، وشعب يُهَجّر، واقتصاد يتهاوى، ونيل يجف، وبلاد تتربع دون منازع على المناصب الأولى عالميا أو عربيا في الفساد والبؤس والانتحار والبطالة والأمراض والاستدانة والفقر والقمع والسجن والقتل خارج إطار القانون وإهدار حرية التعبير وحقوق الإنسان، وحلم أحلام جل شبابها الهجرة للخارج فارين بأحلامهم وأمانيهم ومستقبلهم.السلطة ومعارضتها الشكلية أغرقا المجتمع في شلالات من الوطنية الزائفة، فأدرك الناس زيفها فردوها على المجتمع بمزيد من الإحباط واليأس والانتحار والانحراف والإجرام.
اقرأ المقال الرابط: https://eipss-eg.org/?p=46895
الرابط البديل: https://tinyurl.com/y8pyfbaz
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
Egypt Plunging in Falls of “Fake Patriotism”
by-Sayed Amin
Egyptian Institute for Studies.
If someone asks you to look at “the fruitful tree”, this may imply that there are other “fruitless trees” nearby; and likewise, if you see a police patrol in Cairo streets with banners of “Egyptian Police” highlighted on
vehicles, this may give an impression that there is non-Egyptian police operating in the Egyptian capital, which, of course, is not true.
So why do authorities insist on using two words, i.e. “Egyptian Police”, while one word, “Police”, is enough to convey the intended meaning?
In fact, this strange approach has been adopted by authorities since 2013, and has expanded to include all state agencies and services, where you can see, for example, the “Egyptian army”, the “Egyptian judiciary”, the “Egyptian railways”, the “Egyptian subway”, and so on.
If the use of such phrases were only limited to major installations of ministries and departments, things would have been more acceptable; but it is strange to find soldiers, judges, ticket inspectors, and even dustmen and others having badges with the modifying word “Egyptian” affixed to their uniforms.
Some might argue that generalization of such titles is aimed at instilling the values of patriotism, belonging to the homeland, and national pride in the souls of citizens. However, others believe that such approach is not correct, arguing that values such as patriotism are not instilled in people by repeating or chanting slogans but rather through practices and actions.
To make this proposition clearer, let us just think of the following:
When policemen, for example, do their job for which they are paid perfectly and preserve the security and safety of citizens, people will undoubtedly show respect and pride of them. On the contrary, when policemen fail to care about the security or safety of citizens and even pose a threat to their security and safety, then people will of course fear and even hate them, despite the badge of “Egyptian Police” they are affixing to their uniforms. In fact, such badges in this case will never be able to help instill patriotism and belonging to the homeland in the hearts of citizens; rather they will be a sign of plain deception. Therefore, a citizen is not supposed to express appreciation of persons that do not deserve it; rather, they cannot be blamed if they feel angry towards such “Egyptian” policemen that do not watch over their security nor guarantee their safety, but with no violation of the freedom and human rights of policemen.
Draining patriotism
Similarly to Don Quixote’s victories, the Egyptians have experienced fake victories over the past few years, which reminds people of those fake victories that used to be promoted in the songs of the late famous Egyptian singer Abdel Halim Hafez during the Nasserite era, and likewise the hollow statements that used to be read by the radio broadcaster Ahmed Saeed in the Egyptian Radio’s news bulletins at the time, as well as all the enthusiastic speeches delivered in the wrong place and situation.
In this way, the regime’s mouthpieces have been promoting that the new enemy has become Turkey instead of Israel, that the national target is to overthrow Libya’s UN-backed Government of National Accord rather than to liberate Jerusalem from the Zionist occupation, and that the COVID-19 can be defeated by a 5,000-year-old Egyptian dish called “shalawlaw”, and “fava beans”, a popular Egyptian dish.
In the same context of fake patriotism, the adjective “national” in the sense of highlighting “patriotism” has been linked with everything related to the existing government and authority, starting from the “national authority” -as if there is another authority in Egypt that is not national- through the State Security Apparatus, that after it had succeeded in suppressing the January revolution, acquired the characteristic of “national” where its name changed into the National Security Apparatus, in addition to the “national army”, the “national police”, and the “national” institutions, committees, cybersecurity, training, roads, and even the “national” logistic companies, where the adjective “national” has also become a proper name for a series of petrol stations owned by the army, “Wataniyah” the Arabic word for “National”.
The flood of fake “patriotism” has overwhelmed everything related to the ruling regime in this “national” era, where the regime that claims patriotism ceded the country’s land and wealth to other countries!!
Fake patriotism
This kind of patriotism that is still being promoted by supporters of the ruling regime in Egypt has been highlighted in the form of a school song “Alo Aih Aleina?” (What did they say about us?) to be repeated by pupils; a popular song to be circulated among people such as “Boshret Kheir” or “We’re a people and you’re another people”, addressing dissent; a historical TV serial such as “Kingdoms of Fire” or “The Choice”, whose critics are accused of being traitors. Even “patriotism” from the point of view of the regime has been manifested in an arrogant slogan “Long live Egypt-3 times” that is used in the context of hypocrisy. However, instead of instilling real patriotism in the people, these manifestations of fake patriotism have become subject to ridicule and mockery by citizens.
Exactly the opposite
It is strange that in the midst of these sweeping torrents of pseudo-patriotism, one can hardly find any aspects of real patriotism, where:
– Egypt’s strategic Red Sea islands of Tiran and Sanafir have been waivered or sold, vast areas of exclusive economic zones have been abandoned, and many natural gas fields have been ceded;
– Companies belonging to certain countries (most notably the UAE) almost control the country’s economy;
– Egyptian citizenship is being sold as cheap goods, while it is stripped off Egyptian citizens for political purposes;
– Egyptians, especially in Sinai, are displaced and their houses are demolished;
– The Egyptian economy is almost collapsing;
– Egypt’s historical rights in Nile waters are threatened;
– Pervasion of corruption, misery, suicide, unemployment, diseases, debts, poverty, oppression, imprisonment, and extra-judicial killing; and absence of freedom of expression and human rights;
– Most young people in Egypt dream of emigrating abroad to fulfill their aspirations and secure their future.
The regime and its dependent opposition at home have plunged the Egyptian society into falls of false patriotism. However, the people’s awareness of the reality of this situation was reflected in the Egyptian society in the form of frustration, despair, suicide, deviation and criminality, not patriotism
الانبهار الذي عاشه المصريون ومعهم إخوتهم العرب وهم يشاهدون الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي جرت بين بايدن وترامب، وكيف أن الرئيس الأمريكي “السابق” ترامب وحملته، كانوا يتصرفون بوصفهم “معارضة” منزوعة السلطات، وكيف أن القضاة المنتمين للحزب الجمهوري والذين عينهم “ترامب” في مناصبهم بالمحاكم العليا خذلوه حينما طلب منهم وقف التصويت في بعض الولايات انحيازا للقانون، وكيف كان فرز الأصوات وغيرها من تصرفات غير معهودة في عالمنا العربي.يتوازى ذلك الانبهار مع انبهار أخر جرى في مصر من الانتخابات البرلمانية المصرية، ولكنه انبهار مساوي له في المقدار، ومضاد له في الاتجاه!!.وفي الواقع أن تجارب الاحتكام لرأي الأغلبية في مصر سواء أو في جميع أرجاء هذا الوطن المبتلى بحكم العسكر أساء كثيرا للفكرة على ما بها من نقاء ومنطقية، وحولها إلى ظاهرة عبثية تحمل قدرا كبيرا من التهريج، حيث جرى التحايل عليها بطرق شتى حتى صارت تعبيرا أكيدا عن حكم الأقلية.
حكم الأغلبية ما له وما عليه
في الغرب، جاء اللجوء لحكم الأغلبية بعد تجارب مريرة دامت لقرون من صور الاستبداد والصراع في جميع الاتجاهات ولكافة الأسباب، فعمَّ الخوف والجوع والجهل والتخلف، هنا اجبروا تحت وطأة هذه الظروف للتخلي عن أنانيتهم ومصالحهم الفردية الضيقة، وقفزوا على متن سفينة حكم الأغلبية وخضعوا لاشتراطاتها وتجاوزا عن انتقاداتها.ومن ضمن تلك الانتقادات الموجهة لهذا النظام من الحكم، أنه يساهم في صناعة ديكتاتورية الأغلبية ويحرم الأقلية مهما كان عددها من إنفاذ رأيها، بل ويجبرها على الخضوع لرأي الأغلبية مهما كان خاطئا.ومن الانتقادات أيضا أنهم يرون أن الإجماع على رأي ما لا يعني أبدا صحته، بخلاف أنه يمكن أن يُبنى رأي الأغلبية على معلومات مضللة، وبالتالي يتم خداعهم والتأثير على مواقفهم عبر الدعاية الإعلامية ومن خلال نقص الوعي وقلة المعرفة، فضلا عن إيمانهم بحقيقة أن معظم الآراء التي غيرت العالم وحسنت بيئته كانت أراء فردية.
حكم الأقلية في الوطن العربي
تستطيع أن تجزم أنه لا يوجد حكم أغلبية في معظم البلدان العربية، لأنها إما محكومة بنظم حكم ملكية وبعض تلك النظم ما زالت لا تمتلك مرجعية دستورية ولو شكلية، وإما نظم حكم عسكرية أو طائفية أو عشائرية منفردة او مجتمعة، وتحاول مسايرة الموضة العالمية بإخراج نظم حكمها بصورة كما لو كانت تعبير عن حكم الأغلبية.وهذه الصيغة الزائفة هي الصورة المُرضية والمقبولة غربيا، لكونها تحقق له مصالحه من جانب، وتستوفي الشكل الديمقراطي من جانب آخر، رغم أنه يدرك يقينا أنها لا تمثل إرادة الأغلبية.وللأسف كثيرا ما تواطأت تلك الدول في صناعة هذا الشكل من الحكم، فقد عملت على استبدال الحكم المنتخب برأي الأغلبية في مصر بحكم عسكري يرتدي ثوب الأغلبية، ولنا في الدعم الأوروبي غير المعلن أو حتى القليل المعلن منه إعلاميا وسياسيا أو ما ظهر منه عبر متحدثته كاثرين آشتون التي حثت المتظاهرين في ميدان التحرير عام 2012 على الاستمرار من أجل الإطاحة بالنظام، خير دليل.وبنظرة متأملة في أغلب بلدان وطننا العربي ستكتشف بسهولة أن ما ينتج تحت شعارات حكم الأغلبية هو حكم الأقلية أو “اتحاد الأقليات” وهم من يحرصون على إقصاء الأغلبية.
النموذج المصري
ترافقت مع الانتخابات الأمريكية انتخابات أخرى برلمانية في مصر، وبالطبع عقد مقارنة بين الحدثين هو في الواقع مقارنة بين الثريا والثرى، ولكننا نحن هنا سنحاول المرور عبر أهم معوقات قيام حكم الأغلبية في مصر بالطريقة الصحيحة.
1- الأحزاب الوهمية :
بالقطع ستندهش لو عرفت أنه يوجد في مصر 104 حزب سياسي تربط بينهم جميعا صفات بأنه لا يوجد إيديولوجية أو برنامج حزبي واضح أو مفهوم، ولا يوجد من خلفه هدف سياسي جاد يحظى بشعبية، ويتسم جميع رجالها بدعم النظام الحاكم وقيادته، ويتصدر القيادة فيها أشخاص يعانون من الجهل السياسي والمعرفي، ولا يوجد لها أنصار حيث لا تزيد شعبية أغلبيتها عن الـ 5 ألاف عضو اللازمة لتأسيس الحزب قانونا، وفي الغالب لا يعبر عن وجود الحزب سوى مقر بائس في شقة هنا أو هناك، كما أن مفهوم تأسيس الحزب عند كثير من مؤسسي تلك الأحزاب لا يختلف كثيرا عن إنشاء محل بقالة، وبالتالي فان انتخابات تدور بين عناصر منتمية لهذه الكيانات بالقطع سيعزف عنها الناس.وفي المقابل يتم منع الأحزاب ذات الإيديولوجيات الواضحة بدءا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار من ممارسة أنشطتها بمزاعم “جنائية” أو “دستورية” رغم أنها تحظي بشعبية ضخمة، وفي الغالب يتم حظرها أو دس عناصر أمنية بها لتفجيرها من الداخل.
2- ضعف الوعي السياسي:
عمل النظام العسكري الحاكم منذ انقلاب 1952 جاهدا على تسطيح وعي الناس وتجهيلهم، وإيهامهم عبر وسائل الإعلام التي يحتكرها بشكل مباشر أو غير مباشر بأن جماعات المعارضة عموما هي دكاكين – للمزايدة والتربح والابتزاز، ما تسبب في عزوف الناس عن العمل والمشاركة السياسية خاصة لما رأوه في أحزاب “الأنابيب” التي أنشأها النظام والقائمين عليها من نقائص.وفي السنوات العشر الأخيرة أضيفت إليهم تهم العمالة للخارج وخيانة الوطن والإرهاب وذلك ردا على الطفرة الثقافية التي اكتسبها الناس من الممارسات الجادة للنشاط السياسي للأحزاب التي نشأت بعد ثورة يناير قبل القضاء عليها، كل ذلك جعل الناس ومعهم رجال “الأحزاب القائمة نفسها” يخشون الجهر بالمعارضة.وكان البديل إزاء ذلك هو أن يستبدل الشعار السياسي بالشعار الخدمي المناطقي والجهوي، بمعني أن يكون برنامج المرشح في العمل النيابي عبارة عن لائحة بقائمة أعمال كإنشاء كوبري أو معدية أو مدرسة أو وحدة صحية.. إلخ في دائرته الانتخابية، ورغم أن ذلك من أعمال الإدارات المحلية “سواء معينة أو منتخبة” الروتينية إلا أن النائب عادة ما يعجز عن تنفيذها، فيلجأ للاستفادة من وصوله للبرلمان بتعيين عدد من أقاربه في دوائر السلطة المختلفة كالشرطة والجيش والقضاء والسلك الدبلوماسي.وبالطبع فإن مثل هذا النائب لا تعنيه السياسات العامة للدولة وسيوقع على ما يطلب منه دون اكتراث للنتائج والأخطار.
أبرز ملامح عدم إنفاذ حكم الأغلبية في ضوء العملية الانتخابية الأخيرة في مصر:
1ـ الترهيب والترغيب: ترهيب المواطنين بدفع غرامات نظير عدم مشاركتهم في الانتخابات وتعقبهم أمنيا، وترغيبهم عبر توزيع الكراتين الخاصة بالسلع الغذائية والأموال على المواطنين من قبل جميع المرشحين والأحزاب القائمة، من أجل حثهم على المشاركة في الانتخابات، ورغم ذلك لم تتعدى نسبة المشاركة المعلن عنها رسميا 28% في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وأن أكثر من ثلث المصوتين أبطلوا أصواتهم.
2ـ ضعف المنافسة: رغم أن جميع الأحزاب القائمة في مصر لا تعتبر أحزابا معارضة للسلطة الحاكمة وإنما تتدرج بشكل مختلف في القرب منها أو البعد عنها، إلا أن المنافسة الحزبية جرت بين حزب السلطة وقائمته وبين أخرى للأحزاب الأقرب لها، فيما شاركت قائمة الأحزاب الأبعد من السلطة طمعا في الإفراج عن معتقليها، وبارك النظام مشاركتها من اجل تنفيس جزء يسير من الغضب الشعبي.
3ـ ضحالة وعي المرشحين: أظهرت الدعاية الانتخابية والمؤتمرات التي دعا لها بعض المرشحين والأحزاب في جميع الدوائر تقريبا ضحالة فكرهم وثقافتهم وكانت مثالا للتندر والسخرية، فضلا عن أن يكونوا ممثلين لإرادة الشعب.
خلاصة
في الواقع، إن ما حدث في أمريكا انتخابات تعبر عن حكم الأغلبية، وما جرى في مصر شئ يبدو كأنه انتخابات ولكنه لا يعبر إلا عن حكم الأقلية.
نشر المقال للمرة الاولى في المعهد المصري للدراسات او هــــــــنا
by – Sayed Amin
at Egyptian Institute for Studies.
The statement made by US President Donald Trump during his last election conference before the start of the presidential elections concerning Egypt’s right to bomb the Grand Ethiopian Renaissance Dam (GERD) unless Ethiopia agrees on a formula that can satisfy all parties – sparked a great deal of controversy on this sensitive issue.
While some considered Trump’s statement as a green light for the regime in Egypt to bombard GERD with missiles, others considered it incitement against Ethiopia, and insult to the Egyptian regime -which failed to take a decisive stance in handling this disaster despite the escalating tone of the Ethiopian officials’ discourse against Cairo- due to the growing relationship of both Egypt and Ethiopia with China and Russia. In this regard, some observers suggest that Trump may have wanted to lure Egypt into war against Ethiopia, similarly to what happened with former Iraqi President Saddam Hussein, when he was given a green light by the US ambassador to Iraq to invade Kuwait!!
However, others believe that Trump’s comment was as a kind of indirect denial of what has been reported that the construction of the dam was carried out through secret agreements between the downstream countries and Ethiopia, under the auspices of the United States during the Trump administration.
Anyway, it is not a secret that we have become used to the fact that the American maestro is the one that orchestrates all our issues, whether small or large, and accordingly, all strings of the game regarding GERD are in his hands and subject to his own will.
The conspiracy theory
Therefore, if we accept this fact, we can simply consider the following as sufficient evidence:
– Removing Sudan from the US list of terrorism and accordingly exempting it from sanctions,
– The big leap of Lt. General Abdel Fattah Al-Burhan, head of the Sudanese Sovereign Council, towards normalization with Israel, and the subsequent Zionist interest in treating the pro-normalization activist, Amb. Najwa Gadaheldam before she died after being infected with COVID-19,
– The support provided by General Mohamed Hamdan Dagalo -generally referred to as Hemetti- Vice President of the Sudanese Sovereign Council, to the counter-revolution in Libya, and
– The UAE’s permeation into Sudan’s economy.
On the other hand, the repeated Ethiopian statements are shocking, provocative, and haughty, something that the Egyptians have not experienced before from an African, developing or Arab country, which made many Egyptians change their “mental” image of Addis Ababa as a modest country.
In the face of all this, the Egyptian reaction was so miserable and crushed that it succeeded in transmitting the feeling of fear to the souls of the people, and worked to convince Egyptians that their country could do nothing but hope that Ethiopia would take even one step back with respect to its tough positions, as the regime would accept any concession, whatever it was – in attempt to interpret this betrayal as wisdom in dealing with the status quo.
The Egyptian official media passed through its analysts concepts such as:
– Egypt cannot bomb the Ethiopian dam with missiles because countries such as China and Israel are protecting it with the use of deterrent defense systems,
– Sudan, which Egyptians were confident of its support, has abandoned its northern neighbor. Consequently, Egypt would not be able to strike GERD due to lack of direct borders between Egypt and Ethiopia, and because its collapse would be a disaster for Egypt.
On the Israeli side, it seems that it has been waiting for a green light from the United States to intervene and act on the whole issue.
Sometimes Israel emerges in Sudan, and sometimes it emerges in Ethiopia, especially on the issue of the Renaissance Dam, not to forget the grand reception and welcome with which Netanyahu was received in the Ethiopian Parliament and his frank comment there that Israel would benefit from the Nile water.
Since we believe that all these regimes are just obedient servants of the US administration, all these positions must be pre-meditated in order to justify surrendering to the fait accompli and deliver water to Israel as the only solution to the current dam crisis.
Such justifications are not only intended to persuade the Egyptian people, but also to convince parties within the regime that never believed that a clandestine activity was carried on behind the scenes to reach this point.
This fact being exposed will necessarily lead to questioning many campaigns waged by the Egyptian regime, including the war on terrorism, changing the religious discourse, the Suez canal duct, the deal of the century, and many other topics that the opposition monitors.
In this case, some can imagine that what has been leaked about Egypt’s leasing a military base in South Sudan – if the news aired on South Sudan’s state television is correct, although it was denied by its government – may be targeting Turkish bases in Somalia, Sudan and Djibouti, and not for attempting to strike Ethiopia’s dam.
The confrontation approach
However, many of those that reject the conspiracy theory suggest that the whole thing is related to the confrontation capabilities available to each country, arguing that only power and interests matter in this regard, excluding any pre-meditated deception against Egypt.
They also claim that Ethiopia and Israel have interests in maintaining joint cooperation between them; and that Sudan decided to side with the stronger side, the party that owns the lake, water, and accordingly electricity (Ethiopia); and makes friends with those that possess military power and international influence (Israel), where the Sudan-Israeli cooperation has resulted in success lifting sanctions against Sudan from the first moment.
The question here is, what are the most important power tools or pressure cards that Egypt possesses?
Egypt’s pressure cards
– The Grand Ethiopian Renaissance Dam is geographically located in the area that is considered the home of the Oromo tribes, the majority of which are Muslims, and they are against construction of the dam there after the Ethiopian government had snatched their lands from them; and they call for secession from Ethiopia through the Oromo Liberation Front. Meanwhile, Muslims whose number is estimated at 45% to 56% of the population according to data from some research centers, and at 34% of the population according to official data, complain of marginalization and persecution. In this case, given the fact that Egypt’s Al-Azhar has a great influence on the Muslim Oromo tribes, the Egyptian government can use this pressure card.
– Egypt can also use the pressure card of the Egyptian Orthodox Church, where the Orthodox Christians make up about 50% of Ethiopia’s population, according to official statistics, and they are the most influential group in the country.
– Ethiopia suffers from lack of a direct access to the sea, which forced it to rent a share from Port Sudan in 2018 and a share from the main port of Djibouti that is linked it to Addis Ababa via a railway, in addition to having a “military base with French support” there. In this case, both Sudan and Djibouti can help Egypt use this situation as a pressure card on Ethiopia.
– It is also possible to use the Suez Canal in Egypt and Bab al-Mandab in Yemen, as two pressure cards on Ethiopia, by imposing additional duties on Ethiopian goods, or threatening to block their transit.
– Ethiopia suffers from multiple separatist movements, especially in the Ogaden region that Britain delivered to it from Somalia in 1954, despite its ethnic and religious affiliation to Somalia and Yemen – another pressure card that can be activated.
– Arab countries, especially Sudan and Somalia, had supported Eritrea in gaining its independence from Ethiopia in the last century. Likely, Egypt can now support Eritrea in the face of the Ethiopian pressures practiced against Asmara since its secession.
– Egypt can also use the investment card, where Egypt can invest there, especially in agriculture and livestock, for the benefit of both countries.
– Finally, with regard to the military options, Egypt can use the alleged military base in South Sudan, if there is any, to carry out military action against the dam.
These are only “some” Egyptian and Sudanese pressure cards that can be used in the face of a disaster of the size of the Grand Ethiopian Renaissance Dam.
نشر المقال للمرة الاولى في عربي 21
هاجت الدنيا وماجت في مصر عقب قيام طفل يبلغ من العمر 13 عاما ابن أحد المستشارين بالسخرية من رجل مرور بطريقة مسيئة بينما كان يقود سيارته المرسيدس في حي المعادي الراقي بالقاهرة، ورغم أن الواقعة مسيئة وبالغة الفظاظة والنفور، إلا أنها في الواقع تعبر عن حالة مجتمع يعاني من أمراض عضال نخرت فيه حتى النخاع.
وبعيدا عن أني أعرف جد الطفل معرفة عن قرب وهو مستشار جليل لم ينشأ في بيئة تتوارث السلطة وما يقترن بها من فساد، وإنما إلتحق بالسلك القضائي في لحظة نادرة كانت فيها العدالة قائمة، وكان معيار الكفاءة له شئ من الاعتبار، ليصبح بعدها رئيس محكمة جنايات شهدت محاكمات فارقة في تاريخ مصر أشهرها محاكمة الجاسوس عزام عزام وسب جيهان السادات وغيرها، فضلا عن ورود اسم والد الطفل “المستشار أيضا” في كثير من البيانات التي كانت تصدرها حركة استقلال القضاة أثناء فترة حكم مبارك، ولم يتسنى لي التأكد من مواقفه تلك لعدم قربي منه.
مواقف الكبار
المهم أن الجميع صب عبر وسائل التواصل الاجتماعي جام غضبه على والد الطفل الذي لم يحسن تربيته بالقدر الكافي، وهو أمر مفهوم ومقدر، ورغم أنه مهما قيل عنه وعما فعله إلا أن ذلك لا يغير حقيقة أنه طفل طائش كمعظم أبناء الطبقات التي توافر معها المال والسلطة ونزق الشباب، وأن هناك وزيرا للعدل قال “نحن القضاة هنا على ارض هذا الوطن أسياد وغيرنا هم العبيد”، هذه واحدة من التصريحات التى أدلى في برنامج “مصر اليوم” أثناء حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي، وأضاف أن “اللى يحرق صورة قاضي يتحرق قلبه وذاكرته وخياله من على أرض مصر”.
ودافع عن توريث القضاء حيث انتشر له مقطع فيديو عام 2012 و أعلن فيه بشكل صريح بضرورة تعيين أبناء القضاة بنفس المهنة بغض النظر عن التقديرات التى حصلوا عليها .
وأضاف “لا تراجع عن تعيين أبناء المستشارين في السلك القضائي شاء من شاء وأبى من أبى، ومن يهاجم أبناء القضاة هم الحاقدون والكارهون ممن يُرفض تعيينهم، وسيخيب آمالهم، وسيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة ولن تكون قوة فى مصر تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها”.
وتناسوا أيضا ما قاله وزير أخر للعدل عـن رفض تعيين ابن عامل النظافة فى القضاء، وحينما تم انتقاده لم يتراجع الرجل معـتبراً أن ما قاله يرضى ضميره!!
وما قاله الطفل هو في الواقع يعبر عن قناعة تامة تفشت لدى قطاع لا بأس به من المشتغلين في السلك القضائي وليس أطفالهم فحسب بأنهم الأعلون، وبالتالي لا يجب غرس الرأس في التراب والتغاضي عن موطن الداء وهو التوريث في مناصب السلطة الذي جعل رئيس احد المحاكم في الدلتا يعين قرابة 40 شخصا من أقاربه في المحكمة التي يترأسها.
ينبغي للقائمين على أمر الدولة وسلامتها الإيمان بأن سياسة التوريث في مناصب السلطة بقدر ما أنها تؤمن استقرارا نسبيا للحكم إلا أنها قد تؤدي بالنظام ككل للانهيار التام ، تماما كما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق.
تساؤلات مهمة
وهناك تساؤلات عديدة في الفيديوهات المنسوبة إلى الطفل أهمها من صورها؟ ومن نشرها على وسائل التواصل؟ ومن أعطاها هذا الزخم الكبير من التفاعل؟
خاصة ان الكثير من أبناء السادة المسئولين في مصر يمارسون تقريبا نفس العربدة وربما على نطاق أوسع وأعمق وأكثر ضررا ولكن لم يسمح لأحد بانتقادهم؟
وكيف تعامل رجال الشرطة مع الواقعة بأدب جم وتساهل لحد الانبطاح على خلاف ما هو معروف من سلوك للشرطة في العالم كله من غلظة لاسيما في مصر؟ وعلى خلاف ما يجب فعله بالفعل مع من يمارس هذه التصرفات الشائنة؟
ولماذا وجدنا الصحف المصرية المعروفة بقربها من النظام تنشر عناوين عن الواقعة تؤدي لاستثارة مشاعر الناس ، على خلاف سلوكها المعتاد في مثل تلك الحوادث من التبرير والتلفيق والتغطية؟.
ولماذا لم تفرد تلك الصحف صفحاتها لوالده ليوضح فيها ظروف الواقعة أو حتى يشرح فيها موقفه للمجتمع كما يحدث مع كل من هم منتسبين للسلطة؟
هناك شيئا غامضا ربما تكشف عنه مجريات الأحداث بخصوص تلك الواقعة.
وهل سيؤدي اعتذار والده عن هذا التصرف الذي صدر من ابنه الى إخماد موجة الغضب ؟ أم أن هناك من يسعى لابقاء النار مشتعلة لغرض في نفسه؟
وطبعا كل ما قيل لا يعفي الطفل أو والده من المسئولية.
نقلا عن المعهد المصري للدراسات
البعض اعتبرها ضوءً أخضر للنظام في مصر في قصف السد بالصواريخ، والبعض اعتبرها محاولة من ترامب لتكرار تجربة استدراج مصر للحرب ضد إثيوبيا على غرار ما فعلته أمريكا سابقا في مسألة الإيحاء للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بحق بلاده في غزو الكويت!!
والبعض رآها تحريضا على إثيوبيا وإهانة للنظام المصري الذي اتخذ مواقف غير حادة في تعامله مع هذه الكارثة، رغم التصعيد الكلامي الذي يبديه المسئولون الإثيوبيون، وذلك بسبب تنامي علاقة مصر سواء أو إثيوبيا بالصين وروسيا، أو أن ترامب قصد من تصريحاته حفظ ماء الوجه أمام منتقديه الأمريكيين الذين رأوا أن واشنطن أعدت الوجبة ولكن أكلتها منهم بكين.
والبعض ذهب إلى منحى أبعد أنها تكذيب غير مباشر لما يتردد من أن بناء السد تم باتفاقات سرية بين دولتي المصب وإثيوبيا وبرعاية أمريكية تحت إدارة ترامب.
وعلى كل حال، فليس سرا أبدا أننا اعتدنا أن المايسترو الأمريكي هو من يحرك كل قضايانا صغرت أم كبرت، وأن جميع أطراف اللعبة المعنية بالسد غير راغبة في العزف النشاز دون إرادته، وحتى إن رغبت فهي غير قادرة.
نظرية المؤامرة
وبالتالي فلو سلمنا بهذا، فيمكننا ببساطة اعتبار رفع السودان من قائمة العقوبات الأمريكية، وقفزة البرهان الكبيرة نحو التطبيع مع إسرائيل، وما تلاها من الاهتمام الصهيوني بعلاج الناشطة المؤيدة للتطبيع “قدح الدم” قبل أن يعاجلها انتهاء الأجل، ودعم حميدتي للثورة المضادة في ليبيا، والتغلغل الإماراتي في اقتصاد السودان، دلائل كافية لذلك.
وفي الضلع الثاني من المربع الذي يضم السودان وإثيوبيا ومصر وإسرائيل، تأتي التصريحات الإثيوبية المتكررة صادمة ومستفزة، وتحمل استعلاءً لم يعهده المصريون من دولة أفريقية أو نامية أو عربية، جعل الكثيرين منهم يغيّرون نظرتهم “الذهنية” المتواضعة عن أديس أبابا.
وفي الضلع الثالث للمربع، كان رد الفعل المصري بائسا ومنسحقا لدرجة أنه نجح في نقل شعور الخوف إلى نفوس الناس، وأنه ليس بيدنا كمصريين سوى الرجاء والأمل بأن تتراجع إثيوبيا عن مواقفها خطوة وسنرضى نحن بأي قدر من التنازلات، وكأنه يقودنا للحظة يحدثنا فيها عن حكمة التعامل مع الأمر الواقع.
ولقد مرر الإعلام الرسمي المصري عبر محلليه مفاهيم من عينة أنه لا يمكن لمصر أن تضرب السد بالصواريخ لأن دولا كالصين وإسرائيل تحميه بمنظومات رادعة، وأن السودان التي كنا على ثقة بدعمها لنا تخلت عنا، وبالتالي فلا حدود مباشرة بيننا وبين إثيوبيا لنضربه، وأننا لو ضربناه فعلا فإن انهياره سيكون كارثة أيضا علينا.
وفي الضلع الرابع للمربع، نسمع من حين لأخر عزفا إسرائيليا رنانا وكأنه ينتظر الأمر من المايسترو بالانطلاق ليسيطر على كل السيمفونية.
فتارة نراه متألقا في السودان، وتارة نراه متألقا في إثيوبيا وخاصة في موضوع سد النهضة والترحاب الكبير بنتنياهو في البرلمان الإثيوبي وكلامه الصريح هناك بأن إسرائيل ستستفيد من مياه النيل.
وبما أننا نؤمن بأن الجميع يدين بالطاعة للعازف الأمريكي فلابد أن جميع المواقف معدة سلفا من أجل تبرير الاستسلام للأمر الواقع، وتوصيل المياه لإسرائيل كحل وحيد للأزمة.
والتبرير هنا لم يقصد به إقناع الشعب فقط، ولكن إقناع جهات داخلية ما لم تكن تصدق أن هناك عملا سريا كان يجري العمل فيه مسبقا له لنصل إلى هذا المشهد.
وخطورة انكشاف ذلك أنه سيقود بالضرورة لدعم التشكيك في حملات كثيرة تخوضها الدولة المصرية منها الحرب على الإرهاب، وتغيير الخطاب الديني، وتفريعة السويس، وصفقة القرن، وغيرها الكثير مما تقوله المعارضة.
وفي هذه الحالة قد يجمح خيال البعض حول أن ما تسرب عن تأجير مصر لقاعدة في جنوب السودان- إن صح الخبر الذي أذاعه التلفزيون الرسمي لجنوب السودان ونفته حكومته- بأنه لـ “ممارسة التهويش” ضد القواعد التركية في الصومال والسودان وجيبوتي، وليس ضرب سد إثيوبيا.
نظرية المغالبة
كل ما سبق يبقى مجرد تصور من محض خيال، وكثيرون ممن يرفضون نظرية المؤامرة يرفضونه، ويتصورون أن الأمر متعلق بإمكانيات المغالبة التي تحظى بها كل دولة، وان المصالح فقط هي من تتحكم والقوة تسيطر، وأنه لا مكر معد مسبقا ضد مصر.
ويزعمون أن إثيوبيا وإسرائيل وجدتا ضالتيهما في التعاون المشترك، وأن السودان ارتأت الانحياز للجانب الأقوى في المعادلة وهو من يملك البحيرة والماء وبالتالي الكهرباء ويصادق من يملك القوة العسكرية والنفوذ الدولي، وأن تعاونها معهما حقق لها نجاحا من أول وهلة برفع العقوبات عنها.
وقياسا بذلك -إن صدقت النوايا – فلنبحث سويا عن أهم أدوات القوة التي تمتلكها مصر والتي يمكن أن نعددها في الآتي:
-يتوسط سد النهضة الموقع الجغرافي لمواطن قبائل الأوروم التي ينتمي غالبيتها للإسلام حيث يبدون اعتراضا على بنائه بعد انتزاع الحكومة أراضيهم منهم، ويطالبون بالانفصال عبر جبهة تحرير إقليم أورومو.
فيما يشكو المسلمون الذين يتجاوز عددهم من 45% الى 56% من عدد السكان حسب بيانات مراكز بحثية، ونحو 34% حسب البيانات الرسمية من التهميش والاضطهاد، وللأزهر الشريف تأثير بالغ عليهم.
يمكن لمصر اللعب بتلك الورقة، كما يمكنها اللعب بورقة الكنيسة المصرية حيث يشكل المسيحيون الأرثوذوكس هناك نحو50% من سكان إثيوبيا “حسب الإحصاءات الرسمية”، وهم الفئة المتنفذة في البلاد، وذلك عبر ممارسة الكنيسة القبطية أدوات الضغط المتاحة لديها.
– إثيوبيا تعاني من عدم إطلالها بشكل مباشر على البحر ما اضطرها لاستئجار حصة من ميناء بور سودان البحري عام 2018 وحصة من ميناء جيبوتي الرئيسي تربطه بأديس أبابا بخط حديدي، فضلا عن امتلاكها “قاعدة عسكرية بدعم فرنسي” هناك، وكلتا الدولتين الشقيقتين السودان وجيبوتي يمكنهما الضغط بتلك الورقة.
ويمكن في هذا الإطار الضغط باستخدام ورقتي قناة السويس لمصر وباب المندب في اليمن وفرض رسوم إضافية على البضائع الإثيوبية أو التلويح بمنع عبورها.
– وتعاني إثيوبيا من حركات انفصالية متعددة خاصة في إقليم أوجادين الذي سلمته بريطانيا لها اقتطاعا من الصومال عام 1954 رغم انتمائه عرقيا ودينيا للصومال واليمن، ولا زال هذا الملف يحتاج لداعم لتحريكه.
– كما دعم العرب وخاصة السودان والصومال إريتريا في الحصول على الاستقلال من إثيوبيا في القرن الفائت، يمكن لمصر الآن دعمها في مواجهة الضغوط الإثيوبية التي تمارسها عليها منذ الانفصال.
– وكما تتاح الخيارات العسكرية في الضغط المصري، تتاح أيضا ورقة الاستثمارات ويمكن لمصر ممارسة الاستثمار لا سيما الزراعي والحيواني في هذا البلد ما يعود بالنفع على البلدين.
ولو صدقت هذه التصورات يمكننا حينئذ استخدام قاعدة جنوب السودان المزعومة لعمل عسكري ضد السد.
هذه “بعض” من أوراق الضغط المصرية والسودانية في كارثة مهولة بحجم سد إثيوبيا يمكن استخدامها إن سلمت النوايا.
لا مجال للصمت على من يسلب من النيل هبته.
by – Sayed Amin
at eipss.eg.org
With the start of the new scholastic year in Egypt, the suffering of Egyptian families doubles, mainly from the high cost of living, low incomes, high rates of poverty and unemployment, the spread of diseases, and others.Families still need large financial budgets to provide for their children’s private tuition, which has become inseparable from education despite it is legally criminalized, in addition to the high cost of school uniforms, set books, notebooks, school fees, transportation (school buses), pocket money, and others.Although many families believe that these conditions alone are sufficient to make them turn their backs on the whole educational process, which was behind raising the dropout rates at the basic education stage, with the spread of the phenomenon of illiteracy of the educated, many have Made the matter more complicated by believing that education is useless in the first place, because the ultimate fate of university graduates – despite the money, effort and suffering spent on them – is to compete with the uneducated in the handicraft market. They also believe that the value of education – against bribery, fahlawa [1] , and bullying – does not rid a university graduate from not being abused in police stations, the State’s bureaucratic institutions, or even from being accused of ignorance.
Economical process
There is a great belief among parents and even teachers themselves that the educational process in Egypt has been sabotaged and transformed into a levying economical process that takes care of everything but education.
There is a prevailing conviction among Egyptians that the decision to start the new scholastic year for basic education pupils in mid-October is only intended to speed up the collection of fees that have quadrupled compared with last year’s fees. Some believe that school attendance is likely to be suspended later due to the impact of the coronavirus pandemic, which is expected to worsen with the advent of winter.
It is noteworthy here that the Ministry of Education annually makes invaluable changes in school curricula, with the intention to prevent students from exchanging books and reusing them in the following year, prompting them to buy them from the ministry at prices that exceed the actual cost of these books.
Among the plans that the Ministry of Education has announced that it is studying the possibility of its implementation in this regard is to open electronic learning platforms in which students must join in return for a monthly fee to be paid for each discipline. In addition, the distance learning experience is likely to cost the poor families big money in the already expensive “internet packages”.
Overburdening and monotony
In fact, the experience of teaching in attendance in Egypt is also an example of a catastrophic failure.
After the student attends a boring 45-minute physics lesson, he quickly attends a chemistry lesson, then an algebra lesson, a geography lesson, an English language lesson, an Arabic language lesson, a history lesson, a geometry lesson, and a French lesson , and so on – where a school child attends school lessons from seven am to around 3 pm, for about eight hours interspersed with a rest for 45 minutes. After this tiring school day, students are required to do a great deal of daily homework and reviews that devour the rest of the day, which makes the issue of doing school homework to some students remains the task of private tuition. After that, the pupils go to bed without having any opportunity to take a breath, review, or comprehend their daily lessons. However, most pupils remain unable to read or write,neither in Arabic nor in any other language.
On the contrary, the international and foreign schools in Egypt do not put their students under such stress, because the curricula are less quantitatively and more summarized; and the number of daily or weekly lessons is much fewer, in addition to numerous advantages provided to pupils and students, including the right to choose the curricula that they can study for each stage.
However, the failure of Al-Azhar education is more widespread compared to the public education, especially as it is more intense, with respect to curricula and numbers of disciplines, in addition to being targeted with marginalization launched in coincidence with the war on the Islamic discourse.
International and domestic certificates
Of course, it goes without saying that, according to official international data, Egypt came at the bottom of the list of world countries with respect to education quality, where almost all world nations preceded Egypt in ranking, before the nation finally failed to even come Within the international classification of education quality.
Everyone knows that education has deteriorated in the “last seventy years” to an unprecedented level. For example, Egyptian / American scientist Farouk El-Baz confirmed in an interview with the Egyptian DMC TV channel that the quality of Egyptian education has significantly deteriorated over the last 50 or 60 years. Also, the simple Egyptians that have long lived to deal with today’s university graduates, realize that the culture of some of holders of the old “high school” certificate or the so-called baccalaureate holders is much deeper than the culture of many holders of PhD and other scientific degrees from private universities and institutes these days.
New scheme
In fact, Egyptian Minister of Education Tariq Shawky’s contradictory statements [2] about education in Egypt from time to time raise many questions on what is being hidden about education in Egypt, especially since the minister himself referred to some thought-out education plans, saying , “Egypt’s greater dream is to establish a new and innovative education system.”
However, some argue that a scheme implemented by the State – not a company or association – must be carefully calculated in all its stages; and because this scheme is based on the use of internet, it is self-evident that the first thing to be calculated should be to ensure all students’ access to the internet before the scheme is launched.
The strange thing is that after the official celebrations of this new system, despite the failure that has been accompanying it, the majority of students, two years ago, performed their exams under the old system, amid an official tendency to turn a blind eye to The spread of the phenomenon of “cheating”, perhaps because of the State’s responsibility for implicating students into this dilemma.
Added to this failure, is the emergence of the phenomenon of Chao Ming Facebook pages, where excerpts of some of Egypt’s national high school exams are leaked, that some now believe it is a deliberate phenomenon intended for an unknown reason. People ask how such Facebook pages annually succeed in reaching the high school exam questions and posting them on the internet a few days before the official exam date, despite the fact that sovereign bodies undertake the task of exam printing and distribution in the utmost secrecy degree, and also despite the Ministry of Interior’s announcement for several times that admins of those Facebook pages were arrested, amid continuation of the phenomenon?
Last year, under the pressure of the coronavirus pandemic, online examinations and the so called “student researches” were applied, but the result was a scientific scandal that was completely far from science and education.
Camp David and Education
It is no secret that the Camp David Accords were aimed to inculcate the culture of surrender and subordination in Egyptian society, calling on Arabs to surrender to the Israeli scheme, normalizing with it, liquidating the Palestinian cause, replacing the “Arab Nation” with the “Middle East” that includes “Israel”, amid other calls for populism to confront the Arab Nation approach, remove the Quran jihad verses from education, media, and even in mosque sermons, and change their interpretations, in addition to sabotaging and Azhar education and distorting the image of historical religious and Islamic jihad symbols, and others.Footnotes
[1] An Egyptian term usually used to refer to knowledge obtained via intuition, experience, and wit, not from formal education and methodical pursuits
[2] Sometimes Egyptian Minister of Education Tariq Shawky admits to the education scandal in Egypt after he used to beautify and praise the educational process, and at other times he demands the allocation of EGP11 billion to the ministry, otherwise he will “close it” , statements that cannot be issued without having a green light, in addition to the incidents of leaking high school certificate exams, which have been done regularly on an annual basis
أيام قلائل ويبدأ في مصر عام دراسي جديد، تتضاعف معه معاناة الأسر المصرية التي تعاني الأمرّين أساسا من غلاء تكاليف المعيشة، وتدني الدخول وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتفشي الأمراض وغيرها.
حيث تبقى الأسر بحاجة لميزانيات مالية كبيرة من أجل الدروس الخصوصية التي صارت لصيقة بالتعليم رغم تجريمها قانونا، وميزانيات الزي والكتب والكراسات، والسيارات والحافلات المدرسية، بخلاف المصروفات المدرسية والشخصية وغيرها.
ومع أن كثير من الأسر تعتبر أن تلك الأوضاع وحدها كفيلة بجعلها تدير ظهرها للعملية التعليمية ما رفع نسب التسرب من التعليم الأساسي مع تفشي ظاهرة أمية المتعلمين، إلا أن الكثيرين زادوا الأمر تعقيدا باعتقادهم أنه لا جدوى من التعليم أساسا، لأن خريج الجامعة – رغم ما أُنفق فيه من مال وجهد ومعاناة – سينافس في نهاية المطاف غير المتعلمين في سوق الأعمال الحرفية واليدوية، وأن قيمة العلم – في مقابل قيمة الرشوة والفهلوة والبلطجة – لم تشفع لصاحبها من عدم التنكيل به في أقسام الشرطة ومؤسسات الدولة العتيقة والبيروقراطية، أو حتى تحول دون اتهامه بالجهل.
عملية اقتصادية
ويسود اعتقاد كبير عند أولياء الأمور وحتى المعلمين أنفسهم أن العملية التعليمية في مصر جرى تخريبها وتحويلها لعملية جباية اقتصادية تهتم بكل شيء إلا التعليم.
وهناك قناعة سائدة بأن قرار بدء العملية الدراسية الأساسية منتصف الشهر القادم لا يقصد منها سوى سرعة تحصيل المصروفات الدراسية –التي ضوعفت إلى أكثر من أربعة أضعاف عما كانت عليه العام الماضي– وبعدها سيجرى وقف الدراسة حضوريا على وقع جائحة كورونا والمتوقع أن تتفاقم مع حلول الشتاء.
واللافت هنا أن وزارة التعليم تقوم سنويا بتغييرات غير ذات قيمة في صياغة ومقررات المناهج قاصدة من ذلك حرمان التلاميذ من تبادل الكتب وإعادة استخدامها في العام التالي، ما يضطرهم إلى شرائها من الوزارة بأسعار تفوق تكلفتها الفعلية.
ومن الخطط التي أعلنت وزارة التربية والتعليم عن دراسة إمكانية تطبيقها في هذا الشأن فتح منصات تعليم إليكترونية يقوم الطلاب بالاشتراك فيها مقابل رسوم شهرية لكل مادة، وهو ما يعني حرفيا في حال تطبيقه إلغاء مجانية التعليم التي تآكلت “فعليا” خلال السنوات الماضية رغم احتفاظها ببعض القشور.
بالإضافة إلى أن تجربة التعليم عن بعد ستكلف الأسر الفقيرة أموالا كبيرة في “باقات الإنترنت” المرتفع سعرها أصلا.
إثقال ورتابة
والواقع أن تجربة التعليم حضوريا في مصر كانت هي الأخرى مثالا للفشل الذريع، فبعد أن استمع الطالب للتو إلى درس ممل عن “الفيزياء” دام 45 دقيقة، دخل مسرعا إلي درس مثله ولكن عن “الكيمياء”، وما أن انتهي منه حتى دخل درسا آخر عن “الجبر” ورابع عن “الجغرافيا” وخامس عن “اللغة الإنجليزية” ثم “اللغة العربية” ثم سابع عن “التاريخ” وثامن عن “الهندسة” وتاسع عن “اللغة الفرنسية”، ليخرج هذا النابغة من المدرسة التي دخلها في السابعة صباحا نحو الثالثة عصرا قاضيا نحو 8 ساعات كاملة يتخللها راحة دامت 45 دقيقة يليها كثير من الواجبات والمراجعات التي يتوجب عليه أن يتفرغ ما تبقى من اليوم لإنجازها، ولكن هذا لا يحدث لأنه في اليوم التالي سيعيد الكرّة ذاتها بينما تبقى مسألة إنهاء الواجبات هي مهمة الدروس الخصوصية يليها النوم دون إتاحة أي فرصة لالتقاط الأنفاس ولا المراجعة ولا الاستيعاب.
هذا الطالب الذي توحي تلك الدروس بأن الوزارة تعتبره طالبا عبقريا، كثيرا ما تجده في نهاية المطاف لا يجيد حتى القراءة والكتابة لا بالعربية ولا بأي لغة أخرى، وغالبا ما يلجأ في النهاية إلى شراء شهادة المؤهل من الكليات والمعاهد الخاصة، لينتقل من أعداد الأميين إلى أعداد أمية المتعلمين، وكل ما أخشاه أن تكون كل تلك المقدمات تهدف إلى صناعة هذه النتيجة بشكل متعمد.
ما يؤكد ذلك أن المدارس الدولية والأجنبية في مصر لا تجهد طلابها بهذا الشكل، لكون المناهج أقل وأكثر تلخيصا، وعدد الدروس اليومية أو الأسبوعية أقل بكثير، فضلا عن إتاحتها للطالب كثيرا من المزايا منها اختيار المناهج التي يستذكرها في كل مرحلة.
وإذا كان الفشل في التعليم العام بهذه الحالة فان الفشل في التعليم الأزهري مستفحل بشكل أكبر خاصة أنه أكثر كثافة في المناهج والأعداد، وأنه مستهدف بالتهميش والإلغاء تماشيا مع الحرب على الخطاب الإسلامي.
شهادات دولية ومحلية
وطبعا غني عن البيان أنه طبقا لبيانات رسمية دولية، فان مصر تذيلت قوائم جودة التعليم في العالم وسبقتها في ذلك كل أمم العالم تقريبا بلا استثناء وذلك قبل أن تخرج من التصنيف الدولي نهائيا. والكل يعلم أن التعليم تدهور في “السبعين عاما الماضية” لدرجة غير مسبوقة بدءا من شهادة العالم فاروق الباز الذي أكد في قناةdmc أن جودة التعليم المصري تدهورت في الـ 50 أو الـ 60 سنة الأخيرة بشكل كبير، وصولا إلى المصري البسيط الذي طال به العمر ليتعامل مع متعلمي اليوم فأدرك أن ثقافة الحاصل على شهادة البكالوريا “الثانوية العامة القديمة” أعلى من ثقافة الكثير من حملة دكتوراه الجامعات والمعاهد الخاصة والأهلية الآن.
مخطط جديد
في الحقيقة أن تصريحات طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المتناقضة حول التعليم في مصر من آن لأخر والتي تارة فيها يعترف بالفضيحة بعد أن كان يتجمل ويشيد بالمسار التعليمي وتارة أخرى يتجرأ ويطالب بتخصيص 11 مليار جنيه للوزارة وإلا فإنه سوف “يغلقها”، وهى تصريحات لا يمكن أن تصدر دون ضوء أخضر، وحوادث تسريب امتحانات الثانوية العامة التي أصبحت عادة سنوية بديهية، كل ذلك يطرح تساؤلات أكثر مما يجيب عنها، حول ما يجري إخفاؤه للتعليم في مصر، خاصة أن الوزير نفسه أشار إلى هذه الخطط حينما قال “إن حلم مصر الأكبر هو وضع نظام جديد ومبتكر للتعليم في مصر”.
ولذلك فمن حق أي قائل أن يقول أن أي مخطط تنفذه دولة – وليس شركة أو جمعية – لما لها من إمكانيات، يجب أن يكون محسوبا بدقة في كافة مراحله، وأن هذا المخطط حينما يكون قائما على ركيزة “الإنترنت” فمن البديهي أن يكون أول ما يحسب حسابه هو وجود تلك المادة حين إطلاقه.
الغريب أنه بعد طول احتفالات رسمية بهذه المنظومة وما يرافقها من طول فشل، تم العام قبل الماضي امتحان غالبية الطلاب بالنظام القديم مع غض الطرف رسميا عن انتشار “الغش” الذي انتاب تلك الامتحانات، وذلك بسبب مسئولية الدولة عن وقوع الطلاب في هذا المأزق.
ويترافق مع هذا الفشل تنامي ظاهرة صفحات “تشاومنج” على الفيس بوك التي بات يعتقد الناس أنها أيضا ظاهرة مقصودة لسبب لم يتضح بعد، فكيف تنجح هذه الصفحات سنويا في الوصول إلى أسئلة امتحانات الثانوية العامة ونشرها قبل أيام من الامتحانات الرسمية، وما هو الهدف والمكسب العائد للقائمين عليها من وراء تلك الجريمة والمخاطرة، وكيف يحدث ذلك رغم قيام أجهزة سيادية تتسم بغاية السرية بطباعتها وتوزيعها بنفسها، وإعلان الداخلية عدة مرات القبض على أصحاب تلك الصفحات مع عدم اختفاء الظاهرة؟
وفي العام الماضي وتحت ضغط جائحة كورونا تم تجريب الامتحانات عبر الإنترنت وما يطلقون عليه “البحوث” فكانت النتيجة فضيحة علمية، وجاءت بعيدة تماما عن العلم والتعليم.
كامب ديفيد والتعليم
ليس سرا أن اتفاقية كامب ديفيد تستهدف غرس ثقافة الاستسلام والتبعية، والدعوة للاستسلام العربي للمخطط الصهيوني والتطبيع معه وتذويب القضية الفلسطينية، واستبدال الوطن العربي بالشرق أوسطية التي تضم “إسرائيل” والدعوة للشعوبية في مواجهته، وحذف آيات الجهاد من التعليم والإعلام وحتى في خطب المساجد وتغيير تفسيراتها، واستبدال الحلال والحرام في وجدان الناس بالخطأ والصواب، وتخريب وإلغاء التعليم الديني والأزهري، وتشويه صور الرموز الدينية والجهادية التاريخية وغيرها.
ومن المعروف أيضا أن بعضا منها تحقق والبعض منها سيتحقق إما “بثورة دينية” أو بـ “منظومة تعليمية جديدة”.
نقلا عن المعهد المصري للدراسات
الرابط: https://eipss-eg.org/?p=45338 الرابط البديل: https://tinyurl.com/y6lu394v
by – SAYED AMIN
What is currently going on in Egypt is the same as it used to happen in all eras of decay that we have been reading about in history books, where excessive materialism prevails at the expense of sincere spiritual values, doctrinal skepticism is supported and promoted while methodological skepticism that are aimed at reaching the truth is dispelled, and the most important components of society, such as family and regional ties, are destroyed up to attempts to disintegrate the Egyptian family.
In coincidence with this, religious, societal, and heritage tendencies are criminalized, and societal opinion leaders are stifled, dispelled, demeaned, and replaced with fake opinion leaders that lack any intellectual value. In fact, this is only an extremely small part of an all-out war that has been targeting the structure of Egyptian society for decades, especially in the last decade.
Several conflicts, sometimes small and other times big, have been erupting within homes, families, tribes, neighborhoods, or villages, to distract people from their long suffering from tyranny and their worsening living conditions resulting from the price hikes and depletion of incomes and resources . In such circumstances, Egyptians may in no way have time or opportunity to think about important and fundamental issues such as national independence, preservation of the homeland, or protection of sanctities – which perhaps explains the reasons behind existence of such conflicts and internal wars.
It is a grave mistake to underestimate such internal conflicts, as sociologists, for example, confirm that social injustice is more severe than economic and political injustices. , We find that many serious writers and researchers underestimate social injustice, despite the fact that the greatest revolutions in history – such as the Bolshevik and French revolutions and American War of Independence – were originally social revolutions; and even different religions have often been seen as a kind of social revolution.
The phenomenon of blood feuds is back again
The murder of the young man Mahmoud al-Banna, Menoufia, lower Egypt, last October – at the hands of another young man, Mohamed Ashraf Rageh and some of his friends, when the former confronted the latter to defend a young girl from harassment by Rageh and his friends – and the widespread public sympathy with him, was an expression of a state of categorical popular rejection of the painful reality that they have been experiencing day and night, including the widespread acts of bullying, with impunity of perpetrators amid absence of legislation to protect witnesses. All this is fed up by the spread of favoritism and bribery in justice institutions, as well as lack of deterrent laws, in addition to the authority’s interest in preserving its political security and deterring and intimidating political opponents, sometimes by tampering with laws,and at other times by unleashing thugs, criminals registered as a security risk, and outlaws in society.
Accordingly, it has been natural for people to lose confidence in the State and attempt to protect themselves with their own hands. Although the blood feuds phenomenon had almost disappeared from the dictionary of Egyptians’ daily life, it has recently returned strongly to Egyptian society, where most villages and administrative centers throughout the country are witnessing ferocious blood feuds incidents, claiming lives and terrifying them, which threatens with imminent collapse of the State of law.
Instead of taking action against the oppressor in favor of the oppressed for achievement of deterrence, authorities deliberately ignore law enforcement with the aim of securing of its own interests with perpetrators. The main reason behind the growth of this phenomenon remains due to loss of confidence in the power of law, considering it a tool for impunity rather than a tool for application of punishment.
Anyway, the authorities that have oppressed thousands of opponents since the January revolution (2011) and even before, are urgently required now to use such force for deterrence of outlaws. All media outlets, especially social networking sites, are filled with stories of blood feuds that take place in Egyptian society, without availability of official statistics in this regard, given that many of these incidents are not registered as blood feuds upon insistence of people complicity of authorities.Drug abuse and trafficking
It goes without saying that the successive Egyptian governments have other objectives from the growth of the phenomenon of drug abuse and trafficking, where authorities turn a blind eye to the phenomenon, ignore and neglect it; and in other times, they participate in such unlawful activities and encourage them. The relation between authorities and drugs gangs was partly revealed through the famous story of “Izzat Hanafi”, the head of a drugs gang in Nekhila, Assiut, Upper Egypt, in early 2004, which later turned into a cinematic movie, “Al-Jazeera ”, Starring the actor Ahmed El-Saqa – which was recognized by authorities at the time.
Moreover, the security dealing with the phenomenon of drug abuse and trafficking gave people an impression that it was not sincerely fighting it, which prompted some parliamentarians, as well as some artists, researchers and academics to demand legalization of drug abuse and trafficking, despite the fact that the Parliament “theoretically” tightened the penalty of drug trafficking to reach death penalty.
Official statistics confirm that 10.4% of Egyptians are drugs abusers, with the decline in their (drug abusers) age to nine years, taking into account that 79% of the crimes committed in Egypt are due to drug abuse.
Human trafficking
“Thugs” are the main component in any conflict, where they have been encouraged to do so through the State’s laxity in dealing with them with use of due force against them. This has sent them embedded messages about the government’s protection of thugs, and that the community should submit to them, given the influence they possess, especially after the government celebrated those criminals, included them in the State’s civil service work, and granted discretionary exemptions to prominent figures of them.
The official government-owned media outlets also contributed to encouraging this “phenomenon” through producing many drama works that glorify thugs and justify their crimes by allegations of grievance, rebellion against social injustice, self-defense, or others.
The situation was further exacerbated by the fact that thieves, who used to steal people’s property and money in the past, started to steal people themselves and sell them to human organ trade gangs at times, and international pharmaceutical companies to conduct their medical experiments on them at other times. Furthermore, they also kidnap victims for ransom, extorting their families, or just for raping females; which has led to spreading fear and panic in Egyptian society.
Porn websites
Sexual and pornographic movies usually come via the Internet or some TV satellites channels to destroy the remaining values, customs and religious tendencies that have not yet been destroyed by Egyptian and Arab drama. Although an uproar was raised in Egypt in early 2012, calling for the blocking such websites, and the government at the time justified failure to block them by the required high costs (allegedly billions) and the allegation that it was almost technically impossible, but the recent blocking of hundreds of political websites belonging to opponents and excluding closure of porn websites confirms that all past allegations raised in 2012 were not true.
Too many problems
There are numerous problems that Egyptian families suffer from, which may have mostly been driven by economic problems, including the spread of spinsterhood among young people of both sexes. Of course, the outbreak of spinsterhood among girls –exceeding 10 million, according to official statistics– causes great tension to their families; as well as the phenomenon of divorce –a case of divorce every two minutes– and the growing phenomenon of the escape of the family breadwinner due to unemployment and low wages, which has resulted in the rise of the growing numbers of female breadwinners that support about 3.5 million families, about 20 million people.
Also, when a family member suffers from a chronic disease, this usually causes confusion for all members of the same family:
Some statistics estimate that there are about 2.6 million patients with kidney failure, 8.2 million with diabetics, and 1,130 cancer patients per million people, in addition to 10.6 million disabled people, not to mention dozens of other diseases, where parents and other family members of these patients share their pain.
In fact, the Egyptian people are now suffering from a comprehensive biological, psychological, economic and political war, which is viewed by some as the most dangerous war in Egypt’s history.
It was posted on Egyptian Institute for Studies.
نشر لأول مرة على موقع ” المعهد المصري للدراسات
تماما كما كان يحدث في كل عصور الاضمحلال التي كنا نقرأ عنها في كتب التاريخ يحدث الآن في مصر سيادة المادية المفرطة في مقابل القيم الروحية الصادقة، دعم وترويج الشك المذهبي في مقابل تسفيه الشك المنهجي الراغب في الوصول للحقيقة، العصف بأهم مكونات المجتمع كالروابط العائلية والجهوية وصولا إلى تفسيخ الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة ليصبح كل فرد فيها لا يمثل إلا نفسه، يترافق مع ذلك تجريم الوازع الديني والمجتمعي والتراثي في نفوس الناس، وخنق قادة الرأي المجتمعيين وتسفيههم والحط من شأنهم وإحلالهم بقادة رأي مصطنعين يفتقدون لأي مضامين فكرية ذات قيمة، كل ذلك جزء يسير للغاية من حرب شاملة يتعرض لها بنيان المجتمع المصري منذ عقود لاسيما في العشرية الأخيرة من التاريخ، بما يجعلها تعادل في خطورتها أعنف حروب الإبادة التي عرفها التاريخ.
صارت هناك حربا صغيرة أحيانا أو كبيرة في أحيان أخرى داخل كل بيت أو أسرة أو عائلة أو قبيلة أو حي أو قرية، تصغر معها معاناة الناس من الاكتواء بنار الاستبداد أو غلاء الأسعار ونضوب الدخول والموارد، وبالتالي ففي مثل تلك الظروف فإن مسألة الاستقلال الوطني والحفاظ على أراضيه وحماية المقدسات أصبحت رفاهية لا يملكها اغلب الناس، ولعل ذلك هو ما يفسر أسباب صناعة ما سبق.
ومن الخطأ الجسيم النظر إلى تلك الحروب بأنها معارك في درجة متدنية، وذلك لأن الثابت عند علماء الاجتماع مثلا أن الظلم الاجتماعي أشد وطأة من الظلم الاقتصادي والسياسي، ورغم ذلك نجد أن كثيرا من الكتاب والباحثين الجادين يستهينون به، رغم أن أعظم الثورات في التاريخ كانت في الأصل هي ثورات اجتماعية كالثورة البلشفية والفرنسية وحرب الاستقلال الأمريكية، وحتى الديانات المختلفة هي في الغالب تطبيقات اجتماعية.
عودة الثأر
لم تكن واقعة مصرع ابن المنوفية الشاب محمود البنا العام الماضي والتعاطف الشعبي الواسع معه إلا تعبير عن حالة رفض شعبي قاطعة لواقع أليم يعيشونه صباح مساء من تفشي أعمال البلطجة مع سهولة الإفلات من العقاب وعدم وجود تشريعات لحماية الشهود، يغذيه تفشي المحسوبية والرشوة في مؤسسات العدالة، فضلا عن ضعف القوانين الرادعة، بالإضافة إلى اهتمام السلطة بالحفاظ على أمنها السياسي وردع المعارضين السياسيين وترويعهم، تارة بيدها عن طريق التلاعب بالقوانين، وتارة أخرى بإطلاق يد البلطجية والمسجلين خطر والخارجين عن القانون في المجتمع.
كان من الطبيعي إزاء هذا أن يفقد الناس ثقتهم في الدولة ويعودون لحماية أنفسهم بأيديهم، فرغم أن ظاهرة الثأر كانت قد أوشكت على الانتهاء من قاموس الحياة المصرية، إلا أنها عادت مؤخرا بقوة إلى المجتمع المصري بحيث لم تعد غالبا أي قرية أو مركز من مراكز الجمهورية إلا وتشتعل فيها معركة ثأرية طاحنة تحصد الأرواح وتروع الناس، وتكاد تحذر كل تفصيلة من تفاصيل أحداثها بقرب انهيار دولة القانون، وأن القوانين بدلا من أن تقتص للمظلوم من الظالم قصاصا رادعا، تعمد غالبا ادوان انفاذ القانون للتعامل مع قضية العدالة طبقا لمصالحها مع أطرافها وثقلهم في المجتمع، فيما يبقي السبب الأبرز وراء تنامي الظاهرة هو فقدان الثقة بقوة القانون واعتباره ذاته أداة للإفلات من العقاب وليس أداة للعقاب.
ويبقى القول أن السلطة مدعوة بإلحاح لاستخدام نفس القوة التي ردعت بها الآلاف من معارضيها بعد ثورة يناير وما قبلها، لردع الخارجين عن القانون.
وتضج وسائل الإعلام كافة وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير عن قصص الثأر التي تفشت في المجتمع دون وجود إحصاءات رسمية لذلك، نظرا لان الكثير من تلك الحوادث يتم تكييفها قانونيا – باصرار من الاهالي- بصفات مغايرة دون الإفصاح عن تاريخ الصراع وحقيقته.
انتشار المخدرات
غني عن البيان أن للسلطات المتعاقبة مآرب أخرى في تنامي ظاهرة تعاطي وتداول المخدرات، تارة بغض الطرف وتارة بالتجاهل وتارة بالتهاون، وأحيانا بالاشتراك والتشجيع، وهو ما كشفته واقعة “عزت حنفي” الشهيرة والتي جرت أحداثها في محافظة أسيوط، مطلع الألفية الجديدة، والتي جسد جزءا من حقيقتها فيلم “الجزيرة”، واعترفت بها السلطة آنذاك.
كما أن التعامل الأمني مع الظاهرة أعطى شعورا لدي الناس بانها لا تحاربها ما شجع بعض نواب برلمانها وكذلك فنانون وباحثون وأكاديميون للمطالبة بتقنين تدلها وتعاطيها، يأتي ذلك رغم أن البرلمان “نظريا” شدد عقوبة تداول تلك المواد لتصل إلى الإعدام.
الإحصاءات الرسمية تؤكد أن 10.4%، من المصريين يتعاطون المخدرات مع انخفاض سن التعاطي إلى تسعة سنوات، وأن 79% من الجرائم التي تُرتكب في مصر ترجع إلى تعاطيها.
الاتجار بالبشر
“البلطجية” هم أصحاب اليد الطولى في أي نزاع، شجعهم على ذلك تراخي الدولة في التعامل معهم بالقوة اللازمة، ما أرسل لهم رسائل خاطئة بأنهم مميزون لديها، واعطى ذات الرسائل للمجتمع بضرورة الاستكانة لهم نظرا لما يملكونه من نفوذ، وخاصة بعدما تم الاحتفاء بهم وضهم في أعمال الخدمة المدنية للدولة ومنح رموزهم الإعفاءات التقديرية لهم.
كما أن الإعلام الرسمي ساهم في تشجيع تلك “الظاهرة” عبر إنتاج أعمال درامية عديدة تمجد شخصية البلطجي وتبرر له إجرامه، وتعلي من الدوافع التي ساهمت في تشكيل شخصيته، كالمظلومية أو التمرد على الظلم الاجتماعي أو للدفاع عن النفس وغيرها.
وزاد من الطين بلة أن اللصوص الذين كانوا قديما يسرقون في غفلة من الزمان ممتلكات الناس وأموالهم، لم يكتفوا بإظهار سطوتهم وفعل ذلك عنوة، بل تمادوا واخذوا يسرقون الناس أنفسهم ويبيعونهم لعصابات تجارة الأعضاء البشرية تارة، ولشركات الأدوية العالمية تارة أخرى لتجري عليهم تجاربها الطبية حتى صارت مصر من كبريات الدول في هذه النشاط الوضيع الذي جرى تقنينه عام 2017، أو يقومون باختطاف الضحايا مقابل الفدية أو ابتزاز ذويهم أو الاغتصاب في حالة الإناث، الوقائع شائعة جدا في المجامع المصري ونسجت حالات من الخوف والهلع فيه.
المواقع الإباحية
تأتي المواقع الجنسية والإباحية عبر الانترنت وأحيانا عبر بعض الاقمار والفضائيات لتحطم ما تبقي من قيم وعادات ونوازع دينية لم تحطمها الدراما العربية المنحطة، ورغم أنه قد أثيرت ضجة في مصر بداية عام 2012 مطالبة بحجب تلك المواقع وتعللت الحكومة وقتها بأن هذا الإجراء سيكلف المليارات وأنه شبه مستحيل فنيا، إلا أن حجب السلطة حاليا مئات المواقع السياسية وترك تلك المواقع لتتضاعف يؤكد أن السلطة كانت راغبة فيها لحاجة في نفسها.
ونحن في غنى بالقطع من الحديث عن الأضرار التي تتسبب فيها تلك المواقع علي النشء والشباب في استسهال الرذيلة والشذوذ، ما يقود لقصص مروعة عن كل جرائم الاغتصاب والفجور والشذوذ وزنا المحارم التي تمتلئ بها الصحف المصرية وترويها الحكايات الهامسة، وصارت ظواهر لافتة للمتأملين.
مشكلات بالجملة
هناك جملة من المشكلات التي تعانيها الأسرة المصرية قد تكون بواعثها في الغالب اقتصادية،ومنها تفشي ظواهر العنوسة لدي الشباب من الجنسين وبالطبع فإن وجود هذه الحالة لدي الفتيات – وهي تتخطي حاجز الـ10 ملايين بحسب الإحصاءات الرسمية – تسبب توترا كبيرا لأسرهن خوفا على مستقبلهن بعد فقدانهن عوائلهن، وكذا تفشي ظاهرة الطلاق – حالة طلاق كل دقيقتين – وتنامي ظاهرة تملص أرباب الأسر من الإنفاق عليها بسبب البطالة وتدني الأجور، ما أنتج ظاهرة المرآة المعيلة والتي تعول نحو 3.5 مليون أسرة “نحو 20 مليون نسمة “.
كما أن إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض مزمن عادة ما يسبب ارتباكا لجميع أفراد أسرته حتى لو كان مقتدرا ماديا، فهناك جهات تقدر وجود نحو 2.6 مليون مريض بالفشل الكلوي، و 8.2 مليون مريض بالسكري، و1130 مريض سرطان لكل مليون نسمة، فضلا عن 10.6 مليون معاق، ناهيك عن عشرات الأمراض الأخرى، وأن كل مريض من هؤلاء يشاركه آلامه العديد من أهله وذويه.
في الواقع أن الشعب المصري يعاني الآن حربا بيولوجية ونفسية واقتصادية وسياسية شاملة هى الأخطر منذ نشأة مصر.
مع تقزم حجم رغيف الخبز من 150 جراما إلى 90 جراما في مصر، وما لاحق ذلك من نقمة شعبية انطلاقا من مبدأ “عض قلبي ولا تعض رغيفي”، إلا أن آخرين رأوا أن هذا الوزن الذي أعلنوا عنه أيضا لم يلتزموا به، وأن وزن الرغيف قد يصل إلى 60 جراما ليفقد ثلث وزنه المعلن.
وفي الواقع اعتاد المصريون على هذا الأمر وعلى كثير من التعريفات غير المنطقية في حياتهم العامة، وتعاملوا معها ليس فقط كأنها منطقية ولكن أيضا بديهية، وأبرز مثال لذلك تعايشهم مع معايير خاصة بهم اتخذوها دونا عن العالم كله وأدوات قياسه.
فالنصف لدى المصريين ليس أبدا 50 في المئة من قيمة الشيء كما هو الحال في كل العالم، ولكنه قد يصل حتى 75 في المئة منه كما هو الحال مثلا في خصومات تذاكر القطارات والطائرات والمترو، وأحيانا يتجاوز ذلك لما فوق الـ80 في المئة كما هو في تعريفات أجرة سيارات الأجرة و”الخدمات”.
كما أن وحدة الوزن “الكيلو” التي يعرفها العالم بأنها 1000 جرام، نراها في كثير من التعاملات في مصر مختلفة أيضا. ففي عبوات السكر والأرز والدقيق التي يتم بيعها على بطاقات التموين، نجد أن الكيلو قد يتضاءل ليصل وزنه إلى ما دون الـ70 في المئة منه. وطال نقصان الوزن في تلك المنتجات حتى تلك العبوات التي تباع في السوق الحرة مع تحسن طفيف، ليصل وزن الكيلو إلى 900 جرام مثلا. وما ينطبق على السكر ينطبق أيضا على مساحيق الغسيل والأجبان والمكرونة، وحتى الكراسات والكشاكيل وغيرها.
ونجد الأمر نفسه يتكرر في عبوات الزيت التمويني التي من المفترض أنها تساوي لترا، أي ألف مليلتر، لكننا نجدها قد تقزمت بشدة لتصل إلى ما دون الـ 700 مليلتر. وينطبق هذا الأمر على كثير من السوائل، حتى الغازية ومياه الشرب.
وبالقدر نفسه، فإن أسطوانة البوتاجاز التمويني سعة 12 مترا مكعبا تناقصت لتصل إلى ما بين 6 إلى 9 أمتار مكعبة فقط من الغاز، وهو ما تسبب في شكاوى كبيرة في القرى خاصة، مع انعدام بدائل هذا المنتج وتخصيص أسطوانة واحدة لكل منزل شهريا بسعر 60 جنيها.
وما طال الأوزان طال أيضا المساحات والأطوال، فيمكنك الآن أن تشتري وحدة سكنية بمساحة 150 مترا مربعا مثلا، ولكن إذا ما قمت بقياسها فستجد أنها لا تتجاوز بأي حال الـ120 مترا. والعجيب هنا بأنهم يبررون هذا النقص بأنه انتقص كتعويض للشارع والمنور والسلم، وكأن هناك عمارة يمكن أن تبنى بدون تلك المشتملات البديهية، والأعجب هنا أن البائع ليس مقاولا جشعا ومدلسا، ولكنها الدولة نفسها التي يجب أن ترعى القانون وتحميه.
شركات المحمول
وامتد مهرجان إهدار المعايير في مصر إلى حجم الدقيقة في خدمات الهاتف المحمول، التي وصلت – بحسب مراقبين – إلى 45 ثانية بدلا من الـ60 ثانية، كما أن هناك شكوكا متداولة بأن الشهر المحاسبي للمحمول لا يصل إلى الثلاثين يوما، ولكنه يتوقف عند 28 يوما فقط. وفي المقابل تحاول شركات المحمول تبرير ذلك وتؤكد أن السبب يعود إلى استخدامات تكنولوجيا الجيل الرابع بما تمتاز به من جودة، أو لأنها تسحب سحبا كثيفا من باقات الرصيد ما يؤدي إلى نفادها بسرعة.
كما أن هناك شكوى من عموم المصريين بأن أغلب شبكات المحمول في مصر ضعيفة للغاية، ولا يصل مدى إرسالها إلى كثير من المنازل والمناطق.
وعلى ذكر المحمول وشبكاته، فإن هناك مسألة يتندر منها المصريون، وهي أنهم حينما يشترون “كارت الشحن” فئة العشرة جنيهات مثلا، فإنهم يشترونه بـ11 أو 12 جنيها، ليجدوا فيه رصيدا لا يتجاوز السبعة جنيهات، ويتساءلون: ما محل فئة العشرة جنيهات من هذا وذاك؟
المهم أن حتى تلك السبعة جنيهات لا تستقر عند هذا الحد، فسرعان ما يتم خصم ضرائب غير معلومة منها، ليصل الصافي ما دون الخمسة جنيهات. وإذا قمت باستخدام خدمة “سلفني شكرا” واستلفت رصيدا بمبلغ أربعة جنيهات، فإن إجمالي ما تتحصل عليه هو 2.50 جنيه.
وكأنها “فرة” أصابت القوم، حيث راح عبد الفتاح السيسي نفسه يقول ذات مرة في خطاب رسمي له، إنه لا يريد أن تكون الاثنان هي حاصل جمع واحد زائد واحد، ولكنه يريدها أن تكون ثلاثة وأربعة وخمسة.
غش البشر
ظاهرة الغش طالت كل شيء تقريبا في مصر حتى البشر، وأصبحت سلوكا معتادا تم تجميله ليعتبر نوعا من الشطارة و”الفهلوة”.
الغش في البشر مارسته الدولة أولا ثم انتقل إلى الشعب، فلأن النظام كان بحاجة ماسة إلى أنصار لتبني مواقفه المتدنية في كل المجالات بعد أن نفر منه المبدعون، راح يتبنى أنصاف المواهب ويخدم عليهم إعلاميا ليظهروا كقامات فكرية كبيرة مساندة له، ما أنتج فنانا كبيرا ليس بفنان، وأديبا كبيرا ليس بأديب، وحاملا للقب دكتور لم يمر حتى بالجامعة أصلا، ومفكرا ليس له أي عمل فكري، وداعية لا يعرف إلا ما يعرفه العوام عن الدين، ومثقفا لم يقرأ كتبا، وعالما ليس بعالم.. إلخ.
وحينما أدرك الناس أن الدولة تحتفي بالأدعياء وقليلي الموهبة، راحوا هم يستحسنون النصب فيما بينهم، ما أنتج مجتمعا كذوبا فاسدا، كل معاييره مختلة.
وبقي أن نقول؛ إن الغش جريمة لا تتفق مع حضارة أمة مسلمة؛ ضرب الله لها الأمثال في كتابه الكريم بقوم سيدنا شعيب الذين أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
وكل الشواهد تؤكد أن المجتمع المصري الفاسد هو مطلب مشترك لنظم الحكم الاستبدادية، ومن يديرها في الخارج من القوى الاستعمارية.
نشر المقال المرة الاولى في عربي 21
أهم ما أحيته واقعة استعادة الجزائر لرفات العشرات من شهدائها ومقاوميها المحفوظة في ما يسمى “متحف الإنسان” في فرنسا، والذي يتم فيه الاحتفاظ بنحو 18 ألف جمجمة، هو مدى استهانة هذا البلد بحقبته الاستعمارية بحقوق الإنسان، وأن تلك الاستهانة والتنكيل بأجساد الضحايا لم تنته مع انتهاء حقبة فرنسا الاستعمارية، بدليل تباهيها بجرائمها السابقة واحتفاظها برؤوس ضحاياها حتى اليوم
وبدليل آخر؛ أن النفوذ الفرنسي في مستعمراتها السابقة خاصة في الشمال الأفريقي لم يتوقف حتى الآن، وأن فرنسا لا زالت تتدخل في سياسات العديد من تلك الدول.
ورغم بشاعة السلوك واستهانته بالإنسان المنصوص على احترام كرامته في جميع الأديان السماوية، تتزين الكثير من الكنائس الغربية بجماجم الموتى، مثل كنيسة سيدليك في دولة التشيك التي تتزين برؤوس آلاف من ضحايا الحروب الصليبية، وكذلك معبد الجماجم في مدينة شيرمنا ببولندا وغيرهما.
الدولة العثمانية
ورغم أن مثل هذا المتحف موجود منذ عقود في فرنسا، إلا إننا لم نسمع أبدا تنديدا ولا إدانة من قبل الدول الأوربية الأخرى (الاستعمارية سابقا) لوجوده، وكأن شعاراتها باحترام حقوق الإنسان حيا وميتا لا تنطبق فقط إلا حينما يكون الشخص المدان مسلما، فيتم حينئذ توظيفها توظيفا سياسيا، تماما كما تفعل تلك الدول مع ما تسميها “مذبحة الأرمن” والتي يراد منها النيل من الدولة التركية.
ولنا أن نتخيل أن الدولة العثمانية هي من مارست هذا الفعل، أو هي من قطعت رؤوس آلاف من ضحاياها من غير المسلمين في أوروبا واستقدمتهم إلى إسطنبول وأنشأت بهم متحفا لا زال مزارا سياحيا، حين إذن كيف سيكون رد فعل العالم الغربي؟
بالقطع كانوا سيتهمون الدولة العثمانية بالوحشية والإرهاب ومعاداة حقوق الإنسان، وأنها لا تقل شناعة وإجراما عن التتار، وأن السلاطين العثمانيين لا يقلّون إجراما وبربرية عن أفعال جنكيز خان وهولاكو وتيمور لينك؛ والأهرامات التي شيدوها من رؤوس الضحايا في كافة البلدان التي اجتاحوها.
وربما حينئذ ستنتقل حالة التحريض على تركيا من الدعوة لحصارها اقتصاديا وسياسيا؛ إلى التدخل فيها عسكريا ثأرا لأرواح الضحايا.
وبالقطع سوف يتم استغلال هذا الفعل العثماني الافتراضي من أجل التشنيع على الدين الإسلامي، وأخذه ذريعة لتأكيد أنه دين يتسم بالإرهاب والعنف والدم، وأنه انتشر بحد السيف.
الهجوم على الإسلام
والواقع أن هناك من يردد عن الإسلام نفسه هذه الاتهامات فعليا دون أن يقدم بيّنة على ادعائه، فمعظم ضحايا الإرهاب في العالم اليوم هم من المسلمين، ومعظم الضحايا بالأمس هم أيضا من المسلمين، وهم من ارتُكبت ضدهم المذابح المروعة الموثقة في التاريخ، وهم من استُعمروا ونُهبت ثروات بلادهم، واستُعبدوا وبيعوا كرقيق.
وإن أوروبا وأمريكا، وليست إسطنبول ولا القدس أو مكة، هما من كانتا تميزان بين الناس بسبب بشرتهم أو دينهم، فتعطيان أحدهم الحق في أن يستعبد الآخر وأن يستحل عرضه وماله ونفسه بمباركة تامة من الدولة، وأحيانا من الجهات الدينية نفسها.
الحريات العثمانية
كان أحد رؤساء بلدية إسطنبول يسير في الشارع، فلفت انتباهه وجود حمار مربوط ومحمل بأثقال كبيرة لا يقدر على حملها، فاقترب منه وقام بإنزال الأحمال منه وأمر بالبحث عن صاحبه، فوجده يدخن التبغ في حانة قريبة، فأمر بعقابه، ثم تم سن لوائح للرفق بالحيوان.. هذه قصة حدثت في ظل الدولة العثمانية تجاه حيوان، فما بالك لو كان الأمر يتعلق بالإنسان؟
ورغم أن الدولة العثمانية عانت من حروب مستمرة من قبل الإمبراطوريات الغربية المختلفة عنها دينيا، إلا أنها خصّت المسيحيين داخلها بالعديد من الامتيازات السياسية والتجارية، حتى أنها سمحت للمسيحيين الأرمن ببناء كنائسهم داخل الأستانة، في الوقت الذي كانت الدولة البيزنطية من قبل تمنعهم من ذلك بزعم أنهم “هراطقة”.
وفي ذروة المد الاستعماري الغربي وما أحاط به من ممارسات تحط من كرامة الإنسان المختلف، ألغى السلطان العثماني محمود الثاني تجارة الرقيق الأبيض في أوائل القرن التاسع عشر، فتحرر جميع العبيد من يونانيين وجورجيين وأرمن وشركس، وأصبحوا مواطنين عثمانيين يتمتعون بسائر الحقوق التي يتمتع بها الأحرار.
وبالقطع كانت للدولة العثمانية أخطاء، شأنها شأن كل الإمبراطوريات القائمة آنذاك، ولكنها أبدا لم تلج في الحط من كرامة الإنسان بسبب اختلاف في الدين والمعتقد، حيا أو ميتا.
المدهش أن فرنسا صاحبة متحف “الإنسان” الذي ينتهك كرامة الإنسان؛ حاول الإعلام الغربي والمحلي العربي المضلل تقديمها كدولة مؤسسة لمبادئ حقوق الإنسان الحديثة.
فوجدنا من يتناسى مئات الألوف من ضحايا الحملة الفرنسية على مصر والشرق العربي ويصفها بالحملة التنويرية، ومن يهلل لإعادة تنصيب تمثال ديلسبس فوق قناة السويس التي استشهد فيها قرابة المئة ألف مصري جوعا.
يهيأ لي أن العاصمة الإدارية التي يشيدها السيسي في الصحراء بالقرب من قناة السويس ويجري التخطيط لنقل مقار الحكم ودواوين الحكومة إليها، ما هي إلا تكرار للمنطقة الخضراء التي شيدها الاحتلال الأمريكي في بغداد لحماية قيادات جيشه وحلفائهم العراقيين، لكنه تكرار بالغ الكلفة والفجاجة. حيث يتشابهان في الأسوار العالية، وفي التأمين بالكمائن والكيانات العسكرية والكاميرات وفي الكروت الذكية التي تمنح للمواطنين ليتسنى لهم الدخول، رغم أن من فعل الإجراءات في العراق – وهى الأقل تأمينا من نظيرتها المصرية – قوة احتلال أجنبي.
سلوك عسكري
عموما فإن فكرة إنشاء عاصمة إدارية للبلاد ليست بجديدة، فقد طرحها الحكم العسكري كثيرا كإجراءات تأمينية، ولكن كانت كلها تجارب فاشلة، إما بسبب الزحف العمراني القادم نحوها من القاهرة القديمة، وإما لنقص التمويل، أو لكليهما. فقد حول عبد الناصر حي مصر الجديدة النائي في صحراء شرق القاهرة والذي تأسس عام 1910 سكنا لنخبته العسكرية وحول فندق هليوبوليس الفخم إلى قصر جمهوري، وأسكن في هذا الحي الجاليات الأجنبية، وأنشأ بجواره مطار القاهرة ليسهل حركة الانتقال للخارج؛ فيما لجأ مبارك لمدينة نصر لإسكان أسر العسكريين ولتكون امتدادا لحي مصر الجديدة، ولما فشلت التجربة أقام مدينة القاهرة الجديدة.ثم قام بالاحتماء بمدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء معظم الثلاثين عاما التي أمضاها في الحكم، مستفيدا في ذلك بالعوازل الصحراوية والبحرية، فضلا عن قلة أعداد السكان الذين كانوا في الغالب من نخبته الأمنية، هذا بالإضافة إلى الأسوار العالية التي تحيط بقصوره هناك.أما السيسي فلم يكتف فقط بإنشاء العاصمة الإدارية، ولكن أنشأ أيضا مدينة العلمين الجديدة التي أسموها “مدينة الأحلام”، دون أن تكون هناك أدنى حاجة لها، لتبقى مقرا أكثر تحصينا بالصحراء من العاصمة الإدارية ، وبالطبع انشأ فيها قصرا جمهوريا حصينا.
سلوك استعماري
سادت ثقافة العوازل الحصينة في القرون الوسطى وما قبلها، ومن أبرز أمثلتها عالميا سور الصين العظيم، فيما كان ما يشبهه بشكل أصغر سور القاهرة الفاطمية في مصر، وكان الهدف من تلك الأسوار آنذاك هو حماية البلاد والناس من الأعداء الخارجيين، في وقت كانت تسود فيه شرعية البقاء للأقوى.وحينما غزا الانجليز مصر راحوا يعزلون مناطق القاهرة الخديوية وهي المبنية على الطراز الأوربي ليقطن فيها قادتهم العسكريون وجاليتهم وحلفاؤهم المصريين بينما جعلوا دخول عوام المصريين إليها يتم أيضا بالكروت.ومن قبل هؤلاء فعل نابليون نفس ما فعله “السيسي” وراح يحتمي بصحراء المقطم المرتفعة ليتخذ منها مقرا للحكم، ويتخذ منه منصة لضرب القاهرة والجامع الأزهر بـ “القنابر”.لكن رغم ذلك زال عنها حكم الفرنسيين والإنجليز وبقيت مصر.كما أن سور الصين العظيم لم يمنع المغول من غزو تلك البلاد حيث فتح أبوابه أمامهم جنود مرتشون، ولم يمنع سور القاهرة الفاطمية الناصر صلاح الدين من الإجهاز على الدولة الفاطمية للأبد.
تجربة كاشفة
هناك في بورما تجربة عالمية فريدة في مدى اهتمام الحكام العسكريين بإنشاء عواصم إدارية ليحكموا بلادهم من خلالها.وتقول تقارير صحفية إن منجمين أخبروا الحاكم العسكري عن قرب تفجر احتجاجات شعبية عارمة، وإن الكثافة السكانية في العاصمة “يانغون” ستكون عامل حسم لانتصار تلك الثورة، ونصحوه بالانتقال سريعا لعاصمة حصينة.وعلى عجل نقلت حكومة بورما عاصمتها إلى منطقة غير مأهولة تدعي “بينمانا” تبعد عن العاصمة القديمة 400 كيلو متر، وحصل كبار موظفي الدولة على إخطارات بسرعة استعدادهم وأسرهم وممتلكاتهم للانتقال إلى العاصمة الجديدة خلال يومين فقط، حيث أقاموا في الخيام لحين الشروع في إنشاء العاصمة.ومن المهم التأكيد على أن احتماء الحكام بالكانتونات والجيتوهات أو العوازل الطبيعية والمناطق “الخضراء” ، هو إجراء طبيعي ومقبول إن تعلق فقط بالشؤون الحربية. وفي المقابل يعد إجراء مثيرا للارتياب والدهشة حينما تتم ممارسته على الشعب بما يحمله ذلك من تمييز بين أبناء الشعب الواحد.سياسة الهروب للعوازل الطبيعية هي تدليل قوي بحد ذاتها على أن الحاكم الذي يسلك هذا المسلك هو حاكم ظالم وغير ديمقراطي، ولن يحسن من قبح ديكتاتوريته اقتياده للدراجات أو الطائرات بين حشود مصطنعة ومزيفة.حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر.
اقرأ المقال كاملا هنا على قناة الجزيرة مباشر
في الواقع أن المبادرة المصرية لحل الصراع في ليبيا تقدم ترياق الحياة للجنرال العجوز خليفة حفتر بعد الانهاك الذي لاقته قواته والفرار المتكرر من قاعدة لقاعدة ومدينة إلى مدينة، وتساقط قلاعه العسكرية بشكل درامي أمام الجيش الليبي الشرعي في طرابلس.
ورغم أنه من المستغرب أن يطرح الطرف المهزوم مبادرة سلام تضمن بقائه في المشهد، دون أن يمتلك القوة التي تجبر المنتصر على ابقائه حيا وعدم الاجهاز عليه، إلا أنه أيضا – يا لغرابة – يقدم مبادرة لا تسعى لحل الصراع في ليبيا جذريا، ولكن فقط تؤجله إلى حين، وهو بالطبع ما سيرفضه الطرف المنتصر، وقد رفضه فعلا.
فمن الواضح أن تأجيل الحرب لمدة عام ونصف، هي عمر الفترة الانتقالية في المبادرة، يقصد من ورائها أن يلتقط حفتر أنفاسه، وخلالها ستعمل القوى الدولية والاقليمية الراعية له على تغيير المشهد العسكري الداخلي لصالح الجناح الموجود فيه، وتعقيد المشهد الدولي أمام الأتراك والحيلولة دون تدخلهم في الصراع الليبي متى اندلعت الحرب فيه مجددا، أو متى وقع انقلاب عسكري على المجلس الرئاسي المقترح، كما فعل حفتر نفسه على المجلس الحالي.
ويراهن حفتر، الذي يعلم يقينا أن مبادرته مرفوضة لكونها مناورة مكشوفة تهدف لنجدته، على كسب بضعة أيام لحين اعادة التمركز في مرتفعات الرجمة شرق مدينة بنغازي، ودعم وتأمين الحمايات العسكرية فيما تبقى لديه من مدن، حتى يمكنه من خلالها الامساك بأوراق تفاوض وضغط، أو القفز لعملية اعلان حكم ذاتي عليها، والتلويح بتقسيم ليبيا أو تنفيذ ذلك بالفعل.
كما يراهن أيضا على استصدار قرار من مجلس الأمن يلزم الحكومة الشرعية بوقف العمليات القتالية والقبول بمبادرة القاهرة.
ومن المخاطر التي يجب على الجيش الليبي الانتباه لها جيدا، وربما يراهن على حدوثها حفتر أيضا، هو أن يتمدد في المدن المحررة على تلك الرقعة الهائلة من الاراضي بشكل يفوق طاقته التأمينية، وأعداد قواته، ودون أن يهيئ لها دفاعات قوية، فتصبح نهبا للعمليات الارهابية والفوضى، وحرب العصابات، ولذلك ينبغي عليه ألا ينتقل من تحرير مدينة إلى أخرى دون الامساك تماما بزمام أمور كل مدينة محررة.
كما ينبغي على الجيش الليبي سرعة تجريد قوات حفتر من المناطق النفطية والاستراتيجية، مستغلا انهيار معنوياتها بسبب الهزائم التي منيت بها، وقبل التدافع الدولي المتوقع حدوثه الأيام المقبلة، الذي سيرفض أي حرب بجوار تلك الآبار، وستكون ورقة رابحة يلعب بها حفتر.
هزائم دبلوماسية
ويتوالي تساقط المدن من بين حوافر حفتر بعد أن قاب قوسين على فرض سياسة الأمر الواقع والاستيلاء على العاصمة، وذلك حينما وجدت طرابلس وحكومتها الشرعية المعترف بها دوليا حليفا قويا وهو تركيا.
ويخطئ من يتصور أن قوة تركيا تتركز في الدعم العسكري الذي تقدمه حيث تطور عتادها وخبراتها الفنية العسكرية، وإنما في قوتها الدبلوماسية حيث أنها بدت قادرة على تحييد الكثير من داعمي حفتر الرسميين والسريين.
ووضحت تلك القوة الدبلوماسية التركية بعد تحييد الموقف الايطالي، والاعلان المتكرر لروسيا عن عزوفها عن الملف الليبي، وأن ما يعيق دعمها الوفاق هو رفضها الافراج عن السجناء الروس في طرابلس، وأن الروس الذين يقاتلون بجوار حفتر والمقدر عددهم بنحو 1200 فرد هم تابعون لشركة أمنية خاصة ولا يمثلونها.
ولعل زيارة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لموسكو مؤخرا ستخلق تغييرا كبيرا على الموقف الروسي الايام القادمة.
وظهرت القوة الدبلوماسية التركية أيضا في ابراز دعم حلف شمال الاطلسي والدعم الأمريكي للحكومة الشرعية، وهو ما انعكس في صورة فتور في الموقف المصري ومبادرته البائسة.
وأحسنت تركيا صنعا حينما لم تتدخل بقواتها مباشرة في الازمة الليبية، لأن الخطة في المعسكر الأخر كانت على ما يبدو التركيز على تحقيق خسائر في تلك القوات بأي ثمن كان، يعقبها تأليب دعائي واعلامي للشعب التركي على حكومة اردوغان.
التحريض على الثورة
ولقد ساهم في تحقيق الانتصارات السريعة للجيش الليبي عدم اقتناع معظم الليبيين بجدوى النزاع وفائدته عليهم، واعتبروه سفكا للدماء الليبية على مذبح “جنرال عجوز”، دمية في يد مشغليه الدوليين، يحلم بالحكم والسيطرة، وبناء ديكتاتورية جديدة في البلاد تابعة كليا للخارج، وأكثر قمعا من سابقتها.
فلحكومة فائز السراج المعترف بها دوليا خصائص تفتقدها حكومة حفتر غير الشرعية، من أهمها أنها لا تحارب من أجل شخص أو جماعة، ولا تسعي لاحتكار السلطة، وتتبنى خطابا تصالحيا ووحدويا وديمقراطيا لكافة أرجاء ليبيا وكافة طوائفها.
وكان لهذا الخطاب التصالحي على ما يبدو اثر كبير لدى أنصار القذافي الذين يدركون أن حفتر ومن جاءوا به من أمريكا هم من قصفوا مدينتهم إبان أحداث ثورة فبراير2011 وقتلوا أبناءهم بطائرات الناتو.
ولعل ما حدث من تصدي ابناء مدينة بني وليد لميليشيات حفتر رسالة بليغة تدعم هذا التصور، خاصة أن بني وليد كانت من أكثر المدن ولاء للقذافي.
وربما يقود هذا الخطاب الرصين والوطني لأحداث تغير كبير في مدن الشرق الليبي، التي يتوقع ثورتها ضد حفتر ما أن وجدوا الفرصة لذلك، بينما تتردد أنباء عن انشقاقات داخل كتلته العسكرية.
يأتي ذلك، بخلاف حفتر الذي أخضع القبائل والعائلات في بنغازي والشرق الليبي بالقوة ونكل بمعارضيه، ووزع المناصب والثروات على أبنائه وذويه وعائلته، واختطف النساء وقتلهن كما حدث مع نائبة بنغازي بمجلس النواب الليبي سهام سرقيوة، التي تم اختطافها من منزلها عقب انتقادها تصرفاته ولم تظهر منذ سنوات.
فضلا عن قيامه بالاستعانة بفئات ارهابية سامت الناس سوء العذاب مثل عصابات الكاني، وجماعات متطرفة مثل الجامية المدخلية ، بالإضافة إلى انكشاف أمر تبعيته للخارج واستعانته بالمرتزقة الأجانب من كل حدب وصوب لقتل الليبيين بأموال ليبيا.
حملة ضارية ومنظمة تشنها أبواق إعلامية في مصر ليست ضد جماعة أو حزب أو حتى دولة، كما تعودنا دائما، ولكن هذه المرة ضد الدكتورة “منى معين مينا غبريال” الشهيرة بـ “منى مينا” وكيل نقابة الأطباء السابق والمنسق العام لحركة أطباء بلا حقوق بسبب تصريحات أغضبت السلطة حول سوء تعامل وزارة الصحة مع مرضي وباء الكورونا لا سيما من الأطباء وانتقادها لنظام التكليف الجديد، فانهالت عليها البلاغات.
ورغم أنها مسيحية، راحت تلك الأبواق تتهمها بالخيانة وبالتالي الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، ولما صار الأمر مثيرا للضحك، وجدت الأبواق ضالتها في زوجها المسلم المهندس سعيد أبو طالب لتلصق به تهمة الأخونة، رغم أن الرجل من كوادر التنظيمات الشيوعية العتيقة في مصر.
فسعيد أبو طالب هو واحد من مؤسسي حزب “العيش والحرية” اليساري، وبدأت علاقته باليسار حينما التحق بهندسة عين شمس منتصف السبعينيات حيث أصبح كادرا سريا من كوادر تنظيم “المطرقة” الشيوعي الناشط في هذا الوقت، والذي تفكك بعد مقتل السادات عام 1981، وحينما تم التفكير في إعادة تشكيله في عام 1983 فوجئوا بقضية “التنظيم الشيوعي المسلح” دون أن يكون لهم معرفة بالأمر.
كما أن سعيد أبو طالب تربطه علاقات وطيدة بقيادات شيوعية تاريخية، وهو ما ينفي عنه تماما تهمة الأخونة، فهو تلميذ نجيب من تلاميذ الزميل “حمدي” وهو الاسم الحركي لأحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد، بصفته عضو اللجنة القيادية، مسؤول التنظيم والاتصال بالمطرقة، كما يقول سعيد أبو طالب في حوارات صحفية.
والأهم أنه عضو جماعتي المهندسين الديمقراطيين و”مصريون ضد التمييز الديني” واللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي، وهي بلا شك تكشف عن بعده.
هي هي .. كما هي:
والحقيقة لا أعرف ما السر الذي يجعل إعلام السلطة يجتهد لإلصاق تهمة الأخونة لكل من يتبنى وجهة نظر لا تعجبه دون أن يسعي أن يرد عليها بالتفنيد والحجة، مع أنه يمكنه أن يعترض عليها بمنطق “الفتونة” دون أن يقدم الحجة والبراهين، ولن يجرؤ أحد على الاعتراض.
والأسئلة الأهم، كيف تكون الدكتورة منى مينا أو زوجها على صلة بالإخوان، بينما هي من قادت إضرابات الأطباء في أكتوبر/ تشرين 2012 المطالبة بالكادر وتحسين ظروف عمل ورواتب الطبيب وتعيين الخريجيين الجدد وتقديم خدمة طبية متميزة للمريض وتأمين المستشفيات ورفع ميزانية وزارة الصحة، كما أصيبت ابنتها الطبيبة والناشطة “سلمى” بطلقات خرطوش الداخلية في تلك الأحداث، وخرجت في وسائل إعلام الدولة لتكشف عن ذلك؟
أليست هي من كانت ضيفا يوميا على شاشات كل القنوات الفضائية، وعلى صدر صفحات الصحف القومية الخاضعة للدولة لتعرض وجهة نظرها منذ إضراب الأطباء الأول في مايو/ أيار 2011 والثاني في أكتوبر/ تشرين 2012؟
أليست هي نفسها ذات المطالبات التي تتحدث عنها في إضرابات الأطباء 2016 والآن؟
ألم تشكل احتجاجات2012 التي اندلعت بعد أربعة أشهر فقط من توليه الحكم، ضغطا شديدا على حكومة الرئيس الدكتور محمد مرسي؟.
وإن لم تتصدر الدكتورة منى مينا المشهد في الحديث عن أي مطالبات صحية تلزم الطبيب أو حتى المريض فمن يتحدث عنهما؟!
وهي من شغلت معظم المناصب النقابية الخاصة بالمهنة لعقود وأول سيدة تتفرد بمنصب أمين عام الأطباء، فمن يتحدث إذن؟
وما الذي تغير الأن فضاق صدر الإعلام والدولة بها، وكيف تحولت البطلة: “قديسة الأطباء” أو “سيدة مصر الأولى” و”الأم المثالية لشباب الاطباء” “ومسيحية التحرير” كما كانوا يسمونها إلى خائنة الآن، رغم أن مطالبها ذات المطالب، ومواقفها ذات المواقف، ما يؤكد أنها لم تتغير.
مواقف إنسانية
المواقف الإنسانية لا تتجزأ عند الإنسان السوي، فللدكتورة منى مينا طبيبة الأطفال مواقف تكشف عن عمق إنسانيتها، منها موقفها عام2003 حينما ألقى القبض عليها في مظاهرة منددة بالغزو الأمريكي للعراق حيث تعرضت للضرب والاعتقال بعد محاولتها إفلات متظاهرة من قبضة مخبرين كانوا يعتدون عليها بالضرب، وللهزل وجهت لها تهمة “سحل” رجال الشرطة وسرقتهم!
وكيف أنها تطوعت لعلاج المهاجمين والثوار في “موقعة الجمل” دون تمييز، وكيف رفضت تسليم المصابين في أحداث 28 يناير/كانون الأول 2011 الموجودين في المستشفى الميداني لرجال الأمن.
مواقف منى مينا المتعددة جعلتها أيقونة نسوية ونقابية من طراز فريد شكلت بوتقة صهر لعناصر الوحدة الوطنية المصرية، فهي مسيحية متزوجة من مسلم، وهي يسارية تناصب الاستبداد، وهى نقابية دفعها العمل النقابي للالتحام مع الشأن العام.
في الواقع أن منى مينا إنسانة متحيزة لإنسانيتها.
وخطورة هذه القاعدة التي تمتد على مساحة كبيرة تصل إلى 50 كيلومترا، في أنها تقع على امتداد منطقة مكشوفة وغير مأهولة تجعل أية قوات مهاجمة برا أو جوا عرضة للقصف بالأسلحة الثقيلة، كما أن بعدها عن طرابلس العاصمة بمسافة 150 كيلومترا فقط جعلها شوكة عصية على الكسر تنغص على أهل طرابلس أمنهم.
اقرأ المقال كاملا هنا على قناة الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
لعلك يا سيادة الوزيرة أكثر مني دراية بأن النظام حاول التربح اقتصاديا وسياسيا من تفشي الفيروس عبر إرساله مساعدات طبية لدول ذات نفوذ واقتصادات عملاقة، لا يذكر اقتصادنا بجوارها، رغم أن الداخل المصري وبالأخص المستشفيات في أمس الحاجة لها، وشاهدنا نزيف الطواقم الطبية النادرة والمدربة جراء عدم وجود كمامة أو مطهر.
نحن كعرب لا يعنينا في مواقف كوريا الشمالية أو زعمائها سوى مواقفهم من قضايانا، وهي في الواقع مواقف مشرفة منحازة بقوة للحق العربي في فلسطين والعراق.
فرغم أن الكثير من البلدان العربية طبعت مع اسرائيل ومنهم من ينتظر أو يطبع خلف الستار، لم تعترف كوريا الشمالية بدولة اسرائيل، وبل وتصفها بكيان استعماري تابع لأمريكا، وتعترف في المقابل بدولة فلسطين على كل أراضيها بما فيها الأرض التي أقيمت عليها دولة اسرائيل ذاتها. وطبقت نفس الأمر في مرتفعات الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية.
بل أن اتفاقية السلام التي كانت مدتها 20 عاما انتهت 1999 وكانت هناك فرصة للتخلص من اعبائها لكن ما جرى هو تمديد الاتفاقية وبالتالي تمديد قيود غياب سيناء، فإذن المسألة كانت ارادة سياسية وليست كفاءات.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
نقلا عن عربي 21
لا تقتصر مخاطر تفشي فيروس كورونا في مصر وما تلاه من إجراءات اتخذتها الدولة للحد من انتشاره؛ على من يمرضون به أو على ذويهم فقط، ولكن يتخطاه ليترك آثارا كارثية على فئات واسعة في دولة يعتاش قطاع كبير من سكانها على مدخولاتهم المادية اليومية أو الشهرية.
ومشكلة هذه الفئة أنها لا تمتلك مدخرات أو عوائد مادية ثابتة، ولو توقف أحدهم عن العمل يوما واحدا فإنه سيعرض نفسه وأسرته للجوع، في ظل غلاء تكاليف المعيشة، بالإضافة إلى أن هذه الفئات تسكن في الغالب مساكن إيجارات جديدة تقتطع جزءا كبيرا من مدخولاتها المادية.
ورغم عجز كثير من المواطنين عن مواجهة تكاليف المعيشة في ظل الظروف المعيشية العادية، فإنهم مع تفشي الوباء وما قد يعقبه من إجراءات تفرضها الدولة، سيكونون قد فقدوا مورد رزقهم، ومطالبين في الوقت نفسه بزيادة إنفاقهم لتغطية مستلزمات الوقاية من إصابتهم وذويهم بالفيروس القاتل، خاصة أنهم الفئة الأقل في الرعاية الصحية.
الفئات المتضررة
فعلت وزارة القوى العاملة خيرا حينما قررت منح أصحاب العمالة المؤقتة راتبا قدره 500 جنيه (30 دولارا) شهريا، وهو رقم مع زهادته إلا أننا نشك أصلا في صحة تطبيقه، وفي عدد من سيستفيدون منه، ونأمل ألا يكون مجرد “لقطة” من “لقطات” خادعة اعتادها المصريون السنوات الماضية.
فهناك قائمة طويلة ممن سوف تتأثر أعمالهم جراء تفشي الفيروس وستستحيل حياتهم مع فرض الدولة حظرا للتجول، أو ستتوقف أعمالهم جراء الذعر الذي ينتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم.
فهناك ما بين 2.4 مليون (حسب الإحصاءات الرسمية) إلى 5 ملايين عامل (حسب إحصاءات أهلية) من العمالة غير المنتظمة، والتي تتضمن عمال “اليومية” والتراحيل والمعمار والمقاهي ومحطات الوقود والباعة الجائلين وغيرها، وتتسع رقعة إعالة هذه الفئة لما يتراوح بين 15 إلى 20 مليون نسمة.
وهناك أيضا فئات توجب طريقة عملها التعامل المباشر مع الجماهير وتسلم وتبادل النقود والأوراق، ما يضاعف تعرضها للإصابة بالفيروس، ومن أمثلة هؤلاء محصلو الأتوبيسات والقطارات والمترو وحتى شركات الطيران، فضلا عن سائقي السرفيس والتكسي والتوكتوك، أيضا محصلي المستشفيات والنوادي وغيرها.
كما تشمل المعاناة الأيادي العاملة في قطاعات الصحة والعناية الصحية والخدمات المعاونة من طواقم التمريض وحتى عمال النظافة، بمن فيهم أولئك العاملون في الشوارع العامة، وجميع هؤلاء معرضون بشكل مباشر للمرض. بل إن تفشي الوباء يفرض عليهم مسؤوليات أكبر في حين أن بعضهم ليس بوسعه تحمل تكاليف الرعاية الصحية التي يشارك في صناعتها.
ونحن هنا نستثني الأطباء الذين يقع عليهم دور البطولة في هذه الحرب الحقيقية، لكونهم يتلقون محفزات مالية وطبية تبدو مقبولة وإن كانت في حدها الأدنى.
كما امتد خطر كورونا ليقطع أقوات العاملين المستقرين في القطاع الخاص، كالمدارس الخاصة على سبيل المثال، حيث استغلت كثير من اداراتها قرار وزارة التعليم تأجيل الدراسة 14 يوما، فمنحت العاملين لديها اجازة دون راتب، ما يخشى أن تحذو حذوه الشركات والمكاتب الخاصة حال تمديد وتعميم الاجازات، وتحرم المواطنين من أموال هم في أمس الحاجة لها.
وقد تندهش إن علمت أن غالبية أئمة المساجد معينون بعقود ؤؤقتة ويتقاضون رواتبهم بناء على عدد الصلوات التي قاموا بإمامتها وخطب الجمعة التي حضروها، وإغلاق المساجد سيعرض تلك الفئة لفقدان مورد رزقهم.
واجبات الدولة
في الواقع، إن الجميع في مصر سوف يتأثرون بدرجة ما من تفشي وباء الكورونا، وواجب الدولة والمجتمع هو حماية الفئات الفقيرة والمسحوقة وتقديم يد العون لهم لمجابهة هذا الخطر الوجودي الجسيم.
ويبقى من أولى واجبات الدولة الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين في سجونها، وهم بعشرات الآلاف، خاصة أنهم الأكثر عرضة لتفشي الوباء بسبب تكدس السجون وسوء التهوية والتغذية فضلا عن ضعف مناعة المعتقلين التي يلهبها سوء الحالة النفسية جراء الحبس الطويل غير المبرر.
ومن واجباتها توفير الطعام والدواء والرعاية الصحية لغير القادرين طوال فترة تلك المحنة، وأن تسقط التزاماتهم المادية من فواتير ماء وكهرباء وغاز وإنترنت وغيرها حتى جلاء المحنة، لأنه كما للدولة حقوقا على أبنائها فإنها ملزمة بتأدية واجباتها تجاههم، وإن لم تؤدها فلا يحق لها الحديث عن الحقوق وذلك ببساطة لأنه لا وطن بلا مواطن.
كما يجب على الشعب عدم التكالب على تخزين السلع والبضائع ما يؤدي لرفع أسعارها بصورة جنونية، فيعجز الفقير عن الحصول عليها، لأن ذلك ليس من خلق المسلم المحب لدينه ووطنه.
قد يحمل اتهام النظام السوداني السابق بالتورط في محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك شيئا من العمق، لكن الأعمق منه توجيه أصابع الاتهام إلى المستفيد من توجيه تلك الأصابع لهذا النظام الراحل.
فمن يوجه الاتهامات سيخلق بلا ريب انقساما مجتمعيا حادا في هذا البلد، من خلاله وصم قطاع عريض من الشعب بالارهاب، ما يعني ضرورة مواجهته بذات السلاح، وبالتالي عليه أن يتخير ما بين الإبادة أو الإقصاء.
وهي ذات الاتهامات التي حاولت سلطة الجار الشمالي للسودان أن تواجه بها جزءا كبيرا من الشعب، وبررت من خلالها تكميم الأفواه والحريات، واستباحة الدماء، وجرّمت حقهم المشروع في المواطنة والتعبير والاحتجاج والتظاهر، مستظلة بشعارات زائفة، بدأتها من الإرهاب المحتمل حتى وصلت للمعركة التي لا يجب أن يعلو صوت فوق صوتها.
والقول بأنه من مصلحة النظام القديم تخريب المسار الديمقراطي للسودان أملا في العودة للحكم، هو في الواقع قول يحمل قدرا من السذاجة؛ لأن أوضاع السودانيين الاقتصادية في ظل النظام الجديد لم تختلف كثيرا عن حالها في ظل النظام القديم، بل إنها ساءت بشكل كبير دون أن يكون للبشير والأحزاب الإسلامية أي تدخل فيها.
يحدث هذا السوء رغم تدفق المعونات والمنح والقروض على الحكومة الجديدة من القوى الخليجية الراغبة في ضم الخرطوم لأحلاف اقليمية معينة، ورغم رفع قسم كبير من العقوبات الأمريكية والأوروبية عن السودان، وهي العقوبات التي كبلت نظام البشير وأوصلت الوضع الاقتصادي إلى حد الثورة عليه.
كما أن تحميل النظام السابق مسؤولية الانهيار الاقتصادي في السودان (رغم مساوئه التي لا تعد ولا تحصى) فيه تحامل كبير عليه، لأنه أصلا لم يتسلم السودان واحة خضراء فبوّرها، لكنه تسلمها من سابقيه، وهم كثر، على هذا الخراب، فأهمل فيها كما سيهملها من يحكمون الآن.
شيطنة الإسلاميين
وعلى غرار ما حدث في شمال الوادي من ظهور، حركات وجماعات لم يسمع بها ولا بنشاطها الشارع المصري قط سوى بعد انقلاب 2013، حدث في جنوبه، وخرجت بيانات من جهات غير معروفة من قبل تعلن تحملها المسؤولية عن التفجير. والغريب أن جميعها تحمل مسميات أو شعارات ذات طابع إسلامي، منها مثلا “حركة الشباب الإسلامي السوداني- طالبان” و”داعش السودان”.
كما ترافق مع الدقائق الأولى للهجوم، إسراع أحزاب وجهات وشخصيات مشاركة في الائتلاف الحاكم بإدانة حزب البشير واتهامه بالتورط في الحادث، رغم عدم وجود أي دلائل توحي بذلك، واستباقا لأي تحقيقات.
وهذا يوحي بأن الهدف هو شيطنة الحركات والأحزاب الإسلامية السودانية، رغم أنها نفت علاقتها بالحادث جملة وتفصيلا، وسارعت للتعبير عن إدانته في اللحظات الأولى، فضلا عن أنها الأحرص على ألا يتكرر المشهد المصري في السودان.
واللافت أن صحف وفضائيات الإمارات والسعودية ومصر دون سواها، اهتمت بالحادث اهتماما كبيرا، وتوجهت بـ”ربطة معلم” باتهام الإخوان في تدبير الحادث، داعية لسرعة تصفيتهم من المجتمع السوداني.
الرابح والخاسر
في الواقع هناك فئات كثيرة ستستفيد من الحادث، وفي المقابل هناك جهة واحدة تضررت بشدة منه.
أول المستفيدين من الحادث، هي تلك الدول التي تناصب الإسلام السياسي العداء، وتحاول أن تقصيه من السودان، وأن توجد لنفسها موطئ قدم ينافس الوجود التركي في جزيرة سواكن والصومال، لا سيما في هذا البلد صاحب السواحل الهائلة على البحر الاحمر، والمعبر الحيوي لأدغال أفريقيا، والأراضي الزراعية الوفيرة. وفي مقدمة هؤلاء الإمارات والسعودية ومصر.
ثاني المستفيدين، هي القوات المسلحة التي تم إرغامها عبر المظاهرات والمسيرات وتردي الحالة الاقتصادية وغيرها على القبول بمشاركة القوى المدنية في الحكم، وهذه القوات بحاجة لتبرير العودة للقبضة الحديدية تدريجيا حتى يتسنى لها في نهاية المطاف الإطاحة بحلفائها المدنيين، على غرار ما حدث في مصر.
ولا ننسى أيضا أن هناك عدة محاولات انقلابية نفذتها جهات في الجيش في وقت سابق، لكنها فشلت.
ثالث تلك الجهات هي التيارات ذات الطبيعة الراديكالية في القوى المدنية، كالأحزاب الشيوعية والعلمانية والتي تريد صبغ أيديولوجيتها على الحكومة، وهي بالمناسبة من أكثر الكارهين للتيار الإسلامي.
يأتي رابعهم الحركات المسلحة في السودان، وهي كثيرة وقادرة على تنفيذ أجندتها بقوة السلاح.
ورغم كل ذلك، فإن البعض يحلو له تحميل حزب البشير المسؤولية رغم أنه هو الخاسر الأكبر من سلوك هذا المسلك، وأن زيادة معاناة الناس جعل البعض يترحم على أيامه، على غرار ما حدث في مصر.
كل تلك الأعمال تثير علامات تعجب حول دقة السينما الأمريكية في تجسيد خطر الفيروس، بحقائقه واحتمالاته التي نعيشها الآن، بلغت من التطابق درجة أنها حددت أن مصدر الوباء الخفافيش، وأنه انطلق من مدينة مزدحمة، وأنه يصيب الجهاز التنفسي، وأن القاهرة تتكتم.
تماما مثلما تنبأت تلك السينما بوصول شخص الرئيس الأمريكي بصورته وشخصيته للبيت الأبيض والتي جسدها الفيلم الكرتوني “عائلة سيمبسون” الذي أنتج في عام 2000.
ما يثير علامات استفهام حول ما إذا كان هذا التشابه مجرد صدفة، أم استباق نشر لمعلومات عسكرية أو علمية دقيقة تحصلت عليها، أم إن هناك أشقياء “أشخاصا أو دولا” قاموا بتطبيق هذه الأعمال السينمائية على أرض الواقع كما فعل “أحمد بدير” في فيلم “بطل من ورق”؟
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
كانت سلطة مبارك تحاول الظهور بمظهر الديمقراطية بينما تجتهد سلطة السيسي في التدليل على قسوة إجراءاتها القمعية وأنها تنفذ ما تريد دون الحاجة للتبرير ودون أي رادع على الإطلاق، حتى صار الجميع يدرك أن ما تريده السلطة تفعله بأقسى الطرق وأكثرها وحشية.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
للجنرال العجوز قصص أخرى أكثر غرابة وتشويقا، منها اتهامه من قبل المتحدث السابق باسم “جيشه” محمد الحجازي بالاستعانة بـ “السحر” واستجلاب سحرة من النيجر وتشاد بهدف إخضاع المحيطين به.
اقرأ المقال كاملا هنا على الجزيرة مباشر
ولتخطي الحجب انقر هنا
هذه خمسة مقالات تتبع المدون سيد أمين خلالها توضيح فكرته التي يؤكد فيها أن ثورة يناير قامت بتخطيط من قبل المخابرات الامريكية بالتنسيق مع جهات في المخابرات الحربية ، وانها جاءت نتيجة صراع قوي وخفي داخل منظومة النظام نفسه استخدم فيها العديد من الاعلاميين والكتاب والنشطاء وانه بتدخل القوى الثورية الحقيقية الفاعلة مع تلك الثورة تحولت من حراك كان يراد به عزل مبارك وتولية عسكري أخر بديلا له الى ثورة حقيقية فتدخلت قوى الثورة المضادة لوأدها بحراك مصطنع كما حدث في 30 يونيو 2013
فلول الثورة
مبارك الفلتر
14 يونيو 2014
عن حقيقة صراع العالم والجنرال
…………………………………………………..
02 مارس 2016
دفاتر يناير
هل كانت ثورة يناير صراع أجنحة حكم؟
روابط ذات صلة
ديلى تليجراف تؤكد ما نشرناه حول ان السيسي يحكم مصر منذ 2010
▪️نفتقد الميدان ودفء الصحبة واللُحمة وحلاوة الروح ونقاء الناس والشعور بالعزوة والاندماج والأمان وقوة الظهر وسط كل هذه الملايين من الناس الطيبين.
ايمن غراب |
ملتوية وغير مقنعة لمجرد نفى مسئولية الحكومة عن تفاصيل هذا الملف ، ومن أخطر ماقاله أن عملية التصدير لادخل للدولة المصرية فيها وأن طرفى التعاقد هما الشركة المصدرة والجانب الإسرائيلى، وبالتالى انتهت الجلسة إلى طى صفحة هذا الموضوع المؤرق والشائك والمثير للغضب والمتعلق بالسيادة الوطنية وحفظه داخل أدراج البرلمان .
ومن أهم العوامل التي من المتوقع أن تساهم في دعم الحراك هي حالة الوحدة التي تحققت لدي جميع معارضي النظام، كاسرة حاجز الانقسام الذي قام بتصنيعه وتغذيته طوال السنوات الماضية عملا بسياسة “فرق تسد”، وضمن له الاستمرار في الحكم.
اقرأ المقال هنا كاملا بعد تخطي الحجب على الجزيرة مباشر
او رابط مباشر هنا
ومن أهم العوامل التي من المتوقع أن تساهم في دعم الحراك هي حالة الوحدة التي تحققت لدي جميع معارضي النظام، كاسرة حاجز الانقسام الذي قام بتصنيعه وتغذيته طوال السنوات الماضية عملا بسياسة “فرق تسد”، وضمن له الاستمرار في الحكم.
عن مصر كلها ايام مبارك وبادر برفع دعوى امام مجلس الدولة ضد صفقة تصدير الغاز المصرى لاسرائيل، التى انضم اليه والتف حوله فيها عديد من الشخصيات الوطنية المصرية. ثم تبعها بإطلاق حملة (لا لتصدير الغاز لاسرائيل). ولم تكن تلك سوى معركة واحدة من سلسلة طويلة من معاركه الوطنية من داخل وزارة الخارجية او خارجها، منها معارك طابا وسد النهضة وتيران وصنافير وترسيم الحدود وغيرها.
نشر المقال للمرة الاولى في عربي 21
يأتي اغتيال الجنرال في الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، عقب وصوله إلى العراق، برفقة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس وعدد من الجنرالات الآخرين كتغير دراماتيكي مفاجئ في السياسات التي انتهجتها الولايات المتحدة تجاه منافسي وجودها في الشرق أو الشرق الأوسط، من قبيل القوى الصاعدة كتركيا وإيران أو حتى باكستان.فقواعد الصراع التي اعتمدتها أمريكا منذ عقود كانت ترتكز على إثارة الضغائن بين تلك القوى الجديدة وإذكاء الصراع بينها، وتقريب إحداها على حساب الأخرى، لتحصل أمريكا مقابل ذلك على امتيازات أو مكاسب مادية أو صفقات بترولية وغيرها، مع احتفاظها بقنوات تواصل سرية مفتوحة مع الجميع. هذا إلى جانب اتباع سياسة “حافة الهاوية” ضد التطلعات العسكرية لتلك الدول. ولعل مواقف واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني أو صفقة الصواريخ الروسية لتركيا والضجة التي أثيرت حول القس الأمريكي أندرو برونسون الذي اعتقلته أنقرة بتهمة التجسس وأفرجت عنه بعد حبس عامين، كانت خير مثال لتك السياسة.وكان الخطر الأكبر الذي تخشاه واشنطن دوما هو توحد تلك القوى أو توحد السنة والشيعة في المنطقة.وعبر المليشيات التي مولها المال السعودي والإماراتي، نجحت أمريكا في تحويل سوريا إلى منطقة صدام مذهبية ثابتة بين المذهبين تحول دون وحدتهما، ما أبقى النزاع دائم الاشتعال والتأجج وأضعف قدرتهما على مقاومة العدو المشترك، إسرائيل.وللأسف سقطت إيران بعمق في هذا الفخ خوفا من افتقاد مجالها التأثيري الطبيعي في سوريا والعراق، وفقدان خط التواصل الجغرافي الرابط بينها وبين حزب الله في لبنان، خاصة بعدما رضيت بمهادنة الاحتلال الأمريكي في العراق وتقاسمت سلطته معه، ظنا منها أنها ستزيح (عبر شعبيتها ونفوذها المذهبي الإقليمي) النفوذ الأمريكي في نهاية المطاف.
اكتشاف الفخ
استمرت الاستراتيجية الأمريكية تؤتي أكلها حتى تنبهت الدول المشاركة في قمة كوالالمبور بماليزيا للأمر، ورأت أن الانقسام بين محوري المقاومة الإسلامية هو ما شجع أعداء المسلمين في العالم أجمع على التجرؤ عليهم، فعقدوا قمتهم في نهاية العام 2019المنصرم. وأكد القادة المشاركون على سياسة التوحد ونبذ الشقاق بين المسلمين، والقفز على هذا الانشقاق والعمل على إعادة اللحمة بين المسلمين، والعمل كفريق واحد كان من أبرز مظاهره حضور دولة إيران للقمة. هنا جوبهت القمة بحملة إعلامية إسرائيلية وأمريكية وخليجية محرضة، ما مثّل انكشافا للشرك وبدء سياسة اللعب على المكشوف بين تلك القوى ودول المحور الصهيوني، أو ذلك المحور الذي يتبنى الشرق أوسطية وصفقة القرن و”تزعيم” إسرائيل على الوطن العربي.ومن مؤشرات التقارب السني الشيعي البارزة تعاطي إيران مع مقترحات إعادة اللحمة؛ التي كان أبرزها صمتها عن عملية نبع السلام التركية في سوريا، وما رددته صحف روسية بأن هناك توافقا إيرانيا روسيا بأن سوريا الجديدة لن يكون فيها بشار الأسد حاكما.
تغير الصراع
إزاء هذه التطورات غيّرت أمريكا وحلفاؤها في إسرائيل والخليج أوراق اللعبة، وراحت تفتعل معركة مباشرة باستهداف أبرز الشخصيات العسكرية لأحد جناحي هذا التحالف الجديد، لتجني من وراء الحدث عدة مكاسب، أهمها ضرب الأمثال على القدرة العسكرية والاستخبارية لهذا الجناح، أيضا للجناح الآخر، وخطب ود بعض دول الخليج التي كادت أن تفقد الأمل في قدرة أمريكا على مجابهة إيران رغم الأموال الضخمة التي تجبيها منها، فضلا عن اختبار إصرار القوى الأخرى على السير في طريق الوحدة الإسلامية أو كسر هذا التحالف، والعودة لمربع إذكاء الصراع السني الشيعي، وإذا لم تقم بهذا الدور فإنها ستكون حينئذ محط العمليات الانتقامية القادمة، خاصة بعدما رأت هذه الدول بنفسها أنه لا عزيز عند أمريكا وقت الشدة.وفي المقابل، وإزاء هذا الانكشاف المبكر للمؤامرة الأمريكية التي أرادت بها أمريكا تغيير آليات الصدام البارد إلى الصدام الساخن والحاسم لصالح أمريكا كقوة عالمية، كان الرد الإيراني العنيف سيعطي أمريكا ضالتها، لذا ارتأت إيران ضرورة أن يكون الرد كبيرا في مدلولاته، صغيرا في أضراره لا سيما البشرية، ولذا جاء قصف القواعد الأمريكية في العراق باهتا، ما حرم أمريكا من مبررات الرد الحاسم وأجبرها على العودة للحرب الباردة.لعل القيادة الإيرانية ارتأت أن الانتصار الحقيقي لدم سليماني يتركز في عملية استنزاف عسكري بطيء وطويل الأمد، تجبر |أمريكا في نهاية المطاف على سحب قواعدها العسكرية من العراق وسوريا.
ارتباك
احتفال ثوار سوريا بمقتل قاسم سليماني وهم من تيار المقاومة “السنية”، وتنديد فصائل المقاومة الفلسطينية “السنية” أيضا بمقتله، يعكس بشكل جلي الارتباك الكبير الذي تشعر به فصائل المقاومة السنية العربية، ليس تجاه “سليماني” فقط، بل تجاه إيران نفسها، وهو الارتباك الذي تسبب فيه المشهد السوري، والذي انتقل فيه الدور الإيراني من دور الضحية المقاوم لدى عموم العرب والمسلمين إلى دور الجلاد الطائفي الظالم، وذلك تحديدا هو صلب الفخ الذي جنت إيران ثماره الآن، وليس من المستبعد أن يتكرر السيناريو في المحاور الاستراتيجية لكافة القوى الإسلامية الأخرى، وهو ما يوجب على الجميع التخلي عن بعض المكاسب الخاصة من أجل نجاح الوحدة الإسلامية الناشئة وتخفيف.ليتنا ندرك قبل فوات الأوان.
نشر المقال للمرة الاولى في عربي 21
اكتشاف الفخ
تغير الصراع
ارتباك
لسياسة مبارك فى تصدير الغاز المصرى لاسرائيل بابخس الأثمان وهى السياسة التى لم تتمكن ثورة يناير ان تحاكمه أو تدينه عليها.
عمق تأثير الرئيس بوش على سلامة ضمير الشعب الامريكى. انظر ، على سبيل المثال ،
كما يفعل اليمين المتطرف المسيحي خاصة الأوروبي . وقد اختلطت السياسة وصراعات السلطة في مصربالدين ففسدت السياسة وترسخ الدين ولاشك عندي في أن الحملة علي الاسلام والمسلمين مستمرة وأن الاسلاموفوبيا في الدول الاسلامية أقسي وأمر منه في الغرب فلا يجوز لبعض المسؤولين المسلمين أن ينتقدوا الغرب بدعوي أنهم يدافعون عن الإسلام ،فالإسلام دين الله لايحتاج الي بعض المنافقين الله يعلمهم .
فى قناة السويس حتى لو كانت فى طريقها لغزو العراق، ولا تستطيع ان تقيم علاقات ومصالح خاصة مع كوريا الشمالية، ولا تستطيع ان تخرج من الاحلاف الامريكية العسكرية فى المنطقة ولا ان تلتحق بأحلاف مستقلة او مناوئة للولايات المتحدة، ولا تستطيع ان تقول لا لنادى باريس وصندوق النقد والبنك الدوليين، ولا تستطيع ان تستقل اقتصاديا، ولا ان تحرر عملتها من الدولار.
حينما نبحث عن العقول المدبرة للتفجير الإرهابي الذي حدث عند نقطة تفتيش مزدحمة في العاصمة الصومالية مقديشو السبت قبل الماضي، والذي أودى بحياة 150 قتيلا ونحو 90 من الجرحى، لا بد أن نفتش في
المعطيات السليمة بغية الوصول إلى النتائج السليمة، ونأخذ في الاعتبار كثرة الطامعين في الحصول على موطئ قدم على السواحل الغربية للقرن الأفريقي وباب المندب، التي تقع عليها دولة الصومال، وتمثل موقعا استراتيجيا متميزا، فيما تطمح السعودية والإمارات لتنصيب حكومة موالية لها على سواحله الشرقية في اليمن.
الصراع التركي الإماراتي
الصراع حول ليبيا
المهندسون الأتراك
البابا في الفاتيكان،فقد استعدت الكنيسة وأوروبا جيدا.
قمة الاستقلال وتكسير المحاور
الإمبريالية الغربية في عالمنا الإسلامي الذي يمثل 24.8 في المئة من سكان العالم، من أجل أن تبقيه رهنا للصراعات الداخلية والمذهبية والفومية والعرقية.
لمحة عن معاناة تلك الفئة
………………………………………….
العراق.. فخ امريكي لايران
سيد أمين
………………………………………..
ولكن متى وكيف أقلعت؟
وجهة نظر أخرى حول حرب أكتوبر
ماذا لو تنحى السيسي؟
“تدويل المقدسات” الحديث الشائك
البعض يخوضونها حربًا على الإسلام
تساؤلات حول الزعيم
فخاخ الديمقراطية العربية
حول الاستخدام السياسي للرياضة
السر الحقيقي في أزمة الصحافة المصرية
تاريخ الظلم أوطاني
أبدًا لم يرحل أيقونة ثورة مصر
هؤلاء قادوا المعارضة من الخارج!
تساؤلات عن الحضور الصوفي في السياسة!
مجزرة “نيوزيلندا” حرب على الدولة العثمانية
مؤشرات سياسية مهمة للفوز القطري
عن متعة الجهل.. ومصيبة ثورة يناير!
نقلا عن عربي 21
الإثنين، 30 ديسمبر 2019 01:13 م بتوقيت غرينتش0
سيد أمين
تعتبر القمة الإسلامية المصغرة التي دعا إليها رئيس الورزاء الماليزي مهاتير محمد وانعقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور في الأيام الماضية، بحضور زعماء أربعة دول وممثلين عن 18 دولة إسلامية، لطمة قوية في وجه سياسة المحاور السائدة في العالم الإسلامي، وهي السياسة التي تذكيها سياسات القوى الإمبريالية الغربية في عالمنا الإسلامي الذي يمثل 24.8 في المئة من سكان العالم، من أجل أن تبقيه رهنا للصراعات الداخلية والمذهبية والفومية والعرقية.
ورغم أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان كان من أكثر المتحمسين لعقد هذه القمة، بجوار تركيا وقطر وماليزيا وإيران وإندونيسيا، إلا أنه اعتذر عن الحضور بعدما هددته الرياض بطرد أربعة ملايين عامل باكستاني لديها وبسحب ودائع من البنك المركزي الباكستاني، كما أكد الرئيس التركي.
إلا أن هناك تفسيرا آخر يبرر هذا الغياب، وهو رغبتها في تهدئة التوتر مع جارتها النووية الهند التي ستعتقد على الفور أن هذا الإجراء معاد لها.
بعد ذلك تراجعت إندونيسيا عن إرسال نائب الرئيس لسبب غير مفهوم؛ يرجح أنه نتيجة للضغوط الخليجية، وهو ما قد يكون عبر عنه وزير الخارجية الماليزي سيف الدين عبد الله بأن بعض الدول الإسلامية تخوض حروبا سرية نيابة عن القوى العظمى.
سحق المحاور
ولعل سياسة المحاور التي خطتها الأنامل الغربية بهدف التقوّت عليها عبر إذكاء الصراع بينها كانت أكثر وضوحا في منطقتنا العربية، حينما وجدت بعض الدول العربية التي تدافع عن موروثها الثقافي والحضاري نفسها طرفا في هذه المحاور، تماما كالمحور السني الذي تشكل بشكل غير مقصود تحت وقع المصالح القُطرية والثقافية لأعضائه، وهو الذي تنجرد فيه تركيا وقطر وحكومة الوفاق الليبية وحركة حماس، وهو أيضا المحور المدافع عن الهوية الإسلامية السنية للبلاد، وكذلك المحور الشيعي الذي تندرج فيه إيران والعراق وسوريا وحزب الله والحوثيون، وهو المحور المدافع عن الهوية الثقافية الإسلامية الشيعية، ثم المحور الشرق أوسطي وهو المحور الداعم لصفقة القرن والشرق الأوسط الجديد بزعامة إسرائيل، وفي هذا المحور تتربع السعودية والإمارات والبحرين وحفتر ومصر.
وكان يأمل المشاركون في المحور الشرق أوسطي في أحداث صدام سني شيعي يحقق له تفوقه، وقد تم إيجاد بؤر صدام جاهزة لتحقيق ذلك أبرزها “سوريا” و”لبنان”، فيما كان من المتوقع ردا على ذلك وإجهاضا للخطة؛ أن يتم التوافق بين المحورين السني والشيعي من أجل إفشال مؤامرات المحور الشرق أوسطي، إلا أن قمة كوالامبور قامت بسحق كل تلك المحاور الثلاثة واعتمدت محورا واحدا، هو الولاء لاستقلال وتكامل الأمة الإسلامية بشقيها السني والشيعي في كافة المجالات، ما يحقق استقلالها السياسي، والتأكيد على أن قضية فلسطين هى القضية المحورية للعالم الإسلامي، وقربا وبعدا من ذلك يمكنك تصنيف الدول.
قمة الاستقلال
يمكننا ببساطة تعريف قمة كوالالمبور بأنها قمة “الاستقلال” للشعوب الإسلامية من قيود التبعية للخارج، وهو ما يتضح من محور أجندة القمة الرئيسية “دور الرؤى التنموية في الوصول إلى السيادة الوطنية”.
وهي المعاني التي عبر عنها جميع القادة المشاركون في القمة، بدءا من كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ التي دعا فيها إلى اعتماد أساليب التفاوض والحوار في حل القضايا العالقة بين الدول ورفض استخدام أساليب القوة والحصار والتجويع وإملاء الرأي، وهو ما يتطلب حدا أدنى من الإجماع على منح صلاحيات أوسع للمؤسسات الدولية التي لا يسود فيها حق الفيتو لهذه الدولة أو تلك.. والرئيس التركي أردوغان الذي انتقد المذابح التي يتعرض لها المسلمون في العالم، وقال إن أكثر من ثلاثة أرباع ضحايا الحروب في العالم مسلمون، وجهر بتكرار الدعوة بأن العالم أكبر من الممثلين الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، والذين لا توجد بينهم دولة مسلمة واحدة.. وكلمة رئيس الوزراء الماليزي الذي قال صراحة إن العالم الإسلامي لا زال تحت الاحتلال الغربي، وكذلك الرئيس الإيراني الذي أكد أن التدخلات الخارجية في عالمنا الإسلامي، بالإضافة إلى التطرف، هي أحد أبرز أسباب معاناة أمتنا.
ومن اللافت أن جميع المداخلات والكلمات أجمعت على ضرورة اعتماد الحوار كوسيلة لحل المشكلات بين الدول الإسلامية، أو بين الدول الإسلامية وباقي دول العالم، وأن القمة ليست موجهة ضد أحد وليست بديلة عن أي منظمات أخرى، في إشارة إلى منظمة التعاون الإسلامي (كما تعتقد السلطات السعودية التي رفضت الحضور وسط مخاوف من سحب القمة لتأثيرها السياسي بوصفها بلاد الأراضي المقدسة) بقدر أنها تهدف لتجاوز معاناة شعوب العالم الإسلامي.
وأعطى حضور 450 من والمفكرين والمثقفين للقمة مؤشرات واضحة بأن الهدف منها هو النهوض العلمي بأمة المسلمين، ومحاولة انتشالها من براثن الجهل الذي يخلق الاحتياج للغرب وما ينتجه ذلك من تبعية.
يجدر بالذكر أن الإسلام يعد ثاني أكبر دين في العالم ويدين به 1.9 مليار، يمثل السنة فيهم 80-90 في المئة (تقريبا 1.5 مليار نسمة) والشيعة 10-20 في المئة تقريبا (170-340 مليون نسمة)، بحسب دراسات دولية حديثة.
ولم يكن مفاجئا أن تعادي بعض الأنظمة المرتمية في أحضان الهيمنة الغربية قمة تسعي لاستقلال العالم الإسلامي، فذلك نشاط متفق تماما مع أدوارها الوظيفية الدولية.
وعلى أي حال، ومهما كانت نتائج القمة وأعداد المشاركين فيها، إلا أنها كانت جرس إنذار قوي موجه للعالم بأن العالم الإسلامي بشخصيته القديمة المستباحة لم يعد مقبولا.
رهنا للصراعات الداخلية والمذهبية والفومية والعرقية.
استطاع الفيديو المؤثر الذي بثته أخيراً زوجة الدكتور شادي الغزالي حرب، عن معاناة زوجها في المعتقل ومعاناة مائة ألف معتقل أخرين ومعهم أسرهم وأطفالهم وأحبابهم، وما صاحبه من مشاركات وتفاعلات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في ايقاظ مشاعر الألم لمن سكنت عنده تلك المشاعر أو ذبلت انسانيته.
في الواقع ان الشيء المتاح لجميع المصريين الان هو المعاناة، فالغالبية في مصر تعاني، وكل يعاني بطريقته ولأسبابه، فمنهم من يعاني الفقرَ أو المرضَ أو الظلم، ونقصاً في الأموال والثمرات، ومنهم من يعاني سلبه أدميته وحقه في الحياة ويعيش جحيما لا يمكن تحمله، وهو ما نقصده هنا.
يخرج مواطن تلك الفئة من بيته كل صباح وأسرته ليست على يقين أنه سيعود ، فإلى حين عودته سيكون محشورا في مخاوف العقل الباطن لديها، بين احتمالات أن يعود إليهم جثة بسبب تصفيته من قبل أجهزة الأمن في اشتباك مسلح مزعوم للتغطية على جريمة أخرى ارتكبتها ذات السلطة كما حدث في واقعة العمال الخمسة الذين تمت تصفيتهم واتهمتهم السلطة بقتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني، أو أن يقرأوا خبر انتحاره أو تفجيره نفسه في موكب وزير أو مسئول لم يكن قد سمع حتى باسمه من قبل. وإن نجا من ذلك فلا يزال الموت يطارده في حادث طريق في بلد يحتل المركز الأول عالميا في عدد ضحايا الطرق ، أو بسبب اعتداء بلطجية عليه لأي سبب كان، أو أن تختطفه مافيا الأعضاء البشرية، ليتم تقطيعه وبيعه لإصلاح ما فسد من جسد هذا الوزير أوذاك الأمير أوصاحب السلطة، وذلكم الثري والمسئول، أو تختطفه مافيا شركات الأدوية العالمية لإجراء تجارب عليه بدلا من الجرذان. وفي أفضل أحوال الاختطاف تختطفه عصابات طلبا للفدية، أو يتم اختطافه من قبل جهات أمنية مجهولة، واخفاؤه قسريا ليظهر بعد أسابيع أو أشهر من البحث المضنى في المستشفيات وأقسام الشرطة متهما في إحدى القضايا الهلامية التي تعج بها المحاكم الآن.
بينما تحولت السجون وأقسام الشرطة والمحاكم والمشارح عند تلك الفئة إلى معالم مؤثرة في حياتهم اليومية من لم يزرها هو فقد زارها أحد اقاربه أوجاره أو صديقه.
متلازمة الخوف
أينما ولى مواطن هذه الفئة وجهه يلاحقه الخوف، بكل أنواعه وأشكاله، فهو مدان بدون اتهام أو تحقيق أو حتى جريمة، والاعلام الرسمي يحرض علي قتله صباح مساء.
هو يعاني الخوف الموسمي من القتل أو الخوف من الخطف أو الاعتقال لا سيما في أيام الفشل والاضطراب السياسي. يسايره خوف دائم من أن تنتهك حياته الخاصة عبر زوار الفجر الذين يتوقع في أي لحظة انتهاكهم لحرمة منزله، وسرقة أمواله وتكسير مقتنيات العمر وجرجرته إلى غياهب الجب، يتلوه خوف أقل وطأة وأكثر ايلاما من فقد العمل ومورد الرزق القليل الساتر من الفضح بين الناس، والخوف من الاستمرار في الفقر والخوف من الانتقال من مرحلة الفقر التي يعيشها غالبية المصريين إلى مرحلة الفقر المدقع.
ويخاف من أن تنزع منه مصريته ذاتها واستباحته في ماله وخصوصيته وعرضه، بل وتنزع عنه وطنيته ويتهم حينئذ بالخيانة العظمى ويكون سحب الجنسية منه مكرمة تنقذ رقبته من حبل المشنقة.
كذلك مع تنامي اجراءات نزع الملكية في البلاد من الجنوب لليسار يعيش شأنه كل مصري حالة خوف من أن يتم نزع أرضه لأي سبب تراه السلطة ودون أن تمنحه الحق في التعويض الملائم.
مواطن تلك الفئة شأنه شأن كل المصريين يعاني الخوف من أن يصيبه أو يصيب أحد أفراد أسرته مرض مزمن بسبب تلوث الماء واختلاطه بالصرف الصحي وتلوث الهواء وتلوث الطعام بالأوبئة والمواد المسرطنة، مما يعجزه عن تدبير نفقات العلاج الباهظة.
التكيف مع المهانة
بالطبع يتقاسم مواطن تلك الفئة كل ما يعانيه باقي المصريين، حيث يعيش رحلة مهانة صار الكثيرون يتكيفون ويتعاملون معها، مهانة يتلقاها المهندس والطبيب والكبير والصغير والموظف و”العامل الأجري” وصحيح الجسد ومعتله من قبل رجال الأمن تارة والخارجين عن القانون تارة أخرى، وذلك عند دخوله أي مصلحة حكومية أو رسمية، وقرب الكمائن وأقسام الشرطة حيث يجب عليه أن يتقبل كل ما قد يحدث معه دون حتى أن ينبس ببنت شفة، وإلا لن يرى الشمس ثانية، وكذلك حينما يسير في الشارع أو في منزله أو عمله.
رسخ في ذهنه أضعاف ما رسخ في وجدان اي مواطن مصري بأنه أقل أهمية وقيمة من رجل الجيش أو الشرطة أو القضاء أو رجل الأعمال وحتى من “المواطنين الشرفاء”، حتى لو حصل على أفضل تعليم وأفضل تربية، وكان أكثر ثقافة ووعياً، وحظي بالتقدير من جهات علمية واجتماعية مهمة خارجية أو داخلية.
معاناة الأمومة والطفولة
المعاناة في تلك الفئة طالت جميع أفرادها حتى الاطفال، الذين ولدوا وتربوا لم يعرفوا إلا أبا شهيدا أو سجينا أو هاربا داخل مصر أو خارجها، وبدلا من ان يوفر لهم هذا الأب الأمان الذي يحتاجه كل طفل، كان ابتعاده عنهم هو الأكثر أمانا لهم، فتسرب كثير منهم من التعليم للعمل من أجل الانفاق على امهاتهم وأخواتهم.
أما البنات فهن الأخريات يعشن مأساة من نوع خاص، فلا أحد يجرؤ للتقدم للزواج منهن خشية ان ينالهن ما نال ذويهن من جور، حتى صديقاتهن يبتعدن عنهن لذات السبب، دعك عن الظروف الاقتصادية الطاحنة، التي تلقي بظلال أشد قتامة عليهن دون سواهن، بسبب افتقارهن العائل والحرمان من العمل، والتجريد من الأموال.
بالتأكيد عرفتم من تكون تلك الفئة إنها فئة المنتمين إلى جماعة الاخوان المسلمين التي تصمها السلطة بـ”الارهابية”، مع شباب الحركات التي أمنت بثورة يناير / كانون الثاني ،ووصمت بذات الصفة، كحركة شباب 6ابريل/ نيسان، وحركة الاشتراكيين الثوريين، وائتلاف شباب الثورة وغيرهم
اقرأ المقال على الجزيرة مباشر
يعاني الفقرَ أو المرضَ أو الظلم، ونقصاً في الأموال والثمرات، ومنهم من يعاني سلبه أدميته وحقه في الحياة ويعيش جحيما لا يمكن تحمله، وهو ما نقصده هنا.
لا يعلم الكثير من قبل أن #بلجيكا “عاصمة الإتحاد الأوروبي”
ارتكبت جريمة لن ننساها حتى ولو حاولوا طمسها بتغييب ذكرها في التاريخ !! .
مشكلتك وحدك، لأن سعدية هى الأيقونة، هى من تفجر الثورات ، وهى من تجهضها، فإن لم تكن قادرا على فهم( سعدية)، فلا أعدك بأنك ستستطيع أن تفهم شيئا يوما ما.
سيد أمين: هنا مصنع إنتاج”البهلوان”
آخر تحديث : السبت 03 ديسمبر 2016 11:12 مكة المكرمة
لا تندهش إن وجدت أتفه من حولك وأقلهم وعيا وخبرة هو ذاته من اعتمد عليه النظام من أجل خوض غمار معركة الوعى والتنوير، أو تجد اللص هو من يتولى مقاليد خزائن المال ومناجم وآبار الثروة، والفاسد قاضيا، والعنصري وزيرا للعدل، والجاهل عالما ، ولا تتعجب أن أطلقوا على الغباء حكمة والسذاجة حنكة والتهور إخلاص، فهذا هو نتاج حكم وكلاء الاستعمار في وطننا العربي لا سيما مصر ولا تتبرم إن رأيت أجهزة الدولة تقوم بعكس وظيفتها تماما، فالشرطة مثلا بدلا من أن تحفظ أمن الناس هى من تروعهم، والجيوش بدلا من أن تحافظ على وحدة البلاد، هى من تفرط فيها ، والقضاء بدلا من أن يحمى العدل بين الناس ، هو من يكون مثالا للفساد والظلم ، وجهاز الصحة هو من ينشر المرض ويخفض خصوبة الشعب ، والإعلام بدلا من أن ينقل الحقيقة تكون مهمته هو كيفية إخفائها. Continue Reading
نقلا عن مدونات هافنجتون بوست وعربي بوست
تم النشر: 12:01 10/12/2017 AST تم التحديث: 12:01 10/12/2017 AST
التركيز الذي مارسه الإعلام المصري، الرسمي وشبه الرسمي، من اللحظة الأولى، حول أن مسجد الروضة الذي شهد المجزرة الإجرامية الأثيمة في العريش كان مسجداً صوفياً، وأن الإرهابيين قدموا إنذارات لإدارته من قبلُ بإغلاقه، وهو ما نفاه إمام المسجد نفسه الذي أصيب بالحادث، في لقاء متلفز له سُجل قبل أن يُحظر التعامل مع الصحفيين في هذه المنطقة بعد الحادث، مؤكداً أن المسجد ليس صوفياً ولم يتلقوا تهديدات من قبلُ لإغلاقه- أثار الكثير من علامات التعجب والأكثر من علامات الاستفهام.
علامات التعجب تتعلق بأنه للمرة الأولى يتم تصنيف وفرز المساجد في مصر بحسب نوعيتها، ومن ثم نوعية مرتاديها، ولم يكن الأمر معمولاً به لدى عوام المصريين، بحيث إنهم اعتادوا الصلاة في أي مسجد.
أما علامات الاستفهام، فتُشعرك وكأن هناك توجيهاً أمنياً للإعلام المصري، طالبهم منذ اللحظة الأولى بالتركيز على تلك النقطة، وهذه مسألة لا مراء فيها، فالإعلاميون أنفسهم اعترفوا بأنهم يعملون حسب التوجيهات مراراً.
تساؤلات عن التضليل الإعلامي
ومن ثم، فالسؤال: ما مصلحة النظام في توجيه الأنظار إلى أن وراء الحادث تنظيماً يختلف مع الصوفيين فكرياً، إذا كان راغباً حقاً في معرفة الجناة الحقيقيين ومعاقبتهم؟ علماً أن دائرة المختلفين مع الصوفيين فكرياً قد تتسع لتشمل السلفيين والجماعة الإسلامية وحتى الإخوان المسلمين، وجميع هؤلاء أدانوا الجريمة، وضمنهم تنظيم الدولة الذي يناصبهم العداء أيضاً.
ولماذا تناسى الإعلام في الوقت ذاته، أن تلك التنظيمات -عدا داعش- هي تنظيمات سياسية تؤمن بالحياة المدنية الحديثة ولا تبيح إراقة دم حتى الكافر الذي يناصبهم العداء؟
فضلاً عن أن مصر تكتظ بالمساجد من النوعية نفسها، ولو كان هناك نية أو إباحة لإيذاء المساجد “الصوفية” لأحرقوا كبريات تلك المساجد كالإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة بالقاهرة، والمئات في الأقاليم كالسيد البدوي بطنطا وعبد الرحيم القنائي بقنا، في فترات “الفراغ الأمني” الذي استمر شهوراً إبان ثورة يناير/كانون الثاني.
كما أن واقعة مقتل الشيخ أبو جرير العام الماضي على يد مسلحين، وادعاء أن المسلحين حذروا الناس من الصلاة في المسجد، يعني أن المسجد مستهدف وهناك تقصير أمني في حمايته، ويعني -وهو الأهم- أن المجرم أراد من تلك التصرفات التمهيد لدفع أنظار الناس بعيداً عنه حينما ينفذ باقي ما خُطط له من جرائم، وصولاً إلى نتيجة واحدة يريدها النظام الحاكم ذاته، وهي دفع الناس لمغادرة البلاد قسراً وإلصاق التهمة بـ”اللهو الخفي”، الذي من الممكن توظيفه ليقضي النظام -بحجة مكافحته- على كل خصومه.
هذا التدرج يتشابه تماماً مع ما دأب النظام على فعله منذ سنوات، حيث وقّع على اتفاقية سد النهضة ثم اكتشفنا أن ذلك تمهيد لتوصيل المياه لإسرائيل، وتحدث عن خطة لمكافحة الأنفاق الفلسطينية واكتشفنا أن الأمر له علاقة بالتنازل عن جزء من سيناء لتنفيذ صفقة القرن، وتحدث عن ثورة دينية واكتشفنا أن الأمر هو التخلص من العباءة الإسلامية للدولة، واعتبرنا أن الأمر سلوك فردي للنظام المصري فاكتشفنا أنه مخطط إقليمي.
تساؤلات عن التصفيات
في الحقيقة، إنه قبل مرور 24 ساعة من وقوع الجريمة التي راح ضحيتها نحو 340 شهيداً، فوجئ المصريون بإعلان النظام المصري تصفية 45 شخصاً، وصفهم بالإرهابيين المتورطين في المجزرة، ما يطرح تساؤلات مهمة أيضاً حول أنه إذا كان إيجادهم وتوافر المعلومات عنهم قد تم بتلك السهولة، فلماذا لم تجدهم قبل الجريمة؟ وخاصةً أنك تخوض حرباً منذ سنوات في هذه المنطقة، ما يعني توافر كل خبرات اللعبة بيدك؟
وثاني التساؤلات: ما الذي أدراك أنهم متورطون في الواقعة؟! فهل قبل أن تقصفهم بالطائرات أجريت تحقيقاً جنائياً معهم على الأرض مثلاً؟ والأهم أنه إذا كانت جميع روايات الناجين تؤكد أن عددهم كان ما بين 20 و40 شخصاً، فهل يعني أن يكون قتلك 45 شخصاً أن هناك 5 منهم أبرياء “فوق البيعة”؟
اللافت أن النظام الذي تعرّف على المجرمين في هذا الوقت الوجيز وصفّاهم، هو نفسه الذي تأخرت طائراته عدة ساعات عن الوصول لمسرح الجريمة رغم انتشار أكمنته في الطريق المؤدي إليه.
مستعدون أن نسلّم بصحة كل ما قاله النظام الحاكم ونسحب تساؤلاتنا، ولكن لو ضمنّا الإجابة بـ”نعم” عن سؤال: هل سينتهي الإرهاب في سيناء الآن بعد قتل كل هؤلاء الإرهابيين الخطرين؟
لكن، هناك أيضاً أمر لا يقل غرابة، هو أن الجريمة التي ندد بها العالم وقعت قبل 48 ساعة فقط من افتتاح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الرياض، أعمال الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والذي ينعقد تحت شعار “متحالفون ضد الإرهاب”، بحضور ممثلي 41 دولة، وكأن المجرمين قد خططوا لإعطاء الاجتماع زخماً دولياً!
تساؤلات حول العملية
مسرح العمليات شهد المجزرة بعد بدء الخطبة بدقائق، ما يعني أن المسجد لم يكن مكتظاً؛ ومن ثم فإن الضحايا في الغالب سقطوا بالخارج، وهو ما أكدته الشهادات المكتوبة والمتلفزة بأن القتل طال المصلين في الداخل والخارج وحتى المارة في الشوارع والمناطق السكنية المحيطة، ولم يتم إيذاء المسجد أو تفجيره، ما يعني أن المجرم القاتل كانت معركته أساساً في وجود الناس هناك وليس في وجود المسجد.
كما أن المسجد يقع على أرض منبسطة ويبعد فقط 450 متراً من وحدة عسكرية وعلى طريق مكتظ بالوجود الشرطي والأمني، ما يعني سهولة حمايته وهو ما لم يحدث! وفى 30 إلى 120 دقيقة -بحسب الشهادات- تمت المجزرة وانسحب المهاجمون في أمان ولم تصل أي قوات تتصدى لهم!
والأهم أنه من المعروف أن قبيلة السواركة التي ينتمي إليها الضحايا واحدة من القبائل التي أذاقت العدو الصهيوني الويلات في فترة احتلاله سيناء، وهي القبيلة التي اتُّهمت بالتباطؤ في دعم الجيش بحربه المزعومة ضد الإرهاب، ما تسبب في مصادمات كلامية شهيرة بينها وبين قبيلة أخرى داعمة للجيش، وهي أيضاً القبيلة التي تمتد سيطرتها على طول المساحة الساحلية شمالاً ما بين جامعة سيناء غرباً حتى رفح التي كانت تسيطر عليها قبيلة الرميلات، قبل استهدافها هي الأخرى بالتفجيرات الأعوام الماضية وتهجير أهلها إلى مناطق أخرى، ما يؤكد أن صاحب المصلحة في التفزيع والتهجير هو النظام؛ تنفيذاً لما تحدث عنه السيسي نفسه.. صفقة القرن.
فهل يستلزم تنفيذ صفقة القرن -يا إسرائيل- أن يموت كل الشعب المصري؟!
يستفيق مؤخرا_والقليل جدا يستفيق مبكرا_على حقيقة أن سعيه الدؤوب فى تأمين أسباب الحياةـ قد أفقده الحياة ذاتهاـ ..فالعمر قصير جداـ والأيام تترىـوالزمن لا يرحمـ.. يقضى المرء زهرة شبابه فى تأمين الغدـ ..وحين يأتى الغد يكون قد فقد حماسته وروحه وقدرته على الاستمتاع بما كان بالأمس يتلهى بالحصول عليه.. تشغلنا الأسباب ــ لدرجة تطغى فيها على الغاياتـ ونتفاجأ جميعا فى نهاية مشوار عمرناـ أننا بذلنا جهدا كبيرا ـ كبيرا جداـ ولكنه جهد مجانىـلأننا لسنا من سنسعد بقطف ثماره وجنى محصولهـ وإنما أولادنا ـوالذين لا ندرى حتى هل سيحسنون تدبير أمر ما تركناه لهم أم سيبددونه فى لا شىءـ لتراقبهم أرواحنا بعد موتنا آسفة متحسرة على كل ما بذلناه ولم يجنى أحد منا نحن أو هم ثمرته.
حقيقة ترددت كثيرا في كتابة هذا المقال،كونه صادما وقاسيا بعض الشيء .. أثار فضولي مشهد استدعته ذاكرتي بوحي من أبيات من الشعر للشاعرة العربية (ليلي الأخيلية) في حب معشوقها(توبة) ، حقيقة قصة ليلى الأخيلية وتوبة هي إحدي أكثر القصص إثارة لفضولي على الإطلاق، فليلى الأخيلية سيدة متزوجة ، تعشق رجلا آخر غير زوجها يدعي (توبة) والذي بدوره متزوج هو الآخربامرأة غيرها، الغريب في القصة ليس أن سيدة متزوجة تعشق رجلا متزوج، فهذا
وارد جدا،كون القلوب لا سلطان عليها، وقد يبيت المرء سليما ويصبح عاشقا، وهذا من الأمور المفهومة، لكن الغريب عندي هو أن المجتمع بأسره ، بما فيه زوج ليلي وزوجة توبة .. الجميع،وأكرر .. الجميع ..كانوا يعلمون بقصة حبهما ،التي لا يبدو أنها انقطعت يوما ، فليلى تكتب الشعر في حب توبة، وهو يتأوه صارخا بحبها في أشعاره، والمجتمع يتحدث عن أشعارهما بل ويحفظها ويتداولها حتي وصلتنا ونحن في زماننا هذا، تقف ليلي صامدة أمام أهوائها ، وفي مثالية نادرة تمتنع عن الانزلاق مع من تحب إلي مهاوي الرغبة والغريزة، تردد أبياتا من الشعر موصفة ألمها وعذاباتها،قائلة (وذو حاجة قلنا له لا تبح بها،فليس إليها ما حييت سبيل، لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه، وأنت لأخرى صاحب وخليل) .. مشهد مؤلم بين اثنين يجمعهما الحب وتفرقهما لا أقول الأقدار، وإنما تفرقهما القيم والمباديء، فكلاهما متعفف نبيل متسامي، ولست أدري حقيقة كيف يمكن أن نحكم على أبطال هذا المشهد؟ .
ملحوظة المدون : رغم ان القصة غير موثقة تاريخيا ويصعب حدوثها في التراث العربي وعلة موت “توبة” غير مقنعة .. لكن براعة الكاتبة وجرأتها تجعلنا ننشرها.
تحول العراق بعد إحتلاله وتدميره عام 2003 ليس إلى ضيعة أو حديقة خلفية لأمريكا وإيران بل إلى مزبلة تحرسا قاذورات ومكروبات قاتلة جمعت من مواخير العمالة والتجسس المنتشرة في مختلهف أصقاع وبقاع العالم ومنها من محيطه الإقليمي وتشمل منطقتنا العربية. لهذا السبب أنتفض
وثار شبابنا الذين لم تلطخ أدمغتهم وأفكارهم بمشاكل وسموم الماضي السقيم الذي سببته الأخطاء السياسية السابقة وعمالة المتأمرين من عراقيين ومستعرقين وعرب، بل لأنهم عايشوا الظرو ف الحالية في وطن محتل فاقدا للسيادة ومحرومين من الأمن والكرامة والعيش الرغيد تتلاعب بمقدراتهم أحزاب طائفية عميلة وميليشيات داخلية وخارجية تأتمر بأوامر إيران وأمريكا وتنهب قوت الشعب الأعزل. أنتفضوا وثاروا بشكل سلمي مسلح فقط بحب الوطن والإيمان به عبر الطائفية والإيديولوجيات الحزبية وإنتماءاتهم الإثنية وشعار مطلبهم الرئيسي كان ومازال “نريد وطن حر” رغم حجم الخسائر والتضحيات التي نقدمها.
إنتفاضة وثورة شعب
انتفض الشعب العراقي … وثار
بعد صبر على جور سقيم
وغبن طال مداه وطال
أهينت كرامته… وسرقت أمواله
سلبت حريته ….وزج في سجون
بغيضة الأحوال
انتفض وثار
ليمحو أثار الإحتلال …. وكل دخيل معتد
وخائن مشكوك في أصله … متقطع الأوصال
ثار وصاح بأعلى صوته
أريد وطن حر … غير مدنس
لا بعمامة الفرس المجوس
ولا بأكاذيب المرجع الدجال
أريد وطن حر… كما كان زاهيا
أعيش حرا في مروجه …. في وديانه
وفي أعالي الجبال
كطير وفراشة ونحلة بهية
الأن وفي قادم الأجيال
لأولادي وأحفادي أحلم
بمستقبل باهر … سهل المنال
بعيدا عن خيانات أولاد الساقطات
أكلة السحت الحرام … سراق لقمة العيش
من فم الأطفال
ثار ليعيد لحمة خصلته التي مزقتها
دسائس الإحتلال ودستوره المهلهل
بأيادي رجاله
وعزيمة شبابه الأبطال
بعيدا عن كل تحزب وطائفية
أو أثنية الإنفصال … والإعتزال
لا تراجع ولا بديل بعد الأن
غير حب الوطن وتحريره
من أيادي الخونة الأنذال
سيستمر منتفضا وثائرا
لحين تحقيق كل مبتغى
وكل أمل ينال
مهما قصر الزمن أو طال
هذا شعب جبار بتاريخه
يرفض الخنوع … وتحمل الأثقال والأكيال
مهما كان مصدرها … تشهد له الدنيا
لماضيه المبجل
وضربت فيه الأمثال
26/10/2019
نقلا عن صحيفة “رأي اليوم” اللندنية:
الجمعة، 29 نوفمبر 2019 :
يبدو أن ايران سقطت في الفخ الذي رسمته لها أمريكا قي العراق بعد أن احتلته عام 2003 ، حينما أشركتها واشنطن النفوذ في هذا البلد الثري الذي ناصبهما العداء لعقود، مقابل وقف دعوتها للشيعة العراقيين للانخراط في المقاومة العراقية التابعة لنظام صدام حسين ، أو حتى عدم مساندة المقاومة التي ابداها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في مدينة النجف أنذاك.
الفخ الذي سقطت فيه ايران هو أنه بدلا من أن تستثمر نفوذها الدينى والسياسي وحتى العسكري للمساهمة في صناعة دولة حضارية متسامحة مرفهة تكون عنوانا مشرفا لإيران ولأصدقائها في العراق، تماهت أو حتى اكتفت بالصمت عن تحويل العراق إلى مقتلة طائفية كبيرة ، تؤلب صراع المذاهب في الوطن العربي بأكمله وهو ما خصم منها رصيدا كبيرا كان يكنه لها كثير من العرب السنة بصفتها أحد ركائز محور المقاومة ضد النفوذ الصهيو امريكي، فخسرت أصدقاء كثر في الوطن العربي اعتقدوا أن مصدر داء العراق ليس الغزو الامريكي وويلاته فقط بل النفوذ الايراني فيه.
مؤشرات موجعة
وكذلك لم تعمل ايران – عبر نفوذها- على مكافحة الفساد في هذا البلد الذي جعله كأحد أغنى بلدان العالم نفطيا يعيش أزمة في الكهرباء يخرج الناس للتظاهر ضد انقطاعها المستمر في الصيف، وهو ما لم يكن يحدث حتى في ظل الحرب العراقية الايرانية أو الحصار الغربي الذي فرض على هذا البلد بعد ذلك ، فضلا عن تصدره كل قوائم العالم في مؤشرات الفقر والفوضي والقهر والبؤس والبطالة والجوع والمرض والفساد والجهل والاقصاء، وصار مضربا للأمثال السيئة لدى بلدان عربية – كمصر مثلا – التي كان يتطلع شعبها ذات يوم لأن يعيش رفاهية شقيقة في بغداد، وذلك بعد أن كان يتصدر قوائم الرفاهية والرعاية الصحية ومكافحة الفساد والتعليم والقوة العسكرية وغيرها في زمن صدام حسين.
كل ذلك جعل الكثير من العراقيين يحنون لزمن صدام حسين حتى من قبل أشد الكارهين له ويتذكرون عهده بكل حب وامتنان.
النفوذ الروحي
بالقطع ساهمت امريكا في تعميق كل المسالب التي يعيشها العراق بعد 2003 بهدف دفع العراقيين للثورة على النفوذ الايراني وتجريدها من نفوذها الروحي في نفوس الطائفة الشيعية من جهة ومناصبة السنة العداء لها بسبب الاعدامات والاغتيالات وقوانين المحاصصة والاقصاء التي بدأت بقوانين “اجتثاث البعث” وغيرها.
كل تلك الفخاخ الامريكية أتت ثماره فأنجبت الحراك الذي يشهده العراق حاليا حيث أن المدن ذات الاغلبية الشيعية هى من بدأت بالحراك وهى الأكثر اشتعالا، بل أن المتظاهرين اقتحموا القنصلية الايرانية في أكثر مدن العراق قداسة دينية للطائفة الشيعية ورفعوا عليها العلم العراقي عليها لساعات، وحاولوا تغيير اسم شارع يسمى باسم المرجع الاعلى للثورة الاسلامية في ايران “الخوميني” إلى اسم شارع الشهداء ، وما في ذلك من دلالات قوية.
تساؤلات ملحة
بلا أدني شك أن الحراك الشعبي في بلدان الهلال الشيعي “العراق ولبنان ومن قبله السوري الذي انضم بالولاء السياسي وليس بعدد السكان” له ما يبرره ، وأنه تفجر بنوازع شعبية خالصة، وأن محاولات البعض وصمه بالممول هى محض افتراء ، ولكن ومع ذلك تبقى تساؤلات مهمة حول تزامن تفجر الحراك في العراق ولبنان ، وحول اهتمام دول داعمة على طول الخط للثورة المضادة كالسعودية والامارات والبحرين ومصر للحراك في هذين البلدين – ومن قبلهما السوري قبل أن تكشف عن زيف نواياها مؤخرا – وقيام وسائل اعلامهم بفرد مساحات اعلامية كبيرة لتغطيته ، وهو ما يوجب على المتظاهرين توخي الحذر في أن يتم توجيههم إلى وجهات تفيد مصالح تلك الدول في صراع المحاورفي المنطقة العربية، وهو ما يتعارض بالتأكيد مع مصالح الثورة التي ينشدونها.
وأيضا هناك تساؤلات حول السر الذي دفع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي للتأكيد قبل تفجر الحراك بأيام “أن العراق لن يدخل في سياسة المحاور الدولية”، وهل يعد ذلك ارضاء لأمريكا على حساب ايران؟ ، أم أنه فقط ذرا للرماد في عيون الحساد؟ ، أم أنه كان تمهيدا لما هو أت؟.
ظهور البعث
وما دلالة لقاء أجرته قناة RT الروسية مايو الماضي مع قيادي بعثي عراقي يكنى ابو الحسن طالب فيه عزة ابراهيم الدوري نائب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وأمين عام القيادة القطرية لحزب البعث العراقي بالتنحي لشباب الحزب والتصالح مع ايران وحزب الله لخوض غمار حرب التحرير ضد النفوذ الامريكي ، وموضحا في الوقت ذاته بأن صدام حسين تصالح مع ايران قبل سقوط حكمه بايام وجرى تبادل زيارات بين بغداد وطهران سرية وعلنية قبل وأثناء العدوان الامريكي عام 2003 ، ومذكرا بأن من غزا العراق ليست ايران ، ولكن امريكا وحلفائها ، وأن ايران وجدت امرا واقعا تعاملت معه.
يطرح اللقاء تساؤلات حول مغزى هذا الظهور، وهل هو لخطة فعلا كانت طهران تخطط لها باعادة البعث العراقي للعمل ؟، أم ان اللقاء كان استباقا لخطة امريكية في نفس هذا السياق؟.
……
العرب يتضامنون بشدة مع شعب العراق الذي ذاق الويلات في العقدين الاخيرين ويتمنون له ان ينال حريته دون أن يقع فريسة مجددا للمؤامرات الدولية وصراعات المحاور.
حقيقة أقرها العالم أجمع، وهي عجز الرجل عن تفهم ما يصدر من المرأة من سلوكيات وأفعال، موضوع تعرض له الكثيرون عالميا،حتي أن أحد المؤلفات التي تعرضت لهذا الموضوع وهو كتاب(الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) لكاتبه (جوي جراي)، كان من المؤلفات الأكثر مبيعا وانتشارا في العالم،للإقبال الشديد علي محاولة فهم هذه الظاهرة.
مختلفة فحسب،بل هي علي طرف نقيض من سيكولوجية المرأة ودوافعها، وبالتالي يظهر واضحا مع أبسط سلوك للمرأة عجزه الكامل عن تفهم ما يدور في رأسها ، هذا العجز يدفع كثيرا من الرجال إلي القول بأن المرأة مخلوق (مرهق ومعقد) ،البعض يطلق علي فصيل النساء عموما (مجانين)،ويجنح البعض الآخر إلي ترجمة ما يربكه في المرأة بوصفها بأنها(كائن شرير) ،…
بيني وبين التدخين سجال طويل، استنزف تقريبا ثلثي عمري، أمضيت جزءا كبيرا منه لا أتخيل أبدا أن يمر يوم أو ربما سويعات قلائل دون تقبيل السيجارة، حتى إن طرح فكرة الإقلاع عنها لم يكن يخطر ببالي أساسا، وتغاضيت عن كثير من مضارها طالما أمكنني التعايش معها، مثل صعوبة التنفس والنهجان من أقل مجهود أبذله، وسواد الأسنان الذي كان كثيرا ما يشعرني بالحرج فحرصت دائما أن أخفيها أثناء كلامي وتبسمي، فضلا عن رائحة الفم الملبدة بالنيكوتين التي كانت تنفر مني بعض الناس خاصة من غير المدخنين.
قمة الاستقلال وتكسير المحاور
الإثنين، 30 ديسمبر 2019 01:13 م بتوقيت غرينتش0
سيد أمين
تعتبر القمة الإسلامية المصغرة التي دعا إليها رئيس الورزاء الماليزي مهاتير محمد وانعقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور في الأيام الماضية، بحضور زعماء أربعة دول وممثلين عن 18 دولة إسلامية، لطمة قوية في وجه سياسة المحاور السائدة في العالم الإسلامي، وهي السياسة التي تذكيها سياسات القوى الإمبريالية الغربية في عالمنا الإسلامي الذي يمثل 24.8 في المئة من سكان العالم، من أجل أن تبقيه رهنا للصراعات الداخلية والمذهبية والفومية والعرقية.
ورغم أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان كان من أكثر المتحمسين لعقد هذه القمة، بجوار تركيا وقطر وماليزيا وإيران وإندونيسيا، إلا أنه اعتذر عن الحضور بعدما هددته الرياض بطرد أربعة ملايين عامل باكستاني لديها وبسحب ودائع من البنك المركزي الباكستاني، كما أكد الرئيس التركي.
إلا أن هناك تفسيرا آخر يبرر هذا الغياب، وهو رغبتها في تهدئة التوتر مع جارتها النووية الهند التي ستعتقد على الفور أن هذا الإجراء معاد لها.
بعد ذلك تراجعت إندونيسيا عن إرسال نائب الرئيس لسبب غير مفهوم؛ يرجح أنه نتيجة للضغوط الخليجية، وهو ما قد يكون عبر عنه وزير الخارجية الماليزي سيف الدين عبد الله بأن بعض الدول الإسلامية تخوض حروبا سرية نيابة عن القوى العظمى.
سحق المحاور
ولعل سياسة المحاور التي خطتها الأنامل الغربية بهدف التقوّت عليها عبر إذكاء الصراع بينها كانت أكثر وضوحا في منطقتنا العربية، حينما وجدت بعض الدول العربية التي تدافع عن موروثها الثقافي والحضاري نفسها طرفا في هذه المحاور، تماما كالمحور السني الذي تشكل بشكل غير مقصود تحت وقع المصالح القُطرية والثقافية لأعضائه، وهو الذي تنجرد فيه تركيا وقطر وحكومة الوفاق الليبية وحركة حماس، وهو أيضا المحور المدافع عن الهوية الإسلامية السنية للبلاد، وكذلك المحور الشيعي الذي تندرج فيه إيران والعراق وسوريا وحزب الله والحوثيون، وهو المحور المدافع عن الهوية الثقافية الإسلامية الشيعية، ثم المحور الشرق أوسطي وهو المحور الداعم لصفقة القرن والشرق الأوسط الجديد بزعامة إسرائيل، وفي هذا المحور تتربع السعودية والإمارات والبحرين وحفتر ومصر.
وكان يأمل المشاركون في المحور الشرق أوسطي في أحداث صدام سني شيعي يحقق له تفوقه، وقد تم إيجاد بؤر صدام جاهزة لتحقيق ذلك أبرزها “سوريا” و”لبنان”، فيما كان من المتوقع ردا على ذلك وإجهاضا للخطة؛ أن يتم التوافق بين المحورين السني والشيعي من أجل إفشال مؤامرات المحور الشرق أوسطي، إلا أن قمة كوالامبور قامت بسحق كل تلك المحاور الثلاثة واعتمدت محورا واحدا، هو الولاء لاستقلال وتكامل الأمة الإسلامية بشقيها السني والشيعي في كافة المجالات، ما يحقق استقلالها السياسي، والتأكيد على أن قضية فلسطين هى القضية المحورية للعالم الإسلامي، وقربا وبعدا من ذلك يمكنك تصنيف الدول.
قمة الاستقلال
يمكننا ببساطة تعريف قمة كوالالمبور بأنها قمة “الاستقلال” للشعوب الإسلامية من قيود التبعية للخارج، وهو ما يتضح من محور أجندة القمة الرئيسية “دور الرؤى التنموية في الوصول إلى السيادة الوطنية”.
وهي المعاني التي عبر عنها جميع القادة المشاركون في القمة، بدءا من كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ التي دعا فيها إلى اعتماد أساليب التفاوض والحوار في حل القضايا العالقة بين الدول ورفض استخدام أساليب القوة والحصار والتجويع وإملاء الرأي، وهو ما يتطلب حدا أدنى من الإجماع على منح صلاحيات أوسع للمؤسسات الدولية التي لا يسود فيها حق الفيتو لهذه الدولة أو تلك.. والرئيس التركي أردوغان الذي انتقد المذابح التي يتعرض لها المسلمون في العالم، وقال إن أكثر من ثلاثة أرباع ضحايا الحروب في العالم مسلمون، وجهر بتكرار الدعوة بأن العالم أكبر من الممثلين الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، والذين لا توجد بينهم دولة مسلمة واحدة.. وكلمة رئيس الوزراء الماليزي الذي قال صراحة إن العالم الإسلامي لا زال تحت الاحتلال الغربي، وكذلك الرئيس الإيراني الذي أكد أن التدخلات الخارجية في عالمنا الإسلامي، بالإضافة إلى التطرف، هي أحد أبرز أسباب معاناة أمتنا.
ومن اللافت أن جميع المداخلات والكلمات أجمعت على ضرورة اعتماد الحوار كوسيلة لحل المشكلات بين الدول الإسلامية، أو بين الدول الإسلامية وباقي دول العالم، وأن القمة ليست موجهة ضد أحد وليست بديلة عن أي منظمات أخرى، في إشارة إلى منظمة التعاون الإسلامي (كما تعتقد السلطات السعودية التي رفضت الحضور وسط مخاوف من سحب القمة لتأثيرها السياسي بوصفها بلاد الأراضي المقدسة) بقدر أنها تهدف لتجاوز معاناة شعوب العالم الإسلامي.
وأعطى حضور 450 من والمفكرين والمثقفين للقمة مؤشرات واضحة بأن الهدف منها هو النهوض العلمي بأمة المسلمين، ومحاولة انتشالها من براثن الجهل الذي يخلق الاحتياج للغرب وما ينتجه ذلك من تبعية.
يجدر بالذكر أن الإسلام يعد ثاني أكبر دين في العالم ويدين به 1.9 مليار، يمثل السنة فيهم 80-90 في المئة (تقريبا 1.5 مليار نسمة) والشيعة 10-20 في المئة تقريبا (170-340 مليون نسمة)، بحسب دراسات دولية حديثة.
ولم يكن مفاجئا أن تعادي بعض الأنظمة المرتمية في أحضان الهيمنة الغربية قمة تسعي لاستقلال العالم الإسلامي، فذلك نشاط متفق تماما مع أدوارها الوظيفية الدولية.
وعلى أي حال، ومهما كانت نتائج القمة وأعداد المشاركين فيها، إلا أنها كانت جرس إنذار قوي موجه للعالم بأن العالم الإسلامي بشخصيته القديمة المستباحة لم يعد مقبولا.
…………………………………….
لمحة عن معاناة تلك الفئة
استطاع الفيديو المؤثر الذي بثته أخيراً زوجة الدكتور شادي الغزالي حرب، عن معاناة زوجها في المعتقل ومعاناة مائة ألف معتقل أخرين ومعهم أسرهم وأطفالهم وأحبابهم، وما صاحبه من مشاركات وتفاعلات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في ايقاظ مشاعر الألم لمن سكنت عنده تلك المشاعر أو ذبلت انسانيته.
في الواقع ان الشيء المتاح لجميع المصريين الان هو المعاناة، فالغالبية في مصر تعاني، وكل يعاني بطريقته ولأسبابه، فمنهم من يعاني الفقرَ أو المرضَ أو الظلم، ونقصاً في الأموال والثمرات، ومنهم من يعاني سلبه أدميته وحقه في الحياة ويعيش جحيما لا يمكن تحمله، وهو ما نقصده هنا.
يخرج مواطن تلك الفئة من بيته كل صباح وأسرته ليست على يقين أنه سيعود ، فإلى حين عودته سيكون محشورا في مخاوف العقل الباطن لديها، بين احتمالات أن يعود إليهم جثة بسبب تصفيته من قبل أجهزة الأمن في اشتباك مسلح مزعوم للتغطية على جريمة أخرى ارتكبتها ذات السلطة كما حدث في واقعة العمال الخمسة الذين تمت تصفيتهم واتهمتهم السلطة بقتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني، أو أن يقرأوا خبر انتحاره أو تفجيره نفسه في موكب وزير أو مسئول لم يكن قد سمع حتى باسمه من قبل. وإن نجا من ذلك فلا يزال الموت يطارده في حادث طريق في بلد يحتل المركز الأول عالميا في عدد ضحايا الطرق ، أو بسبب اعتداء بلطجية عليه لأي سبب كان، أو أن تختطفه مافيا الأعضاء البشرية، ليتم تقطيعه وبيعه لإصلاح ما فسد من جسد هذا الوزير أوذاك الأمير أوصاحب السلطة، وذلكم الثري والمسئول، أو تختطفه مافيا شركات الأدوية العالمية لإجراء تجارب عليه بدلا من الجرذان. وفي أفضل أحوال الاختطاف تختطفه عصابات طلبا للفدية، أو يتم اختطافه من قبل جهات أمنية مجهولة، واخفاؤه قسريا ليظهر بعد أسابيع أو أشهر من البحث المضنى في المستشفيات وأقسام الشرطة متهما في إحدى القضايا الهلامية التي تعج بها المحاكم الآن.
بينما تحولت السجون وأقسام الشرطة والمحاكم والمشارح عند تلك الفئة إلى معالم مؤثرة في حياتهم اليومية من لم يزرها هو فقد زارها أحد اقاربه أوجاره أو صديقه.
متلازمة الخوف
أينما ولى مواطن هذه الفئة وجهه يلاحقه الخوف، بكل أنواعه وأشكاله، فهو مدان بدون اتهام أو تحقيق أو حتى جريمة، والاعلام الرسمي يحرض علي قتله صباح مساء.
هو يعاني الخوف الموسمي من القتل أو الخوف من الخطف أو الاعتقال لا سيما في أيام الفشل والاضطراب السياسي. يسايره خوف دائم من أن تنتهك حياته الخاصة عبر زوار الفجر الذين يتوقع في أي لحظة انتهاكهم لحرمة منزله، وسرقة أمواله وتكسير مقتنيات العمر وجرجرته إلى غياهب الجب، يتلوه خوف أقل وطأة وأكثر ايلاما من فقد العمل ومورد الرزق القليل الساتر من الفضح بين الناس، والخوف من الاستمرار في الفقر والخوف من الانتقال من مرحلة الفقر التي يعيشها غالبية المصريين إلى مرحلة الفقر المدقع.
ويخاف من أن تنزع منه مصريته ذاتها واستباحته في ماله وخصوصيته وعرضه، بل وتنزع عنه وطنيته ويتهم حينئذ بالخيانة العظمى ويكون سحب الجنسية منه مكرمة تنقذ رقبته من حبل المشنقة.
كذلك مع تنامي اجراءات نزع الملكية في البلاد من الجنوب لليسار يعيش شأنه كل مصري حالة خوف من أن يتم نزع أرضه لأي سبب تراه السلطة ودون أن تمنحه الحق في التعويض الملائم.
مواطن تلك الفئة شأنه شأن كل المصريين يعاني الخوف من أن يصيبه أو يصيب أحد أفراد أسرته مرض مزمن بسبب تلوث الماء واختلاطه بالصرف الصحي وتلوث الهواء وتلوث الطعام بالأوبئة والمواد المسرطنة، مما يعجزه عن تدبير نفقات العلاج الباهظة.
التكيف مع المهانة
بالطبع يتقاسم مواطن تلك الفئة كل ما يعانيه باقي المصريين، حيث يعيش رحلة مهانة صار الكثيرون يتكيفون ويتعاملون معها، مهانة يتلقاها المهندس والطبيب والكبير والصغير والموظف و”العامل الأجري” وصحيح الجسد ومعتله من قبل رجال الأمن تارة والخارجين عن القانون تارة أخرى، وذلك عند دخوله أي مصلحة حكومية أو رسمية، وقرب الكمائن وأقسام الشرطة حيث يجب عليه أن يتقبل كل ما قد يحدث معه دون حتى أن ينبس ببنت شفة، وإلا لن يرى الشمس ثانية، وكذلك حينما يسير في الشارع أو في منزله أو عمله.
رسخ في ذهنه أضعاف ما رسخ في وجدان اي مواطن مصري بأنه أقل أهمية وقيمة من رجل الجيش أو الشرطة أو القضاء أو رجل الأعمال وحتى من “المواطنين الشرفاء”، حتى لو حصل على أفضل تعليم وأفضل تربية، وكان أكثر ثقافة ووعياً، وحظي بالتقدير من جهات علمية واجتماعية مهمة خارجية أو داخلية.
معاناة الأمومة والطفولة
المعاناة في تلك الفئة طالت جميع أفرادها حتى الاطفال، الذين ولدوا وتربوا لم يعرفوا إلا أبا شهيدا أو سجينا أو هاربا داخل مصر أو خارجها، وبدلا من ان يوفر لهم هذا الأب الأمان الذي يحتاجه كل طفل، كان ابتعاده عنهم هو الأكثر أمانا لهم، فتسرب كثير منهم من التعليم للعمل من أجل الانفاق على امهاتهم وأخواتهم.
أما البنات فهن الأخريات يعشن مأساة من نوع خاص، فلا أحد يجرؤ للتقدم للزواج منهن خشية ان ينالهن ما نال ذويهن من جور، حتى صديقاتهن يبتعدن عنهن لذات السبب، دعك عن الظروف الاقتصادية الطاحنة، التي تلقي بظلال أشد قتامة عليهن دون سواهن، بسبب افتقارهن العائل والحرمان من العمل، والتجريد من الأموال.
بالتأكيد عرفتم من تكون تلك الفئة إنها فئة المنتمين إلى جماعة الاخوان المسلمين التي تصمها السلطة بـ”الارهابية”، مع شباب الحركات التي أمنت بثورة يناير / كانون الثاني ،ووصمت بذات الصفة، كحركة شباب 6ابريل/ نيسان، وحركة الاشتراكيين الثوريين، وائتلاف شباب الثورة وغيرهم
……………………………..
العراق فخ أمريكي لايران
الجمعة، 29 نوفمبر 2019 :
يبدو أن ايران سقطت في الفخ الذي رسمته لها أمريكا قي العراق بعد أن احتلته عام 2003 ، حينما أشركتها واشنطن النفوذ في هذا البلد الثري الذي ناصبهما العداء لعقود، مقابل وقف دعوتها للشيعة العراقيين للانخراط في المقاومة العراقية التابعة لنظام صدام حسين ، أو حتى عدم مساندة المقاومة التي ابداها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في مدينة النجف أنذاك.
الفخ الذي سقطت فيه ايران هو أنه بدلا من أن تستثمر نفوذها الدينى والسياسي وحتى العسكري للمساهمة في صناعة دولة حضارية متسامحة مرفهة تكون عنوانا مشرفا لإيران ولأصدقائها في العراق، تماهت أو حتى اكتفت بالصمت عن تحويل العراق إلى مقتلة طائفية كبيرة ، تؤلب صراع المذاهب في الوطن العربي بأكمله وهو ما خصم منها رصيدا كبيرا كان يكنه لها كثير من العرب السنة بصفتها أحد ركائز محور المقاومة ضد النفوذ الصهيو امريكي، فخسرت أصدقاء كثر في الوطن العربي اعتقدوا أن مصدر داء العراق ليس الغزو الامريكي وويلاته فقط بل النفوذ الايراني فيه.
مؤشرات موجعة
وكذلك لم تعمل ايران – عبر نفوذها- على مكافحة الفساد في هذا البلد الذي جعله كأحد أغنى بلدان العالم نفطيا يعيش أزمة في الكهرباء يخرج الناس للتظاهر ضد انقطاعها المستمر في الصيف، وهو ما لم يكن يحدث حتى في ظل الحرب العراقية الايرانية أو الحصار الغربي الذي فرض على هذا البلد بعد ذلك ، فضلا عن تصدره كل قوائم العالم في مؤشرات الفقر والفوضي والقهر والبؤس والبطالة والجوع والمرض والفساد والجهل والاقصاء، وصار مضربا للأمثال السيئة لدى بلدان عربية – كمصر مثلا – التي كان يتطلع شعبها ذات يوم لأن يعيش رفاهية شقيقة في بغداد، وذلك بعد أن كان يتصدر قوائم الرفاهية والرعاية الصحية ومكافحة الفساد والتعليم والقوة العسكرية وغيرها في زمن صدام حسين.
كل ذلك جعل الكثير من العراقيين يحنون لزمن صدام حسين حتى من قبل أشد الكارهين له ويتذكرون عهده بكل حب وامتنان.
النفوذ الروحي
بالقطع ساهمت امريكا في تعميق كل المسالب التي يعيشها العراق بعد 2003 بهدف دفع العراقيين للثورة على النفوذ الايراني وتجريدها من نفوذها الروحي في نفوس الطائفة الشيعية من جهة ومناصبة السنة العداء لها بسبب الاعدامات والاغتيالات وقوانين المحاصصة والاقصاء التي بدأت بقوانين “اجتثاث البعث” وغيرها.
كل تلك الفخاخ الامريكية أتت ثماره فأنجبت الحراك الذي يشهده العراق حاليا حيث أن المدن ذات الاغلبية الشيعية هى من بدأت بالحراك وهى الأكثر اشتعالا، بل أن المتظاهرين اقتحموا القنصلية الايرانية في أكثر مدن العراق قداسة دينية للطائفة الشيعية ورفعوا عليها العلم العراقي عليها لساعات، وحاولوا تغيير اسم شارع يسمى باسم المرجع الاعلى للثورة الاسلامية في ايران “الخوميني” إلى اسم شارع الشهداء ، وما في ذلك من دلالات قوية.
تساؤلات ملحة
بلا أدني شك أن الحراك الشعبي في بلدان الهلال الشيعي “العراق ولبنان ومن قبله السوري الذي انضم بالولاء السياسي وليس بعدد السكان” له ما يبرره ، وأنه تفجر بنوازع شعبية خالصة، وأن محاولات البعض وصمه بالممول هى محض افتراء ، ولكن ومع ذلك تبقى تساؤلات مهمة حول تزامن تفجر الحراك في العراق ولبنان ، وحول اهتمام دول داعمة على طول الخط للثورة المضادة كالسعودية والامارات والبحرين ومصر للحراك في هذين البلدين – ومن قبلهما السوري قبل أن تكشف عن زيف نواياها مؤخرا – وقيام وسائل اعلامهم بفرد مساحات اعلامية كبيرة لتغطيته ، وهو ما يوجب على المتظاهرين توخي الحذر في أن يتم توجيههم إلى وجهات تفيد مصالح تلك الدول في صراع المحاورفي المنطقة العربية، وهو ما يتعارض بالتأكيد مع مصالح الثورة التي ينشدونها.
وأيضا هناك تساؤلات حول السر الذي دفع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي للتأكيد قبل تفجر الحراك بأيام “أن العراق لن يدخل في سياسة المحاور الدولية”، وهل يعد ذلك ارضاء لأمريكا على حساب ايران؟ ، أم أنه فقط ذرا للرماد في عيون الحساد؟ ، أم أنه كان تمهيدا لما هو أت؟.
ظهور البعث
وما دلالة لقاء أجرته قناة RT الروسية مايو الماضي مع قيادي بعثي عراقي يكنى ابو الحسن طالب فيه عزة ابراهيم الدوري نائب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وأمين عام القيادة القطرية لحزب البعث العراقي بالتنحي لشباب الحزب والتصالح مع ايران وحزب الله لخوض غمار حرب التحرير ضد النفوذ الامريكي ، وموضحا في الوقت ذاته بأن صدام حسين تصالح مع ايران قبل سقوط حكمه بايام وجرى تبادل زيارات بين بغداد وطهران سرية وعلنية قبل وأثناء العدوان الامريكي عام 2003 ، ومذكرا بأن من غزا العراق ليست ايران ، ولكن امريكا وحلفائها ، وأن ايران وجدت امرا واقعا تعاملت معه.
يطرح اللقاء تساؤلات حول مغزى هذا الظهور، وهل هو لخطة فعلا كانت طهران تخطط لها باعادة البعث العراقي للعمل ؟، أم ان اللقاء كان استباقا لخطة امريكية في نفس هذا السياق؟.
……
العرب يتضامنون بشدة مع شعب العراق الذي ذاق الويلات في العقدين الاخيرين ويتمنون له ان ينال حريته دون أن يقع فريسة مجددا للمؤامرات الدولية وصراعات المحاور.
……………………………………………………….
وصفة سحرية وراء إقلاعي عن التدخين!
بكل أسف وعجز الأولى.
تجربة فاشلة
بالطبع قد يكون الحديث في مثل هذا الموضوع خاصة مع الظروف السياسية التي تمر بها مصر الأن هروبا، لكنه هروب مستساغ يقدم تجربة قد تكون مفيدة للحريات ولكن لحريات من أسرتهم السيجارة وحولت حياتهم وحياة أسرهم إلى جحيم.
الجمعة 11 توبر 2019 20:14
تطبيقات عربية حول نظرية البصق في الطعام
سيكسب المعركة بشكل نهائي وبأقل جهد ويخلو له الطعام بلا منازع.
……………………………………………………..
الأربعاء، 09 أكتوبر 2019
وجهة نظر أخرى حول حرب أكتوبر
ونحن نعيش أجواء انتصارات الماضي في جو من انتكاسات الحاضر، لم يعد خافيا على أحد أن ما تحقق من انتصارات في تشرين الأول/ أكتوبر 1973، بسواعد الأبطال من جنود وضباط وجبهة شعبية عربية واسعةومتلاحمة امتدت من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، تحول بقدرة يد مقتدرة إلى هزيمة نكراء في النتائج، وبدلا من أننا كمصريين نكون قد حررنا سيناء، اكتشفنا أن إسرائيل هي من تحكم القاهرة ذاتها. من هنا بدت تتردد الكثير من الأقاويل حول تلك الحرب التي لا نؤكدها ولا نكذبها، ولكننا بحاجة ماسة لقتل “الفأر” الذي يلعب في عب البعض منا نحوها، ويجعلهم يحملون وجهة نظر خاصة بهم عنها.
اكتشفنا ذلك عقلا ونقلا، بدءا من محاضرة آفي ديختر، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي، في معهد أبحاث الأمن القومي التي نشرتها صحف إسرائيلية عام 2009، حول موقف إسرائيل من انفجار أي ثورة في القاهرة تطيح بنظام الكنز الاستراتيجي، مبارك، وقوله نصا “إن إسرائيل لن تقبل بذلك أبدا حتى لو اضطرت إلى الكشف عن وجود سرايا عسكرية سرية لها بالقرب من القاهرة وإجهاض الثورة عسكريا”، وانتهاء بادعاءات إسرائيلية تقولها علنا بأن الحرب كانت انتصار عسكريا إسرائيليا وليس مصريا (1).
نابلس |
القدس |
امرأة بدوية |
قبة الصخرة في القدس |
امرأة من رام الله |
عائلة من رام الله |
امرأة من رام الله بثياب مميزة |
فلسطينية من بيت لحم تحمل جرة الماء |
شقيقتان من بيت لحم |
امرأة بزي تقليدي من بيت لحم |
نساء من أجيال مختلفة في بيت لحم |
صيادون في بحر الجليل عام 1930 |
مظاهرات ضد الاستيطان الإسرائيلي خلال الاحتلال البريطاني عام 1920 |
شيخ مقدسي |
امرأة من الناصرة |
أب وأطفاله في رام الله |
امرأة من رام الله |
صورة من عام 1889 لامرأة من يافا |
فتاة من بيت لحم |
صانع فخار مقدسي عام 1934 |
سوق القدس للحبوب |
بيت لحم |
القدس |
القدس بين 1898 و 1914 |
البطريرك اليوناني في القدس عام 1940 |
احتجاجات في 1900 في يافا |
قبل وعد بلفور ..مقال يتحدث عن الصهيونية |
ثبت كما اكتشف اللبنانيون فيما بعد أنها في من يستطيع الحصول على أكبر قطعة من الكعكة.
المثقفون الأذكياء ولكن كونهم أقلية في مجتمعاتهم فإن أصواتهم تضيع هباءً.
نقلا عن عربي21
ونحن نعيش أجواء انتصارات الماضي في جو من انتكاسات الحاضر، لم يعد خافيا على أحد أن ما تحقق من انتصارات في تشرين الأول/ أكتوبر 1973، بسواعد الأبطال من جنود وضباط وجبهة شعبية عربية واسعة ومتلاحمة امتدت من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، تحول بقدرة يد مقتدرة إلى هزيمة نكراء في النتائج، وبدلا من أننا كمصريين نكون قد حررنا سيناء، اكتشفنا أن إسرائيل هي من تحكم القاهرة ذاتها. من هنا بدت تتردد الكثير من الأقاويل حول تلك الحرب التي لا نؤكدها ولا نكذبها، ولكننا بحاجة ماسة لقتل “الفأر” الذي يلعب في عب البعض منا نحوها، ويجعلهم يحملون وجهة نظر خاصة بهم عنها.
أحيانا تعبر سلوكيات بسطاء الناس عن معانٍ ومدلولات عميقة ربما لا نصدق أنها هى ذاتها تطبق في أدق نظريات الادارة السياسية الرائجة في العالم، من تلك السلوكيات لجوء بعضهم لـ “البصق في الطعام” حينما يكون في حالة منافسة حامية مع أخرين للانفراد به، مدركا أنه بهذا التصرف المقزز
سيكسب المعركة بشكل نهائي وبأقل جهد ويخلو له الطعام بلا منازع.
كان يفعلها أيضا الشباب في أوائل القرن الفائت حينما كانوا يقومون ببتر أطرافهم لصناعة عاهة مستديمة تحول دون تجنيدهم إجباريا لخدمة الانجليز في الحربين العالميتين.
هذا السلوك -وبصورة مغايرة – سبقهم إليه العبد الصالح في السفينة التي خرقها كي يعيبها، مع فارق جوهري هو أنه خرقها لحمايتها وإبقائها لأصحابها المساكين بدلا من أن يستولى عليها الملك الظالم، وليس لكي يستولي هو عليها.
ترمب والسعودية
لكن بقليل من التمعن ستجد أن هذا السلوك يفعله الكثيرون من قادة وسياسيي العالم أيضا، ففي مواجهة المتأففين من سياساته سواء من داخل حزبه الجمهوري أو من المعارضين الديمقراطيين ، لجأ الرئيس الامريكي دونالد ترمب لاتباع تلك السياسة حينما حول عمليات استنزاف أموال بعض دول الخليج العربي لا سيما المملكة العربية السعودية من عملية روتينية تجري منذ عقود في سرية ويستفيد منها أي حاكم أمريكي سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا مقابل الصمت عن استبدادها وانتهاكاتها لحقوق الانسان ، إلى عملية علنية لا يصح بعد افشائها الابقاء عليها إلا في وجوده، وإذا اختفى فإنه لا يصح لمن يأتي بعده من دعاة الديمقراطية الابقاء على رموز تلك النظم في الشرق الأوسط مع المحافظة على تلك الشعارات التي يرددها ، خاصة مع قوله أنها لا تستطيع أن تحافظ على وجود حكمها لمدة أسبوع واحد دون الدعم الأمريكي، ما يعني أن بقاء هذه الكراسي هو قرار أمريكي خالص، خاصة أنها هى من تقمع الناس وتقطع أوصال من يختلف معها في الحرم الدبلوماسي الخاص بسفاراتها كما فعلت مع خاشقجي.
ترمب قصد بذلك وضع من يأتي بعده بين خيارين، إما فقدان هذه الرافد الهائل من الأموال والانتصار للقيم الامريكية المعلنة الداعمة لحقوق الانسان، وهو خيار صعب، أو أن يسلك ذات المسلك ويلقي بالشعارات التي يتم تسويقها للناس في سلة القمامة، وهو المرجح.
ذات الطريقة استطاعت بها الولايات المتحدة الايقاع بالاتحاد السوفيتي، حينما استطاعت تجنيد قيادات في الدولة الشيوعية كجواسيس ليقوموا بتعيين الأقل كفاءة على رأس المؤسسات، وهى السياسة التي أدت في النهاية لانهياره دون قتال.
البصق السعودي في اليمن
السعودية من جانبها راحت تطبق ما طبقه عليها ترمب ولكن على اليمن وجماعة قبلية فيه، فبعدما فشلت وحلفائها الإماراتيين والغربيين في الاستيلاء على كل اليمن في حرب غير متكافئة دامت خمس سنوات بدعوى الدفاع عن شرعية الرئيس عبد ربه هادي ضد مهدديها الحوثيين، راحت توعز لمقاول الاعمال القذرة “الامارات” لتعصف ميليشياتها بشرعية هادي وجيشه والاستيلاء على الاراضي التي كانت تسيطر عليها قواته تمهيدا لتقسيم اليمن والاستيلاء على جزء منه.
البصق السعودي في اليمن يتمثل في مبدأ يقوم على نظرية تخريب اليمن وفي حال العجز عن الاستيلاء عليه كاملا ينبغي تقسيمه والاكتفاء بالسيطرة على جزء منه عبر حكومة تدين بالولاء لها خاصة أن الجزء المسيطر عليه هو مدينة تطل على رأس “باب المندب” لما يمثله من من موقع استراتيجي.
تخريب مصر
الفكرة نفسها يمارسها أيضا رأس السلطة في مصر، ولكن بطريقة عكسية، حيث أثقل كاهل البلد بالديون والأعباء والالتزامات الدولية والداخلية التي تجعل من الشاق على من يأتي بعده أن يستطيع ادارتها أو يفي بتلك الالتزامات، خاصة أن الدين الخارجي تضاعف لما يقترب من الأربعة أضعاف، والدين الداخلي اقترب من الأربعة تريليونات وتضاعف أيضا ثلاثة أضعاف ما كان عليه، وخدمة الدين تلتهم أكثر من ثلثي الموازنة.
كما التزم بالتزامات دولية متنوعة ما كان يستطيع أي حاكم مصري أخر الموافقة عليها لكونها تجور على حقوق المصريين، كالتنازل عن جزر تيران وصنافير، وتوقيع صفقة القرن وسد النهضة وتوطين اللاجئين والحد من الهجرة غير الشرعية لأروبا ودفن النفايات النووية، والتوجه نحو الفاشية العلمانية تحت شعار “تغيير الخطاب الديني” – الاسلامي فقط – وتغيير هوية الدولة العربية والاسلامية وتغيير العقيدة الحربية للجيش وغيرها.
بذلك ضمن أنه لا يمكن لطامح أن يقترب من كرسي الحكم مع كل هذا الخراب حتى لو كان مرضي عنه غربيا، وكذلك يصعب على الغرب التفكير في تغيير رأس الحكم في مصر مع كل هذه الوعود التي ما كان يحلم أن يأتي من ينفذها له في مصر.
وقد عبر السيسي نفسه عن تلك السياسة حينما قال موجها كلامه لمعارضيه يحثهم على الاستسلام لإدارته بأن مصر من بعده لن تصلح له ولا لهم.
البصق في القطاع العام
النظرية طبقها أيضا مبارك وسابقه السادات لتبرير بيع القطاع العام بثمن بخس، خضوعا لما يقال إنها شروطا سرية لاتفاقية كامب ديفيد تقضي ببيع القطاع العام من أجل حرمان الجيش من الرافد المالي الوطني الذي يغذيه واخضاعه لرحمة المعونة العسكرية الامريكية.
خطة البصق في القطاع العام كانت تتم عبر تغيير قيادات الشركات العامة الناجحة واستبدالهم بآخرين فاسدين ومتأمرين مع تعميم سياسة اقصاء الكفاءات داخلها واستبدالهم بقليلي الخبرة.
لكن المؤسف أن بصقات ترمب كانت من أجل رفاهية بلاده، بينما بصقات من يدعون أنهم من بني جلدتنا هي من أجل زيادة معاناة بلادنا.
لقراءة المقال كاملا انقر هنا على الجزيرة نت
هزيمة نكراء في النتائج، وبدلا من أننا كمصريين نكون قد حررنا سيناء، اكتشفنا أن إسرائيل هي من تحكم القاهرة ذاتها. من هنا بدت تتردد الكثير من الأقاويل حول تلك الحرب التي لا نؤكدها ولا نكذبها، ولكننا بحاجة ماسة لقتل “الفأر” الذي يلعب في عب البعض منا نحوها، ويجعلهم يحملون وجهة نظر خاصة بهم عنها.
سيكسب المعركة بشكل نهائي وبأقل جهد ويخلو له الطعام بلا منازع.
كان يفعلها أيضا الشباب في أوائل القرن الفائت حينما كانوا يقومون ببتر أطرافهم لصناعة عاهة مستديمة تحول دون تجنيدهم إجباريا لخدمة الانجليز في الحربين العالميتين.
هذا السلوك -وبصورة مغايرة – سبقهم إليه العبد الصالح في السفينة التي خرقها كي يعيبها، مع فارق جوهري هو أنه خرقها لحمايتها وإبقائها لأصحابها المساكين بدلا من أن يستولى عليها الملك الظالم، وليس لكي يستولي هو عليها.
ترمب والسعودية
لكن بقليل من التمعن ستجد أن هذا السلوك يفعله الكثيرون من قادة وسياسيي العالم أيضا، ففي مواجهة المتأففين من سياساته سواء من داخل حزبه الجمهوري أو من المعارضين الديمقراطيين ، لجأ الرئيس الامريكي دونالد ترمب لاتباع تلك السياسة حينما حول عمليات استنزاف أموال بعض دول الخليج العربي لا سيما المملكة العربية السعودية من عملية روتينية تجري منذ عقود في سرية ويستفيد منها أي حاكم أمريكي سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا مقابل الصمت عن استبدادها وانتهاكاتها لحقوق الانسان ، إلى عملية علنية لا يصح بعد افشائها الابقاء عليها إلا في وجوده، وإذا اختفى فإنه لا يصح لمن يأتي بعده من دعاة الديمقراطية الابقاء على رموز تلك النظم في الشرق الأوسط مع المحافظة على تلك الشعارات التي يرددها ، خاصة مع قوله أنها لا تستطيع أن تحافظ على وجود حكمها لمدة أسبوع واحد دون الدعم الأمريكي، ما يعني أن بقاء هذه الكراسي هو قرار أمريكي خالص، خاصة أنها هى من تقمع الناس وتقطع أوصال من يختلف معها في الحرم الدبلوماسي الخاص بسفاراتها كما فعلت مع خاشقجي.
ترمب قصد بذلك وضع من يأتي بعده بين خيارين، إما فقدان هذه الرافد الهائل من الأموال والانتصار للقيم الامريكية المعلنة الداعمة لحقوق الانسان، وهو خيار صعب، أو أن يسلك ذات المسلك ويلقي بالشعارات التي يتم تسويقها للناس في سلة القمامة، وهو المرجح.
ذات الطريقة استطاعت بها الولايات المتحدة الايقاع بالاتحاد السوفيتي، حينما استطاعت تجنيد قيادات في الدولة الشيوعية كجواسيس ليقوموا بتعيين الأقل كفاءة على رأس المؤسسات، وهى السياسة التي أدت في النهاية لانهياره دون قتال.
البصق السعودي في اليمن
السعودية من جانبها راحت تطبق ما طبقه عليها ترمب ولكن على اليمن وجماعة قبلية فيه، فبعدما فشلت وحلفائها الإماراتيين والغربيين في الاستيلاء على كل اليمن في حرب غير متكافئة دامت خمس سنوات بدعوى الدفاع عن شرعية الرئيس عبد ربه هادي ضد مهدديها الحوثيين، راحت توعز لمقاول الاعمال القذرة “الامارات” لتعصف ميليشياتها بشرعية هادي وجيشه والاستيلاء على الاراضي التي كانت تسيطر عليها قواته تمهيدا لتقسيم اليمن والاستيلاء على جزء منه.
البصق السعودي في اليمن يتمثل في مبدأ يقوم على نظرية تخريب اليمن وفي حال العجز عن الاستيلاء عليه كاملا ينبغي تقسيمه والاكتفاء بالسيطرة على جزء منه عبر حكومة تدين بالولاء لها خاصة أن الجزء المسيطر عليه هو مدينة تطل على رأس “باب المندب” لما يمثله من من موقع استراتيجي.
تخريب مصر
الفكرة نفسها يمارسها أيضا رأس السلطة في مصر، ولكن بطريقة عكسية، حيث أثقل كاهل البلد بالديون والأعباء والالتزامات الدولية والداخلية التي تجعل من الشاق على من يأتي بعده أن يستطيع ادارتها أو يفي بتلك الالتزامات، خاصة أن الدين الخارجي تضاعف لما يقترب من الأربعة أضعاف، والدين الداخلي اقترب من الأربعة تريليونات وتضاعف أيضا ثلاثة أضعاف ما كان عليه، وخدمة الدين تلتهم أكثر من ثلثي الموازنة.
كما التزم بالتزامات دولية متنوعة ما كان يستطيع أي حاكم مصري أخر الموافقة عليها لكونها تجور على حقوق المصريين، كالتنازل عن جزر تيران وصنافير، وتوقيع صفقة القرن وسد النهضة وتوطين اللاجئين والحد من الهجرة غير الشرعية لأروبا ودفن النفايات النووية، والتوجه نحو الفاشية العلمانية تحت شعار “تغيير الخطاب الديني” – الاسلامي فقط – وتغيير هوية الدولة العربية والاسلامية وتغيير العقيدة الحربية للجيش وغيرها.
بذلك ضمن أنه لا يمكن لطامح أن يقترب من كرسي الحكم مع كل هذا الخراب حتى لو كان مرضي عنه غربيا، وكذلك يصعب على الغرب التفكير في تغيير رأس الحكم في مصر مع كل هذه الوعود التي ما كان يحلم أن يأتي من ينفذها له في مصر.
وقد عبر السيسي نفسه عن تلك السياسة حينما قال موجها كلامه لمعارضيه يحثهم على الاستسلام لإدارته بأن مصر من بعده لن تصلح له ولا لهم.
البصق في القطاع العام
النظرية طبقها أيضا مبارك وسابقه السادات لتبرير بيع القطاع العام بثمن بخس، خضوعا لما يقال إنها شروطا سرية لاتفاقية كامب ديفيد تقضي ببيع القطاع العام من أجل حرمان الجيش من الرافد المالي الوطني الذي يغذيه واخضاعه لرحمة المعونة العسكرية الامريكية.
خطة البصق في القطاع العام كانت تتم عبر تغيير قيادات الشركات العامة الناجحة واستبدالهم بآخرين فاسدين ومتأمرين مع تعميم سياسة اقصاء الكفاءات داخلها واستبدالهم بقليلي الخبرة.
لكن المؤسف أن بصقات ترمب كانت من أجل رفاهية بلاده، بينما بصقات من يدعون أنهم من بني جلدتنا هي من أجل زيادة معاناة بلادنا.
الدكتور سامي السعيد النجار أستاذ الصحافة ورئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة المنصورة والدكتور صفوت عبد الحليم علي الأستاذ بقسم الفوتوغرافيا والسينما والتليفزيون بكلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان.
الأحد 22 سبتمبر 2019
لا يعرف أحد على وجه اليقين إجابة لسؤال: هل سيبقى السيسي حاكما لمصر مطيحا كعادته بكل الدعوات المطالبة بتنحيه عن الحكم أو حتى بإجراء عمليات مصالحة مجتمعية وفتح المجال العام والإفراج عن المعتقلين ؟ أم أن هناك صراعا داخل أروقة السلطة أخذ في الاحتدام – على ما يبدو – ولن يتوقف حتى يتمكن الطرف المصارع من طي صفحته تماما.
هنا نتحدث حول الصورة التي ستكون مصر والوطن العربي وحتى الكيان الصهيوني عليها في حال خروج السيسي من السلطة.
البعد العربي
عربيا سيكون هذا الحدث ضربة قاصمة للمحور المعادي للربيع العربي، حيث سيفقد معينا كانوا يأملون في أنه لن ينضب من المقاتلين ليخوضوا من خلاله حروبهم التي أشعلوها في جميع أرجاء الوطن العربي تقريبا، لكن مع مرور ست سنوات من حكمه من دون أن يحقق لهم هذا المطلب بشكل “دافق” كما كانوا يتوهمون، فإنهم بلا شك سيتألمون كثيرا ولكن ليس لفقده بل لأنهم استثمروا فيه عشرات المليارات من الدولارات منحا لا ترد على أمل تحقيق وعد “مسافة السكة” الذي ذهب مع الريح.
وسيفقد مشروع الجنرال خليفة حفتر في ليبيا رافدا مهما من الدعم العسكري بكل تشكيلاته وأنواعه فضلا عن الدعم الدبلوماسي والإعلامي، ما يجعل من انهياره مسألة وقت خاصة أنه لا يعتمد في الداخل الليبي على ظهير شعبي حقيقي.
وسيفقد القطاع العسكري المشارك في حكم السودان بصيص أمله في وجود نصير قريب داعم له متى رغب في التملص من الاتفاق الموقع مع قوى الحرية والتغيير، ما شكل حظا حسنا لشعب السودان.
ولعل أي راصد بقليل من التأمل سيدرك أن هناك ثلاثة محاور متصارعة للسيطرة على الوطن العربي، الحلف السني المتحمس للربيع العربي وسيطرة الشعوب وداعم للمقاومة، والحلف الشيعي بزعامة إيران وهو حلف داعم للمقاومة لكن موقفه متذبذب من الربيع العربي حيث لا يوليه أهمية إلا متى خدم مصالحه، أما الحلف الثالث فهو الشرق أوسطي بزعامة اسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين وسلطة السيسي، وهو حلف كاره للربيع العربي وللمقاومة ويدعم التطبيع ويعمل على “تزعم” إسرائيل على الوطن العربي.
مع اسرائيل وغزة
أما تداعيات الحدث فيما يخص إسرائيل وقطاع غزة والسلطة الفلسطينية فهى معلومة للجميع، حيث ستمثل سقوطا مدويا لصفقة القرن ولمشروع الشرق الأوسط الجديد اللذين تتبناهما إسرائيل، وانتصارا للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وسيمثل الأمر أيضا انتكاسة كبيرة لمساعي تولي مستشار محمد بن زايد رئيس دولة الامارات العربية والقيادي المنشق عن حركة فتح محمد دحلان مقاليد رئاسة السلطة الفلسطينية خلفا لمحمود عباس “أبو مازن”.
البعد الداخلي
غني عن البيان أن مصر بحاجة ماسة إلى مصالحة داخلية بين مكونات الشعب المصري بعد ذلك الانقسام الوطني الخطير الذي غذته بصورة ممنهجة واساسية أجهزة اعلام السلطة عقب انقلاب يونيو/حزيران 2013 وانساقت إليه كنوع من رد الفعل وسائل إعلام المعارضة، وهو ما لا يمكن حدوثه في ظل بقاء السيسي في السلطة، حيث يتخذ من تقسيم المجتمع إلى أهل شر وأهل صلاح وفلاح، وتغذية الصراع بينهما منهجا ثابتا لاستمرار حكمه.
وأيضا المجتمع بحاجة إلى فتح المجال العام ورفع سقف الحريات السياسية وحريات التعبير والتجمع السلمي والتظاهر والاحتجاج مع استعجال الاصلاح التشريعي والشرطي والتعليمي والاقتصادي والقضائي والإعلامي وغيره، والأهم هو الإفراج عن المعتقلين ورفع المظالم عن كاهل الشعب، وهو ما لا يمكن حدوثه في ظل بقاء السيسي في السلطة الذي يتخذ من الخوف سبيلا للجم المجتمع وتطويعه لتنفيذ رؤية يحتفظ بها لنفسه.
مصر بحاجة إلى برنامج إنقاذ اقتصادي عاجل ينقذ مصر من استمرار تنفيذ البرنامج الذي يعتمده نظام السيسي القائم على الاقتراض وتراكم الديون للدرجة التي جعلت البعض يتحدث عن قرب إفلاس مصر.
المجتمع يحتاج الي برامج متنوعة في كافة المجالات تحقق تكافل اجتماعي حقيقي ينقذ ملايين الأسر من السقوط في براثن الفقر المدقع وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل المؤشرات السلبية للاقتصاد المصري.
المصريون يحبون الجيش ويضعونه في مكانة عالية في قلوبهم، ولا يمانعون أبدا من الانفاق عليه، لكنهم يتأففون من الظواهر التي تم وضعه فيها بعد انخراطه في الأعمال المدنية كتجارة الخضراوات والفواكه والأسماك واللحوم وغيرها ويعتبرونها إهانة كبيرة لا يرضونها له.
هذه مجرد لمحة عامة سريعة على الصورة التي سيكون عليها الوضع في حال تنحي أو استقالة أو عزل السيسي.
اقرأ المقال كاملا على الجزيرة نت
ولتخطي الحجب انقر هنا
لا يعرف أحد على وجه اليقين إجابة لسؤال: هل سيبقى السيسي حاكما لمصر مطيحا كعادته بكل الدعوات المطالبة بتنحيه عن الحكم أو حتى بإجراء عمليات مصالحة مجتمعية وفتح المجال العام والإفراج عن المعتقلين ؟ أم أن هناك صراعا داخل أروقة السلطة أخذ في الاحتدام – على ما يبدو – ولن يتوقف حتى يتمكن الطرف المصارع من طي صفحته تماما.
هنا نتحدث حول الصورة التي ستكون مصر والوطن العربي وحتى الكيان الصهيوني عليها في حال خروج السيسي من السلطة.
البعد العربي
عربيا سيكون هذا الحدث ضربة قاصمة للمحور المعادي للربيع العربي، حيث سيفقد معينا كانوا يأملون في أنه لن ينضب من المقاتلين ليخوضوا من خلاله حروبهم التي أشعلوها في جميع أرجاء الوطن العربي تقريبا، لكن مع مرور ست سنوات من حكمه من دون أن يحقق لهم هذا المطلب بشكل “دافق” كما كانوا يتوهمون، فإنهم بلا شك سيتألمون كثيرا ولكن ليس لفقده بل لأنهم استثمروا فيه عشرات المليارات من الدولارات منحا لا ترد على أمل تحقيق وعد “مسافة السكة” الذي ذهب مع الريح.
وسيفقد مشروع الجنرال خليفة حفتر في ليبيا رافدا مهما من الدعم العسكري بكل تشكيلاته وأنواعه فضلا عن الدعم الدبلوماسي والإعلامي، ما يجعل من انهياره مسألة وقت خاصة أنه لا يعتمد في الداخل الليبي على ظهير شعبي حقيقي.
وسيفقد القطاع العسكري المشارك في حكم السودان بصيص أمله في وجود نصير قريب داعم له متى رغب في التملص من الاتفاق الموقع مع قوى الحرية والتغيير، ما شكل حظا حسنا لشعب السودان.
ولعل أي راصد بقليل من التأمل سيدرك أن هناك ثلاثة محاور متصارعة للسيطرة على الوطن العربي، الحلف السني المتحمس للربيع العربي وسيطرة الشعوب وداعم للمقاومة، والحلف الشيعي بزعامة إيران وهو حلف داعم للمقاومة لكن موقفه متذبذب من الربيع العربي حيث لا يوليه أهمية إلا متى خدم مصالحه، أما الحلف الثالث فهو الشرق أوسطي بزعامة اسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين وسلطة السيسي، وهو حلف كاره للربيع العربي وللمقاومة ويدعم التطبيع ويعمل على “تزعم” إسرائيل على الوطن العربي.
مع اسرائيل وغزة
أما تداعيات الحدث فيما يخص إسرائيل وقطاع غزة والسلطة الفلسطينية فهى معلومة للجميع، حيث ستمثل سقوطا مدويا لصفقة القرن ولمشروع الشرق الأوسط الجديد اللذين تتبناهما إسرائيل، وانتصارا للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وسيمثل الأمر أيضا انتكاسة كبيرة لمساعي تولي مستشار محمد بن زايد رئيس دولة الامارات العربية والقيادي المنشق عن حركة فتح محمد دحلان مقاليد رئاسة السلطة الفلسطينية خلفا لمحمود عباس “أبو مازن”.
البعد الداخلي
غني عن البيان أن مصر بحاجة ماسة إلى مصالحة داخلية بين مكونات الشعب المصري بعد ذلك الانقسام الوطني الخطير الذي غذته بصورة ممنهجة واساسية أجهزة اعلام السلطة عقب انقلاب يونيو/حزيران 2013 وانساقت إليه كنوع من رد الفعل وسائل إعلام المعارضة، وهو ما لا يمكن حدوثه في ظل بقاء السيسي في السلطة، حيث يتخذ من تقسيم المجتمع إلى أهل شر وأهل صلاح وفلاح، وتغذية الصراع بينهما منهجا ثابتا لاستمرار حكمه.
وأيضا المجتمع بحاجة إلى فتح المجال العام ورفع سقف الحريات السياسية وحريات التعبير والتجمع السلمي والتظاهر والاحتجاج مع استعجال الاصلاح التشريعي والشرطي والتعليمي والاقتصادي والقضائي والإعلامي وغيره، والأهم هو الإفراج عن المعتقلين ورفع المظالم عن كاهل الشعب، وهو ما لا يمكن حدوثه في ظل بقاء السيسي في السلطة الذي يتخذ من الخوف سبيلا للجم المجتمع وتطويعه لتنفيذ رؤية يحتفظ بها لنفسه.
مصر بحاجة إلى برنامج إنقاذ اقتصادي عاجل ينقذ مصر من استمرار تنفيذ البرنامج الذي يعتمده نظام السيسي القائم على الاقتراض وتراكم الديون للدرجة التي جعلت البعض يتحدث عن قرب إفلاس مصر.
المجتمع يحتاج الي برامج متنوعة في كافة المجالات تحقق تكافل اجتماعي حقيقي ينقذ ملايين الأسر من السقوط في براثن الفقر المدقع وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل المؤشرات السلبية للاقتصاد المصري.
المصريون يحبون الجيش ويضعونه في مكانة عالية في قلوبهم، ولا يمانعون أبدا من الانفاق عليه، لكنهم يتأففون من الظواهر التي تم وضعه فيها بعد انخراطه في الأعمال المدنية كتجارة الخضراوات والفواكه والأسماك واللحوم وغيرها ويعتبرونها إهانة كبيرة لا يرضونها له.
هذه مجرد لمحة عامة سريعة على الصورة التي سيكون عليها الوضع في حال تنحي أو استقالة أو عزل السيسي.